الكتاب الثانى
بعض معالم العلاج النفسى
من خلال الإشراف عليه
الحالات: من (21) إلى (40)
أ.د. يحيى الرخاوى
2018
مقدمة:
هذا هو الكتاب الثانى (الحالة من 21 إلى 40) الذى أشعرنى بتقصيرى لأنه لم ينشر فى حينه فى هذه الطبعة الورقية.
المقدمة هى هى التى جاءت فى مقدمة الكتاب الأول (الحالة من 1 إلى 20)
آمل أن تثير هذه السلسة بهذا المنهج المزيد من الحوار: لعلنا نتعرف أكثر فأكثر على ثقافتنا الخاصة من خلال الواقع العارى المؤلم، والمحاولة الجادة المواكبة المسماة: “العلاج النفسى”.
الحالة: (21)
عن حركية الطبيعة البشرية،
وجرعات تنظيمها
د. أحمد على: ممكن أعمل تحديث لحالة كنت اتكلمت عليها هنا مرتين.
د. يحيى: طبعا، هوا إحنا لينا شغلة غير كده! بس تفكـّـرنا بيها الأول.
د. أحمد على: هى بنت، حضرتك محولها لى عندها 26 سنة، هى مساعد باحث، ووالدها مهنى أكاديمى عالم، أختها الصغيرة لسه فى ثانوية عامة وأمها قاعدة فى البيت. كانت مرت بصدمة كدا، زى خبرة وعدّت، مع خطيب، ماكملتشى معاه، بس زى ما تكون اكتشفت من خلال الخبرة دى إنها عندها برود، لقت نفسها مش قادرة تتجاوب مع خطيبها، مع إنها سابت نفسها ليه، بس مش سيبان كامل، وبعدين لما اكتشفت مشاعرها دى، حست إن مستقبلها حا يبقى صعب جدا مع الرجالةً، إزاى حاتتحط فى حاجه زى كده وهى كده، المهم ما حصلشى نصيب إنها تكمل الخطوبة، وبعدين دخلت بعدها بمدة مش طويلة فى مرحلة ثانية وبدأ يجيلها تخيلات (فانتازى) على واحدة صاحبتها، وحست ياستثارة جنسية ناحية صاحبتها دى، وقعدت الحكاية مدة لحد ماراحت إجازة طويلة شوية من الشغل، الحكاية خفت.
د.يحيى: أظن أنا فاكر الحالة دى شوية، فيه حاجة تانية ظهرت؟
د. أحمد على: أيوه، كان موازى للحكاية دى إنها تقضى وقت كبير قدام الكمبيوتر، مش بتتفرج على حاجات مش هية، لكن كانت الحكاية دى بتسليها بس بتاخد وقت جامد، المهم هى انتظمت فى العلاج، وده خلاها تنتظم فى شغلها وماشى الحال، وزاد تقدير الناس لشغلها.
د. يحيى: فين المشكلة الجديدة اللى انت عايز تتكلم فيها دلوقتى بقى؟
د. أحمد على: هى كانت راحت مصيف مع أهلها فى اسكندرية ورجعت فيها نقلة كويسة، أنا متصور كده، مثلا بتقول لى إنها حاسة بلذة جامدة فى الشغل، وإنها حست إن الحياة متغيرة.
د.يحيى: طيب ما هو دا تمام التمام، فيه إيه بقى؟ إنت بتشوفها بقالك قد إيه؟
د.أحمد على: حوإلى سنة دلوقتى.
د. يحيى: برافو عليك، مش ده تغيير نوعى إيجابى، هو مين بيحس بلذة فى الشغل اليومين دول؟
د. أحمد على: أنا مش مستريح قوى، يعنى فيه حاجات كثيرة هى مفتقداها لسه، صحيح هى عمالة تشتغل أحسن وبتجيب الشغل فى البيت وبتحس وهى بتنجز إنها مبسوطة، فأنا بصراحة سألتها عن القديم، وبالذات عن حتة التخيلات إياها دى، فهى بتقول لى بقإلى فترة من ساعة النقلة دى مافيش الحركة اللى كانت جواها ناحية البنت دى أو أى بنت تانية وكده، يعنى وقفت خالص، بس فى نفس الوقت ما فيش قبول بالنسبة للخطاب اللى ممكن يجولها، عندها لسه قلق وخايفة بدرجة شاغلانى.
د.يحيى: الحمد لله…،…، السؤال بقى فين السؤال؟
د. أحمد على: أنا بأعمل تحديث للحالة أولا، للزملاء ولحضرتك، يعنى بالخص المشوار بتاع البنت والمسيرة بتاعتها ماشية إزاى، وبانقل لحضرتك دلوقتى إنى أنا عندى تخوف، والسؤال هو: هل أزق فى اتجاه إنها تقبل اللى بيتقدمولها برغم شعورها ده؟ يعنى هل الوقت مناسب؟ أنا حاسس طول الوقت إنى عاوز أزق بشكل سريع، عشان يبقى فيه حد فى حياتها، ونشوف الدنيا حا تمشى إزاى، يعنى بصراحة فضولى إنى أنا أشوف رد فعلها يبقى إيه؟ فهل أكمل فى الزّق؟ ولا أعمل إيه؟
د. يحيى: برضه أنا بافتكر الحالة أكتر وأكتر، وبصراحة أنا عايز أحترم فيك رؤيتك لنفسك، وبالذات لحكاية الفضول دى، هوه مش فضول قوى، ما تظلمشى نفسك، إحنا مش بنتفرج على عيانينا، إنت عايز تعرف هى وصلت لحد فين بعد الخبرة اللى شككتْها فى نفسها، فعوضتها بالفانتازيا اللى حكيت لنا عنها، وده حقك، لأ دا مش بس حقك دا واجبك، خصوصا بعد حكاية اللذة فى الشغل، لحسن يكون الشغل هوا راخر تعويض على حساب تنمية مسئوليتها نحو علاقة بشرية طبيعية حقيقية.
د. أحمد على: بصراحة أيوه، يعنى أنا عندى إهتمام أعرف هى النقلة الإيجابية فى الشغل اللى بقت تلاقى فيه نفسها ولذة وكلام من ده، هى دى بديل، ولا نقلة تطور حقيقى؟
د.يحيى: عندك حق، خصوصا إن دى مشكلة عامة شوية فى مجتمعنا بفرصه المحدودة، زى ما قلنا البنت لما بتوصل 29 يبقى فى حرج من كذا ناحية.
د. أحمد على: هى عندها 26سنة بس.
د. يحيى: ما أنا عارف، أنا باقولك زى ما باقول دايما، إن البنت لما بتوصل يعنى 29 سنة بيقى دخلنا منطقة الحرج، فيه حرج داخلى عادة البنت ما بتعترفشى بيه، وفيه حرج خارجى اجتماعى ممكن الأهل يقلقوا من ناحيتها، وَلاَ دَهْ عيب وَلاَ دَهْ غلط، يبقى الزقة من حيث المبدأ مشروعة، لأنك جزء من هذا المجتمع المحافظ ده بطريقته، وإنت عارف اللى بنكرره دايما إن الطبيب والد، يبقى الزق مشروع، إنما الاستعجال مش مشروع، إنت قدمت لنا الحالة دى قبل كده، قلت لك إنى أنا فاكرها، وتحديث الاستشارة حسب تطور الحالة جزء مهم جدا فى الإشراف وفى العلاج، حتى لو حانعيد الكلام، إنت فاكر اللى بنكرره عمال على بطال إن العلاج النفسى “وقت” و”توقيت”،([1]) وفى الحالة دى فيه، برغم التقدم الواضح فى مسيرة العلاج، فيه ما يستدعى نظرة أعمق وإعادة حسابات بحرص جيد، عندك هنا الرغبة الجنسية المثلية، ولو على مستوى الخيال، يمكن تشير إن البنت أصبح عندها شك فى قدرتها عمل علاقة حقيقية مسئولة مع الرجل، أى رجل، خصوصا بعد مسألة البرود، اللى مرت فيها البنية دى مع خطيبها فى الخطوبة اللى اتفركشت، النقلات هنا مهمة: من خطوبة، لخيالات مثلية، للذة فى العمل، مع استمرار علاقة علاجية لمدة سنة بانتظام، أظن إنت فى وقفة مهمـَّـة، وفى وقت مناسب إنك تعمل حاجة، ويمكن ده اللى بتسميه “زق”، وبتشك فى نفسك وخايف تبقى فرجة أو حب استطلاع، ولا هوا حب استطلاع ولا حاجة، دى مسئولية طبيب أب معالج يا أخى.
إنت عملت عمل جيد، بس زى ما تكون هى سحبتك بعيد عن حقها فى مشاعر زى ما ربنا خلقها، يعنى سحبتك بعيد عنه الجنس، وعن حقها فى إطلاق سراح مشاعرها الطبيعية فى الاتجاه الطبيعى، سواء بخيالاتها المثلية أو بنجاحاتها فى الشغل، فإنت حسيت بده، وعايز تزقها يمكن الناحية التانية قبل ما تشوف عمق المسألة، هل هى قبلت نفسها كأنثى لها رغبة جنسية رغم خبرة البرود الباكرة، ولا لأ، ثم إن البرود نفسه ممكن يكون إشارة إلى قوة حركية الجنس فى داخلها بما يحتاج معاه إلى “لأه” جامدة منها تظهر على شكل برود.
إنت عملت عمل جيد إنك نجحت تحافظ على علاقة علاجية بناءة، من غير ما تتوقفوا كتير عند حكاية “الطرح”([2]) وإنها تتعلق بيك بديل عن خيالاتها، وعن تصور برودها، الانتظام هنا فى العلاج مع التغير الطيب ده، حتى لو كان مجرد غطاء مرحلى، ده كله بفضل العلاج الجاد فعلا. يبقى من حقك بعد سنة تقول آن الأوان نخطى خطوة أوسع نحو الواقع، فتجيلك رغبة إنك تزقها ناحية قبول علاقة مع رجل بيتقدم لها، أو بيتعرف عليها كخطوة أولى، ده نوع من اختبار لمستوى تانى وصل إليه العلاج، وده أوانه حسب المعلومات اللى انت قلتها، بس هو برضه مسئولية زى أى مسئولية أب ناصح حريص على بنته، وفى نفس الوقت بيحترم لغتها، وبيعايش مراحل تغيرها أول بأول، سنة علاج منتظم ده وقت مش قليل فى السن دى، وإنت جواك بيحسبها يمكن غصبن عنك هنا بقى، تجتمع الأبوة، مع المجتمع، مع التقاليد، كل ده هو اللى بيزقك مش إنت اللى بتزقها عشان تتفرج، يا شيخ حرام تظلم نفسك.
فى نفس الوقت ما تخافشى من الكلام اللى أنا قلته دلوقتى عن سن 29 اللى بعده بسنتين تلاقى البنت نفسها فى العقد الرابع، الحمد لله ما حدش بياخد باله إن 31 سنة هى بداية العقد الرابع، إنما رابع إيه وخامس إيه، لازم وإحنا بنزق نبقى متطمنين فى نفس الوقت إن الفرص موجودة فى أى وقت، والبنات فى مصر دلوقتى بقوا مريّحين، أنا مش عارف ليه، دايما بيقولوا إن فيه احتمالات أفضل، منين؟ ما اعرفشى، بس لازم نحترم التغيرات اللى جارية فى المجتمع، الحسبة صعبة، بس حانعمل إيه.
د. أحمد على: يعنى أعمل إيه؟
د. يحيى: الله!! ما انت عملت وبتعمل، إنت عايز تعمل إيه أكتر من كده؟ سواء إنت أو حساباتك اللى جواك عمالة توزن أبوتك المهنية، ومشاعرك الإنسانية، والمجتمع والتقاليد والوقت فى ناحيه، وعمالة تحسب نضج البنت وجدعنتها ورؤيتها والتزامها الناحية التانية.
د. أحمد على: يعنى أستنى كده لحد إمتى؟
د. يحيى: لأ بقى، إنت مش مستنى ولا حاجة، أنا رأيى إنك تهدّى اللعب شوية ضد خوفك الداخلى عليها، وضد حماسك الأبوى، واللى يطمنك هوا انتظامها، وشغلها، واختفاء الخيالات إياها، ولو ظاهريا، أظن دى كلها حاجات إيجابية، ولا إيه؟
د. أحمد على: بس أنا قلقان برضه من حكاية ميولها الجنسية المثلية دى.
د. يحيى: أولا إقلق زى ما انت عايز، لكن يا أخى مش يمكن يكون ده دليل على إن الكبت عندها ما عادشى بالعنف اللى جعلها بارده فى الأول، خصوصا إن الميول دى مجرد ميول، لم تـُـختبر فى أى تفعيل، ثم يا أخى مش إحنا متفقين إننا ما نتحمسشى قوى للاستقطاب الجنسى ده: إمّا .. أوْ، وإننا نقبل الطبيعة البشرية بكل تاريخها، وبعدين نحاول ننظمها من خلال السماح والدعم والانضباط بالتدريج واحدة واحدة، مسألة الميول الجنسية المثلية مش ضرورى تبقى جنسية حاف كده، يمكن هى شكل من أشكال التعبير عن الحاجة إلى “موضوع”، إلى “آخر”، وما تنساش إن الخبرة الأولانية كان فيها إحباط وكلام من ده، مش يمكن الخيال قال لها تجرب نفسها الناحية التانية، يبقى الحركة مطلوبة حتى لو كان الموضوع – مؤقتا- مش هوه.
د. أحمد على: يعنى إيه؟
د. يحيى: مش عارف أقول لك إيه تانى، المهم إنت ماشى صح والسلام، ما هو إحنا لازم نقبل الطبيعة كلها على بعضها، وبعدين ننظمها ما أمكن واحده واحده، يعنى مثلا زى ما قلنا قبل كده: إنت تحب كل الناس، كل النساء، وبعدين تحب واحدة بالنيابة عن كل الحريم بالأصاله عن نفسها وبالنيابة عن كل النساء، شىء شديد الصعوبة، وغير مقبول إعلانه على مستوى الواقع، تصور كده لو بتقول لواحدة، “أنا باحبك بالاصاله عن نفسك وبالنيابة عن بقية نساء العالم”، فى الغالب حاتقلع اللى فى رجلها وتوضبك، بس نعمل إيه الصح صح، وآدى إحنا بنتعلم، وإذا فيه تحديث تانى وتالت، ورابع، آدى إحنا موجودين، حانروح فين؟
د. أحمد على: ربنا يسهل.
*****
التعقيب والحوار:
أ. عماد فتحى:
عندى تساؤل أو استفسار: كيف يكون البرود إشارة إلى قوة حركية الجنس بما يحتاج معه إلى “لأّه” تظهر فى شكل البرود؟
د. يحيى:
يا أخى كلما زاد داخل الداخل نشاطا أصبح أكثر تهديدا باحتمال الانطلاق بلا تنظيم أو تحفظ أو مسئولية، من هنا يحتاج الأمر إلى ميكانزمات إنكارية وقامعة التى يمكن أن تصل إلى البرود، هذا هو الكبت.
د. محمد الشاذلى:
وصلنى أن الأزمة من البداية هى فى العلاقة بآخر، الإحباط الأول فى العلاقة بِذَكَر، والتهديد أو الخوف بفشل متكرر فى أية علاقة فى المستقبل، ثم الخيالات ناحية أنثى (ربما لكونها أكثر أمأنا لعدم إمكانية الاختبار والتجريب) ثم النجاح والتحقق الوظيفى (لا أدرى هل كان بديلاً أم مؤشراً للنجاح فى تخطيها أزمه العلاقة؟!)
أظن أن الدفع فى إتجاه الزواج هو محاوله استكشافيه لاختبار ما وصلت إليه حقاً وقد يساعد أكثر فى ضبط جرعة المحاولة والتحريك.
د. يحيى:
أوافقك من حيث المبدأ،
وكل الاحتمالات واردة
أ. محمد إسماعيل:
مش فاهم الطبيعة البشرية يعنى إيه؟ ولا قصدك إيه من الكلمة دى.
د. يحيى:
الطبيعة البشرية هى الطبيعة البشرية، وكل النظريات والفلسفات والأديان إنما تبحث فيها، وتحاول تحديد بعض معالمها ونحن عندنا فرصة للمشاركة فى ذلك، نتعلم من مرضأنا جوهر وجودنا مما يلحق بنا من تشويه نشاط كل من الجنس والعدوان والإيمان كل على حدة، ثم نتعلم معهم كيف تقبل كل هذا دون تشويه فى تضفّر نمائى، آسف،
على أية حال الطبيعة البشرية هى ليست قضية مسلمة يمكن تعريفها فى كلمات، وعموما ولو مؤقتا هى الطبيعة بكل تاريخيا الحيوى والحيوانى حتى مرحلة الإنسان فى نبض متصل، أنا آسف أنا صعبتها لكن لعلها تفتح لك الطريق.
أ. محمد إسماعيل:
إذن فأنا كمعالج لى حقى فى الفضول، على شرط مايعنيش فرجه وخلاص.
د. يحيى:
صحيح، لكن لا تنسَ صعوبة التفرقة بين الفضول والفرجه.
أ. عبده السيد:
– أريد توضيحا لكل ممايلى:
– إن البرود نفسه يكون إشارة إلى قوة حركية الجنس فى داخلها بما يحتاج معه إلى “لأه” جامده تظهر على شكل برود.
د. يحيى:
أنظر ردّى حالا على الابن عماد فتحى.
أ. عبده السيد:
– إن الجنسية المثلية مش ضرورى تبقى جنسية حاف كده ممكن تكون شكل من أشكال التعبيرعن الحاجة إلى موضوع، إلى آخر.
د. يحيى:
أنظر رأى د. محمد الشاذلى فى بداية الحوار وأيضا ردّى على محمد اسماعيل.
أ. محمد المهدى:
– يجب تقييم النقلات التى قد تبين إيجابية ما يقوم به المريض خلال مراحل العلاج ووضعها وتقييمها فى إطار المسار التطورى للحالة، ذلك أن بعض النقلات التى قد تبدو إيجابية فى ظاهرها قد تكون بديلاً عن التطور الحقيقى.
د. يحيى:
هذا صحيح، وهو ظاهر فى هذه الحالة بشكل رائع (أرجوك لا تصعّبها علينا بالكلام الصعب كما أفعل أنا أحياناً).
أ. إيمان عبد اللطيف:
برجاء توضيح كيف أن البرود ممكن يكون إشاره إلى قوة حركية الجنس فى داخلها بما يحتاج معاه إلى “لأه” جامدة تظهر على شكل برود.
د. يحيى:
برجاء أن تنظرى ردّى على الإبن عماد فتحى.
أ. إيمان عبد اللطيف:
هل معنى ذلك أن الشغل ممكن يكون تعويض على حساب تنمية المسئولية نحو علاقة حقيقية، وأن الميول الجنسية ممكن تكون شكل من أشكال التعبير عن الحاجة إلى موضوع أو آخر؟
د. يحيى:
نعم، وليس المطلوب رفض ذلك، نحن نقبل كل المراحل، طالما هى مراحل، وخاصة بعد التذكرة أنها قابلة للاستعادة، ومن ثم إلى مواصلة النضج والتصحيح..
أ. إيمان عبد اللطيف:
ربما يكون نجاحها فى الشغل واهتمامها به بديلا عن الفانتازيا وعن علاقة بآخر مع احتمال أن يكون ذلك إيجابياً أو خطوة نحو الإيجابية.
د. يحيى:
هذا وارد أيضا، وقد سبقت مناقشته حالا.
أ. هالة نمّر:
“أتوقع إن ربنا ح يفرجها بالكبت اللى خفّ عنفه رغم التحويدة، واللذة المِتْحركة واللى ممكن تعُمْ .
الإشارة إلى أن البرود نفسه ممكن يكون إشارة إلى قوة حركية الجنس فى داخلها مما يحتاج معاه إلى “لأه” جامدة تظهر على شكل برود”.
كل ده خلاّنى أنتبه إلى أن الخيالات والمشاعر والممارسة المثلية (فى بعض أحوالها) ممكن تكون إشارة إلى الحاجة العارمة للجنس الآخر (فى حالة اقتران ذلك بظروف نفسية واجتماعية غير داعمة للاتجاه الطبيعى) بما يحتاج معه أيضا إلى “لأه/ تحويدة” جامدة (ولو مؤقتة).
د. يحيى:
عليكِ نور.
د. أسامة عرفة:
انطباعى عن الحالة فيما يخص أخيولات المثلية انها إما مرحلة تثبيت، والمريضة تحاول النمو لمابعدها (اختبار العلاقة المجهضة) أو محطة نكوص بعد خبرة الغيرية المحبطة أو المتجمدة،
هذه الفتاة مازالت تتحرك على فرض أن النكوص للمثلية هدأة مؤقتة لاعادة اختبار الغيرية ..
هنا يكون دور المعالج مهما ودقيقا في عدم الاستعجال.
وبلاش حكاية الزق .
عليه أن يقبل مرحلتها، وأن يصبر، ويواكب.
وموافق تماما على تقليص الدور الأبوى تدريجيا جايز تعرف تعدى من خلال ذلك.
د. يحيى:
لم أعد يا أسامة استعمل هذه اللغة كثيرا “التثبيت” – النكوص للمثلية مثلا-، مع أننى لا أرفضها تماما، أظن أننى أسميها بأسماء آخرى.
شكراً لمداخلتك، وهى فى اتجاه صحيح بشكل عام.
الحالة: (22)
ضياع الفَقْد، وجوع الوحدّة! ([3])
د. مى: عندى عيانة بقالها معايا حوإلى سنة متابعة فى العيادة…([4])
د. يحيى: يعنى مش علاج نفسى؟!
د. مى: بقالها 4 مرات بس جلسات علاج نفسى.
د. يحيى: يعنى كانت متابعة وإنتِ قلبتيها علاج نفسى!
د. مى: هى كانت متابعة اضطرارى، لأنى كنت كل أما أتفق معاها على مواعيد علاج نفسى، ماكانتش بتيجى فى الميعاد، ولكن كانت بتيجى بعدها فى العيادة.. ما يكونشى فيه وقت، تتقلب متابعة.
د. يحيى: ده من الأول خالص كده؟
د. مى: آه من الأول هى كانت محتاجة علاج نفسى لأنها “اضطراب كرْب بعد الصدمة”([5])، وكان معاها ساعات أعراض انشقاق وتغير فى الوعى، واكتئاب وكده.
د. يحيى: عمرها قد ايه؟؟
د. مى: عندها 32 سنة.. مش متجوزة دلوقتى.. اللى حصل إنها كانت جاية بعد ما أخوها مات.. كان الأول جوزها مات، وبعدين باباها، وبعدين إبنها وبعدين أخوها..
د. يحيى: ياه!! إيه ده!!!… إيه ده؟! إبنها مات إزاى؟
د. مى: مات.. كان بيلعب برة البيت وبعدين مالقتوهوش وبعديها بأربعة أيام لقته فى البلاعة اللى قدام بيتهم..
د. يحيى: يا خبر!! عمره؟
د. مى: سنتين.. وهى شافته وهو متحلل بعدها بأربع أيام…
د. يحيى: عندها غيره؟
د. مى: لأ،.. وكان جوزها كان مات قبل أبوها… وهى جت لنا بعد ما أخوها شافته مات محروق.. إتحرق قدامها..
د. يحيى: لأ قوليلى بالترتيب، أنا منزعج ومتلخبط، يا ساتر يارب.
د. مى: الأول جوزها، وبعديها أبوها، وبعدين إبنها، وبعدين أخوها، كلهم فى خلال سنتين.. جوزها مات فى حادثة..
د. يحيى: فين؟ كان بيشتغل إيه؟
د. مى: لأ مش فاكرة.. أنا واخدة التفاصيل بس مش فاكرة دلوقت..
بعديها بـ6 شهور أبوها مات بهبوط كبدى، وهو كان محجوز فى المستشفى هنا (قصر العينى) وهى كانت معاه.. وبعديها بسنة إبنها تاه ولقوه بعديها بأربع أيام متحلل فى البلاعة زى ما قلت.. وبعدين آخر حاجة قبل ما تجيلنا على طول كان فيه حريقة جوه مخزن جنب بيتهم، وأخوها كان بيحاول يساعد ناس جوه، وكان بيحاول يرفع باب حديد غالبا كان الباب متوصل بحاجة فيها كهرباء فاتكهرب، وهى شافته وهو بيتكهرب لحد ما اتحرق..
د. يحيى: ياه! إيه ده؟!! هى جت لوحدها؟
د. مى: لأ أختها جابتها.
د. يحيى: عندها أخوات قد ايه؟
د. مى: عندها 4 أخوات صبيان وأخت بنت أصغر منها.. غير أخوها اللى مات..
د. يحيى: هى نمرة كام؟؟
د. مى: هى نمرة خمسة.. واللى مات ده كان أقرب أخ ليها.. كانت علاقتهم جامدة..
د. يحيى: كان نمرة كام؟
د. مى: كان نمرة اثنين.. ووالدتها صعبة جدا.. ماتعتبرش دعم ليها، حتى هى بتتخانق معاها كل ما تيجى هنا للعلاج.. لازم تيجى بخناقة علشان ترضى تنزّلها.. أختها اللى أصغر منها هى اللى بتقول لها لأ لازم تيجى.. ماكنتش بتيجى منتظمة فى الأول و دلوقت بتيجى فى المعاد، يعنى..
د. يحيى: طيب وهى ابتدت تنتظم ليه دلوقتى؟
د. مى: هى مش بتيجى علشان الكلام ده كله.. هى دلوقتى بتيجى علشان واحد متقدم لها وهو متجوز..
د. يحيى: إنت بتقولى بيحصلـَّـها انشقاق([6])، قصدك إيه؟
د. مى: شفتها مرة قدامى… بتبقى ناسية كل حاجة و بتبقى خايفه جدا.. خايفة من أى حد.. وتقعد مقرفصة فى وضع جنينى على الأرض..
د. يحيى: ومين قال إن ده انشقاق؟
د. مى: كان ساعتها معايا أستاذ مساعد وهو اللى قال لى إنها انشقاق، كنت أول مرة أشوف حاجة كده قدامى..، كنا قاعدين نتكلم وبعدين جت سيرة أخوها لأنه كان الأربعين بتاعه.. كانت هى قعدت فترة ماتروحش البيت، ولا تعدى من مكان الحادثة لحد الأربعين بتاعه لما راحت البيت و ساعتها جابوهالنا وهى كده..
د. يحيى: طب وبعدين؟
د. مى: المهم هى بتيجى علشان الراجل المتجوز اللى متقدم لها ده، هى بتحبه وعاوزة تتجوزه، وهو متجوز و عنده أولاد..
د. يحيى: عنده كام سنة؟
د. مى: هو أكبر منها بسنة.. يبقى عنده 33.. سنة، كانت أصلا تعرفه قبل ما تتجوز.. (أنظر الاستدراك فى النهاية).
د. يحيى: بيشتغل إيه؟
د. مى: بيشتغل سواق.
د. يحيى: سواق إيه؟ يعنى تاكسى ولا نقل ولا خصوصى ولا مقطورة ولا ميكروباص ولأَّ إيه؟
د. مى: سواق ميكروباص.
د. يحيى: تفرق؟
د. مى: آه تفرق.
د. يحيى: برافو عليكى، ماشى…
د. مى: هى أصلا كانت تعرفه قبل ما تتجوز.. كان صاحب أخوها وهو اتقدم لها قبل كده وأهلها رفضوا..
د. يحيى: قبل ما هى تتجوز ولا قبل هو ما يتجوز؟
د. مى: قبل ما هو يتجوز..
د. يحيى: عنده كام عيل؟؟
د. مى: اتنين ولد وبنت..
د. يحيى: عمرهم قد ايه؟ (أنظر الاستدراك)
د. مى: مش عارفة..
د. يحيى: طيب، معلشى، كمّلى..
د. مى: هى بتيجى دلوقت وما وراهاش إلا إنها تقول “تحلّى لى المشكلة دى”.. يوم تيجى تقول لى: أنا عاوزة أتجوزه وباحبه، وهو متجوز وهم مش موافقين.. و يوم تيجى تقوللى أنا اتخانقت معاه ومش عاوزاه..، وبعدين يوم تانى: لأ أنا بحبه..
د. يحيى: همّ مين اللى مش عايزينها تتجوزه؟؟
د. مى: أهلها..
د. يحيى: مين من أهلها مش عايزها تتجوزه؟
د. مى: مامتها وأخواتها الولاد، مش عايزين، وهى علاقتها بيهم وحشه قوى.. بيتخانقوا معاها كتير.. بس مش دى المشكلة.. أنا شايفة ان فى حاجات تانية نشتغل فيها..
د. يحيى: زى إيه؟ إيه المشكلة؟ إن الراجل متجوز؟؟
د. مى: الفكرة ان أنا مش حاقدر آخذ لها القرار ده
د. يحيى: هو إحنا بناخذ قرارات لحد يا بنتى؟
د. مى: ما هو بالضبط هو ده قصدى.. هى بتيجى علشان أنا اللى آخد لها القرار.. “أتجوزه ولا لأ”، كل مرة.. كده
د. يحيى: يعنى لو إنت قلتلها اتجوزيه حاتتجوزه؟ هى لو قررت تتجوزه حاتتجوزه غصبن عن أهلها، حتى لو أهلها قايلين لأه ويمكن غصبن عنك.
د. مى: كل مرة نفس السؤال: أتجوزه ولا لأ، وكل ما نطلع برة الحتة دى تسأل تانى..وبتقولى ما أنا لو اتكيت عليهم حايوافقوا.. أمى ساعات توافق و ساعات لأه..طيب خدى قرارك.. يابنت الناس، وبعدين أنا شايفه إن فيه حاجات تانية..
د. يحيى: هو حايتجوزها على مراته؟
د. مى: آه.
د. يحيى: ومراته موافقه؟
د. مى: ماتعرفش..
د. يحيى: يعنى حايتجوزها فى السر؟
د. مى: آه.
د. يحيى: هى قالت لك كده؟
د. مى: آه.
د. يحيى: وحاتخلف فى السر؟ ولاّ مش هاتخلف؟؟
د. مى: مش حاتخلف.
د. يحيى: مش ده من حقها،إنها تخلف برضه؟ خصوصا بعد ما إبنها مات؟
د. مى: حقها.. بس هى بقت خايفه قوى على الأطفال.. حتى ابن أخوها.. بتخاف عليه.. هى بتقول “أنا مش حابّه أخلف..”
د. يحيى: هى تعليمها إيه؟؟
د. مى: معاها تالتة ابتدائى.
د. يحيى: هى بتشتغل؟
د. مى: لأ.. بس ساعات بيبيعوا خضار قدام البيت..
د. يحيى: وهو بيع الخضار ده مش شغل؟
د. مى: أصلها مش حاجة دايمة، يعنى مش كل يوم.. مامتها هى اللى بتقعد بقفص قدام البيت وهى ساعات بتطلع تقعد معاها..
د. يحيى: أختها الصغيرة متجوزة؟
د. مى: لأ.. كانت مخطوبة بس مامتها كانت بتتخانق مع خطيبها كتير ففسخت..
د. يحيى: اختها عمرها كام؟
د. مى: 29 سنة.
د. يحيى: تقعد من غير جواز لحد السن دى، مش غريبة فى مجتمعنا ده؟ فى الطبقة الاجتماعية دى؟
د. مى: آه بس الأم وحشة قوى..
د. يحيى: هى ساكنة فين؟؟
د. مى: فى “……..”
د. يحيى: الحى ده كبير قوى، وفيه وفيه، فين فى الحى ده بالضبط، ساكنة فى أنهى حته فيه؟
د. مى: غالبا فى العشش اللى هناك..
د. يحيى: السؤال بقى؟ سؤالك؟
د. مى: بقالها 4 مرات.. بتيجى متأخرة عشر دقائق، ربع ساعة، وتقعد كل مرة تقولى المواصلات مع إنها ساكنه قريب..، وأول ما تقعد تقولى حا أعمل ايه؟ سؤإلى هو إن أنا مش عارفة أطلع إزاى من الحتة دى..
د. يحيى: دى حالة مهمة، وأنا قعدت أتحايل عليكم اللى عنده حالة؟ اللى عنده حالة؟
د. مى: لأ أنا بس كنتّ بارتب أفكارى..يعنى أنا كنت جإيه من البيت ناويه أقدمها..
د. يحيى: لا يا شيخة أنا ماشوفتكيش بتّرتبيها.. أنا شفتك مترددة تقدميها، وده يمكن له معنى، أصلها حالة مهمة.. فيها بُعد دينى وبُعد اجتماعى وبُعد مهنى.. إزاى ماتقدميهاش؟!! بصراحة إحنا بنخاف نتناقش فى الحاجات اللى بتقلّبنا، بيبقى فيه تهديد شخصى لينا.. أنا ماعنديش رد جاهز طبعا.. لا لِكِ، ولا ليها، الأول إنت إيه موقفك الشخصى، يعنى؟ لو إنت مطرحها، أو مطرح مراته.. إيه موقفك؟ لو مطرح مراته الأول؟ ولاّ خلينا فى العيانة.
د. مى: أنا بالذات أنا باحس إنها مابتحبهوش..
د. يحيى: إزاى عرفتى ده؟؟
د. مى: باحس إنه احتياج أكثر منه حب..
د. يحيى: احتياج لحماية؟ ولاّ احتياج للجنس؟ ولاّ احتياج لإيه؟
د. مى: يمكن احتياج لاحتياجه ليها.
د. يحيى: اسم الله!.. أهو دا الكلام! يعنى هو اللى عاوزها..وهىّ عايزة عَوَزَانه!، بس إنتِ عرفت منين إنها مابتحبوش؟ يعنى مثلاً: هى لو كانت بتحبه كانت قررت مثلا من غير كل التردد ده، كانت تقول أتجوزه وخلاص، هل معنى إنها مترددة إنها مابتحبهوش؟ إنت ماقلتيش حاجة عن مستوى ذكاءها؟
د. مى: متوسط…، ده يعنى بالنسبة لتعليمها،.. بس هى ناصحة.
د. يحيى: متأكده إنها ناصحة؟
د. مى: أيوه.
د. يحيى: طيب، هى دمها خفيف؟
د. مى: ساعات ساعات.
د. يحيى: شكلها حلو؟
د. مى: لأ بالنسبة لى لأ.
د. يحيى: إيه بالنسبة لى دى؟ بالنسبة لحلاوتك يعنى بتقيسى بحلاوتك.
د. مى: لأ.. قصدى بالنسبة لرؤيتى ليها..
د. يحيى: بالنسبة للراجل اللى فيكى ولا الست؟ المهم هىّ مصحصحة يعنى؟؟
د. مى: آه مصحصحة.
د. يحيى: أنثويا؟ هىّ جذابة؟
د. مى: دلوعة شوية.
د. يحيى: قعدتْ متجوزة قد إيه؟
د. مى: سنة ونص، سنتين.
د. يحيى: الجنس كان عامل ايه؟
د. مى: لأ مش فاكرة.
د. يحيى: ينفع؟ تحكى كل الحكى ده، وتسع شهور متابعة وأربع مرات جلسات علاج نفسى، وماتعرفيش الحكاية دى ياشيخه، الجنس ده حدوتة لوحده (انظر الاستدراك فى النهاية).
د. مى: اللى أعرفه إنها ماكانتش بتحب جوزها، ولما اتجوزته كانت مرغومة عليه، وإنه كان أكبر منها.. (انظر الاستدراك أيضا).
د. يحيى: بقد إيه؟؟
د. مى: بحوإلى 9 أو 10 سنين.
د. يحيى: ودا يبقى أكبر منها؟ هى المسألة تفرق قوى كده؟
د. مى: آه تفرق.
د. يحيى: تفرق فى إيه بقى؟؟!!!!
المهم، شوفى يا بنتى، الحالة دى صعبة.. بدءًا بكمية الآلام الإنسانية اللى زى مايكون نسيناها فى زحمة حكايات الحب وقلّته، آلام فوق الوصف. موت ورا موت ورا موت، والموت بيفكّر بالموت.. وبعدين خلّى بالِك: فقد الإبن له مشاعر، وفقد الوالد له مشاعر نوعية ثانية..، وفقد الأخ غير ده وده، مش مشاعر زى اللى مكتوبة فى الكتب.. لأ.. وكون إنه ده يحصل بهذا التلاحق الزمنى لبنت إنت بتقولى مصحصحة، وأنا باقول وحيدة، أنا أظن دى حاجة صعبة جدا، يعنى الست دى إتحرك فيها احتياج شديد لأى حاجة ولكل حاجة، ييجى الدين والقيم يقولولها لأ، وهى زى ما بتقولى بتقول أنا ماقدرش أغلط.. يبقى تعمل إيه؟
لو إنت نجحت بشوية جهد إنك تكونى موجودة فى وعيها بشكل له معنى، وإنت فعلا عملتى كده لمّا صبرت عليها جامد، يبقى أظن إنك حاتشوفى الفرق بين مشاعرك اللى انت متوقعاها من ألم وصعبانية، وبين اللى بيجرا قدامك.. من جوع ووحدة. وده أقل ما يمكن إنك تعمليه كبداية، إنك تشوفى اللى جارى، مش تشوفى المفروض، أو اللى إحنا بنتوقعه، وبمجرد إنك تعملى الخطوة الأولى دى حاتلاقى الأمور اختلفت… يمكن حاتلاقى إن المهم بالنسبة لها بعد كل الفقد ده، إنه هوّا فيه حد لسه موجود.. فى حياتها، حدّ لسه شايفها، ولاّ إيه؟
وبعدين إنت قلتى حاجة ذكية جدا.. إنها “عاوْزَه عَوَزَانه”.. زى ما يكون الموت ده كله هز ثقتها فى إنها موجودة من أصله، وبقى نِفْسها حد يقولها “إنْتِ أَهُـهْ”، مش “أنا أهُـهْ”، الحاجة الثانية عن طبيعة مجتمعنا وحكاية السرية دى.. دا شىء صعب صعب، العلانية عندنا أهم من الورقة، وده له معنى مش بطال، السرية حاتبقى عبء تقيل عليها، خلّى بالِكْ.
ثم نبص بقى فى حقوقها كأم: هى قالت لك أنا مش حابّه أخلّف(!!!) الأم، خصوصا اللى داقت الأمومة، لمّا تقرر إنها تحرم نفسها من الأمومة اللى هى عاشتها، وبعدين اتحرمت منها من غير ذنب يبقى ده ضد الطبيعة.
ثم إن المجتمع بيحمى المؤسسة التى بتتكون باسم الجواز، فلما ييجى المجتمع مايدعمش العلاقة، وتيجى هى تستغنى عن الخَلَف كده، يبقى فاضل إيه تكسبه من حب مهزوز بالشكل ده.
ألم الفقد بالموت، والوضع الاجتماعى الصعب ده، والوضع الدينى الضاغط من جوّه ومن بَرّه، يخلينا لازم نبص للهدف من العلاقة دى.. ونسأل هو إيه اللى جارى بالضبط يا ترى، هو إيه الهدف؟ الجنس؟ ولاّ سقف الجواز؟ ولاّ الهرب من أمها؟ ولا ايه؟
د. مى: كله على بعضه.
د. يحيى: كمان لازم تحطى نفسك مطرح الراجل ده برضه، هو.. بيحبها بجد؟ ولا لقاها واقعة فقال من السهل إنه يستعملها بعض الوقت؟
د. مى: أنا شفته، وقابلته بيتهيإلى إنه بيحبها بجد..
د. يحيى: دى حاجة إيجابية، وأنا مصدقك، برافو عليكى إنك طلبت مقابلته، بس برضه لازم تبصى لقدام، تشوفى.. عمر الجوازة دى ممكن تطول قد ايه؟ وبعد ده كله مش حاتقولى لها حاجة محددة، مش حاتشورى عليها برأى قاطع، إنت تلمّى كل المعلومات والعوامل دى، وتحطيها قدامك يعنى الزمن حايبيّن الممكن..، إحنا لازم نصبر.
د. مى: الزمن قد إيه؟
د. يحيى: كل ما البنيّه دى تكبر من خلال العلاقة العلاجية الإنسانية دى، حاتبقى أقدر على أخذ القرار.. فإنت يا بنتى معلشى، تستحملى التأخير فى المواعيد، وعدم الحضور أحيأنا برضه، وتستحملى ترددها، يمكن بالشكل ده هى تستحمل الظروف الصعبة دى لحد ما تتغير، فنرجع تانى نحسبها نشوف الاحتمالات الجديدة.. وما دام إنت قابلتيه وعرفت منه إنه بيحبها.. يبقى نحط ده فى الاعتبار.
د. مى: لأ أنا شفته بس فى الطرقة.. (طرقة العيادة الخارجية بقصر العينى!).
د. يحيى: ياخبر يا مَىْ! يعنى شفتيه فى الطرقة فلاقيتيه بيحبها كدهه؟ باين على وشّه؟ إزاى بقى؟!!
د. مى: لأ علشان بييجى ويستناها..
د. يحيى: كونه بييجى معاها ويستناها دى علامة ممكن تكون كويسة وممكن حاجة تانية، بس مش معناها إنه بيحبها كده خبط لزق، لأ.. إنت تقابليه وتتكلمى معاه بصراحة عن علاقته بمراته، وهل فيه ما يبرر المشروع الجديد ده، ولا لأ، ومدى مسئوليته، ولاّ هوّا بينتهزها فرصة وبيجدد القديم، وخلاص، وإيه حكاية فى السر دى؟ ولاّ هيه رمْرَمَة وريالة؟
كفاية كده عشان معاد الجروب جه (العلاج الجمعى يبدأ بعد الإشراف مباشرة).
***
استدراك وتعقيب الآن:
فى الجلسة التالية لهذا الإشراف على العلاج النفسى، جاءت المريضة إلى الدكتورة “مى” التى استوضحت منها بعض النقاط التى أثيرت أثناء الإشراف، ولم تكن لها إجابات فى حينها، وأبلغتنا بأمانة شديدة ما نحتاج لإثباته هنا للتصحيح ثم التعقيب.
الاستدراك:
د.مَىْ: عند مراجعة المشاهدة تبين أن الزوج توفى بعد عناء مع المرض لمدة عام فى المستشفى بسبب ورم فى الرئة.
التعقيب: (المشرف):
على الرغم من أن سبب الوفاة اختلف، فإن الفقد هو الفقد، لكن فقد الزوج بعد هذه المعاناة، والمرض الخطير غير موته فى حادثة مثلما حدث للإبن أو للأخ، وهذا يحتاج إلى تفاصيل هامة، لكن فى النهاية فإن الفراغ الذى أحاط بها، وحرك جوعها لأى اهتمام: هوهو.
الاستدراك:
د. مَىْ: سألت المريضة عن علاقتها بالزوج أكثر من مرة.. فى أول جلسة قالت أنها لم تكن تحبه وأن العلاقة الجنسية كانت مجرد أداء واجب.. فى الجلسة الخامسة قالت أنه طوال فترة الزواج كانوا يمارسون الجنس بانتظام ورغبة، وأن علاقتهم كانت جيدة جدا وأنها كانت تحبه حبا شديدا..، فى سابع جلسة متابعة أبلغتنى أنها عمرها ما وصلت للذروة طوال فترة الزواج.
التعقيب:
هذه المعلومات عن العلاقة المتذبذبة بالزوج لها أهميتها فى هذه الحالة وغيرها حتى لا نأخذ المسائل بتعميم مسطح، أو عجلة استستهالية، فما وصل للزميلة المعالجة فى البداية هو أنه زوج مفروض عليها، وأنه أكبر منها.(!!) وأنه.. وأنه.. إلخ، لكن بإعادة الفحص، تبين أن العلاقة كانت تلوّح بحركةٍ ما، وإن كان يبدو أن المريضة جاهلة بدرجة كبيرة بأبعاد هذه العلاقة، ولما كان عمر الزواج بكل هذا القصر، فإننا لايمكن أن نحكم على هذه العلاقة حكما جازما بأنها كانت فاشلة تماما كما يتبادر لذهن أى مستسهل يبحث عن سبب والسلام، لكن يأتى المرض فالموت (المتلاحق) ليجهض أية احتمالات، ويتركنا فى فراغ صعب وجوع مُلِحّ ووحدة كما رأينا، ثم نلاحظ تذبذب معرفتها عن طبيعة وأبعاد الجنس حتى أنها بعد ما أقرت الانتظام والرغبة فى المعاشرة لفترة وسطى، عادت تقرر أنها لم تصل للذروة مرة واحدة طوال فترة الزواج!
الاستدراك:
د. مَىْ: أيضا عند مراجعة أوراق المشاهدة تبين أنه يصغرها بعام.. عمره 31.
التعقيب:
هذا فرق لايهم.
الاستدراك:
د. مَىْ: عند سؤال المريضة فيما بعد.. علمت أن هذا المتقدم للزواج عمر إبنه 3 سنوات والبنت سنة واحدة.
التعقيب:
أظن أن هذا لابد أن يوضع فى الاعتبار عند تقدير مسئولية هذا الرجل عن مشروعه الجديد، وعن أسرته القائمة! ثم أسرته القادمة، وأيضا يوضع فى الاعتبار علاقة هذه الأم بأطفال هذا المتقدم وهى التى فقدت طفلها فى تلك الظروف المأساوية.
****
التعقيب والحوار:
د. أسامة فيكتور:
ياه على كم ونوع الألم!! إزاى دى عاشت وعاشت ليه؟ هى كانت مستنية حد يشوفها زى اللى عاوز يتجوزها ده ولا إيه الحكاية؟
د. يحيى:
لا أعرف
“الحياة” – فى حد ذاتها– قوية قوة ذاتية نحن لانعرف سرها.
أ. هيثم عبد الفتاح:
وصلنى جزء من معاناة الفقد التى عاشتها المريضة، وشدنى فيها قدرتها على معايشة هذا الوضع الصعب والاستمرار، وعدم التوقف، وألتمس لها، كل العذر والحق فى هذا التردد فى إتخاذ قرار الزواج، لكن أعتقد فى ظل هذا الوضع الشديد الألم ومع وجود هذه الأم التى لا توفر أى دعم حقيقى وأيضا الأخوات، أعتقد بأن هذه المريضة فى حاجة لخوض هذه التجربة بالزواج بعد الاطمئنان لنوايا هذا الزوج.
د. يحيى:
الزواج، نعم،
….لكن هذا الزوج بالذات، وفى السر، مع ترددها الشديد ذى الدلالة، وقبل مقابلة المعالجة للشريك المحتمل!!! أظن أنه، نظراً لكل هذه الاعتبارات، لابد من التأجيل والفحص وإعادة الفحص، ثم هى التى سوف ستتخذا القرار فى نهاية النهاية بعد أن تتضح الأمور بمساعدة العلاج.
د. عمرو دنيا:
مهم أوى إنى أشوف المريض بصحيح واتجاوز مرحلة الشفقة والفقد وانتقل إلى ما هو أشد، وهو جوع الوحدة… ألم الوحدة، إنها عاوزة عوزانه أو “محتاجة حد يشوفنى.. حد يعوزنى”.. بس مين بيشوف ده ويحسه؟ وفين..؟
د. يحيى:
تعبير ” تجاوز مرحلة الشفقة والفقد” يحتاج لوقفة.
إن مرحلة الشفقة تخصنا نحن المعالجين بشكل أكثر، ولابد من تجاوزها إلى التعاطف والمسئولية،
أما تجاوز الفقد فى مثل هذه الحالة فهو شأن المريضة بمساعدتنا، وهو أمر صعب صعب.
أ. عبده السيد:
إيه دلالة تكرار أن “الموت يهز الثقة فى أنها موجودة من أصله”؟
د. يحيى:
يا أخى بالله عليك: العدم هو العدم، أنا لا أقدم أدلة، إما أن يصلك الاجتهاد فى الرأى، وإما أن تبحث عن غيره، هذا حقك، ثم تعالى معى: ماذا يتبقى لامرأة لم تتح لها أية إنجازات استقلالية منذ الطفولة، وجودها مهزور من البداية، يلبس أدواراً لا يتمثلها، لقد وجدت نفسها فى دور الابنة، ثم الزوجة، ثم الأم، لكن يبدو أنه لم يتبق من أى من ذلك شىء يصفها أو يصنعها هى.
ثم إذا بها تفاجأ أنه حتى هذا الوجود المهزوز ينسحب منها، حتى هذا الوجود المستعار ينسحب من يمثله الواحد تلو الآخر بعد معاناة ممتدة: مرة بالمرض ومرة إثر موت فى حادثة كأنه القتل أعلن نفسه فى صورة ضناها وقد تحلل فى بالوعة، ومرة ثمن الشهامة تقضى على الأخ محترقاً ماذا تبقى بالله عليك يجعلها تثق فى أى أحد، أو أى شىء.
بل فى وجودها ذاته.
هل تكفيك هذه الأدلة؟!
أ. عبده السيد:
هل ينفع أنى أعمل إتفاق علاجى مع عيان ويوقعه بنفس الطريقة أسبوعياً وأكمل معاه بنفس القيم لمدة سنة؟ وممكن أسمى دى إعتمادية متبادلة ولا لأ.
د. يحيى:
ما علاقة أسئلتك هذه يا عبده بهذه الحالة تحديداً؟
وما حكاية الاتفاق بنفس الطريقة أسبوعيا؟
طبعا لا !! إذا كنت تعنى التوقيع على ورق.
أما إذا كنت تعنى بالاتفاق: الاستمرار فى التردد للعلاج، والالتزام، فهذا وارد (الإقرار أسبوعيا، بالحضور المنتظم، لا التوقيع).
ثم إن مصطلح “اعتمادية متبادلة” لا يستعمل بشكل صريح عادة بين المعالج والمريض فى هذه المراحل خاصة، إنه وصف محتمل للجارى فقط.
أ. عبده السيد:
أول مرة أعرف أهمية التفرقة بين مشاعر الموت (الابن – الاب- الأخ)
ومش فاهم، رغم أنى جربت موت الأب والأخ، بس مصدق ما جاء من ضرورة التفرقة.
د. يحيى:
المهم أنك عرفت، ومعرفتك هذه تستأهل الاحترام بإقرارك عدم الفهم وفى نفس الوقت: مصدق!! إن التصديق برغم عدم الفهم ميزة رائعة فى المعالج، وهى ميزة أكثر لو أقرذ بذلك.
المهم أنه وصلك ضرورة احترام الفروق، وأنه ليس كل موت هو نفس الموت، ثم إن المسألة ليست تنظيراً وبحثا عن تعريفات فارقة، بل هى تنبيه ودعوة لاحترام دقة المشاعر وتنوعها حتى لو كانت تحمل نفس الاسم، حتى لو لم نفهم تفاصيلها بالألفاظ.
أ. هالة حمدى:
مش عارفه هى مستحملة كل الوحدة والأحداث دى إزاى، ربنا يكون فى عونها، موت ورا موت ورا موت يقسم الظهر ويجنن دا أقل حاجة ممكن تحصل.
د. يحيى:
ربنا معها فعلا
لكن يارب هى تصدق إنه -سبحانه- معها.
وليكن معنا حتى نقف معها كما ينبغى.
أ. هالة حمدى:
وصلنى منها أنها محتاجة حد يقولها إنتى لسه عايشة وموجودة، بس اللى أنا خايفه منه إن الراجل اللى هى عايزه تتجوزه ده لو انحط فى موقف اختيار بينها وبين مراته أكيد حايختار مراته اللى تمثل الأسرة – والأولاد.
د. يحيى:
ليس ضروريا بهذه البساطة، لكن من المهم وضع هذا الاحتمال فى الاعتبار.
أ. هالة حمدى:
“… إنها خايفة تخلف” أنا إديتها عذر، لأنها جربت الأمومة وإزاى هى اتحرمت منها، هى قبلت تدفع ثمن الحرمان عن إنها تتعرض مرة ثانية لألم الفقد، هو أصعب ألم فى الدنيا وهى جربته وجربته جامد قوى فوق طاقة البشر.
د. يحيى:
هذا صحيح، وهو صعب، وربما يستحيل تمثـّـله بأية درجة من التقمص.
عموما رأيى أن التداوى من الألم بحلول مهزوره وسرية لا نعرف عمرها الافتراضى، هو أمر لا نلجأ إليه إلا اضطرارا شديدا، وبمقابل عطايا صعبة، وهى غير متوفرة فى هذا المشروع الجديد.
أ. رباب حمودة:
هل جوع الوحدة أقوى من ضياع الفقد.
د. يحيى:
أظن لكل خبرة قاسية آلامها الخاصة، ونوعيتها بحيث لايمكن المقارنة بهذه البساطة.
أ. رباب حمودة:
ما هو الفرق بين: “نشوف اللى جارى”،
“نشوف المفروض أو اللى إحنا متوقعينه”.
د. يحيى:
هو الفرق بين الرؤية الموضوعية (حقيقة الأشياء) وبين إسقاطنا نحن رؤيتنا أو توقعاتنا أو موقفنا أو حكمنا حسب نظريتنا لنرى ما نريد، أو ما نستطيع وليس ما هو كائن.
أ. رباب حمودة:
عجبنى جداً تعبير: “عاوزه عوزانه”.
د. يحيى:
أنا أيضا تعجبت من استعمالها هذا التعبير الدقيق الذى ورد منى فى “قصيدة حمام الزاجل”([7]) منذ أكثر من ثلث قرن (أغوار النفس)، وأيضا هذا التعبير أظن أن “لانج”([8]) إستعمله فى وصف غياب “الموضوع الحقيقى” (الآخر الحقيقى) فى العلاقة الثنائية من هذا النوع المسماة الحب.
أ. محمد إسماعيل:
هو ليه حضرتك بتتخض من الموت كده رغم تصالحك معه، وليه سميته هنا فقد، أو ضياع.
د. يحيى:
إيش عرفَّك أننى تصالحت مع الموت يا محمد، ياليت ياشيخ، أنا فعلا جريت فى ملعبه، حاولت أن أتعرف عليه، رأيته من عدة زوايا علمية، ونقدية (نقد محلمة الحرافيش)([9]) وخبراتيه.
ثم غامرت بوضع الفروض لفهمه فى أول نقلة الوعى الشخصى إلى الوعى الكونى سعيا إلى وجه الله، حتى رأيت أنه أزمة نمو ممتد، مرورا بمواكبة تجليات موازية فى النوم ودورات النمو.
ولكن ليس معنى كل ذلك أننى تصالحت معه، ويظل الموت شىء، والفقد والغياب، والضياع أشياء أخرى كما ورد فى هذه الحالة وفى الحياة.
أ. محمد إسماعيل:
الموت بيفكر بالموت، أنواع مشاعر الفقد ودور طريقة الفقد فى نوع المشاعر، كل ذلك يحتاج لتوضيح.
د. يحيى:
توضيح ماذا أكثر من هذا يا رجل؟
يا أخى حين يموت لك عزيز ثم يلحقه عزيز آخر تتذكر الأول وتتراكم الأحزان.
لكن لكل عزيز موقع فى عواطفنا واحتياجاتنا يختلف عن موقع الآخر، وبالتإلى لكل فقد طعم آخر لا يتكرر.
ثم إن الحزن والأسى يتراكم فوق بعضه البعض مهما اختلفت الأنواع.
أ. عبد المجيد محمد:
يعنى إيه تعبير: “مش مشاعر دى اللى مكتوبة فى الكتب”؟
د. يحيى:
يعنى لما تقرأ تعريف فى كتاب جيد للفقد أو حتى للموت، ثم ترى أمامك خبرة إنسانية لا تتفق مع ما قرأت، عليك (علينا) أن نبدأ مما نراه، لا أن نفرض على ما نراه ما قرأناه.
أ. أحمد سعيد حسين:
هل وجودى فى وعى أى إنسان يحدث بشكل له معنى؟
وهل له معيار؟
د. يحيى:
بشكل له معنى، “نعم”.
أمـّـا أن “له معيار بمعنى القياس”، فالإجابة: “لا”.
د. هانى عبد المنعم:
لا أستطيع أن أتخيل أن إشباع الوحدة يعوّض ضياع الفقد، وخاصة إذا كان بهذا الفجع (لم أستطع أن أقرأ اليومية فى جلسة واحدة).
د. يحيى:
لم يقل أحد أن هذا هو السبيل لكسر الوحدة.
أما تأثرك الشديد، فأنت عندك حق بجد.
كثيرون قرأوا هذه الحالة بالتقسيط، مثلك.
د. هانى عبد المنعم:
ألا تمثل البيئة العشوائية لهذه المريضة (ساكنة العشش) درعاً واقياً لها من التفسخ، بعد هذه المشاهدات المأساوية؟
د. يحيى:
ياشيخ حرام عليك، أغلب سكان العشش عندهم مشاعر شديدة الرقة ….، درع واقى من ماذا يا رجل؟ إنهم أرق من سكان القصور والمنتجعات غالباً.
أ. رامى عادل:
رأيت وجهها المحترق لأول مرة عند ركوبها الميكروباص، لم أشعر بشىء تجاهها رغم ابتسامتها التى فى عيناها المبهمة، بعد ساعات، تساءلت، هل هى مرتبطة؟ كيف أتقدم لها إن رأيتها مرة ثانية لن أعرفها؟
د. يحيى:
أهلا عادل: لقد حللتها من أوسع الأبواب يا رجل، وتظل المسئولية أصعب من كل تصور.
الحالة: (23)
الوعى بمشاعر المعالج أثناء الممارسة ([10])
أ. أكمل: هو شاب عنده 33 سنة حضرتك محوله لى تقريباً من أربع شهور، شغال إدارى فى مدرسة، وبعد الظهر بيشتغل حاجة كده، فى عمل خاص، هو الكبير بتاع العيلة، والده متوفى وهو أكبر واحد فى اخواته، والشكوى الأساسية اللى كان جاى بيها فى الأول خالص كان لها علاقة بمشاعر ذنب تجاه العادة السرية، وكان بيعملها بشكل فظيع، بيمارسها مرتين ثلاثه فى اليوم، وبرضه كان فى تدهور على مستوى الشغل، كان بدأ يغيب وكده، وكان عنده إحساس بالتناقض شديد، إزاى هو خريج أزهر، وبيصلى بالناس، وبيخطب الجمعة، وفى الناحية التانية عادة سرية وخيالات على ست كبيرة جنبهم فى الشقة، وكلام من ده، يعنى هو عارف إنه بيعمل حاجات عكس اللى بيقوله للناس، عكس صورته قدام الناس، فالتناقض ده هو ماكنش مستحمله خالص، ابتدينا العلاج وكده، وبدأ الشغل بتاعه يتحسن شوية.
د. يحيى: السؤال بقى؟
أ. أكمل: السؤال بالنسبه ليّا أنا، بصيت لقيته مرتبط بيا بشكل أنا مش مستحمله دلوقتى يعنى….
د. يحيى: هل حددت معالم اضطراب معين، أو تحب تقول حاجة عن شخصيته؟
أ. أكمل: نقدر نقول أنا كنت الأول حاطط حاجة كده يعنى لها علاقة باضطراب الشخصية التجنّبِيّـه([11]) يعنى كده طول الوقت بيتجنب أى حاجة، وبيتجنب يواجه الناس، واعتمادى شويتين، هو سلبى خالص، ومع الوقت بقى فيه زى اتكال جامد علىّ، لدرجة إنه يعنى بقى يغير علىّ، بقى يسألنى طول الوقت فى العيادة: إنت بتحب عيانينك ولا لأ؟ طب إنت بتحبنى أنا أكتر ولا هما أكتر؟ ويتصل بيا كل شوية ويسأل مثلا: إنت بتعمل إيه دلوقتى…
د. يحيى: السؤال بصيغة السؤال لو سمحت؟
أ. أكمل: يعنى أنا فى المرحلة ديه ماباقيتش مستحمل أوى الضغط بتاعه، ومطارداته ليّا طول الوقت.
د. يحيى: مش هوه اتحسن؟
أ. أكمل: شوية، أنا بدأت أزقّـه على الجواز، وبرضه معدله فى عمل العادة السرية قلّ خالص، يعنى مع الشغل وكده.
د. يحيى: بقت أد إيه؟
أ. أكمل: بقت مرة كل أسبوع، يعنى بدأت أحوّلها من سلوك تعودى قهرى، إلى سلوك يبقى ناتج عن رغبة تييجى الأول.
د. يحيى: بيصلى؟
أ. أكمل: دا بيصلى بالناس إمام، وبيخطب الجمعة وكده، بس أنا لمّا بدأت أزقهُ فى سكة الجواز لقيته مزرجن خالص.
د. يحيى: لو سمحت حدد السؤال أكتر شوية؟
أ. أكمل: السؤال هل ينفع أعمل توقيف للعلاج، أو استراحة، يعنى أجازة؟ الحقيقة ماباقيتش مستحمل أوى الضغط بتاعه ده، زى ما يكون بيطاردنى بشكل مزعج أوى، هو عايز ييجى مثلاً مرتين فى الأسبوع، عمال بيتصل كل شوية بالتليفون يسأل علىّ اللى أنا بعمله طول الوقت..
د. يحيى: وتاريخه الأسرى؟
أ. أكمل: الأب كان قاسى قوى، الأب كان شيخ مسجد وكان امام وكده يعنى.
د. يحيى: وإنت أب شكلك إيه؟
أ. أكمل: أنا عمال أزقه فى سكة الشغل والجواز وتنظيم العادة السرية، بس ماعنتش قادر، بصراحة بقى تقيل علىّ قوى، عايزه يبطل ييجى.
د. يحيى: أولاً من حيث المبدأ من حقك إنك تزهق من أى عيان يعنى، وإنك تحس إنه تقيل، بس مش معنى كده إنك تتصرف بناء عن كده زى ما تكون علاقة عادية من حقك تزهق عادى، إحنا نتفق إنك إذا أنكرت على نفسك حقك ده، حايشتغل من وراك، حايبقى شكلك مش قوى، زى ما تكون حاتبقى مزيف، والمزيف بينى وبينك ما يعرفشى يعالج حد، دا من حيث المبدأ، طيب وبعد ما يبقى تقيل عليك، وبعد ما تعترف لنفسك بينك وبين نفسك، أو لنا زى دلوقتى، إيه اللى ممكن عمله.. بصراحة هى مسألة ملعبكة شوية، منين تعترف إنه دمه تقيل، ومنين تفضل تعالجه إلى أجل غير مسمى؟
إنت لازم تنظم العلاقة أكتر من كده شويتين، مثلا: من ناحية التحديد بين الصحوبية الاعتمادية، وبين العلاقة المهنية، اللى تستمر مهما كنت تعبان، فيه حاجة فى الفسيولوجى كنا بنتعلمها زمان إسمها “الموجه التانية”، (أو الريح الثانية) يعنى وانت بتجرى مثلا وتتعب خالص وتتصور إنك مستحيل تخطى خطوة بعد كده، تبص تلاقى دبت فيك الروح، وكأنك بادئ من أول وجديد، بس لازم يكون فيه دوافع ومبررات تسمح للموجه التانية دى إنها تظهر.
من ضمن العوامل فى حالتنا دى خد مثلا: الفلوس، ودى ممكن تخليك تستحمل مدة أطول، ومش عيب، بس واضح إنه على قد حاله، والمسألة ما تستاهلشى، من أهم العوامل برضه علاقتك بربنا وشعورك بالمسئولية، إذا كان هوا دمه تقيل عليك، طيب حا يعمل إيه مع الناس التانية؟ تبص تلاقيك بتتقى الله فى إنك ترميه لظروف أصعب، بس طبعا إنت عارف قد إيه بنحذر من حكاية المثالية والتضحية عشان نضمن طول الَّنَفْس، احنا بنطلب صدق الشغل، وبنرفض الصفقات من تحت لتحت، ثم ما تنساش إنك بتتعلم، مش يعنى حاتستعمله عشان تتدرب فيه، لكن طول معاشرة الناس الصعبة دى، حاتفجر جواك طاقات إنت ما تعرفهاش، وده من ناحيةْ: علام، ومن ناحية اكتشاف، وكله خبرة بتتجمع، إنت لو استسهلت، وكل ما عيان تزهق منه تطرّقه، خبرتك حاتقل مش حاتزيد باستمرار، تبص تلاقيك كل شوية بتستسهل أكتر فى أكتر، مش بتخترق الحواجز واحد ورا التانى؟
ده من حيث المبدأ، إنما المسألة فى النهاية متروكة لك إنت وقدراتك فى المرحلة دى، يعنى تشوف نفسك مرحلة بمرحلة، يمكن تنتقل مع زيادة الخبرة، يعنى المرحلة الأولى مثلا: استحمال إنسانى عادى، له حدوده، قلنا نعترف بيها ونقبلها، يعنى زى أى واحد من حقك تشعر إنه “يا ساتر دا فلان الفلانى جى النهاردة، يا باى، إنما يمكن خير”، يحصل ده شعوريا أو لاشعوريا، وتقعد تشوف نفسك من غير ما تبالغ فى الاستحمال، لو المرحلة دى استمرت مثلا كمان شهرين تلاتة من غير ما يحصل حاجة، تبقى مش حلوة لا ليك ولا له، فيظهر احتمالات كتير، إنك تحوله لزميل لك بعد مناقشة زى دى، أو مثلا إنك تعلى سقف شروط التعاقد شوية، يعنى تطلب منه طلبات محددة أكتر فأكتر، يعملها لصاحله، وتلزمه إنه ينفذها، ولو ما نفذهاش يبقى هوا مش ملتزم بشروط العلاج، وكلام من ده، بس على شرط، ماتكونشى بتعجّزه، ولا بتتلكك، ممكن كمان، وده برضه مش ظريف، بعد ما نناقش الحكاية ونوافق، إنك تقلل الوقت، طبعا إنت عارف موقفى، أنا حكاية تقليل الوقت أثناء فترة التدريب ما باحبهاش خالص، إلا بعد مناقشة هنا، بعد فترة التدريب اللى يمكن تمتد سنين كتيرة، إبقى أعمل اللى إنت عايزه، إنما أثناء التدريب لازم تستحمل الـ 50 دقيقة.
أ. أكمل: يعنى أعمل إيه يعنى؟
د. يحيى: إنت عمّال بتزقه على الشغل والجواز، وهوه عنده 33 سنه، وهو بيأُم الناس (إمام) ولما خلصت الحاجات اللى ممكن تزقه فيها، زهقت، عندك حق، فاضل إيه تزقه عليه، مش يمكن الغلطة إنك قعدت تزقه وبس، يعنى الواحد يزق حد على الجواز إزاى بالله عليك، وهوا راقد فى الخط كده، ثم خلى بالك إنت بتكرر اللى الناس العاديين غيرك عملوه، يعنى أنا أتصور إن فيه ألف واحد قالوا له إنت راجل متدين وكمل دينك، وكلام من ده، إيه بقى الفرق بينك وبينهم؟ ثم إنك استلمته بيشتغل شغلتين فعلا، فبتزقه على الشغل أكتر من كده إيه، إنت قلت لى بيشتغل بعد الضهر إيه؟
أ. أكمل: حاجة زى سكرتير، أو منظماتى كده، فى مؤسسة خاصة.
د. يحيى: يعنى فيها بقشيش ولا لأ؟!
أ. أكمل: ما أظنش.
د. يحيى: هل الشغلانة دى بتديله معنى، أو فرصة علاقات غير إنه يقبض ماهيته؟!
أ. أكمل: فى الأغلب، بتديله؟
د. يحيى: وهوا لما جالك كان الشغل انضرب مش كده؟!
أ. أكمل: آه
د. يحيى: الشغلتين ولا شغلة واحدة؟!
أ. أكمل: الإتنين
د. يحيى: ولما زقيته على الشغل رجع الإتنين؟!
أ. أكمل: أيوه.
د. يحيى: لوحده ولو بزقة منك؟
أ. أكمل: لوحده وبزقة بسيطة يعنى.
د. يحيى: طيب يا أخى الراجل راجع للحياة والمسئولية واحدة واحدة أهه، إنت مستعجل ليه؟
أ. أكمل: أنا مش مستعجل، أنا قلت اللى حاسس بيه.
د. يحيى: برافوا عليك، بصراحة الإشراف ده زى ما يكون بيصبرنا مع بعضنا على نفسنا، يعنى بنتونس ونفتكر طبيعة شغلتنا، مش إحنا برضه اخترنا نخدم الناس اللى ما لهومشى ناس، أو الناس اللى مش مستحملينهم بقية الناس، صحيح إحنا مش ملطشة، ولا بدائل أكتر استحمالا، لكن إحنا زى الكُبـْـرِى اللى ممكن يعدوا عليه مرضأنا ناحية الناس، لما يحس إن حد مننا قـِـبـْـلـُـهْ، برغم اللزوجة دى والكلام اللى انت قلته، تفرق معاه بصراحة، هوه فى الغالب مالهوش ذنب فى ده قوى كده، ولازم نعمل حسابنا إزاى نخليه ما يعتمدشى علينا قوى كده، ويتحمل جزء من المسئولية.
أ. أكمل: طيب والتناقض اللى هوه عايشه ده، ما برضه حاجة صعبة، إمام وخطيب وهات يا عادة سرية.
د. يحيى: إوعى يكون ده هوه اللى زهقك منه؟ يا أخى إنت مش فاكر فتاوى الإمام ابن حنبل اللى قلتها لكم قبل كده، والفرق بين عمايلها “لجلبْ الشهوة” أو “لدرء الشهوة”؟ وما دام بيعمل علاقة بيك، وبالناس اللى بيشتعل معاهم بعد الضهر، ده حايخفف من تحوصله على نفسه، اللى أحد مظاهره العادة دى.
أ. أكمل: يعنى أستنى قد إيه؟
د. يحيى: إنت واللى وصل لك دلوقتى، وكله بثوابه.
****
التعقيب والحوار:
د. مدحت منصور:
الحقيقة كان عندى فكرة خاطئة إن المعالج يجب أن يتحمل أى شئ وكل شئ من مريضه وتذكرت قول الناس الطيبين فى الريف وهم يتعجبون (إزاى: دكتور وتعبان؟!!) فهم أيضا ينكرون علىّ حقى فى المرض إجلالا لى وتعظيما من شأنى حتى يتناسوا أنى بشر.
الأصعب حين ينسى المريض أو يتناسى شعور المعالج وإنه بشر، أو أحيانا أخرى يكون تماديه فى السخف نوعا من اختبار علاقته بالمعالج ثم إن هذا المريض قد غامر وعرى تناقضه وانسحابه وممارسته المرضية للعادة السرية فلم يجد ما يمنع أن يعرى ما تبقى، لذلك أنا متعاطف مع أستاذ أكمل أكثر من تعاطفى مع المريض العملية تحتاج كثير من الصبر والمجهود من المعالج حتى يتمكن المريض من أن يرى نفسه كإنسان وليس كمريض(ليس عليه حرج) ثم يرى المعالج كإنسان وليس كمعالج فقط. (ولا يلقاها إلا الذين صبروا).
د. يحيى:
أوافق على “معظم” ما جاء بتعقيبك، لا كلّه
أ. رامى عادل:
….أو الطبيب نكدى ولا يعرف يتذوق العيان,أو يخرج منه هذه الروح_ روح البلياتشو.
د. يحيى:
أحيانا.
د. عمرو محمد دنيا:
أنا فعلا ماكنتش بابقى فاهم ليه فيه عيان ماليش نفس أشوفه، مش عارف، وكنت باتعب قوى من الشعور ده بس أحيأنا بيبقى الشعور موجود ويمكن من غير ما أعرف السبب، أو بمعنى أدق بابقى مش عايز أعرف السبب، بس مع الإشراف زاد وفسر زملائى إن مش أنا لوحدى اللى بيجيله الشعور ده. وده إدانى سماح أشوف وأستحمل وأكمل وأكون أكثر صراحة.
د. يحيى:
هذا بالضبط هو من أهم فوائد الإشراف، ثم أذكّرك بأول حالة نشرت فى هذه النشرة وفتحت بها باب “إستشارات مهنية”، هذه الحالة سمحت لنا أن نقر ونعترف بحق المعالج فى رفض المريض فى بعض مراحل العلاج حتى السماح بالشعور بالكراهية دون التخلى، شكرا للجميع على كل هذا.
أ. هالة حمدى البسيونى:
مش عارفه معنى الشخصية التجنُّبية([12])؟
د. يحيى:
هذا الإسم هو جديد فى التصنيف، وقد ورد أساسا فى التصنيف الأمريكى الرابع للأمراض النفسية([13]) ويمكن أن ترجعى إليه، وهو ببساطة أحد تجليات الشخصية الشيزيدية([14])، وتتميز هذه الشخصية عموما بتجنب كل اقتراب أو مواجهة من أول تجنب التقاء النظرات حتى تجنب المواقف المحرجة (وأحيأنا غير المحرجة)…. إلخ.
أ. هالة حمدى البسيونى:
قد إيه صعب الواحد يستحمل الاعتمادية بتاعت العيان اللى وصلت للدرجه بتاعت العيان ده، بس حسيت بتناقض، إزاى أكون مش متحملاه للدرجة دى وفى نفس الوقت ماينفعش أسيبه.
الحل هو رأى حضرتك فعلاً إنى لو ممكن أستحمل فترة كده لو ماكنش فيه فايدة (يعنى مش باقدّم له أى مساعدة) يبقى من الأحسن إنى أحوله لمعالج غيرى يقدر يقدم ليه أى حاجة تساعده.
د. يحيى:
يعنى!….. أنا لم أقل هذا مباشرة هكذا.
المهم، أرجو ألا تستسهلى،
وأن تستعينى بالإشراف ما أمكن ذلك.
أ. منى أحمد فؤاد:
من رأيى أن يكمل المعالج مع تلك الحالة أولا، عشان الشعور بالذنب وإنه بيعمل اللى عليه قدام ربنا وثانيا عشان يتعلم يمكن الدنيا تتغير عند المريض ويتحسن.
بصراحه صعبان عليا المعالج.
الواحد لما بيزهق من حد بيبقى مش عاوز يتكلم معاه نهائى ولكن فى الحاله دى الواحد بيحكم ضميره أولا وعقله وفى الآخر مشاعره.
د. يحيى:
أنا لا أشجع عادة، بل ولا أحترم إلا نادرا، الشعور بالذنب من حيث المبدأ، ولا أظن أن المعالج هنا يشعر بالذنب، الوعى، ولا أن هذه المشاعر نفسها هى كذلك مهما بدت سلبية، علينا أن نتحمل مسئوليتها لصالح المريض بدلا من أن ننكرها لصالح تجميل صورتنا أمام أنفسنا (ما أمكن ذلك)، بما يسمى “الشعور بالذنب”، وهذا هو وقود التعلمّ طول الوقت.
أ. محمود محمد سعد:
عملية التصارح مع النفس هكذا مع المشرف علينا، تساعد على تخفيف حدة الصراعات داخل المعالج، وهذا يساعد إلى حد ما فى تقبل المعالج للمريض.
د. يحيى:
هذا صحيح.
أ. علاء عبد الهادى:
هل زيادة معدل ممارسة العادة السرية فى سن مبكره قد يشير إلى احتماليه حدوث أعراض ذهانية بعد ذلك؟
د. يحيى:
لا، لا توجد قاعدة
غالباً: هذا غير صحيح.
