الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تعتعة: إلحاقا بـ حوار أمس “ظاهرة تونس” : “عن الطواغيت السادرة والجماهير الهادرة”

تعتعة: إلحاقا بـ حوار أمس “ظاهرة تونس” : “عن الطواغيت السادرة والجماهير الهادرة”

نشرة “الإنسان والتطور”

17-1-2011

السنة الرابعة

العدد: 1235

تعتعة

إلحاقا بـ حوار أمس  “ظاهرة تونس”

 “عن الطواغيت السادرة والجماهير الهادرة”

أرسل إلىّ الإبن الكريم أ.د. وائل أبو هندى عبر الشبكة العربية للعلوم النفسية، ردا رقيقا على تعقيبى على خطابه الذى نشر أمس، ونظرا لأن بالخطاب قدرا مبالغا فيه من تكريم لشخصى – مع جزيل شكرى له واعترافى بصدق مشاعره – فإننى اكتفيت بنشر ردى عليه هنا فى موقعنا احتراما لأصدقاء الموقع الذين لا تتاح لهم فرصة الحوار عبر الشبكة العربية.

كان أهم ما ورد فى رد أ.د. وائل أن خطابه الأول كان قد أرسله فى ظروف دقيقة قبل أن يغادر السيد زين العابدين البلاد، ولهذا جاء متسائلا متحفظا لإحراج القائمين على الشبكة، كما أشار سيادته إلى ما أعرف شاكراً عن جهوده، وجهود زملائه فى مجالات الإغاثة والطوارئ من الناحية النفسية فى كل موقع ومجال يحتاج إلى جهوده هو وزملائه، فوجب التنويه، والاعتراف بالفضل، واحترام الجهد.

 وكان من بين ما جاء فى خطابه جملة حماسية صادقة تقول: “تزول الطواغيت السادرة أمام إرادة الجماهير الهادرة”، فرحت بالجملة، ودعوت الله له وللجماهير بالخير، وترحمت على الشهداء، ثم انتبهت إلى ما حفزنى للرد هكذا:

الرد

عزيزى وائل:

أشكرك مرة ثانية

وقد تفهمتُ تماما دقة التوقيت الذى أرسلتَ فيه رسالتك الأولى، وأشاركك الأمل، وأدعو لك ولزملائنا العاملين معك دون كلل بدوام التوفيق، خاصة فى المجال الذى تتولى مسئوليته ورئاسته، “الطورائ والكوارث”.

فقط لى ملاحظة (وآسف للتكرار)

لاحظت أنك لم تُعْطِ الانتباه الكافى إلى كيف أن هذا التونسى العربى  “جمال التركى”، دون أية مجاملة، يمثل لى الوجه الآخر الإيجابى لما أسميته” :ظاهرة تونس

أنا لا أنفخ فى أحد كما تعلم، لكن المثال الذى ضربه جمال بمثابرته منذ مغامرة إنشاء الشبكة العربية النفسية، خليق أن يبلغنى وإياك كيف أن مثل هذه الثورات الضرورية فى الشارع  تحتاج إلى من يعدّ لها ويحفزها، بقدر ما تحتاج إلى من يتعهدها ويستوعبها.

وهذا ما قصدت به “الوجه الآخرلـظاهرة تونس

حين نستطيع أن نستوعب مسئوليتنا المعاصرة  بــ  :فعل حضارى يمهد لعمل ثورى،

ثم نستطيع أن نستوعب نتاج الثورة بعمل حضارى نساهم به فى الحيلولة دون تمادى الكارثة الإنسانية المتزايدة عبر العالم:

 نكون أهلا للمشاركة الإنسانية ونحن نحمل أمانة أننا بشر

“الشبكة العربية النفسية” بنجاحها واستمرارها، من حيث الشكل قبل المضمون، قامت وتستمر بجهد فردى حتى الآن، لكنه جهد عنيد مثابر، وهذا، ومثله، هو بعض الفعل الحضارى الذى يمهد لأية ثورة إيجابية، وهو هو الذى يمكن أن يستوعبها حتى  تؤتى أكُلُها كل حين: فلا يكون مآلها أن تتلوث أو تنتكس حين يستولى عليها أوغاد لم يشاركوا فيها.

أنا فخور بثورة الشارع  التونسى (وغير التونسى)، لكننى خائف على أية ثورة، بما فيها هذه الثورة، (خصوصا بعد أخبار حوادث السلب والنهب اللاحقة  كنذير دال)  أنا خائف ليس فقط من أن تنتهى إلى غير أهلها من الانتهازيين القوميين والوطنيين بل إنى خائف أكثر أن تستولى عليها القوى المالية العالمية الكانيبالية.

بكلمات أخرى أقول: إننى بقدر ما أنا فخور بالجانب الإيجابى الذى جرى فى الشارع فأنا فخور بالوجه الآخر لظاهرة تونس وهو الشبكة العربية النفسية، كرمز  ودليل على ما يمكن أن ينجزه أى فرد يحمل أمانته فى مجاله،

هذا ما قصدت أن أبرزه فى ردى الأول  عليك، وهو ما تصورت – يا وائل – أنه لم  يصلك بالقدر الكافى، أو لعلى مخطئ

 وهو أيضا ما افتقدته فى رد جمال، وهذا مفهوم، حرجا وتواضعا، فاصررت على أن أعيد الإشارة إليه  ليس من أجل جمال وإعطائه بعض حقه، فالتاريخ، وعمله، بعد ربنا هم الذين سوف يعطونه – وأمثاله- ما يستحق وزيادة، ولكن من أجل التأكيد على أهمية العمل الفردى  الذى آمل أن يتجمع تلقائيا مثل أى كائن حى كتب له البقاء  بتواصل ملايين أفراده عبر العالم، ليحافظ على نوعنا ضد قوى الانقراض الغبية الطاغية المتزايدة.

 نحن يا وائل لسنا أقل من أجدادنا من الأحياء بفضل الله وعملنا، نحن نأمل بهذا التواصل حتى التراكم الإيجابى أن يتخلق منه “الوعى الإنسانى الكونى  الجديد، بديلا عن النظام المالى الكانيبالى  الإبادى التليد هذا هو أمل الشعوب فى كل مكان بدلا من “سكريبت:” الاحتقان – الغضب – الثورة – الإجهاض – التلوث، ثم :كما كنت .

أنا أفرح بزوال الطواغيت السادرة أمام إرادة الجماهير الهادرة، لكننى أفرح أكثر حين تستمر الجماهير الهادرة، ولو فردا فردا فجماعة جماعة يقظة متحفزة فاعلة مبدعة، حتى تنتصر قوى الخير والتطور والإبداع فى كل مكان.

شكرا على كرم مبادرتك بالرد

وفقنا الله وإياكم إلى عمل الخير وخير العمل

مهما كانت قوى الشر متربصة

وعليكم السلام

يحيى الرخاوى

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *