يحيى الرخاوى طبيب نفسى
نشرة “الإنسان والتطور”
14-5-2012
السنة الخامسة
العدد: 1718
تعتعة التحرير
ألعاب نفسية للمرشحين بالسلامة….
نشرت فى الأسبوع الماضى الأسئلة المتعددة الإجابات لمرشحى الرئاسة، وانتهيت للأسف بسؤال مؤلم عن احتمال إصابة الرئيس الجديد بمرض خبيث، وكيف يكون تصرفه (حسب الإجابات المقترحة)، ثم دعوت الله له أن يبعد عنه الشر، آملا أن نهنئ قريبا بالفوز والسلامة، كتبت ما كتبت وأنا على يقين من أن أحدا من السادة المرشحين ليس عنده الوقت لقراءة مثل هذا الذى لا بد أن يعتبره عبثا، مع أننى جاد والله العظيم وأتمنى لمصر أن يرفع عنها الغمة، وأن يتولى أمرها من يصلح الأمة.
ثم إنى تذكرت تعتعتين كنت قد نشرتهما فى الدستور الأصلى بتاريخ 5-8-2009، وبتاريخ 12-8-2009، عرضت فيهما أن أطبق بعض تقنيات العلاج الجمعى الذى أمارسه أساسا فى قصر العينى مع عامة الناس، وخاصة آليات ما يسمى”الألعاب النفسية”، والتى أعيد عرض فكرتها سريعا كالتالى:
هى نوع من الـ “مينى دراما”، تكشف لنا بشكل مباشر وعفوى عن جانب فينا لا يظهر عادة أثناء التأمل العادى أو الحوار الظاهر، اللعبة عبارة عن تكرار جملة ناقصة، ثم إكمالها “كيفما اتفق”، الجملة يقولها أحد أفراد المجموعة، مريضا أو معالجا، موجها كلامه لزميل فى المجموعة، وقد عرضت آنذاك تصورى لاستجابات مسئولين سياسيين تورطوا فى العمل السياسى بلا خبرة فيه، وأورد فيما يلى عينة لنص ما تصورت أنه يمكن أن يأتى على ألسنة هؤلاء المسئولين آنذاك، كانت اللعبة الأولى هو أن يقول الواحد منهم: “ياه دى “السياسة” طلعت صعبة بشااااكل..”، ثم يكمل النص كيفما اتفق، أما اللعبة الثانية فكانت بالعكس، فيقول “ياه دى “السياسة” طلعت سهلة بشااااكل..”، ويكمل
وإليكم بعض ما خطر فى خيالى آنذاك كأمثلة، تسهل على المرشحين الآن (والقارئ إن شاء تهيئة نفسه لترشيحه فى الانتخابات القادمة) المشاركة:
(مسئول 1): ياه!! دى “السياسة” طلعت صعبة بشاااكل…. ولكن هوّا حدّ فاهم حاجة، أهو كله ماشى.
مسئول (2): ياه!! دى“السياسة” طلعت صعبة بشاااكل.. ولكن باين عليها لذيذة وفيها البركة.
أما العينات من الاستجابة للعبة الثانية فها هى إليكم مما أفرز خيالى :
(مسئول 3) ياه!! دى السياسة طلعت سهلة بشاااكل.. دانا حتى حاسوّى الهوايل
(مسئول 4) ياه !! دى السياسة طلعت سهلة بشاااكل.. دانا حتى شايف إنها ماشية لوحْدَهَا
والآن
فكرت أن أعيد نفس اللعبة مستبدلا كلمة “الرئاسة” بكلمة السياسية”، فتصبح: ياه دى الرياسة طلعت صعبة بشاااكل...الخ، وحين رحت أتقمص الرؤساء المحتملين لم أجد اللعبة تصلح إلا بعد أن يتولى أحدهم الرئاسة فعلا، وتيقنت أن هذا الرئيس سيجدها أصعب من كل ماسبق له تصوره، وأن المسألة قبل ذلك كانت متروكة لضمير وبصيرة المسئول أو الوزير، ثم إن الرئيس السابق كان حين يصله إحباط أو قلق أحدهم ينصحه بقولته المشهوة “إرمى ورا ظهرك”.