أ. محمد المهدى:
المعالج من حقه أن يشعر بثقل مريض ما، وأن يكره، ولابد له من قبول هذا الحق، ولكن لا يتصرف على أساسه فيستسهل إنهاء العلاقة العلاجية، إن قبول فكرة أن من حقى الشعور بلزوجة مريض أو ثقله أو حتى كرهى له والوعى بقبول هذا الحق هو الذى يزيد من نضج المعالج وقدرته على احتمال المريض وليس استسهال إنهاء العلاقة.
د. يحيى:
هذا صحيح جدا.
أ. عبد المجيد محمد:
مهمة جدا حكاية “الموجَة الثانية”، بالشكل ده أنا عرفت كيف أن الزهق والاستسهال بيقلل الخبرة.
من حقى أن ازهق وأرفض أى عيان لكن ما انصرفش عنه على أساس الزهق.
د. يحيى:
يارب صبرنا، واشف مرضانا.
أ. محمد اسماعيل:
مش فاهم إزاى الخبرة تقل؟ ممكن تثبت، بس تقل إزاى؟
د. يحيى:
هذا سؤال جيد، من حيث المبدأ: ولكن علينا أن نتذكر أنه: “من لا يتقدم يتأخر”.
أما كيف ذلك فقد تزيد دفاعات المعالج تدريجيا مع زيادة مخاوفه من كشف نفسه أمام نفسه أو أمام مريضه، فتزداد المسافة تدريجبا بينه وبين مريضه، ويلجأ إلى أساليب علاجية أسهل: مثل الاكتفاء بإعطاء الأدوية، والتسكين دون التحريك، واختزال المرض والمريض إلى كيان كيميائى ناقص كذا أو زائد كذا، وهذا هو المجال الذى تلعب فيه شركات الدواء وتقوم بغسيل مخ الأطباء بشكل من خلال ذلك متزايد طول الوقت من أجل مزيد من المكسب.
أ. محمد اسماعيل:
لو اتفقنا على إن فيه حاجة اسمها الحق فى القرف!! طب فيه الحق فى الغضب والحقد والاستنكار؟ وإيه هى المشاعر السلبية المقبولة فى العلاج وإيه اللى مش مقبول؟.
د. يحيى:
بصراحة: كله مقبول ما دمنا نتحمل مسئوليته.
الاعتراف بكل المشاعر هو خطوة إيجابية صعبة، الاعتراف مهم على شرط ألا يكون هذا هو نهاية المطاف، وإنما علينا أن نجعله بداية التحرك نحو تحمل مسئولية كل ذلك لصالح علاج المريض، ونمو المعالج وزيادة خبرته.
أ. محمد اسماعيل:
معترض على العنوان علشان مختصر ومش بيقول كل حاجة فى الحالة ومش كل اللى وصل منها.
د. يحيى:
عندك حق، ولكن العنوان هو عنوان فقط !!!!
الحالة: (24)
الفرق بين الموقف العلاجى
والموقف الشخصى/الأخلاقى ([15])
د.عونى:…. عندى عيانة عندها 35 سنة، متجوزة وعندها 5 أولاد متعلمة لحد تانية إعدادى وبتشتغل خياطة، هى بتشتكى من إن جوزها عنده ضعف فى الانتصاب، هما حاليا ما بيناموش مع بعض فى سرير واحد بقى لهم سنة، هى اللى مضايقها أوى أنها بتعمل حاجتين فى نفس الوقت، فهى بتتصل بأرقام عشوائية لحد ما يرد عليها راجل وتقعد ترغى معاه بالليل، وكمان فيه واحد بتشوفه بانتظام بيناموا مع بعض،.. بيعملوا كل حاجة ما عدا المعاشرة الجنسية.
د.يحيى: قلت لى بتشتغل خياطة مش كده.. فين يعنى؟
د.عونى: فى ورشة صغيرة تحت البيت، بتشتغل لحسابها.
د.يحيى: هم مستواهم الاجتماعى/المادى عامل إزاى؟
د.عونى: يعنى مش بطال.. هم عندهم سنترال وبيتين مأجرينهم، ومحل حلاقة، على مرتب زوجها ومكسبها من الخياطة، يعنى ماشى الحال.
د.يحيى: جوزها بيشتغل إيه؟
د.عونى: صول فى المرور.
د.يحيى: مرتشى؟
د.عونى: أيوه..، وهى بتقولى بيطلع سفريات للصعيد يقعد يومين أو تلاتة، بيرجع منها بفلوس كتيرة، وبيقول لها دى من اللجان اللى عملناها.
د.يحيى: الراجل اللى بتروح له ده.. متجوز؟
د.عونى: متجوز وعنده 3 أولاد.
د.يحيى: مستواه الاجتماعى إيه راخر؟
د.عونى: زيها تقريبا.
د.يحيى: هو جوزها بطل ينام معها من إمتى؟
د.عونى: المشاكل الجنسية بدأت تجيله من 8 سنين، بقى ينام معاها قليل من 4 سنين بمساعدة فياجرا، ومع كده المعاشرة بقت قليلة جدا آخر 4 سنين لحد ماانعدمت آخر سنة.
د.يحيى: هى عارفة إنك مسيحى؟
د.عونى: أيوه.
د.يحيى: بتحبك؟
د.عونى: أيوه..، شوية.
د.يحيى: إيه المشكلة بقى؟ فين السؤال؟
د.عونى: المشكلة إنى بابقى قاعد فى الجلسة محتاس بجد، مش عارف أعمل إيه؟ كمان هى مؤخرا بقت عنيفة أوى، الشهر اللى فات إتخانقت مرتين فى الشارع، مع ناس كانت حاسة إنهم عارفين هى بتعمل إيه، هم كانوا بيعاكسوها ببساطة… فراحت ضارباهم.
د.يحيى:…..، الخناقتين، كانو رجاله؟
د.عونى: أيوه.
د.يحيى: وضربتهم؟!!!
د.عونى: أيوه، وكمان مؤخرا جوزها جاله انزلاق غضروفى فى ظهره ونايم فى البيت، هى بتقول لى ساعات بابقى عايزة أنزل على دماغه بإيد الهون… أنا لو أضمن إن لو قتلته مش هادخل السجن.. لو حد يضمن لى خطة محكمة ما فيش وراها أدلة… هاقتله.
د.يحيى: هى من مصر هنا؟
د.عونى: لأ من “شمال الصعيد”.
د.يحيى: يعنى هى بتجيلك من “شمال الصعيد” عشان تحضر الجلسة كل أسبوع.. يا بنى ده مشوار ييجى ساعيتن، ده معنى كده إنتو واخدين الحكاية جد، شكرا، هى معاك فى العلاج من إمتى؟ ومنتظمة؟
د.عونى: أكثر من 10 شهور دلوقتى… ومنتظمة جداً.
د.يحيى: عشان تعرف تعالج حالة زى دى لازم يخطر على بالك شوية حاجات أساسية، مثلا الحاجة اللى باكررها عمال على بطال: إن الأسرة كمنظمة إنسانية ما زالت حديثة نسبيا وتقريبا عامله إشكال ما حدش عرف يحله لحد دلوقتى.. حتى الخواجات عملوا شوية محاولات بديلة، وكوميونات،.. وكلام من ده، بس برضه ما لقوش حل حقيقى، أحسن، ولا إحنا لقينا، خلينا نتكلم بصراحة وسيبك من التلصيم، ثم تعالى بقى للعلاقة الجنسية، ودى مسألة شاغلانى خصوصا مؤخرا، وباعيد وأزيد فيها، وبتتطور نظرتى وفروضى بالنسبة لها باستمرار، الحالة بتاعتك دى بتفتح ملفات كتير قوى.
د.عونى: يمكن علشان كده أنا محتاس.
د.يحيى: إنت حاولت تعرف الراجل اللى بتروح له البيت ده بتاخد منه إيه بحقيقى؟ رؤية؟.. علاقة؟….. حماية؟ حب؟ جنس؟ لذة؟ بتاخد إيه فى دول؟
د.عونى: يتهيأ لى كل دول ما عدا الحب.. هى بتقولى “أنا وأنا معاه باحس إنى فى حضن رجل.. مش زى جوزى.. بس أنا ما باحبوش بجد”.
د.يحيى: فى الحالات اللى زى دى المشكلة إنها بتبقى بتدور على علاقة فى حياتها، ممكن تكون فى الحالة دى هى عايزة منك، قصدى من العلاج النفسى، نفس الحكاية، وهى عشان كده منتظمة فى العلاج، مع إنها بتيجى من “شمال الصعيد” كل أسبوع، ثم إنت ما جيبتش سيرة عن ولادها خالص، يا ترى عاملة حسابهم فى اللى بتعمله ده ولا لأه؟
د.عونى: هى بتبقى خايفة جداً وهى رايحة البيت للراجل ده.
د.يحيى: طيب طيب، المعلومات بقت أوضح، ممكن بقى تحدد السؤال أكتر شوية.
د.عونى: أنا آخر جلسة لقيت نفسى بدوّر على الجزء الصغير اللى ممكن تكون مشاركة بيه فى المشكلة، عشان ألاقى حاجة أشتغل فيها معاها، ومابقيتش عارف ده صح ولا غلط.
د.يحيى: اللى انت عملته ده مظبوط، مش إنت عارف الحكاية اللى دايما بارددها من شعرى فى أغوار النفس، “تبقى جريمة عاملها اتنين، كل جريمة عاملها اتنين، ذنب المقتول ذنب القاتل، أصله استسلم”، فإنك تبحث عن دورها، ده مهم جدا، مش بس دورها فى مقابلة الراجل ده، طبعا ده واضح شوية، لأ، دورها فى خيبة جوزها كمان.
****
(انتهى وقت الإشراف، الساعة الثامنة صباحا، بحلول وقت العلاج الجمعى، فطلب المشرف أن يكمل الحالة فى الأسبوع التالى، وقد كان هكذا:…).
……..
د.يحيى: يا للا يا عونى، أظن إحنا اتواعدنا نكمل الحالة بتاعتك الأسبوع اللى فات، إحنا ما كملناش زى ما انت فاكر، أنا لسه عايز أعرف شوية عن أولادها؟
د.عونى: هى عندها ولد، هو الكبير، بتقول هى إنها مش مسئولة عن تربية الأولاد.. وهما دايماً فى خناق مع بعض، وهى دايما فى مشاكل مع الواد الكبير.
د.يحيى: عمره أد إيه؟
د.عونى: 19 سنة تقريبا بيشرب سجاير ومطول شعره وكلام من ده.
د.يحيى: بيتخانق معاها هى بس؟
د.عونى: لأ هو برضه على طول فى خناق مع أبوه.
د.يحيى: هو عامل إيه فى المدرسة؟ ولا بيشتغل؟
د.عونى: مش شاطر فى المدرسة.. هو لسه فى دبلوم تقريبا، وبيشتغل جنب الدراسة.
د.يحيى: أنا آسف يا بنى باقاطعك كتير.. بس الحالة صعبة، ولازم أعرف أكتر عشان أرد.
د.عونى: أنا أخذت المعلومات كلها، بس مش فاكر التفاصيل دلوقتى بالظبط.
د.يحيى: اللى تفتكره قوله.
د.عونى: عشان أخذت المعلومات دى من زمان فى أول العلاج، هى عندها خمسة أولاد 3 كبار و 2 لسه أطفال.. البنتين أصغر من الولد ده على طول وهما متحجبين وعايزين يتنقبوا.. بس هى مش موافقة.
د.يحيى: إذا كان الولد عنده 19 سنة وهو الكبير.. يبقى هى متجوزة بقى لها 20 سنة تقريبا؟
د.عونى: هى متجوزة وهى عندها 16 سنة.. إحنا أول مرة كنا وقفنا وأنا باقول لحضرتك إن أنا إبتديت أدور على الحاجة اللى هى ممكن تكون هى مشاركة بيها فى المشكلة.
د.يحيى: دورها يعنى؟
د.عونى: بالضبط.. وابتديت أحس إن أنا زى ما أكون باكرهها، أو بدور على حاجة تانية عشان أشتغل فيها معاها،..، آخر مرة بعد ما اتعصّبت شوية قالت إنها موافقة إن لها دور بس ما يزيدشى عن 2 % تقريبا من الغلطة دى يعنى.
د.يحيى: هى اللى حددت النسبة دى ولا إنت؟
د.عونى: لا أنا قلتلها حددى.. فقالت لى “قطمة”.
د.يحيى: قالت قطمة….، لو قطمة بطيخة مثلا، وإنت ترجمتها 2%، تبقى البطيخة قد الأوضة دى.. إزاى تترجم قطمة لواحد أو اتنين فى المائة يا شيخ؟
د.عونى: أنا قلت 1 أو 2 فى المائة تقريبا.
د.يحيى: طب لو قطمة تين برشومى، تبقى كام فى المية؟
د.عونى: هى قالت قطمة تورتة.
د.يحيى: على فكرة لو كلامك صح.. وهو صح.. تبقى لغة جيدة إنكم توصلوا للمستوى ده، ده حوار جيد مهما بدا انه نادر
د.عونى: بس ما اعرفتش أعمل إيه بعد كده؟
د.يحيى: برضه ده جيد.. طيب يا بنى.. العلاج النفسى، باقولها.. للمرة الألف هو علاقة إنسانية عادية..، بس “موجّهة”، يعنى يسرى عليها كل ما يسرى على أى علاقة، بس بنزيد عليها كلمة “موجهة” لصالح المريض، بهدف التغلب على توقفه عن حركية الحياة، أو تعثره فيها، أو بهدف إننا نخفف من تعاسته، مش الهدف هو التخلص من أعراضه وخلاص،. مش احنا اتفقنا على كده.!
لما تييجى بتسأل على حاجة فى الإشراف دلوقتى، ولو حتى إشرافك على نفسك بينك وبين نفسك، بيكون خطر على بالك فى اللاشعور أو تحت الشعور إنت متوقع إيه من المشرف، أو من الإجابة على السؤال والسلام، يعنى لو طلعت كذا حاتعمل كيت، ولو طلعت مش عارف إيه حا تتصرف بالطريقة الفلانية، مش كده؟ المسألة ما هياش حب استطلاع وخلاص، الفرق بين حب الاستطلاع والفرجة وبين المقابلة المسئولة الهادفة.. كتير خالص، أظن أنا قلت الحكاية دى قبل كده، لكن ما عنديش مانع أعيدها ميت مرة: حب الاستطلاع ده جيد جداً كبداية، لكن بينضاف عليه بعده مباشرة، سؤال: “إذن ماذا”؟، حب الاستطلاع ده صفة إنسانية ممتازة، لكن هى وبس ما يبقاش علاج،.. والواحد بيقدر يفقس نفسه بسهولة.. حب استطلاع من غير “إذن ماذا”؟ ما يبقاش علاج..، فأنت كنت متوقع وإنت بتسأل، لو وصلنا إن لها دور فى اللى جارى، إنت حاتعمل إيه؟ ولو مالهاش دور، إنت برضه حاتعمل إيه؟.. وبعدين هى لما قالت لك “قطمة”.. إنت رضيت كده واستريحت عشان وصلت للى إنت عايز تعرفه، طيب ما سألتش نفسك: لوطلعت مسئولة يبقى فيه احتمالات إيه، فى العلاج، لو طلعت قطمة، أو قطمتين أو تلاتة، حا تفرق إيه؟
د.عونى: أنا عايز أوضح حتة قطمه دى جت إزاى.. أنا من قبلها وأنا كنت عمال أمهد لها حتة إن انت غلطانة برضه، مهما كان، لأنها فى الأول من بداية العلاج وهى معلقة على كده: أنا مش غلطانة خالص، أنا بريئة فى المسألة دى.
د.يحيى: إمال مين اللى غلطان بقى؟ دى عاملة زى اللى بيسموه التفكير التآمرى.
د.عونى: أنا قعدت ألف وأدور عشان تقر بدورها ولو حاجة صغيرة خالص.. فطلعت منها كلمة “قطمة” دى.
د.يحيى:.. طيب نكمل من هنا، لو هيه حاجة صغيرة، وانت قبلت ده، كنت ناوى تعمل إيه.. هى ماشية مع الراجل، وبتروح له بيته، وقالت اللى قالته، إذن ماذا؟
د.عونى: مش عارف.
د.يحيى: كان فيه نقطة غامضة المرة اللى فاتت.. هى ماشية مع الرجل بس ما بتنامشى معاه..، وهى متجوزة ومخلفة خمسة، مش بنت بنوت يعنى، طب هى خايفة ليه؟!
د.عونى: آه..بيعملوا كل حاجة ما عدا الجنس الكامل.
د.يحيى: ما سألتهاش ليه، وإزاى؟
د.عونى: آه.. هى بتقولى أنا حاسة إنى باسيب الحتة دى، لأن هى دى اللى حاتخلينى أقف قدام ربنا فى الآخرة وأقول له، أنا مش غلطانة.
د.يحيى: يمكن ده تفسير معقول بالنسبة لها،.. لأن لازم اللى وصل لها إن ده فيه جلد، والتانى فيه رجم، يجوز حاجة زى كده، إنت طبعا ما تعرفشى النصوص دى لأنها مش فى دينك، معلشى، طيب: موقف الراجل ده من الحكاية دى إيه يا ترى؟
د.عونى: مش عارف قوى.
د.يحيى: هى بتصلى؟
د.عونى: أيوه بتصلى.. مش بتصلى الخمس صلوات.. هى بتطلع على السطوح تقعد تعيط بالساعات.
د.يحيى: يا ابنى الصلاة عندنا يعنى صلاة مش “دعاء”، الصلاة بالإنجليزى يعنى “دعاء”، وعندكم فى الغالب كده، “الدعاء” بيسموه “صلاة” برضه، إحنا عندنا الدعاء حاجة والصلاة حاجة تانية، بس بندعى جوه الصلاة برضه.
د.عونى: هى كمان مش شايفة إن اللى هى بتعمله ده غلط أوى زى ما تكون رابطة حتة أنا ما باحبوش بقلة الشعور بالذنب، مش متأكد، لكن ده اللى أنا حاسه.
د.يحيى: إنت ماشى مش بطـّـال “إذن ماذا”؟ بس ما استغربتش إن الحب يبقى ذنب، والجنس حتى مش كامل يبقى مش ذنب أو ذنب أقل؟
د.عونى: استغربت، وبدأت أدوّر على دورها فى الحكايات دى كلها؟
د.يحيى: يعنى إنت متصور إنها لو عرفت دورها أكتر فى اللى جارى، ده حايوقف العلاقة، أو حايصلح علاقتها مع جوزها؟
د.عونى: أنا عملت ده من فترة، أنا قلت لها نوقف مقابلة الراجل ده.
د. يحيى: يبقى انت دلوقتى: بتسأل عن إيه بالضبط؟
د.عونى: أنا إتحججت برمضان، وقلت لها نوقف عشان رمضان وكنت عايز بعد ما رمضان ما يخلص، تمتد الحكاية شوية بشوية بعد رمضان كمان.. بس هى أول ما رمضان خلص.. راحت له على طول.. كأنها عايزة تقول لى ما تحاولش توقف العلاقة دى.
د.يحيى: طيب بالله عليك، بتيجى لك ليه بقى؟
د.عونى: هى بتقول: عشان أنا ما ينفعش أكمل عيشتى كده.. أنا عايزة أعيش عيشة نظيفة.. أنا مش عايشة.
د.يحيى: يعنى هى بتقولك بتصرفاتها فى الواقع العملى إنها عايزة تكمل فى العلاقة، وفى نفس الوقت بتحكى بلسانها إنها مش عايزة، وما بتحاولشى بأى جدية إنها توقف أو تسمع كلامك، مش كده؟.. إذن ماذا؟
طيب هانعمل نطة جامدة فى المناقشة دلوقتى،.. لو إنت حطيت شرط إنها لو ما سمعتشى كلامك تبطل تيجى؟ هى حاتعمل إيه؟ أنت بقالك 9 شهور معاها مش كده؟
د.عونى: مش حاسس إن الوقت ده كفاية بحيث يسمح إنى أنا أقول لها ده دلوقتى.
د.يحيى: إمال بعد أد إيه؟ لما يحصل إيه؟ أنا محترم حساباتك لأنك ماشى واحدة واحدة، دا لو وافقنا إنك تقول لها كده من أصله، بس زى ما تكون إنت بتأجل وناوى تقول لها فى وقت بعدين.
د.عونى: ده إحساس، حاسس إن بدرى أقولها بطلى تيجى.. مش عارف.. مش متأكد.
د.يحيى: الإحساس ده ممكن يكون حاجة من اتنين.. يا إما حاجة شخصية حسب منظومتك الخاصة وده ممكن يكون حاجة واقعية جدا لازم نحترمها، لأنك مثلا خايف عليها من الفضيحة، أو خايف العيال يتأذوا مثلا. والطبيب فى بلدنا زى ما اتفقنا هو والد أولا وأخيرا، مش كده ولا إيه، فإنت مش عايزها تتأذى لا هى ولا أولادها، بس ممكن برضه يكون طالع من منظومة أخلاقية أو دينية عامة، إزاى تفرق الموقف ده من احتمال إن يكون الباعث لك فى النهْى، نابع من موقف أخلاقى أو دينى، يعنى إنك مش عايز الناس تهلس، ويمكن برضه فيه بُعد أعمق من كده حتى، من موقف ذاتى أخْفَى، إنك إنت مش قادر تهلس.. إنت فاهم الفرق يابنى..
د.عونى: بصراحة أنا مش مستحرم اللى الست دى بتعمله قوى .
د.يحيى: طيب إنت شخصيا..نرضاه على حدّ يهمك أمره؟
د.عونى: لأ … طبعا .
د.يحيى: ومادام مش مستحرمه.. ما ترضاهوش ليه.. ، إنت يابنى عشان تعرف موقفك الدينى والأخلاقى وتفرق بينه وبين موقفك الشخصى، بتشوف إنت تقدر ولا ما تقدرش، هاتتجاوز ولا حا تحكىّ، خللى بالك، لما بنقرب على الدين والأخلاق، فيه فرق بين القدرة وحقيقة الامتناع والمسئولية، الحكاية بتهرب مننا فى اللا شعور جامد، إحنا بشر غلابة، الحكاية صعب فعلا.
د.عونى: بالضبط.. بس الحكاية حكايتها هى مش أنا.
د.يحيى: يا راجل!!! ما أنا عارف، أنا بانكشك، احنا بندور على رفضك تصرفها، بنشوفه نابع من أنهى منطقة..عندك،. منطقة شخصية ولا منطقة تزمت أخلاقى عام ولا منطقة مهنية موضوعية.. الكلام ده مهم خالص.. مش ثانوى، إذا كان من منطقة شخصية هايبقى فيه تحيز لمنظومتك اللى أنت ما تعرفهاش كلها،.. إذا كان موقف مهنى موضوعى يبقى احتمال إنك عايز تحمى مريضتك، لأنها جت لك وبتثق فيك.. إنت طبيب راعى ووالد وخبير فى نفس الوقت.
د.عونى: أنا فاهم بس أنا باقول لحضرتك هو الموضوعية فى موقف زى ده أقيسها إزاى؟
د.يحيى: زى أى علاج… مش إنت من ضمن مهامك بالنسبة لأى مريض إنك تمنع المضاعفات برضه، مش فيه هنا خطر واستسهال وتخلى، حسب تقديرك إنت زى ما هو باين.
د.عونى: أيوه..
د.يحيى: هى بتيجى وبتروح المشوار ده كله أربع ساعات سفر رايح جاى، وبالانتظام ده ليه، مش عشان عيانة..، لازم هى شايفة الخطر والضرر برضه زى ما انت شايفه.
د.عونى: أنا مش لاقى أى حل تانى عشان أشيل الغلط ده.
د.يحيى: أديك قلت غلط، مع إنى أنا باتكلم عن “الخطر”، و”الضرر”، إستعمال الكلمات له دلالة، فى الغالب إنت بتسميه غلط من منطلق أخلاقى حسب منظومتك الشخصية، ولا إنت قصدك غلط موضوعى بحسابات مهنتك، واخد بالك من الفرق، إنت خايف من إيه؟ خايف عليها.. ولا على قيمك؟
د.عونى: خايف تفضل كده.
د.يحيى: ما تفضل.. ماهى مبسوطة.. عندها نقص هنا.. عوضته هناك، وخلاص.
د.عونى: ماكانتش جت .
د.يحيى: عندك حق، دا جواب كويس، بس يمكن جت لك تستعملك يا أخى،.. الناس دول ساعات بييجوا عايزين إمضاء من سلطة ما، والإمضا مش ضرورى بالموافقة الصريحة، ممكن من جواها قالت: يا بت تبقى خدتى موافقة ضمنية..إنك عيانة وإن ابوكى – اللى هوا إنتَ – عرف وساكت،.. الطبيب والد زى ما اتفقنا، وهى كده يمكن بتستعملك والد أعجز من إنك إنت تحوشها.. والد خايب يعنى،.. شفت قد إيه شغلتنا صعبة.
د.عونى: يعنى أعمل إيه؟
د.يحيى: بصراحة أنا مش عارف أعمل إيه لو أنا فى مكانك؟ كده مسئولية، وكده مسئولية، طول ما هى بتيجى، أنا غالبا باسيب الناس دول يعملوا اللى هما عايزينه، لحد ما تتطمن وتثق فى اللى احنا بنعمله إنه لصالحها أولا، ولصالح الباقيين اللى يهموها غالبا، يعنى لحد العلاقة العلاجية ما تبقى متينه كفاية، ولها قيمة عندهم، وبعدين أقول لهم يا أنا، يا تتحملوا المسئولية لوحدكم،.. مادام إنتِ مستمرة وده بيرضيكى، يبقى فين المرض بقى،.. يبقى أنا لازمتى إيه، وباخد بالى مش من الكلام اللى بتقوله فى العلاج وخلاص، لأ بنقيسها سوا هى بتعمل إيه فى نفس الوقت، شهر اتنين خمسة ماشى، إنما على طول يتهيأ لى تبقى الحكاية عايزة وقفة. وإلا يمكن تكون هى بتستعملك لحاجات إنت مش واخد بالك منها.
د.عونى: أنا عايز أقول لحضرتك حاجة بس.. أنا برضه مش متأكد دى الصورة الحقيقية ولا هى مبالغة شوية.. الصورة اللى بتوصلها لى عن جوزها إنه رجل بشع.. بكل معنى الكلمة.
د.يحيى: هى بصراحة هى الصورة اللى وصلتنى منك برضه، إنت فاكر أول ما قلت لى صول ومش عارف إيه قلت لك إيه؟ إحنا لازم نحترم كلامها بشكل ما، الستات لما يقولوا كلام زى كده بحرقة، بتكون وراه حقيقة بشكل ما، أنا محترم موقف حيرتك ده بصراحة.
د. عونى: بس فى نفس الوقت أنا عايز أكمل لحضرتك، كلامها: فى مرة تانية كانت بتقولى.. “أى واحدة عاقلة ما تسيبش جوزى ده”.
د.يحيى: الله يخرب بيتك، إنت حاتلخبطنا ليه؟ إحنا ما صدقنا شفنا إنه غتيت، يمكن قصدها أى ست ما تسيبوش بالمعنى العادى، يعنى الرجل عيبه جيبه…، مسئول والسلام، بيصرف عليها، وكلام من ده، بس برضه غتيت.
د.عونى: يمكن.
د.يحيى: أنا باتكلم على العلاقة اللى هى بعد البنية الأساسية، يعنى المصاريف والمجاملات، بس بعد كده الراجل راجل: يعنى راجل مإلى عين الست، قادر جنسياً…وبيحترمها وبيرعاها، ولا إيه؟!
د.عونى: بصراحة هو ما عندوش أى حاجة من دى، أنا قلت فى الأول إنه ما بينامش معاها.
د.يحيى: يمكن هى اللى رافضة؟!
د.عونى: آه، يمكن…
د.يحيى: طيب فيه هنا بُعد جديد أهه، مش يمكن المشكلة عندها برضه فى الحتة دى، يعنى هى قد إيه مسئولة زى ما قلنا فى الأول عن اللى حصل بينها وبين جوزها، حتى فى الجنس؟
د.عونى: ما هو ده اللى كنت باسأل عليه برضه.
د.يحيى: الـبحث عن طبيعة الحوار الجنسى أثناء العلاج النفسى شديد الأهمية، لكنه أصعب من البحث فى الحوار العادى، وفى المشاكل المادية،.. الناس العاديين اللى ما بيعرفوش يعبروا عارفين بالممارسة يعنى إيه حوار جنسى، وده كلام غالبا ما يتوصفشى بالألفاظ، ثم إن خبرة المعالج الشخصية يمكن –أو غالبا– بتكون ناقصة، الست ساعات ما تاخذش فى بالها مدة، وبعدين تبتدى تنتبه، فترفض.. ساعات ده يحصل بعد الولادة.. ساعات بعد خناقة تعرى جوزها قدامها، حاجة جواها تنط تقول: “لأ مش ده”، “لأ مش كده”! يبتدى الرفض، هو يحس بالرفض ده على أى مستوى، يعجز، ونخش فى حلقة مفرغة، وعينك ما تشوف إلا البلاوى المسيـّـحة، الحكاية صعبة شويتين، وأحسن حاجة إن إحنا نحط احتمالات، أكتر من إننا نصدر أحكام.
الحالة صعبة جداً يا بنى.. فيه موقف أخلاقى، وفيه معلومات ناقصة، الحالة عايزه هدوء وصبر، لازم ترجع للكلمة اللى قالتها دى مثلا ” أى ست عاقلة ما تسيبشى جوزى ده”، وسيبك من كل اللى إحنا قلناه، مش يمكن تلاقى حاجة تانية؟
الخلاصة إن العلاج النفسى بيدّى بديل مؤقت يسمح لك تشوف أكتر فى أكتر، ويسمح للعيان إنه يعيد النظر فى أحكامه السابقة، مش معنى مسألة إن الطبيب والد إنه يمسك عصاية الحلال والحرام، وهات يا أحكام، المسألة هى الرعاية والمسئولية، وإعطاء الفرصة لاكتساب الثقة لإعادة النظر، وبعد كده كل مرحلة تتحسب بنقلة العلاقات، ونوعها فى كل مرحلة، وبحاجات كتير قوى زى ما انت عارف.
إنت عرضت الحالة بأمانة شديدة، خصوصا حيرتك، ورفضك، وقبولك وصبرك.
شكرا، وربنا معاك، كمّل يا ابنى يمكن تحصل حاجات كويسة مش على بالنا.
****
التعقيب والحوار:
د. محمود حجازى:
وصلنى أن الفرق بين الموقف العلاجى والموقف الشخصى الأخلاقى لا يكون واضحا تماما كما ظهر فى عرض الحالة إلا من خلال المناقشة مع مشرف كبير،……، أو فى مراحل متقدمة من الممارسة مع وجود مراجعة دائمة من خلال المعالج لمسيرته وطريقته فى العلاج.
د. يحيى:
هذا صحيح ما أمكن، ثم إن مشكلة الأخلاق، هى مشكلة لم تحل تماما، ألم يعتبر دبليو بوش نفسه حامى حمى الأخلاق وممثل الخير عبر العالم، ألم يصنف كل من خالف فكره، ولم يخنع لتهديد سلاحه شريرا، وأدخله فى “محور الشر” اللى هوّا رسم حدوده، بالنسبة لنا احنا أغلب من الغلب، خاصة بعد أن تحكم فى مسألة الأخلاق من لا يشتغل مع نفسه وربه بالقدر الكافى.
الوقت ضرورى فعلا قبل أن نتصور أننا نستطيع أن نميز الموقف الشخصى من الموقف الأخلاقى من الموقف العلاجى، ناهيك عن أن نلتزم ظاهرا وباطنا بالموقف العلاجى المهنى، المسألة مش سهلة خالص عندك حق.
أ. زكريا عبد الحميد:
الحالة ذكرتنى بما سمعته من أعوام قريبة فى إذاعة لندن (ال بى.بى. سى)، عن كيف أن 40 فى المئة من المصريين فوق سن ال40 يعانون من مشاكل صحية (الرجال تحديدا) فيما يخص المسألة الجنسية.
د. يحيى:
أنا لا أثق فى هذه الأرقام الجامعة اللامعة، بدون تفاصيل، مصدرها ومنهجها، النِّسْبة قد تكون أكثر، وقد تكون أقل، وأحذِّر دائما من أن نستقى معلوماتنا عنا من وسائل الإعلام حتى لو كانت الـ BBC، وبينى وبينك، أنا لا أثق أيضا فى أرقام ما يسمى البحوث الانتشارية عندنا، فالعينة غالبا غير مُمِثِّلَة، والأسئلة مباشرة سطحية، فمن أين تأتى المصداقية؟
د. نعمات على:
بصراحة أنا عندى نفس المشكلة، عندى عيانة لها نفس المشكلة تقريبا، ولما عرضتها على حضرتك قلت لى نفس الكلام تقريبا، ففكرت فى موقفى الشخصى والأخلاقى وتعجبت من تقبلى لما تفعل، ولكن مع الوقت اكتشفت أن التقبـّل لابد أن يكون مشروطا بعدد من الجلسات، نقف بعدها وقفة مع المريض أو المريضة، ونعيد التعاقد ثانية على شروط جديدة، بس أهم حاجة تكون العلاقة بين المريض وبين المعالج فيها ما يكفى من صراحة، وأن تشعر المريضة بأن المعالج يشعر بالأحاسيس الخاصة بها.
د. يحيى:
صحيح، لكن المسألة مش عدد الجلسات بقدر ما هى توثيق العلاقة.
أ. محمد إسماعيل:
إمتى أعرف إن ده موقف أخلاقى مش موقف مهنى علاجى؟ وليه ده مايبقاش موقفى شخصيا، هو مش كل معالج بيعالج بوجوده وباللى عنده زى ماقلت لنا؟
د. يحيى:
أظن أن الرد الآن لم يحسم هذا الأمر بشكل جازم، وقد أوصى المشرف بالاستعانة بكل مستويات الإشراف، كما أكد على أن تكون مهمة المعالج هى العلاج، بمعنى فك الإعاقة، وحفز النمو، ويا حبذا منع النكسة، وهى مهمة تختلف عن مهمة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التى يقوم بها غيره بكفاءة على مسئوليته.
أما أن المعالج بيعالج “بوجوده”، فهذا صحيح، لكننى لمحت سؤالا لم تسأله أنت، لكنه خطر على بإلى من خلال تساؤلاتك، وهو : ماذا يكون الموقف لو أن منظومة المعالج شخصيا تسمح بمثل هذه التصرفات وتعتبرها أخلاقا متينة وتمام التمام؟
أنا لا أريد أن أرد على سؤال طرحته أنا، لكن لنتذكر معا أنه سواء كان المعالج متزمتا، أو منطلقا، فكلاهما موقف شخصى، والنهى عن تداخل الموقف الشخصى مع الموقف المهنى يسرى على الإثنين، وحكاية بيعالج بوجوده، لا تعنى أن نفتح الباب على مصراعيه لتأثير وجوده هذا مهما كان نوع وجوده، هناك عوامل كثيرة جدا تشكل هذا الوجود الذى لا يصح أن يقتصرعلى موقفه الشخصى كفرد، من ضمنها الثقافة الخاصة والعامة، واللحظة التاريخية، والبعد الطولى لما يترتب على احتمال الخلط بين مستويات المواقف وبعضها،..إلخ.
أ. محمد إسماعيل:
متى يمكن أن أرجع فى الشروط اللى حاططها لعيان علشان يكمل؟ يعنى هو لو ما عملش إيه ممكن أرجع فى الشروط؟
وبالنسبة لليومية وصلتنى بس برضه العنوان مختصر.
د. يحيى:
المهم أنها وصلتك، أما العنوان، فلا بد أن يكون مختصرا، إن ما يعيب أى عنوان عادة هو طوله لا إيجازه.
ثم نرجع لحكاية متى أرجع فى الشروط…إلخ؟ والإجابة، كما تعرفها غالبا، هى أن المسألة شديدة المرونة، وتختلف من حالة لحالة، ومن معالج لمعالج، وكثيرا ما يعجز المعالج عن تحديد وقت بذاته لإعادة النظر فى الشروط، وفى هذه الحالة يكون للإشراف دور مفيد جدا، لكن يظل المعالج مسئولا أولا، والقياس بصفة عامة هو بمدى الضرر، وحجم المضاعفات، وسوء استعمال العلاج لأغراض غير علاجية (تبريرية مثلا)، وكل هذا متروك لخبرة المعالج ومهارته (مع الإشراف ما أتيح ذلك).
أ. إسراء فاروق:
حاسة إنى عندى صعوبة فى إنى أفصل فصل حقيقى بين موقفى العلاجى وموقفى الشخصى فى كثير من الأحيان.. وبصراحة لما باحاول أعمل كده باحس بلخبطة، وباحس إن اللخبطة دى واصلة للعيان.. ومش عارفة أعمل إيه؟
د. يحيى:
أشكرك على هذه الأمانة، وأرجوك أن تقبلى فكرة أن تصل لخبطتك للمريض، بدون أن تصرّحى بها لأن المريض يقبل منا ذلك، بشرط ألا يكون اهتزازا أو ربكة، اللخبطة بمعنى الحيرة الأمينة يشاركنا فيها المريض، وكثيرا ما يسهم فى حلها معنا.
ثم إن محاولاتك الواعية شىء طيب، لكنها ليست كل ما هناك، فأنت ما دمت مستمرة فى التدريب والعلاج فالنمو، وتحاولين على كل المستويات التى تعرفينها عن نفسك، والتى لا تعرفينها، فإن هذا هو المهم، الاستمرار والأمانة والوعى والآخرين (الإشراف والمريض) جديرة بأن تشحذ خبرتك كل يوم أكثر فأكثر.
أ. إسراء فاروق:
أنا يا د. يحيى فى الحالة دى بدوّر على موقفى كمعالج مش عارفة ألاقيه، فى حين أن موقفى الشخصى حاضر فى ذهنى كويس.. وده بيخلينى قلقانة؟
د. يحيى:
بينى وبينك، وليس فينا من زعل، لا أحد منا يعرف موقفه الشخصى الحقيقى، إننا نعرف ما نسمح لأنفسنا أن نعرفه، (حاضر فى ذهنى!!) وهذا هو غاية الممكن، أما ما نتطور إليه ونحن نتعلم، وهو موقف شخصى أيضا قد يكون كامنا فينا من الآن، فهو أمر آخر،
أرجوا ألا أكون قد زدتك قلقا، لكن دعينا نعترف بصعوبة المسألة، وفى نفس الوقت ضرورة المحاولة والاستمرار.
أ. هالة حمدى:
وصلنى من النشرة أنى كنت حابقى قلقانة من مسألة الوقت اللى أنا باقعده معها (المريضة) من غير ما أغير أى شىء، وكنت برضه مش عارفة هاتصرف إزاى؟ وساعتها كنت حاعمل برأى حضرتك فى إنى أستنى لحد ما يكون فيه علاقة جامدة بينى وبينها، وساعتها حادّيها حرية الاختيار ما بين إنها تسمح لى بمساعدتها بالشروط اللى وصلنالها أو إنها ما تجيش لىّ تانى.
د. يحيى:
هذا تقريبا هو ما جاء فى المناقشة، ومعظم التعقيبات.
أ. هالة حمدى:
فيه حاجة كده انتبهت لها، وهى إن المريضة فعلا ممكن تكون مستعملة د. عونى علشان تتحط تحت بند إنها مريضة، وده يمكن يسندها قدام نفسها أو ممكن يحميها فى وقت الخطر (الفضحية)؟
د. يحيى:
عندك حق، وقد أشرنا إلى أن بعض ذلك الخطر الذى قد يأتى من داخلها مثلما يأتى من خارجها.
د. مدحت منصور:
أنت تقول للمعالج :
” إنت يابنى عشان تعرف موقفك الدينى والأخلاقى بتشوف إنت تقدر ولا ما تقدرش، حاتتجاوز ولا حاتحكىّ، خللى بالك، لما بنقرب على الدين والأخلاق، فيه فرق بين القدرة وحقيقة الامتناع والمسئولية، الحكاية بتهرب مننا فى اللاشعور جامد، إحنا بشر غلابة، الحكاية صعب فعلا.”
أرجو من حضرتك تفهمنى أكثر أنا بأحاول أفهم بس محتاج شوية توضيح.
د. يحيى:
على ما أذكر، كان ذلك ردا على المعالج وهو يقول أنه شخصيا موافق على ما تفعله هذه السيدة من الناحية الأخلاقية، أو شىء من هذا القبيل، كنت أريد أن أنبهه أن موافقته هذه لم تُختبر، وأن المريضة لم تحضر فقط، أو غالبا، لطلب هذه الموافقة المشكوك فيها، ودور الإشراف هنا شديد الأهمية لأنه يوضح للمعالج مالا يستطيع أن يكتشفه بنفسه خاصة فى البداية.
ثم إنه لا ينبغى أن نقيس موافقتنا من عدمها إلا بمصلحة المريض، واختياراته ومسئوليته معاً.
د. مدحت منصور:
أخيرا مشكلتى أنا بعد إذن حضرتك لما تركت منظومة الدين والأخلاق فى تقييم الناس والنظر من خلالها وحملتها داخلى فى نفس الوقت حصل إنى ما قدرتش أرفض حد عشان خطيئته، وفى نفس الوقت احترت هو الناس بتعمل كده ليه؟ وفيه قصص مشابهة لقصة الست دى وفى نفس الوقت بقول فيه سبب أو أسباب أو حتى مبررات إنهم يعملوا كده وفيه ناس يمكن التمست لهم أعذار واتهمت نفسى اتهامات أبسطها إنى شيطان أخرس وأقصاها… حاجات مش ولا بد, أنا الحقيقة مش هاممنى الاتهامات قوى بس مش عارف أعمل إيه.. حقيقى محتار.
د. يحيى:
بصراحة وصلتنى أمانتك، وأرجو أن نقرّ معا أن المسألة –فعلا- ليست سهلة، ويمكن أن ترجع إلى مشكلة الأخلاق وكيف تناولناها، دون الوصول – طبعا – إلى حل حاسم.
د. محمد الشاذلى:
أذكر دوماً سؤالك يا سيدى عندما نعرض عليك حالة أثناء الإشراف..
“هل ترضى لهذه المريضة ما ترضاه لأختك أو أمك؟!”
“هل أنت مشغول بهذه المريضة كانشغالك بابنتك؟!”
هذه كانت البداية لى، حين كنت أعجز وأتوتر حين أرى موقفى الشخصى يطرح نفسه بقوه أثناء العلاج، حينها أسأل نفسى ذلك السؤال “يا ترى ماذا يكون موقفى لو كانت هذه هى أختى أو إبنتى؟! أو ماذا سأقدم لأخى أو أبى لو كان فى هذا الموقف؟!”
حين بدأت أرى ذلك وأستعمله، زادت الرؤية وضوحاً، – على عكس ما كنت أتوقع – فهذا هو أنا، أعالج بما هو “أنا”.. هذا البنى آدم فى مقابل هذا البنى آدم..
المعالج الناضج مثل الأب الناضج الذى يسمح لأبنائه بالنمو وبالاختلاف عنه ويظل هو الأب / المعالج الذى يشارك الرؤيه ويدفع أو يمنع..
أظن أن هذا الموقف – بما يحمله من ثقل إنسانى وآدمى ليس بالقليل – يصل للمريض بشكل مباشر أو غير مباشر، وأظنه يحتاج لمعالج إنسان له لون وطعم يعرف، ويعترف، ويحاول.
د. يحيى:
هذه رسالة طيبة ، تطمئننى على بعض ما أريد توصيله.
لكننى أذكرك يا محمد أنها صعبة صعبة صعبة، إذا أردنا الأمانة مع أنفسنا، ولابد من أن نتذكر فى نفس الوقت الاختلافات الثقافية العامة والفرعية، والاختلافات الفردية، وأن ما هو أنا، وعائلتى، غير ما هو هذه المريضة أو ذلك المريض لو سمحت.
أ. عبير محمد رجب:
الفرق بين الموقف العلاجى والموقف الشخصى غير واضح بالنسبة لى، ولا أستطيع فعل ذلك مع المريض إلا إذا كنت لا أحب هذا المريض ونافرة منه، وقتها لابد لى من هذا الفصل، إلى حد ما، حتى أستطيع استكمال العلاج معه.
د. يحيى:
هى مسألة صعبة فعلا، وتكاد تكون مستحيلة بمعناها المطلق،
لكن المقصود هو ألا نصدر النصائح والآراء والأحكام التى تتطلبها حالة المريض، من موقع الموقف الأخلاقى أو الدينى أو الأيديولوجى الخاص بالمعالج شعوريا أو لاشعوريا، هذا من أصعب ما يمكن، أيضا، ماذا نفعل ونحن اخترنا مهنة بهذه الصعوبة؟
د. محمد شحاته فرغلى:
بالرغم من وضوح التباين فى هذه الحالة، إلا أننى بصورة عامة فى الممارسة، أجد صعوبة فى الجمع بين ضرورة الفصل بين الموقف العلاجى والموقف الشخصى، وبين تأكيدك المستمر لنا على أن نعالج المريض “بما هو نحن” من خلال مجتمعنا وبيئتنا، وتزداد الصعوبة أكثر مع سؤالك المتكرر لو كانت هذه المريضة إبنتك أو أختك فما هو قرارك فى هذه الحالة.
د. يحيى:
عندك حق، برجاء الرجوع إلى ردى على عبير حالا، وأيضا تعقيب د.الشاذلى وموافقتى عليه، إلى أن أجد الفرصة والوقت لشرح أكثر تفصيلاً،
عذراً.
الحالة: (25)
الذات: البيت
الرعد من الخارج إلى الداخل، وبالعكس([16])
د.الشافعى: هى عيانة عندها 37 سنة، وعندها ولد وبنت، 11 و 9 سنين، حضرتك حولتها لى من أربع شهور تقريباً.
د.يحيى: أيوه، خير ان شالله؟
د.الشافعى: هى معاها بكالوريوس صيدلة لكن مابتشتغلش، ربة منزل يعنى، حضرتك حولتها لى من أربع شهور، كانت الشكوى الأساسية ساعتها إن هى بيجيلها خوف فظيع، رعب، لما يكون فيه برق ورعد، أو لما ينزل مطر جامد، وكانت بقالها تقريباً على الحالة ديه عشر شهور قبل ماتيجى، حضرتك حولتها فى الأول وكتبت “تؤجل الأدوية حاليا”، كانت واخدة أدوية لما شبعت وما فيش فايدة، فى البداية الأمور كانت صعبة، فأنا إديتها دوا بعد استئذان حضرتك، بدأت الدنيا تهدى شوية.
د.يحيى: بس دلوقتى، قصدى اليومين دول، لا فيه مطرة ولا فيه رعد ولا برق؟
د.الشافعى: أيوه، بس الأمور بانت إنها مش بس كده، دى عندها رهابات متعددة من كل حاجة تقريبا. عموما: كل ده إبتدا يهدى من ناحية الأعراض، لكن مع الشغل معاها ظهر إن فيه مشكلة فى علاقتها بجوزها جامدة شويتين، وبرضه فيه حكايات ومشكلات فى علاقتها بأمها.
د.يحيى: إيه دى وإيه دى؟
د.الشافعى: نمسك حكايتها مع أمها الأول، كانت وهى صغيرة كانت دايماً أمها سايباها، كانت بتشتغل ومشغولة عنها خالص، ولحد دلوقتى بعد ماكبرت برضه، زى ما يكون ما لهاش دعوة بيها، لا هى حاسة بمرضها، ولا بيها كلها، ولا حاجة.
د.يحيى: طيب وجوزها؟
د.الشافعى: جوزها راخر مشغول جدا طول الوقت، هو عنده شركة تجارية ومش فاضيلها، ومشغول طول الوقت، ومستريح إنها بتتعالج، زى ما يكون حد قام عنه بالواجب، وخلاص.
د.يحيى: يعنى هوه معترف إنها عيانة، وعايزة علاج، ولا شارى دماغه وخلاص وانت؟، ما حاولتش تحرك فيه أى حاجة فى الاتجاه ده؟
د.الشافعى: بصراحة هو يعنى جوزها أى تحريك له صعب جدا، يعنى دايما يقول إنه مش فاضى، وبيصرح ساعات إن اللى هى بتعمله ده مجرد نوع من التفاعلات العادية، وإنه مش فاضى علشان يقعد جنبها ويطبطب عليها، لأنه لازم يشقى علشان يعرف يأكلها هى والعيال.
د.يحيى: وأمها؟
د.الشافعى: أمها متمركزة حوالين نفسها، وعندها مشاكلها، هى إتجوزت بعد وفاة والدها جوازة قصيره كده، كام شهر واتطلقت.
د.يحيى: اتجوزت بعد الوفاة بقد إيه؟
د.الشافعى: بعد وفاة والد العيانة بكتير، بخمس سنين مثلاً، يعنى بعد ما طلعت على المعاش، يعنى فضلت مكملة شغل لحد ماطلعت على المعاش لقت نفسها وحيدة، إتجوزت كده كام شهر، وبعد كده إطلقت.
د.يحيى: ودا أثرعلى بنتها إزاى؟
د.الشافعى: ما فرقتشى، المهم إحنا وصلنا دلوقتى فى العلاج لمرحله مش حلوة، المخاوف رجعت، وساعات بتزيد قوى لدرجة مابتستحملهاش، وبيترتب على ده قلق لأسرتها كلها.
د.يحيى: هى بتييجى جلسات العلاج بانتظام؟
د.الشافعى: هى بشكل عام كانت منتظمة خالص طول الأربع شهور دول، بس الأمور طالعة نازلة، وفجأة قالت لى إنها ماعديتش تستحمل أكتر من كده، وإنها مش حا تقدر تكمل علاج، عشان باين مافيش أمل خلاص إنها تتعالج، وإنها الظاهر حاتفضل كده بالصورة دى، وخلاص.
د.يحيى: وموقف الأهل من ده إيه؟
د.الشافعى: بصراحة هو جوزها شايف إنها بمجرد ما بتروح لدكتور وبتقعد تتكلم معاه، باين ده عمل يعنى حاجة، يعنى حصل فيه فرق شويه، هو كان فى الأول معارض إنها تروح لطبيب نفسى يعنى وبيقول لها ده شوية دلع ومش لاقية حاجة تعمليها، فتروحى نازلة رايحة لدكاترة، بعد شوية بقى هو اللى بيضغط عليها، وهو اللى بيجيبها فى الميعاد ويستناها طول وقت الجلسه قاعد فى العربية فى الشارع لغاية ماتخلص، يروح مرجعها البيت، أظن ده معناه إنه هو حاسس إن الدنيا متحسنه شوية.
د.يحيى: السؤال بقى؟
د.الشافعى: السؤال أنا مش عارف أعمل إيه بقى؟ مش عارف أكمل إزاى؟
د.يحيى: هى مش عايزة تيجى زى ما بتقول، حاتكمل إيه بقى؟
د.الشافعى: هى مش رافضة من الناحية العملية، هى بس بتصرح لى باللى هى حاسة بيه، يعنى بتقول مثلا ” خلاص، كده كفاية”، لكن بتييجى.
د.يحيى: بيبقى واقع الحال بيقول إن فيه علاقة علاجية؟
د.الشافعى: أيوه، فيه علاقة كويسة.
د.يحيى: أصل إنذارات الانقطاع، غير الكلام فى الانقطاع، غير الانقطاع الخايب، وكل ده غير الانقطاع بدون إنذار أصلا، يعنى فيه واحد مش عايز ييجى، يقوم مايجيش من سكات، زى مايكون يقولك: هيه! أنا كويس جداًّ، أنا خفيت، سلاموا عليكوا، وإنت تبقى حاسس إنه هوه زى ما هو، أو يكون يئس منك ومكسوف يقول لك، لكن لما واحد بيكون بييجى، وبانتظام، وبيقول أنا مش عايز، ده بيبقى أحسن، يبقى العلاقة فيها حركة ومصارحة، ممكن نعمل حاجة، يعنى لحد دلوقتى أنا مش شايف إن فيه حاجة تهدد استمرار العلاج، أنا شايف إن مشاعرها تجاهك، وتجاه العلاج إيجابية من واقع اللى حاصل.
د.الشافعى: أنا مش باسأل عن مشاعرها فى حد ذاتها يادكتور يحيى، أنا باسأل عن الشغل معاها نفسه، أنا بسأل إنى بقيت مش عارف أتحرك خلاص، زى ما يكون وصلنا لمرحلة وقفة كده رخمة، محلك سر.
د.يحيى: أنا مش قصدى مشاعرها يعنى عواطفها، أنا قصدى تطور العلاقة، والتعاقدان التحتية، إنت قلت إنها ما بتشتغلشى، مش كده؟
د.الشافعى: أيوه، هى مابتشتغلش، هى معاها بكالوريوس، بس مابتشتغلش.
د.يحيى: مابتشتغلشى ليه؟
د.الشافعى: هى متجوزه بقالها 13 سنة، إشتغلت فى أول الجواز 3 سنين وبعد كده قعدت فى البيت.
د.يحيى: مافيش احتمال إنها تشتغل من أول وجديد؟
د.الشافعى: أنا حاولت أزق فى ده عشان العيال كبروا، وما عادوش عايزينها قوى قاعدة طول الوقت فى البيت.
د.يحيى: بصراحة فيه شغلانة للجماعة دول أنا ما باحبهاش، إنما أهو خروج، وناس، وكلام من ده، قصدى شغلة مندوب دعاية للأدوية،هى البكالوريوس بتاعها صيدلة، يسمح بده، صحيح هى شغلانة كلها اغتراب وسخف، وبيقعدوا يكرروا كلمتين زى الإسطوانة المشروخة، إنما برضه مساء الخير، مساء النور، الدوا دا ما اعرفشى إيه، والدوا ده أحسن من الدوا دكهه، وكلام من ده أنا علاقتى بالناس دول صعبة، همّه بيصعبوا علىّ لما بيمرّوا علىّ، فباقعد أهزر معاهم وهم عارفين كويس إنى ما باسمعشى كلامهم من أصله، إنما فيه علاقة، فيها ناس، خروج ودخول، والسلام.
د.الشافعى: أنا مش متأكد، لكن هى بتتعلل بظروف أولادها ومكان سكنها، وحاجات كده.
د.يحيى: أنا مش عارف، يعنى هى اللى مش عايزة تشتغل؟
د.الشافعى: تقريبا، عموما أنا حاولت أديلها شوية واجبات فى البيت، وكراسات وتلخيص، وحاجات كده عشان أشوف الالتزام، وعشان تحرك مخها شويه بعيد عن التركيز على المشاكل والأعراض.
د.يحيى: طب ما هو ده كويس، السؤال إيه بقى؟
د.الشافعى: بصراحة أنا مش عارف أعمل إيه تانى يادكتور يحيى.
د.يحيى: ما انت عملت كل حاجة معاها أهه، حاتعمل إيه تانى؟
د.الشافعى: ما هو لسه الأعراض نشطة.
د.يحيى: أعراض نشطه يعنى إيه؟
د.الشافعى: هى فى الشتا تحديداً، فى الوقت اللى يحصل فيه مطر أو برق أو رعد بتتخض جداً، وتقوم واخده العيال وتنزل تجرى فى الشارع.
د.يحيى: بس إنت ما قلتلناش كده من الأول، ماجبتش سيرة عن الجرى فى الشارع ده بالصورة دى.
د.الشافعى: أنا عايز أقول لحضرتك حاجه كمان، أصل الأعراض ديه بتحصلها لما تكون فى شقتها هى بس، لو فى بيت أمها أو فى بيت حماتها ما بتحصلش، حتى لو هى فى الشارع ما بتحصلشى، يعنى مابتحصلش إلا فى شقتها بس.
د.يحيى: لا، لا،لا، دى تبقى عايزه شغل تانى، وفهم تانى، دى رهابات موقفية محددة لها دلالة، يعنى تبقى شقتها، شقة جوزها ده بالذات، هى اللى بتقلب الهوا رعد، وبتخلى المطرة طوفان، زى ما تكون بتحرك الرعد اللى جواها، زى ما تكون أرضها الداخلية وهى جوّه الشقة بالذات بتغلى برغم سكون السطح، تييجى أى هزة براها، من الطبيعة، تروح مسمّعة جواها، وهات يا خوف، ثم هى بتنزل جرى فى الشارع، وكإن الشارع أأمن من البيت، واخد بالك؟ مع إن المفروض العكس، إنها تجرى من الشارع تحتمى بالبيت، يبقى لازم تعيد ترتيب أوراقك وتشتغل فى المنطفة دى.
د.الشافعى: أنا فعلا حاسس إن الموضوع له علاقة بجوزها وبعلاقتها القديمة بأمها اللى يمكن اتنقلت معاها لما اتجوزت.
د.يحيى: على فكرة ساعات الشقة، وساعات العربية، تبقى امتداد للذات بشكل أو بآخر، الجسد بتاعنا ده بيت، ساعات بيبقى هو والبيت اللى إحنا ساكنين فيه، وبرضه العربية، ساعات لما يبقى الفانوس اليمين الورانى مخدوش أو مكسور، وانت راكب العربية تبقى عايز تمد إيدك تهرش فى الخدش، الحكاية بقت عايزة دراسة تانية بهدوء، الشقة عند الست عموما، خصوصا الست اللى ما بتشتغلشى، بتبقى امتداد للذات من غير ما نعرف، بس أنا مستغرب ليه ما بتجيش المخاوف فى شقة أمها مع إنك بتقول إن الإهمال واحد، وإن فيه امتداد لعلاقتها بأمها، يمكن كان عندها أمل إن انتقالها لشقة جوزها حا يديها أمان واهتمام غير شقة امها وهى صغيرة، ويمكن هى خدت – نتيجة لطول المدة – إن الاهتزاز الداخلى أمام إهمال أمها ثبت إنه مش خطر بمرور الزمن، لكن باين الجواز، وبيت الزوجية، لا عمل أمان غير اللى كان عند أمها، ولا عمل حاجة أحسن منه، زى ما يكون الرعد بيهز السقف الهش اللى ما قدرشى يغطيها، لما انتقلت لبيت جوزها لقت السقف فوقها مخوخ أكتر، مافيش حماية، مافيش رعاية، دا يمكن مافيش رؤية من أصله، يبقى المطر ممكن يغرقها من شقوق السقف الخايب ده، دا غير الرعد اللى جواها اللى بيتحرك زى ما قلنا مع الرعد اللى براها، المسألة عايزة دراسة تفصيلية شوية، بس إوعى تاخد كلامى ده قضية مسلمة، أو تقوله لها بطريقة مباشرة، إنت ترجع تفحص علاقتها بجوزها من كل ناحية، سيبك من حكاية الشغل بتاع جوزها وانشغاله ده، هو الوقت مهم صحيح، لكن ساعات الأمان بيوصل فى نص ساعة، وساعات ما يوصلشى لو هو قاعد فى البيت أربعة وعشرين ساعة، لازم تفحص المنطقة دى بالراحة معاها، تتدحلب يعنى واحدة واحدة، ويا ريت مع جوزها برضه، إنت كده يمكن تلاقى نفسك بتشتغل على مستوى جديد خالص.
إحنا اتكلمنا وبنعيد ونزيد فى حكاية المؤسسة الزواجية دى، بصراحة دى عايزة شغل طول الوقت، ويا ترى، وماخبيش عليك، لازم ما تنساش العلاقة الحميمة، الجسد ساعات بيقول اللى ما نعرفشى نسمعه من غيره يا شيخ، والكلام فى المنطقة دى مش صعب قوى بعد أربع شهور علاج، وثقة، وانتظام فى الحضور للعلاج، واهو جوزها إبتدا يهتم، وبيستناها فى العربية ساعة بحالها، ومع إنها بتقول ما فيش فايدة، إلا إن انتظامها بالشكل ده بيقول إن فيه فايدة ونص، إنت عملت شغل كويس، وبتعمل شغل كويس، وحا تعمل شغل كويس.
د.الشافعى: على الله.
****
التعقيب والحوار:
د. مروان الجندى:
“فرض أن الشقة أو العربية امتداد للذات”، هل له علاقة بالإحساس بالأمان مثلاً عند العودة للمنزل من سفر أو بعد فترة غياب طويلة؟
د. يحيى:
ساعات! (ساعات).
أ. علاء عبد الهادى:
لم أفهم سبب ظهور الرهابات منذ عشر شهور، حيث انها متزوجة منذ 13سنة ومقيمة بذلك المنزل الذى يحدث لها رهابات منه.
د. يحيى:
لكل شىء أوانه،
ربما امتلأ الكوب، ففاض.
أ. هالة حمدى:
مش فاهمة إشمعنا فى بيت جوزها بس على الرغم من إن بيت أمها برضه ماكانش فيه احتواء، طول الوقت الأم مشغولة عنها برضه، يمكن عشان كانت حاطة أمل كبير إن الأحوال حاتكون أحسن لما تتجوز وماحصلش كده. مش عارفة؟
د. يحيى:
أظن أننى شرحتُ – على ما أذكر– وجهة نظرى، وهى تتفق مع افتراضاتك هذه التى وصلتنى أنها ليست تساؤلات بل هى ترجيح لما أشرتُ إليه فى المناقشة.
أ. هالة حمدى:
استغربت أنها بتحس بالخوف الشديد من الرعد تقوم تجرى من جوه لبره، رغم إن الواحد بيعمل العكس لما يخاف يجرى على الحتة الملمومة اللى تحميه.
د. يحيى:
أظن أن هذا هو ما هدانى إلى الرد أثناء المناقشة، ثم لا تنسى ما يسمى رهاب الأماكن الضيقة([17]) أو الأماكن المغلقة.
د. محمود حجازى:
أرجو توضيح إزاى ساعات الشقة وساعات العربية تبقى امتداد للذات “وعلاقة ده بشفافية حدود الذات.
د. يحيى:
هذه العلاقة التى أردت توضيحها لا تختص بشفافية حدود الذات، وإنما يجوز أنها توضع مع فرض “امتداد الذات” (ويمكن الرجوع فى ذلك إلى صورة الذات، والجسد وأيضا مخطط الذات والجسد) ([18]) .
د. هانى عبد المنعم:
رأيت رفض زوجها للذهاب للطبيب النفسى على أنه عدم رؤية واهتمام، وحتى ضغطه عليها للذهاب إلى الطبيب وانتظاره بالسيارة بالأسفل، وصلنى أيضا على أنه عدم اهتمام. لا أدرى كيف؟ باين ده اللى أنا حسيته. (مش إنه لاحظ التحسن).
د. يحيى:
هذا رأى يستأهل النظر،
لكن لماذا لا تبدأ بترجيح حسن النية، ومحاولته الاسهام فى دعم العلاج؟.
د. أسامة فيكتور:
تعليق على أول عبارة فى آخر فقرة “الجسد ساعات بيقول اللى ما نعرفشى نسمعه من غيره يا شيخ”.
أؤيد ذلك وأعتقد ان اللمسة.. لمسة يد ليد.. لمسة بشر لبشر – يعنى مش حاقول القبلة (بوسة) ولا العلاقة كلها حتى التمام – تستطيع أن تقول ما لا تستطيعه لغة الكلمات فلغة الجسد أقوى وأعمق من لغة الكلمات وأعتقد إن من يحاول تفاديها يصبح مريضا، ومن يمارسها دون إحساس مثله مثل دفاع استبعاد الوجدان([19]) الذى يستخدمه المصابون بمرض الوسواس القهرى أحيانا.
د. يحيى:
ربنا يخليك،
يجوز فعلا .
أ. منى أحمد فؤاد:
… أنا حاسة إن فيه أمل كبير أوى فى الحالة دى، وإنها سوف تتحسن بشكل كبير.
د. يحيى:
على الله، هذا طيب.
أ. منى أحمد فؤاد:
بس حاسة برضه إن فيه حاجة كبيرة مستخبية هيه اللى مخلية الدنيا واقفة كده.
د. يحيى:
طبعا.
أ. رامى عادل:
يتسلل الصوت فيطوقها، يعربد بملامحها، تبلغ زورقها متخفيه، يحملها.
د. يحيى:
لعله كذلك يا عادل.
واحدة واحدة علينا ربنا يخليك!!!
د. على الشمرى:
مادام الموضوع هو التدريب عن بعد = الإشراف على العلاج النفسى وفيما يخص مريضة الدكتور الشافعى، أليس من الأجدى يادكتور يحيى أن يشار إلى التشخيص المبدئى على الأقل فى نهاية التدريب وملامح العلاج من اجل ان تكون الفائدة أعم خاصة للمبتدئين فى العلاج النفسى، وأن تتم الإشارة إلى أهم التقنيات والإستراتيجية فى التشخيص والعلاج مادام أننا فى صدد التدريب والإشراف على العلاج النفسى، أو أن لسيادتك رأى آخر. وكما هو معلوم أن الخوف هو جزء من القلق وأن الخوف أنواع مختلفة قد تبدأ من القلق الخفيف إلى حالات الهلع أو الذعر مرورا بطائفة قد تطول من الفوبيات المختلفة، وبصفتك مدرسة قائمة بذاتها فى مجال العلاج النفسى فإننا نطمع كثيرا بالتوضيح والتبسيط والتفسير والتحليل الدقيق لمثل هذه الحالات .
د. يحيى:
بالنسبة للتشخيص يا د.على ترددت كثيرا فى أن أذكره فى أغلب الحالات المعروضة ولو بالتقريب، هذا يعرفه جيداً زملائى وزميلاتى، وقد عرضت عليهم، وجهة نظرى من أننى أخشى إن أنا ذكرت مجرد احتمال التشخيص فإن تركيز القارىء – النفسى خاصة- قد ينصب على قياس صحته مع طرح احتمالات تشخيصية أخرى، وسوف يدور النقاش حول: مثلاً: “هذه ليست حالة..”كذا”: حيث أن العَرَض كذا يمكن أن يظهر فى التشخيص كيت، وهل المدّة الفلانية التى استغرقها المرض هى كافية للتشخيص الفلانى، وهكذا.. بهذه الطريقة، قد يتحول الانتباه إلى الحوار حول “لافتة” ليست لها أولوية عادة فى التخطيط للعلاج أو مساره، وإن كانت ذات أهمية فى ذاتها لأغراض أخرى. (الاحصاء أو النشر مثلا) ([20]).
ثم مرة أخرى إن باب “الإشراف عن بعد”، وكذلك “حالات وأحوال” يحدد نقطة معينة فى حدود أسئلة محددة بقدر المعلومات المتاحة، ويتناول هذه النقطة بالتحديد بالمناقشة، وآمل مع مضى المدّة والتتبع والربط أن نحقق الهدف الذى ورد فى تعليقكم الجيد.
وأخيراً، فإنه توجد دائما فى باب الإشراف عن بعد ما يخص العلاج سواء بالأدوية أو بتطور نوع العلاقة أو باتخاذ قرار فى موقف بذاته، كما توجد دائما إشارة تتناسب مع السؤال الخاص بالعلاج، وأعتقد أن تفصيلا أكثر من هذا قد يكون مفيدا فى موقف آخر، وليس فى حدود هدف هذه النشرة المحدود، كما لعله وصلك أننى أقرّ تضافر كل أنواع العلاج معا.
أما المعلومات التى تفضلتَ بها مثل طيف الخوف والقلق والمخاوف فهى مفيدة ولازمة إذا ما كان مسار العلاج النفسى يحتاج إليها بشكل خاص وليس لمجرد تعداد أنواعها.
د. أنس زاهد :
لفت نظرى يا دكتور أن الزوج ينتظر زوجته فى السيارة عندما يوصلها إلى العيادة؟ لماذا لا ينتظرها فى العيادة نفسها؟ لقد ربطت بين هذا السلوك وبين نظرة الزوج إلى الطب النفسى حيث لم يكن متحمسا لذهاب زوجته إلى الطبيب على اعتبار أن اللى عندها شوية دلع.
د. يحيى:
هذا جائز، أو لعله يفضل الهواء الطلق على منظر المرضى فى حجرات الانتظار
شكرا.
الحالة: (26)
أزمة وجود؟ أم حل مشكلة اقتصادية؟([21])
د.محمد ابراهيم: هو شاب عنده 25 سنة بيشتغل “مهندس” إتحجز هنا فى المستشفى قبل كده([22])، قعد لمدة شهر ونصف تقريباً، كان تشخيصه فصام بارنوى. كانت الأعراض عند الدخول إن الأهل بيراقبوه، وكان فيه تدهور على مستوى الشغل وعلى المستوى الإجتماعى.
د.يحيى : بتقول عمره خمسة وعشرين سنة ! ومتخرج إمتى؟
د.محمد ابراهيم: متخرج من أربع سنين سنة 2002 .
د.يحيى: يعنى صغير وجدع، متخرج صُغيْر، ما سقطشى يعنى.
د.محمد ابراهيم: آه، مااتأخرش فى الدراسة خالص، كان متفوق فى دراسته، هو مهندس شاطر، وهو قعد فى المستشفى تقريباً هنا 45 يوم وكان صعب جداً، وماكانش فيه بصيرة خالص، من أول ما دخل لحد ما خرج وهو مصمم إن أهله بيراقبوه وعاملين له حاجة مش كويسة، وبعدين لما جه يخرج، كل اللى قدرنا عليه إن إحنا إتفقنا إننا حا نركن الأفكار دى على جنب مدة كده، وننتظم فى الدوا والشغل.
د.يحيى :كده تمام، إحنا مش وظيفتنا نحارب أفكار معينة، إحنا وظيفتنا نمشى المراكب الواقفة، الله نوّر.،…..، هل دى كانت أول مرة يعيا فيها؟
د.محمد ابراهيم: لأ، دى تالت مرة.
د.يحيى : هوا عييى أثناء الدراسة؟
د.محمد ابراهيم: لأ، أثناء الدراسة لأ، المرض كله بدأ بعد ما سافر، قبل مايجى هنا كان بقاله 3 شهور مسافر بره مصر، كان فى الخليج، عيى هناك.
د.يحيى : فيه تاريخ أسرى للأمراض بتاعتنا؟
د.محمد ابراهيم: لأ، خالص، المهم إنه بعد ما خرج من المستشفى المرة دى، وبعد الإتفاق ده، فجأه الدنيا إتحسنت خالص وبقى عنده بصيرة، بطل اللى كان بيقوله، وفهم كل اللى حصل له، وكانت دى أول مرة فعلاً من أول ما بدأ العلاج يبقى شايف الحاجات بحقيقتها، لأنه قبل كده دخل فى مرحلة علاج كان بيعديها والسلام، أهو يتلم كده وخلاص، لكن المرة دى، الظاهر وصلت له حاجه حقيقية فعلاً من خلال الفترة الطويلة اللى قعدها فى المستشفى والحاجات اللى إتعملت معاه، وبقى منتظم على الدواء تماماً لدرجة إنه هو اللى بيتخانق مع أهله لو نسيوا الدواء، عشان أنا كنت مكلفهم إنهم هم اللى يتأكدوا إنه خد الدوا عشان أضمن، لكن اللى حصل إنه هو اللى خد المبادرة منهم، وبقى لازم ياخد بنفسه الجرعة مظبوطة وكمان إنتظم فى الشغل.
د.يحيى : الحمد لله بيجيلك هنا جلسات العلاج النفسى فى المستشفى؟
د.محمد ابراهيم: لأه، بيجيلى فى العيادة، وانتظم فى الشغل كويس، وكل حاجه ماشية كويس جداً، يعنى، ورتب الحاجات.
د.يحيى : السؤال إيه بقى بعد كل الحاجات الحلوة دى؟
د.محمد ابراهيم: السؤال دلوقتى هو بيفكر فى السفر تانى، يعنى هو إحنا كنا اتفقنا إنه مايفكرش فى السفر دلوقتى، بس لسه التأشيرة فيها مساحة كده إنه هو ممكن يسافر.
د.يحيى : بقاله معاك أد إيه؟
د.محمد ابراهيم: بقاله معايا..، بقاله معايا، إحنا ماشيين بانتظام بقالنا دلوقتى تقريباً 5 شهور.
د.يحيى : مرة فى الأسبوع مش كده؟
د. محمد ابراهيم: أيوه.
د.يحيى : الحالة المادية إيه من غير السفرياية دى؟
د.محمد ابراهيم: مش قوى، متوسطة، شغله هنا يعنى بيجيب له حوالى ألف جنية فى الشهرـ أنا مش عارف أوافق على سفره، ولا لأ؟
د.يحيى: دى مشكلة متكررة سواء فيه علاج نفسى أو لأ، إنت بتواجه نفس السؤال كتير لو حالة دخلت المستشفى وخرجت متحسنة، يعنى قصدى أسألك: إيه علاقة ده بعلاقتك بيه من خلال العلاج النفسى لمدة خمس شهور؟ قصدى يعنى إن إحنا ممكن نفحص الموقف ده بصفة عامة، إنما إحنا هنا بنحدد مهمتنا إننا نشوف سوا إزاى العلاج النفسى ممكن يساعدنا فى اتخاذ قرار مناسب لواحد بالذات، مش كده ولا إيه؟!
د. محمد ابراهيم: أيوه كده، ما هو عشان كده أنا باسأل هنا السؤال ده.
د.يحيى : بصراحة هو أنا ماباعرفش أجاوب على السؤال ده بشكل عام، لا بالنسبة للعلاج النفسى، ولا بالنسبة للعيانين عموما، بالاقى نفسى إذا جاوبت إنه لأ ما يسافرشى، وهى دى الإجابة الصحيحة للحالة دى فى تصورى لمدة سنة على الأقل، لو أقول العيان ده ما يسافرشى وأنا عارف ظرووف البلد، ألاقى نفسى باظلمه، إذا جاوبت إنه يسافر، أفتكر حالات عندى سافروا ورجعوا مرتين ثلاثة، رجعوا مكسورين مكسورين مكسورين، بعد مدة قصيرة (أو طويلة) كل مرة الكسرة بتزيد وبتسيب بلاوى.
د.محمد ابراهيم: هو ده اللى أنا قلقان منه بصراحة، يعنى أنا ميال إنى أحافظ على القليل الموجود هنا، أحسن مايطلع بره ويتبهدل ويرجع تانى.
