“نشرة” الإنسان والتطور
السبت 13-3-2021
السنة الرابعة عشر
العدد: 4942
الناس..، والنافذة (1)
أطال النظر من النافذة المفتوحة فى الدور السادس، ثم تراجع عنها بسرعة وهو غير محتمل
عاد يواصل الكتابة بحماس، ولم يلحظ رعشة يده التى لم تكن موجودة من قبل،
………………
.. راح مكتبه:
يبدو أنه لا مفر من العودة إلى ذات الموضوع لأكرر توصيتى أن يحمل كل من يسب الشعب المصرى، أو يشفق عليه من أعلى، أو يعدد سلبياته، وأيضا كل من يتفاءل بإغماض عينيه، أن يحمل هذا وذاك مسئولية موقفه كالتالى:
* أن يتذكر أنه “مصرى”، وأن المصريين الذين يتحدث عنهم هو “أحدهم”
* وأنه مشارك – بشكل أو بآخر – فيما آلت إليه الأمور
* وأن يبحث عن ما يمكن أن يبادر به شخصيا – الآن – حتى يوقف التمادى فيما آل الحال إليه
* وأنه حتى لو وضع كل المسئولية على عاتق الدولة والمؤسسات الرسمية والفوقية (بما فى ذلك السطة الدينية، والفيضان الإعلامى)، فعليه أن يمارس من السياسة والفعل ما يغير به هذه السطات، (قال ماذا؟!) بانتخاب غيرها، وهذا ما يسمى “تداول السلطة”، وإلا فهو مشارك فى إثم بقائها ما دام الأمر كذلك، وبما أن هذا التداول غير مطروح فى المدى القريب أو البعيد، فليس أمام أى منا إلا أن يحاول أن يجعله محتملا ثم واقعا، وإلى أن يتم ذلك بالديمقراطية أو بغيرها، فليكن الإسهام فى التغيير فرض عين، إذا قام به البعض لم يسقط عن الباقين، وكلنا آتيه يوم القيامة فردا.
………………
………………
دخلت عليه أخته فتوقف عن الكتابة، نظرت فى الورقة أمامه دون أن تقرأها،
وقالت له : نفس الكلمات، ألن تهمد أبدا؟
قال: أهمد عن ماذا؟
قالت: عن تعاطى هذا الهباب
قال: أنت تعلمين أننى توقفت منذ شهور
قالت : شهور يا رجل ، حرام عليك، طيب إقرأ لى ما كتبت
قال: لا
قالت: لماذا؟
قال: لن تفهمى شيئا، خليكِ أنتِ فى موّالك
قال: وماذا عن موالك أنت يا شاعر الربابة وأنت لا تكف عن ملء فراغ نصف الكوب بمزيد من فارغ الكلام
قال: أحسن من أن أشرب مثلك من مخدرات السلطة التى تملأ النصف الآخر بخلاصة بودرة الوعود والأحلام والإعلام
قالت: أنا لن أهمد ولا أتوقف، دعنى أذكرك بما اتفقنا عليه، أن نبتهل إلى الله أن يلعن من تقاعس يائسا..
قال: أكملى أكملى الدعوة: ” ومن تفاءل ناعسا”
قالت: هل هذا ما نحن شاطرين فيه؟ آهٍ …. لو أننى كنت رجلا …
قاطعها قائلا: وأنا؟ ها أنذا رجل أمامك! ما رأيك
قالت: إسأل نفسك
………………
………………
أطال النظر إلى النافذة المفتوحة،
فانصرفت هى دون أن تستأذن
………………
………………
وحين عادت لم تجده فى الحجرة
لم تصرخ
ولم تبحث عنه
ورجحت أنه لم يكن موجود أصلا!