“يومياً” الإنسان والتطور
26-5-2008
العدد: 269
النورس العجوز
(هل عاد يستطيع؟)
مقدمة:
هذا يوم إبداعى الخاص!!
اتفقنا؟
بعد ما أثارته قصيدة “دمعتان” (5/19/ 2008 عدد 262)، وما أتانى عليها من تعقيبات وتداعيات نشر بعضها فى بريد الجمعة الماضى (23/5/2008، عدد 266)، انتبهت إلى وعدى أن أنشر القصيدة التى سبقتها بما يقرب من عام (23/5/1996) “النورس العجوز”، بعد أن اقتحمها الابن رامى أيضا، دون استئذان، أحسن! ثم عقـّب عليها بطريقته قبل أن تنشر، فجرّ رجلى إلى نشرها،
شكرا يا رامى وكفى مؤقتا.
نشر قصائدى القديمة المؤرخة فى حينها يفيدنى فى إنارة بصيرتى للنظر فيما حدث منذ كتابتها حتى الآن بشكل أو بآخر،
مثلا، أنا أتساءل الآن: أين هذه الكهولة التى جاءت بالقصيدة (بعد المعاش) وقد مرت عليها 12 سنة، وأين موقع آخر القصيدة الذى يقول: “ما عاد يستطيع، ما عاد يستطيع”؟
أكتشف أن إعلان العجز بصدقٍ مسئول قد يكون إعلاناً ضمنيا بقبول التحدى، ليس تحدى الزمن، ربما تحدى العجز.
” وهِزةٌ مفاجئهْ”
ونجمة ٌ مباغِتهْ،
وطفلةُ مشاغبهْ”
……….
“إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ”.
“فعاد يستطيعْ”
“وعَاَد يستطيعْ”
الحمد لله.
****
القصيدة:
النورس العجوز
أنهكًنـِى التحليُق فى سمائِها اللعوبْ
أنهكنِى نجاحِىَ الدؤوب
وصخرتِى تودّع الصلابهْ
لكنّها لا تنكسر
……….
أريدُ والدى
أريده يحول بينها وبينى
أرُيد سجَّانا يفك قيدى،
إذ يُِِـحكم الأقفَال لا أضيعُ حرّا
أريد أن أنام فى حضن التى ترانى:
كما أنا
فرخًا صغيراًً لائذاًًًً بعُشـَّـهِ
لا فى الأعالى حيث يحسَبُون
لم ينمُ بعدُ ريشُهُ فلم يَطِر أصلاًً
فكيف تبحثون عنه فى السماء أيها القساهْ
أريد مَنْ ترانى فاتحا منقارىَ الطرىّ
القُطُ من منقارها الحنانَ والأمانَ الحياهْ
أريد أنطوى تحت الجناحْ
أعبر الفيافى دون أن أحلّقْ
أريد خيزرانة
تفيقنى: أرى بها حدودي
أريد جلادا يحول دون قَتلي
يأبى أضيعُ وسْـطَ وهم ذاتِـى
لا تضحكوا على طفلٍٍ غريرٍ صدّق الأكذوبهْ
لا تخدعوه تتركوهُُ فى سمائها،
والخيط فى أيديكُمُو كأنه المشانقُ الخفيّة.
لا تزعموا بأنه “أرادْ”
قد أنهكتْـهُ لــُـعبة الصعودِ، والسرابُُ يسبقهْ،
يغمرُه الدُّوار، والفراغُ يخنُـقهْ
قد آن أن يحُطَّ فوق أرضكمْ-
لا ترجموهُ كهلا.
إنْ حَطّ تدفنوه دون معـزَى،
تأكله الديدان وهو بعدُ حيّا.
لا لن يعودْ
أسنة الرماح مُشرعة
تملأ وجه الأرض والقلوب
لم يبق إلا أن يظلّ فوق الفوق ضائعا
وكلُّ ما يشُدّه يذوبْ
فتختفى السماءُُ فى الضياءْ
ويختفى الضياُء فى الغروبْ
يتوه فى دوائرِ الصباح والمساءْ
يواصلُ التحليقَ صاعدا معانِدا
لكنّه:
ما عاد يسـتطيع
ما عاد يستـطيع
الإسكندرية: 23/5/ 1996