د.يحيى : هو أصل الإجابة شديدة الصعوبة، أظن إحنا شاورنا هنا مرة وعشرة على حكاية الفرق بين مستوى الضروره، ومستوى الحرية فى الاختيار، وأظن اتكلمنا ومش حانبطل نتكلم عن الإنتقال من مستوى الضرورة إلى مستوى الحرية عشان نبقى بنى آدمين، هى نقلة حضارية للفرد وللمجتمع برضه، وهى نقلة شديدة الدلالة وما عنديش مانع أكرر الكلام فيها لوسمحتم: لو إنت فى مستوى الضرورة ماتقدرش تتكلم على مستوى الحرية…، يعنى كلمة أختار، فعل الاختيار، هو ناقص تماما أو مش موجود لو إنت فى مستوى ما فيش فيه فرصة للاختيار من أصله، “الضرورة” مافيهاش اختيار، يا تقبل يا تموت..، فين الاختيار بقى !!!؟ لما يجيلك واحد لسه بيعافر فى مستوى الضرورة.. الواحد حايقول له إيه؟ لكن لو كان عدّى ده وبقى يمارس حياته، ولو جزئيا فى مستوى الحرية، يعنى ولو يكون مستور ربع ربع.. أهى المسألة تمشى بصعوبة، يعنى بالنسبة للحالة دى، لو قدرنا نستحمل سنة، وهوا بياخد الدوا وكويس زى ما إنت بتقول، يبقى أضمن بصراحة، يعنى أنا، ماعنديش إجابة واضحة لسؤالك! إذا قدرت تشوف حل وسط.. إنه يأجل السفر.. يبقى أحسن. الجدع ده باين عليه جدع، يعنى ما اتوقفشى فى دراسته، واتخرج صغير، ولما عيى وخد فرصة حقيقية أسترد بصيرته، وعرف طبيعة العيا بتاعه، وبيجيلك بانتظام، خسارة نضيع ده كله بأى استعجال، أنا حسب رؤيتى رجوعه بدرى كده، مهما كانت ظروف مدة التأشيرة ما فيهوش ضمانات كافية، التحسن المهم ده ما يصحش يخلينا ننسى إن الآلام جوه شديدة الإلحاح والضغط.. يروح هناك حايلاقى نفسه مكشوف، ولوحده، هنا لما بتتحرك الآلام بدرجة مناسبة، وإحنا بنسمح بده، بيلاقيك جنبه، ثم ما تنساش إن عمره ما عييى هنا وهو بيدرس، وهو صغير فى السن، وأول ما سافر عيى مرة واتنين، أنا عارف إن البلد اللى هو راحها أحسن شوية من بلاد تانية من بلاد الخليج برضه، وطبعا أحسن من العراق زمان، المسألة هناك مش الغربة والوحدة وبس، المصيبة الإهانات الظاهرة والضرب اللى من تحت لتحت، لما يكون واحد إتفك من الضغوط دى لدرجة الضلالات اللى بتقول عليها، وإن أهله بيراقبوه وعايزين يؤذوه، مش يمكن معنى كده إن الأهل هما اللى عايزينه يسافر؟!
د.محمد ابراهيم: يمكن، أنا مش متأكد.
د.يحيى : إنت لازم تحط فى اعتبارك نوع الضغوط، وتناسبها مع نوع الشخصية، مش بس نوع المرض، الضغوط فى غربة أكل العيش مع الناس بتوع الجاز دول: بيبقى فيها إذلال وإهانة خفية مش قليلين..، والإهانه دى بتتضخم لمايكون واحد إتكسر ويا دوب لم نفسه بفضل اللى انت بتقول عليه إن وصل له حاجة حقيقية فى العلاج المرة دى، أظن أهم حاجة بنوصلها، أو بنحاول نوصلها، هى الاحترام، إحترام المرض، وبعدين إحترام تجاوز المرض، مش كده ولا إيه؟ تقوم بعد كده تروح رايح راميه فى الضلمة لوحده؟ تنتظر إيه بالله عليك لو إنت مطرحه،. لكن قول لى، أنا فهمت إن هوه بيشتغل هنا دلوقتى، مش كده؟
د.محمد ابراهيم: أيوه، بيشتغل هنا،…. آه
د.يحيى : يعنى تقدروا تستحملوا مثلا من 6 أشهر إلى سنة؟!
د.محمد ابراهيم: ربنا يسهل.
د.يحيى : فيه حاجه كده لازم أقولها علشان تبقى المناقشة ضمن الإشراف على العلاج النفسى مش مجرد متابعة وتوصيات:
لما يكون عندك حالة تانية زى دى بالضبط، بس ما فيهاش السؤال ده، المأزق ده، بيبقى مستوى شغلك واستغلال العلاقة العلاجية فى حدود عادية، لأن السيف مش على رقبتك، لكن فى حالة زى دى، بنحتاج علاقة أعمق شوية، وبنحتاج تقمص أكثر إيلاما، وإننا نحط فروض وتصورات تخلى الحكاية مش كلها نصايح وتوصيات، ونخلى العلاقة حاضرة وفعالة مش بس فى وقت جلسة العلاج، لأ طول الوقت، وإحنا ثقافتنا واحترامنا لحق الاعتماد يسمح بده.
مافيش حد فيكوا بيحضر القصر العينى مش كده؟ أنا حاحكى لكم على بنت عندنا فى العلاج الجمعى فى القصر العينى، كان الشغل مهم جدا لها كجزء أساسى فى مسيرة علاجها، حتى وصل إنه يكاد يكون شرط لاستمرارها فى العلاج الجمعى معانا، وكانت كل ما تشتغل تسيب الشغل، فإحنا مرة فى جلسة جماعية، بعد ما ناقشنا موضوع الهرب المتكرر بتاعها بالاستقالة، ووصـَّـلنا لها معنى إنها واحدة مننا، وإن لنا حقوق عندها لو فيه علاقة، قعدنا نشتغل فى الحتة دى فى “الجروب”([23]) لحد ما قلنا لها إن إذا كان لينا قيمة عندها، وبتفتكرنا صحيح وهى مش معانا، يبقى لما تقرر تمضى الاستقالة من أى شغلانة جديدة، تحضّر وجوهنا فى خيالها واحد واحد، وتتف علينا واحد واحد، وبعدين تمضى الاستقالة، مش معنى كده إن إحنا بنحرمها من حق التصرف لوحدها، لأ دى كانت رسالة بتختبر الدور الإيجابى فى العلاقة، يعنى اللى بلغها هوا إن إحنا حانبقى معاكى فى القبول والرفض، وإن ده حقنا عليكى لصالحك وصالحنا، حاجة زى كده، يعنى زى ما يكون بلغناها إنك إنتِ من حقك ترفضى الشغل، على شرط ترفضينا معاه بالمرة، مادمنا اتفقنا إن الشغل أساسى فى العلاج، يعنى تتأكدى الأول إننا بنرفضه معاكى، ونتيجة لكده قدرت البنية تستمر فى الشغل مدة أطول، ويبدو إن من خلال ده قدرت تعرف إيه المعنى الإيجابى فى إنها تشتغل وهى بتتعالج، قصدى من الحكاية دى إيه لما نييجى نربطها بحالتك يا محمد، وطبعا حالتك أصعب، لأن العلاقة ثنائية مش جماعية زى العلاج الجمعى، قصدى إن فى العلاج النفسى، ومع حالة ذهانية زى حالتك دى، يعنى مستشفى وضلالات، وست أسابيع، وعيا تلات مرات فى سن صغيرة كده، كل ده بيحتاج منك إن العلاقة تبقى أعمق وأوثق، واللى يحصل يحصل، الحكاية لما توصل للدرجة دى ما تستحملشى موقف تقول فيه للعيان “إنت حر فى قراراتك” والكلام السطحى ده، لأن المأزق هنا جامد قوى، مأزق كينونة مش مجرد قرار سفر، الكسرة هنا بتعلن مأزق كيانى متعلق بإهانة وجوده أكتر من أكل عيشه، وساعتها بنعيد تقييم البصيرة على مستوى الاقتناع والتفكير، يعنى مش كفاية إنه يقولك خلاص أنا عرفت إنى عيان، أو إنى كنت عيان واتعلمت من الخبرة دى وكلام من ده، لأن الإهانة لو اتجددت وجرحت، مش حايحوش أثرها إنه عرف إن اللى كان فيه كان عيا وكلام من ده، لما المسألة بتبقى عيا وضلالات وهلاوس لفرد بذاته، يبقى تخطينا تناولها باعتبارها مشكلة عابره وعايزه آراء وكده، السفر هنا بيبقى إمتحان لوجود فرد، مش رأى فى مشكلة إقتصادية أو إجتماعية، واخد بالك، فمن هنا بييجى دور العلاج النفسى ، وإنها مسألة فردية جدا وخاصة جدا، ما هياش مسألة قرارات وخطب، السفر هنا ممكن يكون بيهدد وجود فرد، مش بيعلن أزمة بطالة مثلا، إحتمال السحق لكيان بنى آدم بذاته، غير تقديم إستجواب فى مجلس الشعب عن عدم حماية أبناءنا فى الخارج، واخد بالك.
د.محمد ابراهيم: يعنى أعمل إيه دلوقتى؟
د.يحيى: يا راجل ما انت عملت كل اللى عليك، خدت الحكاية جد، وحملت هم الجدع، وفْهمته وشاركته، وبتشاركه، ومظبط الدوا، يعنى حا تعمل إيه أكتر من كده؟
د.محمد ابراهيم: يعنى يسافر ولا ما يسافرشى؟
د.يحيى: الله !! إنت كل اللى عليك إنك تاخد كل الكلام ده على بعضه، وتهضمه، يمكن يوجهك إنت وهو ويصبركوا شوية، ومافيش مانع تقول له إنك استشرتنا من غير ذكر إسمه، وده طبيعى فى العلاج النفسى، إحنا مش بنمارس حاجة عيب فى السر، ومن حق العيان والمعالج إنه يعرف إنك مش لوحدك، وإن ده علم، وإنك عضو فى مؤسسة مسئولة، وده مش حايقلل من صورتك قدامه أو حا يخلى شكلك مهزوز، بالعكس، ده يمكن يطمنه زى ما يطمنك، يعنى تأجـّـل شوية لو سمحت، وعلى ما ينقطع الجريد يفعل الله ما يريد.
د.محمد ابراهيم: يعنى إيه؟
د.يحيى: يعنى فيه قرارات سليمة بتيجى لوحدها لما تستوى على نار هادية وتاخد وقتها !! إوعى تفكر إنها حاجة سهلة، إحنا كلنا محتاسين فى الحكاية ديه، وده مش عيب.
د.محمد ابراهيم: شكرا.
****
التعقيب والحوار:
د. ماجدة صالح:
لو كنت مكان د. محمد إبراهيم لصغت هذه المشكلة على شكل المعادلة الآتية:
شاب ناضج + عدم وجود تاريخ للمرض النفسى، كسر عند تلقيه درجة من الإهانة ===> “يعنى هشاشة فى التركيبة”، ثم يستعيد توازنه سريعا (يعنى متلصم). ثم فيزا سارية “لا تعنى وجود عمل فعلى” فى بلد من أكثر البلاد تأثرا بالأزمة الإقتصادية، مما يعنى احتمالات إهانة مضاعفة تضاف للإهانة السابقة قد تؤدى إلى كسرة لا رجعة فيها.
أنا لو كنت مكان د. محمد لاشتغلت بجهد مضاعف فى اتجاه عدم سفره (وليس تأجيله)، وإعادة بناء حياته فى مصر بجهد أكثر وشرف يفخر به.
د. يحيى:
لعل ردّى على الزميل المعالج السائل كان يحوى إشارة إلى مثل هذا الرأى “أن الحكاية بدرى قوى مهما أغرأنا التحسن الحقيقى”، لكن يا د.ماجدة الظرف هنا صعبة جدا جدا، هل نسيتى، عموما أنا أوافقك مرحليا.
أ. محمد المهدى:
تأكدت من أنه لا ينبغى عند اتخاذ قرار يخص علاج مريض ما، علينا أن نضع فى اعتبارنا نوع الضغوط التى يمكن أن يواجهها، ومدى تناسبها مع شخصيته.
د. يحيى:
هذه مسألة حساسة فعلاً، والحسابات ضرورية لأنها قضية عملية وواقعية وصعبة تماما فى نفس الوقت.
د. إسلام إبراهيم أحمد:
يا د. يحيى إزاى نحدد عمق علاقتنا بالمريض؟
د. يحيى:
بالممارسة، والنتائج، والإشراف، والنضج الحقيقى، وربنا.
د. إسلام إبراهيم أحمد:
مشكلة التوقيت: متى نتحرك ومتى نستطيع أن نغير، يبدو أن الحكاية صعبة أوى؟
د. يحيى:
هذه مسئولية لا تعيننا عليها إلا الخبرة الطويلة (والإشراف).
د. إسلام إبراهيم أحمد:
هى المشكلة إذلال ظاهر، ومن تحت لتحت لمن يغترب منا عندهم؟ ولا مشكلة تغيير مجتمع؟ ولا تغيير ثقافة؟ ولا بعد عن الأهل والرحم؟ ولا إيه؟
الموضوع ده شاغلنى جداً.
د. يحيى:
وهو شاغلنى كذلك.
أعتقد أن المشكلة هى كل ذلك،
لكن ممارسة العلاج النفسى هى للأسف فى النهاية مسألة “فردية” فى المقام الأول وينبغى فيها تقديم أولوية التركيز على الأهداف المتوسطة كما ذكرنا قبلا، الهدف تلو الهدف، والقرار تلو القرار، لفرد بذاته فى موقف بذاته.
من الجائز أن نكتشف أمراضا اجتماعية واقتصادية عامة خطيرة، نكتشفها ونحن نتناول المسائل الفردية هكذا، وعلى من يستطيع عن طريق قنوات أخرى أن يوصل ما اكتشفه إلى من يهمه الأمر العام، عامة الناس، أن يقوم بواجبه كما يتراءى له، لكن هذا ليس هو العلاج النفسى لشخص بذاته، وإن كان هو من بعض أثاره الطيبة لو أتيحت الفرصة فى مجالات أخرى.
د. محمد عزت:
كثيراً ما يواجه المعالج مثل هذا المأزق مع المريض حيث يطلب المريض من المعالج مساعدته فى اتخاذ القرار، وكما تعلمنا فإن المعالج يجب أن يكون حذراً إزاء مثل هذه المواقف حيث تتداخل عوامل كثيرة واحتمالات كثيرة تحكم مثل هذا المأزق العلاجى فى هذا الواقع الحياتى.
د. يحيى:
أليس هذا هو ما ذكرناه تماما فى الرد على الزميل السائل؟!! لكن لا بأس من التكرار فهو مفيد فعلا وعلينا أن نتحمل طبيعة صعوبة مهنتنا، وفى نفس الوقت لا تدعى الحياد.
أ. محمد إسماعيل:
استغربت من نفسى جدا وأنا بقرا الحالة لأنى لقيت القرار واضح جداً جوايا، يعنى إنه مايسافرش إلا بعد سنة، ومافهمتش ليه القرار واضح بالصورة دى رغم الحيرة اللى إنت فيها إنت والدكتور محمد.
د. يحيى:
يا شيخ حرام عليك، أدعو الله ألا تتعرض لمثل موقف هذا المريض بعد ارتفاع الأسعار اكثر فأكثر، والبحث عن “شقة” لتتزوج فيها وغير ذلك، أكل العيش صعب يا محمد، ثم لماذا هذا الحسم بأن يسافر بعد “سنة”، ولماذا ليس بعد أربعة عشر شهرا، أو عشرة، يا أخى هناك قاعدة اسمها: “إنتظر لنرى”!! أليس كذلك؟ عموما قرارك أكثر احتراما لمستوى الضرورة من اقتراح د. ماجدة الحاسم قبلك بقليل.
د. أسامة فيكتور:
ذكر د. محمد إبراهيم فى تقديمه للحالة التالى:
“…فجأة الدنيا اتحسنت خالص، وبقى عنده بصيرة، بطل اللى كان بيقوله، وفهم كل اللى حصل له، وبقى لازم ياخذ بنفسه جرعة الدواء مضبوطة، وكمان انتظم فى الشغل”.
بعد هذا الإنجاز الهائل يقول إنه خائف أو متردد من قرار سفر المريض للخارج مرة أخرى، ياه ياه..!! وصلتنى صعوبة عملى وخطورته ومدى المأزق الذى نعيش فيه، فبعد كل هذا التعب يظل المريض عرضة للمرض مرة أخرى، الظاهر أن عيب المرض النفسى إنه لا يعطى مناعة بعد الشفاء منه، أو تجاوز أزمته.
د. يحيى:
من حيث المبدأ هذا احتمال وارد
لكن أيضا علينا أن نتذكر أن تجربة المرض قد تعطى صلابة حقيقية إذا أخذ العلاج وقته، وكان المرض خبرة، برغم خطورتها استطاع المريض من خلالها مع المعالج، أن يقلب النار المشتعلة عشوائيا إلى طاقة، دون الإسراع بإطفائها لتنتهى رمادا خامدا.
د. عمرو دنيا:
فعلا، يا لضرورة مراعاة النظر لما سمى مستوى الضرورة ومستوى الاختيار “الحرية”، ومدى الصعوبة الشديدة للتنقل بينهما لإتخاذ القرار الصحيح.
د. يحيى:
أدعو الله أن تقلب ما وصلك بهذا الوضوح إلى فائدة عملية، لك ولمرضاك (ولنا يا أخى، يا ليت)، وما أصعب ذلك، وإياك أن تستسهل استعمال الكلمات فحسب!
الحالة: (27)
احتمالات التحسن السريع! ([24])
د. مصطفى مدحت: عندى عيان عنده 29 سنة([25])، غير متزوج، من محافظة من بحرى، موظف فى شركة الصبح وبعد الظهر بيشتغل مؤذن فى الأوقاف.
د.يحيى: هى شغلانة المؤذن اللى هوّه فيها دى بالتعيين؟ ولاّ جدْعنة؟ يعنى هى الأصل؟
د. مصطفى مدحت: أيوه هو متعين، بس حصل عليها بطريقة معينة، يعنى زى واسطة، هوّا متعلم لغاية تالتة إعدادى، قعدتْ معاه علاج نفسى “سبع جلسات”، هوّه جإلى يشتكى بأفكار بتلح عليه إن عنده الزهرى، وتغيير فى حجم العضو التناسلى، وإنه خايف إنه ممكن يتقلب ست.
د.يحيى: إيه اللى فكرّه بالزهرى “بالذات”؟ ماعادش حد بيتكلم عنه دلوقتى.
د. مصطفى مدحت: هو فعلاً ماكانش عارف يعنى إيه زهرى، وكان تقديره: إن أى راجل يقرب منه فى الأتوبيس يبقى ده مصاب بيه، ويبقى حايـِـتـْـعـِـدِى منه، غير كده: هوَّ كان عنده أعراض اكتئاب، يعنى: قلة النوم، وقلة الأكل، عدم الانتظام فى العمل، وكده… فى الجلسة الثانية على طول، حاولت أشرح له يعنى إيه زهرى، ومراحله، وكلمته خفيف خفيف عن الإيدز قمت لقيته فى الجلسة الثالثة جه يشتكى من أفكار عن الإيدز وقلّ كلامه عن الزهرى.
العيان له تاريخ جنسى مليان، بدأ بانتهاك، واستعمال، وهوّا عنده خمس سنوات من أحد الجيران (واحد سنه 18 سنة) لكن ده حصل مرة واحدة، وبعدين العيان بيقول إنه بدأ العادة السرية وهو عنده خمس سنوات برضه.
د.يحيى: متأكد؟
د. مصطفى مدحت: أيوه، وبعد كده ألعاب جنسية خفيفة من الظاهر مع عيال قده، ولما بقى عنده عشر سنوات بدأ ممارسة مع الحيوانات، وبالذات القطط.
د.يحيى: اشمعنى القطط يعنى؟ دى أصعب حيوانات فى الحكاية دى؟ تفتكر تفرق؟ المهم، إنت عارف إن فى الأرياف حكاية الحيوانات دى كتير لدرجة إنها ساعات تبقى مرحلة عادية وهى يمكن لها علاقة باللى بيشوفوه بين الحيوانات، فيه حاجة تانية؟
د. مصطفى مدحت: أيوه، هوّا برضه عمل مع طفل عنده تسع سنوات بس مش كتير.
د.يحيى: هه، وبعدين؟
د. مصطفى مدحت: ابتداءَ من عند 16 سنة بدأ ممارسة مثلية بالتبادل مع أولاد فى سِنـّه.
د.يحيى: كانت ممارسات كاملة؟
د. مصطفى مدحت: أيوه..، هو بيقول كل الممارسات دى استمرت لغاية ما بدأ التعب من 8 سنين
د.يحيى: يعنى من سن 5 لحدّ سن 21 سنة عمال يتنقل بالشكل ده، مابطلشى.
د. مصطفى مدحت: بالنسبة للتعب اللى بدأ من 8 سنين كانت زادت ممارسته للعادة السرية، وفى مرة أثناء ما بيعملها حس بِكَرْشِهْ نَفَس، وألم فى منطقة الشرج، ودى كانت بداية التغير.
د.يحيى: إنت بتقول إنه شغال مؤذن.. هل بيؤم الناس فى الصلاة؟
د. مصطفى مدحت: لأ.. ما حصلش.. هو بيأذن وبيقوم بأعمال النظافة بَسْ.
د.يحيى: بقاله قد إيه متعين مؤذن؟
د. مصطفى مدحت: تقريباً 10 سنين.
د.يحيى: يعنى قبل بداية العيا بسنتين؟
د. مصطفى مدحت: لما كلمته عن شغلانة المؤذن دى.. قال لى: هو ممكن يبطل أى شغلانه إلا الشغلانه دى.
د.يحيى: سألته ليه؟
د. مصطفى مدحت: قال إنها بتقربه اكتر من ربنا، بيحس إنه فيها بيلاقى نفسه.
د.يحيى: مش فيه تناقض برضه بين الشغلة دى والمعلومات التانية اللى انت قلتها لنا عنه؟
د. مصطفى مدحت: أيوه، بس هوّا ما جابشى سيرة لأى قلق من أى علاقة بين ده، وده.
د.يحيى: السؤال بقى..؟ السؤال بالنسبة للإشراف؟، دى حالة زحمة قوى يا راجل!
د. مصطفى مدحت: أنا مستغرب إن فى الفترة القصيرة دى “7 جلسات” بس، رحت شايف إن العيان اتلمّ بسرعة أكتر من اللى كنت متوقعها من أعراضه، ومن تاريخه المليان ده، فبقيت قلقان من اللى حصل كده يعنى مثلا ماكانش عنده أمل إنه يتزوج خالص وماكانش منتظم فى الشغل لدرجة انه كان عايز يبطله، بعد شهر واحد لقيت إن العيان بدأ “يتحرك”، ويعمل حاجات ماكانش بيعملها: يصلح حاجات فى البيت، يعامل الناس كويس، بينتظم فى الشغل، بيفكر فى مستقبله، وفى جوازه، أنا استغربت.
د.يحيى: تقصد العيان مش بس اتحسن بالنسبة للأعراض، دا كمان بقى يبادر فى حاجات، بدل ما حد يقول له، إنت زعلان ليه وكده؟
د. مصطفى مدحت: هل ممكن يحصل ده كله فى فترة قصيرة زى دى؟
د.يحيى: البركة فيك يا أخى، لكن قل لى: هل موقفك العلاجى حايتغير لو كانت إجابتى “نعم” أو “لا”؟
د. مصطفى مدحت: أظن موقفى من المريض كمعالج، أنا شايف إنه مش حايتغير.
د. يحيى: أيوه كده، يبقى ليه السؤال، يعنى إنت حاتعالجه حاتعالجه، وحاتكمل سواء أنا قلت لك ممكن التحسن يحصل بالشكل ده أو مش ممكن؟
د. مصطفى مدحت: أيوه، طبعا.
د. يحيى: بصراحة فيه حاجات مهمة نتعلمها من العيان ده، ومنّك، أول حاجة هى انتظام العيان فى العلاج وماتنساش هوّا بيجى منين، من محافظة بعيدة شوية، دى لوحدها علاقة إيجابية فى علاقتك بيه، تانى حاجة: تفاصيل التاريخ الجنسى دى عايزة وقفة، ولو إنى فلاح وعارف المسائل دى بتمشى إزاى، بس أنا مش متأكد إيه فى كل اللى قاله ناخده على إنه حقيقة، وإيه على إنه خيال، يجوز كله صح أو جزء منه صح، مثلا حكاية القطط دى مش مألوفة فى الفلاحين، زى ما يكون المسألة عايزة مراجعة، هوّا عموما فى الفلاحين الحكايات دى عندهم عادية، وبتعدى المسألة من مرحلة لمرحلة، وما بتعلقشى كتير، لكن مش بالكثرة دى ولا التعدد ده، ولا بالتنوع ده، أنا مش متأكد، وبعدين بالنسبة للعادة السرية مثلا اللى بدأت عند سن 5 سنين هل كان فيه “ذروة” (أورجازم)، طبعا مافيش قذف فى السن دى، إنما فى البنات الصغيرات ساعات يبقى فيه حاجة زى “ذروة”، لكن فى الأولاد مش متأكد.
د. مصطفى مدحت: كان فيه انتصاب من غير قذف، إنما هوّا بيقول كان فيه “ذروة”.
د. يحيى: الانتصاب ممكن، بس الذروة واسعة شوية، ثم إن الكلام ده بداية من سن خمسة، ودى الفترة اللى فرويد بيقول فيها إنها فترة كمون، إنما الجدع ده ما بطلشى، حسب كلامه، وزى ما يكون الجنس عنده قعد نشط طول الوقت بدرجات متفاوتة لكن ما أظنش لدرجات وأنواع الانحراف اللى هوّا حكاها، وبرضه يمكن ده خلاّه قعد يكبر من غير استقطاب بين هوية ذكورية وبين هوية أنثوية قوى، فقعد مِمَشى نفسه يا إما بالخيال يا إما بشوية واقع، لحد ما بدأت الوساوس والرهابات تنبهه إنه كده ما ينفعش.
د. مصطفى مدحت: أيوه مع بداية العيا هوه بطل كل ده.
د. يحيى: والله ما أنا عارف بطل ممارسة ولا بطل تخيل، الظاهر إن النمو الجنسى بتاعه مِشِى متوازى فى كل الإتجاهات، ومش بس النمو الجنسى دا باين نمو “القيم” أيضا، يعنى هو مؤذن وبيلاقى نفسه فى شغلته الدينية دى اللى بتخليه “يقرب من ربنا”، وفى نفس الوقت هو موظف بعد الضهر فى شركة، ولا عمره ربط مشاعره، ولا الحكاوى اللى بيحكيها بشغلة المؤذن، أو بصورته وهوّا على المادنة بيأذن، أو بيقيم الصلاة، ولا عمره حكى لك عن شعور بالذنب وهو عمال بيأذنا ولا هُو همّه.
سواء كان اللى حكاه ده حقيقى، أو جزء منه حقيقى، فالظاهر إنه قعد كده لحد سن 21، أنا شايف إنه ما دخلشى مع نفسه معارك وصراعات وكلام من اللى بيحصل فى المراهقة وقبلها وبعدها، يعنى الحكايات مشيت جنب بعضها لحد ما لقاها كفاية كده بقى، قام حاول يلم نفسه ما قدرش، فظهرت الأعراض النفسية قلق واكتئاب ووساوس ورهابات وكلام من ده، أنا بافترض إنها ظهرت علشان يساعد نفسه إنه يمتنع، راح لجأ لأقرب حاجة تمنعه من الممارسات دى. فخّوف نفسه من إنه يمرض بالزهرى، وبعدين لما انت طمنته على حكاية الزهرى دى، نقل على الإيدز.
زى ما يكون هوه راح عامل ضمير أو والد من خلال المرض عشان يحوش نفسه، ويحوش خيالاته برضه، يعنى استعمل المرض كمرحلة، وبعدين ما صدّق لقى العلاج شبط فيه، لأن المرحلة الظاهر كانت جاهزة للنقلة، عشان كده إنت تلاحظ رغبته فى العلاج، وإنه بيجيلك بانتظام. سفر ساعتين كل أسبوع، يعنى المرض هنا عمل عنده دور إيجابى، وبعدين لما جالك وشعر بالسماح منك، وإنك ما حكمتش عليه، فاتلّمّ أكتر وراح عاملها وخافف، فإنت اتخضيت.
د. مصطفى مدحت: أيوه استغربت.
د. يحيى: المسألة اللى خضتك لما اتحسن فجأة دى مسألة مهمة، لأنها ممكن تكون حاجة من اتنين: يا إما هرب فى “شبه الصحة” ([26]) يعنى اتوكّل، وراح مستعمل ميكانزمات جديدة وكتّم عالخبر عشان يبقى “عادى”، يا إما يكون نموه كان بيتحرك طول الوقت، وانحرافاته ما كانتش تثبيت ووقفة، زى ما تكون كانت تجريب وتْعدّى وتعلّم من تحت لتحت، فهو جالك جاهز وكانت حركية النمو عنده لسه نشطة، فلما اطمأن لك وصدّق سماحك، راح عاملها وقال لك يا واد ما فيه سكة أمان أهه، واختار العلاج وإنه يكمل نموه، بدل كل الهيصة دى، وبدل الحل بالمرض برضه.
د. مصطفى مدحت: طيب وإزاى أعرف إنه هرب بالميكانزمات فيما يشبه الصحة، ولا إنها فرصة نمو وهو لقطها وحايكمل زى ما حضرتك بتقول؟
د. يحيى: ما هو حاييجى غالبا، فإذا لقيته انطفأ وبطّل يحكى بسهولة وطيبة، وبعدين ابتدأ يستصعب المشوار، ويفاصل فى المواعيد، يبقى فى الغالب التحسن ده دفاعات، إنما إذا كانت الطيبة لسه منتظمة، والعلاقة معاك بتنمو رغم اختفاء الأعراض، يبقى فيه احتمال نمو بصحيح، وما تخافش من سرعة التحسن لأنه ماعملشى كده فى سبع أسابيع، لأ، دا جايلك محضَّر نفسه ثمانية وعشرين سنة، وإنت جيبت فنّشت الحكاية، بطيبتك وجهلك الجميل، عشان إنت صغير، وواخدها جد فى نفس الوقت.
***
التعقيب والحوار:
د. مدحت منصور:
هل تكون فرصة الانتكاسة أكبر مع التحسن السريع على فرض إنه تحسن حقيقى؟
د. يحيى:
أولاً، أحب أن أنبه أن الحكم على التحسن إن كان حقيقيا، أم هربا بالدفاعات، هو أمر صعب جدا، وعلى ذلك فعلينا أن نفحص الأمر بهدوء، والاجابة تتوقف على ما يصلنا:
إذا كان “هربا فيما يشبه الصحة” باستعمال مزيد من الميكانزمات، فإن الانتكاسه محتملة ليس فقط بمثل المرض الأول وإنما فى صورة أى اضطراب آخر حسب الظروف اللاحقة.
أما إذا كان التحسن السريع هو نقلة نمائية كان المريض مستعدا لها، فجاء العلاج ليسمح لها أن تتم وتظهر نتائجها فى هذه المدة القصيرة، فالانتكاسه أقل احتمالا.
وكل هذا كان واردا فى الرد على المعالج فى سياق الإشراف كما جاء فى النشرة.
د. نرمين عبد العزيز:
أعجبتنى الحالة كثيراً لأنى شاهدت مثل هذه الحالات التى عندما تشعر بالأمان والتسامح مع المعالج يهدأ كل شىء فوراً وتستطيع أن تكمل الخطوة الأخيرة فى العلاج أو زى ما بنقول “بِتْتَلم بسرعة”.
د. يحيى:
جميل تعبير “بتتلمّ بسرعة”، وجائز استعماله ليس بالضرورة مع وجود الفركشه، لأن تعبير يتلم يستعمل – بجمال– فى الحياة العادية، وأنا أحب أغنية من بلدنا لا يعرفها الكثيرون تقول “اتشعطر وأنا المّك،.. يا غصن البانْ”.
أ. محمد المهدى:
هل هناك معايير تستطيع بها أن تعرف على وجه التحديد ما إذا كان تحسن المريض هو تحسن فِعْلى ونمائى أم أنه تحسن زائف؟ أرجو الإفادة.
د. يحيى:
نعم، لكنها معايير إكلينيكية غامضة عادة، إن المعايير السلوكية (مثل اختفاء الأعراض أو العودة للعمل، أو التفاهم مع المحيطين) وحدها لا تكفى للتمييز فى هذه النقطة بالذات، المعايير التى تسأل عنها تظهر أحيأنا فى أوصاف عادية حين نقول مثلا: المريض أصبح “أقرب”، “أصبح “أكثر نضرة”، أصبح “أحسن استماعا”، أصبح “مشاركا إيجابيا فى كذا أو كيت”، “زادت مبادراته أو طالت مثابرته”. كل هذه المعايير هى التى تصف التحسن الحقيقى أكثر وهى لا توجد فى التحسن الدفاعى.
أ. محمد المهدى:
… وعلى ذلك: فإننا يجب ألا نقلق من التحسن السريع فى بعض الأحيان وألا نشكك فيه على طول الخط، بل علينا أن نفحصه بعناية ودقة.
د. يحيى:
نعم، نعم.
د. عماد شكرى:
هل توجد علاقة بين حضور الجنس والدين بمعناه الحيوى (ربما الفطرى) والتحسن السريع فى هذه الحالة.
د. يحيى:
آسف لأن صياغة سؤالك وصلتنى صعبة جدا، فنحن نحتاج كتابا بأكمله لنفسر تعبير “حضور الجنس بمعناه الحيوى” (وليس فقط ممارسة الجنس) وربما ليس أصلا ممارسة الجنس، أما “حضور الدين بمعناه الحيوى” فهو توجه وجدانى/معرفى/ مشتمل أصعب وأصعب، ثم إن صفة “الفطرى” هنا لا تزيد الأمر وضوحا، ويمكنك الرجوع إلى محاولات تعريف الفطرة فى يوميات([27])، وفى هذه الحالة (وغيرها) لا يمكن الحكم على أى من ذلك إلا بعد فترة طويلة ومحكات دقيقة، ونقد مستمر.
د. نعمات على:
هل عمل المريض كمؤذن هو الذى كان يحميه طوال الوقت من الإحساس بالذنب!!
د. يحيى:
لا أظن، بل لعله كان أوْلى أن يُشعره بالذنب، لكننا لاحظنا أنه لم يشر إلى أى تناقض أو صراع نتج عن هذا التباين الواضح.
أ.محمد إسماعيل:
ليه حضرتك اعتبرت السلوك الجنسى مع الحيوانات عادى عند الفلاحين، أنا معترض على ده؟ ده أنا لحد دلوقتى مش عارف أقبل الممارسة المثلية، حاقبل ده؟
د. يحيى:
أنا لم أعتبر ذلك أمراً عاديا بمعنى أنه شىء سليم أو مسموح به، ولكن بمعنى أنه أمر متواتر وليس نادرا كما نزعم فى ظاهر أحاديثنا (نحن: أهل البندر!!).
ولك كل الحق أن تعترض كما تشاء، لكن عليك أن تتذكر أنه ربما لم تتح لك الفرصة لتشاهد بنفسك هذه الظاهرة فى الريف خاصة لتعرف ما يجرى فعلا، وكان العظيم عباس العقاد يشير إلى أن هذه المشاهدات تسهم فى تقديم طبيعى لما يسمى “الثقافة الجنسية” عند الأطفال فى الريف.
أما عدم قبولك الممارسة المثلية فأنا أفهمه جيدا، وأنا شخصيا مازلت أتابع زيادة انتشار هذه الظاهرة فى الغرب (وفى التاريخ) ولا أفهمها بدرجة كافية، وقد أفهمها يوما ما، من يدرى؟
أ. هالة حمدى:
حاسَّه بالتناقض الفظيع بين تاريخ هذا المريض الجنسى الملىء وبين تمسكه بوظيفته كمؤذن، أشعر بلخبطة جوايا.
د. يحيى:
لقد جاءنى فرض يقول أنه ربما كان هناك تصالح بينه وبين تاريخه وبين وظيفته هذه، وفى حدود المادة المتاحة من العرض للإشراف لم يلحظ المعالج، ولا ذَكَر المريض، ما يشير إلى أى شعور بالتناقض داخله، كما أن تاريخه الجنسى الملئ، هو ملئ لا أكثر، سواء كان هذا الملء خيالا أو واقعا نسبيا أو كليا.
أنا شخصيا لم أشعر – مثل المريض – أن التناقض كان موجوداً وفظيعاً كما وصلك.
أ. هالة حمدى:
أنا برضه لو مكان الزميل المعالج كنت حاتخض من التحسن السريع ده، كنت حاسة، إن فيه غلط، بس فيه حاجة كده وصلتنى من كلام حضرتك إنه فعلاً ماصدّق لقى العلاج وشبط فيه، وعشان كده منتظم على العلاج.
د. يحيى:
هذا ما تصورت أنه التفسير الأقرب، برغم غرابة سرعة التحسن.
أ. رامى عادل:
إذا تسامح الآخر، وتلطف، يهون كل صعب، ويتراكم رصيد حى من المشاعر، ثم يأسركما اشتياق جارف فلا تختبيء النوايا سالكين طريق المشاق معا بيسر، وقلبكم معلق، نابض، مشمس، فتذوبان ثمالة، ونكهة الورد تملأ جوارحكما، برغم الندوب وبرغم النزف!
د. يحيى:
ما أحلى التمنى،
وأجمل الشعر وأيضا ، يا رامى!
الحالة: (28)
عن المؤسسة الزواجية
والعلاقة بالموضوع([28]) ([29])
الاستشارة الأولى
د.أحمد الشافعى: هى حالة سيدة عندها 28 سنة، التالتة من تلاتة، هى بتشتغل فى مهنة عالية بس هى حاليا واخدة إجازة ومسجلة درجة الماجستير وواخده الجزء الأول، وشغالة فى الرسالة حاليا، هى متجوزة بقالها أربع سنين من زميل فى نفس المهنة أكبر منها بسنتين وعندها ابن واحد عنده تلات سنين، والدها على المعاش، ووالدتها بتشتغل فى نفس مهنتها، وعندها أختين متجوزين وبيشتغلوا برضه فى نفس المهنة.
حضرتك حولتها لى من تمان شهور، كانت المشكلة إنها بتعانى من وسواس قهرى مستمر بقاله أربع سنين ما بيتغيرش فى الحدة بتاعته خالص، وهى جربت كل الأدوية، ولفّت على كل الدكاترة ومافيش أى تحسن خالص، من بداية ما جت هى ماكانتش منتظمة خالص، يعنى بتجيلى مرة كل شهر مثلا، أول ما أبدأ اشوف حاجه وأبدأ أعمل يعنى نظام يومى فى حاجة معينة، مثلا إنها تنزل الشغل، إنها تعمل مش عارف إيه فى البيت، تكمل رسالة الماجستير اللى هى مسجلاها، تهرب على طول وماتجيش، من شهرين تقريبا جت هى وجوزها وأنا أصريت فى الجلسة دى إن هما الأتنين يحضروها مع بعض، يعنى إن الزوج يبقى قاعد معانا يعنى يحضر معأنا الكلام والاتفاقات اللى حاتتم بينا، وأنا واجهته طبعا بطبيعة المشكله اللى عندها، وحجم الاعتمادية عليه اللى هى وصلت له، وإن ده لازم نشوف له حل، زى ما يكون هى مستغلة المرض ده فى تحديد نوع علاقتها بجوزها، يعنى جوزها شايفها مريضة ومقدر ده خالص، فشايلها بقى من على الأرض شيل، هو راجل طيب ومجتهد فى مهنتة، وبيمارسها فى الدور الأرضى فى نفس العمارة اللى هما ساكنين فيها، ومفروض إن لها مكتب معاه، ولها مواعيد وكلام من ده، بس ما بتنزلشى، ولا بتعمل حاجة، وكمان هو اللى يعنى بيعمل شغل البيت كله، بيجيب لها الطلبات وبيديها الدواء، وبياخد باله من العيل الصغير، وينزل الشغل بتاعه من الساعة تلاتة الظهر لغاية الساعة اتناشر أو واحدة بالليل.
د. يحيى: يا خبر!! وبعدين؟
د.أحمد الشافعى: هى مستغلة بقى يعنى حجم الدعم بتاعه ده بشكل سيئ جدا، وترضيه طول الوقت إن هى بتديه علاقة جنسية، وخلاص، هى مش حاسة فيها بحاجة وأظن إن هو كمان مش حاسس بيها.
د. يحيى: مش حاسس بيها؟ ولاّ حاسس إنها مش حاسة بيه؟
د.أحمد الشافعى: باين الإتنين، يعنى المعنيين، يعنى هى مش حاسه بأى حاجه خالص، وبتقعد طول الوقت تمثل عليه إنها مبسوطة وإن هى اللى عاوزاه.
د. يحيى: يعنى هو فاقس إن هى مش حاسه، ولا هوا بيستعبط وبيضحك على نفسه؟
د.أحمد الشافعى: ما أنا فى الآخر وصلت لاحتمال تقريبا إن لا هو حاسس، ولا هى حاسة، والإتنين عارفين، بس الكلام غير معلن يعنى
د. يحيى: فيه مثل ما يتقالش قدام الناس هنا، وإنت عارفة غالبا، عن عيان وميت وحاجات كده، عارفة؟
د.أحمد الشافعى: أيوه عارفة..، فالمهم أنا فعلا أنا كنت يعنى بعد المرات اللى هى متقطعة، أنا فعلا زهقت منها، يعنى كل ما احط لها خطة وحانعمل شغل وكلام من ده، ما فيش فايدة، هى مش ملتزمة بحاجة خالص لدرجة إن هى لما كانت ساعات تنزل الشغل مع جوزها تحت، كانت تطلع الشقة بتاعتهم فى الدور الرابع، وهى عاملة فيها أوضة مسمياها “أودة التطهير من التلوث”، تخش تغير فيها هدومها، وهى خايفة من الفيروس C وخايفة من الإيدز، ومن كل حاجة.
د. يحيى: السؤال بقى؟؟
د.أحمد الشافعى: اللى حصل إن أنا فى الجلسة الأخيرة إتفقنا على تنفيذ تعليمات واضحة، وإن ما ينفعش يبقى الدعم بالشكل ده وإنـِّـك حاتعملى وحاتسوى، وإنها لازم تنزل الشغل، ولازم تبدأ تجهز فى الرسالة بتاعتها، وتعمل شغل البيت وكده. المرة دى جوزها زى ما يكون ما صدّق، وهـُـبْ راح الدعم بتاعه قل تماما، يعنى وصل ما لا يتجاوز 10% من اللى كان موجود، وهى بدأت تمشى على الحاجات اللى إتفقنا عليها، بانتظام، يعنى بقالنا دلوقتى حوإلى شهرين حصل تقدم كبير جدا بالنسبة للحالة عموما، وحجم الاعتمادية عندها قل بشكل واضح، بس دلوقتى جوزها باين زودها فى التخلى، وبقت العلاقة بينهم سيئة، وبقى تقريبا سايبها معظم الوقت.
د. يحيى: إزاى يعنى؟
د.أحمد الشافعى: يعنى شال إيده، زى ما يكون خَلَع يعنى، وبقى طول الوقت مواجهها بتقصيرها وبحجم اللى هى فيه، وهى بقت متأذية منه، أنا ما اعترضتش وقلت لها: أنا شايف إن حتى لو ده الحاصل زى ما إنت بتحكى، ده أحسن لك، يعنى ده فى مصحلتك، وإنت مادام بتتحسني، وحتى لو حجم العلاقة اللى موجود بيقل، فإحنا ماشيين فى اتجاه الاحسن، وإن هوه لما يشوف منك حاجه أحسن، حاتبقى العلاقه متوازنة شوية.
لكن واضح إن الأمور زى ما يكون الراجل فضل متحمل أربع سنين، وجه دلوقتى يطلـَّع اللى عنده، لدرجة إن فيه تلميح دلوقتى بالانفصال، رغم التحسن اللى موجود.
د. يحيى: والدين؟
د.أحمد الشافعى: الإتنين مسلمين.
د. يحيى: قصدى علاقتهم بالدين، الممارسة اليومية، والإلتزام؟.
د.أحمد الشافعى: هو ملتزم جدا دينيا .
د. يحيى: “جدا” يعنى مزودها؟
د.أحمد الشافعى: لا أبدا، يعنى بيصلوا ويصوموا أنا باعتبر ده “جدا”.
د. يحيى: طيب إيه بقى اللى إنت عايزه؟
د.أحمد الشافعى:… أنا مش عارف أعمل إيه دلوقتي، أتدخل إزاى بعد كده؟ أنا يعنى خايف إن أنا ابدأ يعنى أحاول إن أنا اغير موقفه فيرجع يشيلها وترجع الاعتمادية وتشتد الأعراض، وفى نفس الوقت مش حابب ان الامور تمشى بالشكل اللى بدأنا بيه، أعمل إيه؟
د. يحيى: إنت زى ما تكون بترجـّعنا لفرويد وإبداعه، مع قصوره برغم كل الاحترام، حا نبتدى برؤية فرويد من حيث علاقة الوسواس بالمسألة الجنسية: تلاقى هنا مؤشرات للحكاية دى، لكنها مش كفاية، لكن إذا اتنقلنا من فرويد لبعض اللى طلعوا من عبايته، أقصد المدرسة الإنجليزية للتحليل النفسى، يعنى ميلانى كلاين وفيربيرن وجانترب والجماعة دول، نلاقى نفسنا فى حدوتة تانية، يعنى المسألة مش أساسا لخبطة فى الجنس، لأ دى مسألة إشكاليات “علاقة” بالآخر بصفة عامة، يعنى نبدأ من النظر فى العلاقة اللى أحد تجلياتها الجنس، أقصد “العلاقة بالآخر“، يعنى “الموضوع“، ونركزعلى العلاقة بالموضوع، ما هى إسمها مدرسة العلاقة بالموضوع، ما هى العيانة بالنسبة لزوجها موضوع، وهو كذلك هو بالنسبة لها موضوع، نلاقى نفسنا فى مواجهة الواقع بصفة عامة، وواقع ثقافتنا بشكل خاص، وهـُبْ نواجه المؤسسة الزواجية عموما، وفى مصر خصوصا، وبرضه فى البلاد العربية، هىَّ هىَّ تقريبا، ودى حدوتة تانية.
زى ما يكون الجنس اللى انت وصفته، وبرضه الأعراض، بيعلنوا مع بعض صعوبات العلاقة بالموضوع، بالآخر، حتى الفشل، كل المشاكل اللى انت قلتها، واللى ظهرت فى شكل أعراض هى موجوده فى طبيعة المؤسسه الزواجية فى مصر خصوصا، وفى العالم غالبا، لكن مش ضرورى تظهر بالشكل ده، ولا بالحجم ده، يمكن تظهر فى شكل خناقات على فلوس، على تربية الولد، على أى حاجة هايفة أو مش هايفة. يبقى الحالات دى بتجرجرنا لمواجهة واقع ما لوش حل سهل، يعنى إزاى نصنع من هذه المؤسسة الصعبة، نـِـصنـَّـعْ منها حياة حلوة وصادقة تليق باللى وصلت إليه البشرية أو المفروض أنها توصل له، إنت يا أحمد متجوز حديثا، مش كده، فأنا خايف اللى إحنا بنقوله ده يلخبطك بدرى بدرى، إنما هى مسئولية على أى حال، آه مسئولية ممتدة ممتدة ممتدة، وإن ماكناش نواجهها بكل صعوبتها سواء ظهرت فى صورة أعراض أو من غير أعراض، ونعرف إن الصعوبات ممكن تستمر حتى الموت بصراحة، نبقى مش واخدين الحكاية جد، أنا مش عايز أبالغ، لكن الجواز إن ما كانشى فيه حركة وشغل طول الوقت، طول العمر، حايبقى يا تلصيم يا كذب، أنا مش قصدى يبقى فيه حركة يعنى صراع، لأه، أنا قصدى تخبيط جاد، ومرة تصيب ومره تخيب، فإنت من غير تنظير ومن غير الكلام ده كله لمست كل حاجة بتلقائية جيدة، شفت الجنس، وشفت الاعتمادية، وشفت الاستعمال، وشفت الطهقان بعد الاستحمال، وشفت تهديد المؤسسة من أساسها، لكن ما حددتش أولويات كفاية، ولا محكات تقيس بيها واحد ورا التانى كفاية تقوم بقى تعمل ايه؟ إنت عندك مشكله ظاهرة اللى هى “العَرَض”، مش هوه الوسواس برضه اللى جابها للكشف والاستشارة، وبعدين لقيت نفسك بتشتغل فى خلفية شديدة الدلالة والأهمية: الخلفية اللى وصلتنى منك إنها من عيلة كلها بتشتغل مهنة واحدة، مهنة عالية، أصحابها فاهمين إنهم أحسن من الناس، يعنى نباهة وشطارة، وكليات قمة وكلام من ده، ودى واحدة تمثل العيلة دى، وآخر العنقود، وكلهم بنات، راحت متجوزة واحد من نفس المهنة برضه، راجل طيب، ومتدين، وما بيفكرش يهلس، وجعان بحقيقى زى أى واحد جعان، مش بس جعان علاقة، يمكن جعان كل حاجة، تيجى الست دى تشتكى وتتعب وتروح لدكتور نفسانى بعـَرَض معين، فإحنا لمَا نركز على العرَض يعنى الوسواس، ونعمل شوية شغل، يعنى سواء بالأدوية، أو بالعلاج السلوكى، أو بالإتنين، أنا باشوف إن دى بداية كويسة، وكتير بتجيب نتيجة معقولة على قد شكوى البنيـّة، بس يعنى إذا إكتفينا بكده لازم ننسى الحواديت اللى انت قلتها دى كلها، ونهتم بالعرض، وإسم المرض، وكلام من د ه وخلاص…، إنت ما عملتش كده.
د.أحمد الشافعى: أنا بعدت خالص عن المنطقة اللى فيها الوساوس وطلبت إن إحنا نظبّط بقية الحاجات يعنى ركزت على حجم الإعاقة الحقيقية اللى معطلة حياتها.
د. يحيى: كتر خيرك، أنا بقى زى ما أكون بادعوك دلوقتى للعكس، يعنى آن الأوان إن إحنا نبص للوسواس أكتر شويتين، يا ناخد معلوماتنا عنه بالقراية، يا بالخبرة، وبصراحة الإتنين لازمين، ونشوف له حل أسرع شوية.
د.أحمد الشافعى: أنا فكرت فى ده يادكتور يحيى بس أنا خفت عليها، خفت عليها فعلا من إن لو راح الوسواس بسرعة يمكن تتفك، يعنى يجيلها فصام زى ما حضرتك علمتنا إن الوسواس ساعات يكون دفاع ضد الفركشة، خصوصا إن الست دى عندها تاريخ عائلى إيجابى للفصام.
د. يحيى: مين فى عيلتها؟
د.أحمد الشافعى: خالتها على طول، فصام صريح.
د. يحيى: كده؟ لأ عندك حق، عندك حق أكتر مما لو كانت عيلتها خالية من الفصام بالذات، بس دى مش قاعده، وإلا حانسيب كل الأمراض اللى بنعتبرها دفاعات ضد الفصام، وإنت عارف رأيى إن أغلب الأمراض كده، يعنى لو مشينا ورا المخاوف دى يبقى نسيبها بقى ونقعد نتفرج عليها، عشان خايفين من الفصام.
د.أحمد الشافعى: إمال نعمل إيه؟ أنا فكرت فى ده برضه…
د. يحيى: طيب يا ابنى، ربنا يخليك، إنت فكرت تفكير فى الإتجاه السليم، بس ناقصُه التحضير والوقت والتوقيت، إنت بتقول إن كل المدة على بعضها تمان شهور، وهى ما انتظمتشى ربع ربع إلا من تلات شهور، باينهم حايرسوا على شهر.
د.أحمد الشافعى: يعنى، كلهم تمان شهور وآخر شهرين هما المنتظمين.
د. يحيى: شهرين، وضيف عليهم شهر متقطع أو أكثر فى المدة اللى قبل كده، يبقوا يرسوا على تلات شهور ونص، إيه رأيك؟
د.أحمد الشافعى: فعلا مش كفاية.
د. يحيى: يبقى إنت عملت عمل جيد لحد دلوقتى، أولا إنك قدرت تقلب عدم الانتظام فى حضورها الجلسات إلى انتظام، ثم إنك ركزت على تنظيم الأداء اليومى بدل ما تتسرع وتركـّز على الأعراض، وعملت علاقة بالزوج، وبقى يحترم كلامك، وهى كمان خدت بالها من النقلة، يبقى فاضل يعنى إنتقاء التوقيت المناسب للتدخل فى الأعراض بأقل ضرر ممكن، يعنى لا بد من المغامرة بعد شوية وقت تانيين، مش عارف قد إيه، واللى يحصل يحصل، ولو حصلت أى حاجة بعد ما عملتو مع بعض العلاقه الطيبة دى، الدنيا مش حاتتهد، هوا لما يقل الوسواس كدفاع ضد الفركشة، يمكن تظهر علامات خفيفة تدل على بداية فركشة، التفكيك الخفيف خفيف هو ضرورى فى عملية إعادة التشكيل لدفع عملية النمو، اللى هى هدف العلاج اللى بحق وحقيقى، فيبقى الفصام اللى انت خايف منه، وارد، إنما وارد قصاده فرصة حقيقية تستاهل، عشان كده التوقيت مهم، هى طول ما هى بتيجي، وبتتغير، والراجل مستحمل ومتدين ومافيش تهديد للمؤسسة الزواجية حتى بالمعنى التقليدى، يبقى الوقت لصالحنا، يعنى لو حوّد الزوج وشاف له تصريفه كدا ولا كده، حا تبقى المسألة محتاجة جهد أسرع وأصعب، إنما الحمد لله الراجل مافيش، هـُسْ هـًسْ، وهى برضه من الناحية دى هـُسْ هـًسْ، تبقى فيه فرصة أرحب شوية، لو كان الراجل أقل تدينا أو أقل التزاما، وراح يدوّر على حقه مع حد تانى، سواء بورقة أو من غير ورقة، كان ده حايمثل خـُرْم يسرَّب كل اللى إحنا بنعمله، إحنا دلوقتى عندنا وضع كويس بيسمح بشوية صبر زيادة، وبالاستمرار فى التحضير لمهاجمة العرض اللى هى جاية بيه، وإنت ماشى بحساب مظبوط لأنك واضع محكات لإيجابية العلاقة بتهديك للمرحلة اللى أشوفها أول بأول، وللخطوة اللى جاية، الانتظام فى الحضور اللى تم مؤخرا ده بعد صبرك على عدم التزامها لا بالمواعيد ولا بالتعليمات، ده لوحده يعتبر نقلة كويسة، يعنى إحنا دلوقت وصلنا لحضورها شهرين بانتظام، كويس، لو حاننجح نخليهم تلات اربع شهور ثم ستة مثلا، خير وبركة، ساعتها تبتدى تشتغل زى ما انت عايز بالأدوية وغير الأدوية فى الأعراض، إنت عارف أنا بادّى الدوا إزاى، يعنى بنحط الحسابات دى كلها فى الاعتبار، هى بتاخد أدوية إيه دلوقتى؟
د.أحمد الشافعى: هى بتاخد ستيلازين وأنافرانيل بجرعة متوسطة.
د. يحيى: عليك نور، إنت عارف أنا باحترم الأنافرانيل فى الحالات دى قد إيه، باحترمه لأنه بصراحة بيجيب نتايج كويسة، وإنت عارف فكرتى اللى ورا الفرض اللى أنا حطيته وباشتغل بيه فى المنطقة دى، أنا باشوف إن الأنافرانيل زى ما يكون بيقطع حلقة نيورونية فى المخ أولها فى آخرها، يعنى حلقة مقفولة، ده اللى بيخلى الفعل أو المخاوف تتكرر زى ماهى، كل ما العيان يعمل حاجة، لأن الحلقة مقفولة، زى ما يكون مخه بيأخذ خبر إنه ما عملهاش، يقوم يعملها تانى، وهكذا، ييجى الأنافرانيل (وحاجات تانية حديثة زيه) يقطع الحلقة دى، يروح بقية المخ واخد خبر إن الحاجة اللى اتعملت اتعملت، يقوم ما يكررهاش، طبعا الأنافرانيل مش بيعمل كده لوحده، إحنا لازم نلقط قطع الحلقة دى بالدوا، وهات يا علاج سلوكى، وهات يا علاج معرفى، عشان الحلقة المقفولة تتفرد وتكوّن برامج جديدة تخلى اللى كانت حلقة تتقلب خط محنى قابل للامتداد، والتقدم، طبعا ده مش وقته لكل التنظير ده، والفرض ده لا يمكن إثباته بالتجارب العادية، إنما ما دام بيجيب النتايج اللى إحنا عايزينها، يبقى يتثبت وقت ما يتثبت، نييجى للدوا التانى اللى هوا الاستيلازين، ده دوا طيّب، وبرغم إنه هو من المهدئات الجسيمة([30]) إلا إنه حنيـّن، طبعا أى دوا من النيورولبتات([31]) ينفع لو ظبّـطت الجرعة المناسبة، فايدة النيورولبتات هنا إنها بتحجـِّم نشاط أى مخ قديم، وهوا ده المخ اللى إحنا خايفين منه ليكون متحفز للتنشيط المستقل أول ما الوسواس يقل، وده اللى انت كنت بتشاورعليه وتقول أنا خايف من الفصام، يبقى إنت بالشكل ده بتشتغل فى الوسواس وعينك على الفصام، ده من ناحية الدوا، والحاجات التانية ماشية زى ما انت ماشى وإتناقشنا فيها، يعنى حاتستمر فى كل ده وإنت عمال تشتغل فى العلاقة مع جوزها، ومع شغلها.
بس خلى بالك ضبط جرعة الدوا أسهل من ضبط جرعة العلاقة مع جوزها بالذات، يعنى المسافة بينها وبين جوزها، مش عارف بقى حاتقدر تظبّطها إزاى مرحلة بمرحلة، يعنى تحط احتمال إن لو هى اتحسنت مش بس فى الوسواس، يعنى إتغيرت، يمكن جوزها يبعد أكتر، ويمكن أى حاجة تانية، طبعا ما تخليش الحسابات دى تسبقك، إوعى حساباتك تبقى وصية زيادة على خبرتك، وآدى احنا أهه مع بعض، أنا مش متأكد إيه اللى ممكن يحصل، لكن خلينا نشوف، وربنا يكون فى عونك ويجزيك خير، وتستحمل، ما هو ما دام إحنا عرّضنا نفسنا للشغلة دى يبقى لازم نستحمل الناس طول ما الناس بتيجى وتطلب اللى عندنا، نديهم اللى عندنا، واللى مش عندنا عند ربنا، ولا إحنا حانجيبه منين؟
د.أحمد الشافعى: شكرا
****
التعقيب والحوار: على الاستشارة الأولى
د. ناجى جميل:
تعجبت فى هذه الحالة من قبول الزوج ورضاه عن قيامه بكل أعمال المنزل ومسئوليات الزوجة أثناء شدة المرض، والعكس صحيح بعد بداية التحسن، لذا تساءلت عن احتمال افتراض أن الزوج كان على ما يبدو مستفيداً بأداء هذا الدور الشامل اللاغى للمريضة، وبالتإلى فقد كان داعما للمرض والدور السلبى للزوجة، وعند بداية التحسن، وتوقف الاعتمادية فقد دوره هذا، بدأ يفكر فى الانفصال.
د. يحيى:
إضافة مهمة، كل شىء جائز يا ناجى أتصور أنها فكرة يمكن أن تفيد المعالج الزميل، وكل متدرب، لكننى متردد فى قبولها لمجرد أنها احتمال جيد، لابد من التعامل معها على أنها “فرض” يحتاج متابعة وتحقق ثم نرى.
د. مدحت منصور:
عندما نبدأ فى تأسيس المؤسسة الزواجية يكون السن أصغر وكذلك كل من الخبرة والثقافة وعمق النظرة، فحتى الاختيار يتم على مقاييس غير المقاييس التى تتطور طول الوقت، والأغلب أن الطرف الآخر لا تصله رسالة التغيرات طول الوقت أو لعله يرفض أن يصدق أو يرفض أن يتطور فتكون النتيجة هى مؤسسة جامدة باردة قامعة غالبا، أو على الناحية الأخرى وهذا نجده كثيرا كما قلت حضرتك مبنية على الكذب والتلصيم فإذا توقف الكذب أو سقط التلصيم غرقت معه المؤسسة فى الابتعاد والبرود. يعنى (مسئولية ممتدة ممتدة ممتدة) ونعرف إن الصعوبات ممكن تستمر حتى الموت بصراحة، نبقى مش واخدين الحكاية جد، أنا مش عايز أبالغ، لكن الجواز قصدى إن ما كانشى فيه حركة وشغل طول الوقت، طول العمر، حايبقى يا تلصيم يا كذب، أنا مش قصدى يبقى فيه حركة يعنى صراع، لأه، أنا قصدى تخبيط جاد، ومرة تصيب ومره تخيب، يعنى معاناة ومكابدة طول الوقت، ووقت كتير مر ولحظات حلوة تقضيها وأنت تنتظر! لا تستطيع التراجع وتتذبذب بين التفكير فى التخلى وعدم فعله، يا نهار أبيض وعلشان إيه ده كله، طيب أقولها صراحة علشان حاجات ثانية منها الونس الذى قد تجده فى لحظة، تقعد تحسبها يا ترى لحظة صدق أو كما قبله، الحقيقة أنا اتلخبطت.
د. يحيى:
ليس تماما،
لكنك لقطت كثيرا مما ينبغى التقاطه.
د. عمرو دنيا:
ما قدرتش أفهم موقف الزوج والتغيير اللى حصل له وشفت كده إنه ما صدق ورمى الحمل اللى كان شايله ويمكن تكون هى دى الحركة أو التخبيط اللى حضرتك شاورت على ضرورته وأهميته فى الزواج بدلا من الجمود والضحك على الدقون والتمثيل.
د. يحيى:
أنا لم أقصد ما أشرت إليه تماما، أنا أقصد الحركة الدالة على حيوية العلاقة، واكتشاف الاختلاف، من حيث أن الآخر هو موضوع مختلف، وأن كل طرف يتحمل الطرف الآخر مختارا مستمرا وهو مختلف، فتتحرك العلاقة، ومن ثمّ “التخبيط”، إلى أحسن، وهو عكس “رمى الجمل بما حمل”، وهو يعنى الانسحاب.. والتخلى إلخ.
أ. عبد المجيد محمد:
فهمت ضرورة مراعاة عدم جعل حساباتى كمعالج وصية على خبرتى، وأيضا كيف أن التفكك الخفيف ضرورى فى عملية إعادة التشكيل لدفع عملية النمو التى هى هدف العلاج اللى بحق وحقيقى.
د. يحيى:
هو كذلك.
أ.عبد المجيد محمد:
استفدت كثيراً من تعليق حضرتك على دور الأدوية (ستيلازين- أنفرانيل) فى هذه الحالة.
د. يحيى:
لكن “بتوع” الدواء لا يريدون أن يصدقوا أى فرض غير ما يروّجونه بأقل قدر من الممارسة الاكلينيكية الفعلية والإبداع، مكتفين بالأرقام، والمقارنات المستحيلة، والتقييم الكمىّ السطحى.
أ. محمد اسماعيل:
حضرتك طول الوقت بتحذرنا من التعميم رغم كده عممت على كل المؤسسة الزواجية اللى فى مصر.
د. يحيى:
عندك حق، ربما،
لكننى لم أقصد ذلك، ولا أعتقد ذلك
أنت على “وش” زواج كما أعلم،
“تزوج وعش سعيدا”،
أظن أن هذا كان عنوان كتاب خفيف خفيف تصفحته منذ أكثر من خمسين سنة.
وأنا شخصيا لا أمانع، أنت وشطارتك
ما أمكن ذلك.
أ. محمد المهدى:
هو المعالج من حقه إنه يزهق من عيان؟! يعمل إيه لو حس بالزهق ده وإيه هىَّ المعايير اللى يقدر بيها ياخذ قرار عدم إكمال العلاج لأسباب قد ترجع إلى عدم التزام المريض دون أن يكون موقف المعالج هو تخلى من ناحيته عن المريض؟ أرجو الإفادة.
د. يحيى:
أذكر يا محمد أننا ناقشنا ذلك قبل الآن عدة مرات، فأكتفى أن أذكرك بأنه لكل حالة حساباتها، وفى نفس الوقت تكررت الإشارة إلى ضرورة احترام مشاعر المعالج مهما بدت سلبية، وإلا فإنها سوف تصل إلى المريض رغما عن المعالج، وسوف تكون النتيجة فى غير صالح الإثنين غالبا، الاستمرار، الحل العملى المسئول يمكن فى الاشراف، والقياس بمحكات تحقيق أهداف متوسطة، وتحمل المسئولية، وربنا يسهل.
أ. محمد المهدى:
يبدو لى أننا فى حاجة إلى إعادة النظر فى الوسواس القهرى، والشغل فيه بدلاً من أن ينصب اهتمامنا على دفع المريض فى إتجاه عدم التحدث عن الأعراض، ذكرت حضرتك علاقة الوسواس بالجنس، فما موقف الدين من هذه العلاقة؟
د. يحيى:
أنا أشرت فقط إلى علاقته بالجنس مجرد إشارة، وأنّ هذا كان شغل فرويد الشاغل.
أما علاقته بالدين فقد أثبتت معظم الأبحاث التى أجريت لدينا فى مصر أن أغلب “محتوى الوساوس” هى محتويات دينية، وأعتقد أن هذا قد يرجع جزئيا إلى مغالاة بعض رجال الدين فى التأكيد على طقوس الطهارة مثلا، أو سوء تفسير الآيات الكريمة أو الأحاديث الشريفة المتعلقة بكلمة “وسواس” لست متأكدا.
هذا علما بأن المحتوى شىء، وآلية تكون الوسواس شىء آخر.
أ. رامى عادل:
أن يحتمى كل منهما بالآخر: استشارة، واسترشاداَ، وتلقيا، فتنبعث الحرارة بأوصالهم، يحفزهما الإلهام، وتسبقهم الأمانى.
د. يحيى:
على البركةّ
تمام التمام!
****
الاستشارة الثانية (نفس الحالة 28)([32])
د. أحمد الشافعى: هى مريضة عندها 29 سنه بتشتغل……، إلخ (أعاد الدكتور أحمد التلخيص كما قدمه من قبل ص111).
د. يحيى: مش هى دى الحالة اللى قدمتها لنا قبل كده؟
د. أحمد الشافعى: أيوه
د. يحيى: حوالى إمتى؟
د. أحمد الشافعى: من 5 أسابيع مثلا أو من 6 أسابيع .
د. يحيى: أظن أكتر، ما علينا، طيب، ممكن تقولنا السؤال كان إيه المرة اللى فاتت؟
د. أحمد الشافعى: كنت باقول لحضرتك إنى أنا كنت باشتغل معاها هى وجوزها فأنا كنت حاسس ان العلاقة ما بينهم صعبة، وهى فى الأول كانت معتمدة عليه اعتماد كلى، وهو قايم بالدعم تمام التمام، وبعدين هوه رفع إيده بعد تمان شهور ما كانتشى منتظمة فيهم إلا الشهرين الأخرانين، وجوزها عمل كده بناء على مقابلات معايا، وتعليمات مستمرة، وكانت هى مريّحة فى الأول على كده، فالوساوس كانت بتزيد، وكان رأيى إن اللى جوزها كان عاملة ده هوا اللى بيخليها تريح أكتر فى العيا بتاعها، وبعدين لما جوزها خلع هى إتحسنت شوية من ناحية المرض، لكن العلاقة ساءت بينها وبينه.
د. يحيى: السؤال كان إيه؟
د. أحمد الشافعى: السؤال كان أعمل إيه فى ده؟
د. يحيى: الجواب كان إيه؟
د. أحمد الشافعى: الجواب هو حضرتك الأول سألتنى إنت بتعالجها ازاي، يعنى الأعراض الأول ولا إيه، أنا قلت لحضرتك وقتها إن إحنا مع تحسن الأعراض زادت المسافة بينها وبين جوزها أو حاجة زى كده.
د. يحيى: طيب وبعدين؟
د. أحمد الشافعى: “……” ما أنا بافتكر النص اللى حضرتك قلته.
د. يحيى: نص إيه يا بنى، بالتقريب كده.
د. أحمد الشافعى: ما هو حضرتك قلت لى كمل شغل زى ما انت شغال معاها، وإن علاقتها بجوزها إذا كانت هى اللى حامياها شوية، يبقى يعنى إحنا ينفع نوفر لها قدر معين من الدعم من خلال العلاج، عشان يبقى فى إيدنا إننا نقدر نساهم فى تنظيم العلاقة واحدة واحدة.
د. يحيى: هى ليها عمل مستقل عن عملها مع جوزها؟
د. أحمد الشافعى: لأ هى كانت هى وجوزها شركاء، هى لها أودة فى شغل جوزها.
د. يحيى: كانت بتروح شغلها؟
د. أحمد الشافعى: كانت بتروح متقطع جدا، يعنى هى كانت بتقول هى تُعتبر ما بتروحش يعنى.
د. يحيى: ماشى، كمل بقى فى سؤال النهارده:
د. أحمد الشافعى: هوّا اللى حصل إن أنا لما بدأت أتدخل فى شكل العلاقة بينها وبين جوزها زى ما يكون قوّيت جوزها عليها فى البداية أنا اللى زودت وعيه شوية فى إن إنتَ بكم السماح والدعم اللى انت موفره لها كده، ده بتثبتّ المرض، بدليل ان هى لما بتروح عند أهلها ما بيلاحظوش عليها أى حاجه غير طبيعية، لكن معاك هى طول الوقت نايمه بالنهار وما بتشتغلش وقاعده تغسل فى إيديها بديتول، وتجيب الولد وتقعد تحميه، وتوقفك على الباب، وتقول لك تقلع الشوز فين وتغير الهدوم فين،…..، أنا كنت فى نفس الوقت باحاول أوصل للمريضة نفسها إن فيه تهديد إن العلاقة بينك وبين جوزك ممكن تتقطع لإنك إنتِ محمّلة عليه بزيادة، الجديد بقى إنى اتفاجئت من شهر أو شهر ونص تقريبا إن هى جت لى العيادة وبتقولى خلاص هو جوزى سمع نصيحتك وهو طلقني، رجعنى عند أهلي، وأنا اتطلقت، وحايبعتلى ورقة الطلاق، المهم يعنى أنا كملت: طـَـبْ وانت عند أهلك الدنيا ماشيه إزاى، الوساوس والشغل وبتاع، وحطيت لها نظام لغاية لما يبقى فيه إتصال مع جوزها.
د. يحيى: يعنى قاعدة عند أهلها دلوقتى بقالها أربع اسابيع؟
د. أحمد الشافعى: لأ ما هو ما حصلش، اللى حصل إنها بعد ما روحت بأسبوعين جوزها كلمنى وقال لى إنت إيه رأيك أنا ماعدتش مستحمل، أنا خلاص الدنيا ضاقت بى، قلت له إنت بقى لك فترة مستحملها، فترة طويلة، فإحنا نديلها فرصة أكتر، بس سيبها تستوعب الأمور شوية وتفضل عند أهلها فترة يعنى ما ترجعهاش دلوقتي، وفعلا سيبناها تقعد عند أبوها أسبوعين. فى الأسبوعين دول هى اتظبطت جدا ورجعت دلوقتى بيتها، جوزها رجعها البيت والدنيا ماشية أحسن.
د. يحيى: جوزها راح رجعها ولا هى اللى رجعت؟
د. أحمد الشافعى: لأ جوزها راح رجعها.
د. يحيى: وهى كان موقفها إيه؟
د. أحمد الشافعى: مافيش هى فى الأسبوعين دول كانت حاتموت وترجع له، ما كانتش مستحملة إن هو يطلقها يعنى كان بالنسبة لها كان أكبر تهديد ممكن يحصل إن هو يكمل ويطلقها، فلما راح يتكلم معاها يعنى قال لها حاترجعى بس أنا شايف إن اللى انت بتعمليه ده إن انت مزوداها، وإن ده مش عيا، حاترجعى وحاتلتزمى إنك تنزلى الشغل، وحاتروحى للدكتور، وحاتروحى فى المواعيد، لو موافقه على ده تعإلى نرجع وحاستحمل شوية زى محاولة أخيرة، مش موافقة خليكى فى بيت أبوكى وأبعت لك كل حاجتك لحد عندك، فهى وافقت ورجعت فعلا.
د. يحيى: من أسبوعين؟
د. أحمد الشافعى: لأ هى قعدت أسبوعين عند أهلها.
د. يحيى: ورجعت من قد إيه؟
د. أحمد الشافعى: يعنى تقريبا كده من تلات أسابيع، وهى لما رجعت الدنيا ماشيه كويس خالص يعنى الوساوس تقريبا شبه مختفية والجزء اللى باقى منها هى عارفه إنها حا تداريه حتى على جوزها عشان ما يحسش بأى حاجه، وأنا من ناحيتى خليتها تنزل الشغل، بس شغل بعيد عن مكتب جوزها، دلوقتى هى بتنزل كل يوم ولغاية النهاردة، يعنى من ناحية الشغل هى ماشيه كويس، من ناحية الماجيستير قدامها ست شهور وتخلص، وهى بتشتغل فى الرسالة وعلى وشك إنها تخلصها وحاتناقش فى خلال ست شهور.
د. يحيى: ما هو الشكل كدا باين تمام التمام، إيه بقى، فيه إيه؟ السؤال بتاع النهاردة بقى إيه؟
د. أحمد الشافعى: السؤال بتاع النهاردة أنا مش عارف أنا ماشى صح ولا غلط، أنا لقيت نفسى طول الوقت إنى ماشى على خط التهديد بالنسبة لعلاقتها بجوزها يعنى.
د. يحيى: تهديد بإيه؟
د. أحمد الشافعى: بالانفصال عن جوزها يعني، هى واصلها إن مجرد توقفها عن سَمَعَان الكلام كده، جوزها حايسيبها، بقى موقفها يعنى إن خلاص أنا حاكمل شغل، وحاكمل دراسه عشان يفضل جوزى معايا، وهو وصل له نفس الرسالة بشكل مبالغ فيه، وأنا خايف من ده كله، مش مستريح
د. يحيى: مش مسستريح من إيه بالظبط؟
د. أحمد الشافعى: زى ما يكون جوزها واصل له إن اللى هى كانت فيه، أو إذا كان حا يظهر تاني، إن ده دلع وإن هى يعنى بإيدها تقدر توقفه زى ما هى موقفاه دلوقتى، فالعلاقه بينهم واقفة على مدى التحسن اللى هى تقدر تكمل فيه، مش تحسن تحسن، لأ، يعنى الشكل اللى تقدر تظهر فيه قدام جوزها، يعنى أنا مش عارف أخلص من الموقف ده لأن أى محاولة إن أنا أحاول أفك الربطة اللى موجودة بين التخويف ده وبين التحسن الظاهرى، خايف إنها ترجع تتدهور تاني، يعنى الربطه بتاعت علاقتها بجوزها قد إيه قوية وقد إيه هى حاسة إن فيه حد داعم ليها، فإذا أنا حاولت أشيل شوية من الدعم ده أو ألوح بيه، الدنيا تتشال وتتحط، فهى بتتحسن أكتر لكن حاسس إنه مش هوا التحسن اللى نفسى فيه، باحاول أوصل لها إن التحسن ده لازم يبقى ليكى انت مش لحساب جوزك أو لحساب إبنك، وإن هدفنا إنك تتحسنى عشانك، وإنك إنت حتى لو إتطلقتي، حتى لو بعدتى عن الراجل ده فانت لازم تفضلى تتحسني، وده لمصلحتك، ما أظنش فيه حاجة من دى بتوصل، وأنا عشان افك الحسبه دى كلها من بعضها لقيتها صعبة جدا، فبحاول إنى اتدخل شوية فى نفس الاتجاه إن ما يهمهاش من سيبان جوزها، ألاقيها بترجع تتدهور تاني، بترجع الأعراض تزيد بشكل واضح.
د. يحيى: السؤال إيه بقى؟
د. أحمد الشافعى: أنا مش عارف أعمل إيه مش عارف أحل الموضوع ده إزاى.