المفروض أن الأمور قد تغيرت، وأن ضمائر السادة المرشحين اصبحت أكثر يقظة، وأن كل واحد منهم على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره، ثم خذ عندك حكايات الشفافية والمحاسبة العادلة أولا بأول، فماذا سوف يقول الرئيس الجديد حين يواجه بصعوبة ما ينتظره، ويكتشف أن تقديراته لما صار إليه الحال كانت أقرب إلى الأمل أو الحلم منها إلى الواقع، وأن قدراته وخبرته أعجز من أن تلملم الموقف وأن تواصل المسئولية، قلت لن أترك لخيالى الشطح هذه المرة وسوف أترك الإكمال للسادة المرشحين، فإن تشجع واحد منهم ولعب ما اقترح من ألعاب فاكتشف حجم المسألة قبل يوم الانتخاب، فأعتقد أنه يمكنه أن يتراجع لأنه لا يوجد قانون يمنع ذلك، أما إذا تمادى فى المغامرة، أو التضحية، فلننتظر حتى يتولى الرئاسة، أو يحال دونها، وفى الحالين سوف يكون أهدأ وأطيب، وليلعبها بأمانة لتعينه رئيسا، أو تطيب خاطره خاسرا، وأنا مستعد أن أرسل له عددا آخر بلا حصر من الألعاب “ديلفرى” لعلها تعينه على ما ينتظره:
(اللعبة الأولى): وإيه يعنى هوّا أنا أقل من المخلوع؟ دانا حتى …(أكمل من فضلك)
(اللعبة الثانية) :أنا مستعجل على إيه؟ ما هو كله…. (أكمل من فضلك)
(اللعبة الثالثة): حتى لو كفّرونى أنا ناوى ….(أكمل من فضلك)
(اللعبة الرابعة): أنا اقبل أذل نفسى عشان بلدى على شرط….(أكمل من فضلك)
(اللعبة الخامسة): أنا مستحيل أذل نفسى لأمريكا بالذات حتى لو…..(أكمل من فضلك)
(اللعبة السادسة): البرلمان ولاّ الميدان؟ الميدان، ولاّ البرلمان؟ طيب وانا…. (أكمل من فضلك)
(اللعبة السابعة): وانا حاجيب منين؟! أنا عايز بصراحة استقيل ، بس يعنى… (أكمل من فضلك)
(للعبة الثامنة): دى طلعت صعبة بشاااااااكل، طب وانا بقى (أكمل من فضلك ….)
(اللعبة التاسعة) : ما هو لوغيرى ما هو برضه مش حايعرف يحلها، يبقى أنا كده… (أكمل من فضلك)
(اللعبة العاشرة): الود ودّى أغير الدستور وامدّها عشان آخد راحتى يمكن الحْق …..(أكمل ممن فضلك)
اعتراف:
بصراحة رحت أتقمص المرشحين واحدا واحدا، وأكملت اللعبة كما فعلت سابقا، وحمدت الله أننى لم أنسق وراء ما خطر لى وأنشره، وتأكد لى أن الأفضل هو أن أترك لجميع المرشحين الفرصة دون وصاية خيالى، وأنا أعرف أنه ولا واحد منهم سيأخذنى مأخذ الجد، فقلت أطلب من القارئ أن يحاول أن يلعب الألعاب العشرة، والأرجح عندى أنه سوف يتراجع عن ترشيح نفسه بعد أربع سنوات.
اعتذار:
أشعر برغبة فى أن أمزق ما كتبت، فهذا ليس وقت هذه المسخرة، ومع ذلك فما يصلنى من مرضاى حين يمارسون هذه الألعاب يبلغنى طبيعة شعبى أعمق وأشرف، وخاصة وأنهم مرضى قصر العينى الطيبين حيث العلاج المجانى، فأنا أشعر معهم كل أربعاء أننى فى مليونية أخرى، تمثل شعبى الحقيقى الجميل الطيب الصبور المسئول مهما أخطأ الآخرون ممن لا يدرون عن هذا الشعب الحقيقى شيئا.
آن الأوان يا مصر أن يكون لك رئيس وبرلمان وقضاء وجيش، واقتصاد، وإيمان.
آن الأوان أن تستقلى بحق
الآن، وليس بعد.