د. يحيى: أنهو موضوع؟
د. أحمد الشافعى: أعمل ايه؟ إيه اللى ممكن أعمله؟ أعمل إيه تاني؟ هل أوافق على الحل الوسط اللى موجود ده وخلاص؟
د. يحيى: أنا شايف يا دكتور أحمد إنك انت فى مرحلة هامة جدا من تطورك اللى هى مرحلة الشطح والأمل، خلينا فى مهنتك، قصدى الشطح كمعالج، اللى انت بتعمله دلوقتى ده شطح، يعنى إيه كلمة شطح علميا هنا، يعنى بُعد عن الواقع بمساحة كافية للشك فى إمكانية الوصول لنتايج قابله للاستمرار، سمعت كل الجمله الطويلة دى يا ابنى.
د. أحمد الشافعى: آه.
د. يحيى: ماشى، مش إنت إتجوزت قريب، مش كده؟
د. أحمد الشافعى: آه.
د. يحيى: طيب ربنا يسعدك، مش إحنا اتكلمنا هنا فى مو ضوع المؤسسة الزواجية دى كتير جدا جدا ولا خمسين مرة، مش كده؟
د. أحمد الشافعى: آه.
د. يحيى: إنت بتلاحظ إنى كل ما اتكلم فيها باحس بحرج شديد جدا، مش بس حرج موقفى هنا وأنا مسئول عنى وعنكم وعن العيانين، لا دا الحرج بيمتد ساعات بينى وبينك، زى ما يكون حرج بالنسبة لجهلى بالتاريخ، أرجع أدور إمتى نشأت المؤسسة دى، قصدى الجواز يعنى، ألاقيها نشأت متأخرة بالنسبة للعلاقات الجنسية والاجتماعية عموما، وبعدين ألاقى إن مجرد نشوءها ده دليل على حاجة البشر إليها، لكن أبص حوالى، وفى مرضاى، وفى اللى بيوصلنى، ألاقى إنها مؤسسة برغم حداثتها، وضرورتها، إلا إنها غير قادرة على مواجهة الصعوبات اللى بنشوفها، زى ما يكون ناقصها حاجة مهمة كده، زى ما تكون نشأت لتحقق غرض كويس، لكن باين إنها فشلت لحد دلوقتى إنها تحققه، إحنا قلنا كتير قوى إن الإنسان بيتميز بإنه اكتسب اللى سميناه الوعى، والوعى بالوعى، وبرضه إنه ما يكونشى إنسان إلا فى مواجهة أو فى حضور بنى آدم حقيقى بياخد ويدى معاه، أنا ما أظنش على حد علمى إن أى حيوان أعرفه عنده الحكاية دى: قصدى “الوعى بالوعى” فى “حضور واحد من نوعه عنده وعى بالوعى زيه”، الحيوانات بيعملوا علاقات ما بينهم وبين بعض، إنما أظن من غير الوعى ده اللى إحنا بنتكلم عنه، ويمكن العلاقات الثنائية الممتدة، اللى أهم أشكالها الجواز عند الإنسان، هى اللى لوحت بفرصة لحاجة زى كده، يعنى إن إحنا نعمل علاقات مع بعض، فى وحدات منظمة، لها قواعد مهمة، وفى نفس الوقت تسمح باستمرار الوعى باللى جارى، يعنى إن كل واحد محتاج للتانى أو التانية، ومختلف عنه، ومستحمل، ومكمل، ده بيشمل مشاعر مش بسيطة أو مختزلة زى ما هو شائع، مرحلة الإنسان اللى هى احتاجت للمؤسسة الزواجية كده اللى لسه ما أثبتتشى نجاحها قوى لأنها ما حققتشى الغرض ده، هى مرحلة تحمُّل الغموض، واحتواء التناقض، يعنى مرحلة ثنائية الوجدان مع بعض، اللى هى قصاد الموقف التالت بتاع مدرسة العلاقة بالموضوع، الموقف ده بيسموه الموقف الاكتئابى، وأنا مابقيتشى مستريح للتسمية دى، لأنها على طول بتحسسك إن إحنا بنتكلم عن مرض، وده غير صحيح، المؤسسة الزواجية لما نشأت، كانت مشروع واعد بتحقيق إمكانية التواصل على المستوى ده، وده بيتطلب تنظيم وقواعد، هى اللى قلت لكم عليها ييجى عشرين مرة وأحسن اسم عجبنى هو “القواعد النحوية بتاعة الأسرة”([33])، يعنى المسموح، والممنوع، والأصول، واللى مش أصول، والحاجات دى، فإنت يا ابنى بتشتغل فى المنطقه دى مع الناس دول، يستحسن تتعرف على الصعوبات التاريخية من جهة، وتفرق بين المأمول والممكن من جهة أخرى، مش بس على مستواهم، لا من حيث المبدأ، بصفة عامة، ومن عظة التاريخ.
د. أحمد الشافعى: وبعدين؟
د. يحيى: وبعدين إنت متجوز قريب، وأنا شاورت لك على ده، ومش عايز أغوّط، لأن أى شغل فى المنطقة دى، لا بد حايسمّع فيك وفى علاقتك بزوجتك،….، فحتلاقى فيه حرج شديد حرج شعورى، وده مقدورعليه، لكن خد عندك بقى الحرج اللاشعورى، فإنت لو أمين، وإنت طبعا أمين لأنك صغير على الأقل، فحاتلاقى نفسك فى ملقف، حاتلاقيك بتشتغل فى المنطقه دى غصب عنك، تخاف ويمكن تتوجع، صحيح حاتبقى فى مهنتك أحسن عشان الأمانة اللى حا توصل للعيان، لكن المسألة صعب عليك وعلى أى حد، هنا ينبغى إن إحنا نتواضع، ونحسبها من بره بره شوية.
د. أحمد الشافعى: إزاى؟
د. يحيى: إنت عمال بتشتغل مع الست دى وجوزها شغل جيد جدا، اللى انت عملته ده تمام التمام، إنك تستحمل وتفوّت تمان شهور، ولا هى كانت منتظمة، ولا ملتزمة، إلا فى الآخر لما خافت من الطلاق يمكن، لكن إنت ما بطلتش، عملت قواعد سلوكية شوية، وتربوية شوية، والراجل جوزها ساعدك فى الأول بالذات، بس جه على الآخر، وزودها الناحية التانية، وإنت صابر وبتحاول، ومش راضى عن اللى كل الدكاترة بيفرحوا بيه، يعنى مش مكتفى بمجرد إختفاء الأعراض، وبتدور على حاجة لها عمر أطول،عايز إيه أكتر من كده، كتر خيرك يا شيخ.
نيجى بقى لموقفك الأخرانى ده، وهو موقف جيد أيضا، لأنك عايز البنية تتحسن ليها، مش مجرد سَمَعان كلام وخوف وخلاص، كل ده جيد جداً، تقريباً لا أنا ولا غيرى يقدر يعمل أكتر من كده، حانعمل إيه يعنى! برضه إنت واعى ومش راضى، يبقى لازم المقاييس بتاعتك تمتد جوه شوية أو شويتين عشان نعرف إحنا رايحين فين.
إسمح لى بقى أشطح زيك، ما هو الشطح فى مهنتنا ما لوش سن، فأنا بابص للمؤسسة دى باحترام وصبر، بس لا بتقديس ولا بتسليم، طالما هى مؤسسة ما نجحتشى لسة، بشهادة التاريخ والواقع، وطالما إن كل البدائل اللى حاولوها خصوصا فى الخمسين ستين سنة اللى فاتوا ما أثبتتشى إنها أكثر نجاحا منها، فلازم ما نستسلمشى لشكلها القائم ده، أنا باعتبرها لحد دلوقتى مؤسسة تجريبية بلغة التطور، بس ده بيفتح باب للاستسهال، يعنى للتراجع، للطلاق مثلا، بس إحنا اتفقنا إنى حاشطح زيك، أنا يمكن أسرح أكتر منك بكتير، فباقول إنها بالشكل ده لازم – عشان تعيش- تبقى مؤسسة دائمة التغير، مش تغير بمعنى الاستبدال، وإلا حاتكرر نفس السكريبت فى الغالب، لكن التغير بمعنى الحركة المستمرة، أول ما الجواز يستقر ويهدا تحس إن الأمور مش هيه، ولازم نسلم إن الحركة هى خطر من حيث المبدأ، طيب إزاى تبقى مؤسسة ضرورية وفى نفس الوقت الحركة جواها خطر؟ طب نعمل إيه، ما هو ده قانون التطور، ده برضه قانون النمو ياشيخ، لو انت استكفيت بالسكون الظاهر بتاع سَمَعان الكلام، واختفاء الأعراض كده، أظن تبقى غلطة كبيرة، إحنا مش واخدين بالنا منها، نرجع نفحَّر بالراحة فى الحتت الضلمة، أنا مش فاكر المره اللى فاتت أنا سألتك على العلاقه الجنسية بينهم ولا لأه.
د. أحمد الشافعى: تقريباً الإثنين كل واحد فيهم بيمثل على الثانى.
د. يحيى: ودلوقتى؟ بعد ما رجعت البنّية ضاربة تعظيم سلام؟
د. أحمد الشافعى: الأول كانت العلاقة بينهم كتير يعنى.
د. يحيى: ومع ذلك بتقول كل واحد بيمثل على الثانى، أنا مش باسألك عن العدد.
د. أحمد الشافعى: دلوقتى بقت على فترات أبعد.
د. يحيى: يعنى كل قد إيه؟
د. أحمد الشافعى: مرة كل أسبوع.
د. يحيى: الظاهر هم استحلوا التمثيل، ولاّ إيه؟.
د. أحمد الشافعى: بس يعنى العلاقة مش حقيقية.
د. يحيى: لازم نشوف نوع العلاقة أهم من كميتها يا شيخ، أنا حتى ما اقصدشى الوصول للذروة بالذات، مش ده لوحده اللى يبين نوع العلاقة زى ما أنا كنت متصور زمان، كنت معلق على الحكاية دى أكتر من اللازم، أنا باتكلم على حاجات تانية، مش بديلة عن الذروة، إنما حاجات بسيطة مهمه يمكن تساعدك تقرا العلاقة بلغة أخرى، الحاجات دى إتعلمتها من شغلى ومن خبرتى ومن قراياتى، ومن مراجعاتى ومن مرضاى، يعنى مثلا تشوف: هما بيبقوا أقرب لبعض ولا أبعد بعدها، يعنى المطالب اللى بيطلبها كل طرف من التانى بتيجى قبلها ولا بعدها، يعنى التفويت بيبقى أخبث قبلها ولا بعدها، يعنى الاهتمامات بالحاجات الصغيرة اللى تهم التانى، بتتضح أكتر بعدها ولا قبلها، ولا من غيرها، وحاجات زى كده، المسائل دى كلها تفرق، أظن عشان المسائل البسيطة دى ما بتتحطش فى الاعتبار، ولا يمكن تعميم دلالاتها، وعشان فى بلاد بره نفس المؤسسة الزواجية دى بقى عمرها قصير، ونسبة الطلاق هناك بتتراوح بين واحد من إتنين إلى إتنين من تلاتة، وفى بلاد جوه الكدب والجهل ماشى على ودنه، تلاقينا من الناحية العملية عند التطبيق محتاسين بحق وحقيق، أى مؤسسة حديثة العهد، وأنا قلت لك إن المؤسسة الزواجية بصورتها الحالية، وبحسابات التاريخ تعتبر حديثة العهد فعلا، لازم تستحمل مراجعات كتير.
نرجع مرجوعنا لمهنتنا، إحنا وإحنا بنعالج عيانين، بنتناول حالة واحدة، إحنا بنعالجهم واحدة واحدة، حالة حالة، لا بنعالجهم بالتاريخ، ولا بالإحصاء، ولا بنحط نظريات، لكن بنستفيد من أى معلومات بنعرفها، فيه دى معلومات مهمة فى المنطقة دى ما تخليناش نشطح قوى، يعنى لما نبص للناس المتقدمين عنا يعنى فى أوربا نلاقى الحكاية ما نجحتشى أكثر، نيجى نبص للبلاد المتخلفة، نلاقيها ما نجحتشى برضه، لكن بصورة مختلفة، بس العيان بتاعنا ما ينفعشى نقول له كده، لازم نشتغل معاه شخصيا على مية بيضا، هى صحيح المؤسسة دى ما فيهاش فرصة حقيقية لتجديد الاختيار، إنما كمان مين قال إن الاختيار الجديد حايبقى أسهل أو أوضح أو أكثر موضوعية تسمح بنجاح عمل علاقة مختلفة عن التجربة اللى فشلت، الأديان حاولت تنظم الحكاية دى، اللى قال لك ما فيش طلاق من أصله، واللى قال لك اللى يطلق ما يتجوزشى تانى، واللى قال لك هى مش لعبة كفاية عليك تلات مرات، كل دى تنظيمات بتحاول بجد أننا نعامل المؤسسة دى بصبر، يمكن بتدى فرصة لنَفَسْ أطول، لكن ما أثبتتشى إنها صلّحت قصور المؤسسة دى من حيث إنها بقت قادرة على عمل علاقة حقيقية بين اتنين مختلفين فعلا، وعندهم الوعى بالاختلاف ده، والإصرار على الاستفادة منه مش إلغاؤه، كل ده وإحنا بنعمل تنشيط وتقليب ناحية الحركة الصحيحة.
أنا آسف أنا طولت، بس حبيت أوريك إنك مش كفاية تكون معالج مخلص وأمين كده، لازم تكون واقعى وعالم فى نفس الوقت، الحكاية الأصعب جدا لما تقيس اللى انت بتعمله بمدى نجاحك شخصيا فى حياتك الخاصة، أنا قلت لكم مرة عيان قاللى بمنتهى الشجاعة، “هو انت عايزنا نعمل اللى انت فشلت تحققه بنفسك لنفسك”،([34]) أنا سكتّ واحترمته، وقلت له يمكن، وده مش عيب، بس ما كنتش حاسس، ولحد دلوقتى، إن ده رد كافى، أنا آسف، نرجع مرجوعنا للبنية دى وجوزها.
د. أحمد الشافعى: يا ريت.
د. يحيى: أنا شايف إنك عملت اللى عليك، وحاتعمل أحسن منه، مثلا إنت انتبهت إنها ما ينفعشى تشتغل فى نفس المكان اللى بيشتغل فيه جوزها، ده زى ما تكون بتشتغل عنده، وده مش كويس عادة، وبعدين إنت قدرت واحدة واحدة تخلق عندها اهتمامات غير المذاكرة والماجستير والتفوق اللى هو باين كان القيمة الأولى والأخيرة فى حياتها عشان تدخل كلية القمة دى زى أخواتها وأمها، ولازم تاخد وقتك يا أخى خصوصا إنها انتظمت فى حضور جلسات العلاج، وإن جوزها اشترط عليها عشان يرجعها، إنها تبطل وساوس، وفى نفس الوقت إنها تكمل علاج وتجيلك بانتظام، يبقى إتهامه لها بالدلع مش إتهام مطلق، هو انت يعنى بتعالجها من الدلع ولا إيه، كل ده لازم يمشى واحدة واحدة مع بعض، وانت بتقيس شغلك بقى مش بالأعراض زى ما نبهنا من الأول، لأن الأعراض دلوقت اختفت تقريباً، وبرضه ما اتعلقشى قوى على نوع العلاقة الجنسية، من ناحية لأنه صعب التحقق من ده، أهو كل واحد بيقول شوية كلام، وبمعنى آخر لأن يمكن تحسنها فى ذاته يكون نتيجة لتحسن العلاقة بينهم، ومش العكس.
د. أحمد الشافعى: طيب ولحد إمتى أقعد أقيس كده؟ على طول؟…
د. يحيى: بصراحة، طول ما هى بتييجى أديك بتعمل اللى عليك، باللى عندك، وإوعى تطلب من نفسك أكتر من كده، ثم إذا كانت المسألة بدأت بالطمأنينة لك، منها هى وجوزها، بدليل الانتظام، وحرص جوزها على الحضور فى المواعيد، وضغطه عليها عشان تنتظم فى العلاج، يبقى المسألة محتاجة وقت، وكمان خلى بالك إن يمكن جوزها يتغير إلى أسوأ لو أتصور إنها رجعت له نِفْسها مكسورة، وتبقى مصيبة لو هو تمادى فى الناحية دى، أعمل معروف إلا ده، إذا شميت ريحة ندالة من النوع ده، لازم تشتغل فى المنطقة دى بالراحة مش بس عشانها، لأ عشانه هو كمان، هو لو يستمرىء الندالة هوا الخسران بينى وبينك، حايبقى إنسان أقبح، كله إلا الكرامة.
د. أحمد الشافعى: المسألة كده بقت أصعب، هوّأ، إزاى يعنى حا يتغير؟
د. يحيى: ما هو انت خليته يتغير فعلا يا أخى من الأول، مش انت اللى خليته يبطل إنها تعتمد عليه للدرجة دى، بس هوّا عدّاك وراح الناحية التانية، ثم خلى بالك إوعى حكاية التغيير دى تبقى هدف فى حد ذاته، إوعى هو يتصور إنك حاتغيرها له لحد ما تبقى على مقاسه، ولا هى تستعملك عشان تغيره بحيث تضمن إنه ما يطلقهاش، التغيير عموما هو نتيجة لحركة فى الإتجاه الصحيح، يعنى ما يصحش يبقى هدف فى ذاته لصالح أى طرف من الأطراف على حساب التانى، ثم إن إحنا ما نعرفشى التغيير ييجى إزاى فى عملية النمو أصلا، دى عملية شديدة التعقيد، عشان كده العلاج له ظاهر وباطن، وساعات الباطن ده بيحصل من خلاله حاجات كتير جدا إحنا ما نعرفشى حصلت ازاى، ولا بناء عن إيه، فيه حاجات فى العلاقات البشريه بتشتغل لوحدها، أنا أظن إن هى فى الأغلب المسئولة عن التغير الحقيقى، مش معنى كده إن إحنا نسلم نفسنا للمجهول، لأ، بس ندى الأولوية للنتائج، إذا جت النتائج هى اللى نفسنا فيها، خير وبركة، إذا ما كانشى تبقى المراجعة واجبة مع احتمالات التصحيح ما دامت الحركة شغالة، بس على شرط الحركة تكون مش فى المحل.
الجهل الإيجابى، والمحكات العملية على أرض الواقع، هما دول رأسمال العملية العلاجية، وهما دول رأسمال التطور، بس مش حاقدر أطوّل فى شرح حكاية الجهل الإيجابى والحركة الصحية أكتر من كده. العلاج النفسى ده مهنة، والمهنة تسمح بالجهل طول ما المهارة بتزيد، فتسيب الحاجات تتحرك وإنت تبقى عامل من ضمن العوامل اللى بتتحرك وبس، وبلاش تحط مقاييس ثابتة لو سمحت، كل حالة لها مقاييسها، وكل ثقافة لها مقاييسها، لأنك انت لو شطحت وحلمت إن الناس دول، الست دى وجوزها، حا يبقوا سعداء ومش عارف إيه، حاتقيس سعادتهم بإيه؟ بسعادتك انت يا ابنى؟ حاتضر نفسك، ده ماينفعش، يعنى حاتبص تلاقى إنك رايح جاى عمال تحاسب نفسك: هو أنا كذاب؟ طيب أمال إيه بقى؟ طب أنا عايز لهم اللى أنا مش قادر عليه ولا إيه؟
إنت بتشتغل وانت عارف شوية حاجات، وبرضه وانت مش عارف حاجات أكتر، والنتائج والإشراف والحاجات دى هى اللى بتبين إحنا فين، وبتهدينا للخطوة اللى بعد كده، وهكذا.
د. أحمد الشافعى: حضرتك كده صعبتها علينا.
د. يحيى: ربنا يستر، ما هى شغلتنا هى اللى صعبة.
****
التعقيب والحوار: على الاستشارة الثانية
أ. يامن نوح:
عندى تعليق وسؤال فى نفس الوقت يخص مسألة أن المؤسسة الزواجية التى على حد تعليقكم “لم تحقق الغرض منها حتى الآن”.
طيب السؤال..هوه ليه الافتراض من المؤسسة انها “هى” التى تؤدى ذلك الدور فى “تحفيز شخصين مختلفين فعلا للاستفادة من الاختلاف لا لالغاؤه”..؟
ربما يحوى ذلك الطموح فى المؤسسة شطحا فى حد ذاته..أو هروبا من طلب ذلك من انفسنا..وكأن التعديل على قوانين المؤسسة كفيل بتوفير ذلك يوما ما..
ثانيا..لوضربنا مثل بمؤسسات العمل مثلا وإلى نشوئها فى البداية يضع “بعض الاشخاص” قوانين “جامدة” بالضرورة لضبط علاقات الأشخاص داخل المؤسسة.. وفى البداية تكتسب هذه القوانين شرعيتها من قوة الأشخاص الذين يقومون بفرضها..ثم بعد ذلك تنفصل القوانين لتكتسب قوة فى حد ذاتها وكأنها تحولت إلى شخص وهمى له شرعية فى حد ذاته.. ولكن برغم ذلك يظل وجود “الرقباء” شرطا لإطالة عمر إلتزام الأفراد بقوانين المؤسسة وبدون الرقباء على النظام المؤسسى تنهار المؤسسة بعد فترة كافية ليكتشف الأفراد فيها خدعة “الشخص الوهمى” للمؤسسة..أقصد من ذلك إن قوة الشرعية فى الدائرة الصغيرة تكون للأشخاص وفى دائرة أوسع تنتقل إلى المؤسسة فى حد ذاتها ولكنها فى الدائرة الأوسع تعود للأشخاص من جديد..
وبتطبيق ذلك على مؤسسة الزواج فإن مرحلة اختراع قوانين المؤسسة هى مرحلة تخطتها الإنسانية (فى إطارها العام إجرائيا وشكليا) ومرحلة تحول تلك القوانين إلى شخص وهمى على ما أظن هى المرحلة الحالية..ولكن المشكلة الآن أن ذلك الشخص الوهمى- وهو فى مثالنا هذا يمثله المجتمع-لم يصل بعد فى مراحل نموه إلى المرحلة التى تمكنه من ضبط تلك العلاقة أو حتى الانفتاح عليها..وهذا يحيلنا إلى المرحلة الأولى (والتى تتطابق فى جوهرها مع المرحلة الثالثة) أى مرحلة نضج الأفراد للرقابة على المؤسسة وليس العكس..
د. يحيى:
أهلا بك يا “يامن” ضيفا جديدا كريما هادفا متسقا.
لقد تناولتَ تَطور المسألة بشكل يتجاوز مجرد تحديات المؤسسة الزواجية، وقد وصلنى باعتباره تعميما جيدا يصلح للنظر فى تاريخ تطور أية مؤسسة بما فى ذلك المؤسسة الدينية، وليس فقط المؤسسة الزواجية.
الرد عليك يحتاج تفصيلا طويلا لا أجد فسحة من الوقت له الآن، وأعتقد أن تعقيبك فيه الكفاية، من حيث المبدأ.
دعنى أقبله ترحيبا وتفهماً.. وأكتفى بذلك الآن.
د. مدحت منصور:
بالنسبة للعلاقة بالموضوع فى الجنس : يحدث أن يتوقع طرف من الآخر شيئا ما أقصد على المستوى الحيوى لا الآلى فلا يجده فيعبر عن ذلك بأنه لا يشعر بشئ، يحدث ذلك أحيأنا وأظن أن الطرف الآخر يوصل شيئا و لكن غير المنتظر لهذا لا يمكن الحكم بسرعة أنه لا يصل شيئا تماما فى حالة زوجين مستمرين فى العلاقة داخل تلك المؤسسة. ما لمسته حضرتك من أن مقاييس العلاقة الجنسية من القرب بعد اللقاء أو التفويت الأخبث أو الاهتمام بتفاصيل صغيرة تهم الآخر وهى مقاييس حيوية ولمست حضرتك ما قبل اللقاء ما يذكرنى برقص الطيور أو الحيوانات قبل التزاوج فيحدث أيضا نفس الشئ من قرب أو إحساس بالقرب أو التفويت أو الاهتمام كدعوة للقاء.
مسألة أخرى كثيرا ما يفشل الزوجين فى التعبير عن نوع الاحتياج على المستوى الحيوى إما لعدم إدراك نوع الاحتياج أو صياغته فى كلمات تعبر عنه، كما أن الالتزام بأداء احتياج ما يستتبع الكثير من الجهد نظرا لعدم التأكد من الاحتياج المطلوب. يعنى هل أنا ماشى صح هل ما أقدمه يصب فى منطقة احتياج الآخر.
د. يحيى:
أشعر عموماً أنه قد وصلك الإشكال، لكننى أحذرك من إعطاء الألفاظ، قدرا أكبر مما تستحق وتستطيع، وأنت تصف تحريك عمق هذه العلاقات.
وكذا وكيت، كما أن المسألة ليست “صح”، و”غلط” بقدر ما هى إبداع وتواصل، أم عمى واستعمال.
أ. حسن سرى:
الطبيب المعالج تسبب فى حالة طلاق وأرى ان ذلك اسوأ مايمكن فكيف يا أستاذنا الكبير لم تعلق على هذا وتبارك للطبيب المعالج وانه قام بواجبه على أحسن ما يرام.
د. يحيى:
هذا لم يحدث، الطلاق ليس بسبب (أو بفضل) الطبيب، ثم لماذا اعتبرت الطلاق أنه أسوأ ما يمكن؟ لماذا أحله الله إذن؟ أنا لا أوافق عموما على الطلاق لأنى لا أحب لابنتى أو ابنى أن يطلق أحدهما؟ ومرضاى هم أولادى وبناتى فلا أحب لهم ذلك أيضا، لكن هذا لايعنى أننى ضد الطلاق على طول الخط، خاصة وأن البديل هو طلاق آخر – فى جولة قادمة– عادة أو ما يسمى “طلاق على ورقة زواج”.
ثم فى هذه الحالة لم يحدث طلاق فعلىَّ، وإنما هو ما يسمى “غضبت فى بيت أهلها” لا أكثر. (ربما يصلح له تعبير “طلاق تجربتى”!)
فلماذا هذا الانزعاج؟
أ. محمد اسماعيل:
كيف يكون التغيير عن طريق الحركة، رغم أن الحركة خطر باستمرار.
د. يحيى:
وهل هناك حركة حقيقية دون خطر، من يرفض المغامرة بالحركة حتى إلى مجهول، عليه أن يستسلم لعدم التغيير، لا يوجد شىء اسمه “التغيير الآمِن” 100%، تتناسب المغامرة مع قدر الحسابات الناقصة، وهذا وارد فى أى محاولة إبداع نحو التغيير.
أ. محمد اسماعيل:
هناك بعض المؤسسات الزواجية تحقق النمو لكن من الممكن أن يكون نمو الزوجة أكبر من نمو الزوج وتكون واعية أكثر فتفشل المؤسسة أيضا، فمتى تنجح هذه المؤسسة؟
د. يحيى:
العكس أيضا صحيح فقد يكون نمو الزوج أسرع.
ثم إن هذه المؤسسة تنجح حين تستمر عملية النمو طول الوقت، بوعى مشارك، ليس فقط من الطرفين، ولكن بمباركة مجتمع محيط طيب مسئول.
أ. عبد المجيد محمد:
حضرتك شاورت فى اليومية إن لازم نسلم إن الحركة هى خطر باستمرار، وفى نفس الوقت شاورت إنها مهمة لأنها بتساعدنا على المراجعة مع احتمالات التصحيح على شرط تكون الحركة مش فى المحل، ماذا تقصد تحديدا…؟
د. يحيى:
كما قلت حالا كل فعل حقيقى جاد هو خطر محتمل، لكنه يستحق المخاطرة إليه وبه، وهذا فقط هو ما يمكن أن يثمر ما نحن – البشر– أهل له، هو خطر بقدر ما هو رائع.
أما “الحركة فى المحل” فهى حركة زائفة حيث أنها لا تؤدى إلى تغيير، الحركة فى المحل هى وهم الحركة دون تغير كيفى، هى بالضبط “محلك سرْ”، جرّبها كما كنا نعمل ونحن فى الابتدائى، أو وأنت فى الجيش، أما الحركة المخاطرة، فهى الإقدام حتى لو لم نعرف المآل، فقط علينا أن نحسب التوجه”
ياه!! يبدو أننى صعّبتها، بدلا من أن أشرح “ماذا أقصد”، عذراً
أ. محمد المهدى:
هل يمكن فهم دور الزوج هنا أنه كان يقوم بدور “المضحى” فى حالة وجود الأعراض، ومع اختفائها تضاءل هذا الدور؟!
د. يحيى:
لا أظن أن المسألة هى “تضحية” أو “لا تضحية”، أنا عموما لا أحب هذه القيمة التى تسمى تضحية، لأنها عادة تخفى وراءها نوعا من الفوقية، وطلب مقابل خفى. العطاء الحقيقى هو أخذ رائع، فأين التضحية؟
أ. محمد المهدى:
ورد فى الحوار أن المؤسسة الزواجية ضرورية رغم عدم تحقيق الهدف منها، لابد وأن تكون متغيرة ومتحركة طول الوقت ولابد من قبول خطر الحركة بداخلها.
ولكن سؤإلى هو ماذا يفعل أحد الطرفين، إذا ما كانت حركيته وتغيره تسبق الآخر بمراحل هل يستحمل، وهل يقبل هذا المقدار من الاختلاف فى درجة التغير، وهل يكون قبوله لهذا الفرق فى التغير والحركة هو من شروط استمرار المؤسسة (قبول الآخر)؟
د. يحيى:
القبول شديد الأهمية، لكن القبول غير التسليم، القبول الإيجابى هو بداية وليس نهاية، لهذا فالمسألة صعبة، وسوف تظل صعبة إلى مدة ليست قصيرة.
أ. منى أحمد فؤاد:
أنا معجبة جدا بـ “القواعد النحوية للأسرة” ([35])
أول مرة أقرأها، بس لازم حاأحاول أتعرف عليها أكثر.
د. يحيى:
وأنا أيضا أعجبت بها جدا حين قرأتها أول مرة خصوصا لما قرأت “الممنوع من الَصرْف” مقابل “الممنوع من الجنس” (بقصد تحريم مضاجعة المحارم)، وسوف أعود إلى ذلك غالبا، وقد كان هذا أساس فروضى فى نقد ما يسمى “عقدة أوديب” ([36])
أ. منى أحمد فؤاد:
أنا شايفة إن اللى وصل له المعالج مع هذه المريض مرحلة جيدة جداً، اللى وصلنى إنى وأنا باعالج لازم أفكر فى الحل البعيد الأفضل للمريض، وليس الحل الوقتى.
د. يحيى:
هذا تفكير فى الاتجاه السليم طبعا.
أ. منى أحمد فؤاد:
أنا شايفة إن ما وصل إليه الزوج حاليا هو أفضل بكثير من العلاقة الأولى التى هى من وجهة نظرى تعنى التمثيل، أنا شايفة إن المعالج محتاج يشد على الزوج حتى لا يتحول للأسوأ وإنه مايزودهاش أكثر من كده.
د. يحيى:
لا أشاركك الرأى فى الجزء الأول، كما أنى لا أرى أن المسألة هى مسألة “شدٌّ” على هذا أو ذاك، فهو علاج، وليس تهذيبا وإصلاحا.
أ. محمود محمد سعد:
هل يحق للمعالج النفسى أن يتدخل فى العلاقة الزوجية إلى هذه الدرجة؟ أقصد أن المعالج يطلب من الزوج أن يبقى الزوجة فى بيت أبوها لمدة أسبوعين مثلا، وفى هذه الحالة ومن يتحمل عواقب الفشل؟
د. يحيى:
طبعا يحق، طالما هو مسئول، والعلاقة مستمرة.
المعالج – خصوصا فى ثقافتنا– والدٌ كما قلنا ألف مرة، فقط عليه أن يلتزم بالإضافة إلى ذلك بالقواعد المهنية بما فى ذلك مواصلة ممارسة الإشراف وقبول النقد فالتعديل.
ا. محمود محمد سعد:
حدوث الشفاء للمريض قد يؤدى أحيانا إلى إشكالات أسرية أو زواجية وعلى المعالج أن ينتبه إليها.
د. يحيى:
هذا هو.
أ. هالة حمدى:
د. أحمد الشافعى بذل مجهودا مع الحالة ويمكن لو كنت مكانه كنت هاتحَطّ فى الموقف المحير ده، بس اللى أنا مستغرباه هو موقف جوزها يعنى لما تيجى تتحسن كان المفروض يحمد ربنا ويفرح ويحميها ويساعدها.
د. يحيى:
هو موقف يبعث على الاستغراب،
لكنه ليس غريبا،
هكذا علمتنى خبرتى .
أ. هالة حمدى:
مضايقنى فى الزوجة استسلامها للدرجة دى، زى ما يكون فيه إحساس بالقهر، بس رغم الإحساس ده جه معاه تحسن فى الحالة واختفاء أعراض.
د. يحيى:
أنا معك، جزئيا،
مع أننى لا أشاركك الطمأنينة إلى اختفاء الأعراض فحسب.
أ. رامى عادل:
متهيألى، إن ربنا مصبرنا على بعض، على البلاوى المستخبية، اللى بنحاول نداريها، وكل ما مصيبة تطلع تنط لنا، نقوم هات يا تفويت، مش عارف إيه الحكاية، خايف نكون بنلعب استغماية، لحد ما واحد فينا يطب، يتمسك، التانى يقفشه فى الضلمة، إحنا الاتنين بنكشف بعض لبعض، بس ساعات بيكون الجرح مر وصعب، مبستحملش أشوفه، أشوف الوجع.. ده، وهى مابتستحملنيش ضعيف، مسكين، مين فينا الضعيف ومين المسكين؟ يا ترى ربنا هيسامحنا؟ بيسامحنا؟ مش عارف.
د. يحيى:
يا جدع انت،
“ماتعقلشى قوى كده”!!.
الحالة: (29)
السماح بالسرحان
والصبر عليه وتنظيمه ([37])
د. تهانى: هى عيانة حضرتك حولتها لى من سبع شهور، بنت عندها 21 سنة، هى دلوقتى إتخرجت السنة دى من واحدة من الجامعات الخاصة، كلية إعلام، هى شكوتها الأساسية أنها بتسرح كتير جداً ممكن تقعد بالسبع ثمان ساعات فى اليوم سرحانة بتسمع أغانى فى الكمبيوتر أو قاعدة على السرير مش بتعمل حاجة.
د. يحيى: إستنى بس، هى بتبقى سرحانة فى مفيش، أو قاعدة على السرير مش بتعمل حاجة، أو سرحانة فى أغانى الكمبيوتر؟! إنت معتبرة سمعان الأغانى ده سرحان؟!
د. تهانى: آه، وكمان هى بتقول كده
د. يحيى: يعنى بتسرح فى الأغانى؟! ولا فى مفيش.
د. تهانى: لأ، يعنى تشغـّـل الأغانى، وتلاقى نفسها بتسرح برضه.
د. يحيى: مش فيه فرق يعنى بين واحد يقعد من غير أغانى ويسرح، وواحد يشغل أغانى، ويقول إنه بيسرح؟
د. تهانى: آيوه طبعا.
د. يحيى: هى بقى بتعمل إيه؟
د. تهانى: هى بتعمل الإثنين.
د. يحيى: إوعى تكونى إنتِ ولا هى بتستعملوا كلمة سرحان بمعنى تضييع وقتها؟!
د. تهانى: هوّا فيه الإثنين، هى بتشكى من الإثنين فى السرحان: إن هى تبقى سرحانة وقاعدة مابتعملش حاجة ومش مركزة حتى فى الأغنية اللى هى بتسمعها، وبرضه بتشتكى من إنها بتسرح فى الأغنية، بس مش فى معانيها وحاجات كده، لأه مجرد معاها، مع الغنيوة.
د. يحيى: هى مابتشتغلشى، مش كده؟
د. تهانى: هى لسه النتيجة ظاهرة الشهر اللى فات، هى عندها واحد وعشرين سنة يادوب.
د. يحيى: ويا ترى ده كان موجود ولو بسيط من صغرها؟
د. تهانى: هى قالت لى إنها وهى صغيرة هى لما كانت بتزعل أو بتضايق أو كده، كانت بتعمل حركة عصبية كده، كانت بتقعد تلف حوالين نفسها شوية وبعدين توقف.
د. يحيى: شوية قد إيه؟ وكان سنها كام ساعتها؟
د. تهانى: أظن سبع تمان سنين، وكانت تقعد تلف، مش فاكرة، ولا هى حددت قوى، يمكن دقايق.
د. يحيى: طيب واستشارت حد ساعتها، قصدى أهلها لاحظوا أو ودّوها لدكتور؟
د. تهانى: أيوه، هى راحت لدكتور ساعتها وإداها تجريتول فترة، وبطلت...
د. يحيى: بطلت لف ولا بطلت الدوا؟!
د. تهانى: بطلت الإتنين.
د. يحيى: اللففان ده كان له بداية محددة، فجأة، ونهاية فجأة؟
د. تهانى: أنا حسيت إن الدكتور شخصها “صرع”، بس هى لما بتوصفها دلوقتى يعنى حسيت إنها كانت زى هى عادة، طريقة فى التعبير، كانت بتيجى لما تزعل وتتعصب، وكانت دارية يعنى ساعتها.
د. يحيى: عموما ما نقدرشى نجزم قوى دلوقتى، المهم إنها بطلت لما كبرت، أو لما خدت الدوا، وبعدين بطلت الدوا، وسواء كانت صرع أو لأ، فالسرحان اللى هى بتشتكى منه دلوقتى شكله كده ما لوش دعوة، لأنه مش لحظى، ومش ثوانى وكده، يمكن يكون فيه علاقة غير مباشرة، إنما إحنا قدام حاجة تانية.
د. تهانى: أيوه، بالضبط كده، إحنا دلوقتى يعنى هى شكوتها الأساسية دلوقتى هو موضوع السرحان بالساعات وتضييع الوقت، زائد إن هى عندها صعوبة فى إقامة أى علاقات إجتماعية.
د. يحيى: طيب وانت عملتى معاها إيه بقى؟
د. تهانى: أنا حاولت أنظم لها اليوم بتاعها، وطلبت منها الأول إنها تسجل، يعنى تكتب، هى بتعمل إيه طول اليوم، عشان نحدد نفسنا نبدأ ازاى، يعنى نعرف بالضبط، كام ساعة كمبيوتر، وكام ساعة بتقعد لوحدها، وكده،، يعنى تسجل ميعاد صحيانها، وميعاد نومها، وبتعمل إيه بالتحديد من ساعة ما تصحى لحد ما تنام، ومشينا فترة فى فكرة التسجيل ديه، فبدأت شوية شوية تنتبه للزمن، وتعرف الأوقات يعنى اللى بتضيع منها قد إيه، وكده، ومن خلال ده هى عرفت تحسب كمية السرحان اللى بتقول عليه وأوقاته، فبدأت أكلفها بحاجات تانية بسيطة تشغلها، والحكاية تتحسن شوية بالنسبة للوقت اللى هى بتقضية فى البيت، يعنى الأمور اتحددت شوية.
د. يحيى: طب، وبعدين؟!
د. تهانى:... فيه حاجة كمان، أصل والدها ووالدتها منفصلين، مش مطلقين، وطول الوقت علاقتهم ببعض خناقات كتيرة جداً، من وهيا طفلة صغيرة لغاية دلوقتى.
د. يحيى: هى عايشة مع مين فيهم دلوقتى؟
د. تهانى: هى فضّـلت تعيش مع والدها، لغاية ما والدها راح ساب البيت ورجع بيت والدته، فهى فضـّلت إنها تتنقل إلى والدتها، هى ليها اخت واحدة أكبر منها ومتجوزة، وبعدين قالت لى إنها ماطاقتشى جو البيت لأن برضه مامتى وأختى بيتخانقوا على طول، فقالت لى إنى فضلت أرجع مع بابا أحسن.
د. يحيى: تروح معاه فين؟ مع أمه؟!!
د. تهانى: آه، شوية كده، بس جدتها إتوفت من شوية، يعنى حالياً هى قاعده مع والدها، والدها على المعاش، وبيعمل غسيل كلوى، وهى تقريبا اللى بتعملّه كل حاجة.
د. يحيى: عنده كام سنة؟
د. تهانى: 68 تقريباً هى اللى بتدير شئون البيت كلها، ومستريحة جداً لده.
د. يحيى: إنت قلتى بتشوفيها بقالك أد إيه؟؟ فكرينى كده.
د. تهانى: من سبع شهور.
د. يحيى: السؤال بقى؟؟ إحنا طوّلنا شوية لحد ما اتعرفنا عليها أكتر، معلشى.
د. تهانى: السؤال إنى أنا مش عارفه أعمل إيه دلوقتى يعنى بعد مانجحت واتخرجت.
د. يحيى: تشتغل، مش برضه كده، أمال هى كانت بتتعلم ليه؟!!
د. تهانى: أنا بازقها شوية ناحية الشغل لإنى أنا حسيت إنها بتحاول إنها تخش تدرس دراسة تانية، دراسات عليا يعنى، بدل ما تشتغل.
د. يحيى: بصراحة حكاية الدراسات العليا دى للبنات اللى زى العيانة بتاعتك دى، وعموما، أنا ما باعتبرهاش شغل، كتير باشوف إنه هرب إلا لو كانت واخدة مسار أكاديمى يلزمها بالدراسة دى، وساعتها بتبقى بتشتغل برضه غالبا وهى بتدرس. هو فيه احتمالات للشغل واردة كفاية بالنسبة للشهادة بتاعتها دى؟
د.تهانى: المفروض آه فى مجالها، بس هى بتشتكى من صعوبة إقامتها العلاقات عموما، والشغل بيمثل لها تجسيد للصعوبة دى.
د. يحيى: شفتى ازاى؟ وبتقولى لى دراسات عليا؟ طب واحتمالات الارتباط.
د. تهانى: هى قافلة الباب ده طول الوقت، رافضه الكلام فيه من أصله.
د. يحيى: طيب، وانت عايزة منى إيه؟
د. تهانى: أنا مش عارفه أكمل معاها إزاى، هى تقريباً بتيجى الجلسة يعنى ماعندهاش حاجه تقولها، يعنى أنا طول الوقت باحاول فى الجلسة أحركها، أسألها عن الحاجات اللى اتفقنا عليها، زى ما يكون أنا اللى باتكلم أكتر، مش هى.
د. يحيى: يعنى هى بتيجى ليه بقى، عشان تسمعك؟
د. تهانى: طيب وأنا أعمل إيه؟ هى بتييجى ومصرة إنها تيجى، أقول لها ما تجيش؟ ولا نقعد ساكتين؟
د. يحيى: ما هو إصرارها إنها تييجى فى حد ذاته دليل على إنها عايزة حاجة منك، وبتاخدها فعلا، يمكن من وراكى، ما طول ما هىّ بتيجى، ما دام قادرة ماديا، وما فيش ضرر واضح، أدى إحنا منتظرين الفرج.
د. تهانى: يعنى دلوقتى أعمل إيه؟
د. يحيى: مش إحنا إتفقنا إن “العادى هوه العادى”([38])، وإن دى البداية مهما كان دمها تقيل، هو العلاج النفسى إيه غير إن الواحد يرجع يبدأ عادى، وبعدين يتصرف إن كان عايز يخطى العادى وقادر يدفع التمن، واحدة زى دى، إتخرجت وسنها واحد وعشرين سنة، يعنى ما عادتشى ولا سنة، صحيح جامعة خاصة لكن أهو شهادة وفرصة، لو انت أمها أو أبوها أو أختها الكبيرة اللى متجوزة، تبقى عايزه لها إيه؟ مش إنها تشتغل وتتجوز، مش ده هوا العادى؟ لازم يبقى الهدف العادى واضح وبسيط قبل الفذلكة النفسية والنمو والحاجات التانية دى، مش كده برضه؟
د. تهانى: آه.
د. يحيى: نيجى بقى للعيانة بتاعتك، إنت عارفة وسمعتينى ميت مرة باقول إن موقفى من مريضاتى البنات بالذات، هو زى موقفى من بناتى بالضبط، فلاّحْ وعايز يسترهم، وأنا كررت الحكاية دى لحد ما اتكسفت، بس مش لاقى بديل، لكن أنا قلتها وباتحمس لها أكتر لما البنت تجيلى وعندها 26 سنة أو 28 سنة، إحنا هنا لسه 21 سنة، إنما برضه الفلاح فلاح، والعادى عادى، يبقى تحطى فى مخك الهدفين الأساسيين دول، وهما مش بس أهداف، دول هما مقاييس برضه إنها استقلت ودخلت الحياة الواسعة ومالهاش خيار قوى إنها تتراجع، العمل مجتمع بيصهر الناس، والبنات والستات أكثر، وبيديهم فرص أوسع، ده المفروض يعنى، الدراسة مجتمع برضه بس حاجة تانية، مجتمع اختيارى حبيتن، خصوصا فى الجامعات الخاصة، أنا مش حاطوّل فى النقطة دى لأنى إتكلمت فيها كتير قبل كده، يبقى نحط الأهداف البسيطة العادية فى دماغنا، ونكمل من غير ما نزن عليها بشكل مباشر، ما دام قدامنا وقت معقول.
د. تهانى: يعنى دلوقتى أنا أعمل إيه؟
د. يحيى: البنت دى لازم تشتغل بأسرع ما يمكن، فى مصر هنا فى بلدنا أنا ماباقدرشى أعالج أى واحد ما بيشتغلشى إن شالله يكون مليونير، الشغل عندى هو أساس العلاج، أو ساعات شرط العلاج، والباقى تحابيش مساعدة، والشغل عندى بالنسبة للبنات والستات أنا باهتم بيه ساعات أكتر من الشغل بالنسبة للرجالة، وهى إيه موقفها من الشغل.
د. تهانى، أنا قلت لحضرتك إنها ما بتشتغلشى، وحتى بتتهرب من ضغطى عليها إنها تشتغل.
د. يحيى: أنا باحاول أنبهّك إنها بتشتغل ممرضة لأبوها، وبتشتغل أمّه ساعات، وبتشتغل شغالة فى البيت، وبتشتغل مديرة منزل، بس كل ده شغل مابيتسماش شغل من ناحية، فما بتاخدشى عليه مقابل، ثم إنه هرب من ناحية تانية، كله: يا إما روتين، يا إما تضحية مثالية وهى قافلة على نفسها، وخلاص. العمل فى بلدنا بالذات، هو البنية الأساسية بتاع الحياة كلها حتى لو عمل مغترب، حتى لو متنيل بستين نيلة، فهو الفرصة الواقعية الحقيقية للتواجد الإيجابى، سيبك من حكاية البطالة دى، هىّ موجودة صحيح لكن إحنا بنركز على أى شغل منتظم حتى بدون مقابل حتى فى غير التخصص، ودى مجرد مرحلة فى العلاج لحد ما الفرص تتحسن.
د. تهانى: ما هى بتقول لى إنها لما حا تشتغل حا تسيب أبوها لمين؟
د. يحيى: كلام كريم وطيب، إنما أعتقد إن أبوها فى قرارة نفسه مش موافق عليه، ده إذا كان أب مصرى عادى طيب، إنتى متصورة يعنى إيه أب عنده 68 سنه وبيغسل غسيل كلوى، دى حاجة كده زى ما يكون بيعمل عملية جراحية كبيرة كل كام يوم، إحنا ما يصحش نضحى بحد عشان حد، خصوصا إذا كانت المسألة مالهاش آخر، ثم إن ربنا موجود، حايدبرها، البنت تعيش حياتها، وما تتخلاش عن أبوها، والأمور تتنظم فى حدود الإمكانيات والواقع، بس مش على حسابها.
د. تهانى: طيب ولحد ما تشتغل، أعمل إيه فى شكوتها من السرحان، والفراغ دول؟
د. يحيى: أولا إنت عملت اللازم لما بدأت بتنظيم اليوم للتعرف على التفاصيل، وبعدين نفحص الحاجة اللى بدأنا بيها، لما كنا بنحاول نميز أنواع السرحان، ما هو سرحان عن سرحان يفرق، إنت ما قلتيش مثلا حاجة عن أحلام اليقظة، بس الظاهر إن البنت دى مش سامحة لنفسها حتى بأحلام اليقظة، فإحنا هنا يا ترى نبدأ بالوقت الفاضى، ولا بالسراحان؟
إحنا بعد ما نرسى على كام ساعة سرحان حاف، وكام ساعة أغانى بسرحان وكام ساعة أغانى من غير سرحان، حا نعرف بالضبط هى قصدها إيه بالسرحان.
د. تهانى: مش فاهمة قوى.
د, يحيى: أصل أنا يعنى اليومين دول باعيد النظر فى حكاية السرحان وعدم التركيز اللى العيانين وحتى الناس العاديين عمالين يكرروها ليل مع نهار، أنا اكتشفت إن المخ البشرى ما يعرفشى يبطل تركيز وبرمجة طول الوقت، التركيز مش ضرورى أبدا الواحد يكون واعى بيه، الواحد بيعرف إنه ركز بالنتيجة، ده فيه تجارب فى التعلم إن الواحد ممكن يتعلم حاجات وهو نايم، يعنى بيركز وهو نايم، دا أنا دلوقتى كقاعدة تقريبا باقول للعيال اللى بيذاكروا إنهم يذاكروا من غير تركيز وعلىَ، دا الواحد منهم بيبذل جهد فظيع عشان يخلى مخه يبطل تركيز، تحت عنوان إنه ما بيركزشى وعايز يركز الأول عشان يعرف يذاكر، زى ما يكون التركيز تسخين قبل الماتش، مع إنه هو الماتش نفسه وبيحصل تموتيكى زى لعيبة الكورة أثناء الماتش بيبقى اللعب منطلق حسب التمرين مش حسب الوعى بالتركيز، دا لو لعيب كورة ركز بمخّه وحسبها قبل رجليه، عمره ما حايجيب اجوان، ومع ذلك أنا متأكد إن مخ العيال اللى بيذاكروا دول بيركز من وراهم، والدليل على كده النجاح اللى بيحققوه من غير تركيز حسب اتفاقنا، دا أنا حتى باقول لهم أنا موافق على عدم التركيز حتى لو تنقلوا الكتب نقل مسطرة يعنى تحسين خط، وأطمنهم إن المخ حايسرق المعلومات اللى هوا عايزها من وراهم، دا ساعات الواحد منهم يشتكى من عدم التركيز قبل ما يفتح الكتاب من أصله، يا شيخه إهجمى على البنيه واسمحى لها إنها تسرح فى الأوقات اللى خصصتوها مع بعض للسرحان.
د. تهانى: هوا إحنا خانخصص وقت للسرحان؟ إزاى؟
د, يحيى: هى المسألة بتبان كأنها واخده شكل كاريكاتيرى شوية، خصوصا عند الأهل اللى بيتخضوا ويرفضوا الكلام ده بشدة، وبيفتكروا إنى حا ابوظ العيال، إنتى عارفه إن ده بقى علاج معرفى موضة، حكاية “القبول بما هو الآن،” و”البدء منه”، المسألة دى أنا باعملها دلوقتى فى حاجات كتيرة، واحد ييجى يقول لى أنا بانسى، أقول له ألف مبروك، يعنى حا تفتكر إيه يا خىْ، يضحك، أنا اطمنت لما الخواجات طلعوا علاج موضه وإدوله إسم دمه خفيف إسمه “علاج القبول والالتزام([39])، السرحان هنا فى الحالة دى شكله كده مش عجز عن التنشين على بؤرة الواقع، دا باين زى ما يكون ده ميكانزم ممكن نعتبره ميكانزم جيد أحيانا، طب البنيّة دى لو ما سرحتشى حا تفكر ليه؟ ولا حاتفكر فى إيه؟ حاتفكر فى أبوها اللى بيعمل غسيل كلوى كل كام يوم، ولا فى أمها اللى مش طايقاها، فهى لقت الحل فى السرحان، صحيح حل مش هوه، إنما أهو حل والسلام، ولأنه مش حل سليم جت تشتكى منه، على شرط إنها ما تتنازلش عنه إلا إذا لو لقت حل أحسن، مش هى دى وظيفة العلاج اللى انت بتعملية، ولا إيه؟ العلاج إنك تساعديها وهى معاكى إنها اتلاقى حل أحسن منه، لقدّام، مش هرب وتضحية وهى بتلف حوالين نفسها.
د. تهانى: أيوه، بس مع إنها بتييجى كل أسبوع ومنتظمة بقالها 7 شهور، شايفاها مابتتحركشى، وصعبانة علىّ.
د.يحيى: بصراحة عندك حق، ولو إنى ما باحبشى الصعبانية، بس متشكرين إنك مهتمة وصابرة كده، دا أنا تصورت إنها بتيجى الجلسة تسمعك زى ما بتسمع الأغانى، وهى سرحانة برضه
د. تهانى: (تضحك) باين كده.
د. يحيى: البنت صغيرة، وظروفها صعبة، وما اتعطلتشى فى الدراسة، وانتظامها ده دليل على إنها بتاخد منك حاجة كويسة، وإنها عايزة الحاجة دى، بس والنبى شوية شوية سيبيها تتكلم أحسن أنا خايف تكونى اتعودتى انك انت اللى تتكلمى وخليكى وراها لحد ما تشتغل، وبعدين تفرج.
د. تهانى: حاضر.
****
التعقيب والحوار:
د. محمود حجازى:
حكاية إن العيان ييجى ومنتظم رغم إنى مش عارف هو بيجى ليه، بقت مزعجة ليّا، أحيأنا بابقى مش عارف أقدم له حاجة ورغم كده بيجى زى الحالة دى. ساعات أنشغل وأسأل نفسى: هو بيستفيد إيه من ده، زى ما حضرتك بتقول.
د. يحيى:
الطب يا محمود هو ممارسة واقعية عمليه، (إمبريقية)، نحن –البشر- نتواصل مع بعضنا البعض (بما فى ذلك الطبيب والمريض) على أكثر من محور، والتفكير المنطقى، بما فى ذلك العثور على إجابة السؤال اللحوح “لماذا؟” هو أحد هذه المحاور؟ سؤال “هوّا بيجى ليه”؟ يشير إلى هذه “اللماذا؟” الغبية أحيانا، ويوجد للإجابة عليه سؤال أذكى ذكرته أنت فى تعقيبك “هو بيستفيد إيه؟” والإجابة أنه بيستفيد ما يجعله يأتى بانتظام سواء عرفناه أم لم نعرفه، الأمل فى الشفاء وحده ليس كافيا، لابد أن تكون هناك فائدة –قد لا نعرفها حالا– هى التى تجعله يأتى بهذا الانتظام.
طالما أنه لا توجد مضاعفات لمجيئه، طالما أنه لا يوجد من هو أوْلى بوقتك منه، وأنت الطبيب، فهذا حقه أن يأتى، وأنْ يأخذ منا مالا نعلمْ، وسيعلمك الزمن والنتائج الطيبة “هو بيستفيد إيه من دهْ!”.
أ. محمد المهدى:
نبهتنى الحالة إلى أنه فى بعض الحالات أريد لبعض مرضاى أهدافاً علاجية تسير بهم نحو النمو الولافى الخلاق الذى لا يكونون هم مستعدين له، لقد شُدِدْتُ فى اليومية بعبارة أن “العادى هو العادى“، ووجدت أنها تعطينى مساحة أرحب لتكون الأهداف العلاجية محددة فى البدء بما هو معتاد، أما التغير ومسئوليته فإنه اختيار مشترك بين المريض والمعالج.
د. يحيى:
هذا صحيح، وهو بعض ما نسميه “إعادة التعاقد”، بعد تحقيق “العادى الذى هو عادى” كهدف مبدئى، إذا توقفنا عنده فخير وبركة، وإذا تجاوزناه بعقد جديد فالله والعلم والنقد والإبداع معنا، ونحن نتعاقد مع المريض من جديد بعد تجاوز كل مرحلة، نتعاقد حتى وإن لم نعلن ذلك تحت اسم “تعاقد”.
أ. محمد إسماعيل:
متى نعرف أن للمريض الحق فى الحل “بتاعه”؟ ومتى نحكم عليه أنه مُعطل أو معوق؟
د. يحيى:
برجاء قراءة ردى على الابن محمد المهدى حالاً، وتأمل أن “العادى هو العادى”، وتذكر أن “كل مَنْ” يعمل وينام، ويتعامل مع من حوله ويصبر عليهم، ولا يضرّ، ولا يضار، هو فى السليم.. وهو يمضى “إلى ما يمكن أن يكونه”…!!
أ. محمد إسماعيل:
الآن فهمت كيف أن المخ مايعرفش يبطل تركيز… ؟
وأيضاً فكرة السماح بالسرحان فكرة جيدة ومفيدة.
د. يحيى:
وأنا فهمتها أكثر حين كتبتُها، وحين قرأت تعليقك.
د. نعمات على:
لا أفهم كيف يأتى المريض بهذا الانتظام فى الجلسات دون أن يظهر عليه تغيير أو يحدث اختلاف، فيمكن أنه يأتى ليحصل على موافقة الدكتور على مرضه، وفى نفس الوقت حضرتك قلت إنه أكيد بيستفيد طول ما هو بيجى، كيف أفرق بين هذا، وذاك.
د. يحيى:
لكل حالة مقاييسها للرد على هذا السؤال، وأول مقياس هو المقياس العادى، وأكرر: “العمل والنوم، والحركة (ليست فى المحل) والعلاقات المناسبة مع المحيطين : “هات وخد”، وبعد ذلك تُفْرج، أو كفاية كدا.
أ. رباب حمودة:
أنا مافهمتش السرحان، هو معقولة انه يكون بالسبع تمان ساعات وحتى لو فى الأغانى؟ ده مش معقول تكون بالفترة دى.
أنا وضعت نفسى مكان المريضة مالقيتش ولا حسيت إنى ممكن أسرح كل الوقت ده.
غريبة برضه إنها تروح لدكتور عشان السرحان، وبرضه، عشان اللازمة وهى صغيرة كده، ليه راحت لدكتور عشان ده، أو ده؟
د. يحيى:
ما الغرابة فى أى من ذلك يا رباب؟ من حقك أن تندهشى مما لم يقابلك من قبل، لكن لابد وأن تحترمى الدوافع المختلفة عند من يطلبون العون.
ثم أننى ناقشت المعالِجَة (الدكتورة) موضحا أن للسرحان أشكالا وألوانا؟ المريض يعبر عن حالته أحيأنا بألفاظ عامة لها استعمالات خاصة بالنسبة له. خلِّ بالك.
أ. رامى عادل:
يعنى هى حاتسرح لحد ما تطلع القمر؟! وهل سيبقى السرحان على صوابها، أم سيطيره، ممكن البنية تكون عايشة حالة وجد، أو عايزة تعيشها، وتشوف، والسرحان بيوصل للى ميقدرش المخ يوصله بصحيح، لكن الدماغ بتهنج وتزرجن، وتدمن الحالة دى من التوهان، رغم الوهم اللى البنية معيشه روحها فيه ومش مكفيها، لأنه غير الشرود، ده بارادتها، بتشغل دماغها يعنى، وبنشوف فنانين ماسكين روسهم، قال إيه بيفكروا، يبقوا يقابلونى لو عرفوا يوقفوها، والبنية معذوره، لإن الزهق يخلى البنى آدم يخترع، خلوا بالكوا من دماغاتكم، لإن السكة دى خطرة طالما بقصد، ممكن تطق.. وممكن تبدع تنتج تثمر ترج، المهم ضبط الجرعة.
د. يحيى:
شكراً يا رامى
وياليتك تقرأ نهاية تعقيبك وأن تتقول:
المهم ضبط الجرعة.
أ. أحمد سعيد:
هل من الممكن فعلا أن يكون السرحان من غير أى فكرة، أو حتى من غير أحلام يقظة؟
أنا شايف إن السرحان ده شبه السلوكيات الوسواسية الملحة، وتصورى إنها بتركز على أى حاجة “معنوية أو مادية” ولو حتى كانت من غير معنى وماهياش قادرة تستغنى عن ده، لأنها بتلاقى فيه وسيلة مؤقتة تحميها من التفسخ على أى مستوى لأنها الظاهر بتبعد بيه عن كل الضغوط الداخلية والخارجية.
د. يحيى:
يجوز،
لكن غالبا – فى هذه الحالة – هى ليست واعية تماما بهذه “الحاجة” التى تتكلم أنت عنها وتفترض أنها تسرح فيها، سواء كانت معنوية أو مادية، كل واحد له الحق أن يسرح فى ما يريد، أو بعيدا عن ما يريد، هذا لو اتفقنا على تعريف محدد جامع مانع لما هو “سرحان”؟ وهذا صعب غالبا.
الحالة: (30)
رسالة علاجية، أم تفريغ طاقة؟([40])
الاستشارة الأولى([41])
د. مختار سلامة: هو شاب عنده 17 سنة فى سنة ثانية ثانوى، الأول من ثلاثة، والده ووالدته بيشتغلوا فى نفس المهنة بتاعتنا، بس تخصص تانى.
د. يحيى: بتشوفه بقالك قد إيه؟
د. مختار سلامة: معايا بقاله شهرين، الأعراض اللى جه بيها أعراض وسواسية، فكرة بتيجى تقول له: حد مسيطر عليك يروح ناطط فى الكرسى، لو قاعد، ولو هو ماشى يقفز. دى الشكوى بتاعته.
الشكوى بتاعت الأهل إن هو عدوانى مع إخواته، هو بيتعالج من 9سنين كان أول مرة بيتعالج على أساس إن هو نوع من أنواع الصرع، وربطوها شوية بقعدته قدام الكمبيوتر كان بياخد تيجريتول من سنة أولى إبتدائى، وكان دايماً بيشكى من صداع واعتبروه برضه جزء من حكاية الصرع، بعد كده حسب كلام والدته ما ثبتشى حكاية الصرع دى، يعنى اتشخص بعد كده على إنه ثنائى القطب، (هوس مع اكتئاب فى نوبات) بس والدته ما وصفتشى طور الهوس على إنه هيصه وفرحة، لأ مجرد فرط نشاط زايد قوى، طاقة زيادة.
د. يحيى: فيه تاريخ عائلى إيجابى لأى مرض نفسى؟
د. مختار سلامة: لأ مافيش.
د. يحيى: جاب قد إيه فى الإعدادية؟
د. مختار سلامة: حاجة وتمانين فى المية.
د. يحيى: ترتيبه فى أخواته؟
د. مختار سلامة: الأول.
د. يحيى: وبعدين؟
د. مختار سلامة: بعد كام مرة كده اقترحت عليهم إنه ييجى يوم معأنا فى النشاط النهارى فى المنوات([42])، مع جلسات العلاج النفسى، أعرفه أكتر، ويطـّلع الطاقة اللى عنده معأنا فى النشاط.
د. يحيى: كويس بس مش بدرى شوية؟
د. مختار سلامة:…. من ثلات أيام والده إتصل بيأجل الجلسة، وقال لى هو مش عاوز يروح المنوات تانى، وإنه بعد مارجع من المنوات المرة اللى فاتت بقى متعفرت والتنطيط بعد ما كان قل بدأ يزيد تانى، وهات يا عدوانية على أخواته.
د. يحيى: مين كان معاه فى المنوات؟
د. مختار سلامة: أنا.
د. يحيى: بتقعدوا قد إيه كل مرة؟
د. مختار سلامة: بنقعد من الساعة 5.30 أو 6 إلى 9 يعنى، حوالى ثلاث ساعات يعنى؟ ثلاثة ساعات وشوية.
د. يحيى: يعنى كنت عامل له تخطيط محدد فى التلات أربع ساعات دول؟
د. مختار سلامة: آه طبعا.
د. يحيى: كنت عايز توصل له من خلالهم “رسالة”، ولاّ مجرد “تطليع طاقه” زى أمه ما بتقول؟!
د. مختار سلامة: لأ أنا كنت فى الأتوبيس قاعد جنبه أغلب الوقت، بس بعض الأوقات باسيبه مع المرضى.
د. يحيى: السؤال؟؟
د. مختار سلامة: اللى عملته صح ولا غلط؟ مش عارف الرسالة وصلت ولا لأ.
د. يحيى: أنهو رسالة؟
د. مختار سلامة: إنه ما يكملش فى سكة المرض، إن السكة دى مش نافعة.
د. يحيى: مش أنا سألتك هو تطليع طاقة ولا تبليغ رسالة؟
د. مختار سلامة: أنا قلت تبليغ رسالة.
د. يحيى: الرسالة اللى هى إيه بقى؟ إلى انت قلتها دلوقتى؟ “إنه مايكملش فى سكه المرض” !!!
د. مختار سلامة: أيوه.
د. يحيى: طب مش دى عايزة تقول لنا، وتقول لنفسك شوية تفاصيل زيادة. الفكرة كده مظبوطه، بس انت حاتستعمل المنوات بدرى قوى كده عشان توصل الرسالة دى إزاى؟ حا تبلغها إزاى فى خلال ثلاث ساعات؟ المسألة مش مباشرة بالشكل ده كده.
د. مختار سلامة: أنا شايف إن العيانين بيخفوا، يبقى فيه رسالة بتوصل، إمال بيخفوا ازاى؟
د. يحيى: أصل المنوات دى بالنسبه لى تمثل عندى تاريخ جامد شويه وطويل، يعنى من سنة 73 وأنا باحاول من خلالها إنى أوصل لنفسى وللعيانين حاجة، يمكن هى دى اللى بتسميها إنت رسالة دلوقتى، بس كانت الحكاية جد أكتر من دلوقتى شوية على حسب ما باسمع، كنت باوطـّى أعزق مع العيانين أنا والدكتور رفيق اللى دلوقتى رئيس عيادة فى فرنسا بقاله خمستاشر سنة([43])، عزقنا لحد ما حفرنا حمام سباحة بنفسنا إحنا والعيانين، وبعدين ردمناه، مانفعشى، “منى”([44]) بنتى عزقت معانا وهى فى الإعدادية، ولما عملت المستشفى النهارى بتاعتها اليومين دول، وراحت زيارة إنجلترا عند د.يسرية، ما هى د.يسرية([45]) كانت معانا هنا برضه، وهى بتشتغل فى انجلترا بقالها عشر سنين، لما منى راحت انجلترا تتفرج على المستشفيات النهارية هناك عزقت مع العيانين الخواجات، ود. يسريه قالت لى الجمعة اللى فاتت على خبرة “منى” وهى بتعزق بالفاس فى انجلترا، فالمنوات يعنى مش مسألة تطليع طاقة، أو تعليم مهارة، دى تكوين علاقة جديدة بينا وبين العيانين، بين العيانين وبعضهم، وبينا كلنا وبين الأرض والطبيعة والعرق، والعمل اليدوى. المسألة عشان نعرف إيه الرسالة اللى بتوصل محتاجة تفاصيل وتفاصيل التفاصيل، مثلا لما نواصل العزق بالفاس مدة معينة مع الهيصة والغنا، أو وإحنا بنتراهن على البطيخه على إنها حمره ولا “مش حمره”، وهى على وش مين، ولما كنا بنجيب الطعمية من عم سلامه الله يرحمه، ما كانشى ينفع ناخدها سندوتشات معأنا من المستشفى، مين اللى يروح يجيب طعمية، ومين اللى يحضّر الأكل، فالتفاصيل دى هى اللى بتفرق، كنا بنخلط العمل الشاق بالهيصة والفرحة، سميها نكوص زى ما انت عايز، لكن نكوص مسئول، كان فيها سماح والتزام، وكان فيها خلطة أعمار مختلفة، يعنى فريق الكورة يضم واحد عنده خمسة وخمسين سنة مع عيل عنده اتناشر سنة، كان لينا قواعد تحكيم خاصة، يعنى مش من حق أى واحد يحط جونين، جون واحد طول الماتش هوه اللى يتحسب له، عشان يضطر يباصى لزميله، وما تبقاش المسألة تنافس مطلق، كنا نقوّى الروابط فى كرة اليد، ونشترط إن اللى يرمى الكرة لزميله من غير ما يزعق وينطق إسمه بصوت عالى يبقى فاول، يقوم كل واحد ينطق إسم التانى وكده، أنا عارف إنت ما عندكشى فكرة عن التاريخ ده كله، يا ترى حد قال لك عليه، يبقى أنهى رسالة كنت عايز تبلفها للعيان بتاعك، من خلال إيه. عادة الرسالة بتبقى محدده وصغيره جدا، وبعدين توصل رسالة تانية محدده وصغيرة برضه، وبعدين يتربطوا ببعض، من غير ما نعرف قوى إزاى، بس نعرف كل حاجة واحدة واحدة من خلال النتيجة.
د. مختار سلامة: ما هو النتيجة إنه رفض ييجى، وأبوه بلغنى ده.
د. يحيى: أظن كده والله وأعلم معناه إن العيان بتاعك ما اتْحضَّرش كفايه، أنا مصدقك ومحترم فكرتك إنك تستوعب الطاقة، مش مجرد تطلعها، بس الدخلة فى السن دى من الطبقة الاجتماعية دى، عشان أغراض زى كده، لازم لها تحضير جامد، ومين عارف هوا اللى رفض ولا أبوه هو اللى ما اقتنعشى بالهلس ده (من وجهة نظره)، كتير من الأبهات الشيك دول يقول لك: ما هو بيروح النادى، يفتكر إنها رياضة واحد اتنين، واحد اتنين، وبعدين إنت حاتلاقى صعوبة أكتر لما تيجى تربط بين الجلسة الكلامية فى العيادة، والخبرة النشاطية فى المنوات، لو شرحتها له واتكلمتوا فيها وفى فايدتها، يمكن تتحرق، عكس اللى بيقولوه بتوع “العلاج المعرفى” القديم ليل مع نهار، الربط ما بين مفردات العلاج عشان تعمل جملة سليمة إسمها الصحة: فن قائم بذاته، صنعة عايزة ممارسة مش عايزة فهم وشرح زى ما بيزودوها بتوع العلاج المعرفى التقليدى. الفعل هنا عندنا بيسبق الكلام، والكلام إن ما كانشى يصب فى الفعل، يمكن يحرق مفعول الفعل.
د. مختار سلامة: إزاى يعنى؟
د. يحيى: العيان بتاعك ده بالذات، اللى هوه فى الغالب هوسى، أو أقل شوية، يعنى تحت هوسى، الكلام عنده منفصل عن الفعل، والفعل منفصل عن الهدف منه، يقوم يتنطط ويفرقع بالشكل ده، وزى ما باقول لكم دايما، العيان الهوسى الهايص، اللى بينكت عمال على بطال، ويكلم اللى يسوى واللى ما يسواش، اللى يعرفه واللى ما يعرفوش، ده علاقته بالموضوع ضعيفة جدا، جدا، غير ما يتغر فيه الناس لأول وهلة، ده أنا لاحظت ساعات إنه بيلغى الآخر (الموضوع) أكتر من الفصامى، تصور!!! الهوسى بيحتوى الموضوع جواه، وهات يا تنطيط، فما يفضلشى حاجة بره يعمل معاها علاقة.
د. مختار سلامة: يعنى أنا غلطت إنى وديته المنوات؟
د. يحيى: لا طبعاً، بس يمكن استعجلت شوية من حرصك عليه، يعنى ما حضّرتوش لا هوه ولا أهله للخطوة دى، فجه الرفض اللى انت مقدم الحالة عشانه ينبهك لده.
د. مختار سلامة: يعنى أضغط عشان يروح تانى ولا أعمل إيه؟
د. يحيى: ما أظنش.. التراجع هنا حايخلى موقفك مهزوز، إنت تستنى الجلسة اللى بعد كده فى العيادة، ويمكن تطلب تقابل أبوه، لو احتاج الأمر، مش هوه اللى اعتذر نيابة عنه، وتشوف إنت وصلت لحد فين، وحاتكمل ازاى، واللى فيه الخير يقدمه ربنا. وما تنساش الطبقة الاجتماعية دى، ومهنة أبوه وأمه ماعندهمشى فكرة عن الحركة اللى من النوع ده، ولا عن العمل اليدوى، ولا عن الرسالة اللى إنت عايز توصلها، ولا عن العلاج اللى بحق وحقيق، بيبقى كل همهم إن إبنهم يهدى ويجيب نمر زى ما هما جابوا، وخلاص، فلازم تحط ده فى الاعتبار وتستحمله، ثم إنت ما بقالكشى معاه أكتر من شهرين، يعنى بدرى قوى إنك تحكم على اللى انت عملته كده، تظلم نفسك، وتظلمه.
د. مختار سلامة: يعنى أعمل إيه؟
د. يحيى: يعنى تهدى اللعب، وتطول مدة العلاقة شويتين وتحاول تانى إذا شفت إن ده لسه مفيد، هو لما جه فى الجلسة اللى بعد كده فى العيادة إنت فتحت موضوع المنوات تانى؟
د. مختار سلامة: بصراحة أنا ماتكلمتش معاه عن حكاية المنوات، حضرتك شايف أفتحها ولا لأ؟
د. يحيى: فى فرق إنك تفتحها، من إنك تنكشها.
د. مختار سلامة: طيب أنكشها يعنى؟
د. يحيى: زى ما تشوف، خليها بظروفها بعد اللى وصل لك ده إذا كان وصل لك حاجة، إعتبرها يعنى رسالة منى زى الرسالة اللى كنت عايز توصلها له.
د. مختار سلامة: يا رب تكون وصلت.
د. يحيى: حانشوف.
*****
الاستشارة الثانية (نفس المريض) ([46])
د. مختار سلامة:… العيان عنده 17 سنة فى ثانية ثانوى الأول من تلاتة، اللى أنا كنت قدمته هنا قبل كده.
د. يحيى: بقاله معاك دلوقتى حوالى خمس شهور، مش كده؟!
د. مختار سلامة: أيوه.
د. يحيى: وبتعرضه مرتين فى خلال خمس شهور؟!
د. مختار سلامة: أيوه.
د. يحيى: ماشى، يا ترى فيه إيه؟
د. مختار سلامة: هوه عادة أمه بتدخل الأول فى الجلسة، بتاخذ تقريباً ربع ساعة من بداية الجلسة، بتقول اللى حصل طول الإسبوع، دايماً هى بتبدأ معايا بالحاجات السلبية، وفى الآخر بتحن عليا وتقول بس هو بيذاكر كويس، وإن كل مشكلته هى الأعراض الوسواسية اللى بتطلع فى صورة التنطيط دى، وساعات فى صورة كلام قبيح مع والدته، ده بيظهر قوى مع والدته، عشان والده بيضربه لو عمل معاه حاجة زى كده.
د. يحيى: كلام قبيح يعنى إيه؟!
د. مختار سلامة: يعنى بيشتم، وكلام عيب، وهى عشان شيك وكده، ما بتقدرشى تقول لى الألفاظ بالنص، بتكتفى إنها تقول إنه كلام وحش وحش قوى خالص.
د. يحيى: يعنى كل الكلام اللى بيقوله، هى ماقالتهوش؟!
د. مختار سلامة: ماقالتهوش.
د. يحيى: ولا هو قاله؟!
د. مختار سلامة: ولا هو قاله.
د. يحيى: أصل فيه يعنى فرق من إنه يقول لها إنت مش كويسة خالص خالص مامى، وإنه يقول كلام وحش يعنى يغوط زى ما إنت عايز، يبقى حا نفهم مدى خروجه عن المألوف فى طبقته إزاى؟
د. مختار سلامة: ماشى، أنا فهمت إنه وحش قوى، ما قدرتش أكتر من كده.
د. يحيى: يعنى وصل لذكر أعضاء وقباحة مثلا؟!
د. مختار سلامة: تقريبا.
د. يحيى: عرفت إزاى؟
د. مختار سلامة: يعنى من طريقة كلامها، بس هى بقى بتركز على الشكوى من التنطيط الزيادة عشان بيبان قدام الناس كلها، الكلام الخارج هى بتكتـّم عليه عشان أبوه ما يعرفشى، عشان ما يضربهوش.
د. يحيى: طب والمدرسة؟
د. مختار سلامة: الواد بيذاكر كويس.
د. يحيى: السؤال بقى؟
د. مختار سلامة: السؤال إنى أنا قلت لها خلاص، نقول له إن إنت تتنطط زى ما إنت عايز، بس ما تأذيش حد، ونديله سماح بالوسواس، يعنى وسماح بالتنطيط، بس فى حدود البيت مش بره، فهىّ بتقولى برضه بيحصل بره وبيحصل فى المدرسة، قلت لها خلاص ما دام مش نافع حكاية السماح دى يبقى خلى أبوه يعامله براحته، ونشوف بقى السلطة والتهديد حا يعملوا إيه.
د. يحيى: هو الولد علاقته بيكْ انت إيه؟
د. مختار سلامة: بيحبنى وعلاقته بيا كويسة.
د. يحيى: هو اللى بيحرص إن هو يجيى؟ ولا أمه هى اللى بتجيبه؟
د. مختار سلامة: هو بيحرص إن هو بيجيى.
د. يحيى: وبيسأل أمه على الميعاد؟ بيفكرها يعنى؟
د. مختار سلامة: آه.
د. يحيى: معلشى سامحنى، السؤال تانى إيه؟
د. مختار سلامة: السؤال إن هو أنا بعد ما أخذت القرار ده وسبت أبوه عليه، فهى بعد الجلسة دى جابت أبوه ودخل معاه، فأنا قلت له خلاص خد راحتك وإنت متحمل المسئولية، أعمل اللى إنت عاوزه ما دام إنتوا شايفين الموضوع ده مش مرض قوى، الراجل زى ما يكون إتخض، لكن أمه أعلنت إنها مش موافقة، وبتقول لى لو أبوه ضربه، أنا حاسيب البيت.
د. يحيى: أنا إيه؟
د. مختار سلامة: حاسيب البيت، لأن أبوه بيضربه ضرب عنيف، ممكن يوصل لأن هو خطر يعنى، وبتقول إنه ممكن يموته فى نوبة ضرب زى دى، والسؤال هو إنى مش عارف أعمل إيه فى الرسائل اللى بتوصـّـلها الأم دى، يعنى فى الأول فى بداية الجلسة بتوصل لى الرسايل إن هى عايزاه يتضرب، فى الآخر بتقول لأ ده إحنا ما اتفقناش على كده، وبعد كده قلت لك لأ ماتقولش لباباه، إنت عاوز باباه يضربه، ما هو كفاية عليا نجاحه لأنه حالياً بدأ يجيب الدرجات النهائية، والواد قال لى أنا لو حاتضرب مش حا ذاكر.
د. يحيى: بس إنت زى ما تكون سمحت بالضرب.
د. مختار سلامة: بصراحة سمحت.
د. يحيى: ورجعت فى كلامك ولا مارجعتش؟
د. مختار سلامة: رجعت.
د. يحيى: يعنى إنت قلت لأبوه يضربه؟!
د. مختار سلامة: قلت له أعمل اللى تشوفه صح.
د. يحيى: ورجعت قولت له مايضربهوش؟!
د. مختار سلامة: آه
د. يحيى: ولا قلت لأمه تقول لأبوه؟
د. مختار سلامة: لأ، لأ، كان الكلام قدام الأب مباشرة .
د. يحيى: طيب وبعدين؟
د. مختار سلامة: وبعدين الرسائل اللى بتوصلها الأم لى طول الوقت مش عارف أعمل فيها إيه، هى فرحانه بنجاحه، وفى نفس الوقت عمالة تشتكى، أنا أعمل إيه معاها؟
د. يحيى: ما هى اللى مماشيـّة المسائل بحساباتها، بتستعملك بالمسطرة، وبتوقف أبوه بالمسطرة، وتذاكر للولد بالمسطرة، كتر خيرها، قايمة بالواجب!! بالنيابة عنك!! عايز إيه أكتر من كده؟!!!!!
د. مختار سلامة: هى فرحانة، وفى نفس الوقت عايزه المزيد عايزه المزيد، عايزه كل حاجة، عايزاه إنه يبقى مؤدب، وشاطر، ومايتنططش، ومايشتمش؟
د. يحيى: مش هوه أول واحد من تلاتة؟!
د. مختار سلامة: آه وبعده ولد وبنت.
د. يحيى: أعمارهم؟
د. مختار سلامة: الواد تقريباً فى تالتة إعدادى والبنت فى رابعة إبتدائى.
د. يحيى: وضعهم إيه فى الحدوته ديه؟!
د. مختار سلامة: وضعهم؟
د. يحيى: بيسمعوا الألفاظ الوحشة قوى قوى دى؟ ولا مابيسمعوهاش؟
د. مختار سلامة: بيسمعوا، وبيغيظوا الواد.
د. يحيى: كلمة بيغيظوه دى غريبة جدا، يعنى بيعملوا إيه بالظبط؟ ً
د. مختار سلامة: بيغيظوه.
د. يحيى: يعنى إيه بيغيظوه؟!
د. مختار سلامة: بيقولوا له إنت مجنون.
د. يحيى: كدهه؟!!!
د. مختار سلامة: أنا أعمل إيه دلوقتى؟! أسمح للأب يأدبه؟! ولا إيه؟! ما أنا برضه عايز أحافظ على النجاح.
د. يحيى: بصراحة كتر خيرك على حرصك على نجاحه فى الدراسة، أصل واحد زى ده لو وقف حا يقف، وسبحان من يتعتعه، أنا شايف إن الولد عامل معاك علاقه، ودى حاجه جيدة، فى الظروف دى هو زى ما يكون بيلجأ لك يستنقذ بيك تحوش عنه أمه وأبوه مع بعض، وبرضه تحوش عنه اختلافهم حوالين معاملته، وده يمكن اللى بيخليه يحرص إنه ييجى، وإنه يفكرهم بالميعاد، وأنا شايف دى نقطة بداية كويسة، إحنا عايزين الواد يبقى حريص انه ييجى، زى ما يكون الواد عايز مصدر مش متحيز لا لده، ولا لده، وإذا خلعوا هما الإتنين هو محتاج سند بدالهم، اللى هوا إنت.
النقطه التانية: هو مبدأ الضرب، أنا راجل قديم وما عنديش مانع أقر مبدأ العقاب، حتى بالضرب أحيانا، لكن مش سبهلله، يعنى باحط شروط صعبة جدا للى عايز يتفلحس ويضرب، وإذا ما ضمنتش تنفيذ الشروط دى، ماوافقشى لو إيه باللذى، وعادة هى مابتتنفذشى، يبقى فى النهاية ممنوع الضرب لأنهم مش قدّه، ما هو انت برضه عملت كده: بعد ما وافقت، رجعت فى كلامك، مش كده؟
د. مختار سلامة: أنا فهمت إنه هو بيضرب بِغِـلّ، ما هو ده اللى خلانى أرجع فى كلامى.
د. يحيى: أهى حكاية الغل دى أبشع حاجة فى الضرب. ماينفعش تضرب عشان إنت زهقان، ما ينفعشى تضرب وانت شخصيا مش متألم أكتر من اللى بينضرب، ثم خد عندك توقيت الضرب، لازم يكون ملازم للغلط مباشرة، مش بعد ما يصلح الغلط أو يعمل حاجة كويسة تقوم إنت تفتكر وخد عندك، وبعدين الضرب لما ييجى من والد مهزوز بيرجع فى كلامه وهو بيضرب حتى، بيهز صورة الوالد أكتر ما بيديه شكل القوة والمسئولية، يعنى باختصار الضرب اللى أنا باسمح بيه، ماباسمحشى بيه، بس سماحى باتصوّر إن بيدى الأب أو الأم موافقتى على ضرورة الحزم، اللى هو مسئولية برضه، الحزم مافيهوش أى شبهة أذى، وده ما عادشى موجود خالص، يبقى المحصلة بعد ده كله إن مافيش ضرب.
ثم خلى بالك إنت لازم تشتغل فى علاقة أبوه وأمه، مش بس فيما يتعلق بالولد، باين فيها حاجات عايزة شغل.
د. مختار سلامة: أنا عارف، أنا طول الوقت جوايا السؤال ده، هوا إيه الحكاية بالضبط، هما الإتنين دول عايشين مع بعض إزاى؟
د. يحيى: لأ ما هو ده برضه من صلب شغلتك مهما كانت ثقافتهم، أو طبقتهم الاجتماعية، إنت طبيب، وكل قنوات التواصل بين الأب والأم بتسمـّـع فى العيال، كل القنوات الفكرية والعاطفية والجسدية والمادية والدينية
د. مختار سلامة: هى الأم ما بتسلمش علىّ، هى مش منقبة، محجبة بس، لكن ما بتسلمش عليا، فأنا خفت اسأل فى الحتة دى .
د. يحيى: من غير ما تعرف كفاية عن كل الحاجات دى مش حا تقدر تفهم أبعاد الاختلاف، ولا قد إيه الولد بيدفع التمن، ولو تلاحظ حركته اللى بيقولوا عليها وسوسة، يمكن تقول لك حاجة، الواد كل ما يستقر يفز، كل ما يهدا يزعق، كل ما يقعد يقوم، إنت لا زم تدخل منطقة الأم والأب واحدة واحدة، يمكن، مين عارف، وأنا شايف ما دام الأمور بالغموض ده فى المنطقة دى، يبقى بديهى نمنع حكاية الضرب دى نهائيا، ليكون الراجل ده بيضرب مراته بِغِلّ، مش بيضرب الولد، هو الغلّ، وده اللفظ اللى إنت استعملته، وإنت استعملته عشان وصل لك، بيكون بين الراجل والست، وبالعكس، أكتر ما بيكون بين الأب وإبنه.
د. مختار سلامة: يعنى أعمل إيه؟
د. يحيى: إنت كتر خيرك، كفاية إنك نجحت فى الظروف دى، إنك تتجاوز ده كله، وإن الولد يحرص بنفسه إنه يجيلك، ويستمر فى دراسته، ويجيب النمر النهائية زى ما بتقول، وأديك ماشى بالمحكات دى واحدة واحدة، وكل ما حا تجيلك معلومات أحسن، حا تتخذوا قرارات أحسن، بس اللى إنت عملته، واللى بتعمله ده جيد جدا، مثلا إنك تقدر تاخد قرار وترجع فيه بالسرعة دى، ده مش عيب، أبدأ، بالعكس هو دا الطب، وهى دى الحياة، وما تخافشى من رأيهم فى ده، إحنا مش فى محكمة، وحتى المحكمة يا أخى فيها استئناف ورجوع، لكن قل لى: مش دلوقتى فهمت إن ما كانشى له فى رحلة المنوات من أصله وبرضه فهمت هوّا ليه ما وصلتشى الرسالة الأولانية زى ما انت متصور، إنت طبعا ما عزمتش عليه يروح المنوات مرة تانية؟!
د. مختار سلامة: طبعا، ما أنا فهمت من المرة اللى فاتت إنه هو ما اتحضرشى كفاية،
د. يحيى: يعنى بتحضّره بقى ولا إيه؟!
د. مختار سلامة: لا، لا، أظن أنا صرفت نظر، اكتشفت إن الرسالة اللى اتكلمنا فيها صعب توصل له فى الظروف دى، إكتفيت بالمذاكرة والعلاقة.
د. يحيى: الله يفتح عليك، ربنا يستر ويسهل.
التعقيب والحوار:
د. محمد الشاذلى:
أظن أن الخطوة الأولى هى محاولة تبصير الأهل بطبيعة المرض، ثم فحص ما يريد المريض قوله بهذه الأعراض: هل هو احتجاج أم احتياج أم رفض أم إثبات وجود، أظن أن من الصعب وسط هذه المتاهه إيصال أية رسائل من خلال نسق واضح ومتماسك مثل رحلة المنوات.
د. يحيى:
عندك حق، لكننى استفدت من عرض هذه الحالة هكذا، فقد أتاح ذلك لى أن أبين كيف أن أى “جزئية” نشاط علاجى، قد لا تفيد وحدها إلا إذا تكاملت مع الخطة العلاجية مجتمعة (ليس بالضرورة فى القسم الداخلى)، وقد سعدت بتأكيدك على غائية المرض (احتجاج واحتياج)، وهو ما عنيتَه بقولك “… ما يريد المريض قوله بهذه الأعراض”.
د. حسن سرى:
حضرتك قلت: الهوسى بيحتوى الموضوع جواه، فما يفضلشى حاجة بره يعمل معاها علاقة، ولكننا نلاحظ أنه يقوم بعمل علاقه ممتازه مع زوجتة خاصه (علاقة حب قويه) وكذلك مع بعض الأشخاص الذين يختارهم، فكيف يمكن تفسير ذلك؟
د. يحيى:
هذه الملاحظة – برغم أنها ليست عن الحالة مباشرة- هى – فى خبرتى– ملاحظة مهمة، ذلك أن الهوسى وخاصة قبل أن تبلغ حدة المرض أقصاها: هو سريع الإقدام، حاضر الرد، كثير الكلام، فيبدو وكأنه بذلك يعمل علاقة، فى حين أنه نشاط بغير عمق، وأغلب الرجال فى طور الهوس، يتحدثون عن رغبتهم الجنسية الزائدة أو يتجاوزون ذلك إلى تحرش فعلىّ، لكن كثيرين منهم يعانون من “العنة” فى نفس الوقت، الأمر الذى قد يكشف عجزهم الأعمق عن عمل علاقة بآخر حقيقى، أما حكاية توثيق العلاقة بالزوجة، فقد صادفت حالات ليست قليلة يحلم فيها الزوج بقتل الزوجة، كإرهاصات لقدوم النوبة، وفى بضع حالات أخرى بدأت النوبة والزوجة تستيقظ ويدى زوجها قبيل الهوس حول عنقها وهو نصف نائم، ثم تأتى النوبة بعد يوم أو أكثر.
ما رأيك؟
د. حسن سرى:
هل يمكن للهوسى أن يستخدم ميكانزم الوسوسة؟
د. يحيى:
لاحظ أننا مازلنا بعيدين عن الحالة!! فالحالة لم تشخص “هوساً”،
أما عن سؤالك عن هل هو وارد أن يستخدم الهوسى هذا الميكانزم الوسواسى، فالإجابة هى: نعم يمكن، وهو إذا نجح، ولو جزئيا فى ذلك، قد يضبط ولو جزئيا أيضا جرعة هوسه، فالوسوسة سياج يمنع – نسبيا– التفسخ من ناحية، كما قد يقلل من “إنهيار الكف” قليلا أو كثيراً فى حالة الهوس.
أ. رامى عادل:
كيف تتفق الظروف ويتم التحكم فى الألفاظ… وغيره؟ الجسد محور التفكير وأداته، وللآخر وجود حيوى فى الخارج نربطه ببعض التجليات داخل العقل، ونوازن بين المرئى والمسموع والمنطوق أثناء توجهنا للغاية/النهاية، وتتدرج المسألة من الرهبة إلى الطلاقة إلى الإحساس بالمسئولية والتوحد مع الآخر، دون أن نتقيد بمبدأ مشكوك فى صحته، أو ننبش فى الماضى عن مشاعر قد لا تتحقق، وعلينا أن نضع نصب أعيننا فرضا ونختبر قدرتنا على تجاوزه لفرض أوسع.
د. يحيى:
أحيأنا أخاف من خبرتك هذه يا رامى، فأنت تصل بتلقائيتك وطلاقتك إلى نظريات بأكملها فى بضعة أسطر.
وأحيأنا أخاف عليك شخصيا منها، لكنها بينى وبينك – تستأهل كل المخاطرة.
يارب يكون الأصدقاء المتابعين قد تعودوا على تلقى رسائلك يا رامى مثلما أفعل.
شكراً.
الحالة: (31)
الحضور- الحسْم – المسئولية!([47])
د.مراد: هو ولد عنده 20 سنة هو الكبير من أخين حاليا فى سنة تالتة كلية تجاره بيعيدها.
د. يحيى: 20 وتالتة، يبقى كان شاطر ما اتأخرشى.
د.مراد: نوعا ما، لحد ما تعب.
د. يحيى: ما اتأخرش غير السنة دى بس.
د.مراد: آه بس بالزق، عموما كان بينجح بالزق، هو بيجيلى تقريبا بقاله 5 شهور بيجى بانتظام.. هو كان دخل المستشفى هنا مره قبل كده.
د. يحيى: إمتى؟ ولمدة قد ايه؟
د.مراد: هو دخل المستشفى من سنتين.
د. يحيى: لمدة قد إيه؟
د.مراد: قعد تقريبا اسبوعين، قعد فترة صغيرة .
د. يحيى: وبعدين؟.
د.مراد: بعد ما خرج الأعراض اللى كانت موجودة فى الأول اللى دخل عشانها المستشفى راحت بسرعة، كان فيه عنف على أهله وعدوان وكده، بس مع دخول المستشفى راحت يعنى، بس اتبقى بقى حاجات زى أعراض سلبيه أكتر، كان بيتابع مع واحد زميلنا وبعدين لما زميلنا سافر حولهولى، هو فى خلال الخمس شهور دول كانت يعنى أموره ماشية بس فى حاله، يعنى مثلا ماينزلش يلعب مع زمايله، على طول عايز ينام، ما فيش مذاكرة.
د. يحيى: فين اللى ماشية بقى؟
د.مراد: على كلام والدته.
د. يحيى: أبوه بيشتغل إيه، ووالدته بتشتغل ولا لأه ؟
د.مراد: أبوه محاسب وأمه محاسبة.
د. يحيى: كام أخ وكام أخت؟
د.مراد: عنده أخ واحد أصغر منه.
د. يحيى: فى سنه إيه، وبيدرس إيه؟
د.مراد: فى كلية تجارة برضه هو حاليا فى سنة أولى، هو أصغر منه بسنتين، بس أخوه هنا فى القاهرة والمريض فى جامعة إقليمية قريبة.
د. يحيى: هم ساكنين فين؟
د.مراد: هم ساكنين هنا فى القاهرة.
د. يحيى: العيان بيسافر لكليته كل يوم ولا بيعمل إيه؟
د.مراد: ما هو ده إشكال برضه.
د. يحيى: المهم.
د.مراد: فى الأول هو لما جه يعنى مثلا كنت زقيت معاه مثلا فى إنه يهتم بهدومه شوية، بمظهره، ما يكسلش يغير ويستحمى، هو مثلا عنده 4 أطقم هو ما بيلبسش إلا طقم واحد بس منهم، خليته ينزل يلعب مثلا كورة مع أخوه، مع زمايله، فى الأول بدأ يشتغل فى الحاجات دى شوية، بس فى خلال الشهرين اللى فاتوا حسيت كده زى ما يكون بدأ يريّح.
د. يحيى: بدأ يريح يعنى إيه؟
د.مراد: بدأ يريح بمعنى إنه إيه زى ما يكون فى الأول كان مش عارفنى فكان فيه رهبة شوية، يسمع الكلام، لكن شوية شوية لقيته مافيش، ما بيعملشى أى حاجة ماللى باقول له عليها.
د. يحيى: السؤال بقى؟
د.مراد: أنا فكرت أن أنا يعنى أديه مثلا لحد من زمايلى تانى يكون شديد شوية.
د. يحيى: يعنى إنت راجل طيب ولا طبيب مسئول، يعنى إيه تديه لواحد شديد شوية، يعنى انت شديد نص نص، ولا مش شديد خالص.
د.مراد: أنا ما باضربهوش مثلا.
د. يحيى: يا نهار أسود!! هوا احنا بنضرب عيانين يا جدع أنت؟
د.مراد: ده اللى فهمته إن زميلى اللى سافر كان بيعمله.
د. يحيى: بصراحة أنا عمر ما فيه عيان قال لى إن زميلك ده ضربه، يمكن شخط فيه، تلاقيه زقه بكرشه، إنما ضربه لأه، مستحيل
د.مراد: أنا مش عارف.
د. يحيى: لأ لازم تعرف، هى مش لعبة، تقول أى كلام على زمايلك!
د.مراد: يعنى على كلام والدته ده اللى وصل لى، إنه كان بيزعق له، ويبهدله.
د. يحيى: بيبهدله معلش إنما يضربه لأ.
د.مراد: مش ضرب بمعنى ضرب، بس يعنى كان فيه عنف منه، أنا شايف ان انا مش عارف أعمل ده معاه.
د. يحيى: مش أنا قولتلكوا بعد سفر زميلنا ده إن أنا اكتشفت ان هو كان معالج جيد، وإن العيانين بيحبوه، مش حصل، اكتشفت إنه كان غير ما كنت واخد فكرة عنه، إنه معالج جدع، هو يمكن كان له حضور حاسم بيوصل للعيان.
د.مراد: يعنى فيه حاجات والدته وصفتها لى كان الدكتور ده كان بيعملها مع الولد.
د. يحيى: إيه يعنى؟ كان بيزعق له؟
د.مراد: يعنى.
د. يحيى: طب السؤال بقى؟
د.مراد: أنا مش قد الكلام ده، السؤال إنى خايف على الولد من موقفى الضعيف ده، يعنى أديه لواحد زميلى ولا لأه؟
د. يحيى: إيه اللى بتقوله ده يابنى؟ هى معركة قـُـوَى؟ إنت فاهم إن الشدّية دى إيه؟ هى بالوزن ولا بالحس العالى، ولا بالحضور والحسم ؟
د.مراد: أنا فاهم ده آه.
د. يحيى: يعنى تكون أنت حاسم وواضح ومشترط، تبقى شديد، يعنى مسئول، كل ده يوصل للعيان، يتلم، آدى الشدية، مش الضرب، وانت واضح إنك مهتم، ومسئول.
د.مراد: هو ده بيحصل لحد ما بافـَـهـّمه هوه ووالدته إن الأعراض السلبية دى، أخطر من الأعراض اللى دخلته المستشفى، وإنه لو تمادى يمكن يخش المستشفى تانى.
د. يحيى: وبعدين، هوه يعمل إيه بقى؟
د.مراد:هى دى مشكله تانية، والدته بتقول إن هو عنده امتحانات حاليا.
د. يحيى: امتحانات إيه وهو ما فتحشى كتاب.
د.مراد: أنا قولت لها ده فعلا.
د. يحيى: ما هو دى هى الشدية اللى هى المسئولية، إن مستقبله مايضيعشى.
د.مراد: أنا عرضت عليها ده اكتر من عشر مرات، وهى برغم دخوله المستشفى قبل كده، لسه فاهمه إن العلاج كلام وترييح وفك عقد برضه.
د. يحيى: يبقى قصاد كده تتخلى، وتقول أنا مش شديد، ولا تكمل وتشوف هى ما بتتعلمشى ليه؟
د.مراد: ما أنا عشان كده باعرضها فى الإشراف أهه.
د. يحيى: يا إبنى إنت لما تلاقى صعوبة فى طبعك بتتعارض مع اللى انت نفسك تعمله، ما تنسحبشى، هنا مثلا، شايف إن الشدة تنفع، وانت مش شديد، الشدية هى جرعة التنظيم والإصرار على التنفيذ، مش الضرب، الموقف الحاسم بيوصل للعيان وأهله، لما تلاقى نفسك طيب، ما تقولشى أنا ضعيف، وأحوله لواحد قوى، إمال إحنا بنعمل هنا إيه يا شيخ، ما هو الضعف ميزة يا راجل، ورؤيتك دى نفسها ميزة، وانت بتستمر لحد ما تقدر على اللى أنت كنت متصور إنك ما تقدرشى عليه، تقعد تصبر وتعاند وتزود فى جرعة التنظيم والتنفيذ لحد ما تقدر توصّل موقفك الحازم بوضوح، هو ده اللى العيان وأهله عايزينه فى مجتمعنا بالذات، إحنا مجتمع مش بتاع الحرية اللى بالى بالك، وأنت حر وأنا حر لحد ما العيان يروح فى داهية، ولا الحكومة نافعاه، ولا أهله باقيين له، أنا محترم اعترافك بضعفك، ولو انه مش ضعف ولا حاجة، إنت تستشير آه، إنما تحوله لواحد زميلك أشد لأ، يمكن الأشد ده أضعف وهو مش عارف، الشدية ساعات حتى فى العلاج، بتبقى تغطية لضعف، باقول ساعات، أنا مش عايز اعمم، فإنت لازم تكمل واذا كان فيه صعوبه فعلا فى المذاكرة مهددة مستقبله، يبقى يخش المستشفى ويذاكر فيها زى ما انت عارف.
د.مراد: ما هو أنا باسأل برضه عشان كده، بس أمه.
د. يحيى: أمه إيش عرفها، وبعدين هى إما بتثق فينا، وإما هى حرة تروح لحد غيرنا يساعدها، إنما إحنا ما نساهمشى فى ضياع إبنها عشان عاملين حسابها، وبعدين أنا قلت قبل كده حكاية إن ساعات يوم واحد فى المستشفى يبقى صدمة كافية إن العيان يتلم، ويتعاون، ويكمل بره، ودا زى ما قلنا قبل كده باسميها الدخول الصدمى، يعنى المستشفى تمثل صدمة إفاقة، بعديها بعض العيانين يقعدوا مدة عارفين إن المرض مش لعبة ترييح، ولا العلاج لعبة تفويت، طبعا فى البلاد الحرة يعنى ما بيعملوش كده بالسهولة دى، إحنا هنا العلاقات الطيبة مع العيانين وأهلهم بتساعدنا بجد إننا نخدم أسرع، وأوضح.
د.مراد: يعنى أخليهم ييجوا يقابلوا حضرتك؟
د. يحيى: طبعا ممكن، مش أنا اللى كنت محوله لزميلك اللى سافر فى الأول؟
د.مراد: أيوه.
د. يحيى: طيب يا أخى يبقوا هم عارفين أنا باعمل إيه، وموقفى إزاى، وده حقهم إنى أتابع باستمرار.
د.مراد: أيوه بس معنى كده إنى أنا اللى حاستمر معاهم.
د. يحيى: ده لصالحك وصالح العيان.
د.مراد: ربنا يسهل.
****
التعقيب والحوار:
د. نرمين عبد العزيز:
ولكن كيف نحافظ على القرب فى العلاقة مع المريض فى ظل اتخاذنا موقف الشدة؟ بمعنى إزاى نوصل ده للعيان بالتوازن ده بين الشدة والقرب؟
د. يحيى:
يا نرمين، فى بعض الشدة قرب رائع، كما أنه فى بعض “التحسيس” والموافقة تخلٍّ قبيح.
أما كيف؟
فهى الخبرة، والأمانة، والمسئولية، وربنا.
أ. رباب حمودة:
يوجد مرضى يحتاجون الحضور والوضوح والحسم والمسئولية وفيه مرضى يحتاجون المصاحبه والأمان، وفيه عيان عايز حاجة معينة، وغيره، وغيره..،
هل من المفروض على المعالج ان يعرف كيف يعطى كل مريض ما يحتاجه، أو يكتفى بما لدى المريض فى وقتٍ بذاته، فأنجح مع مريض، ومريض آخر احوّله لمعالج اخر ارى أن لديه ما ينقصنى.
د. يحيى:
المرضى يختارون الأطباء، كما يختار الأطباء مرضاهم، وكلما زادت فرص الاختيار فعلا، زادت حركية التعاون، وتعددت مستويات العلاج، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، على شرط أن نواصل توسيع “وسعها” باستمرار.
والمجتمع العلاجى بالذات يسمح بتعاون وتبادل الأدوار وتكامل المجهود والوسائل بشكل رائع، وهذا غير متاح – عادة– فى العلاج النفسى الفردى بالذات.
أ. محمود سعد:
أنا أرى اننا أحيانا حين نجد انفسنا ضعافاً امام احد المرضى قد يرجع ذلك لقوة ومكانة المريض واحيانا لاننا اخترنا السكة دى. لذلك أرى ان التحويل إلى معالج آخر هو خطوة مقبولة لكسر الدائرة التى يدور فيها المريض بصرف النظر عن موقف المعالج الثانى، الا إذا كان حضرتك عاوز كده للتدريب أو التروى فى اتخاذ مثل هذا القرار.
د. يحيى:
لم أفهم جيدا، وإن كنت أوافقك أن كثيرا مما أنصح به قد يكون ضمن هدفى فى التدريب، لكن ليس على حساب المريض طبعا.
أ. محمود سعد:
اتفق معك يا دكتور يحيى فى صدمة الدخول والتى أرى أنها من الممكن أن تتشابه مع صدمة التحويل لمعالج اخر كما ذكرت سابقا.
د. يحيى:
يجوز، لكن هناك اختلاف جذرى فى طبيعة ونتائج كل منهما.
د. محمد الشاذلى:
أحياناً يواجه المعالج صعوبه حينما يكون المريض يحتاج لدفع فى كل خطوه يخطوها، كمان أن بعض المرضى أحياناً يتحركون بالقصور الذاتى بعد دفعةٍ ما، فيعطى المعالج فرصة لالتقاط أنفاسه ومعاوده السير.
د. يحيى:
هذا صحيح، علينا أن نحسبها بدقة حتى يستعيد كل مريض مبادأته، ومسئوليته بالتدريج، أى ضغط مبدىئ هو ليعود المريض إلى المبادأة بنفسه يا حبذا بأسرع ما يمكن.
د. نعمات على:
لا أعرف متى احوّل مريضاً لدىّ إلى زميل آخر، هل أفعل ذلك عند احساسى بالعجز معه وعدم تقدمه، ام بالاتفاق معه بناء على رغبته؟
د. يحيى:
لا توجد قاعدة عامة وكل شىء جائز، والإشراف يقوم بالإسهام فى التعريف بالواجب فى كل حالة من هذه الحالات، واحده بواحدة، إذا احتاج الأمر.
أ. هالة حمدى:
أنا مستغربة جداً أن يكون زميل بيضرب العيان بتاعه!!، اكيد كان بيشد عليه قوى زى ما يكون بيضربه، بس ضرب ما اعتقدش.
د. يحيى:
هذا بالضبط ما تصورتهُ أنا أيضا وأنا أرد على د. مراد وقد استبعدته فورا، ووافقنى الزميل أنه كان يعنى الموقف الحازم وليس الضرب.
أ. هالة حمدى:
الموقف اللى فيه د. مراد هو هو نفس موقفى مع عيانه باعالجها حاسه أنى ضعيفه معها، واحترت نفس الحيره دى، بس اللى أنا عاملاه دلوقتى أنى مكمله معها، يمكن حاجة تتغير فيا أو أعمل معها علاقه جيدة توصلنى إنها تسمع كلامى وتحس إنى باعمل حاجه علشان اساعدها مش أتحكم فيها.
د. يحيى:
هذه بصيرة جيدة، ربنا يساعدك، ويشفيها.
أ. عبد المجيد محمد:
حضرتك ذكرت فى اليومية إن الضعف ميزه وبعد كده قلت إن الشدية ساعات فى العلاج بتبقى تغطيه لضعف.
د. يحيى:
الضعف ميزة حين نعترف به، ونبدأ منه،
والشدة التى ينقصها الاحاطة والرعاية والمواكبة، هى – غالبا – قسوة انفجارية تعلن ضعفا كامنا أخطر.
أ. عبد المجيد محمد:
– فهمت كيف أن الشدة هى فى جرعة التنظيم والإصرار على التنفيذ، فهمت أيضا معنى الدخول الصدمى وكيف أن المستشفى يمكن أن تمثل صدمة إفاقة.
د. يحيى:
هذا ما عنيته تقريبا.
الحالة: (32)
فصام عن الجسد، وآلام الوصْل([48])
د.مختار عبد الغفار: هى بنت قرب نهاية العقد الثالث، دلوقتى باشوفها بقالى أربع شهور، هى فى رابعة جامعة بس هى بتشتغل من بدرى حالياً بتشتغل فى مكتب بمرتب كويس خالص بتاخذ حوالى 7 ألاف جنيه فى الشهر هى خريجة مدارس أجنبية وحاجات كده، هى جت قال إيه بتشتكى من” رهاب اجتماعى”، قالتها بالإنجليزى Social Phobia، وأنا ماكنتش مستريح أوى، ماكنتش مصدق اوى، لا هى بتدى أمثله واضحة لمخاوفها من مواجهة الناس، ولا أنا ملاحظ حاجة، إنما كانت بتيجى بانتظام، لدرجة إنى كنت باقول لها كتير إنتى يابنتى، أنا مش فاهم إنتى بتيجى ليه، هى بتيجى لا بتتكلم قوى، ولا أنا عارف بالظبط إحنا نبعمل إيه، إنما هى بتيجى بالتزام شديد جداً، أقول لنفسى هى بتعمل كده ليه، وأى حاجة أكلفها بيها بتعملها بالتزام شديد برضه، فكنت باكمل، بس من حوالى شهر كده فتحنا فى منطقه كانت هى شاورت عليها وماكانتش عاوزه تفتح فيها بدرى، الظاهر كان صعب إنها تفتحها من الأول، بس يعنى لما العلاقة معايا استقرت كده قدرت تحكى: الحكاية إنها كانت اغتصبت اغتصاب حقيقى، يعنى إتكسرت إيدها فيه وإتجبست، كان ده وهى فى سن 15 سنة، وده حصل من واحد من الشلل اللى بيعرفوها كده وهما فى سن ال 15 سنة، يعنى حاجات بتاعة مش عارفة باحب فلان، ومش باحب علان، واحد من دول اغتصبها فى سن 15 سنة، والظاهر إنها كانت تجربة حقيرة جداً لأنها قعدت أربع سنين بعدها وهو بيذلها، وبيخوفها إنه حايقول تفاصيل وكده.
د.يحيى: يقول تفاصيل إيه؟
د.مختار عبد الغفار: يقول أى حاجة، أو كل حاجة
د.يحيى: أنا مش فاهم، هى العلاقة استمرت بعد الاغتصاب؟
د.مختار عبد الغفار: أيوه، استمرت أربع سنين
د.يحيى: أربع سنين اغتصاب؟؟!!!
د.مختار عبد الغفار: آه أربع سنين، أربع سنين إذلال ورعب وتخويف حقيقى يعنى، لحد ما قالت لأخوها، وهو كمان قال لأخوها وقال لأختها، هى كانت بتقول ساعات علشان هو كان حايقول، أخوها وأختها أكبر منها وماعملوش أى حاجه خالص غير إن هما استمروا يداروا على الموضوع ويستجيبوا لطلباته همّا كمان، برضه بطريقه سخيفه جداً يعنى.
د.يحيى: طلباته؟ طلبات إيه؟
د.مختار عبد الغفار: طلباته كلها.
د.يحيى: إنه إيه؟
د.مختار عبد الغفار: إنها ماتخرجش من البيت، ما هو كان بيغير عليها وحاجات كده، وصلت إنه خلاها ما تخرجش من البيت، إلا للمدرسة.
د.يحيى: من غير ارتباط ومن غير أى حاجه خالص؟
د.مختار عبد الغفار: من غير أى حاجه خالص، بالرعب بس وبالإذلال
د.يحيى: لحسن لو خرجت من البيت يعنى حا يعمل إيه؟ حايقول للناس؟ ولا إيه؟
د.مختار عبد الغفار: آه، يقول لأبوها وأمها.
د.يحيى: وبعدين؟
د.مختار عبد الغفار: لما حكت لى الحكايه دى كانت متألمة جداً لدرجة إنها قعدت مانامتش بعدها مدة، وأنا تعاطفت معاها تعاطف جامد الظاهر، ما اعرفشى ليه يعنى، هو أنا ساعتها كنت حاسس إن التعاطف زياده شوية، ما كنتش مستحمل يعنى، وهى ماكانتش بتنام فعلا، وجت المستشفى هنا باتت ليلة واحده علشان تنام فقط، يعنى دخلتها علشان تنام ولو ليلة، وبعدين خرجت تانى يوم، خرجت أحسن، وقبل ماتيجى المستشفى عدّت على عربية الواد ده، هى ماشافتهوش بقالها 9 سنين، إنما راحت معدية يوميها وكسرت الفوانيس بتاعته، ده قبل ما تيجى المستشفى على طول، بعدها قعدت ماتنامش تلاث ليالى، فدخلت الليلة دى بس علشان تنام ولو ليلة، هى أمها توفت فى أخر الأربع سنين اللى كانت عاملة فيهم العلاقة دى، وده كان جزء من العوامل اللى ساعدت على قطع العلاقه، وليكن مايكون، يعنى أمها أتوفت وهو كان مانعها حتى إنها تزور أمها وهى فى المستشفى علشان ماتخرجش لوحدها، كان هو بيوصلها بنفسه ويرجعها بنفسه وحاجات كده، فى العشر سنين اللى فاتوا بعد كده، يعنى من سن 19 إلى 29 هى بعد ما أمها أتوفت، وهى بتشتغل، أبوها معتمد تماماً عليها فى كل حاجة، مابيعملش أى حاجه بنفسه، بطل شغل، وهى بتصرف عليه وهى اللى فاتحه البيت، أختها كان عليها حكم فى شيكات وكانت مستخبية، وإتسجنت فعلاً بس هى ما قالتش لحد.
د.يحيى: قضية إيه؟
د.مختار عبد الغفار: شيكات.
د.يحيى: أختها بتشتغل إيه؟
د.مختار عبد الغفار: مابتشتغلش هى كانت بتشتغل “بيزينس”، شوية حاجات كده من بتاعة البزينيس أنا ما اعرفشى فيها.
د.يحيى: أختها متجوزة؟
د.مختار عبد الغفار: لأه مش متجوزه، قصدى إتجوزت وإطلقت، حالياً مش متجوزة.
د.يحيى: بتشتغل دلوقتى؟
د.مختار عبد الغفار: أيوه، بتشتغل فى مكاتب كده، مكتب محاماه وإستيراد وتصدير وحاجات كده.
د.يحيى: وأخوها دلوقتى فين؟
د.مختار عبد الغفار: أخوها فى الخليج، متجوز، وشايل إيده خالص، وحتى لما بينزل أجازة، بيزورهم بالعافية كده مابيشاركش فى أى مسئولية، ولا بيسأل عن حاجة، وهى دلوقتى عليها ديون عماله تتراكم، والأب مستنطع وهى لوحدها تماما.
د.يحيى: هى شخصيا عليها ديون، غير أختها.
د.مختار عبد الغفار: أيوه، عليها ديون آه.
د.يحيى: ديون بتاعة إيه؟
د.مختار عبد الغفار: بتاعه أبوها أساسا، ومصاريفها، وشوية الكروت والكلام ده، وقسط عربية، أنا شفت موقف الأهل شديد السوء: الأخ والأخت والأب حاجه فظيعه جداً، فهى بدأت تاخذ مواقف مع استمرار العلاج، بدأت تاخذ مواقف زى مثلا آخر حاجه عملتها سابت البيت فعلاً، أنا كنت مدعم ده جدا، ً وفيه واحده تانية هى تعرفها بتستشير واحد زميلنا، وصاحبتها دى واقفه جنبها جامد جداً، وساعدتها إنها تسيب البيت، مع إن ابوها يعنى كان معتمد عليها بشكل مطلق، أنا رأيى إن الموقف ده كان إيجابى، بس انا من ساعتها كنت عاوز أسال يعنى هو فعلاً الزنقه اللى انا حطيتها فيها دى ده كانت صح ولا مش صح؟
د.يحيى: أنهى زنقة؟
د.مختار عبد الغفار: إنها تسيب البيت.
د.يحيى: هى ليها بيت من أصله!! هوا ده بيت؟
د.مختار عبد الغفار: بيت أبوها، هى صحيح كانت بتقعد براه بتاع يومين ثلاثه، عند صاحبتها، وترجع تبات، بس إنها تسيبه خالص كده كان صعب، هى قالت لأبوها إن المكتب له فرع فى شرم الشيخ، وإنها حاتروح تشتغل هناك فى شرم الشيخ، فحاتشوفه أربع ايام فى الشهر وحاجات كده.
د.يحيى: تشوفه تعمل بيه إيه؟
د.مختار عبد الغفار: تشوفه تراعيه، أبوها عنده 65 سنة ومبطل شغل بقاله 10 سنين، ومن بعد وفاة الأم زادت عزلته، يعنى بقاله 9 سنين قاعد كده.
د.يحيى: تشوفه أربع تيام فى الشهر يعمل بيهم إيه؟ ولا هى تعمل له فيهم إيه؟ المهم، فيه تاريخ مرض نفسى فى الأسرة؟
د.مختار عبد الغفار: لأ مافيش.
د.يحيى: مين اللى باعتلك، العيانة دى؟ أنا؟
د.مختار عبد الغفار: لأه، هى جت لى أنا مباشرة، هى عـِـرفتنى من زميلنا، وواحد تانى حكى لها عنى، وهو اللى بعتها لى يعنى .
د.يحيى: ما قلتلناش عن علاقاتها العاطفية والجنسية من 19 بعد ما سابت الواد ده إيه لحد دلوقتى إيه؟
د.مختار عبد الغفار: بعدها مباشرةً وقـّـفت كل حاجة، ما عملتش حاجه خالص لفترة قصيرة يعنى، وبعدين على البحرى لمدة ثلاث اربع سنين.
د.يحيى: على إيه؟
د.مختار عبد الغفار: على البحرى، يعنى فتحتها عالبحرى.
د.يحيى: يعنى بقت تعمل علاقات كاملة مع أى حد؟
د.مختار عبد الغفار: يعنى مش أى حد أى حد، إنما عالبحرى والسلام
د.يحيى: طب وبعد الأربع سنين دول؟ مش لسه فيه ست سنين لحد ما جت لك.
د.مختار عبد الغفار: لأ، متأسف، هما أقل من اربع سنين يمكن سنتين تلاتة.
د.يحيى: طيب، إحنا بنسأل بعدها، لسه فاضل لنا سبع أو تمان سنين؟
د.مختار عبد الغفار: بعد الفندقة اللى عالبحرى دى، هى دخلت بقى فى علاقة مستمرة ثابته.
د.يحيى: لحد دلوقتى؟
د.مختار عبد الغفار: لغاية دلوقتى، بس صاحبها مش عاوز يتجوز بطريقه غير مفهومه، لدرجة إنها بعتتهولى، وقعدت معاه فعلا، لقيته واحد مبسوط كده، مرتاح كده، يعنى مش عاوز حاجة غير كده، سألته طب لو حاتتجوز حاتتجوز مين؟ قال حاتجوزها هى ما فيش مشاكل، بس انا مش عايز اتجوز”، لقيته مبسوط كده وخلاص، بس انا حاولت قبل سيبانها البيت إنها تسيبه، وقالت له فعلاً، وحصل إنهم إنفصلوا أسبوعين وبتاع، والسؤال هنا بقى إنها سابت البيت، وبعد ماسابت البيت بدأوا يتكلموا شوية، وأنا زى ما أكون مش عارف، حاسس إن الحاجات دى كلها كده بقت كتيرة قوى.
د.يحيى: السؤال بقى؟
د.مختار عبد الغفار: السؤال أولا عن الزقه اللى انا بازقها دى فى كل اتجاه، صعبة عليها وهل كانت زيادة؟ والحاجة التانية: عن العلاقه اللى موجوده ديه هل موقفى صح ناحيتها ولا إيه، والحاجه التالتة بس هى قديمه شوية، وانا شاورت عليها فى الأول هى عن نوع التعاطف ده اللى أنا تعاطفته معاها ساعة لما حكت الحكايه دى وكان تعاطف زيادة حبتين، هو ما قلقنيش، بس انا استغربته من نفسى يعنى.
د.يحيى: هى حلوه؟
د.مختار عبد الغفار: هى حلوه، آه، بس تخينه اوى .
د.يحيى: وزنها كام يعنى .
د.مختار عبد الغفار: لأه يعنى فوق الـ 100 كيلو.
د.يحيى: طول عمرها كده.
د.مختار عبد الغفار: لأه، أخر سنة كده أو من سنة ونصف .
د.يحيى: وقبل سنة ونصف كان وزنها كام.
د.مختار عبد الغفار: كانت عاديه يعنى.
د.يحيى: 80 مثلاً؟
د.مختار عبد الغفار: آه مثلاً.
د.يحيى: طيب، نحاول سوا: هو علمياً: الحاله دى شديدة الصعوبة، وبالتالى هى مشكلة علاجية مش سهلة، وعلاجياً هى برضه شديدة التحدى يعنى فبنبدأ بالتاريخ الأسرى، إنت بتقول إن ما فيش أمراض نفسية فى الأسرة، فالمسائل بتبقى أصعب، بتلزمنا ندور على أسباب شديدة، أو متراكمة تتجمع علشان توصلنا لفهم بعض اللى جرى كده، الأسباب هنا جاهزه شوية على اساس إنها بتنتمى لـثقافة فرعية، ما هياش النموذج الشائع للأسرة المصرية، يعنى ماهياش مصرية صرف، عندك المدرسة الألمانى، والحرية من أيام 14 سنة وحاجات كده، فدى تبقى بدايتنا، يبقى أول حاجه يعنى نبص لمسألة الحرية وما الحرية، أو شكل الحرية، لما تبدأ فى الثقافة الفرعية اللى باين عليها هنا فيها سماح شوية زيادة، غير لما نشوف حالة مرت بنفس الخبرات دى وهى خارجة من ثقافة ما بتسمحشى بأيها حاجة، بغض النظر عن اللى بيجرى فى السر، حتى لو حصلت نفس الحاجات دى، فى ثقافة تقليدية، ما بتلقاش اللى بيغذيها باستمرار عشان تستمر، فإنت هنا لازم تبتدى تقيس تصرفات البنت فى سياق ثقافتها اللى نشأت فيها، من كده تتعرف على إيه المسموح بيه، وإيه الممنوع، مش بصفة عامة، لأ وإنما بالنسبة للبنت دى بالذات، واسرتها، ومدرستها، وشلتها، وكلام من ده. تانى حاجة إنك برضه ما تعممشى اللى فى مخك على البنت دى وعيلتها لمجرد إنها راحت مدرسة ألمانى وكان لها شلة كيت وكيت، لأ، إنت ترجع تبص لأسرتها بالتفصيل قبل ما تقيس تصرفاتها وتصنفها، إنت تشوف هل كانت بتاخد الدعم الأساسى من أسرتها، أقصد الموافقة ولو الضمنية اللى تسمح لها تدخل وتطلع التجارب دى كلها، ولا المسألة كانت هس هس، أنا حاسس زى مايكون ما كانشى فيه الشكل الأساسى اللى البنت من دول ولا الولد من دول يعنى يتسند عليه كل لما يتكعبل من سن 14 سنة، أو قبل ما يبتدى كل اللى جرى ده.
د.مختار عبد الغفار: لأه، الأم كانت عاملة دعم حقيقى، كانت تمثل للبنت حاجة جامدة يعنى.
د.يحيى: ماشى، كتر خيرك أضفت معلومة هامة، لما نيجى بقى عند 14 لحد 19 أو حاجة كده، نتوقف شوية، ونبص للى حصل، أصل دى قضية علمية واجتماعية ونسائية مثارة فى بلاد بره، ومالهاش حل سهل بإصدار الأحكام، الشوشرة برّه بتدور كتير حوالين حكاية إن المغتصبة ماهياش مغتصبة حتى لو قصدهم بيبقى جواها كيان موافق أكتر على الحكاية ديه، وهما عملوا إحصائيات فى بلاد برة كتير على عدد المغتصبات اللى بيعملوا علاقات أطول مع اللى اغتصبوهم بعد الحادث، ولقوهم إنهم عدد مش قليل، حتى لو كان الامر وصل للبوليس والمحاكم وكلام من ده، أصبحت الأرقام دى موجودة فى الكتب العلمية العادية مش مجرد أبحاث متفرقة، والحركات النسائية فى بلاد بره عاملة دوشة ضد الإحصائيات دى، وضد الفروض العلمية أو التعسفية اللى بتتهم المرأة إنها بتشارك فى التسليم فى عمليات الاغتصاب دى، أغلب الحركات النسائية فى بلاد بره واقفه من ده موقف شديد جداً فى الإعلام وغير الإعلام، وكلام من ده، فيبدو إن الإغتصاب فيه حدوته كده، وإنه أنواع، وإن آثاره بصفة عامة مختلفة، فما بالك بقى عندنا، وخصوصا، عند الحالات الفردية، واحنا أغلب شغلنا حالات فردية!! إحنا مش عارفين لحد دلوقتى أنهى منطقة هى اللى بتثار بالاغتصاب وتخلى الواحدة توافق عليه من ورا نفسها، هى مش لازم تكون منطقة بدائية بالضرورة، هى منطقة معينة والسلام، منطقة موافقة بشروط غامضة، يعنى المرأة أحياناً بتبقى موافقه وهى مش موافقة، حاجة كده، دى نقطه بتتقاس بقى بحاجات كتيره، كلها اجتهادية، وكلها فيها فصال، يعنى مثلا دراسات تحاول تكشف علاقة الخضوع الطبيعى للأنثى بالحكاية دى، ودراسات بتقول ليه أنثى الحيوان بتفضل الذكر القوى اللى بيطرد الأضعف، ويهجم عليها زى ما يكون بيغتصبها، وكلام من ده، ودراسات بتحاول تفحر تشوف المغتَـصبة دى راحت مطرح الاغتصاب وهى عارفة جزئيا/ ولو تحت الشعور هذا الاحتمال ولا لأ، وطبعا إنتم عارفين النكت والكاريكاتير اللى بيقلس على الحاجات دى، بس ورا كل ده وعى شعبى ساخر وفاهم تمام التمام، ساعات يشاور على المرأة اللى بتستعبط، وحتى لو بدأ الاغتصاب بمقاومة حقيقية ساعات بتتعمل أبحاث هل المغتصبة بتسيب نفسها تنبسط حتى الذروة ولا لأه، وعلى فكرة أنا عايز أقول لكم حاجة، أنا كنت زمان، لحد قريب، كنت بادّى قيمة كبيرة جدا لحكاية هى المرأة بيجيلها ذروة ولا لأ كدليل للقبول من عدمه، وبعدين قريت كتير، وسمعت، وشفت إن المسألة مش بس مسألة ذروة وبس، اللى وصلنى إنه مش ضرورى الأورجازم يبقى هو الدليل الأوحد أو الأول، فالتفرقة بين الغصب واللى مش غصب بقت أصعب فى أصعب.
نرجع لحالتنا هنا، طيب، حصل اغتصاب وكسـْر دراع فى سن 15سنة، ما شى، إيه بقى اللى يخلى العلاقة تستمر أربع سنين بالتمام والكمال، يعنى إيه؟ بيعيدوا العرض بالتصوير البطئ ولا إيه الحكاية؟ هل فيه علاقه تقعد أربع سنين، ممارسة كاملة، فى السن دى، علشان بيخوفها وبيقول لها بخ حاقول لأبوكى؟؟ وبعدين حكاية إنه يحرّج عليها تخرج إلا بإذنه، قال إيه بيغير عليها، ده شىء صعب تصوره بالحسابات العادية، هو فيه جوز حتى يقدر يمنع مراته من إنها تخرج بالشكل اللى أنت وصفته ده، يا أخِى دا إيه ده!! ومع ذلك الولد واضح إن هو فيه شىء خطير، سميه مرض، سميه اضطراب شخصية، سميه حضور خاص، إنما فيه شىء والسلام، المسألة مش مسألة إن هو بينام مع واحدة ولا بيضربها ولا بيكسر دراعها وخلاص، لأ دا باين كان فيه باثولوجى بيغذى الباثولوجى (حاجة إمراضية، بتغذى حاجة إمراضية) ده برضه علمياً له كذا ناحية محتاجة فحص، يعنى المسألة باين عليها مش مجرد جنس بس، دى شكلها فيه جنس على بارانويا على بدائيه على حاجات ما نعرفهاش، كل ده لما يستمر أربع سنين بيزرع بلاوى فى بنت عندها أربعتاشر ولا خمستاشر سنة، واللى اتزرع فيها ده، سواء عرفنا إيه هوا ولا لأه، هو اللى خلى الحكاية تستمر الأربع سنين دول، يمكن لو ما كانشى حصل، ما كانتشى استمرت لما يكون هوا إيه باللذى، وعلى فكرة لو سألتها مهما سألتها يمكن ما تدكشى عقاد نافع، لأنك غالبا حاتلاقيها ناسية أو مش عارفه التفاصيل على الأقل، يعنى يمكن يستحيل الحصول على معلومات كافية تفسر المدة دى، يمكن تفسير المضاعفات والنتائج اللى حصلت بعد كده يبقى أسهل، حقيقة اللى حصل ده حاتنيها غامضة غالبا لحد ما تتقلب الأمور فى ظروف تانية ما نعرفهاش، وده مش مهم، ما يصحش يعطلنا عن العلاج، إحنا مش بنحقق، ده انت تعالج الموجود حاليا وماتستناش عشان تعرف السنين دى مرت ازاى، لازم تخش فى الظاهر والباطن اللى موجودين دلوقتى بكل خبرتك وحدسك وعلمك، وتاخد تفاصيل التفاصيل، واحده واحده من ساعة ما يجيلها تليفون عشان تقابله المرة الفلانية لحد ماتروح له، وتقعد معاه فين، ولمدة قد إيه، ساعة ولا تلاتة، ولا ليلة ولا إيه، طب والمرة اللى بعديها، واللى بعديها وهكذا، وبعد كده يمكن تعرف دا كان جنس ولا ذل ولا بدائيه، وده اللى يخليك تعرف هو مرض ولا إيه .
د.مختار عبد الغفار: أنا عندى شوية تفصيلات كتيرة مش يعنى دقيقة بدقيقة لكن عندى شوية تفصيلات كتيرة بتقول إن هو كان إرغام يعنى إرغام
د.يحيى: وارد، أنا ما اقدرشى أكذبك أو أشك فى رؤيتك، بس خلى بالك، ده اتقال من طرف واحد، طبعا أنا عارف إنك ما تقدرشى تحصل على الطرف التانى بعد المدة دى، ولا فى الظروف دى، إنما برضه يفضل الشك واجب فى المعلومات اللى من طرف واحد، خصوصا لما المدة تطول كده. أنا متصور إن عشان العلاقة تستمر المدة دى، أربع سنين و بالشكل ده يبقى فيه على الأقل ثلاثة أو أربع خمس مستويات عند البنية دى كانوا بيشتغلوا مع بعض، وانت مثلا تلاقيك عارف إثنين واحد بنسبة50%، و واحد بنسبة 80% والباقى مطنشهم، غصبن عنك طبعا، بس لأه، المسألة كان فيها غرابة مش قليلة ، وأنا أعتقد إن اللى فى البيت كانوا مشاركين بشكل أو بآخر ، حتى من غير ما يدروا.
د.مختار عبد الغفار: وكمان فيه أحداث تحتاج وقفة وتساؤلات ما اعرفشى كانت بتتفوت من أهلها إزاى، يعنى لما يسيـّـبها المدرسه ويخليها تأخذ الدروس فى البيت علشان ماتشوفش حد فى المدرسة.
د.يحيى: هوا مين ده وصفته إيه اللى تسمح له يعمل كده ، على رأيك دى حواديت وحواديت، سبحان العالم، إوعى تفتكر إن مرور تسع سنين أو علاج خمس شهور ممكن يصفى الحسابات دى، أظن إن اللى حصل فى الأربع سنين دول إذا كان بالضبط زى ما وصل لك بقى جزء من تركيبها الأساسى، أصلها بدأت فى سن صغيرة، سن حرجة جدا، علشان كده بقولك إنها حالة شديدة الصعوبة شديدة التحدى، شديدة الصعوبة علمياً فى الفهم وشديدة التحدى فى العلاج، ما هو إحنا ما نعرفلشى إيه اللى إتزرع جواها وإيه اللى ماتزرعش، ولو البنيـّـة عندها تاريخ أسرى للمرض النفسى كان يساعدنا شوية.
نيجى بقى نبص لآثار العدوان نلاقيها فى أكتر من مجال، ولا نعرفشى نربط بينها بسهولة، هتلاقى عندك مؤشرات تانية مهمة برضه علميا، يعنى خد مثلا حاجة زى التخن، مافيش حاجة اسمها حد يتخن 25 كيلو فى المدة دى، ومن الناس الموضة دول، إلا لما يكون دخل فى باثولوجى جامد، والباثولوجى الجديد ده أنا مرة سميته “فقد حدود الجسد”، loss of body boundaries زى مافيه فقد حدود الذات loss of ego boundaries فى الفصام، أنا شفت فقد حدود الجسد فى حالات كتيرة فى الفصام، وغير الفصام، كنوع من المآل السلبى، وساعات ده بيحصل بدال ده، فاهم؟ يعنى بدل ما تخش فى فصام، وذات تنفصل عن ذات، جسمها هو اللى ينسحب بعيد عنها، ومن مظاهر ده إنه يفقد حدوده، يبقى جسمها مش بتاعها، زى ما بيحصل فى الفصام الذوات تنفصل عن بعضها، والعيان يحس أو ما يحسش إنه بقى مش هوه، يمكن هى انفصلت عن جسمها بعد الإهانات اللى بتقول عليها دى، وده يمكن له علاقة باللى حصل كله، يعنى لو الفرض ده صح، أو قريب من الصح، يمكن يفسر اللى حصل فى المجال الجنسى، وفى المجال العاطفى ومجال العلاقات اللى عمرها ما وصلت للمستوى المعقول، لو الأمر كذلك يبقى ده يمكن يفسر الاستمرار أربع سنين فى الممارسة المهببة دى وهى منفصلة عن جسدها، حتى قبل ما تتخن ويبان اللى احنا سميناه فقد حدود الجسد، ما هو زى الفصام برضه، الانفصام بيحصل بدرى بدرى، ويقعد مدة كامن يمكن توصل سنين، وبعدين تظهر الأعراض، ومن ضمنها، فقد حدود الذات، وهنا اللى حصل هو زى ما يكون بديل أنتهى إلى فقد حدود الجسد، يعنى هى انفصلت عن جسدها – حسب الفرض يعنى – من ساعة ما اتهانت هوّا مش فقد يعنى اختفاء الحدود، هو انفصال، زى ما يكون جسدها مابقاش هىّ، بقت تدى جسدها للى يأخده يستعمله من الظاهر، حاجة كده، إوعى تصدقنى، أنا بافترض، بس يمكن، فهى بقت تمارس الجنس وما بتمارسوش، فحصل اللى حصل، وده يمكن يفسر اللى عملته بعد انتهاء العلاقة لما سابت نفسها عالبحرى زى ما بتقول.
التحدى العلمى التانى، قصدى الصعوبة اللى بعد كده، وأنا رأيى إنها أهم، هى العلاقه الحالية، لأننا فى الغالب لازم نقارن العلاقه الحالية وبالتفصيل مع العلاقات السابقه، ديه كانت بتدى إيه وديه دلوقتى بتدى إيه،ساعات بتبقى دى عكس دى، وساعات بتبقى دى مكملة لدى، وبرضه ساعات بتلقى تكرار “للنص: السكريبت”، مع إن الشكل الظاهرى ممكن يكون مختلف كل الاختلاف، بس جوا جوا يجوز تلاقى فيه حاجة مشتركة، خد مثلا عدم المسئولية، أو عدم التعلم من الخبرة ، أو خد احتمال الانتقام من نفسها أو من شريكها، كل ده جايز مع اختلاف المظهر، فالعملية شديدة الصعوبة وإمتداد هذه الصعوبة حا يواجهك بتحدى حالى، مثلا هو الجدع اللى بيستعملها دلوقتى ده وما بيتجوزشى حايتنيه كده لحد إمتى؟ هو خلاص بقى إستحلاها ولا إيه؟ هى مش تخنت على إيده هو كان بينام معاها وهى عندها 80 كيلو دلوقتى عندها 105، فهل هى نفس الست ولا واحده تانيه ، يعنى كل لما تلاقى صعوبة علميه هتلاقى قصادها تحدى علاجى.
لما نيجى بقى لموقفك إنت اللى بدأت بيه عرض الحالة، وقلت إنك لاحظت إنك اتعاطفت معاها زيادة عن اللزوم، ويا ترى إيه الحكاية، طبعا فيه تفسير بسيط ومباشر إنها لما حكت كانت صادقة واتقلبت عليها المواجع من سن 14 ولا 15، ودى سن الألم فيها بيبقى شديد الدلالة والأمانة، فإنت لازم تتعاطف، وده وصل لها فى الغالب، وكانت محتاجاه.
أظن فيه نقطة تانية هنا، إنها يمكن لما انفصلت عن جسدها، الأمور بعدت شوية، فالألم خف، جه العلاج زى ما يكون بيعزم عليها إنها تسترجع جسدها، تبقى هى وهو واحد، ودى زى ما تكون بتعمل عملية ضم أو وصل عضو مبتور من غير بنج، حاجة تقلـّب اللى ما يتقلبشى، يبقى الألم الأولانى اللى لغاه الانفصال إتحرك، وبعدين ألم الوصل العلاجى إنضاف إليه، أنا مش متأكد.
نرجع لتعاطفك برضه يا أخى، إنت ليه ما شفتهوش ببساطة إنه مرحلة من الطرح المقابل([49])، مش أنت بتحبها برضه ولا إيه، وجت الحكاوى دى خلتك تتحمل مسئوليتها أكتر، مش إحنا اتفقنا إن الحب رعاية ومسئولية وكلام من ده، بصيت لقيت نفسك قدام واحدة وثقت فيك، وحكت، وشفتها إنها إتحرمت فى معظم مراحل حياتها من غير ذنب، إتحرمت بمعنى الجوع، من أمها زى ما بتقول، وأنا مش متأكد، واتحرمت بمعنى القهر، وده بيشمل عدم الشوفان، وإتحرمت بمعنى التخلى، واتحرمت بمعنى الاستعمال من الظاهر اللى ممشى العلاقة الحالية، ضيف على كده بقى شيلانها لأبوها اللى هوا نايم فى الخط، وعلى فكرة هوه مش كبير قوى عشان نفسر رقدته فى الخط دى، وما تنساش فقدانها لأمها فى وقت شديد الأهمية بالنسبة لها، واخواتها شايلين إيدهم زى ما بتقول، والديون اللى عليها، يعنى ما عدشى ليها حد، ومش عايز تتعاطف معاها قوى كده؟!! يا شيخ حرام عليك فى حق نفسك، وفى حقها برضه. ثم خلى بالك إنت ما تقدرشى تضغط عليها بعد دا كله فى المرحلة دى أكتر من كده، وده السؤال الأولانى، إحنا زى ما دايما بنقول إن إحنا لما بنيجى نكسر زلطه على الرملة بنقعد نخبط فى الزلطة فتغوص فى الرمله تتوجع من غير ماتنكسر، إنما لو على أرض صلبة تخبط خبطة واحدة تنكسر، فين الأرض الصلبة فى الحالة دى اللى تسمح لنا نخبط أو نحسس حتى، هاتخبط مين اللى هيلقاها؟ لا أخوها ولا أختها ولا أبوها ولا حد خالص، بتبقى متكتف، تعمل إيه، تتعاطف يا أخى، يا راجل اتعاطِف ولا يهمـّـك لحد ما ربنا يفرجها، أنا حاسس إنك مش عاوز تقول لها لأه فى أى حته اكتر من كده، طيب وفيها إيه مؤقتا، صحيح بقى عندها 29 سنة وحاجات من دى، وانت عارف حساسيتى من الرقم ده على بناتى، إنما لأه، كل شى وله شىء، أنا ماعنديش أى تعليق غير قبول التحدى لأن دى وظيفتنا.
فيه تحدى علمى علاجى غير ده وده، إنت لاحظت إنى شككتك فى معظم المعلومات اللى هى قالتها، سواء من حيث الظاهر، أو اللى تحت الظاهر، أنا عايز أفكرك إن الشك فى كل معلومه وارد، على شرط إنه ما يعوّقشى العلاقة، الشك مش فى إنها كذابة، لأ، إن المعلومات ناقصة، وبتتقال من وجهة نظر واحدة، بس، إنما العلاج لازم يمشى بأى قدر من المعلومات، وانت عارف إحنا بنصدق العيانين عمال على بطال، إنما بنـِـستكمل المعلومات ونرتبها مع بعضها، مش أكتر.
نيجى بقى لنقطة مهمة ما تعرضناش لها كفاية، أو ماتعرضناش لها خالص، الظاهر إن الواد الأولانى ده ما انتهاش من جواها لسه، إيه اللى يخليها تروح بعد تسع سنين، وبعد ما حكت لك الحكاية، وقعدت ما تنامشى كام ليلة، إيه اللى خلاها تروح بعد السنين دى كلها تكسر له فوانيس عربيته، طبعا فيه تفسير بسيط، إنها لما افتكرت حست قد إيه الجرح والقهر والاستعمال كانوا صعب، اتقلبت عليها المواجع، فنط الشعور بالظلم وحقها فى الانتقام فعملت اللى عملته، التفسير ده وارد، ما فيش مانع، بس خلى بالك، أنا حاقول حاجة وما تزعلشى منى، مش يمكن التكسير ده طالع من منطقه تانيه بتخدم حاجة تانية، ما هو أصل حدوته الباثولوجى دى طويلة شوية، ولفة حبتين، أنا خايف لحسن ننسى إن فيه احتمال إنها بتحب الواد لسه، مش بتحبه يعنى بتحبه، قصدى العلاقة اللى خلتها تستمر أربع سنين مع واحد زى ده، وبعدين تيجى بعد 10 سنين تكسر فوانيس عربيته، يبقى اللى جوه يمكن لسه جوه، يعنى فيه علاقه لسه موجوده، هو المفروض إذا كانت العلاقه ديه ماتت تماما يبقى ماعادش فيه داعى لأيها حركة زى دى، المفروض إننا نتوقع إنها لاتكسّـر ولاتنيل، زى ما يكون فيه ثمرة وقـَـطـَـعـْـت عن شجرتها المية، الثمرة تدبل بقى وتقع لوحدها، إنما هى النهاردة، تثق فيك، تطمن، تفتكر، تروح حاكيالك، ما تنامشى، تروح تكسر فوانيس عربية واد سابته عشر سنين!! يعنى، خلى بالك، إزالة آثار العدوان مش بالساهل، خصوصا لما تكون الضحية، زى ما انت عارف موقفى باستمرار تكون طرف فى العدوان من أصله، مش كل جريمة عاملها إتنين برضه، ذنب المقتول ذنب القاتل، أصله استسلم، مش قوى كده، بس بافكـّـرك.
أنا حاحكيلك حكاية: أنا اليومين دول باكتب حاجات كده، فرحت أدور على كتاب لفرويد فلقيت كتاب تانى، كنت بدور على كتاب تفسير الأحلام لفرويد مالاقيتهوش، أنا قريته مرتين، لقيت النسخة الإنجليزى، وأنا مش فاضى، إنما لقيت بداله كتاب خمس حالات فى التحليل النفسى بتاع فرويد برضه، أنا كنت قريت حكاية هانز الصغير، وقريت حتت من تحليل حالة دكتور شريبر، بس ما كنتش قريت الباقى، المهم، اللى عايز أقوله لك، إن فرويد وهو بيكتب حالاته كان ملتزم التزام مرهق بتفاصيل التفاصيل، مع إن حالاته تروح فين جنب البلاوى اللى بنشوفها مفتوحة عالبحرى اليومين دول([50]).
إحنا عندنا دلوقت فرصة أكبر، يعنى فى حالتك دى، لو اكتشفنا إن فيه جذور إمراضية (سيكوباثولوجى) عمالة شغالة فعلا ومعطلاها، وإنها بتشاور على استعادة نشاط المخ القديم ولو محور، وزى ما شاورت أنا من شوية إحنا زى ما نكون بنعمل عملية “وصل للأمخاخ” من غير بنج، يبقى يمكن الست دى تحتاج حاجة، دوا يعنى، يهدى المخ القديم، مش يسكته لحد ما يموت، البنت دى دخلت خبرات شديدة الإيلام، واستـُـعـْـمـِـلت استعمال غبى من ده ومن ده، وفى نفس الوقت حققت نجاح، وتحدى، وعاشت لذة مشبوهة، ولذة يمكن كويسة، زى ما يكون هى لا حصلت بنى ادم ولا حصلت حيوان، ولا هى استمتعت بلذة الحيوان ولا حصلت لذة بين البينين، ولا حاجة فضلت لها، فراحت معلقه على الزفت اللى هى فيه ده يا عينى، يبقى من حقها إننا نساعدها بحسبة ذكية، واحدة واحدة، ونفترض إن المخ القديم منفصل وطاغى بطريقة غير مباشرة، وهو مستعيد نشاطه وعايز يهجم على حساب الأحدث فالأحدث، ماشى، فيه أدوية بتعرف تلجّمه، وعندنا طريقة نعرف بيها إحنا صح ولا غلط، إذا خدت الدواء وادّرمغت غير لما تاخد دواء وتلاقى نفسها اتلمت، فى الحالة الأخرانية دى يبقى إحنا ماشيين صح. الفرض اللى بندى على أساسه الدوا إننا نتصور إن بعد كام سنه أهه: آدى 5 وادى 10 يبقى عندنا خمستاشر سنه عيا واربعتاشر تحضير للعيا، يبقى لازم نستعمل كل اللى عندنا من علم وخبرة ومحاولات عشان نساعدها، مش مجرد تفسيرات وحسن نية، ومهما طال العلاج النفسى زى ما طال، لازم نحاول نتعرف على آثار استمرار العلاقة الاولانية، وبعدين على اللى عملته الصرمحه مابين العلاقة الأولانية وبين العلاقة التانية، وبعدين استمرار العلاقة التانية دون أى إلتزام، نشوف ده وده وغيره سايبين آثار إيه ، فحانلاقى قدامنا بلاوى كتير عايزة شغل. ولازم التلات مراحل يتربطو ببعض، وبرضه يعنى لازم نحط قدامنا محكات، ومراحل، وأهداف متوسطة، واحنا ماشيين واحدة واحدة.
كل ده وإحنا عيونا على الوقت، لا الزمن يسرقنا، البنت عندها 29 سنة، مش كده ولا إيه؟
د.مختار عبد الغفار: كده .
****
التعقيب والحوار:
د. مدحت منصور
أذكر أنني قد شاهدت برنامجا باسم “سلطان الخوف” كان يتحدث عن توجيه الشعوب بخلق شئ يخافونه وخرافة يؤمنون بها، فإذا كان سلطان الخوف يوجه شعوبا بأكملها فما المانع أن يوجه بنت عندها 14 سنة وأخ وأخت أكبر بقليل أظن مع قلة الخبرة وقلة الدعم ، أما المعتدي (المبتز) فيجرب وكلما نجح زاد من الضغط تدريجيا، وزادت سطوة سلطان الخوف تدريجيا أيضا (ذنبه استسلم) وكثير هم من يستسلم.
رأيت في تكسير فوانيس السيارة ثأراً وغلا، والفضل يرجع لدعم كل من الطبيب ومجموعة الدعم فوجدت البنت من تستند عليه ولم تشعر بذلك الضعف الناجم عن الوحدة فالطبيب أيقظ مشاعرا قديمة انتهت بذلك الفعل والذي يقول “أنا مش خايفة منك أهه وبتحداك كمان”.
د. يحيى:
أعتقد يا مدحت أن هذا تفسير مباشر أكثر من اللازم، أنا أيضا خشيت أن يكون هذا العدوان هو علامة على أن العلاقة – برغم شذوذها والظلم المحيط بها – مازالت تمثل شيئا خاصا داخل داخل هذه المريضة، أكثر من ظاهر الرفض والندم وعمق الألم.
د. محمد على:
أولاً، أحب أشكر حضرتك على الحالة دى، مهمة فعلا، ونفسى أتعلم من حضرتك كثير من خلالها وحتى انى باقترح ان مقدم الحالة يعود إلينا بما وصل له كل فترة علشان نتعلم كلنا، أنا مش عارف أتكلم على إيه ولا على إيه؟
د. يحيى:
أعتقد أننا سنعود إليها حسب حاجة المعالج أولا بأول.
د. محمد على:
يبدو كسر الذراع والاغتصاب وكأنها عايزه لذة من النوع ده ولكن من غير ماتكون مسئولة، والدليل العلاقات اللى بعد كده اللى على البحرى.
د. يحيى:
لا أظن، ليس هكذا تماما، لا أوافقك.
د. محمد على:
أنا مش فاهم ايه علاقة كسرها لفوانيس اخينا ده.
د. يحيى:
برجاء قراءة ردى على د. مدحت حالا، وأثناء عرض الحالة.
د. محمد على:
حاجة ثالثة هو ايه اللى احنا عايزين البنت دى توصل له؟ يعنى إيه الهدف اللى احنا رايحين له؟
د. يحيى:
هو هو ما نرجوه لأية مريضة، وربما لأى إنسان.
د. رمضان بسطاويسى:
رواية دميان لهرمان هسه تفسر هذا الغموض في موقف الفتاة مِمّن يبتزها.
د. يحيى:
شكرا يا عم رمضان، أين أنت يا رجل؟
لقد سبق أن قدمنا رواية دميان هسه فى إحدى الندوات الشهرية بالمقطم، وكتبت عنها نقدا كاملا يا د.رمضان، أود أن أطلعك عليه فهو لم ينشر بعد، وأهمية هذه الرواية فى تقديرى هى علاقتها بفكر كارل يونج بالذات الذى قام أحد أتباعه بمساعدة هرمان هسه فى أزمته الشخصية،
أما ما أشرتَ إليه من ملاحظة على الحالة وربط بعض غموضها بما جاء فى دميان، فأنا أحتاج إلى تفصيل أكثر لرأيك، لأناقش وجه الشبه الذى أشرت إليه، لأننى أشعر أننى قد أتفق معك إلا قليلا.
د. رمضان بسطاويسى:
هل العلاج فرجة من قبل الطبيب أو مسئولية.
د. يحيى:
أعتقد أن كثيرا مما نشر فى هذه النشرات تحت باب “التدريب عن بعد”، قد تناول مسألة الفرجة هذه بكل التفاصيل فى (نشرة 5-2-2008 “عن العلاج النفسى وطبيعة الإشراف عليه”،) و(نشرة 19-10-2008 “عن الطبيعة البشرية وخطوات وجرعة تنظيمها” ) وهو ما سيصدر قريبا فى كتاب أرجو ألا تبخل علىّ بقراءته حتى لو لم تعقب([51]).
د. رمضان بسطاويسى:
…. وحينها يقول (الطبيب) لا أعرف، ويترك الأمور بدلا من التورط؟
د. يحيى:
يترك الأمور لمن؟ وأنت سيد العارفين!
د. رمضان بسطاويسى:
سألني طالب عن أصوات تحدثه بأمور علمية عميقة أشرحها لهم في المحاضرة ويجيب فيها عن تسساؤلات جادة، قلت له يذهب للقصر العيني ويطمئن على نفسه من تطور هذه الأصوات، لأنني غير متخصص وحين ذهب ورجع حكى أن بعض الأطباء لا يحبون شغلهم ويريدون أن يعرفوا لأنفسهم وليس لحاجة المريض.
د. يحيى:
أولا: أرجو – كما تعلمنا سويا – ألا تأخذ الرأى من مصدر واحد، من يدرى، ماذا جرى بالضبط، من وجهة نظر الطبيب؟
ثانيا: أنا أرحب بمثل هذه الأصوات التى يسمعها الطالب، أرحب بها مرحليا –خاصة إذا كانت جادة مثل هذه الحالة، تحكى ما تدرسه أنت له، أرحب بها- حتى لو كانت مرضا صريحا، فهى أصوات حقيقية، كل ما فى الأمر أنها صادرة من الداخل، يسمعها بأذنه الداخلية غالبا، فلابد من احترامها إذا كانت بقية حياته تسير سيرا حسنا ويمكن الرجوع إلى نشرة 4-12-2007 “العين الداخلية (والأنف الداخلية كذلك”) فقد تناولنا منها بعض ذلك، ولنا عودة.
وبعد:
لقد كنتَ فى وعيى يا رمضان طول الوقت حين بدأت كتابة هذه النشرة اليومية منذ حوالى عام ونصف، وكنت دائما أنتظر نقدك وتوجيهك وتصحيحك لها ولغيرها مما نشر لى مؤخرا.
لقد ترددت أن أرسل اعمالى الأخيرة إليك، كانت آخر مكالمة معك على ما أذكر حين أخطرتك برفض “عالم المعرفة” أن ينشر لى الكتاب الأهم بحجة أن هذه أمور لا تهم “عالم المعرفة”، وقد نشر نفس الكتاب لاحقا عن المجلس الأعلى للثقافة بعنوان “حركية الوجود وتجليات الإبداع”، لكن أحدا لم يتعرض بأية إشارة إليه لا من النفسيين (أطباء وغيرهم) ولا من النقاد ولا من المبدعين، فتصورت أن “عالم المعرفة” كان على صواب!!! مع أن هذا الكتاب ربما يكون علامة فى فكرى أكثر دقة من “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” والذى عرّفك على فكرى منذ ربع قرن أو يزيد.
……
شكرا يا رجل،
أوحشتنى.
أ.د. فائقة محمد بدر:
لم توضح العلاقة بين الوالدين، وظهر لي أن الأم كانت هي المسيطرة على الأب لذلك استسلمت البـِـنـَـيـَّـة للواد الأول ووجدت فيه ما افتقدته في والدها وكان خوفها من والدتها، وبعد وفاتها فتحتها على البحرى.
د. يحيى:
أظن أن الأمر ليس بهذه البساطة،
أنا أحذر عادة من مثل هذا التفسير بالارتباط السببى الخطى هكذا!!
أ.د. فائقة محمد بدر:
أعتقد أن المريضة لم تُغتصب كما تقول، وإلا لما أستمرت العلاقة بينهما بهذا الإصرار، يعنى ان هناك استمتاع من الطرفين ومن خبراتي، أجد أن بعض الحالات فيها مبالغة واستدرار عطف الآخرين.
د. يحيى:
لا أظن أن ثم استدرار عطف هنا بقدر ما هو أمل فى عون حقيقى، حتى لو كانت الفتاة قد شاركت فى الحدث طوال تلك المدة كما أشرنا فى نص الاستشارة والرد عليها، فأنا أعلن بوضوح أننى متحفظ طول الوقت ضد لهجة الاتهام هكذا على طول الخط هكذا.
أ. يامن نوح:
هى الحالة فعلا مثيرة..وتستحق التعاطف..انما الحقيقة من اول ماابتديت قراية الموضوع كان عندى مشكلة..وهى انه مفيش أعراض..يعنى لم يذكر فى سرد الحوار إيه هى الأعراض اللى ظاهرة على البنت او هى جت تشتكى من ايه المعالج هو قال انها بتشتكى من رهاب اجتماعى ولكنه قال انه مش مصدق ده..وبعدين الدكتور الرخاوى اتكلم عن رؤيته للـ “بنت” من كذا وجهة نظر لكن انا مالقيتش رؤية للـ “مريضة” او للـ “مرض”..او يعنى ببساطة..هو احنا فى الحالة دى المفروض نعالج ايه بالظبط؟
د. يحيى:
اختزال المريضة إلى أعراض، لا يتفق كثيرا مع طبيعة العلاج النفسى، أنا لا أنكر أهمية الأعراض، وما ذكر منها يكفى، أما تطور أطوار وإمراضية (سيكوباثولوجية) الحالة هكذا، فهو الأخطر والأهم، وقد أخذ حقه فيما عرض.
ثم إننا فى هذا الباب – كما ذكرت حالا – لـ أ.د. فائقة إنما نناقش الجزء المعروض، لا نعرض حالة متكاملة لها أعراض وتشخيص وكلام من هذا.
أ. عبير رجب:
لا أعلم سر موافقة هذه المريضة على كل هذا الاستغلال والاستسلام، فلابد من وجود موافقة ضمنية منها، لا أعلم سببها وإن كنت أميل إلى كونها تحصل على مكسب ما.
د. يحيى:
لعلك لاحظت يا عبير أن كل الحوار الذى دار فى الإشراف إنما يشير إلى مشاركة المريضة فى المسئولية بمستوى معين من وعيها (لا أحب أن اسميه اللاوعى) الحديث عن المكسب والخسارة على هذا المستوى الذى جاء فى تساؤلك يبعدنا عن الموقف العلمى (الإمراضِى = السيكوباثولوجى) ويقربنا من الموقف الأخلاقى المسطح الذى لا يخلو من اتهام، لو اردنا أن نحسب المكسب والخسارة، فلابد أن نحسبها –الآن- على مستوياته المتعددة، أى اعلى كل مستويات الوعى المتاحة والمفترضة، ثم نحسبها على المستوى الطولى أى بلغة النمو والتكامل، أى ماذا تكسب المريضة وماذا تخسر، هى “كلها على بعضها” فى نهاية النهاية؟
أ. إسراء فاروق:
تعرض هذه الفتاة لحادثة الإغتصاب فى تلك المرحلة التى يبدأ فيها تشكل الهوية – بشكل أكثر حساسية- أعتقد أنه من العوامل المنذرة بمآل سيىء.
د. يحيى:
عندك حق، ودعينى أقترح عليك أن تقرئى رواية “اسم آخر للظل” لكاتب شاب (أو كان شابا ولا أعرف رحلة تطوره الآن) هو حسنى حسن، وفيها يذكر خبرة البطلة فى هذه السن الباكرة وقد اغتصبها خالها، وهى خبرة فريدة تتفق مع رأيك بشكل يكاد يكون مطابقا.
أ. إسراء فاروق:
تورط هذه الفتاة فى علاقة أثناء مرحلة المراهقة، سواء كان بالغصب أو الرضا، واستكمالها لهذه العلاقة لمدة 4 سنين ثم البحث عن شىء ما، يغذيها من خلال علاقات جنسية أخرى، يجعلنى أتساءل: ما الذى يمكن أن يعطيه لها المعالج مقابل أن تتوقف عن تلك العلاقات.
د. يحيى:
من هنا يا إسراء تزداد الصعوبة فعلاً، وهذا مبرر كاف للجوء المعالج الأمين إلى الاستشارة فى الإشراف.
د. نعمات على:
فى رأيى انه لايوجد شىء يحدث بالغصب والإرغام، لذلك فالبنت توافق بشكل غير معلن على هذه العلاقة، بالإضافة إلى انها دائما تبدو كأنها تريد أن تلقى المسئولية على الشخص الذى اغتصبها.
د. يحيى:
ليكن، ولكن برجاء أن نخفف من موقف المبالغة فى الاتهام هكذا.
د. نعمات على:
الشاب أو الفتاة الذين تعودوا على ممارسة الجنس من بداية مبكرة ولفترة طويلة أكيد الممارسة تعطى إحساسا معينا، لا أعرف ماذا نفعل فى ذلك عندما نتكلم عن ايقاف تلك العلاقة؟ ماذا يمكن أن نعطى بديلا عن هذا الإحساس وعن هذه الخبرة!!!
د. يحيى:
الصعوبة صعوبة، ونحن لا نعطى بديلا يمعنى “التعويض” أو المقابل اللّذى من مصدر آخر، وإنما يكون العلاج ناجعا حين ننجح فى إزالة إعاقة مسيرة النمو، فتختلف الخبرات، وتصبح اللذة الأكثر بدائية، أقل إرواءً من لذات أكثر نضجا وتكاملا لا تخلو من جنس إنسانى أكثر تكاملا، أظن أنه ما يسمى “إروس”، وهو ليس مقابلا للحل بالتسامى، كما قد نتصور لأول وهلة.
د. عمرو دنيا:
مش فاهم إيه السبب المباشر اللى خَلَّى المريضة تتجه دلوقتى تحديداً لطلب العلاج النفسى.
د. يحيى:
إن لحظة طلب المعونة تتوقف على عوامل كثيرة، قد تكون بعيدة عن أصل المشكلة، وحتى عن ظاهر الأعراض.
د. عمرو دنيا:
مش قادر أتقمص دور الأهل نهائى (الأب – الأم – الأخ – الأخت) هم موافقين برضه ولا إيه؟ وكانوا فين لمدة 4 سنين كاملة؟
د. يحيى:
ولا أنا (بدرجٍة ما).
د. عمرو دنيا:
معترض على تفسير الثقافة الفرعية والسماح والحرية، أى سماح هذا؟ هو فيه خوف وقهر وذل أكثر من كده؟ وفين الحرية؟ المفروض إن الحرية بتدى شجاعة وقدره على الاعتراف والمواجهة. أنا لقيت هنا فيه خوف وكبت وعدم قدرة على المواجهة منها ومن اخواتها.
إيه اللى يخلى العلاقة تستمر 4 سنوات كاملة!!!؟؟.
د. يحيى:
لابد أن نعترف أننا نتعلم من مرضانا، المفروض يعنى، وأنا ألا أميل أن أعد بأن أقدم إجابات أكثر مما اجتهدت فيه، دعنا يا عمرو نترك هذا السؤال مفتوحا لعلنا نتعلم أكثر عن حساسية المرحلة العمرية، ودلالات الخبرة الأولى، واستمرارية القصور الذاتى، وغرابة احتياجات الإنسان واختلافها فى كل مرحلة من مراحل النمو، وأيضا ظروف إروائها خطأ أو صوابا فى مختلف الثقافات العامة والفرعية، وأخيراً تأخذ خبرا بالتحولات التى تجرى فى مجتمعنا ونحن لا نعرفها أو نتغاضى عنها بقصد أو بغير قصد.
د. عمرو دنيا:
مش قادر أفهم جبروت الولد ده جاى منين!!! إيه القدرة دى علشان يقدر يمنعها أنها تزور أمها فى المستشفى؟ وفين أهلها من ده؟ وإيه المبررات اللى كانت بتقولها لأهلها.
د. يحيى:
أنا معك فعلا، ولهذا عرضنا الحالة، لنتعلم ونحن نندهش، ثم ننتظر معلومات أخرى لعلها تساعد فى مزيد من الإيضاح .
د. عماد شكرى:
العلاقة بين الجنس والعدوان تواترت كثيراً فى بالى فى هذه الحالة وربما العدوان أيضا من البنت ربما عقاباً لأهلها (الأب والأم) أو عقاباً للعلاقات داخل الأسرة، وصلنى ذلك من الأخ أيضا.. كما وصلنى شىء غريب عن استخدام المريضة للشخص الذى أذلها ربما لتفعيل عدوان إيجابى يعوض عن عدوان سلبى من الأهل.
د. يحيى:
كل ذلك جائز، لكننى لست متأكدا، وأيضا لست متعجلاً.
د. عماد شكرى:
موافق على عدم الضغط فى اتجاه قطع العلاقة العلاجية، ومعترض على عدم الضغط فى اتجاه العمل على انقاص الوزن.
د. يحيى:
أعتقد أن تعدد أوجه الصعوبة قد وصلك بدرجة كافية.
د. عماد شكرى:
هل يمكن عمل دراسة للمقارنة بين شكوى المرضى فى بداية جلسات العلاج النفسى، وبين ما يسفر عنه تقصى التاريخ المرضى بعد ذلك؟ ففى هذه الحالة الشكوى بدت وكأنها ليس لها علاقة بمضمون واستقصاء العلاج، فحالة كهذه كان يمكن عرضها فى أى مؤتمر لشرح كيف يمكن أن يجرى العلاج السلوكى (فقط) للعلاج من الرهاب الاجتماعى الذى جاءت تشكو منه فى البداية!!!
د. يحيى:
عندك حق،
وأود التنبيه هنا أن هذا لا يندرج تحت ما يسمى نقلة الأعراض([52]) وإنما تحت: الكشف عن البنية الإمراضية الأساسية تحت الأعراض الظاهرة.
د. مروان الجندى:
تساءل المعالج عن سبب حضور المريضة بانتظام دون دافع ظاهر واضح وبدون كلام، ومع ذلك كان مستمراً فى الجلسات، هل يصل ذلك للمريضة؟ وهل يصلها عدم القدرة على فعل شىء أو الحيرة من سبب حضورها أصلاً؟
د. يحيى:
الاعتراف بعجز المعالج مرحليا (وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك فى نشرات سابقة) وحيرته، هما من صميم ما يساعد فى اطمئنان المريض إلى صدق الاجتهاد فى العلاج، حتى لو لم يعترف المعالج لنفسه بالعجز والحيرة على مستوى شعورى، فإن مجرد تقبله لهما من حيث المبدأ، هو شديد الفائدة، وهذا التقبل الصادق يصل للمرضى فيطمئنون – بحدسهم – إلى محاولة المعالج وأمانته حتى لو لم يصرح لهم بذلك، (مرة أخرى: لقد ناقشنا ذلك من قبل أكثر من مرة).
د. مروان الجندى:
توقفت العلاقة بين المريضة ومغتصبها بعد وفاة الأم، أنا شايف إن ده غريب، يعنى الام بس هى اللى كانت مهمة بالنسبة للمريضة مش الأب؟ بالإضافة إلى موقف الأخوة السلبى.
د. يحيى:
يجوز،
وأيضا من الجائز أن الأم كانت متواطئة شعوريا أو لاشعوريا (وقد أشرنا إلى هذا الاحتمال فى حالة سابقة).
د. مروان الجندى:
موقف الأهل السلبى من تصرفات الولد اللى اغتصب المريضة وتحكمه فيها مش واضح وغريب جداً.
د. يحيى:
فعلاً أنا مازلت مستغربا جدا، ولم يصلنى من الزميل مقدم الحالة نفس الاستغراب، لا أدرى لماذا؟
د.مروان الجندى:
ساعات فقد حدود الجسد بنشوفه على المرضى كنوع من أنواع التدهور، لكن فى الحالة هنا فقد –حدود الجسد جه بدل فقد حدود الذات، حايبقى المآل إيه؟ وده أصعب .
د. يحيى:
أشكرك يا مروان أن نبهتنى إلى غموض استعمالى تعبير “فقد حدود الجسد” فى هذه الحالة هكذا، لقد استدرجنى هذا التعبير الذى جاء فى تفسيرى لبدانة بعض المرضى بعد تدهور حالتهم، حين انتبهت إلى فرط البدانة فى هذه الحالة، فرحت أستعمله بغموض فبدا أنه مرادف إلى ما قصدتُ إليه من انفصالها عن جسدها، وكان ينبغى أن أخص به فرط بدانتها فقط.
أما ما حدث بعد ذلك بالنسبة لعلاقتها بجسدها فهو ما جاء فى العنوان وهو “فصام عن الجسد” وأعنى به “فصام الجسد عن الذات”([53])، والذى أظن أنه أقرب إلى تعبير “هـ.لانج” “الجسد المنزوع من “كلية الذات”، مقابل النفس المفرغة من جسدها([54])
د. مروان الجندى:
عملية الوصل هنا أصعب ولاّ عملية الوصل فى المريض اللى فقد حدود جسده كتدهور لحالته توازيا مع فقد حدود ذاته؟
د. يحيى:
بصراحة كله صعب ،
لكن كله ممكن.
أ. جاكلين عادل:
هل هى لا تتحمل الضغط لأنها عرضة للكسر كما ذكرت حضرتك؟ إن تجنب الضغط هنا معناه الموافقة على المواصلة فى العلاقة مع الرجل الذى لا ينوى الزواج منها.
د. يحيى:
ربما
لكن الأمر، ليس كذلك تماما
تجنب الضغط هو أمر مؤقت ومحسوب (المفروض يعنى).
إن حسابات الضغط لا تعنى هنا السماح ببساطة هكذا، هناك حسابات الجرعة والتوقيت دائماً.
أ. جاكلين عادل:
فى رأيى ان التعاطف فى هذه الحالة، برغم واقعيته، إلا أنه ربما يكون بمثابة سماح وموافقة قد تؤدى إلى تفعيل الغضب حتى يصل إلى العدوان كما فى محاولة تكسير السيارة، وأيضا إلى عدم التركيز على التغيير، يبدو أن المريضة تطلب فقط المساندة والمواكبة دون طلب المساعدة فى التغيير الذى يجب ضبط جرعته بدقة، وهذه حيرة أيضا؟
د. يحيى:
الحسبة صعبة فعلا.
وهذه هى مسئوليتنا.
أ. جاكلين عادل:
وصلتنى بوضوح عملية فقد حدود الجسد قياسا على فقد حدود الذات نتيجة الإيلام الشديد، لذلك يجب كما سميتها حضرتك من عمليات الوصل باستخدام التعاطف الذى وصل للمريضة فى تحمل ألم الوصل بجرعات تدريجية من استحضار هذه الآلام مع الدفع واستحمال عدم التحرك دائما.
د. يحيى:
آسف مرة أخرى، برغم وجود إشارة إلى فقد حدود الجسد، فليس هذا هو الذى كنت أعنيه فى هذه الحالة تحديدا، وكان ينبغى التركيز على شرح “فصام الجسد عن الذات” أكثر، وقد شرحت ذلك فى أكثر من رد حالا.
أ. محمد المهدى:
مش قادر أفهم إزاى واحدة تتعرض لحادثة زى دى وبعدها تكمل العلاقة لمدة 4 سنين وإيه كانت مشاعرها بعد كده، طول عمرى باقرأ مصطلح “التوحد بالمعتدى” بس ما قدرتش أفهمه يا ترى المصطلح ده بيعنى إللى هيه عملته؟! أرجو التوضيح.
د. يحيى:
لا يوجد “توحد بالمعتدى هنا”، لأن المريضة لا تسلك سلوكه، ولا حتى عند قيامها بتحطيم فوانيس سيارته، أنا لم أعتبر ذلك “توحداً بالمعتدى”.
أ. محمد المهدى:
فقد حدود الذات لا تقتصر على مرض الفصام فقط، بل قد يحدث فى اضطرابات أخرى، وقد يكون بديلاً أو دفاعاً عن الفصام.
د. يحيى:
هذا صحيح نسبيا، لكننى أرجح أن الاصطلاح الذى يتناسب استعماله أكثر لما هو دون الفصام هو “شفاقية حدود الذات”، وهو يحدث فى بدايات الذهان عامة وبعض الاكتئاب النشط، أما فى حالات البارانويا المستتبة وكثير من حالات الوسواس القهرى فإن العكس يحدث، أعنى أن حدود الذات تزداد تحديدا حتى تتكلّس غالبا.
أ. هيثم عبد الفتاح:
بصراحة أنا أتعاطفت مع الحالة، لكن بالرغم من كده ما قدرتش أفهم برضه إزاى تفضل مقهورة فى هذه العلاقة 4 سنوات، ومش عارف ليه وصلنى احساس أنها لقيت فى هذه العلاقة ما يعوض الحرمان من الشوفان والرؤية من قبل أسرتها، وذلك مع عدم إنكار وجود الإذلال والقهر فى هذه العلاقة!!.
د. يحيى:
أظن أننا تناولنا أغلب ذلك فى الحوار، وهو ما يتفق مع رؤيتك.
أ. هالة حمدى البسيونى:
ما معنى “فقد حدود الجسد” “وفقد حدود الذات”.
د. يحيى:
برجاء مراجعة ردى على أ. جاكلين ود. مروان، أ. محمد المهدى حالا، وغير ذلك مثل ما جاء فى عملى “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” عن فقد حدود الذات وشفافيتها صفحات (111- 114- 171- 172- 386) ونشرة 11-2-2008 “هل للذات حدود؟ متى وكيف نفقدها؟”).
أ. هالة حمدى البسيونى:
إيه حكاية موقف أخوها اللى عرف إللى حصل لأخته، هو كده عادى؟ وبرضه مش فاهمة موقف أبوها اللى شافها بتسيب المدرسة وماعملش حاجة.
د. يحيى:
عدم الفهم هنا هو بداية البحث، وكل الاحتمالات المختلفة معروضة فى نص مناقشة الإشراف، وفى الحوار مع المعقبين الأفاضل هنا.
أ. رباب حمودة:
فيه حاجات كتيرة فى الحالة دى مش فاهماها ومش قادرة اتقمص أو احط مكانى مكان العيانة.
د. يحيى:
عندك حق.
أ. رباب حمودة:
أعتقد أن حكاية التهديد دى مالهاش أى أثر. واحدة بالحياة والتعليم ده: إيه اللى حايخليها تخاف من التهديد؟ وموقف أخوها واختها. ثم موقف أبوها وأمها، وعدم تساؤلهم عن خروجها الغامض لمدة أربع سنين.
د. يحيى:
أيضا عندك حق،
كل هذه التساؤلات تبرر عرض الحالة هنا للمناقشة، ودعينا نأمل أن تضاف معلومات كافية من خلال المتابعة .
أ. رباب حمودة:
هى انفصلت عن جسدها وبقى كيان منفصل، ففضلت برضه تهين فيه وتنتقم منه.
د. يحيى:
هذا بعض ما أشرنا إليه فى الإشراف، ولكن ليس بالضرورة أن هذا قد حدث فقط بمعنى إهانة الجسد نتيجة للشعور بالذنب، ولكن لابد أن هناك معان أخرى أيضا أهم.
أ. رباب حمودة:
عنوان اليومية “فصام الجسد عن الذات”، هل هو يساوى انفصال الجسد عن الذات؟
د. يحيى:
نعم.
أ. نادية حامد:
أرجو توضيح المزيد من “فقد حدود الجسد”([55])
د. يحيى:
لعله اتضح فى الردود السابقة أكثر فأكثر، مع الاعتذار عن الغموض المبدئى الذى حاولتُ توضيحه هنا (فى الرد على د. مروان أساسا).
أ. نادية حامد:
أعجبنى إكلينيكيا مصطلح “وصل للأمخاخ” وعملية تهدية المخ القديم وعدم إسكاته لحد ما يموت، والتفرقة ما بين أخذها لأدوية تخدر مخها أو تأخذ دواء وتلم نفسها، ومنه تتحكم صح على مسار العلاج.
استفدت إكلينيكيا من كل ذلك.
د. يحيى:
طيب يا نادية، بالله عليك: لماذا لا تسمع لنا شركات الأدوية ربما تتفهم طريقة تعاملنا مع العقاقير بهذا التناغم الذى وصلك هكذا وأنت لست طبيبة!!؟
قولى لهم يا شيخة!
د. ماجدة صالح:
إن ردك يا د. يحيى على هذه الحالة كان من العلم والبلاغة والصنعة ما يفى بفهم شامل لهذه الحالة العويصة، ولكننى كنت مهتمه بوجه خاص بَعَرض فقد حدود الجسد ولم أفهم “جيداً” كيف أن هذا الفقد يؤدى إلى كل هذا السماح بالاستعمال الجنسى ولأى هدف؟ أنا قد أفهم أن يؤدى إلى اهمال الجسد أو تشويهه أو إيلامه حتى لو كان هذا الاستعمال الجنسى بهدف الإهانة والانتقام “لما حدث سابقاً بسببه” أنا أشك فى انعدام اللذة كلياً، والله أعلم!
د. يحيى:
أشكرك يا ماجدة، وهذا محتمل، وأرجو أن تسامحينى لعدم التوضيح، وقد حاولت تصحيح الخلط من قبل مع الزملاء والأصدقاء فى هذا الحوار حالا.
أ. أحمد سعيد:
مش فاهم فكرة حدود الجسد؟
د. يحيى:
أنا آسف: أنظر قبلا، كل ما قيل حول ذلك.
د. نرمين محرم:
مش ممكن تكون البنت دى لسه فى مرحلة “اضطراب ما بعد الصدمة”([56]) يعنى مازالت قصة اغتصابها ما اتحليتش جواها وكل التغيرات اللى بتظهر عليها وهى عايشة فيها طول الوقت ماهى إلا رد فعل لواحدة بتعانى لأنها مش قادرة تخرج من حلقة الرعب اللى جواها؟
د. يحيى:
العلاقة ليست مباشرة بالصدمة الأولى، بعد كل ما حدث، وبعد كل هذه المدة.
ولكن كل شىء جائز مهما بعدت المسافة
د. محمد الشاذلى:
هل يمكن أن يكون الجسد هو اللغة الوحيدة للتواصل مع الخارج؟! أو أداة للبحث عن آخر؟!
هل يمكن أن يكون ذلك بعد تجربة الإغتصاب.
د. يحيى:
يمكن (دون مبالغة باستعمال كلمة “الوحيدة”).
د. محمد الشاذلى:
الاستدارج المتكرر تحت تهديد الفضحية من الأمور المتكررة فى العلاقات الجنسية الغير مشروعة سواء العلاقات المثلية أو غير المثلية، هل يمكن أن يمُارس الجنس إكراهاً مع نفس الشخص كل هذه السنوات؟!
د. يحيى:
المبالغة فى تصور الاكراه لمدة طويلة ينبغى أن تراجع، ويمكن الرجوع إلى نشرة “الإنسان والتطور” 16-12-2008 “عن الخزى، والقهر، والذنب، والاحترام”.
د. محمد الشاذلى:
ما معنى الغيرة الشديدة هنا من جانب هذا الولد؟ .. انا افترض – رغم قسوة هذا الافتراض– وجود مستوى ما من العلاقة المتواطئة بين الطرفين؟
د. يحيى:
كل شىء جائز، وأنا تصورت أن العلاقة الداخلية استمرت ، بما فى ذلك تفسيرى لتحطيم فوانيس سيارة هذا الشخص بعد كل هذه المدة.
د. محمد شحاتة:
فى حدود المعلومات المتاحة تتكاثر الأسئلة بشكل أسرع من الإجابات
لم أستطع استيعاب حكاية الذل والخوف الذى تعللت به المريضة لتبرير سيطرته عليها ولا أعلم إن كان وصف هذه العلاقة بالاغتصاب هو وصف المريضة أم الطبيب، فى هذه الحالة وجدتنى أتوقف عند بعض النقاط المليئة بالغموض.
د. يحيى:
عندك حق بدرجة ما.
ولكن، ألم تلاحظ يا محمد الفرق بين تعاطف المعالج الجاد، وبين الشك والهجوم النسبى على موقف البنت فى معظم التعقيبات التى عرضناها هنا حالا الآن؟ ألا يشير ذلك إلى أن مواجهة الحالة لحما ودما غير قراءة مقتطف محدود عن موقف بذاته؟
أ. هالة نمّر:
إن بنت عندها أربعتاشر خمستاشر سنة ينفع جدا مبدئياً إنها تتورط فى علاقة مرعبة من هذا النوع تمتد طويلاً خاصة إذا كان المغتصب يكبرها مما يوفر له سطوة الذكورة والعمر (لم ترد معلومات عن عمر المغتصب!).
د. يحيى:
معك حق : فارق العمر لابد أن يوضع فى الاعتبار.
أ. هالة نمّر:
إذا لم تكتشف هذه العلاقة بالصدفة يمكن تصور أن الطرف الآخر سوف يكون له مساحة ممتدة لمزيد من الاستخدام وإحكام الحصار حولها, وزى ما بنقول بالبلدى ربّاها على إيديه (أنا ماوضحليش همّا أهلها كانوا عارفين الشاب ده وإنها فى علاقة معاه, أو على الأقل من اصدقائها ومعارفها ولا لأ؟).
د. يحيى:
سبق التأكيد أننا لا نتعامل – فى الإشراف – إلا مع الجزء المعروض للمناقشة.
أ. هالة نمّر:
ومن ضمن مازرع فيها فى ذلك العمر- غير الرعب وافتراض الاعتياد والموافقة والانفصال عن الجسد واختزال الجنس والعلاقة وتشوههما: أن أدخلها هذا الشاب منذ وقت مبكر للمرة الأولى فى خبرة هى بطبيعتها تحتاج إلى إرواء مستمر (طاقة وانفتحت).
هذا بالإضافة إلى الإحساس بالوصمة بعد كسر التابو والحاجة للستر والقبول والخوف من الفضيحة (القيم دى برضه متوفرة ومتفق عليها مهما كانت الثقافة الفرعية أكثر سماحاً), وأظن ان الإحساس بأن وجودها انجرح بهذا الشكل من بدرى واعتيادها على العلاقات الخارجة عن المألوف ليه علاقة بتسامحها وسلبيتها تجاه الشاب التى ترتبط به حالياً.
د. يحيى:
هذا رأى مهم، لابد من وضعه فى الاعتبار.
أ. هالة نمّر:
لم أندهش لعدوانيتها التى تفجرت بعد عشر سنوات من علاقة أجهزت عليها وانكسرت بها, لاحقها ذلك الوجع الأول الممتد على مستوى ما. كيف ينتهى ذلك الشاب كخبرة مؤلمة وفارقة؟ كيف يمكن أن يكون ثمرة تذبل وتقع وحدها، هو مش كله بيتعجن مع بعضه وتفضل العجنة تتخمر جوانا؟
د. يحيى:
لا مانع من كل ذلك، لكنه يمكن أن يكون تفسيرا خطيا، وليس معنى هذا أنه غير صحيح أو غير مهم، فقط لابد أن يوضع جنبا إلى جنب، مع بقية الاحتمالات.
الحالة: (33)
عن السن والحيوية والآخر واللذة الذاتوية([57])
أ. أحمد عبد الفتاح: هى عيانة عمرها 55 سنة، شغالة فى حاجة كده مهمة فى شركة فى تخصص نادر شوية بتقبض، قصدى كانت بتقبض فلوس كتيرة قوى، مرتب كبير يعنى ، هى الفترة ديه واخده إجازة وهى متجوزة وعندها بنتين.
د. يحيى: جايالك منين؟ مين اللى حولها لك؟
أ. أحمد عبد الفتاح: هى صديقة واحدة كانت بتتعالج معايا، كانت جاية بحزن وخنقة وحاجات من دى
د. يحيى: إنت بتاخذ منها كام
أ. أحمد عبد الفتاح: باخذ 40
د. يحيى: مش قليل بالنسبة لدخلها؟ بتقول مرتبها كبير قوى
أ. أحمد عبد الفتاح: آه شوية آلاف كده كل الشهر، بس هوه ده المبلغ اللى كنت باخده من صاحبتها، فما قدرتش أزوده طبعا
د. يحيى: يعنى حاتزود كام يا خىْ، مش آخرتها خمسين، معلشى ماشى الحال ربنا يبارك لك، بتقول متجوزة؟
أ. أحمد عبد الفتاح: آه لها جوز ولها بنتين
د. يحيى: جوزها بيشتغل إيه؟
أ. أحمد عبد الفتاح: هو دلوقتى على المعاش، هو كان فى نفس الشركة، بس شغلة أقل بكتير من شغلانتها، وبرضه المرتب أقل.
د. يحيى: هى اتعالجت نفسى قبل كده
أ. أحمد عبد الفتاح: لأ دى أول مرة
د. يحيى: المعلومات كده شكلها كفاية، بنتين وجوز فى المعاش وحزن وفلوس كتير وشركة كويسة، شوف عايز تقول إيه ؟ السؤال يعنى؟
أ. أحمد عبد الفتاح: يعنى هو الغريب إن من الاول بعد فترة كده بعد ماقعدنا واتطمنت، بدأت تحكى عن مشاكل جنسية، يعنى هى عندها مشكلة جنسية بينها وبين جوزها من أول الجواز تقريباً، يعنى هو عنده ضعف جنسى على حد قولها من بداية البداية، يعنى طول الوقت، والطلاق موجود بينهم من أول لحظة فى الجواز لحد دلوقتى تقريباً
د. يحيى: ولما هى لحد السن دى لسه ما همدتشى، بتعمل إيه بقى، هى مرافقة؟
أ. أحمد عبد الفتاح: هى مش مرافقة بمعنى مرافقة
د. يحيى: هوه فيه مرافقة بمعنى مرافقة، ومرافقة بمعنى تانى؟
أ. أحمد عبد الفتاح: لأ هو حصل حاجات زى علاقة خفيف خفيف، بس وهى مسافرة برة، إتعرفت على حد فى أمريكا، كان راجل مصرى، وقعدت معاه فترة بس على مستوى كلام وعواطف وبس
د. يحيى: عملت الكلام ده من إمتى
أ. أحمد عبد الفتاح: الكلام ده وهى عندها 45 سنة، يعنى من 10 سنين أو 12سنة
د. يحيى: يعنى بتحب عبر الأطلنتى؟
أ. أحمد عبد الفتاح: أهو ده اللى حصل، فهى لما جت مصر هنا حست إنها بتحبه جامد وطلبت الطلاق لكن ماحصلشى، وبعدين ما عادشى فيه حاجة بينهم
د. يحيى: السؤال بقى، السؤال ياحبيبى يا ابنى، هى قعدت معاك قد إيه
أ. أحمد عبد الفتاح: هى بقالها 3 شهور ونص دلوقتى
د. يحيى: وبتيجى بانتظام؟
أ. أحمد عبد الفتاح: جدا
د. يحيى: السؤال بقى؟
أ. أحمد عبد الفتاح: هما سؤالين: أول سؤال إن هى عندها مشكلة مع بناتها طول الوقت، هما بنتين، وهى عايزة تجيبهم لى، هل ينفع أنا اشوفهم فى نفس الوقت اللى باشوفها يعنى، وهى حاسة بالذنب بالنسبة للى عملته، ومش عارف حا يبقى الموقف إيه
د. يحيى: الذنب بتاع أمريكا، ولا فيه ذنب تانى
أ. أحمد عبد الفتاح: الذنب بتاع أمريكا، وفيه راجل تانى موجود معاها فى الشركة كان حصل مداعبات معاه برضه.
د. يحيى: مداعبات كلام وحب، ولا مداعبات من غير حب، ولا إيه
أ. أحمد عبد الفتاح: مداعبات على مستوى البوس والأحضان
د. يحيى: بوس وأحضان وبس ، فين يعنى
أ. أحمد عبد الفتاح: كان بيبقى فى العربية وهما رايحين الشغل أو راجعين، ما هو الشغل بيحتاج تنقل مع بعض
د. يحيى: طيب ماشى
أ. أحمد عبد الفتاح: وهى حست بالذنب من كده، وده من ضمن العوامل اللى خلتها سابت الشغل، بتقول أنا سبت الشغل عشان بناتى.
د. يحيى: مش فاهم، عشان بناتها ما يعرفوش، ولا عشان إيه بالظبط؟
أ. أحمد عبد الفتاح: عشان كله ، مش عارف، وهى برضه مش عارفة
د. يحيى: والعاطفة لسة موجودة ناحية الأمريكانى ولا خلاص
أ. أحمد عبد الفتاح: لا خلاص، المشكلة فى زميلها ده دلوقتى
د. يحيى: مشكلة إيه؟
أ. أحمد عبد الفتاح: هو بيطلبها طول الوقت، وبرغم سنها ده، هو بيطلبها إنه عايز يمارس معاها، وهى بقت خايفة من نفسها
د. يحيى: طيب نرد على السؤال الأول، هوه كان إيه؟
أ. أحمد عبد الفتاح: كنت باسأل : هلى ينفع إنى أنا اشوف بناتها فى نفس الوقت، هى عندها بنت عندها 28 سنة
د. يحيى: ماتجوزتش؟
أ. أحمد عبد الفتاح: لأ لسه
د. يحيى: ماتجوزتش ليه
أ. أحمد عبد الفتاح: هى بيجلها عرسان وكل حاجه، وبترفض
د. يحيى: بتشتغل؟
أ. أحمد عبد الفتاح: أيوه بتشتغل فى شركة برضه
د. يحيى: طب والبنت التانية؟
أ. أحمد عبد الفتاح: البنت التانية لسة فى الدراسة وعندها صرع
د. يحيى: بتتعالج منه ؟
أ. أحمد عبد الفتاح: أيوه، وبقى ييجى على فترات، وهى نايمة بالليل بس
د. يحيى: وهى بتشتغل
أ. أحمد عبد الفتاح: لأه، هى دلوقتى فى معهد عالى مهم برضه
د. يحيى: وانت إيه اللى خلاك تسأل السؤال ده، الأم شافت إنك كويس، وإذا كانوا هم موافقين ما تعالجم يا أخى، لو سمحت حدد سؤالك أكتر
أ. أحمد عبد الفتاح: هل ينفع أشوف البنات برضه فى نفس الوقت، واحدة بعد واحدة، ولا مع بعض
د. يحيى: قصدك يعنى تعمل علاج أسرى
أ. أحمد عبد الفتاح: أيوه
د. يحيى: لوحدك؟
أ. أحمد عبد الفتاح: أنا مش عارف، هى عايزانى أقعد مع بناتها كل بنت لوحدها
د. يحيى: هو العلاج الأسرى عادة بيحتاج أكتر من معالج مع بعض، المهم طيب فين السؤال التانى؟
أ. أحمد عبد الفتاح: السؤال التانى إنى أنا باضغط عليها إنها ترجع الشغل لأن قعدتها كده زودت المشاكل مع البنات، وإن كانت زى ما بتقول رحمتها من حكاية الإلحاح بتاع صاحبها قصدى زميلها ده
د. يحيى: هى واخدة أجازة قد إيه؟
أ. أحمد عبد الفتاح: 6 شهور
د. يحيى: واخداها بس بحجة الجدع ده، ولا قالت لك أسباب تانية ؟
أ. أحمد عبد الفتاح: بتقول برضه إنها مقصرة مع البنات، حا يضيعوا كده، البنت الأولى رافضة الجواز، والتانية عيانة
د. يحيى: وهى يعنى لما تقعد فى البيت البنت دى حاتتجوز والتانية حاتخف؟
أ. أحمد عبد الفتاح: ما هو عشان كده أنا باضغط عليها بصراحة عشان ترجع الشغل تقوم تقول: طب والبنات ؟
د. يحيى: بنات إيه يا راجل، هى حاترضّعهم ، دول عرايس
أ. أحمد عبد الفتاح: هى بتقول إن البنت الصغيرة دى اللى عندها صرع بتعمل شات على النت، هى إكتشفت ده، وكمان اكتشفت إن المحتوى بتاعه جنسى، لدرجة الكلام عن جواز عرفى وكده.
د. يحيى: طبعا عندها حق تنشغل، بس هى اللى بتعمله فى السن ده ، ما هو برضه ملخبطها إنها تشخط فى بنتها، وتنهيها عن اللى بتعمله، وكلام من ده
أ. أحمد عبد الفتاح: ما هو ده برضه إللى مخلينى أفكر أشوف البنات
د. يحيى: بصراحة هما سؤالين أصعب من بعض، هو الراجل صاحبها ده، ولا زميلها متجوز
أ. أحمد عبد الفتاح: آه، متجوز
د. يحيى: طب عندك سؤال ثالث
أ. أحمد عبد الفتاح: لأ ، كفاية دول
د. يحيى: كفاية ونص
أ. أحمد عبد الفتاح: المشكلة فى الحالة دى إن التفاصيل فيها كتير أوى، ومتشعبة
د. يحيى: شوف يا سيدى: أولاً كتر خيرك، وأحب أقول لك إنك معالج ناجح ، ما هو تعرف ده منين، إحنا صنايعية، فلما يجيلك عيان من عيان، يبقى شهادة لك إنك ماشى الحال، واحدة ست عندها 55 سنة ماراحتش لحد قبل كده ومرتبها يسمح لها إنها تروح لأشهر الدكاترة، وأغلاهم، تقوم تسيبهم، وتجيلك مباشرة، عن طريق واحدة صاحبتها، يبقى صاحبتها قالت لها كلام كويس عنك، هو ده سكة النجاح الأمين فى مهنتنا، نتايجك هى اللى تخلى العيانين ييجولك، واحد يجيب واحد واحد يجيب واحد، ده بنسميه كبران زى كبران كرة الثلج اللى بتكبر وهى بتجمع الرذاذ حواليها، فكتر خيرك إنك ماهر وناجح، ده فتح كلام، وفيه حاجة شكلية تانية لكن مهمة برضه أحب أعلمها لك إن مش عيب إنك تاخد فى العلاج النفسى بالذات أتعاب مختلفة كل واحد حسب مقدرته، يعنى فى واحدة زى دى، ماهيتها الشى الفلانى، كذا ألف، وهى بتقدرك أكتر لو بتدفع أكتر، حتى لو عرفت إن صاحبتها بتدفع أقل، وإنت تصارحها بكده، مش عيب، بس خلاص إللى حصل، بس طبعا المسألة مش مفتوحة عالبهلى، “من كل حسب ماهيته إلى كل حسب تحسنه!!”، لا طبعا، أنا باتكلم عن المدى اللى بتتحرك فيه، وحقك إنك تعيش.
النقطة التالتة: قبل ما نخش فى أسئلتك، إن عيانتك بتقول سنها 55 سنة، ومن حيث المبدأ إحنا بنقول إن العلاج النفسى هو عملية تغيير، فلازم تعمل حسابك إن التغيير فى السن ده لا هو سهل، ولا هو ممكن أحيانا، ده لو تغيير حقيقى، صحيح فيه احتمال تغيير جذرى فى أزمة منتصف العمر، لكن إحنا قربنا على آخر منتصف العمر، مع إن المنتصف ده ممتد من سن عشرين لسن ستين سنة، لكن المسألة ما عادتشى سهلة، ولا مريحة واحنا بنشتغل بعد ما كل حاجة استقرت مطرحها فى شخصيتها على ما يبدو، بيبقى الأمل فى التغيير قليل شوية، لأ شويتين، لما تضيف بقى لكل ده ظروف الواقع مع زوج بالشكل ده زى ما هى بتوصفه، سواء كان ده صحيح قوى ولا نص نص، إنما فيه مشكلة فى الزوج بلا شك، إن ما كانتشى فيه، يبقى فى استقبالها ليه، زى ما هى بتقول إنها من يوم ما اتجوزت، وفيه ضعف جنسى عنده، ومع ذلك واضح إنها هى ما همدتشى لحد السن دى، مش ممارسة زى ما انت قلت، إنما رغبة واعتراف بحاجتها والكلام ده. وباين إنها ست مصحصحة ومحتاجة إن ما كانشى جنس، محتاجة تعاطف إنسانى حقيقى لايستبعد الجنس، وعلى فكرة إحنا لازم نبعد حكاية السن اللى بتتكرر على العمال على البطال وهى مش صح قوى، وبالذات بالنسبة لسن اليأس والكلام الفارغ ده، إحنا لازم نتعلم من عيانينا على الأقل إن الجنس ده خلقة ربنا، وإنه زيه زى الأكل والشرب، يفضل لحد ما نموت، يعنى كون بقى إن هى عندها 55 أو 65 أو بتاع إحنا لازم نحترم اللى بتقوله لنا، دى حياة، والحياة لا تشيخ، البنى آدم يشيخ إنما الحياة لا تشيخ، على أد البنى آدم ما له علاقة بالحياة على قد ما إنت بتشتغل معاه فيها، إحنا مجرد أفراد بنمثل بعض تجليات الحياة، أما الحياة فهى أقوى وأقدر، يعنى إحنا مااحناش الحياة ولا إحنا افراد منفصلين عن الحياة، الموقف ده نفسه يخلى شغلك مع ست زى دى ما فيهوش حكم عليها بالانطفاء لمجرد السن،
نيجي بقى للظروف الخاصة بالست دي، السؤال الأول المحدد هل أحسن تشوف بناتها فى نفس الوقت ولا لأ؟ بصراحة، طبعا هوه وارد إنك تشوف بناتها، دى وظيفتك إنك تساعد الناس، بس المسألة دى تخصص دقيق أنا ماعرفشى فيه قوى، أعتقد إن الأفضل مش إنك تشوفهم واحدة واحدة كأنهم واقفين فى طابور كل واحدة مستنية دورها، أظن إذا وافقنا إنهم محتاجين مساعدة علمية منظمة، يبقى نفكر فى اللى بيسموه “علاج أسرى”، وده حاجة تانية خالص غير العلاج الفردى، وغير العلاج الجماعى، أنا ماعرفش فى الحكاية دى قوى ، أنا فيها أعتبر من ركن الهواة ، إنت لازم تسأل دكتورة منى بنتى، أو دكتورة نهى صبرى، أنا حولت لهم حالات كتير، وأظن نسبة النجاح مش قليلة، وفى الحالة دى لازم إشراف مباشر أو غير مباشر، يعنى تفضل تسأل منى ونهى باستمرار وانت بتمارس وتتعلم، وهل حا تشرك الأب ولا لأه ، وكلام من ده، وبرضه تسأل إذا الأب رفض، يبقى تكمل مع بقية الأفراد ولا لأه، وتاخد بالك من عيانتك اللى عندها شعور بالذنب زى ما بتقول، حاتقول إيه قدام بناتها وتخبى إيه، ويبقى العلاج الأسرى على حساب إيه وكلام من ده. يبقى ده رد السؤال الأولانى،
نييجى بقى للسؤال التانى، إنت بتضغط عليها ترجع لشغلها، اللى فيه الراجل ده، أنا رأيى إنك صح، وهى برضه صح، يعنى إنها ترجع للشغل آه، بس يا ريت وهى بالجوع ده، وبرغم سنها ده، تشوف شركة تانية، وانت بتقول إنها شاطرة وعندها خبرة وكلام من ده، أنا ما باحبش حد يقعد فى بيته، لا راجل ولا ست ، حتى بعد المعاش، أنا بيجيلى الواحد سن 57 يشتكى بصداع، فبدال ما أشوف عنده اكتئاب وتوتر والكلام ده، أسأله إنت حاتعمل إيه بعد تلات سنين؟ الحكاية دى بقت عاملة زى الوسوسة فى شغلى، وساعات باقعد اتخانق خناقه كبيرة جداً على أساس لو ماكنش الواحد ولا الواحدة من دول يسمعوا الكلام ويستعدوا لما بعد المعاش ، يمكن أهدد بالتخلى عن مسئولية علاجهم، للدرجة دى الحكاية بتوصل معايا، تقوم انت تيجى واحدة ست بالحيوية دى، وتقعد فى بيتها كده، طبعا لأ. بس المسألة عايزة حسبة عشان الراجل ده، والجوع ده، والجوز بنات دول، وكل الكلام والحواديت دى. يبقى لولقت شغلة فى شركة تانية يبقى خير وبركة، بس ده لا حايشبع جوعها، ولا حايحميها، لانها جعانة جعانة زى ما هو باين، فتبقى عايزاك جنبها مدة أطول حبتين.
برضه لازم تفكر فى طبيعة علاقتك بيها، هى عندها 55 سنة، وانت كذا وعشرين سنة، يا ترى إنت تمثل إيه بالنسبة لها ؟ ما فكرتشى هى معتبراك إيه ؟ هى أمك ولا بنتك ولا الإثنين، وكله وارد وكله علاج، وكل ده شىء طبيعى، وعلى فكرة استمرار علاقتها بيك، وطلبها إنك تعالج بناتها اللى هم فى سنك برضه يوضع فى الاعتبار بشكل إيجابى لصالحك ، يعنى فى الغالب هوه وصل لها إنك بتقوم بعمل جيد ومنظم وله نتايج طيبة، نقوم نعرف إن المسألة ما هياش بالسن، وإنما بالمسئولية والصنعة أساسا.
أ. أحمد عبد الفتاح: طب فيه حاجه أخيرة ، أنا ما شاورتش عليها يمكن تكون مهمة
د. يحيى: خير؟
أ. أحمد عبد الفتاح: هى لحد النهارده بتعمل العادة السرية
د. يحيى: بقى ده اسمه كلام؟ !! واحدة فى السن دى، والمسألة الجنسية عندها باللخبطة دى، وما تقولشى لنا حاجة زى كده من بدرى؟ مش يمكن ده بيدل على صعوبة أساسية ، مثلا إنها متعودة بشكل مزمن على هذا النوع من الاستكفاء الذاتى من صغرها، ومش يمكن ده هو اللى أدى لضعف جوزها جنسيا لما حسّ إنها مستغنية عنه، وبعدين دى مسألة يمكن عمرها أربعين سنة، يمكن بدأت وهى بنت وعلقت معاها ، أظن دى حاجة مش ثانوية
أ. أحمد عبد الفتاح: أنا برضه فكرت فى علاقة ده بالضعف الجنسى اللى هى بتوصفه عند جوزها، بس تصورت إنها بتعمل كده نتيجة إنه مش بيرضيها، دلوقتى فهمت إن العكس يمكن يكون صحيح
د. يحيى: ساعات الست لما تبدأ بالاستكفاء الذاتى وتعشق جسمها ونفسها تبعد بشكل تلقائى عن أى احتياج تانى، بس ده ما يفسرشى علاقاتها التانية سواء مع الجدع الأمريكانى، أو مع الجدع اللى فى الشغل، بس ما تنساش برضه إنها لا مع ده، ولا مع ده، عملت جنس كامل، الظاهر إنها كانت بتاخد حاجتها من البوس الاحضان، والمكالمات بعدين تكمل بمعرفتها
أ. أحمد عبد الفتاح: ياه !! دا الحكاية صعبت أكتر
د. يحيى: لا.. ما تكبرهاش قوى كده، إنت تكمل، وتستشير د. منى، أو د. نهى على حكاية العلاج الأسرى دى، وتفرح باللى انت عملته، و إذا حبيت تعرضها تانى وتالت كل شوية، أهلاً وسهلاً .
أ. أحمد عبد الفتاح: شكرا
****
التعقيب والحوار:
د. مشيرة أنيس
“وهى ارتدت نحو جسدها تلاعب نفسها وتستلذ منُّهْ فِيهْ”
ممكن حضرتك توضح أكثر هذه النقطة…يعنى العادة السرية نحن نتعامل معها “تابو” وعيب وحرام ولكن يصلنى الآن أن لها معنى وربما فائدة؟
د. يحيى:
الرد على هذا التساؤل الجيد يحتاج إجابة مفصلة لا تحتملها المساحة هنا دلوقتى، لكننى أذكرك بإشارة إلى موقف الامام ابن حنبل بالذات، وإلى التفرقة بين “جلب الشهوة” و”درء الشهوة”، وفى نفس الوقت إلى خطورة مضاعفات الاستكفاء بالتلذذ الذاتى بديلا عن السعى إلى الحوار الجسدى مع شخص (موضوع، “آخر”) حقيقى فضلا عن الحوار المتعدد القتوات، وهذا حديث يطول فأرجو أن تسمحى لى بتأجيله.
ملحوظة: تعجبت لندرة المشاركة بالتعليقات على هذه الحالة فى بريد الجمعة مع أنها بالنسبة لى أثارت أكثر من قضية، لكننى لو تطرقت لكل ما أثارت فسوف أكتب كتابا، ففصلت أن ألتزم بالمنهج، وأكتفى بهذا التعليق الواحد،
ومازالت الدعوة عامة!
الحالة: (34)
إلى أى مدى نسمح للمريض باستعمالنا؟ ([58])
هذه الحالة قدمت مرتين خلال شهرين ونصف تقريبا، وقد فضلنا أن نقدمها مجتمعة لما فى ذلك من دلالة مفيدة غالبا.
الاستشارة الأولى:
أ.جيهان: هى عيانة عندها 28 سنة لها أخ واحد أصغر منها بتشتغل موظفة فى شركة، هى جت لى عن طريق بنت خالتها بتجيلى العيادة، كانت متزوجه ولد مدمن، ومطلقة دلوقتى تقريبا، كانت من ساعة ما اتجوزته وهى يجيلها يعنى اكتئاب وخنقه وضيقه وتقلبات مزاج وقلة نوم وحاجات كده، جت لى بعد ما أخدت أدوية، وما نفعوش، وما كملتشى، وهى من ساعة ما شفتها كانت خلاص ماشية فى قصة الطلاق، يعنى رافعه قضية خلع وكل حاجة، هى جت لى يعنى مرتين كده وبعدين قطعت شهر ونص/ وبعدين جت تانى من شهرين واستمرت، لكن بحكايه تانية: إن فيه حد فى الشغل يعنى عايزها، عايز يتجوزها يعنى، بس الشخص ده متجوز وعنده عيال، وهى زى ما يكون المرة التانية دى، جاية عشان تتجوز وتلاقى حد موافق على الجوازة دى، غير أهلها يعنى، ما هو أهلها ما كانوش موافقين على الجوازة الأولانية، الشخص ده أنا طلبت اقابله، أنا فى الأول كنت شايفة إنها شخصية مش ناضجة، يعنى انفعالاتها عيالى وعماله تتنقل فى عواطفها من فوق لتحت، وبتبالغ، وكده
د. يحيى: إنت بتقولى مرتين فى الأول، وقطعت، وبعدين انتظمت شهرين، الشهرين دول شفتيها كام مرة فيهم
أ.جيهان: مره كل اسبوع، هى ما قطعتشى فيهم غير مرة واحده بس
د. يحيى: يعنى اتنين وسبعة تسع مرات
أ.جيهان: آه، تقريبا المره التانيه دى هى جايه وانا عندى فكرة مسبقة على حالتها، يعنى شايفاها طول الوقت مش ناضجة، هى اتخطبت تلات مرات، واتجوزت الولد المدمن ده من غير موافقة أهلها، فأنا فى الاول كنت رافضه خالص أوافق لها، يعنى عماله افهمها انها ازاى بسرعه كده يا دوب ماشية فى قصة الطلاق، وهات يا علاقة وهات يا مشاريع جواز، أقول لها نستنى شويه ونفكر شويتين، ثم إن الراجل متجوز وعنده ولد، وأصريت إنى على الأقل اشوف الشخص ده بنفسى، فهى جابتهولى، وقعدت معاه، بصراحة استغلبته أكتر منها.
د. يحيى: استغـ …إيه؟
أ.جيهان: استغلبته، يعنى حسيت إنه هو غلبان اكتر منها
د. يحيى: غلبان يعنى إيه
أ.جيهان: برضه يمكن مش ناضج، وبيمشى ورا احتياجه، وخلاص
د. يحيى: أنا مش عارف كلمة غلبان دى يعنى ايه علميا، فيه “غلبان” وفيه “غير ناصج” وفيه “عيل”، قصدك إيه بالظبط؟
أ.جيهان: يعنى قصدى كنت فاكرة إنه بيستغلها، لقيته أبدا
د. يحيى: يبقى غلبان؟ ولا طيب؟ ولا قفل ؟
أ.جيهان: مش الفكرة، يعنى لقيته مش واحد لعبى، وعايز يستغل ظروفها وكلام من ده، هو يعنى برضه علاقته بمراته مش مظبوطه، بيقول إن أهله كانوا جابرينه عليها، ومراته على كلامه مش مهتمه بيه، فا اللى انا عملته بعد ما شفته إنى إديته فرصة يتكلم، ويسأل، فهو برضه سألنى عنها، يعنى ما هو برضه شايف تقلبات مزاجها، وشايف شكـها فيه طول الوقت، هى طبعا خبراتها السابقة كلها خبرات سيئة، سواء مع الناس اللى اتخطبتْ لهم، أو مع الراجل اللى اتجوزته، ده كان بيبهدلها وبيضربها وياخد فلوسها وياخد دهبها ويبيعه، يعنى اتبهدلت معاه جامد قوى فهى طبعا بتشك فى الجدع الجديد ده قوى، وتقوله انت بتحبنى كده ليه وحاجات كده يعنى، فهو كان جاى بيسألنى عن ده ففهمته شويه عن درجة وطبيعة قلة نضجها والاحتياج اللى عندها واللى بيخليها تشك، وكده.
د. يحيى: السؤال بقى…
أ.جيهان: ما هو اللى حصل دلوقتى إن انا لما شفته تراجعت شوية، أنا فهمته برضه اللى وصلنى : يعنى شوية حاجات عنها، قدامها طبعا، زى ما فهمتها هى شويه عنه، برضه قدامه واديتهم الفرصه يفكروا
د. يحيى: طيب السؤال بقى؟
أ.جيهان: ما هى مورطانى أنى أنا أوافق، فأنا دلوقتى مش عارفة يعنى أعمل إيه
د. يحيى: يعنى إيه مورطاكى إنك توافقى، بتعمل لك إيه
أ.جيهان: يعنى بتلف وتدور وعايزة موافقة صريحة منى
د. يحيى: يعنى إيه بتلف وتدور، احنا بنلعب؟ دى أسرة!! مؤسسة ما يعقده الرب لا يفسده العباد، مش عندكم كده ولا إيه، دى لو كانت مسيحية زيك ما كانتش عرفت تتطلق، وكنا ريحنا دماغنا، طبعا عارفة إنى باهزر، بس حبيت أفهمك ليه الأديان مصعبة حكاية الطلاق كده، عشان الناس تبذل جهد وما تستسهلشى لا فى الجواز، ولا فى الطلاق، الحب مش كفاية عشان يخلى المؤسسة دى تستمر من غير جهد، إن شالله يكون إيه، روميو وجوليت الحمد لله انتحروا، لو اتجوزوا كانت حاتبقى فضيحه بجلاجل ولا قصص ولا سلـِّم ولا بلكونه ولا أى حاجه، فاخلى بالك أن عدم أو تصعيب الانفصال له فكره عشان المجتمع الإنسانى يكمـِّل بما وصل إليه، البنت دى اظن زادت عدم نضج من الخبرة المهببة دى لما اتجوزت الواد المدمن ده، بس زى ما أنت عارفة فى الحالات دى “إعادة النص” (السكريبت) بيتكرر أتوماتيكى غالبا، يعنى تلاقيها بتدور على جوازة معرضة للفشل مرة واتنين وتلاتة، المرة اللى فاتت مدمن، المرة دى هايف، إوعى تفتكرى إن المدمن مش هايف، دا مافيش أضعف من كده قدام المخدر، وغير المخدر، والمرة دى إنت بتقولى إن الراجل غلبان، ومحتاج واحدة ست من النوع ده،
أ.جيهان: آه، وهى حلوه كمان
د. يحيى: حلوه وأنثى، ولا حلوة بس
أ.جيهان: حلوة وأنثى، آه، ومعاها فلوس كمان.
د. يحيى: أعتقد إن تحفظك على إنك توافقى لازم يكون متماسك عن كده، مش بس عشان عدم النضج اللى أنتى شايفاه هنا وهنا، إنت لازم تحطى فى حسابك المؤسسة التانية اللى هى قائمة بتاعة الراجل ومراته وعياله، لو عملتى كده، حاتلاقى المشروع الجديد عمره الافتراضى بيقل أكتر فى أكتر، باين عليكى بتتعاطفى مع الراجل ده شوية، مش عاملة حساب كل حاجة، وبعدين فيه حته انسانيه برغم كل القواعد العلميه دى، لما تشوفى واحد وتتعاطفى معاه ده حاجة شريفة، ما يصحش ننكرها على نفسنا ولا عليه لمجرد إن العلم بيقول حاجة تانية، تبقى عارفة أن ده يمكن يكون غلط، إنما تقابلى الراجل وتلاقيه بنى آدم طيب، يبقى بنى آدم طيب، وخلاص، حاتعملى ايه؟! دى حاجة كويسة إنسانيا، إنما مش كفاية نبنى عليها قرارات ،.. …. ،
نرجع نحسبها من أول وجديد، بعد ما نحترم تعاطفنا، ونشوف إيه مصلحة كل واحد على حدة، وإيه مصلحة الطرف التالت اللى ما شفناهوش، قصدى مراته وعياله، وتحاولى تقابلى الجدع ده مرة واتنين، وتعيدى النظر سواء فى تعاطفك أو فى معلوماتك، بس خلى بالك إن البنيـَّة الشكاكة دى يمكن تحس إنك بقيتى عزول، وما ترضاش تخليه يقابلك تانى، إنت خايفة لتكون بتستعملك بدال أهلها عشان تاخد موافقة من سلطة والسلام، عايزاكى بديل لأهلها، لما تيجى أنت ما توافقيش، وفى نفس الوقت تعملى علاقة معاه لصالحه ولصالحها، يمكن تبقى بالنسبة لها منافسة من نوع تانى، وبالتالى هى يمكن تنقطع عن الجلسات، ويمكن تلعب لعبة تانية مش كويسة عشانها، وإنت حريصة على كل الأطراف، بس هى مش عايزة تشوف إلا احتياجها شخصيا، وباين عليها مستعجلة، ومسرْبَعَاكى عشان توافقى، أنا شايف إن اللحظة دى، وبعد المدة القصيرة دى، الموافقة – إذا كان لنا حق الموافقة – مالهاش أى شكل علاجى ولا بنائى ولا حاجة،
الكلام ده مش من منطلق أخلاقى، يعنى إحنا ما بندافعشى عن الزوجة المهجورة ولا عيالها، لأ، باين إن منطلق الولد ده نفسه شكله هش، وبعدين مصلحة البنت العيانة بتاعتك، بعد ما وصفتيها كده، مصلحتها إنها تكبر، مش إنها تعيد السكريبت عمال على بطال، السكريبت بالشكل ده إن شالله 100 مرة ما يكبّرش، ابدا، ده بيثبت الخايب، فإنت علاقتك معاها ما تستعجليش فى الرفض، وإلا حا تبقى زى أهلها ويمكن تتجوزه تحدى ليكى، بس إنت عليكى تلمّحى إن الامر واضح بالنسبة لك، وهى لمّا تثق إن قرارك مهم بالنسبة لها نتيجة لاستمرار العلاقة واستمرار الدعم والإحاطة، حا تخاف من إنك تتخلى عنها زى أهلها، ممكن تشرطى عليها ساعتها إن ما فيش حاجة تتم إلا بموافقة كتابية منك على روشتة، أنا ساعات باعمل كده وبتنفع، بس أنا كبير، وسهل إنى أتصرف كأب مصرى واضح، وباعتمد على درجة الثقة ومتانة العلاقة اللى باعملها قوام قوام، لكن فى حالتك المسألة تختلف، إنت فى سنها أو أصغر منها، ثم إنك ممكن تستعينى بحد من قرايبها غير أبوها وامها، مش انت بتقولى إن اللى قالت لها عليكى بنت خالتها، طيب، ما تحاولى تخليها تجيبها لك وتشوفى موقفها، وتحصلى على معلومات بعلمها طبعا يمكن تنور طريق قرارك. إنت لسه ليكى علاقة ببنت خالتها؟
أ.جيهان: آه
د. يحيى: طيب، تقدرى تدخليها فى الموضوع بهدوء وتخلى بالك إن بنت خالتها ممكن تاخد موقف اخلاقى حكمى فوقى فاتفهميها ان المسأله مش مسألة حب وغرام جديد وبس، هى بنت خالتها عندها كم سنة؟ ومتجوزة ولا إيه؟
أ.جيهان: بنت خالتها ماتجوزتشى وعندها 42 سنه
د. يحيى: آدى مقلب تانى، هى قعدت معاكى قد إيه بنت خالتها دى
أ.جيهان: حوالى 4 شهور كده يعنى، وبعد كده ما بقيتش منتظمة قوى قوى
د. يحيى: المهم يمكن تستفيدى منها، بعلم العيانة طبعا، نتيجة لثقتها فيكى، تستفيدى بإنكم سوا سوا، توصلوا لقرار كويس، بس تعملى حسابك برضه وتخافى من الغيرة الخفية حتى من بنت خالتها ناحيتها، على مستوى لا شعورى عشان هى ما تجوزتشى
أ.جيهان: لأ دى طيـّـبة خالص
د. يحيى: يعنى حاتفرق إيه؟ مش يمكن اللاشعور، ولا أى مستوى من الشعور اللى بالى بالك، كل ماتتكلموا فى الموضوع ده يقول لها “جتنا نيلة فى حظنا الهباب، إشمعنى أنا”؟
أ.جيهان: لا أبدا ،بالعكس، دا يمكن هى مشجعاها على الارتباط
د. يحيى: يا خبر، ده يودينا الناحية التانية، لحسن تكون عايزاها تتجوز نيابة عنها، باللاشعور برضه، أو عايزاها تفشل من جديد، فتبرر نصاحتها قال إيه، وإنها كده أحسن بقلة الجواز، وكلام من ده. عندنا مثل عامى فى بلدنا مش حاقولهولك، عشان قليل الأدب، معناه فى الموقف ده إن لو بنت خالتها شاطرة كده فى الحاجات دى ما تتشطر لنفسها، مش خدتى بالك إن الموقف ما فيهوش حاجة تبرر التشجيع الجاهز ده، بتشجّعها على إيه يا خىْ!!؟ أنا آسف، طلعت بنت خالتها مش عامل مفيد زى ما كنت متصور، زى ما تكون مش موضوعية قوى، هى بتشتغل
أ.جيهان: مين؟ بنت خالتها؟
د. يحيى: آه
أ.جيهان: آه، بتشتغل شغل واخد كل وقتها يعنى
د. يحيى: وهى بطلت تجيلك
أ.جيهان: تقريبا
د. يحيى: طيب، خليها بقى على جنب ونرجع مرجوعنا للبنية بتاعتنا، هى بتقابل زميلها ده كتير دلوقتى؟
أ.جيهان: آه، وأنا حاولت أمنع ده يعنى، أو أقلل منه شوية
د. يحيى: إنت ما تقدريش تمنعيها بالمعنى البلدى، العلاقة مع الجدع ده ممكن تبان على إن المسألة أسهل، مش محتاجة طلاق مثلا، عشان ما فيش جواز من أصله، هى بتنام معاه؟
أ.جيهان: لأ طبعا، بس يعنى
د. يحيى: يعنى إيه؟
أ.جيهان: يعنى إزاى أنا واقفة فى سكة منع الجواز، على الأقل دلوقتى، وفى نفس الوقت زى ما يكون باسمح بحاجه تانيه، ما هو ده برضه محيرنى
د. يحيى: يابنت الحلال هوا انت وصية على تصرفاتها؟ وبعدين إنت بتقولى هى مش ناضجة، يبقى المسألة عايزة وقت
أ.جيهان: ماهى بعيدة، وزى ما يكون مش واصل لها حاجة كفاية .
د. يحيى: عموما إنت ما تقدريش تمنعيها بالبساطه دى، إنت بس توريها انها مش بتصلح الغلط اللى عاشته باختيارها الأولانى، دى بتلبخ أكتر، وإن احنا محتاجين وقت قبل ما نتدبس فى أيها حاجة جديدة، وإنه، برغم طيبة الجدع ده، ولو من الظاهر، يمكن يطلع كذاب، أو يثبت إنه عيل زيها، أو ألعن منها، زى ما يكون هى محتاجة، وعمالة تتنطط، وعايزة تصلح الغلطه اللى فاتت بغلطة زيها ويمكن ألعن، فلازم تــِـبـْـقـِـى حازمة فى المنع، أو على الأقل فى التأجيل، وتفضلى جنبها، وتعرفى معلومات أكتر وأكتر عشان الوساوس الأخلاقية اللى عندك دى، وهى مهمة برضه، يعنى تعرفى التفاصيل من غير حرج، يعنى تبقى عارفه مثلا بيتقابلوا فين؟ فى مكان عمومى ولا فى شقة؟ مع ناس ولا لوحدهم؟ ومدة المقابلة قد ايه، وحاجات كده، وبيتكلموا فى إيه غير إنت بتحبينى، لأه دا أنا اللى باحبك، يعنى تخشى فى تفاصيل التفاصيل، لأن غير كده ممكن تتمادى منهم العلاقه وانت واقفه تتفرجى أو تتقرطسى ومش عارفة مستنية إيه، ولامؤخذة.
****
الاستشارة الثانية: بعد ثلاثة أشهر (تقريبا: تعمدنا عدم ذكر التاريخ)
أ.جيهان: هى عيانة أنا كنت قدمتها قبل كده بس فيه حاجات جدت فكنت عايزة أسأل عنها (هى عيانة عندها 28 سنة … ثم لخصت ما سبق أن قالته وناقشناه فى الاستشارة السابقة إلى أن قالت:
أ.جيهان: قدمناها من حوالى شهرين مثلاً قبل ما أطلع تقريباً الأجازة (إجازة قامت بها المعالجة للزواج) من شهرين شهرين ونصف، وأثناء أجازتى والدتها اتوفت
د. يحيى: والدتها اتوفت إمتى بالضبط؟
أ.جيهان: يعنى من شهر مثلاً
د. يحيى: والدتها كان عندها كام سنه؟
أ.جيهان: والدتها كانت يعنى 64- 65 جالها ورم ومالحقتش تتعب
د. يحيى: اتوفت فجأه ولا كانت وفاة متوقعة.
أ.جيهان: هى مالحقتش تتعب حتى، يعنى التعب أخذ شهر شهرين، يعنى هى كان عندها ورم صحيح لكن كانوا متوقعين إنها تتحسن، يعنى تعتبر ماتت فجأة، دخلت المستشفى ماتت، فالبنت جت لى تانى بقى مافيش حد عمل لها دعم غير الراجل اللى متجوز اللى عايز يتجوزها ده اللى احنا أجلنا حكايته، وهو برضه عمل حاجة فى المدة دى، طلق مراته وبعدين قال للعيانة بتاعتنا دى أنا مضطر أرجعها تانى عشان حاجة كده لها علاقة بالفلوس، كلام أنا ما فهمتوش قوى، بيقول عشان ماتستغلهوش فى الفلوس، أو حاجة كده
د. يحيى: المهم ،رجّع مراته؟
أ.جيهان: آه، قال لها أنا حارجعها عشان السبب ده بس
د. يحيى: سبب مش سبب، المهم رجعها
أ.جيهان: آه، أنا مش فاهمة أصل وفصل المعلومات دى أوى
د. يحيى: كل ده وانت فى أجازة جوازك، باين جواز وشـّه مش كويس عليهم، الدنيا بقت تضرب تقلب، الولية امها راحت ميته، والراجل طلق ورجع، ألف مبروك، فين المشكلة الجديدة بقى؟
أ.جيهان: … فهى جت الأسبوع اللى فات، وراحت زنقانى، زنقانى أوى إن هى خلاص مالهاش حد غير الجدع زميلها ده، بتخرج معاه بقى للساعة 10 بالليل، هى كانت صريحة مع مامتها فكان ده بيوقفها شوية، لكن هى مخبية كل حاجة عن باباها. والدتها كانت بتسمح لها وتوقفها فى نفس الوقت، يعنى على الأقل كان فيه حد عارف بيوقف المشاكل ما تتماداش قوى، والدتها كانت بتقف قصاد باباها برضه، فدلوقتى هى وباباها عايشين مع بعض بس، أصل أخوها بيشتغل فى شركة بعيد يعنى، بيشتغل فى حته بيجى كل شهر كده يومين تلاتة، هى عايشة هى وباباها وبس، وطبعاً علاقتهم وحشه جداً ببعض، بتنزل الشغل من الصبح ماتروّحش غير بالليل الساعة 10، وتقريباً صاحبها ده، اللى هوا زميلها، معاها طول الوقت، وهو حاول يتعرف على باباها وقت العزا وكده، لكن الأب رافض تماماً إن هى ترتبط بشخص عنده المشاكل دى كلها، فهى جت لى عشان أزنقه، يعنى أقعد بقى أجيب باباها وأتكلم معاه، وان خلاص مفيش بديل غير كده، هى حاسه إن مافيش بديل غير ده، بس انا من جوايا شوية ابتديت أحس إن أنا مالى، ما أسيبها تجرب تانى وخلاص، ما هو حايتجوزها، مش أحسن ما يتنيهم كده على طول، ويا ترى إيه اللى حايحصل بينهم من غير جواز؟
د. يحيى: إيه اللى حا يحصل تفتكرى؟
أ.جيهان: ما هو أحسن إنه يتجوزها إذا كان جد، ما باين عليه مش بيلعب، وعايز يتجوزها
د. يحيى: مش هوا لسه مع أم ولاده اللى رجّعها لأسباب مادية زى ما بيقول؟
أ.جيهان: آه آه، أنا كل اللى عملته يعنى إنى طلبت باباها تانى
د. يحيى: المرة اللى فاتت، لما عرضتيها قبل كده، كنا انتهينا لسؤال إيه وإجابة إيه
أ.جيهان: كنا ابتدينا بسؤال إن العلاقة دى حا نعمل فيها إيه؟ فاتفقنا إن احنا حانأجلها شوية لحد ما هى تفكر بشكل تانى مع مساعدة العلاج وكده، وفعلاً ده حصل، وهى وافقت بس لما جت ظروف والدتها، الأمور ما عدتشى تستحمل انتظار تانى من وجهة نظرها
د. يحيى: بس احنا مالحقناش نأجل مدة كفاية، المهم: السؤال بقى المرة دى هو نفس السؤال؟؟
أ.جيهان: انا من جوايا شوية ابتديت أحس إن انا عايزة أوافق، بس مش عارفة أعمل إيه مع والدها، هو والدها معترض تماماً، أنا جبته واتكلمت معاه واتفقت معاه إنه حتى يماين معاها يمكن ما تتماداش فى العناد، إنما هو طول الوقت رافض موقفها عشان الجوازة الأولانية، وإن هى اللى أصرت على الجوازة الأولانية وطبعاً فشلت تماماً
د. يحيى: هى ما معندهاش عيال من الأولانى؟
أ.جيهان: لأه، دى مالحقتش تتجوز، ده كان مدمن، وبيستغلها وبيضربها وبياخذ فلوسها ودهبها
د. يحيى: الجدع الجديد ده وعدها إنه لما يحل الأمور المادية مع مراته، حايكمل الطلاق؟ ولاّ حايتحفظ بالاتنين؟
أ.جيهان: حايكمل الطلاق
د. يحيى: ما يمكن كذاب؟
أ.جيهان: ما أنا باقول كده برضه، بس هو انا قابلته يعنى، وشفت فيه حسن النية
د. يحيى: إزاى؟
أ.جيهان: هو فعلاً رجّع مراته رسمى، بس لسه مقيم عند أخته، مش قاعد عند مراته
د. يحيى: وده تفتكرى بيسهل المسألة يعنى؟
أ.جيهان: لأه الحسبه لسه صعبه، العيانة بتاعتى بقت مسكينة أكتر لما أمها ماتت، ما عادشى لها غير الأب وهو صعب أوى أوى، أنا ماباستحملوش لما بشوفه، ماباستحملوش بجد، وأمورها المادية بقت زفت، فاندفعت أكتر للجدع الجديد ده، مع إنها لسه منتظمة على العلاج تمام التمام
د. يحيى: قصدك الفقر زود احتياجها ليكى واحتياجها للراجل ده فى نفس الوقت، فبقت المسألة أصعب، طيب نرجع للمسئولية بتاعتنا احنا، بعيد شوية عن الحب والاحتياج والكلام ده دلوقتى، ياللا نحسبها بعيد عنهم الأول فى الحالة دى بالذات، ما هى كانت بتحب الواد المدمن ومحتاجه له ولاّ انت نسيتى، ثم ما تنسيش برضه إن انا محتاج وأنتى محتاجة، واهى ماشية، هوا فيه حد مش محتاج، إحنا ما بنحسبشى حياتنا بمسطرة احتياجاتنا من بره، المسألة فى النهاية واقع حوالينا، واحتمال امتلاء من جوه لبره، وبالعكس، مش كله من بره بره، وبعدين نشوف: ده مشروع بداية مؤسسة، صحيح اسمها جواز، بس هى مؤسسة، لازم تتحسب موضوعيا، يبقى برضه دورنا إن احنا نساهم بالرأى بوضوح، لكن ما ناخدش قرار بدالها، ولا نوافق على اللى احنا مش موافقين عليه، يعنى نقول رأينا ونرجع لورا خطوتين ولاّ اكتر، ونسيبها تدبر أمورها، يعنى إحنا ما لناش دعوة فى نهاية النهاية باتخاذ القرار الفعلى، إلا لو الثقة بتاعتها فينا خلتها تعتمد علينا قوى كده، برضه ما نتجرجش، إحنا ما نقعدشى نحسبها باحتياجها واحتياجه، وننسى الباقى، البنت لسة صغيرة، لسه قدامها عمر بحاله، لسه 27 سنة، وليها خبرة سابقة فيها إحباط شديد، واحتياجها دلوقتى بعد موت امها اشتد جدا جدا، موت امها هنا مش بس خلاها تعيش فقد مصدر كويس، حتى لو هى كانت متوقعة موتها، المسألة بتختلف، لما بيحصل موت واحنا فى أى سن بيحرك جوانا حاجات إحنا ما نعرفهاش، ساعات بيبقى واحد عنده ستين سنة، لما تموت أمه يشعر مشاعر عيل بيرضع وكأنه اتفطم من غير تحضير، فخلى بالك الأم أم مهما كان سن أولادها، فقد الام له دلالة خاصة، وبالذات فى مجتمعنا، يمكن عشان مجتمعنا ما بيفطمناش صحّ، فقد الأم بيحرك حاجات مختلفة، عند كل واحد شكل، ساعات يزق ناحية النضج، زى ما يكون بيعلن، مهما جه الإعلان متأخر، إن كفاية رضاعة بقى، أصل ساعات الأم ما تعرفتش تفطم ابنها او بنتها طول ما هى عايشه، حتى لو إنها ناوية تعمل ده، فلما تموت يحصل فطام قهرى، بس طبعا فطام واحد عنده خمسين سنة، غير تلاتين، غير سنة وكام شهر، ثم إن فطام الراجل غير فطام الست، وهكذا، فخلى بالك يمكن تحتاجى تعامليها زى ما تكون بتمر بخبرة الفطام، ثم إن الحزن على الميت ساعات بيبقى نوع من العدوان عليه، حاجة شبه ما يكون احتجاج على الترك، زى ما يكون الواحد بيقول لامه: انت سبتينى ليه؟ سيبتنى دلوقتى ليه؟ ده بيحصل مهما كانت علاقتهم ببعض، كل ده ينبهك إن ده حايأثر على اتخاذ البنت لقرار الارتباط فى الوقت ده بالذات.
نرجع بقى للجدع ده، الجدع اللى طلق ورجع عشان أسباب مادية ومش مادية، مش دى برضه حاجه تخليكى تعيدى النظر فى شخصيته لما قلتى عليه غلبان ومحتاج وكلام من ده، إحسبيها يمقياس تانى زى مقياس المسئولية مثلا، مش الحب برضه رعاية ومسئولية زى ما بنعيد ونزيد عمال على بطال؟ الجدع ده شخصيته بعيد عن علاقتة بعيّـانتك بتقول إنه مسئول ولا مش مسئول؟ لازم ترجعى تفحصى الحكاية من جديد، هو عايز إيه من مراته الأولانية، هى مراته بتديله ايه وناقصه ايه؟ وهو بيعمل لها إيه،.. فإحنا عايزين وقت ومعلومات وتأجيل، ووقت ومعلومات وتأجيل، بأى طريقة، مباشرة أو غير مباشرة، وإلا “السكريبت” حا يتكرر غالبا، ده غير الخراب اللى حا يحصل الناحية التانية، فى الأسرة التانية، مش هى لسه برضه منتظمة فى مواعيدها معاكى؟
أ.جيهان: مش قوى، هى بتيجى لما بتتزنق يعنى، هى زى ما تكون المرة دى مش مِدّيـانى فرصه اقرر معاها، عايزانى اوافقها والسلام، وبس
د. يحيى: ما انت شطورة اهه، خدتى بالك من لعبة طلب الموافقة من بدرى، حتى لما قدمتيها المرة الأولانية
أ.جيهان: بس هى مش مديانى فرصه اعمل حاجة حقيقية مهما أجلنا، عايزانى بس إنى أساعدها انها تكمل فى اللى هى فيه، وبأسرع ما يمكن.
د. يحيى: ما هو ده بقى الخطر، إنها تعمل اللى هى عايزاه، وتلزقها فينا، ما انا قولتلك ان احنا حانوضح موقفنا ونعلنه بمنتهى الصراحة، وهى بقى تتخذ القرار اللى هى عايزاه، وتتحمل مسؤليتها، وماتستعملناش إلا بخـُـطرنا وعلانية
أ.جيهان: هى فعلا بتستعملنى شويه، خصوصا فى مواجهة باباها
د. يحيى: مافيش مانع تستعملك، بس وانت واعية وراضية.
أ.جيهان: بس انا مش قادره برضه اقف قصاد باباها، أصله صعب جدا زى ما قلت.
د. يحيى: أظن إنت سمعتينى عدة مرات باقول: “من خدعك فخُدعت له فهو مخدوع”، ده كلام قديم، وانت عارفة ما باحبش الحِكَمْ”، المهم إن المسائل تبقى فى النور، اللى عايز يستعمنا يستعملنا، بس بخـُطرنا، ورضانا، يعنى هم العيانين بيجولنا ليه، ما هو عشان يستعملونا بطريقتهم، والشطارة إن احنا نخليهم يستعملونا عشان مصلحتهم، مش عشان اللى هم جايين عشانه، سواء بقصد أو وهما مش واخدين بالهم، العيانين من حقهم يستعملونا زى ما هم عايزين، فاضل بس لما نلاقى إن فيه ضرر، نقول عندك!!، بعيد عن شنبك، السكة السليمة أهه، وهو حر بعد كده، مش كده ولا إيه؟!!!
أ.جيهان: كده
*****
التعقيب والحوار:
أ. علاء إبراهيم
يجب على المعالج ان يتقبل كل شيء صادر عن المريض ولكن بحدود المهنية،
واهم شيء هو أنه يجب تبصير المريض والخوض فى اعماق ذاته حتى يستطع ان يستغل قدراتة الداخلية الخفية،
فلا يجوز ان نسمح للمريض باستغلال المعالج
ويجب على المعالج فى كل جلسة التاكيد على العلاقة المهنية
ويجب تاكيد “جملة انا وانت لازم نشوف الحل سويا” حتى لا يعتمد المريض على المعالج ويعتقد انه يمتلك العلاج السحرى… الخ.
تمنياتى لكم بالتوفيق
د. يحيى:
آسف!! ما هذا؟
اثبتّ هذا التعقيب هكذا لأنبه على ضرورة التذكرة أن العلاج لا يتم بـ “يجب”، “ولايجب”، و”لايجوز” و “التأكيد فى كل جلسة” على “كذا وكيت” و”السماح” “عدم السماح”… “والخوض فى أعماق ذاته” ما هذا؟.
لا أحد يتعلم هكذا، يا علاء يا إبنى: برجاء إعادة قراءة النشرة، وربما احتاج الأمر للتوصية بقراءة كل النشرات قبل إصدار مثل هذه التوصيات الجازمة بهذه “الينبغيات” الجاهزة.
شكرا مرة ثانية، وعذرا.
د. محمد أحمد الرخاوى
… مش عاجبنى قوى حكاية ارتباط العيانين بناس متجوزين. فيه حاجة غلط، وغالبا هى داخلة فى منظومة المرض نفسه، مش أحسن نفك الاشتباك ده ونمنع المريض من السكة دى من الاول .
د. يحيى:
يا عم محمد، يا عم محمد
وهو يعنى هذا يعجب من؟
برجاء قراءة ردى على علاء حالا وكفى أحكاماً أخلاقية فوقية خائبة.
العلاج علاج، ومنع المريض من هذا الطريق أو غيره هو من ضمن العلاج.
لكنه ليس هدف العلاج الأول، ولا الأخير.
أظن أن نشر مثل هذه التعقيبات هو مبرر كاف لاستمرار هذا الباب حتى يصحح ما يستطيع.
د. مدحت منصور
أوافق على التأجيل واستكمال المعلومات وبالذات عن الرجل وعلاقته بالزوجة الأولى والمؤسسة القديمة، وهى الأكثر ثباتا بفعل طول المدة والأولاد وعاطفة الأبوة، مع استعداد لتحمل الاختلاف، والاستمرار فى أداء دور وسيط ودود وراضى بمشقة…. فأريد من حضرتك توضيحا.
د. يحيى:
توضيحا لماذا بالله عليك
كل واحد وشطارته، مع الإقلال من الكلمات،
ومع الإلتزام بدرجة ما من “العدل” والأمل فى درجات متصاعدة من التغير والأمانة، أملا فى تواصل الاستمرار، ودفع ثمنه.
د. محمد الشاذلى
من الممكن أن يستعملنا المريض – بمعنى أن يتكىء – ليعبر صعوبة دون هروب من المواجهة.
لكن أن يتحول الاستعمال إلى استغلال الموافقة للهروب من مسئولية الواقع واختيار الأسهل/دون الأسلم، هذا ما يحوّل العملية العلاجية إلى إنهاك مشترك وجرى فى المحل.
د. يحيى:
أوافقك على التحذير من اختيار “الأسهل”
لكن ما هو “الأسلم” هنا الذى يمكن أن تختاره؟
كله مشقة رائعة.
نحن نحاول أن نوضح هذا الخيط الرفيع:
بين الاستعمال المؤقت المسموح به وبين الاستغلال الظاهر والخفى،
بين التفسير والتبرير،
بين الحرية، وتجاوز العدل والمعاملة بالمثل،
وما أصعب كل هذا.
أ. محمد المهدى
حضرتك قلت: “مافيش مانع أن المريض يستعملك بس تكون واعى وراضى”
السؤال بقى إيه هى المواقف اللى ممكن أسمح فيها للعيان بأنه يستغلنى وإمتى أعرف إذا كان الاستغلال ده من مصلحة العيان ولا لأ، وإيه هى الحدود اللى ممكن عندها أوقف ده؟
د. يحيى:
سؤال دقيق!
عندك حق فيه، مع أنه ليس عندى له إجابات حاسمة مقفلة،
كل حالة لها ظروفها التى جاءت بها، كما أن لكل مرحلة قواعدها واحتمالاتها.
أستطيع أن أقول كمبدأ أساسى: إن علينا أن “نسمح” بالقدر الذى يجنبنا كوارث أكبر، وللمدة التى لا تبرر الاعتمادية الرضيعية، أو التأويلات السلبية.
دعنا نتعلم من “حاله حالة” بدلا من التعميم.
أ. محمد المهدى
إنى لا أخجل من تعاطفى من مريض ما حتى لو كان هذا التعاطف لا يسير فى نفس الاتجاه الذى قررنا فيه قرارات معينة، التعاطف لا يُخجل مادام قد وصلنى ما يبرره.
د. يحيى:
التعاطف فعل تلقائى له دلالته،
وهو أحد آليات فحص الموقف، بمعنى أنه لابد من وضعه فى الحسبان، واحترامه، لكن ليس وحده،
كما لابد من أن ينتبه المعالج إليه، ويعترف به، ويراجعه مع نفسه أو مع غيره أثناء الإشراف كما حدث هنا هكذا.
د. أسامة فيكتور
بداية أقول أن عبارة: “الشطارة إن أحنا نخليهم يستعملونا عشان مصلحتهم”، هذه العبارة صعبة جدا فى تنفيذها وربنا يعين أ. جيهان وزملاءها وكل من يمارس هذه المهنة لاكتشاف مايستعملنا المريض لأجله وإنقاذه من سوء استعماله لنا.
د. يحيى:
بصراحة، نعم،
ربنا يعين كل من حمل الأمانة بحقها، واستعان به
د. أسامة فيكتور
إتخضيت من أن حكاية عدم النضج بيزيد من الخبرات الفاشلة والمهينة ويعاد “الاسكربيت”
والسؤال: هل ليها حل ولا لأ؟
وهل من الممكن فى عيانة زى دى لما تتجوز تانى من هذا الرجل أو غيره إنه يحصل نضج ويتغير الاسكربيت (إعادة النص)؟
د. يحيى:
هذه هى وظيفة العلاج بمفهوم النضج: أن نجعل الرد على سؤالك “بالإيجاب”، “نعم” ممكن.
ما دام العلاج جادا، ومادامت الفرص المتاحة، والوقت كاف فكل شىء قابل للتغير.
أ. عبير رجب
طول الوقت بأحس إن صعب قوى أخذ قرار لمريض أو أزقه فى سكة معينة أو حتى أعلن ميلى أو موقفى بمنتهى الصراحة وخاصة فيما يتعلق بالأمور المصيرية، مهما كانت درجة علمى بمدى الضرر والنفع لذلك.
مش يمكن أكون أنا اللى مش شايفه كويس ويمكن تختلط علىّ الأمور؟ ما أنا برضه ممكن أغلط، وبصراحة هى حاجة صعبة قوى.
د. يحيى:
لم ننصح أبدا بأن يأخذ المعالج قراراً لأى مريض، أبدا.
يقولون بالبلدى “رأى على رأى”،
نحن مسئولون عن الرأى الذى نبديه، وأيضا عن الرأى الذى نحْجُبه خشية الخطأ، أو تجبنا للصعوبة،
علينا أن نحسب ونستشير، ونشارك،
ثم نقولها دون أن نفرضها،
وربنا يعين كل من يجتهد بحق.
والقرار فى نهاية النهاية هو قرار المريض
أ. هالة حمدى
أ. جيهان موجودة فى موقف حرج، بس أنا لو مكانها كنت حادّى المريضة سماح شوية فى علاقتها بالجدع ده، يمكن بس العيانة تعدى مرحلة فقد الأم اللى هى فيها وفى نفس الوقت حايبقى فيه وقت أطول تعرف فيه الجدع أكثر وظروفه،
أنا بصراحة متعاطفة جداً مع البنت دى بسبب فقد الأم وإنه يمكن يكون العلاج فيه بديل للأم فإحساس الفقد صعب ولازم يكون عندها حد يشتغل فى احساس الفقد ده، مش يأخذ مكان أمها، وخلاص!.
د. يحيى:
إن التعويض بالرعاية الأمومية وارد وهو جزء رائع من العلاج لكنه ليس الحل الدائم، ثم علينا أن نحذر أن يكون الحل الإنسانى التسكينى المؤقت، هو بديل يبرر اتخاذ قرارات مهزوزة تكتسب بعد بذلك صفة الاستمرار أو الدوام.
د. نعمات على
فى الأول كنت باخاف أقول للعيان رأيى لحسن يمشى ويصمم على اللى هو بيعمله يمكن عشان كنت باختار وقت غلط فى العلاقة، وماكنتش قوية بالإضافة إلى خوفى من الفشل فكنت بلاقيه بيمشى، دلوقتى شوية شوية ابتديت أعمل حاجة مختلفة: أصبر وأتحمل شوية ثم كتير، والحمد لله النتيجة أحسن.
د. يحيى:
الحمد لله
بارك الله فيك
أ. منى فؤاد
الموقف صعب جدا فى بداية القراءة كنت موافقة على أنها تتزوجه، ولكن بعد شوية لقيت إنها بتكرر قصتها، فى رأبى أن على أ. جيهان أن تعلن رفضها لهذا المشروع.
د. يحيى:
لكن مجرد رفضها لا ينهى المسألة، علينا أن نتناول أيضا العوامل التى أدت بنا إلى هذا الموقف،
ثم أيضا لا ينبغى أن يكون اعلان رأى المعالج قهرا أو إلزاما.
أ. منى فؤاد
المشكلة أن المريضة مش شايفة حاجة غير الإلحاح المباشر من أ. جيهان لتعديل السلوك والتأنى مع الرفض غير المباشر
وحتى يمكن هى مش شايفة أ. جيهان أصلا.
د. يحيى:
يجوز
أ. محمد إسماعيل
هو كل اسكربيت مافيهوش كبران !!؟ حتى لو كان تكرار الاسكربيت ده ناجح؟
د. يحيى:
نبهّتنى يا محمد أن أوضح أنه ينبغى علينا ألا نرفض “السكريب الإيجابى”
أليس نومنا كل ليلة سكريبت،
أليست يقظتنا كل صباح سكريبت؟
أليست ضربات القلب سكريبت؟ أليس الإنتظام فى أداء الصلاة سكريبت،
أظن أننا نؤكد هنا على رفض التكرار (الاسكريبت)، الذى لا يحمل أية علامات تغير ولو كامنة،
نحن ننام ونصحو ولا نعرف ماذا يحدث أثناء النشاط الحالم، وهذه الدورات المكررة هى بالذات – فى حالة الصحة– أبعد ما تكون عن “السكريبت” المغلق، وقد أصبحت عندى ثروة تجديد حسب تطور علاقتى بالإيقاع الحيوى، وفهمت كيف أنها إعادة ولادة “الحمد لله الذى أحيانى بعد ما أماتنى وإليه النشور”
(فأين السلبية فى هذا السكريبت إن صح أنه كذلك؟)
أشكرك يا محمد أنك نبهتنا إلى هذه الفروق الدقيقة، حتى نقبل أى تكرار ما دام هناك أمل (أو واقع) فى أى تغيير مهما كان صغيرا.
أ. محمد إسماعيل
معترض على العنوان عشان حضرتك قلت أن “المريض من حقه يستغلنا إلى أقصى مدى طالما فى صالحه”.
د. يحيى:
يا أخى معترض على ماذا؟ العنوان سؤال وليس إجابة؟ “إلى أى مدى؟..الخ” لابد أنك أجبتَه بما سمح لك أن تعترض عليه،
ثم إن الشرط الذى وضعتُهُ صعب وأحيانا مستحيل التحقيق، وهو شرط ضمان صالح المريض،
من أين لنا أن نحكم بهذا الجزم أن هذا الاستعمال أو ذاك هو لمصلحة المريض أم لا؟ المسألة صعبة ومتجددة طول الوقت.
أ. محمد إسماعيل
معنى ذلك أن العملية العلاجية تتضمن استعمال المريض لنا طول الوقت بس فى مصلحته واحنا بنوجه الاستعمال ده فى الطريق الصح
د. يحيى:
ما أمكن ذلك
أ. إسراء فاروق
… بعد أن قرأت الحالة احترت جدا لأنى مصدقة رؤية الزميلة لـ غُلب الشخص اللى عايزه ترتبط به العيانة دى – بما أنها شافته- لكن فى الوقت نفسه شايفه استغلاله للعيانة وده مخلينى عايزه أقول: “عندك !!! بعيد عن شنبك”، لكن جوايا موافقة على الموقف وحاسه إن الموافقة ديه هتتسرب للعيانة ولو ده حصل حاحس إنى متحملة مسئولية فشل العلاقة ديه.
د. يحيى:
هذا بديهى، وملاحظتك لموقفك الوالدى الرافض المسئول وفى نفس الوقت: داخلك الموافق المتعاطف هو أمر جيد يدل على تحملك مسئولية موقفك، ويمكن أن تناقشيه صراحة معها لو كانت هى مريضتك وسمحت العلاقة، ولا تنسى أن تظل العلاقة قائمة طول الوقت على كل المستويات.
لكن التخلى عن المسئولية تحت أى عنوان هو الخطأ الأكثر جسامة، فلنحذر،
ما دمنا قد اخترنا هذه المهنة.
أ. زكريا عبد الحميد
“الحب مش كفاية عشان مؤسسة الزواج تستمر من غير جهد”.
قناعة طالما هجست بها لروحى على مدار العمر وطالما كررتها أنت ياد.يحيى عبر هذه النشرات لكن مسألة ان المرضى بيستعملوا المعالج نورت لدى فكرة قد ايه احنا غلابة، مرضى ومعالجين، أى البشر بوجه عام.
د. يحيى:
أوافقك لو كنت تعنى الحب المسلسلاتى
لكن الحب بالمعنى الذى كررناه تعريفه بأنه “الرعاية والمسئولية” حتى كاد المحبون أن يضربونا، فهو كفيل بأن يُنجح هذه المؤسسة بالذات بشكل ما.
أ. رامى عادل
مش انت اللى قلتلى انك مش بخيل وجلده؟وانت اللى ايدك فرطه؟ وانت بتقول علىَّ إنى مونسك، وبحلم بيك! طيب عايزين من بعض بقى اننا مانفترقش ولا بالموت، واننا نساعد بعض اننا نعيش ونفتكر، عايز اتغلب على الالم، بإنى اعيشه، وأشوفك، تشوفنى بعروستي،وانت عارف اننا عتبناها،عتبنا العتبه، وتدارى كسوفك، من غير ما نشوفك، ويوميها نحس، اننا مش نحس، تتلم الصحبه، نطلع جدعان ونبان، نتلم قوام، نطلع قدام، يصبح دخان، عش الأوهام، ليلة الدخله، تقيد الشمعه، مش ساذج والنعمه، دانا بتطوح، اكمنى مروح، ويايا لماما، مستنيه، نستجم، نتنسم، ويساهم جدو فى ولادة بكره، يشرح للطلبه
د. يحيى:
عالبركة يا رامى، يا رامى، خلها فى سرَّك، ماذا سوف يقول الأصدقاء عنا.
د. أحمد محمد فهمى
مش فاهم اصرار المريضة على الحصول على موافقة المعالج،
ماذا يمكن أن تضيف إليها هذه الموافقة؟
د. يحيى:
المريض يعامل المعالج كسلطة والدية غالبا، وموافقة السلطة أحيانا تكون ضرورية لمواصلة الحياة، لكن طلب الموافقة الواعية أو الضمنية لا يعنى الاعتمادية الرضيعية، ولا يـُـعتبر شرطا لتنفيذ أى قرار.
د. أحمد محمد فهمى
هل يمكن أن أرجح للمريض اختياراً معينا أم أترك له حرية الاختيار؟
د. يحيى:
تكلمنا كثيرا عن موضوع “من الذى يتخذ القرار”، وأنه، فى نهاية النهاية، لا يوجد شىء اسمه حرية الاختيار”، بالمعنى المطلق، نحن شركاء حتى فيما لم نعلن رأينا فيه صراحة، وللمريض الكلمة الأخيرة طبعا، فهو الذى سوف يتحمل المسئولية، وما علينا إلا مزيد من الاضاءة والتقليب والتنوير ما أمكن ذلك.
د. أحمد محمد فهمى
وكيف أواجه إلحاح المريض على معرفة موقفى ؟
د. يحيى:
بأن أكون أمينا معه ومع نفسى ولا أتعجّل، ولا أصدر القرارات صراحة نيابة عنه.
د. نرمين عبد العزيز
عندى سؤالين:
السؤال الأول: هل من حقى التخلى عن المريض رفضا لاستعماله لى فى الاتجاه الخاطئ؟
د. يحيى:
إذا تيقن المعالج أن العلاقة تحولت إلى استعمال صريح، وكان هذا الاستعمال خطأ صرفاً بمقاييس الصحة والمرض، وأيضا حسب التعاقد العلاجى المبدئى، فإن من حق المعالج أن يتخلى إذا اصر المريض، بل ربما يكون ذلك من واجبه، وسوف يجد المريض معونة أخرى بطريقة أخرى من مصدر أخر (ربما أقـْدْر، وربما أسهل!).
د. نرمين عبد العزيز
السؤال الثانى: هل فى مثل هذه الحالات من الاستعمال الخاطئ للمعالج يكون من واجبنا الاعتراض المشروط؟ أم الموافقة المشروطة؟ أم التخلى المشروط؟
د. يحيى:
أعتقد أن الاحتمالات الثلاثة مقبولة، لأن الشرط جائز فى كل الأحوال، لأنه يعتبر جزءًا لا يتجزأ من “التعاقد العلاجى المبدئى”، وأيضا هو جزء يوضح ما استجد فاستحق أن يوضع فى الاعتبار عند “إعادة التعاقد”.
الحالة: (35)
عن التعاطف والسماح والفرجة والعلاج ([59])
هذه الحالة قدمت للاستشارة والإشراف مرتين خلال ثلاثة أشهر ونصف تقريبا، وقد فضلنا – مثل الحالة السابقة – أن نقدمها مجتمعة لنفس السبب.
الاستشارة الأولى:
د.ناهد: هى عيانة عندها 47 سنة شفتها حوالى 9 جلسات كانت جايه المستشفى أصلا بأعراض خفيفة، كانت جايه فى حالة انشقاق، جايه هى وجوزها وأختها فى حالة شلل وظيفى، مش قادرة تحرك رجليها الاتنين، ومافيش أى سبب عضوى فى الجهاز العصبى طبعا
د.يحيى: أنا اللى حولتها لِك؟
د.ناهد: لأ، هى جت المستشفى مباشرة، وهى كانت جت لحضرتك من سنتين
د.يحيى: ماشى، المهم مش أنا اللى حولتها لك المرة دى
د.ناهد: آه، هى كانت قاعدة مستنيه الدكتور فى الاستقبال وجاتلها الحالة جامدة قوى، وانا اللى شفتها، وكشفت عليها وهى كده
د.يحيى: نوبة إغما يعنى؟
د.ناهد: آه، بس انشقاقية يعنى، بعد كده قعدت اتكلم معاها وكده عرفت انها متجوزه من 18 سنة، كانت قبل ما تتجوز ليها علاقه مع واحد قعدت 4 سنين، وكان فيه علاقات كاملة بينهم، وكانت مش بكر، وانتهت العلاقه بينهم وهى مش بكر، واللى اتجوزته اللى هوا جوزها الحالى كان عارف كده.
د.يحيى: هوا انت بتلقطى الحالاتى دى ازاى يابنتى، أنا فاكر إنك عرضتى علىّ حالة فى العيادة قريّب كان فيها كلام من ده برضه، طيب ماشى ماشى، ربنا يفتح عليكى، هم الخواجات بيسموا شغلتنا فى العلاج تسويق صداقة، او بيع صداقة،([60]) حاجة كده، إحنا بقى حقنا نسميها حسب حالاتك اللى بتقدميها لى دى، نسميها اسم مصرى بايخ، ما علينا، وبعدين؟
د.ناهد: المهم، هى كانت برضه قبل الجوازة دى، كانت على علاقة كاملة مع جوزها ده نفسه.
د.يحيى: ماشى، ماشى، وبعدين؟ النهارده بقى إيه الحكاية؟ هى بقالها 17 سنة متجوزة.
د.ناهد: 18 سنه
د.يحيى: طيب، 17 ولا 18 وبعدين؟
د.ناهد: هى المشكله انها من سنة عرفت واحد
د.يحيى: عندها عيال؟
د.ناهد: ماعندهاش ولاد خالص
د.يحيى: عرفتْ واحد اليومين دول؟
د.ناهد: بقالها سنه تعرف زميلها فى العمل
د.يحيى: وعلاقة كاملة برضه؟!
د.ناهد: أيوه، سألتها طب ليه كده، فقالت لى إن هى من يوم كتب الكتاب مع جوزها ده وهو رافض العلاقه الجنسية اللى كانت بينهم، وما كانش بيطلبها خالص، وهى بقالها 18 سنه بتتحايل عليه .
د.يحيى: بتتحايل عليه إن إيه؟ مش هوه ده اللى كان بينام معاها قبل الجواز، وكان عارف حكايتها؟
د.ناهد: أيوه، إنما ده اللى حصل من ساعة ما اتجوزت.
د.يحيى: وهو رافضها ليه؟
د.ناهد: ما اعرفش، قعدت اتكلم معاها وكده، قالت لى كأنه يمكن بيعاقبنى إنه اتجوزنى
د.يحيى: هى حلوة؟
د.ناهد: لأه
د.يحيى: يبقى زميلها اللى صاحبته وهى عندها 47 سنه ده شكله ايه؟ عايز إيه؟ ولا يمكن هى كويسه فى الجنس ولا ايه؟
د.ناهد: هو متجوز، وبتقول ان دى أول مره يعرف واحده برضه على مراته، وقاعده تحكى
د.يحيى: عنده كام سنة
د.ناهد: 54 وعنده ولدين
د.يحيى: طب معلش، وبعدين، الحكاية وسْعتِ، الست دى باين عليها شاطرة فى المسائل دى، يا إما بتكذب، مش عارف
د.ناهد: هى بتقول كده، وبتحكى عن العلاقات الجنسية اللى هى عملتها إن الرجاله بيقولوا عليها إنها كويسه، سواء مع الاولانى او التانى او التالت
د.يحيى: السؤال بقى لحسن الحكايه عندى زاطت قوى
د.ناهد: انا عندى سؤالين: اول حاجه وهى بتحكى عن مشاعرها مع الراجل الحالى اللى هى عرفته بقالها سنة يعنى، أنا لقيت نفسى متعاطفه معاها، وبرضه حاسه ان هى لقطت ده وهى بتحكيلى
د.يحيى: يابنتى كل الحالات اللى انت عرضيتها علىّ فى المنطقة دى، كنت متعاطفة معاها، أنا مش مستغرب قوى، إحنا دكاترة، يعنى ده جيد من حيث المبدأ، إنك تأجلى الحكم الأخلاقى، لكن إوعى تكون الست دى بتستسعملك عشان تبرر اللى هى بتعمله؟
د.ناهد: أيوه، يمكن، لأنى بدأت أحس بعد 9 جلسات ان هى ريّحت، الأعراض اللى كانت جاية بيها راحت، و بقالها مدة ماجاتلهاش الحالة
د.يحيى: السؤال بقى إعملى معروف؟
د.ناهد: انا بقيت مش عارفه أعمل معاها إيه، أنا حاسه إنها ريحت، وإن هى حاطانى فى زنقة
د.يحيى: مش هى بدتفع فلوس؟
د.ناهد: آه
د.يحيى: وهى مبسوطة؟
د.ناهد: آه
د.يحيى: وانتِ مبسوطه؟
د.ناهد: لأ انا مش مبسوطه
د.يحيى: بس مش واضح عليكى قلة الانبساط، بيتهيأ لى إنك مبسوطه
د.ناهد: يمكن مبسوطة
د.يحيى: مش دى مهنتـِك، إن الأعراض تروح، والست تتعالج؟ إنت بتأدى الجانب ده من المهنة بكفاءة شديدة، خلاص، حانعمل ايه بقى؟ الظاهر إنك قلقانه من انبساطك ده، ماهو جوزها ما بينامش معاها بقالهم 18 سنه، وربنا هو اللى حايعاقبها مش احنا، والدنيا ستر وغطاء، فاضل بقى فين والساعة كام، وفيه احتمال يتكشفوا ولا لأه، وكلام من ده، إحنا مالناش فيه، انا قلت لكم باين المرة اللى فاتت انه بيبلغنى من العيادة أخبار عن المجتمع اللى احنا عايشين فيه، بتورينى المجتمع ماشى ازاى، طبعا اللى بيجولى مستحيل أعتبرهم العينة اللى ممكن تمثل المجتمع، بس ده المكان اللى ممكن الأمور تبقى متعرية فيه أكتر، نرجع نفتكر إن احنا دكاترة ومعالجين، وبنتحط فى مواجهة مع حاجات بتحرّك الموقف الأخلاقى والدينى بتاعنا، يمكن على حساب الموقف المهنى، نعمل إيه؟ مش سهل علينا أبدا مهما أعلنا التسامح إننا ندّعى الحياد وكلام من ده، واحنا على كل حال بنتعلم من مهنتنا فوق ما نتصور، أولا بنتعرف على إيه اللى جارى فعلا ومداريين عليه ما اعرفشى لأى مدى، و ثانيا بنتعلم حاجات فى العلم، زى مثلا اللى فى الحالة دى، باين فيه فرق بين الجاذبيه الجنسيه، والممارسه الجنسيه، والحلاوة، الجمال يعنى، وبرضه خدتى بالك من السن وإشاعات سن اليأس والكلام ده، إحنا بنتصور إن سن 47 دى سن ما فيهوش جنس للست بالذات، تبصى تلاقى واحدة جاية تعلـّمك حاجات تانية، يمكن بتعملها أحسن من بنت غلبانه عندها 20 سنه مثلا، ده إذا كان كلامها صحيح، ما بتكذبشى يعنى، وفى الغالب هى ما بتكذبشى، إمال الرجاله حيناموا معاها ليه يعنى؟ كل دى معلومات غريبه، والمعلومات الغريبة هى المعلومات الجديدة عليكى على الأقل، ولو إن المعلومات دى ما بقتشى جديدة قوى علىّ من كتر ما شفت، وما تفهميش الممارسة دى تبقى جنس، ولا حب، ولا خيانة، ولا جوع، ولا قلة شرف، ولا خيبة نمو، ولا إيه بالظبط. كل ده متداخل، ومتداخل بطريقه لا يمكن تعميمها، يعنى ما نقدرش نقول: البلد باظت، وما عدشى فيها أخلاق، والنسوان مش عارف إيه، وكلام من ده، مش احنا، دى مش شغلتنا، إحنا بناخد كل حاله بحالتها، وبندرسها لوحدها، وأنا أظن فى نهاية النهاية، مادام فيه إشراف زى اللى بنعمله دلوقتى، ما دام احنا خايفين من نفسنا، وعلى نفسنا، بنقدر نسمح بمشاعرنا إنها تشارك، وفى نفس الوقت بنلاحظ تداخل الموقف الأخلاقى بتاعنا، زى ما انت بتقـولى دلوقتى إنك مستغربة على تعاطفك معاها، وفى نفس الوقت مش مبسوطة من ده، وبعدين طلعتى إنك يمكن تكونى مبسوطة، إحنا زى ما ساعات بنفسر تصرف البنت بموقف أمها اللاشعورى، وإنها يمكن بتعمل اللى بتعمله نيابة عن أمها، لازم المعالج يعرف نفسه برضه، هوا احنا مش بنى آدمين ولا إيه، إحنا بنقول إن ساعات البنت بتهلس بالنيابة عن أمها، وإن الولد ساعات بيدمن بالنيابة عن أبوه لاشعوريا برضه، مش كده؟ ما هو من غير مبالغة إحنا نبص لتعاطفنا، وموقفنا بأمانة شويتين، وناخد كلام العيانين والعيانات بحذر فى نفس الوقت، وده بنعرفه لما نخش فى التفاصيل شوية، ونسأل ده بيحصل الساعه كام، وفين؟ والناس؟ وكده؟ ، إنتى فاكره لما جيتى لى فى العيادة، وحكيتى عن حالة تانية، وسألتك نام معاها آخر مرة إمتى؟ قولتى لى النهارده الصبح، قولت لك فين؟ قولتى لى فى بيتها، قلت لك والجيران وكلام من ده؟ دا مش حب استطلاع، دى محاولة لتصور الموقف كامل، يعنى عشان نوصل أو نقرب من حقيقة الجارى فى الواقع المحدد بتاع كل حالة، خصوصا فى واحدة هستيرية زى الست بتاعتك النهارده، يعنى الحقيقه بتختلط بالأدوار المتغيرة بتاعة الحالة، وفى نفس الوقت بتختلط بمشاعرنا الشخصية، بتربيتنا باللى جارى فى المجتمع، فبنعرف حاجات كتيرة من أول وجديد، ومجتمعنا اليومين دول بتحصل فيه تغيرات كتير مختلفة من بره، ومن جوه، ما نعرفشى عنها غير قشرة القشرة، حتى الأبحاث اللى بتطلع بتاعة “نعم”، “لا”، حاجة تضحّك، أنا كنت فى برنامج فضائى قريّب بنناقش فى تقرير من مجلس ما اعرفشى اسمه مجلس المعلومات واتخاذ القرار أو حاجة كده تبع مجلس الوزرا، وكل الأرقام اللى فى التقرير تضحـّك، عشان الأسئلة من أصله كانت تضحك، مثلا: هل تحب أن تحارب إذا ما هوجمت بلدك؟، وانت عليك تختار تجاوب بـ “نعم – لا”، بالذمة ده اسمه كلام؟ ولا خد عندك دلالة انتشار الحجاب وعلاقة ده بالممارسة الأخلاقية، مافيش بحث رسمى ممكن يقول لنا إيه اللى جارى وهوا حاطط أسئلة بالمنظر ده تتجاوب عليها بـ “نعم”، “لا”، إحنا بنمارس مهنتنا فى ملـقَّفْ !!……. إحنا بنعرف المعلومات من مستوى تانى من واقع تانى، زى ما اتكلمنا كذا مرة على ثقافة الإدمان اللى بنتعلم منها بعض معالم ثقافة المجتمع كله، نفس الحكاية: المدمنين فى مجتمعنا مش همَّا العينة اللى بتمثل المجتمع كله، لكنها عينة بتشاور على مستوى تانى من الواقع، إحنا بنتعلم إيه اللى جارى ورا الأبواب، تحت الغطا، تحت الأرض حتى، بنتعلمها من مرضانا، وما بنعممشى، دى مش شغلتنا، والمسألة فى نفس الوقت مش إن الحاجات دى بتحصل من عيانينا عشان هما عيانين والسـَّلام لأه، إحنا نقول اللى بنشوفه وهما، أقصد المؤسسات يدوروا على اللى زيه عندهم، بطريقتهم أو يلفقوا زى ما هما عايزين .
نرجع بقى للست دى بالذات، وليكى، أنا طبعا مش باحذرك إنت بوجه خاص، إحنا بنتاقش عشان نفرق بين التعاطف، والسماح، والفرجة، والعلاج، كل ده وارد، وممكن يختلط ببعضه، السماح ما يبقاش سماح إلا واحنا عارفين هوا حايودينا فين، وحانتحمل مسئوليته ولا لأه، الفرجه ممكن تبقى موجوده غصبن عنا، إنما نفقسها أول بأول، ونتعلم منها، ونستعلها لصالح العيان، ما هى الفرجة ساعات تبقى بداية المعرفة والتعلم، بس فى حدود، وبرضه حكاية إن العيان أو العيانة تستعملنا شوية، لكن برضه لازم نعرف سقف الاستعمال ده واصل لحد فين، ولازم كل شوية أراجع المعلومات اللى بتوصلنى مع المعلومات السابقة، المسألة مش تحقيق، لأه، دى إضافات هامة، لو ظبطنا نفسنا بنتفرج، ماشى، مسموح عشان أتعلم، لكن لحد إمتى وعلى حساب إيه، هنا تيجى فايدة الإشراف أول بأول، الاستعمال برضه، لو بندى فرصه للعيان ماشى يستعلمنى بخطرى، لكن بعد شوية باحط شروطى، مش يستمر العيان يعك، وما دام بييجى يبقى هو حر، لا ياعم، إحنا لنا ثقافتنا، أنا ما باستبعدشى الموقف الأخلاقى بتاع المعالج، بس التوقيت، بييجى وقت باقول للعيان أو العيانة، لا يا عم، يا أنا واللى بنعمله سوا سوا واحنا بنبنى بنى آدم مسئول وعارف هوا بيعمل إيه، أقول له يا إما أنا يا أما ياللى انت مُصر تستمر فيه، ما هو ما فيش داعى إننا نستعمل العلاج للتبرير، يا إما علاج ونبتدى من أول وجديد “على مية بيضا”، يا إما انت حر تشيلها لوحدك، يعنى باشاور على اللى جارى بعد ما اطمئن إن فيه علاقة مع العيان، وإنه حريص عليها، واقول له فى الوقت المناسب: لا ياعم، يا العلاج يا ده، كفاية كده عليك، يعنى فى الحالة دى: حكاية عزوف جوزها من 18 سنه عن الممارسه الجنسية لازم تندرس بعلم ومراجعة، الممارسه الجنسية فى حد ذاتها، رغم إن لها وظائف كثيرة، إنما هى مش قضية منتهية ومعروف أولها من آخرها، هى ما هياش قيمه أولى فى حد ذاتها، يعنى هى فى أى علاقة كويسة بتبقى زى ” تكملة جملة مفيدة“، يعنى ما فيش داعى نفترض إن افتقادها لوحدها يبقى مبرر لحاجات تانية أصعب وأخطر، لازم ندوّر على حاجة جنبها ناقصة فى العلاقة، يعنى مش نكتفى بإننا نقول إن الست دى عندها مبرر كافى للى هى بتعمله عشان جوزها ما بينامش معاها بقاله 18 سنه، طيب ما هو كان بينام معاها قبل الجواز، وكان عارف إنها مش بكر قبل ما ينام معاها وقبل ما يتجوزها، إيه اللى خلاه يبطل بعد الجواز، يبقى فيه حاجات أعمق وأهم مبوظة توظيف العلاقة بشكل له معنى، فيه حاجة كده بتحصل بين الناس ما لهاش اسم محدد، زى ما يكون ممكن يحصل الجذب ده، والعلاقه، وخراب البيوت من غير جنس، وساعات تحصل حاجات من دى بجنس خايب، أو مرّات بيبقى جنس فقط، يعنى المسألة تباديل وتوافيق مالهاش آخر، وأنا رأيى إن كل المعلومات والاحتمالات العلمية ما غطتشى لسه كل المناطق دى، فإنتى يا بنتى، زى كل زملاءنا وزميلاتنا، قدامك مشوار طويل، عليكى إنك تتعلمى وتصبرى وتركـّـزى، وترتبى أولوياتك: مش تركزى على مسألة إنتى بتعمليلها إيه قد ما تركزى الأول على احتمال: إنتى ممكن تضريها ازاى أو تضرى نفسك ازاى، وأول ما الضرر يبقى محتمل ويوصل إلى شكل منذر، حا نتناقش فيه هنا وغير هنا، أما إذا الأمور مشيت وبقى لها شكل بيوعد بفايدة بتزيد مهما كانت بالتدريج، آدى احنا ماشيين، يعنى طول ما انت ما بتضرّيش وعندك وقت، يبقى إنت وهى تاخدوا الفرصة، إحنا دكاتره ومعالجين تحت أمر العيانين، يعملوا فينا اللى همّا عايزينه، ويدبـروا أمورهم بطريقتهم، واحنا نقف جنبهم بحساباتنا وخبرتنا ومسئوليتنا.
باين الست دى بتدبر أمورها بعوامل إحنا مش عارفينها، بس مع بالصبر وضمانات قلة الضرر، إحنا يا حانعرفها، يا هى حاتزهق لما تعرف إن استعمالها لينا له حدود، فحا تبطل.
يعنى كل اللى علينا هو إن احنا ننتبه، واللى ما نعرفشى فيه نتناقش فيه، ونحسب حساب وقتنا ووقت عيانينا، وطول ما فيش ضرر واضح زيادة، نمارس مهنتنا لصالح اللى بيسألونا النصح ولصالحنا، وبس.
الاستشارة الثانية: (بعد ثلاثة أشهر تقريبا- تعمدنا عدم ذكر التاريخ)
د.ناهد: هى نفس العيانة اللى عندها 47 سنة (…ثم لخصت الدكتورة الحالة كما ذكرتها تقريبا فى الاستشارة الأولى ) …. أنا كنت عرضتها قبل كده على حضرتك من شهرين ونصف هنا، كنت قلت لحضرتك إنها تعرف واحد تانى على جوزها ……..،
د.يحيى: هى إتجوزت من إمتى، فكرينى
د.ناهد: أتجوزت وهى عندها 30 سنه
د.يحيى: هى دى اللى جوزها كان عارف قبل ما يتجوزوا …أظن؟ أيوه افتكرت
د.ناهد: آه، أنا قلت لحضرتك إنها من قبل ما تتجوز جوزها كان عارف حكايتها مع الولد الأولانى، هى كانت بتقول إنها بتحب جوزها ده جداً، بس جوزها كان بيعاملها وحش بعد الجواز، خصوصا فى العلاقة الجنسية، تقريباً هى اللى لازم تطلبها منه كل مرة، هو ما بيطلبهاش خالص
د.يحيى: من إمتى مابيطلبهاش
د.ناهد: بتقول من ساعة الجواز
د.يحيى: من 17 سنه؟
د.ناهد: آه، بس فيه بينهم علاقة برضه غير ما كنت فاهمة فى الأول، بس هى اللى بتطلبها، هى اللى بتطلبها ولازم تلح
د.يحيى: هو عنده كام سنه
د.ناهد: هو عنده 52
د.يحيى: كان متجوز قبل كده
د.ناهد: لأ، فى وسط مرحلة جوازهم دى، هى عرفت إن هو على علاقة بأختها، أختها هى اللى قالت لها، وهى واجهتهم وكده، والعلاقة دى انتهت
د.يحيى: علاقة كاملة مع اختها يعنى؟
د.ناهد: هى أختها ماقالتش إنه بينام معاها، بس يعنى إنه بيحاول يتقرب لها، بيحاول يكلمها فى التليفون، بيحاول يزوروها كتير، لما بتكون عندهم بيحاول يقعد جنبها، كل المعلومات دى من العيانة نفسها وبس، هى كانت جاية لى بقى بعد ما عرفت واحد جديد وهى معجبة بيه جداً وبتحبه وهو قال لها إنه هو بيحبها، فهى كانت كإنها جاية زى ما تكون فى صراع، يعنى مش عارفة تسيب جوزها خلاص عشان هو خانها، وهى خلاص مابقتش تحبه وتكمل مع الجديد ده ولا لأه
د.يحيى: خانها فين يا شيخه !! المهم الجديد ده اللى هى عرفته متجوز؟
د.ناهد: متجوز آه وعنده ولدين
د.يحيى: بيشتغل إيه؟
د.ناهد: بيشتغل مديرها فى الشغل هى بتشتغل فى شركة خاصة
د.يحيى: والعلاقة وصلت لحد فين؟
د.ناهد: حصل بينهم مرتين إن هما ناموا مع بعض، كان ده قبل ما تجيلى، فكانت جاية مش عارفة تعمل إيه، حاسه إنها تعبانة جداً وكل ما تفكر إنها تاخذ قرار، ما تعرفشى.
د.يحيى: ماهى واخده قرارات أهه والحمد لله تمام !!!!، طيب المهم كمّـلى يابنتى
د.ناهد: حضرتك المرة الأولانية، حضرتك قلت لى إنى أعمل حسابى لحسن أكون بالجلسات دى كإنى باوافق واديها أوكى O.K
د.يحيى: هى دى الست اللى سألتك عليها فى العيادة عن بعض التفاصيل وفين وإمتى وأخر مرة، وقلتيلى كانت بتنام مع صاحبها ده الصبح وتيجى لكى الظهر؟
د.ناهد: آه
د.يحيى: ماشى
د.ناهد: حضرتك نبهتنى إن ممكن بالجلسات دى يوصل لها كإنى باوافق على اللى هى بتعمله، يعنى أنا فهمت كده يومها
د.يحيى: طيب، وبعدين إيه اللى حصل فى المدة دى؟ إحنا بقى لنا تلات تشهر أهه.
د.ناهد: أنا ابتديت بقى بعد ما عرضتها على حضرتك أشتغل معاها فى حاجتين: أول حاجة فى إحساسها هى ليه بتعمل كده، فى إحساسها بنفسها كأنثى، وإن هى المفروض تهتم بنفسها فى حاجات تانية، تاخذ قرارات فى الحاجات اللى جوزها مالوش دعوة بيها، ما يقدرش يغصبها إنها تعملها، ولا ما تعملهاش، وهى استجابت، واشتركت فى “ِجيم”، وابتدأت تروح الـيوجا، وبدأت تخرج خروجات منتظمة، يعنى بان إنها بتهتم بنفسها و تخس، والحاجات دى كلها بتحصل والعلاقة اللى مع الراجل التانى ماشية، بس حصل إن الراجل ده حصلت له مشاكل فى الشغل فسافر فترة، وهى ابتدت ساعتها فى الوقت ده تهتم أكتر بالحاجات اللى احنا بنعملها سوا، وبعدين الراجل ده رجع تانى، فهى سألتنى، فابتديت أنا أقول لها إنها لأزم تاخذ قرار، ماينفعش إنها تعيش كده …، إبتديت أزنقها
د.يحيى: طيب والسؤال بقى؟
د.ناهد: السؤال إنها خلاص، أخذت قرار وابتدأت فى تنفيذه فعلاً
د.يحيى: قرار إيه بقى؟
د.ناهد: قرار إنها تتطلق من جوزها، واتفقت مع الراجل التانى إن هما خلاص فعلاً حايتجوزوا
د.يحيى: هوا انتى مش قلتى إنه متجوز
د.ناهد: آه متجوز، بس ماعندوش مشاكل إنه يتجوز تانى، يعنى هو عنده مقدرة مادية
د.يحيى: حايسيب مراته؟
د.ناهد: لأ مش حايسيب مراته وهى موافقه على كده
د.يحيى: مين؟ مراته اللى موافقه على كده؟
د.ناهد: لأه، العيانة بتاعتى هى اللى موافقة إنه ما يطلقش مراته، يطلقها ليه
د.يحيى: يعنى هوا حاطط مراته زينه؟ ولاَّ بينام معاها؟
د.ناهد:.. زينه، مابينامشى معاها
د.يحيى: إيش عرّفـك؟
د.ناهد: أنا سألتها
د.يحيى: وإيش عرفها؟
د.ناهد: هو قال لها كده، هى دى المعلومات اللى عندى يعنى
د.يحيى: هوّ يقول زى ما هو عايز، طيب خلاص، المهم فيه إيه بقى؟
د.ناهد: فهىّ كده بقى خلاص بقت مستريحة جداً، الأعراض المرضية كلها بطلت تيجى من ساعة ما أخذت القرار ده، وابتدأت فى خطوات تنفيذه
د.يحيى: طيب، السؤال بقى؟
د.ناهد: السؤال بقى: طيب أنا كده حاعمل معاها إيه تانى؟ ما خلاص بقى.
د.يحيى: برضه السؤال مش واضح، فيه إيه يابنتى؟
د.ناهد: يعنى أوقـّـف وأرضى بالنتيجة دى وخلاص؟
د.يحيى: مش احنا قلـنا الحكاية دى يا ناهد 100 مرة إن احنا أطباء ومعالجين سنيده، يعنى الحاجة اللى ماشية بنسندها عشان تتنيها ماشية، إنشالله يكون واحد حرامى ياشيخة، يروح يسرق واحنا مالنا، إحنا ما عندناش موقف أخلاقى عام بندافع عنه، هو الإشكال كله إن احنا بنحسبها لهم من الناحية العلمية، اللى هى موضوعية المفروض يعنى، العلم الموضوعى هوه العلم اللى بينفع الناس، فا بنقول ياترى الخطوة دى ليها عمر ولا ملهاش عمر؟ يا ترى هى بتناسب العيان ولا الحسبة بتاعته غلط؟ إحنا ما بنقولش حلال ولا حرام حتى، دى مش شغلتنا، إحنا بنقول إنها خطوة كذا وبس، يعنى للست دى بالذات إللى عمرها 47 واللى مش مخلفة، ومرت بكل الخبرات دى، هل الخطوة دى نقلة من ضمن النقلات الواردة اللى حا تخليها تكمل أحسن مع الراجل ده، أو إذا بقى جوزها حسب قرارها، يا ترى حاتكـبـّرها بصحيح ولا هى بتضحك على نفسها، ما تنسيش فكرتنا إن فرص النضج ما لهاش علاقة بالسن، فرص النضج دايما موجودة، خصوصا بعد أزمات من النوع ده، والسن ده هو منتصف العمر لسه، وحتى بعد منتصف العمر فرص النضج موجودة، ما بتخلصشى، ما يمكن كل الخبرات اللى مرت بيها دى تديها رؤية أوسع وفرص حقيقية، مين عارف، ما يمكن تكون زادت خبرة بحق وحقيق وتطلع من المرض أحسن ما كانت قبله وحاجات كده، الله أعلم، إحنا فى النهاية ومن البداية سنـّيدة، وقيـّاسين، بنعمل ده وده من خلال خبرتنا فى مجتعنا ده بالذات، يعنى إحنا وظيفتنا بنعالج، وبنحاول نبص لقدام يمكن نقدر نمنع النكسة أو نمنع إن المسألة تتحول لما هو أسوأ حتى لو ما كانش اسمها مرض، وفى نفس الوقت بنتعلم، الحالة دى شديدة الثراء، ممكن تتعلمى منها كتير أوى، ست لها خبرات قبل وبعد الجواز، وجوزها راجل غريب الشأن، فبنتعلم أكتر، ياخدها وهى مش بكر، وينام معاها قبل الجواز، ويكش أو يبتعد بعد الجواز، ويلاعب اختها، وحاجات كده، نقوم نلم كل الحاجات دى على بعضها ونشوف مصلحة الست دى فين بالنسبة للقرار الأخير اللى بتقولى عليه، يا ترى هوا قرار طالع من جوه ومن علاقتها الحيوية بالجنس والحياة، ومعنى كده إنها حاتنيها تمارس الجنس والحب وتسيبها من الهبل اللى بيسموه سن اليأس ده ولا إيه؟ ما تنسيش إنها ماعندهاش عيال، وده امتحان تانى، يعنى ممكن يكون بيتيح لها فرصة إنها تكون مستقلة وهى بتواصل النضج، لأن البديل العادى إنها تدبل وتقعد محسورة إن مصنع العيال اتقفل قبل ما يفتح، أنا قلت لكم 100 مرة إن الست لا بتعجز ولا الراجل بيعجز، طول ما الواحد عايش أهو عايش، وهوه وشطارته، فالمشكلة بتبقى فى السن دى مش عيال وقلتهم، ولا حتى جنس وقلته، لأ، المشكلة هى مدى علاقتها بالحياة بعد الخبرات دى، حا تقدر تكمل وتتحرك، وتحب وتكره وتخون وماتخونش، وتقرر، وتعيا وتخف، وما تهمدشى، ولا بتدور على حتة ضلمة تستخبى فيها الكام سنة اللى فاضلين لها، لكن قولى لى أنا ما سألتكيش هوه عدم الخلفة ده من إيه؟ منها؟ ولا من جوزها؟
د.ناهد: عملوا تحاليل كتير وحاجات كتير، قالوا إن مفيش سبب
د.يحيى: الله أعلم، كلهم بيقولوا كده، الراجل يقول لك أنا سليم 100% والست تقول أنا سليمة 100%، بس الله أعلم، إحنا برضه نسيب هامش لاحتمالات أخرى،الظاهر احنا بنتعلم إن عندنا تلات وظائف تختص بيهم المرأة، مش وظايف يعنى مكلفة بيهم، لأه، قصدى أدوار أساسية فى وجود المرأة، الولادة، والأمومة، والتواصل، والتلاتة داخل فيهم الجنس بصور مختلفة، الأمومة ([61]) دى الظاهر وظيفة منفصلة، مايعرفهاش الرجالة أوى، إلا الرجالة الشطار قوى قوى اللى اتصاحبوا مع داخلهم، ومش حاقول لكم ازاى، الأمومة الظاهر فعلا منفصلة عن الحـَبَل والولادة، دى مغروسة فى البيولوجى لوحدها، صحيح هى بتفيد العيال وتحافظ على النوع من خلال تربيتهم، لكنها وظيفة مستقلة، ارتباطها بالجنس إحنا شاورنا عليه فى حالات قبل كده، وهى مش مسألة شاذة ولا أوديبية قوى بالمعنى اللى بيقول عليه فرويد، الوظيفة الأولانية قبل الأمومة هى دورها فى التكاثر يعنى حفظ النوع، وهنا الطبيعة بتدى الإناث رشوة محدودة لممارسة الجنس لحد ما يتم التلقيح، وهُبْ أخوك عند ابوك، ما فيش أيها ذكر يقدر يقرب للأنثى بعد كده، أما الوظيفة التالتة فهى الجنس بمعنى تجليات العلاقة الصعبة بين اتنين بشر، مش بمعنى التركيز على اللذة والغريزة المنفصلة وكلام من ده، لأ بمعنى العلاقة اللى بيكملها الجنس اللى قلنا عليه “تكملة جملة مفيدة”، الوظايف التلاتة بيختلطوا مع بعض بشكل غير واضح، وأحيانا بيغذوا بعض، وأحيانا لأه، المفروض إنهم بيخدموا بعض، الجماعة اللى سمعنا عنهم فى بلاد بره اللى بيتبنوا عيال، دول بيشبعوا وظيفة الأم من غير ما يمروا بوظيفة التكاثر، يعنى الجنس ممكن يبقى رشوة عشان يتم التكاثر، ويمكن يبقى لذة منفصلة تستعمل للتفريغ وخفض التوتر، وممكن ياخد تجليات متداخلة مع الوظايف التانية، أما الوظيفة التالتة إللى بيشترك فيها الجنس برضه وهى التواصل فهو بيبقى جزء من علاقة أشمل، يعنى يبقى عندنا ثلاث أدوار لأنثى البشر، وهما المفروض يكونوا وظائف عادية متداخلة فى بعضها من غير ما نعرف، لأنهم المفروض يعنى بيكملوا بعض، فلما واحده بتنقص ممكن الاتنين التانيين يعوضوها، … وهكذا.
نيجى بقى نبص للحالة بتاعتنا دى كمثال، عشان ما نعممشى أو نِـفتى من برة برة إحنا نبص نشوف الوظيفة الفلانية دى شبعت بصحيح ولا لأه، ولو ما شبعتشى نعمل إيه؟ أو هى شخصيا الست دى عملت إيه ونفع؟ وعملت إيه وما انفعشى؟ وهل حاتستمر واقفة فى المحطة اللى هى وقفت فيها ولا حاتواصل بعد ترييحة حتى لو كانت ترييحة مَرَضِية غريبة؟ ، كل ده قبل ما نقول إنها كانت على علاقة قبل الجواز، وبعد الجواز وكلام من ده، نشوف مين هىّ وخدت إيه وفاضل لها إيه، وليه، وكلام من ده، دلوقتى جوزها مش عايز ينام معاها لأسباب ما نعرفهاش، وهى بتحبه أو كانت بتحبه لغاية ما باين شعرت بالرفض من ناحيته، ومش بس كده، لأ وصل لها ملاعبته لاختها، وبعدين هى دلوقتى عاملة علاقة مع واحد باين عليه وصّل لها إنه احترم أنوثتها وقال لها أنا عايزك بالفعل، حتى على حساب مراته وأولاده، فهى اتخذت قرار فى اتجاه إنها تعيش، وانتى بقالك معاها ييجى أربع شهور، مش كده؟
د.ناهد: لأ خمسة
د.يحيى: ماشى، خمسة، تبصى تلاقى المسائل عايزة مننا يعنى إننا ندرس مش بس إن لها علاقة أو مالهاش علاقة، ده بيتطلب منّا إننا نحصل على معنى وتوظيف كل العلاقات المتاحة ليها دلوقتى، مثلا: يعنى نشوف جوزها بيروح يحب فى أختها عشان ناقصُهْ حاجة منها، ولا عشان يغيظها ويهينها، ويمكن بيعاقبها على علاقته بيها قبل الجواز، ما هو ما بيطلبهاش زى ما هى بتقول، طب اتجوزها ليه؟ إيه اللى جرى؟ وقيسى على ذلك، هى بتقول إنها بتحبه، أو كانت بتحبه، بعد الجواز برضه، يبقى لازم ندور هى بتستعمل كلمة حب ازاى لما وصفت علاقتها بجوزها ده، مش بس قبل الجواز، لأ وبعده، وهل اختلف المعنى عندها وعنده؟ وبعدين نشوف هى بتستعمل نفس الكلمة (حب) مع الراجل الجديد اللى متجوز ومخلف، لدرجة إنها مستعدة تتجوزه فى السر فى الغالب.
د.ناهد: لأ حتتجوزه علنى
د.يحيى: يعنى حايقول لمراته والاتنين حا يوافقوا، إذا كان كده وبالوضوح ده يبقى خير وبركه، بس انا مش متأكد، يبقى لازم نهدّى اللعب، وبرضه نبحث إيه اللى يخلى راجل عنده 54 سنة ومتجوز وعنده ولدين يروح يبتدى حدوته زى كده، لازم الست دى فيها حاجة كويسة غير شكلها، حاجة تستاهل، حاجة ماللى بتجذب الرجالة، طيب الحاجة دى ما بتجذبشى جوزها ليها ليه بعد ما اتجوزها؟ الظاهر يا ناهد فيه جهاز جوه البنى آدمين لازم نشوف طريقة لصيانته، الجهاز ده بقائى يعنى يبتدى من قصة التكاثر، فيه سيم عند الحيوانات تنادى بعضها عشان تحفظ النوع، وتبقى اللذة الجنسية رشوة عشان البقاء، فى الإنسان يخيل لى إن الأمور اتعقدت، الجهاز هو الجهاز، ويمكن اللذة هى اللذة، بس شكلها اتغير، ووظيفتها اتغيرت كمان، يعنى كل ده فى تصورى إنه عند البشر بيخدم إن الناس ما تبقاش ناس إلا مع بعضها، ولبعضها، ده بيحصل على مستويات متصاعدة ومتداخلة، يمكن وظيفته عند الست إنها تستحمل غتاتة الراجل وخيبته، أظن إن الجهاز ده وظيفته عند الستات أحسن وأهم، الجهاز ده هو اللى بينادى، مش بس عشان حفظ النوع والتكاثر وكلام من ده، لأ بقى، الظاهر إن ربنا والطبيعة حدّثته عشان حفظ النوعية، نوعيتنا إننا نكون بشر، إحنا عشان نبقى بشر لازم نتواصل، يقوم يبقى اللقاء جنسى وغير جنسى هو جنسى، والتواصل نفسه فيه لذة بجنس أو من غير جنس، الجنس يمكن ينفصل ويركز على اللذة، لكن التواصل يكتمل بالجنس فى الأحوال اللى بتسمح بيه، فما دام إنتى قد كده شطورة وعايزة تبذلى جهد وتبقى معالجة وتحسبيها صح غير حسابات المجتمع وغير الحسابات الأخلاقية وغير حسابات اختفاء الأعراض وإن ما عادشى بتجيلها نوبات وكلام من ده، يبقى لازم تدورى على مقاييس تانية وحسابات تانية، حسابات السن، وحركة النمو، وأزمة منتصف العمر، وعندك قلة الخلفة، وعندك الخبرة والحركة والتغير والتحول، وإذا كنتى يعنى اتصالحتى مع المدْرسة بتاعتنا ومعنى ضرورة إننا نتواجد مع بعض، عشان نبقى بشر، يعنى نوع الحياة اللى تخلينا بشر، مش نوعية الحياة بتاعة الهـَـبـَـل والرفاهية بتاعة شركات الداوء الحرامية، لأه نوعية الحياة اللى نفخر إننا نقدر من خلالها نعيش بشر لحد ما نموت، ما هو يا إما كده، يا إما نعلن تفليسة جنسية وفكرية وتواصلية، واخده بالك، أنا عارف إنى صعبتها عليكى لأن حِسبتك بالشكل ده حاتخليكى بعد قرارها ده، اتنفذ أو ما اتنفذشى، مش تفكرى إنك تنهى العلاج، زى ما ابتديتى سؤالك، لأ ده يمكن تخليكى تفكرى تبتدى العلاج فى مرحلة تانية، ده اللى بنسميها “إعادة التعاقد” وتحديد هدف جديد، بمقاييس جديدة، من ناحية تتعلمى، ومن ناحية تساعديها ما دام هى نشطة ومصحصحة وعمالة تعمل علاقات، وتشوف وتتراجع، وكلام من ده، وأظن هى مع تحملك ليها هى حاتطمّن وتبطل تعمل الحركات اللى بتعملها دى سواء بالمرض أو بالتنطيط، لأنها حاتلاقيكى واقفة جنبها سند أموى وسند أبوى وسند سلطوى وسند اجتماعى، يعنى انتى ممكن تبقى بالنسبة لها موقف داعم من نواحى كتيرة تعرفى شوية منها، والباقى مش مهم تعرفيه، لأن استمرارها فى اللى يكبرها بيقول إنه موجود بينكم والحمد لله، وإنه موجود بدرجة معقولة هى اللى محافظة على العلاقة
د.ناهد: بس أنا فى الفترة دى كنت بافكر يعنى إنى بدل ما كنت باقابلها كل أسبوع، أباعد المقابلات شوية، مش ضرورى كل أسبوع
د.يحيى: هى عايزة تيجى كل أسبوع؟
د.ناهد: أيوه، أنا اللى عايزة أخليها تيجى كل أسبوعين
د.يحيى: أنا باسأل عليها هى؟
د.ناهد: لأ أنا اللى طرحت الاقتراح
د.يحيى: هوا انت ليه قلقانة من مجيئها ليه؟، إوعى تكونى خايفه منها
د.ناهد: شوية
د.يحيى: عندك حق، خايفه منها من إيه؟ إن إيه؟ إن يحصل لك إيه؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم
د.ناهد: يعنى هى لما قالت لى كل ده، حسيت إنى أنا قلقانة أوى ومش عارفة أكمّل
د.يحيى: إنت خايفه منها أكتر، ولا خايفه عليها أكتر
د.ناهد: لأ خايفه
د.يحيى: منها
د.ناهد: شوية
د.يحيى: إن إيه بقى لا قدر الله
د.ناهد: يعنى يمكن فى الأول كان رأيى لما ابتديت معاها الـجلسات خالص…. (صمت )
د.يحيى: (بعد السماح بالصمت مدة ما..)، هه حصل إيه لما ابتديتى الجلسات؟
د.ناهد: أصل انا لما بابدأ مع حد وكده، بيكون فى بالى تصور حاوصل لإيه بالـجلسات دى، يعنى بالعلاج ده، قصدى حاوصل لإيه بالكلام وكده، فأنا لما حسيت إن أنا حاتكلم معاها ونبدأ نعمل شغل فى الموضوع ده، إن ممكن ده يوقف علاقتها شوية بالراجل التانى، فلقيت العكس تماما، إن هى مستريحة للى احنا بنعمله، بس رايحة الناحية التانية، وخلاص حاتتجوزه
د.يحيى: تبقـِى خايفه من إيه بقى؟ قومتى انتى خوفتى من إيه بقى؟
د.ناهد: مش عارفة
د.يحيى: طب خلاص، قولى مش عارفه وخلاص يابنتى وريحى نفسك، ده حقك، ومنتهى الأمانة إنك تبقى مش عارفه، أنا برضه حاطنـّش، مافيش أى مشكلة، الزمن، والإشراف، والكبران حايحلوا أمور كتير واحدة واحدة، المهم إنك فهمتى إن أحسن لك، وأحسن لها إنك تكملى، وما تنسيش إنك تلاحظى الفرق بين الاستشارة الأولانية، والاستشارة التانية وما فاتشى بينهم غير تلات شهور، وشوفى موقفك ومشاعرك، ومخاوفك، مع التغيرات اللى حصلت بالنسبة لها، وحاتلاقى نقط الاهتمام اتغيرت، وكمان حاتلاقى الأهداف (المتوسطة) والمقاييس اتغيرت، ثم إن احنا ما زال ناقصنا معلومات كتير، وكل معلومة حاتوصل لنا حاتفيدنا فى هدف أرقى فى العلاج، وحاجات من دى، وما تخافيش من إنها ريّحت بالشكل ده، خطوة السكون دى هى خطوة برضه تبع حركة النضج، كل سكون إذا كان صاحى، بتيجى بعده حركة مختلفة غالبا. السكون مش سلبى على طول الخط، يمكن يكون إلتقاط أنفاس، ومش ضرورى يكون هرب فيما يشبه الصحة زى ([62]) ما قلنا قبل كده،
وما دام احنا متطمنين على حساباتنا المبدئية، وما دام بناخد وندى مع بعض باستمرار زى ما انت شايفه أهه، آدى احنا رجعنا لها مرتين فى تلات شهور، يبقى فيه فرصة نحصل على مزيد من المعلومات، تمكّـنا من اتخاذ قرار موضوعى فى قرار موضوعى معاها لصالحها، ونقعد، ونغير ونبدل مع اللى نشوفه صالح، أول بأول.
أما إنك تنسحبى عشان هى استريحت، أو تخلى المقابلات كل أسبوعين، فاسمحى لى،
لو كانت هى اللى طلبت إنكم تباعدوا الجلسات، كنت يمكن وافقت، أو فكرت بطريقة تانية، لكن طالما هى ما طرحتشى الاقتراح ده، يبقى انت مستعجلة على أيه؟
****
التعقيب والحوار:
أ. محمد المهدى
ما هى حدود الفرجة إذا ما استُعْمِلت لصالح المريض؟! وما هى المؤشرات التى تدعو المعالج لمراجعة نفسه وعدم الانصياع وراء الفرجة (ولو بدعوى التعلم) حتى يعمل ما هو فى صالح المريض؟
د. يحيى:
هذا يتوقف على وعى المعالج بمهمته ومدى ونوع إشرافه على نفسه، ثم مشاركته فى جلسات الإشراف، خاصة حين يعجز عن تقييم موقفه، أو عن التمييز بين الفرجة السلبية، وبين الفرجة للتعلم التى تصب فى النهاية فى صالح المريض، فالمرضى
وفى نهاية النهاية، كما هو الأمر دائما، لابد أن نقيس خطواتنا طول الوقت بما هو فى صالح المريض على أرض الواقع، كل مريض على حدة، علما بأننى لابد أن أقرّ أن الحد الفاصل بين الفرجة للفرجة، والاستطلاع للتعلم هو خفى جدا، ولذلك فالأمر يحتاج إلى جهد ومشورة دائما.
أ. محمد المهدى
معنى ذلك أن لكل حالة واقعها الخاص بكل تجلياته، وأنه لا يصح التعميم على باقى المجتمع، فهذه ليست مهمتنا، ولا هى من أصول من مهنتنا.؟
د. يحيى:
هذا صحيح
أ. محمد المهدى
إذن السكون ليس سلبياً طوال الوقت، فقد يكون نقطة بداية لانطلاقة جديدة.
د. يحيى:
هذا ما عنيتُه تماما.
أ. رباب حمودة
إزاى أبعد موقفى الاخلاقى وقيمى عن العلاج وأكون مجرد سنّيدة؟ وحتى لو ماقلتش رأيى صراحة، اظن انه بيبان على موقفى حتما.
د. يحيى:
عندك حق، الموقف الأخلاقى أو الدينى أو الأيديولوجى يصل إلى المريض حتما بالرغم منا، لأن جزءًا كبيرا منه هو لا شعورى، وكل المطلوب هو الا ينقلب العلاج وعظا وإرشاداً، وأن يراجع المعالج موقفه هذا، وأن يحاول ضبطه أولا بأول، وأن يستعمل فى ذلك كل مستويات الإشراف، بما فى ذلك الإشراف الذاتى، لكن ننصح فى هذه النقطة بالذات ألا يكتفى بالإشراف الذاتى.
د. أسامة فيكتور
اتعلمت حاجات كتير:
1- الاستمرار فى العلاج رغم حيرة وزهق المعالج له فائدة للمعالج وللمريض.
2- الفرق بين التعاطف والسماح والفرجة والعلاج.
3- التداخل الصعب بين ما هو: “جنس” و”حب” و”خيانة” و”جوع” و”قلة شرف” و”نمو”، يا خبر!!
دى حاجة تحير وتخلّى الواحد أحياناً يفكر يبطل علاج.
د. يحيى:
تبطل علاج؟ أم تبطل علاج نفسى؟ أم تبطل طب نفسى؟ فإذا فعلنا ذلك كلنا هربا من الصعوبة، فمن يعالج هؤلاء المرضى الطيبين؟ والمريضات المتورطات أو الثائرات؟ هل نسلمهم لشركات الدواء “مع مخصوص” لإخماد كل حركة بداخلهم؟ أم نلقى عليهم خطب الترهيب والترغيب ليتم الانضباط النمطى من خارج الخارج، يا رجل دعنا نقوم بمسئوليتنا، وكله بثوابه.
د. زكريا عبد الحميد
أرى عدم اغفال البعد العضوى/البيولوجى فى حالة هذه السيدة لاحتمال أن تكون من ذوى القدرات الجنسية العالية .
د. يحيى:
يا رجل!! يا سيدى الرجل!!! يا صديقى، يا عم زكريا، بُعْد عضوى ماذا هذا الذى تتكلم عنه؟ وأى خط بيانى هذا؟ المسألة ليست أردبا من الشعير ينقص كيلتين أو يزيد عشرين قدحا، الجنس حياة تنبض فى بقية مكونات الحياة، والمرضى أكثر صراحة، وصعوبة، وتعثراً، وتعرية من الأسوياء، وهم يقلبون الأمر لمن يجرؤ على تعريته بشكل تلقائى يتحدى.
د. عمرو دنيا
أرى أن العنوان “عن التعاطف، والسماح، والفرجة، والعلاج” هو عنوان جيد، وخاصة “السماح”، فالحالة بها قدر كبير من الاحتياج الذى قد يجبر المعالج على أن يسمح بما هو موجود سعياً لبديل أفضل، أو درجة أكبر من النمو، كما أن سماح المعالج الذى قد يصل لدرجة استعمال المريض له ولو لبعض الوقت، قد يكون مفيداً مرحلياً فى بداية العلاقة العلاجية، حين يستعمل المريض المعالج فى الحدود المناسبة، وهو الذى قد يكون استعمالا جيدا لما فيه من سماح طيب.
د. يحيى:
ربنا يسهل،
وقد نستطيع أن نتبين باستمرار، وفى الوقت المناسب “الحدود المناسبة”.
د. نعمات على
أصبحت أدرك أن نمو المعالج يسير مع نمو المريض كأنه ترمومتر للاثنين معاً، كما أصبحت أدرك أن صعوبات المعالج تؤثر على المريض، فكنت فى البداية أخبئها فأجدها تظهر رغما عنى، فأصبحت أشعر أننى لابد أن أعمل مع نفسى مثل المريض، فأحسست بالصعوبة.
د. يحيى:
روعة الصعوبة أنها تدعونا إلى شرف المواجهة، السهولة التى هى عكس هذه الصعوبة، تقدم حلولا جزئية، أو مؤقته، وإن كانت تعتبر حقا للمعالج، ولو بعض الوقت، فهى استراحة مشروعة، لمن اختار الصعوبة الشريفة.
د. تامر فريد
وصلنى ان شغلتنا دى صعبة قوى، وخايف لتكون بتحرمنا من العمى الإنسانى العادى …..، وخايف لنكون إحنا بنتفرج، ومش بننزل الملعب.
د. يحيى:
من ناحية صعبة، فهى صعبة!
ومن ناحية “عَمَى الانسان، فهو حق للانسان العادى”، ونحن لسنا إلا بشرعاديون، لكننا اخترنا أن نتصدى لما بعد ذلك
أما من ناحية أننا نتفرج ولا ننزل الملعب، فهذا وارد، لكن الوعى به، وحمل مسئوليته هو المطلوب ليقل ذلك مع زيادة الخبرة واضطراد النضج
علينا أن نتجنب أن نحكم على من فى وسط البحر المتلاطم، بينما نحن نقف على الشط نعطى دروسا فى العوم،
د. مروان الجندى
حضرتك ذكرت أن الأمومة منفصلة عن الحبَل والولادة وأنها مغروسة فى البيولوجى لوحدها.
هل معنى ذلك أن الحمل والولادة غير مغروسين فى البيولوجى؟
د. يحيى:
لا طبعا، كله فى البيولوجى، انفصال الأمومة عن الحمل والولادة هو انفصال مرحلى، بل تكاملى، قصدت أن أؤكد أن الأمومة تظل حقا بيولوجيا عند المرأة (وعند الرجل بينى وبينك) حتى دون حمل أو ولاده.
لكننا نبدأ أو ننتهى بحقيقة أن: “كله فى البيولوجى”
د. مروان الجندى
– أعتقد أن من تتبنى طفلا لتشبع أمومتها لن تستطيع لأنه سيكون هناك جزء داخلها يخبرها أن هذا الطفل ليس جزءاً منها لأنها لن تمر بخبرة الحمل والولادة.
د. يحيى:
ليس بالضرورة، إذا صحّ الفرض الذى طرحتُه، وحوارات مستويات الوعى يمكن أن تقوم بالواجب حسب النظريات الأحدث.
د. محمد شحاته
لاحظت أننى لا أطمئن فى أغلب الأحيان لذلك المريض الذى يظهر طواعية واستجابة فى خطوات العلاج الأولى. يشعرنى ذلك بقدر كبير من الاعتمادية وعدم وجود حركة جدية من جانب المريض.
د. يحيى:
ليس تماما.
علينا أن نضع فى الاعتبار “عدم وجود حركة جدية من جانب المعالج” أيضا.
أ. عبده السيد
مش فاهم كترة تداخل سيادتك مقاطعا الزميلة وعدم سماع المعلومات كاملة، هل ذلك خوفاً منك عليها، أم رفضاً للحالة.
د. يحيى:
لا هذا، ولا ذاك، هذه هى طبيعة هذا الإشراف الذى هو –بديهيا- ليس تداعيا حرًّا، “ساندوررادو” كان يقاطع مرضاه رفضا للتداعى، وتربيطا للحوار، فما بالك بمقاطعة السائل والمستشير!
أما خوفى عليها وعليك وعلى نفسى فهو وارد دائما.
وأخيرا فإن “رفض الحالة” مرفوض مرفوض!!
كيف يمكن ذلك أصلاً؟
أ. عبده السيد
أرى أن العرض المتتابع للحالة افضل بكتير من عرض مقتطف واحد،
وصلنى جدا خوف زميلتى من التكمله وكمان وصلتنى أمانتها فى عرض خوفها لمواجهته ولو بصورة ضمنيه.
د. يحيى:
عرض الحالة كاملة يتم فى باب “حالات وأحوال”
أما فى هذا الباب “التدريب عن بعد”، فنحن نكتفى بالنقطة التى يعرضها المعالج، وقد كررنا التأكيد على هذه التفرقة قبل ذلك مرارا.
أ. عبده السيد
– وصلنى قد ايه الشغلانة دى صعبة، والوعى بها اصعب، والفردية فيها مستحيلة.
د. يحيى:
هذا كله صحيح.
أ. عبده السيد
– تكرار الاعتذار ان المرضى “عينة غير مُمَثِّلة” خوّفنى جدا، لأنى لما فكرت شويه لقيت إن اغلب ما يصلنى عن المجتمع فهو من المرضى، حتى الكلام مع الناس بقى مصبوغ بلغة الشغل.
د. يحيى:
لقد شككت فى هذا المصدر طويلا مثلك تماما، لكننى عدت أعترف أنهم أقرب إلى الحقيقة البشرية، وأكثر كشفا، ولكننى أحاول أن أتجنب التعميم ما أمكننى ذلك.
أ. عبد المجيد محمد
صحيح أن “ربنا هو اللى حايعاقب المريض مش إحنا”، لكن أنا مش باقدر أفصل بين مبادئ المجتمع والدين وبين دورى كمعالج.
د. يحيى:
هذا فصل صعب فعلاً، برجاء قراءه ردّى على الابنة “رباب حمودة” فى أوائل الحوار.
أ. عبد المجيد محمد
وصلنى الفرق بين التعاطف والسماح والفردية وعلاقتها بالعلاج.
د. يحيى:
ياليت.
أ. رامى عادل
أما بالنسبة للبقاء والتواصل واللقاء والجنس واللذه: متهيأ لى الست مجروحه، والرجل زى ما يكون معاه مشرط وبيناولها، وهى يا ولداه اصلا مجروحه وجرحها مفتوح! اما ان الست تعترف بانها فى احتياج ده بيكون قدام راجل يستاهل انه يشوف الجرح، ويتعامل معاه، وفى حاجات بتفكر الست بالوجع او بالجرح اللى جوه وبره، وماظنش ان فيه رجاله كتير اوى متعودين يتعاملوا مع جرح الست اللى بينزف على اساس انهم سبب فيه، جرح الست الجوانى والبرانى، بيحتاج لرجل ينسِّى الست انها بتنزف، ويروح بيها منطقه تطمنها انها حيه مش مقتوله وهو، يعاملها بنديه، مش انها اقل، متهيالى محتاجين نخاطب عقلها، نطلع فوق لدماغها، نلاقيها حكيمه، ومش مستهتره، ماحدش يقدر ينكران الستات مفلوقين، فلازم نكون عاقلين وياهم، ونلغى احتياجنا اللى بيفكرهن انهن تحت رحمتنا، واننا جلادين، وواحده واحده الست (والرجل) بيتلاقوا وبيحطوا اسس متينه للعلاقه، وربنا بيثبتهم، وماننساش ان الثقه اللى بتتبنى بين الطرفين بتترسخ، طالما هما الاثنين عايزين يكبروا ويعرفوا، والست الناصحه ماتستسلمش وماتتعافاش برضه، لكن تحترم لحظات الصدق وتكمل بيها، وياما ناس عاشوا حياتهم فى انتظار لقاء حميم، يصبرهم ويقويهم، ويعرفهم ايه نقط القوه، فيتحملوا بقية المشوار ويتزودوا.
وده كلام عام يا اعزائى باشاور بيه على جهاز حفظ النوع واللذه والجنس والتواصل.
د. يحيى:
حلوة منك يا رامى حكاية “يا أعزائى” هذه، كأنك تخاطب أطفالا فى برنامج خاص بهم.
يا عزيزى رامى، حين “تعقل” هكذا أفتقدك وفى نفسى أفرح بك،
وحين تُجَنّ بالسلامة، أفرح بك أيضا، ولم أعُدْ أخاف عليك.
أهلا.
م. محمود مختار
وردت عبارة “إحنا ما عندناش موقف أخلاقى عام بندافع عنه” هل ده أحد ركائز العلاج النفسى بوجه عام أم ده رأى حضرتك؟ وهل كل الدكاترة بيقدروا يعملوا ده ولا لأ؟
د. يحيى:
لا أستطيع أن أعمم، وأنا مسئول عن رأيى، وأنا لا أنفى موقع الأخلاق، وإنما أنبه أن نوع الأخلاق المتعلق بالنضج والمسئولية يختلف عن نوع أخلاق الترهيب والترغيب أو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأعتقد أن هذا صعب لو أخذناه على إطلاقه
ويمكنك التأكد من تقديرى لهذه الصعوبة سواء وأنا أرد على المعالجة د.ناهد، أو وأنا أرد قبل قليل على صديقتنا رباب حمودة.
الحالة: (36)
توريط المعالج فى غير مهمته ([63])
د.أحمد شاكر: صباح الخير يا دكتور يحيى، هى بنت عندها 25 سنه حضرتك كنت محولهالى فى العياده من شهرين، هى التالته من اربع أخوه والدها بيشتغل مهندس على المعاش ووالدتها فى التعليم.
د.يحيى: واخوتها
د.أحمد شاكر: هى ليها أخ واخت اكبر منها واخ أصغر منها هما كلهم تعليم عالى، الاخت الكبيره مابتشتغلش متجوزه ومابتشتغلش.
د.يحيى: بقالها معاك قد ايه
د.أحمد شاكر: بقالها معايا شهرين .كانت بتخش فى انشقاق (هستيرى يعنى) بقالها فتره طويله جدا، سنين يعنى أنا رصدت أول مره مثلا من عشر سنين، كانت بتخش فى تغير طفيف فى الوعى، بيتهيألها فيه حد بيلمس جسمها فى أماكن حساسة، وكانت بتصرخ بعدها، ولفو على شيوخ كتير، والجن ومش الجن فترة طويلة جدا يعنى، المهم: البنت أتخطبت قبل كده مره وفسخت خطوبتها، وكانت فيه قصه حب مع واحد قعدت أربع أو خمس سنين قعدت معاه قصه حب حقيقية بس أنتهت برضه بالفشل والولد ما أتقدملهاش، فى خلال العلاقات دى كلها ماحصلش أى علاقة جنسية كاملة، وهى كانت راحت آخر حاجة لقسيس قال لها لأ دا مش جن دا حاجة نفسية
د.يحيى: فين المشكلة؟
د.أحمد شاكر: المشكلة الحالية، غير الانشقاق (والجن) والحاجات دى إنها عاوزه تطلق من الشاب اللى كاتب كتابه عليها بقالها أربع شهور، هى طول الوقت العلاقات بتاعتها إن هى ما كانتش بتستحمل أن هى تقرب أوى، من أى حد يعنى، تفضل تقرب لحد العلاقه ما تقلب جد بصحيح ماتستحملش وتفركشها، أنا حسيت إنها مابتستحملش القرب من أصله، فلما أصرت على الطلاق طلعت فى خطيبها (جوزها) البدع، بتقول لا شكله ولا طريقه كلامه وإنه بيكذب، هو الولد فيه صله قرابه بينه ومابين والدتها، دلوقتى هى رافضاه وعاوزة تطلق منه قبل ما تتم الدخلة، ما هو الحكاية كتب كتاب بس.
د.يحيى: لما تكون واحدة مخطوبة أو مكتوب كتابها إنت بتتعرف على عواطفها ناحية خطيبها إزاى؟
د.أحمد شاكر: هو أنا باخد الموضوع من الاول أنتى اتعرفتى عليه أزاى وكده
د.يحيى: وإيه كمان؟
د.أحمد شاكر: أنا بسألها برضه بشكل مباشر إنتى بتحبيه
د.يحيى: أنا عايز ألفاظ بالظبط يعنى بتسألها كدهه بتحبيه: “أه” أم “لأ”
د.أحمد شاكر: أيوه: بتحبيه ولا ما بتحبيهوش
د.يحيى: يعنى إذا قالت لك أنا باحبه تبقى بتحبه، وبالعكس!!؟ ولأ إيه؟
د.أحمد شاكر: باسألها ممكن تكملى معاه ولا لأ؟
د.يحيى: وكمان سؤال
د.أحمد شاكر: هل فى ضمانات لو سيبتيه؟
د.يحيى: هوّا احنا يا ابنى فاتحين سوبر ماركت!! ضمانات ايه يا ابنى. ماشى، ايه تانى؟ قصدى يعنى تخش على أمور علاقاتية بطريقة غير مباشرة.
د.أحمد شاكر: أنا أجلت الكلام معاها فى موضوع الطلاق ده خالص دلوقتى
د.يحيى: شوف يا ابنى: أنا بسأل البنت من دول: هو دمه خفيف على قلبك؟ ما باسألشى هو جذاب ولا لأ، قبل جذاب ومش جذاب باسأل: إنتى بتبصى فى الساعه كام مرة وانت قاعده معاه؟ وبعدين باسأل انتو لما بتقعدوا مع بعض وتخلصوا باحبك وواحشنى بتعملوا إيه وتتكلموا فى إيه، مدة قد إيه، وباسأل بتتكلموا فى التليفون الساعة كام بالليل وكام ساعة كده؟ وبتزهقى إمتى؟ وباسأل: لما ما تتقابلوش شهر لظرف كده ولا كده بتفكرى فيه إزاى وتعملى إيه، وبصراحة أهم الأسئلة دى حكاية دمه خفيف على قلبك، والإجابة تترواح بين ” يا باى!!” وبين ابتسامة جميلة من غير كلام أصل كلمة الحب بينى وبينك كلمة غامضة ومتلونة، فالأسئلة دى كلها أهم من بتحبيه ولا لأ، كلمة الحب ساعات تعنى احتياج، وساعات تعنى خيبه، وساعات تعنى عَمَى، إنت فعلا مسئول ولازم تقييم العلاقة من وجهة نظرك لكن يطريقة غير مباشرة.
د. أحمد شاكر: ما هى زنقتنى فى ده .
د. يحيى: طيب نكمل الأول: فيه ابعاد تانية لازم تعرفها عن الشخص ده بطريق مباشر أو غير مباشر زى مثلا: هو مسئول عموما، ومسئول عنها بوجه خاص ولا لأ؟ بأمارة إيه؟ وبرضه حكاية البخل، يا ساتر يارب!! كل ده أهم من حكاية الضمانات، أنا مش فاهم قصدك ضمانات إيه؟ مادية يعنى، ما هو أبوها وأمها قايمين بالواجب ومطلعين عينه غالبا.
د.أحمد شاكر: أصل أحنا لسه ما اتفقناش إنها تكمل الجوازة دى ولا لأ
د.يحيى: ما هو أنتم حتاخدوا قرار بناء على التقييم ده، فيه حاجت تانية لازم تفحصها بدقة، خصوصا حكاية الانشقاق والجن واللمس والكلام ده، دى مش واحدة عادية وبتتكلم فى شروط عدلها وبس، دى واحدة بتتلبسها جان من سن خمستاش سنة، وبيلمسوها فى مواضع حساسة، هوّا أنت نسيت؟ ثم لازم تفحص علاقتها بأبوها نشوف فيه وجه شبه بين خطيبها وبينه أو العكس، يمكن نقيضه؟
د.أحمد شاكر: والدها بيقول لها أنا فى الاول وفى الاخر تحت أمرك، بنتى ومكتوب كتابها وانا عاوزها تكمل الجوازه، بس أنا مش هاوصلها لمرحله ان هى تتجوز غصبن عنها لو وهى مش موافقه خالص لأ تطلق منه وهى ونصيبها
د.يحيى: أنا مش باقول لك نشوف رأى أبوها، أنا باقول ندرس وجه الشبه، ثم إنك قلت من الأول إنها بتخاف من القرب مش كده؟ وبعدين إوعى تصدق أبوها لما يدعى أنها حرة.
د.أحمد شاكر: فعلا، أنا حاسس طول الوقت إنهم بيوصلوا رسايل عكس كده
د.يحيى: حرّ مين ياعم؟ هو فيه حد حر، هوّا أبوها حر؟ أنت قابلته، شفته
د.أحمد شاكر: شفت صورته لكن ماشوفتوش هو شخصيا، هى اللى نقلت لى كلامه
د.يحيى: يا شيخ حرام عليك هى الصورة حاتبين حاجة؟
د.أحمد شاكر: أنا شفت شكله
د.يحيى: اسم الله، وعرفت موقفه من شكله! ثم إنت بقالك معاها يا دوب شهرين همّا لبسوك كل المسئولية دى على طول كده ليه؟
د.أحمد شاكر: الظاهر أنا اللى كنت متحمس شويتين
د. يحيى: وسبت المرض، والجان، والانشقاق، ودلالة اللمس فى مواقع حساسة، وخوفها من القرب، وقاعد تقيم فى خطيبها وتحوش فى طلاقها
د. أحمد شاكر: أنا لقيت نفسى متورط، لأن معاد الدخلة قرّب جدا
د.يحيى: وهوّا خطيبها ده عارف إنها بتتعالج؟
د. أحمد شاكر: ماهى دى فيها أزمة برضه
د.يحيى: يا أخى مخبيه عليه ليه ما دام مش عايزاه، ما تقول له أنا باتعالج وباعمل كذا وحققت كذا، وباكلم مع الدكتور فى موضوعنا، دا جزء لا يتجزء من الاتفاق، فمن ناحية هو من حقه يعرف، ومن ناحيه تانية هى تقدر تفقسه من موقفه من دّه، يعنى كده هى تروح راميا له الكورة، تشوفه هايعمل إيه. هو لو أبوها كان متحفظ إنه يعرف إنها مريضة أو ملبوسة، دا من حقه، يمكن خايف يشنع عليها بعد ما تسيبه، إنما هى اللى عايزة تفركش، يبقى ترمى الكورة فى ملعب خطيبها من غير إذن أبوها.
د.أحمد شاكر: هو فيه حاجه كمان هى البنت شخصية مصحصحة وشخصية قوية ومتحركة وبتروح وبتيجى وكانت بتشتغل وسابت الشغل بقالها 3 أسابيع الواد عكس كده، كاشش وبيتذلل، وأنا اخذت المعلومات دى من والدتها
د.يحيى: بصراحة أنا شايف إنهم بيستعملوك زيادة عن اللزوم، إنت تهدئ اللعب من ناحيتك، وتسيبهم يدبروا أمورهم، ويا دوب تنور هنا، أو تسند هناك، وتستنى تشوف هما حايعملوا إيه، ماتنساش إنك معالج لا أكثر ولا أقل، إنت تركز على الشكوى والأعراض، وترجّع لهم أسئلتهم أول بأول وهما يتصرفوا، لحد ما الأمور يا تتحل، يا تتعقد أكتر ويبان تناقضات وصعوبات تحتاج لتدخل أكثر نشاطا ودفعاً.
****
التعقيب والحوار:
د. مدحت منصور
هناك مشكلة فى التعامل مع الطبيب النفسى وهى نشأة علاقة إنسانية تختلط فيها الأدوار المحددة فأحيانا يأخذ الطبيب دور الخاطبة أو الأخصائى الاجتماعى ليحل مشاكل لا تتعلق بالمرض وأحيانا يحدث أن يحاول المريض مساعدة الطبيب أو التعاطف معه فيما يخص حياته الشخصية مثلا يحاول أن يلعب هو دور الخاطبة لطبيبه، إن العلاقات الإنسانية لابد وان يحدث فيها مثل هذا الخلط.
د. يحيى:
الخلط وارد، ولكن ليس بالضرورة إلى هذه الدرجة،
هو اضطرار إنسانى.
لكن لابد أن تكون للمهنة حدودها، ومقاييسها، وأهدافها المختلفة دون الاكتفاء بحسن النية، ومع الحذر من خلط الأدوار طول الوقت.
أ. رامى عادل
لازم الاتنين يتمحوروا جوه، وطول الجلسه، اللى مابيقدرش يعمله بره الجلسه يطلعه فيها، والطبيب يعيش اى دور يريحه، ان شالله يعمل ايرما لادوس، هو حر، يتقمص زى ما هو عايز، اما انهم يتكلموا فى مواضيع شائكه بالنسبه لمهنة الطب والتخصص، فده حسب العلاقه بينهم، ممكن الجلسه كلها تتحول لمسرحيه، يعنى ممكن مايتكلموش فى اى حاجه مهمه من اساسه، ويستفيد العيان بانه حس انه مع انتيمه، مش قاعد مع حد بيتجسس عليه، وكل واحد وشطارته، المهم ان الطبيب يكون هو الانتيم، او يقوم بالدور ده من غير ما يجرح العيان، يعنى يبقى مسلى ومسرحى ان لزم الامر!
د. يحيى:
يا عم رامى، واحدة واحدة، إرما لادوس، إنتيم، مُسلى، مسرحى .. ما هذا؟ إنت بابا وانت ماما وأنت أنور وجدى،
لكن التنبيه على أنه “مش قاعد مع حد بيتجسس عليه”، هو تنبيه مهم فعلا.
د. نعمات على
لغاية دلوقتى مش عارفه افصل بين أنى أكون زى ما حضرتك بتقول، “أكون والد أو أخت المريض وأكون معالج حتى لا أنسى وأتمادى فى مسئوليتى”.
د. يحيى:
عدم الفصل وارد، لكن الانتباه إلى خطر الخلط ضرورة.
د. هانى مصطفى على
سؤال: حكاية الحب قبل الزواج، هو شرط ولاَّ إيه؟
ولو كان شرط، شكله يكون إيه؟
ولو ما كانش متوافر، هل معنى كده إن الجوازه مكتوب عليه الفشل، ولاَّ كفاية شوية اقتناع قبل الجواز، وصبر وتحمل بعده والمركب تمشى.
د. يحيى:
الحب عملية مستمرة، وليس حدثا عابرا، وهو يتخلق بقدر الجهد الذى يبذل فى الحفاظ عليه ثم فى تجديده، وليس بقدر الاستسلام لضربة حظ،
وكلام كثير من هذا… أعتذر عن التمادى فيه هنا والآن، وإن كنت أخشى أن أضبط نفسى أتمادى.
عموما فما بلغنى من إحصاءات حتى من بلاد الشمال المتقدمة هو أن زواج الحب لا يقل فشله عن الزواج المرتـّب بالتعرف أو الوسائط، وربما يرجع ذلك إلى غموض تعريف ما هو “حب”.
د. هانى عبد المنعم
أرى أن انسحاب المعالج إلى ما هو فى غير مهمته، يلغى الصفة العلاجية للمعالج عند المريض ولو تدريجيا، خاصة إن كان فى بداية العلاقة العلاجية.
د. يحيى:
المسألة ليست انسحابا صرفا، ولكنها ورطة محتملة ينبغى أن ننتبه لها، لا أكثر
أ. عبير رجب
أنا مع حضرتك إن المعالج يجب ألا يورط نفسه فى أمور يريدها المريض أو أهله فيبتعد عن المهمة الحقيقية والمشكلة المرضية الأساسية لديه.
د. يحيى:
هذه هى أهم وظيفة لهذه النشرة بالذات.
أ. هالة حمدى
شايفة أنهم رموا الحمل والمشاكل على المعالج بسرعة، يعنى فى فترة قليلة شهرين، وأن المعالج متورط دلوقتى لأن دخلة البنت دى قّربت ولازم الحسم يكون فى وقت قليل يا أما تكمل مع خطيبها (جوزها) يا أما تسيبه.
د. يحيى:
فعلا، يبدو أن عامل الوقت هو الذى استدرج المعالج هكذا، عذرُتُه نسبيا.
أ. هالة حمدى
مش فاهمة موقف البنت دى ليه ما قالتش لخطيبها إنها بتتعالج؟ هل هى خايفة يسيبها، ولا خايفه يقول عليها مريضة وبصراحة الاثنين حايودوها لنفس السكة اللى هى عايزاها، (إنها تسيبُه)
د. يحيى:
لو صح الاحتمال الذى طرحتيه، فربما يسهل لها تحقيق ما تدعيه وهو إصرارها على الترك وإفشال الاستمرار،
وقد ناقشنا هذا الموضوع فى نشرة سابقة: هل يخبر الخطيب (أو الخطيبة) شريكة المستقبل بتاريخه (المرضى) أم لا؟
برجاء الرجوع إلى ذلك (وإن كنت غير متأكد أن هذا هو ما تريده فعلاً!!)
أ. محمد اسماعيل
حضرتك مرة فى حالة تقول إن لازم يبقى فيه موقف واضح، والمرة دى تقول أهدى اللعب وماخدش قرار، مش فاهم أمتى أعمل كده؟
د. يحيى:
يا أخى، ألم يبلغك أن المسألة (العلاج النفسى) هى مسألة “ضبط الجرعة” و”حسن التوقيت”،
كيف أرد عليك بالله عليك إلا فى كل حالة على حدة؟
أ. محمد اسماعيل
أنا شايف إن اللى عمله المعالج ده هو جزء من العلاج، علشان كده معترض على العنوان، المشكلة الفرعية دى ممكن ماتكونشى الأساس، بس ممكن تكون مدخل ومدخل جيد كمان.
د. يحيى:
“مدخل”، نعم
أما أن تأخذ هذه المسألة الفرعية موقعاً وأهمية أوْلى، فهذا لا يبرره إلا ما نبهتنا إليه حالا “هالة حمدى” من مسألة اقتراب موعد “الدخلة”.
برجاء الرجوع إلى رأيها وإلى الرد عليها.
أ. محمد اسماعيل
محكات تقييم العلاقة بين البنت وخطيبها بشكل موضوعى مفيدة جداً.
د. يحيى:
خلِّ بالك، انت خاطب جديد، وسوف تتبين أكثر فأكثر صعوبات التقييم، ربنا يتمم بخير
ويستر
د. أسامة فيكتور
حاجات لها دعوة بالعلاج ونورت لى حاجات ونبهتنى.
“هو دمه خفيف على قلبك؟”
“أنت بتبصى فى الساعة كم مرة وأنت قاعده معاه؟”.
د. يحيى:
ومع ذلك فالإجابات عادة صعبة، وقد لا تدل على حقيقة ما يجرى.
حذار من الاستنتاج الفورى، ومن التعميم.
د. أسامة فيكتور
توقفت عند عبارتك “..
“ندرس وجه الشبه بين جوزها وبين أبوها”
عندى مريضة متجوزة من 10 سنين وجوزها شبه أبوها والمريضة شبه أمها والمريضة بتكره أمها وجوزها!!
د. يحيى:
أظن أن تكرار “الاسكربت” وارد، وخطر
د. محمد شحاته فرغلى
كثيراً ما نواجه هذا الموقف عمليا خلال الممارسة، حيث يلجأ المريض أو أسرته للطبيب من أجل تمرير قرار فشلوا فى تمريره أو ليتمكن أحد الأطراف من فرض إرادته على آخر محتكراً الحقيقة المطلقة متجاهلاً حق الطرف الآخر فى الاختيار.
د. يحيى:
يحدث ذلك
وعلينا الانتباه إلى كيفية التعامل معه
ألا نكون “أدوات” لتحقيق أغراض أحد (أو بعض) أطراف الذى يلجأون لمشورتنا، حتى لو كان هذا الطرف هو المريض نفسه
مرة أخرى، العلاج النفسى ليس “سوبر ماركت” لكنه علاقة حيوية حركية هادفة لإطلاق سراح نمو الطرفين (المعالج والمستشير) معا.
د. محمد شحاته فرغلى
هل علىّ أن أتخذ القرار الذى أراه مناسباً، فى نظرى – حتى لو أدى ذلك لفقد دعم أحد الأطراف خلال العملية العلاجية؟!.
د. يحيى:
نعم، تتخذ أنت القرار، نعم، وقد تعلنه صراحة لكن دون أن تفرضه لو سمحت.
د. محمد الشاذلى
أرى أنه فى بداية خبرة المعالج بالعلاج النفسى يمكن استدراجه واستخدامه من قبل المريض، لكن الخبرة والنضج الحقيقى هما ما يجعلان المعالج يمتلك القدرة على وضع ما يستحق بين قوسين بحيث يتمكن من ربط ما يطفو على السطح بمحتويات العمق.
د. يحيى:
هذا صحيح.
الحالة (37)
تحديد المدة من البداية وقاية
من الاعتمادية([64])
د. إبراهيم مختار: هى البنت الوحيدة عندها 43 سنة، من أسرة متوسطة عليا، حضرتك حولتها لى من سنتين كانت جايه بأعراض اكتئابية، فقدان الرغبة فى الحياة وعدم الإهتمام بأى شىء بما فى ذلك نفسها بما فيها الشغل، ونوبات بكاء، وكده.
د.يحيى: أبوها موجود؟
د. إبراهيم مختار: أمها موجوده
د.يحيى: باقول لك أبوها موجود؟
د. إبراهيم مختار: لأ أبوها متوفى، هى عايشه مع أمها بس، وكل اخواتها الصبيان اتجوزوا؟
د.يحيى: مرتبها كام
د. إبراهيم مختار: توصلها بالحوافز مثلاً ألف ونصف ، إحنا مشينا مع بعض والدنيا عدت وبقت كويسه خالص وبعدين على أواخر السنه الأولانية طبعاً كان فيه علاقة علاجية وثيقة من ناحيتها ومن ناحيتى (طرح، وطرح مقابل)([65])، أنا كنت متعاطف معاها طول الوقت.
د.يحيى: هى جميلة؟
د. إبراهيم مختار: لأ مش جميلة بس كويسة، جذابة، على آخر السنة الأولانية بقى واضح التعلق من ناحيتها وبدأنا نتكلم فيه بدل ما نستخبى منه، يعنى قعدت أحاول إنى أفهمها إن المشاعر اللى هى عايشه فيها دية مش لازم نستعجل فى تسميتها لكن ممكن أكون أنا بالنسبه لها أخ، أب، حاجة كده.
د.يحيى: وبعدين؟
د. إبراهيم مختار: بعد ما اتكلمنا فى ده، كانت متقبله الحكاية بس أنا كنت حاسس إن هى متقبلاها يعنى إيه بصعوبه شويه، وقعدنا نكمل لحد ماجت قطعت بعد السنه الأولانية، بدأت تقطع وبعدين تروح راجعه تانى بشوية أعراض جسدية ومش عارف إيه، وبعدين نكمل شوية، مثلاً شهر تبدأ تخش فى موضوع “التعلق” ونتكلم فيه تانى وأقعد أوضّح تانى وهكذا، وبدأت تتارجح كده وبعدين جت مره قالت لى لأ إنت مسئول عن كل ده إزاى إنت خدعتنى وحاجات زى كده، حاولت أفهمها وكده، قطعت، وبعدين بعتت لى أخوها، فأخوها قعدت أفهمه وكان متفهم وكده، وقلت له أنا شايف أحسن لها إنها تكمل، وديه مرحلة ممكن تعدى فيها وتعدى منها إن شاء الله.
د.يحيى: تكمل إيه؟
د. إبراهيم مختار: تكمل جلسات يعنى طالما هى واقفه فى الحته ديه، أخوها بيقول لى إن حياتها وقفت، وبقت منعزله أكتر فى البيت وحاجات كده
د.يحيى: هى قطعت الجلسات بسبب التعلق ده ؟
د. إبراهيم مختار: أعتقد آه
د.يحيى: إنت عرضت عليها تكمل؟
د. إبراهيم مختار: آه
د.يحيى: علشان تحل الطرْح (التعلق) مش كده ؟
د. إبراهيم مختار: آه
د.يحيى: طيب كمّل
د. إبراهيم مختار: بعد الحكايه دى هى مارجعتش تانى إلا مرة واحدة من حوالى أسبوعين بالظبط
د.يحيى: هى غابت قد إيه؟
د. إبراهيم مختار: قعدنا حوالى 4 شهور تقريباً
د.يحيى: ليه قلت قعدنا وما قلتش قعدتْ؟
د. إبراهيم مختار: لأنى أنا شايل همها طول الوقت يعنى
د.يحيى: بس هى اللى ماجتشى؟
د. إبراهيم مختار: آه، آه، هى اللى ماجتشى
د.يحيى: يبقى هى اللى قعدتْ
د. إبراهيم مختار: بس أنا قعدت برضه فتره طويله فلاقيتها موجوده مستنيانى بره
د.يحيى: بره فين؟ من غير ميعاد؟
د. إبراهيم مختار: من غير ميعاد، مستنيانى تحت العيادة، فقلت لها كلمى العياده علشان تأخذى ميعاد لو عايزه تيجى، فاتصلت هى بعد كده فعلاً بالعيادة، و انا كنت قلت للسكرتير إديها ميعاد “كشف” على الأسبوع الجاى.
د.يحيى: كشف؟ مش جلسة علاج؟
د. إبراهيم مختار: آه .. وجت فعلا، وكشفت، وكانت ما بتنامش وعندها شوية أعراض جسمية
د.يحيى: السؤال بقى؟
د. إبراهيم مختار: أنا قلت لها خذى الدواء ده، كان الكلام ده الإسبوع اللى قبل اللى قبل اللى فات، من 3 أسابيع بالظبط، وقلت لها إن ده حايحسن النوم كويس أوى، واديتها شوية حاجات كده تعملها، زى تروح النادى ومش عارف إيه، وقلت لها تيجيى كمان أسبوعين
د.يحيى: السؤال بقى؟
د. إبراهيم مختار: هى فى الإستشارة برضه راحت فاتحه موضوع التعلق (الطرح) وكده، أنا قلت لها كده مش حاينفع، يعنى لو إنتى حاتفضلى واقفه فى الحكايه ديه وسايبه كل حاجه وحاتفضلى تعيدى وتزيدى كده مش حايبقى مفيد ليكى، ويستحسن تكملى مع حد تانى، فأنا اقترحت عليها إنها ممكن أنا أحولها لزميل تانى، ممكن يبقى أفيد ليها وقلت لها أنا حأخذ رأى الدكتور يحيى فى الموقف ده بحيث إذا كنتى تكملى مع حد تانى ولا لأ، ولا نعمل إيه بالظبط على أساس إنها كانت رافضه إنها تكمل مع أى حد تانى
د.يحيى: أظن احنا سبق ناقشنا القواعد اللى تسمح بالتحويل إلى معالج تانى، أو تلزم بالتحويل، السؤال بقى تحديدا هوّه كده بس؟ عن التحويل؟
د. إبراهيم مختار: هل اللى أنا طرحته ده أكمل فيه ولا إيه البديل؟ بصراحة أنا محتاس خالص
د.يحيى: انت إتكلمت عن تعلقها بيك وهى مش جميله يعنى متوسطه، يعنى، مااتكلمتش عن علاقتك انت بيها
د. إبراهيم مختار: لأ أنا قلت كان عندى “طرح مقابل”([66]) فى السنة الأولانية كنت متعاطف معاها جداً وبعدين فى الفترة الأخيره كان فيه زى مواجهة كده زى مايكون أنا حسيت إن ده ممكن يضرها برضه
د.يحيى: هو الإجابه إنى شايف إن استشارتك جت متأخره شوية فى مجتمعنا ده، فى الظروف دى، يعنى واحده 43 سنه وقاعده مع أمها بس وأخوتها الذكور متجوزين يبقى من الأول واضح إن حاتبقى فيه مشكله مش قليلة، يا راجل 43 سنه ومنطوية، ومش جميلة، عايزها تعمل إيه غير إنها تتعلق بيك، يبقى أظن فى الحالات دى التعاقد القصير “المحدد المده”، يبقى أفضل، ولو أنها طريقة عمرى ماعملتها تحت اسم “العلاج النفسى”، إنما لما أفكر، بالاقى معظم اللى باعمله فى العيادة هو كده تقريباً، على فكره النوع ده من العلاج النفسى موجود بشكل رائع ومفيد جداً فى بلاد بره، وأحيانا هنا، هو موجود هناك أكثر علشان التأمينات فى بلاد بره، عشان شركات التأمين بتدفع وبتحدد عدد معين من الجلسات اللى ممكن تغطيها، يعنى مثلا ستّ جلسات للمرض الفلانى، عشر جلسات للمرض العلانى وحاجات كده، بصراحة العلاج القصير ده عايز مهاره خاصه يستحسن نكتسبها، خصوصاً لما تكون السكه مزحلقه زى حالتك، لازم من بدرى ندور على البديل ده بسرعة لأن سنتان دى مده كبيرة جداً لواحدة فى السن دى، ووحيدة بالشكل ده،
د. إبراهيم مختار: هى السنه الأولانية كانت منتظمة تماما
د.يحيى: أيوه، مفهوم، حدّ لاقىّ!! حاتبص تلاقى خيالها وأحلامها اشتغلت على ودنه، وده يعنى ماينفعشى، هى دى مش غلطة قوى بشكل مباشر، بس يعنى تتعلم منها للحالات اللى جاية عشان تعرف إن فيه بدائل علمية وقائية مدروسة، نتعلمها ونعملها.
د. إبراهيم مختار: دى حاجة كويسة جدا
د.يحيى: أصل انت كده بقيت المصدر الوحيد بالنسبة لها، إنت بقيت تمثل القبول والدعم وكل حاجة.
فيه احتمال تانى بعد الورطة ما وصلت للحد ده، إنك تعتبر إن ده حقها فى الحياة، وهى بتشتريه بالمبلغ اللى بتدفعه لك وخلاص، مش ده أحسن ما تذل نفسها أو تتصرف تصرف غلط كده ولا كده؟! طبعا ده احتمال سخيف دمه تقيل، لكنه واقع برضه، بس انت دكتور وقتك بيضيق، وسعرك بيزيد كل ما تكبر، وبرضه عايز تشوف نتيجة عملك، يبقى ده احتمال خايب قوى، طبعا ما انصحشى بيه إلا مضطر مضطر.
د. إبراهيم مختار: يعنى أعمل إيه دلوقتى؟
د.يحيى: ثم باين إن العلاقة تعدت الحدود الرسمية من ناحيتها على الأقل، يعنى إنها تقف قدام باب العيادة، تستناك عشان تكلمك، لأه بقى، ده وضع مش طبيعى ومش مقبول.
د. إبراهيم مختار: ما أنا ما كلمتهاش غير إنى قلت لها خدى معاد رسمى من العيادة، كشف.
د.يحيى: وأخيرا حكاية النادى وملء الوقت بشكل سطحى كده بيبقى شكلها مش بطال للناس العاديين اللى ماراحوش عيادات ولا اتعرضوا لعلاج نفسى ولا للكلام ده، يعنى الست الطيبة دى جوعها مش حايملاه النادى وشغل وقت الفراغ، “والجمْ” والساونا والكلام ده، دى لازم تدور على “معنى” يملأ وجودها، مش وقتها بس، إذا أمكن، ما هو الحياة يتتملى يا إما بشخص “ناس يعنى” أو بنشاط هادف، أو بمعنى، وبينى وبينك الثلاثة ضروريين، مافيش واحد يغنى عن التانى، بس المعنى أهم.
د. إبراهيم مختار: دى المسألة بقت أصعب.
د.يحيى: وثوابها أكبر.
****
التعقيب والحوار:
د. عمرو دنيا
فيه مشكلة عندى فعلا فى الحالة دى: السن.. ربة منزل وسنة علاج نفس أو أكثر… ثانوية عامة .. حاسة بوحدة وعزلة – روحى، نادى – جيم – مش عارف إيه، ومش لاقى حاجة حقيقية عند السيدة دى فى السن ده!!
د. يحيى:
ماذا تعنى يا عمرو بـ “حاجة حقيقية”؟ بأى مقياس تقيس الحاجات الحقيقية من الحاجات غير الحقيقية، ما هى الحاجات الزائفة عندك يا أخى؟
واحدة واحدة يا عمرو، إياك أن تستعمل مقاييسك الخاصة جدا (الذاتية عادة) للحكم على الناس، وخاصة المرضى، بما هو حقيقى وما هو غير حقيقى، إعمل معروفاً.
ثم إنى أذكرك بعدم الدقة، فالبنت ليست ربة منزل، ومرتبها يصل بالحوافز إلى ألف ونصف، أرجو أن تراجع النشرة من فضلك.
د. نعمات على
بصراحة لم أفهم هل الحالة ستحول إلى معالج آخر أم لا وإذا كان لا؟ ماذا سيفعل المعالج الأول معها إذا استمرت فى مناقشة الطرح؟؟
شعرت فى هذه الحالة بنمو المعالج حيث اختلف موقفه فى السنة الأولى عن السنة الثانية.
د. يحيى:
هذا أمر متروك لتطور العلاقة واستمرار الإشراف، والمطروح الآن غالبا حسب المناقشة هو أن يواصل نفس المعالج مساعدة المريضة مع مساعدة الاشراف أولا بأول.
أما ما وصلك من اختلاف موقف المعالج فهو يكون نتيجة أو نتيجة للطرح المقابل وزيادرة الاعتمادية المتبادلة وهذا ينبغى أن يوقف بطريقة مناسبة وليس بالتأجيل تزايد خبرته فهو صحيح.
د. هانى مصطفى
كيف يتدرب المعالج على التحكم فى مشاعر الطرح تجاه المريض خاصة من الجنس الآخر إذا وافق احتياجاته؟ وإن لم يستطع أن يضبط الجرعة، فكيف يمنع تأثير ذلك على مسيرة العلاقة والعلاج؟.
د. يحيى:
هذا سؤال شديد الأمانة، سؤال طيب، وواضح.
ليس أمامنا إلا التدريب، والممارسة، والإشراف، والنمو، إذا كنا نريد أن نواصل مهنتنا بشرف وعطاء.
إن الإعتراف بمشاعرنا نحو مرضانا هو بداية احترامهم واحترام المسيرة العلاجية لصالح نمو الطرفين: واحدٌ يشفى نضجا، وواحدٌ ينمو معالجا قادرا وإنسانا أميناً.
أرجو أن تنتبه يا د. هانى (فى المداخلة السابقة مباشرة) إلى ملاحظة د. نعمات كيف أن المعالج اختلف موقفه فى السنة الأولى عن السنة الثانية، هذا بعض ما أعنيه بأن الممارسة تحت إشراف (كل أنواع الإشراف بما فى ذلك الإشراف الذاتى)، تسمح بالنضج، وبالنسبة للجزء الأول من تساؤلك فإن خلاصة ما نشر تشير إلى التوصية باستمرار المعالج الأول مع التوصيات المذكورة.
أ. محمد إسماعيل
مش فاهم: برضه معنى العلاج التعويضى الدائم لو سمحت إيضاحا أكثر؟
د. يحيى:
هو أن يستمر العلاج وكأنه لن يتوقف، أى دون تحديد مدة معينة، فيكون تعويضا عن ما تفتقده مريضة أو مريض ليس له مصدر رىّ إنسانى إلا بهذا العلاج، ربما يضطر المريض أحيانا للاستمرار مدة أطول فأطول لعدم وجود أى دعم أو رعاية خارج العلاقة العلاجية، تحميه من بقايا المرض أو النكسات أو استغلال قوى شريرة متربصة.
أذكرك يا محمد أن هذا احتمال نادر سخيف، لا يخلو من ضرر، وأنا لم أنصح به مباشرة، كما أرجو ألا نلجأ إليه إلا مضطرين جدا جدا.
أ. محمد إسماعيل
أنا ساعات باعترض على حضرتك لما تقول ممكن تسيب العيانه لو مفيش عندك وقت، أو لو حد حايدفع فلوس أكثر، بس ممكن يبقى رأى صح، بس أنا باعتبره تخلى، وعايز أعرف فى أى عمر وأى خبرة ينفع أعمل ده؟
د. يحيى:
حين أقول ذلك أحيانا، فأنا أسخر عادة، وطبعا أنا لا أقترح تنفيذ ذلك كقاعدة، وأحسب أن فى تلك السخرية الهادفة، محاولة تعرية بعض داخلنا الذى هو ليس عيبا،
إن مثل هذه التعرية هى الوقاية ضد التخلى الخفى عن المريض ثم انتحال أى سبب آخر غير هذا السبب القبيح (مع أنه بداخلنا).
المعالج مسئول نسبيا عن من يستمر معه، وعن من ينقطع عن مواصلة العلاج، هو مسئول أمام نفسه، وأمام الله، قبل أن يكون مسئولا أمام المريض أو أمام أهله أو بحسابات آداب المهنة التقليدية.
ثم إنى أشرت مرارا أن التخلى مسئولية أصعب، وأن علينا أن نعرف من الذى سيتولى المهمة بعدنا أو بدلا منا، وليكن أقدر وأصبر وأكفأ أن أمكننا التوصية به تحديدا.
أ. محمد إسماعيل
ما جدوى ضرورة أو فائدة التعاقد مع المريض.
د. يحيى:
الاتفاق المبدئى، ثم المتجدد (إعادة التعاقد) هو تحديد معلن أو ضمنى للهدف من العلاج ومدته، والاتفاق يتضمن علامات التحسن.. تحقيق والأهداف المتوسطة أولا بأول.. إلخ، وكلما تغيرت حالة المريض، وعلامات المرض، وأيضا كلما اتسعت دراية الطبيب، مع تغير الظروف الخارجية، يحتاج الأمر باستمرار إلى “إعادة التعاقد” حسب تغير أى من هذه العوامل، وطبعا تختلف الأهداف المتوسطة فى كل ثقافة غالبا.
أ. محمد إسماعيل
ما معنى “ملء الحياة” و”ضرورة وجود معنى”، وأهميته.
د. يحيى:
ملء الوقت بالنشاط والانشغال، هو غير ملء الحياة بالمعنى ،
وإن كان الأول قد يؤدى إلى الثانى فى الظروف الملائمة.
د. محمود حجازى
رأيى هو إنهاء هذه العلاقة العلاجية فوراً رغم الاحتجاج على أنها (علاقة تعلق متبادل) تحدث عادة بهذا الشكل، ذلك لأننى أرى أن محاولات المعالج لاجتياز هذه الأزمة فى هذه الحالة قد فشلت وأصبح هو البديل لها فى حياتها. وأنها قد توقفت عن النمو عندما أصبحت هذه العلاقة هى حياتها.
ومش مشكلة جامدة قوى (ألا تواصل العلاج) هى قدرت تخليها 43 عاما بدون علاج.
أرجو الإشارة إلى القواعد التى تسمح بالتحويل إلى معالج آخرأو أو تلزم بالتحويل؟
د. يحيى:
لا أوافقك على هذا الرأى الآن، وإن كان الاحتمال واردا فى وقت لاحق
أما عن قواعد التحويل إلى معالج آخر، فلا توجد قواعد عامة، ولابد من النظر فى كل حالة على حدة، وقد سبق مناقشة ذلك فى نشرة 22-2-2009 مثلا بعنوان: “الحضور الوضوح الحسم المسئولية: فى ثقافة تسمح”.([67])
د. محمد شحاته فرغلى
فى رأيى أن الأنسب فى هذه الحالة أن تحول إلى معالج آخر، ولكن بشكل عام قد تكون علاقة الطرح – والطرح المقابل مفيدة للاثنين. كما حدث فى بداية هذه الحالة. ولكن لاشك أن لها أثار جانبية أخرى كالاعتمادية. وقد تتخطى حدود العلاقة الرسمية التى تتحرك فى إطار التوجيه والدعم.
د. يحيى:
عندك حق “بشكل عام” ..
لكن بالنسبة للاقتراح الأول، تحويل الحالة إلى معالج آخر، فأرجو أن تقرأ ردى السابق على د.محمود حجازى.
د. مروان الجندى
أعتقد أن إنهاء العلاقة العلاجية فى هذه المرحلة ربما يكون له فائدة للمريضة، ولكن هل يمكن عمل إعادة تعاقد بشروط أخرى؟
د. يحيى:
الإنهاء لصالح المريضة وارد
وإعادة التعاقد بشروط تشمل المدة الجديدة، تحديدا وارد أيضا
د. محمد الشاذلى
فى وقت ما أثناء العلاج، ربما تكون العلاقة بالمعالج هى العلاقة الوحيدة الحقيقية، وأنا أتساءل كيف يمكن فهمها واستثمارها فى دفع المريض إيجابياً؟ مازلت أجد صعوبة فى ذلك حتى الآن.
د. يحيى:
الصعوبات ستظل موجودة طالما نحن نمارس مهنتا بأمانة، وهى تقل باستمرار مع تزايد الخبرة لكنها لا تنتهى أبدا.
أما كيفية فهمها واستثمارها فإن هذا يأتى من خلال الممارسة وتحت إشراف، وهذه هى فائدة التدريب عن قرب، أو عن بعد.
تنبيه أخير، أرجو الوقوف طويلا أمام حكاية “العلاقة الوحيدة الحقيقية”، نعم أن تكون كذلك هى علامة خطر، إلا أن الجملة خاطئة من أساسها، فالعلاقات الحقيقية لا يمكن أن تكون وحيدة، العلاقة الحقيقية هى “القدرة على عمل علاقات حقيقية!!”.
أ. إسراء فاروق
المعالج فى الحالة دى لما قال للمريضة “يستحسن تكملى مع حد تانى” هل ده كان هروب؟ وهل فى الحالة دى تحويل العيان من معالج لآخر مفيد؟
د. يحيى:
لا أظن أنه هروب
وقد تناولت ذلك فى ردى عليه،
أما حكاية التحويل فقد رددت عليها فى الردود السابقة حالا بما تيسر.
د. عماد شكرى
لدى اعتراض حاد يجعلنى أتساءل: هل استمرار المعالج فى العلاقة العلاجية وقيامه بدور الآخر البديل الدائم ليس الآخر المؤقت، هو لصالح المريضة؟
أجد ذلك متواترا بشكل مهدد فى علاقاتنا العلاجية.
د. يحيى:
عندك حق
عندك حق، لكننا لا نوصى بمثل هذا الاستمرار إلا نادرا جدا وفى حالات استثنائية تماما،
بل إن أى علاج مهما طالت المدة، ينبغى فى نهاية النهاية أن يكون “مؤقتا” فعلا، إلا فى حالات الضرورة القصوى، وينبغى أن تكون نادرة تماما.
(أنظر أيضا ردى على محمد اسماعيل حالا).
أ. محمود سعد
هل يمكن أن نحدد قبل بدء جلسات العلاج أو فى بدايتها (خاصة فى ثقافتنا) طريقة للتعاقد قصيرة ومحددة المدة؟
د. يحيى:
نعم، جدا
وثقافتنا تسمح بذلك تماما.
أ. محمود سعد
وماذا إذا كانت الأعراض تستلزم فترة أطول من ذلك، وكيف يمكن التعامل مع موضوع الطرح؟
د. يحيى:
فى هذه الحالة يتم “إعادة التعاقد” بمجرد اكتشاف الظروف الجديدة التى استدعت ذلك وتطول المدة التالية أو تقصر حسب الحسابات الجديدة لهذه الظروف، وهكذا.
(أنظر أيضا ردى على محمد اسماعيل حالا، سؤاله الثانى)
أ. محمود سعد
أنا شايف أن موضوع الطرح من المواضيع الصعبة جداً فى العلاج النفسى وخطر ببالى سؤال يقول: “ماذا كان الوضع إذا لم يكن أخو هذه المريضة متفهم بصورة ما لهذا الموضوع؟” أعتقد أن الموضوع سوف يكون بالغ الصعوبة والحساسية.
د. يحيى:
عندك حق.
هذا الموضوع هو دائما بالغ الصعوبة.
أ. رامى عادل
تجتاحنى، تتشبث بي كهره، تلتف حولي كقرنفله، تستنشقنى، اتلفت حولي لاجد عبيرها يملؤنى، يثير بي جو من الرحابه، تتراف بى، تعاملني كمن هي امى، انستني لدرجه لم اتحملها، لفرط حقدى، تتناولني كعود من الفل، بلا رائحه، بلا معالم، بلا هدف،اتجمل، اتملي اجمل ما في الكون،امتليء فالتقط نفسا قادما من بعيد، يقودني اليها مرات ومرات، تسجننى، تشكونى، تفرمني الحيره، لا اجد سوي ابى، يدعونى، لاستثمر فضته، في قصه في مقتبل العمر
د. يحيى:
لا تعليق
أكمل يا رامى
برغم تقصيرى، أو عجزى عن الرد عليك
الحالة: (38)
حق المريض فى العلاج،
واستعجال الطبيب، وضجره ([68])
د. مختار: صباح الخير يا دكتور يحيى
هى عيانة عندها 23 سنة الاولى من تلاتة بتشتغل شغلة كويسة، ومعاها بكالوريوس
د. يحيى: وبعدين؟
د. مختار: هى كانت جايه بتشتكى من إن هى ما بتعرفش تعمل علاقات مع حد، وكل علاقاتها فى البيت خناق على طول، وبرضه خناقات فى الشغل، ومالهاش أصحاب خالص، ومالهاش علاقه بأى حد يعنى
د. يحيى: عندها كام أخ وكام أخت
د. مختار: عندها أخ فى الكلية وأخت عندها 7 سنين
د. يحيى: هى معاها شهادة إيه
د. مختار: هى معاها بكالوريوس تجارة
د. يحيى: بتشتغل بقالها قد أيه
د. مختار: فى الشركة دى بتشتغل بقالها 10 شهور واشتغلت مرتين قبل كده فى شركتين كويسين، وسابتهم ما كملتش شهرين فى كل واحدة، وبتاخد ما هية كويسة قوى
د. يحيى: وسابتهم ليه؟
د. مختار: لنفس السبب بتاع الشكوى، يعنى بتقول إن الناس اللى فى الشركة ما بيحبونيش وانا مش مرتاحه فى المكان ده وانا عايزه أسيب المكان ده
د. يحيى: هى متخرجة إمتى ؟
د. مختار: متخرجه بقالها سنتين دلوقتى
د. يحيى: وبعدين
د. مختار: هى خدت كورس لغة فى الجامعه الامريكية وبعد كده اشتغلت على طول
د. يحيى: برافوا عليها انها تلاقى شغل فى الظروف دى، بالسرعة دى، ما علينا
د. مختار: دلوقتى هى جايه لوحدها مافيش معاها حد خالص
د. يحيى: بتشوفها فين
د. مختار: فى العيادة
د. يحيى: انا اللى حولتها لك؟
د. مختار: أيوه
د. يحيى: بقالك معاها قد ايه
د. مختار: شفتها دلوقتى 5 مرات،
د. يحيى: طيب ومستعجل على إيه؟ بتسأل بدرى قوى كده ليه؟
د. مختار: هى المشكله دلوقتى ان هى كانت جت لحضرتك لوحدها، وجتلى كمان لوحدها وانا ضغطت انى عايز أشوف والدتها أو والدها علشان انا مش مرتاح للمعلومات اللى بتديها لى
د. يحيى: إنت حاسس إن المعلومات اللى وصلت لك فيها فصال يعنى ؟
د. مختار: آه، كل جلسه باكتشف معلومة جديدة، باحس إن فيه حاجة مش عادية، كل معلومه تقولها ألاقيها ما كانتش قايلها لى قبل كده، وحاولت أضغط فى المره الاخيره إنى أشوف والدتها، برضه ما جاتش معاها
د. يحيى: المعلومات ما كانتشى قايلاها قبل كده؟ ولا مخالفة للى قالته قبل كده، المهم: السؤال بقى،
د. مختار: هل من حقى انى اوقف
د. يحيى: تـِوقـَّـف إيه، هوه انت لسه ابتديت؟
د. مختار: يعنى هوه المفروض إنى انا أكمل حتى لو ما جابتشى والدتها؟
د. يحيى: يا إبنى أنا حاسس إنك قلبتها مدرسة، زى ما تكون ناظر مدرسة بتقول تلميذ روح هات ولى أمرك، ده علاج، وهى مش قاصر، ومن حقها تاخد فرصتها مستقلة، اللهم إلا إذا كنت شايف إن فيه خطر كده ولا كده، أو إن فيه عيانة تانية حا تدفع لك أكتر زى ما أنا متعود أقرص الودان وأنا باهزر وخايف لا تأخذوها جد!!
د. مختار: لأ طبعا مش كده
د. يحيى: ما انت عارف إنى دايما باجرجر رجليكم لأرض الواقع، وللدنيا الصعبة، عشان تتنيكوا فاكرين إن دى علاقة مهنية، وإننا صنايعية بناخد مقابل صنعتنا ، لا أكثر، يعنى كل اللى علينا إن احنا نقدم اللى عندنا للى بيطلبه، ونشوف الأمور ماشية ازاى: واحدة واحدة، العيان بيستفيد، واحنا بنستفيد ولا لأه، إنما أشرّط على واحدة إنها تجيب أمها لمجرد إنى عايز أستوفى معلومات، فده بصراحة زيادة حبتين، أنا ما احرمهاش من العلاج عشان مش بتسمع الكلام، وتحقق اللى انا عايزه، ما ينفعشى.
د. مختار: ما هى المعلومات ناقصة فعلا !!
يحيى: ناقصة ناقصة، بس ده حسب نوع المعلومات الناقصة اللى انت محتاجها هوه انت بتحصل على المعلومات ليه؟ إنت عايز تقفّـل محضر تحقيق؟ العيانة دى صاحبة حاجة، والحاجة دى عندك على حسب تصورها، وبرضه على حسب تصورى ما دمت انا اللى حولتها لك، وانت قبلت، يبقى تخليك معاها لحد ما تظهر مضاعفات، غير كده ما ينفعشى إنك تتلكك، وتفكر تخلع بدرى بدرى، لمجرد إنك متغاظ من إنها بتديك المعلومات بالقطارة، أو كل مرة مختلفة عن التانية، اللهم إلا إذا كنت شايف أنها مخبية حاجة تضرها.
انت قلت انها بتيجى وانها قادره تدفع، وانها منتظمه، وهمّه كلهم خمس جلسات، فلازم نَفَسَك يبقى أطول شوية، وخطواتك أهدى شويه، وانت عندك حاجات إيجابية مش قليلة، هى باين عليها شطوره، بكالوريوس، وكورسات فى الجامعه ألامريكية، وشغلة ورا شغلة، يعنى قادرة تمشى أمورها بشكل جيد، صحيح إنت من حقك تتسائل عن مصداقيه كلامها، عشان تتأكد من المعلومات وتمشى على نور، إنما الأصل إن من حق أى بنى آدم إنه يتعالج فى السر إذا كانت دى رغبته، مع إنى دايما باقول إن احنا مش بنسرق، وما فيس داعى لأن المسألة تفضل سر، لأن ده بيخلى العلاقة العلاجية زى ما تكون مش طبيعية، و انت لازم تصبر مدة كفاية ونرجع نتناقش بهدوء، هو احنا مخبيين اللى بنعمله ده ليه، وعن مين، وكده.
د. مختار: لأه، هى مش بتتعالج فى السر، ، والدها ووالدتها عارفين ان هى بتيجى ، هى بس مش عايزه والدتها تييجى معاها وتقابلنى
د. يحيى: ده حقها يا أخى، على الأقل دلوقتى
د. مختار: أنا قلقان هى ليه ممانعة قوى كده؟
د. يحيى: قوى إيه يا مختار، دول كلهم خمس مرات يا شيخ، أنا مش فاهم إنت مستعجل على إيه، نفسك تعرف إيه؟
د. مختار: هوه مش من حقى إنى أعرف إن اللى بتقوله ده صدق ولا مش صدق
د. يحيى:… يا إبنى هوه تحقيق؟ صدق مش صدق، اللى بتقوله هو اللى سمحت لنفسها إنها تقوله فى المرحلة دى، ثم إن أهلها عارفين، وموافقين، إنت كل اللى عليك إنك تحدد أول بأول محكات التقدم نحو الشفاء، هى ما دام بتشتغل، وبتنام، وبتييجى تتعالج، وكل يوم أحسن من يوم، يبقى حب الاستطلاع بتاعك ده تركنه على جنب، أنا مش شايف غير إنك يمكن شكيت فى حكايتها عن مأزق معين مش ممكن تحله إلا لما شخص مساعد آخر يمكن يساعد فى حله، هل فيه حاجة زى كده هى اللى خلتك تصر على مقابلة أمها ؟
د. مختار: لأ مافيش
د. يحيى: يبقى خلاص، أنا شايف إن ورا كلامك ده إنك مش حابب تكمل معاها بشكل أو بآخر، وده من حقك برضه، مرة تانية هوّا وقتك ملان على الآخر؟
د. مختار: لأ طبعا،
د. يحيى: ما انا عارف،
طب يا أخى، هوه انت يعنى لازم تستريح لكل عيان بيجيلك، من حق أى عيان إنه ياخد فرصته، بغض النظر عن إنك مستريح له أو مش مستريح له، إنت لازم تستنى شوية، أو بينى بينك تستنى كتير، إمال حا تكبر ازاى، وتتعلم إنك تدى اللى بتحبه، واللى ما بتحبوش ازاى !!
د. مختار: يعنى استحملها عشان أكبر؟؟
د. يحيى: ليه لأه؟ ، يا أخى، هو انت بتكبر لها ولا لك ولا لكل عيانينك؟ وبعدين ده مش استعمال، هو انت بتضحك عليها وبتقول لها أنا باعالجك وما بتعالجهاش؟؟، يا أخى مش معنى إنها بتييجى وإنها منتظمة إنها بتستفيد؟؟ ولا يعنى هى بتييجى “بدل ما هى قاعدة”؟؟؟
هى مريضه، وده أكل عيشك، عايز إيه تانى؟
إذا لقيتها ما بتستفيدشى، ولقيت فيه عيان تانى أولى بوقتك، لازم تقول لها بصراحة عن إزاى انت شايف إنها ما بتستفيدشى، وتتناقشوا فى الحكاية دى، وانا مرة تانية بقول لك إن الوقت بدرى قوى عشان تحكم إن كانت بتستفيد ولا ما بتستفيدشى.
د. مختار: وانا حاعرف منين إنها بتستفيد ولا ما بتسفيدشى
د. يحيى: يا أخى مش قلنا إن كل حالة لها محكات خاصة بيها، محكات نقيس بيها خطواتنا، وأهداف متوسطة تورينا إذا كنا تقدمنا أو توقفنا أو تأخرنا، ومن خلال ده نقول هى بتستفيد ولا ما بتستفيدشى، بالنسبة لى أنا شخصيا إللى قلقان منه فى الحالة دى إنها اتنقلت فى تلات شغلات فى سنتين، وبترجّع ده لصعوبة التكيف مش أكتر، ده شىء يخوف شوية، خصوصا إنت قلت إن شكوتها الرئيسية إنها ما بتعرفشى تعمل علاقات، خلى بالك ، العمل مع إنه شغل وإنجاز، هو أيضا وبنفس الأهمية، هو علاقات، مجتمع، التنقل بين الشغلانات مش عيب فى حد ذاته، بس انت لازم هنا بقى تحصل على معلوما دقيقة، يعنى لازم تعرف هى الشركة اللى اتنقلت لها أحسن ولا أوحش، وهل هى وظيفتها فى الشركة الجديدة أعلى ولا أوطى، وبرضه مرتبها، دى حاجات عملية تقول لك إذا كان التنقل ده قلق وزهق، ولا هو حقها وبتمارسه فى الأخذ بالفرص الأفضل المتاحة، واخد بالك؟
د. مختار: طيب، ما هو حتى المحكات دى لازم أتأكد منها وهى المصدر الوحيد اللى باعرف منه الإجابات عن المحكات دى، أعرف منين انا إن كانت منتظمة فى شغلها ولا لأه
د. يحيى: يعنى الست والدتها هى اللى حاتاخدها غياب يا أخى؟ ، مرة تانية ، أنا مش عارف يا ابنى إنت مستعجل على إيه، إنت نسيت مبدأ “إنتظر لنرى” wait & see
د. مختار: ماشى، بس لحد إمتى
د. يحيى: إنت باين عليك زهقان منها خالص، يا أخى لحد ما هى تاخد اللى تقدر عليه، وانت تدى اللى تقدر عليه، وبرضه إنت تاخد اللى تقدر عليه، ومرور الوقت حايرد على أغلب تساؤلاتك لوحده، قصدى مع نمو الثقة، والاستحمال، والصبر.
د. مختار: ربنا يسهل.
التعقيب والحوار:
أ. إسراء فاروق
زى ما حضرتك قلت إن الإستشارة دى بدرى شويتين “5 جلسات” فقط لكن لو كان نقص المعلومات ده مستمر أو ظهر بعد فترة طويلة من الجلسات هل من الممكن إن المعالج فى الحاله دى ممكن يستكمل العلاج فى ظل هذا النقص من المعلومات؟
د. يحيى:
بصراحة، ممكن بشروط ومحكات علمية
العلاج هو العلاج، وعلينا أن نقدمه ونمارسه تحت كل الظروف طالما هو يحقق أهدافه المتوسطة، فالبعيدة حسب الاتفاق العلاجى، وحسب صالح المريض.
د. نعمات على
مع مرور الوقت والخبرة ونمو المعالج يعرف المعالج كيف يتحمل مسئولية قراراته والجرعة المناسبة لدفع المريض لأخذ موقف أو اتجاه معين….، ولكن ماذا يفعل قبل ذلك؟.
د. يحيى:
يتدرب، ويتعلم، وينمو، ويُثَابْ
أ. رباب حمودة
يعنى هوه لازم استريح لكل عيان أو احبه؟ ولو مش كده هوّا مش ده حايوصل للعيان برضه؟ طيب وأنا حايكون موقفى إيه؟
وهل هذا يفيد فى العلاج أم لا؟
د. يحيى:
المسئولية العلاجية هى الحب المطلوب، وهى تتحقق من واقع الموقف الأمين بما فى ذلك أن نمارس العلاج “بما هو نحن”، والاعتراف – دون إعلان مباشر- بالنفور من المريض أو عدم حبه، هو مرحلة صدق نتحمل مسئوليتها أيضا ثم بعد ذلك مع مرور الوقت الكافى الذى قد يسمح بالتحريكٌ لمستوى آخر من العلاقة مستوى أطيب قبولا وأكثر فائدة.
فهو حب أيضا وأصلا.
أ. رباب حمودة
فيه وقت احس انى مش فاهمه العيان أو أن كل اللى بيقوله كذب، واحس إنى كده مش باساعد فى اى حاجة وتختلف مصداقية العيان اللى موجود فى المستشفى عن عيان العلاج النفسى الفردى أعمل إيه؟
د. يحيى:
كل ما فى تعقيبك هذا هو جيد، لأنه صادق، وهو جزء لا يتجزأ من مهمتنا، وفريق المستشفى يمثل الوسط العلاجى عادة (إن وجد هذا الوسط فى المستشفيات التى تتصف بذلك) وهو يعوض بعضه بعضا أما مريض العلاج النفسى على مستوى العيادة الخارجية فقد يكون أكثر توجسا وأقل انفتاحا، وبالتالى يحتاج لصبر أطول وتحمّل أقدر.
أما عدم تصديق المريض أو عدم فهمه، فهى مرحلة غالبا، وهى تتغير إلى أحسن – عادة- باستمرار العلاقة، وتزايد الطمأنينة.
أ. محمد المهدى
حضرتك قلت أن من حق أى مريض أنه يتعالج، ولازم علشان المعالج يكبر ويتعلم ما يستسهلش أنه يرفض عيان فى بداية العلاج أو بداية تعلمه، ولكن لو المعالج بقى له فترة بيشتغل مع مريض ووصل لمرحلة إنه مابقاش مستحمل يكمل معاه، أمتى، يبقى من حقه أنه ينهى العلاقة العلاجية وإيه هيه المبررات أو المحكات اللى تعرفة إنه أعطى فرصه للمريض ولنفسه بحق قبل أن يفكر فى إنهاء العلاقة؟!
د. يحيى:
على المعالج أن يسأل نفسه، فى هذه الحال وغيرها سؤالا محدداً “إلى أين سوف يذهب المريض بعد إنهاء فرصته معه”؟
هل يوصى له أن يتوقف عن العلاج تماما لأن هذا أفضل له؟
هل يذهب لزميل آخر تلقائيا؟
هل سيستوعب المريض خبرته الناقصة ويكملها وحده؟
هل سيصاب بمضاعفات أكبر لو أنه كان قد أكمل؟
والإجابة على كل هذه التساءولات بمسئولية مناسبة، مع الاستعانة بالإشراف، هى التى تحدد توقيت الرد على اسئلتك هذه.
أ. محمد المهدى
إذن ليس من الضرورى أن يصدق المريض فى كلامه فى بداية العلاج (بمعنى طرحه لكل ما بداخله) ولكن من حقه أن يطرح ما يراه مناسباً حسب المرحلة التى وصل إليها وفى الوقت الذى يحدده هوه من حقه مايتكلمش إلا إذا أطمن.
د. يحيى:
نعم
والمسألة بعد ذلك- وقبل ذلك – تتوقف على خبرة المعالج فى استكمال المسيرة، وكشف المستور.
أ. محمد إسماعيل
عايز اعرف بعد قد إيه أحكم إن المريض مش بيستفيد؟ وهل معقول إن فيه مريض مابيستفيدش حاجة خالص أن شاء الله لو العلاقة دى ماكانتش كاملة، أو ما استمرتش؟
د. يحيى:
لو أن العلاج جاد، ومسئول، فالفائدة واردة لا محالة مهما قصرت المدة، ومجرد حضوره وانتظامه هو دليل أنه يستفيد حتى لو لم يحدد المعالج أو المريض نفسه نوع الاستفادة ويسميها.
أ. محمد إسماعيل
حضرتك ما اديتشى المعالج حقه فى الضجر، مع إنك علمتنا إن الواحد عنده حق فى كل حاجة.
د. يحيى:
أعتقد أننى أعطيته حقة فى الضجر، ولكن ليس حقه فى أن يكون هذا الضجر مبررا للإنهاء قبل التأكد من كل ما ذكرنا من ظروف والتزامات الإنهاء.
أ. محمد إسماعيل
يبدو أنه من الضرورى أن أتعلم أن أعمل على قدر المتاح من المعلومات، مع احترامى لعدم مصداقيه المعلومات، وأن أعمل مع ذلك دون ضجر، مكتفيا بالمحكات العمليه، وأنها هى المقياس الاول فى عملية العلاج، وإن أعطى اللى باحبه زى اللى مابحبوش، وأن استحمل….
د. يحيى:
ياه يا محمد، هذا هو، بشكل عام، إلا قليلا، هذا هو.
يبدو أن هذا الباب “الإشراف عن بعد” يؤدى دوره بكفاءة،
شكراً يا إبنى، بارك الله فيك ونفع بك
أ. عبير رجب
بيتهيألى لو جالى مريض عاوز يتعالج، وحاينقطنى بالمعلومات زى ما هو وارد فى الحاله دى، اعتقد انى هأزهق منه وأحس بقلة حيلة، ما هو طالما عاوز يتعالج يبقى لازم يساعدنى علشان أساعده.
د. يحيى:
وهل يوجد فى العلاج “يبقى لازم”؟
أهم ما هو لازم على المريض هو أن يحضر للعلاج، ما دام قد قرر العلاج، أما بعد ذلك فالمسئولية مشتركة طول الوقت، على العلاج أن يتواصل بأى قدر من المعلومات التى عادة ما تتزايد باضطرد مع نمو العلاقة.
د. محمد شحاتة
نحن قبل كل شئ بشر، نحتاج إلى أن نرى نتائج المجهود الذى يبذل مع المرضى فى شكل تحسن واستقرار. ورغم أنى بهذا ألتمس العذر للزميل مقدم الحالة إلا أننى على الناحية الأخرى أخشى من أن يصبح ذلك هروباً من المسئولية.
د. يحيى:
عندك حق: طبعا، النتائج تشجع بلا شك، والخوف من الهرب من المسئولية وارد، والإشراف (بما فى ذلك الإشراف الذاتى) يساعد فى حفز الاستفادة من النتائج، وأيضا فى التمييز بين الهرب من المسئولية وبين حسن التوقيت لقرار التوقف أو إعادة التعاقد.
د. مدحت منصور
متغاظ أنا من موقف الدكتور مختار وأرى فيه تعنتا شديدا دون سبب واضح، شئ محير، هل هناك شئ ما فى شخصية البنت، أو تركيبتها أو هيئتها، أقصد شئ يجعله لا يطيقها بهذا الشكل، إذا كانت البنت لا تطاق هكذا من أول خمس جلسات فهى فعلا محتاجة لكثير من المساعدة. نبهنى ذلك إلى أهمية الإشراف بكافة أنواعه ومنه مقابلة الأستاذ للمريض مع معالجه كل أربع جلسات لفرملة التعنت بكافة أشكاله.
د. يحيى:
لا أظن أن فى المسألة تعنت كما تقول.
لكن عندك حق فى أهمية الإشراف فى هذه الحالات.
د. مروان الجندى
أحيانا يكون المريض كتوما بدرجة تجعل عملية أخذ المعلومات تبدو فى صورة تحقيق، وهذا يجعل المهمة ثقيلة مما يجعلنى قد أرغب فى إنهاء العملية العلاجية مع المريض بعد بدايتها بقليل.
كيف يمكن التغلب على ذلك؟
د. يحيى:
أنت فعلا تتغلب على ذلك، بالوعى بهذه الرؤية
وبعد ذلك، وأيضا قبله يأتى دور الاستمرار والإشراف.
د. طه رحمانى
احد الاسباب فى فشل العلاج مع اى مريض ان الدكتور يكون حاطط الساعه جنبه وبيعد الثوانى.
د. يحيى:
لا أظن، أو على الأقل ليست هذه هى القاعدة، ولا إلى هذه الدرجة.
من حق الطبيب أن يحدد الوقت الذى يراه مناسبا لصالح المريض باتفاق مقبول. الالتزام مطلوب حسب الاتفاق لا أكثر ولا أقل، والمسألة ليست دائما بالكمّ (كم الوقت) وإنما بكل التفاصيل، بما فى ذلك حذق الصنعة، ودقة المحكات التى نقيس بها مسار العلاج، وموضوعية العلاقة، هذا مع التذكرة بأن العلاج النفسى ينبغى أن يحدد ابتداءً بوقت متفق عليه، وغالباً هو خمسون دقيقة بالتمام والكمال.
د. طه رحمانى
الدكتورة هاله فخرى لما رحت عندها غيرت فكرى تماما
اللهم لك الحمد
الله يرزقها ويرزقك خير الدينا والاخرة يا دكتور يحيى
اشكرها واشكرك
د. يحيى:
د. هالة من تلامذتى فى فترة باكرة (ليست باكرة جدا) وبصراحة أنا فرح بما يبلغنى منك، فهو يطمئنى على ما تبقى من تدريبها الذى نضج لينضح بكل هذا الخير، مع أننى (وأعتذر لها) لم أتوقع ذلك منها أو لها فى بدايات تدريبها.
أ. رامى عادل
لازم العيان يخبى، والدكتور يشغل دماغه، والدكتور مش لازم يعرف كل حاجه، هو مش س وج، ومن حق العيان يكون ليه اسرار، الدكتور يعرف اللى يفيده ويفيد العيان، انما العيان مش يعرى نفسه على الفاضية والمليانه، ده حتى كده ممكن يتعود انه يعيش عريان ومايحافظشى على اسراره، ثم ايه هو المحك، أى طبيب يعرف ايه؟، هو بيقيس بايه؟ كل طبيب له ادوات، ومش لازم العيان يكون كتاب مفتوح، صحيح اللغه التنقيطيه ممكن تكون مش مستحبه، بس العيان يتعلم ميكشفش كل ورقه، وبصراحه العيان بينجرح اوى لما بيتعرى جوه الجلسه، وساعات بيطلع عريان والطبيب مش ساحر عشان يعرف يداوى كل الجروح، انا فى الأساس باتكلم ان العيان ميقولش كل حاجه ولو لطبيبه، لان العلاقه دى فى الاساس بيتقاس عليها كل علاقات العيان، يعنى اللى بيعمله مع الطبيب حايقوله مع التانيين، وبكررها مش من حق الطبيب يعرف كل حاجه، وكل عيان واللى بيوصل له، ولازم العيان يعرف يقول ايه اللى يفيده والى فى مصلحته، انما يا فرحتى لما يكشف نفسه لنفسه، انما طول الوقت احنا بنخبى حاجات وبنقول حاجات، وده اللى لازم الدكاتره يعلموه، انهم من حقهم يخبوا، ومايعروش نفسهم، ومايسمحوش لحد انه يخترقهم.
د. يحيى:
بصفة عامة، هناك منطق سليم فى كثير مما ذكرت ولكن..
لاحظت هذه المرة قدرا كبيرا من “اللزوميات” وتحديدا واضحا للقدر المسموح بتعريته، والقدر المطلوب إخفاءه، وكأن المسألة بيننا. (المريض أو الطبيب) تجرى هكذا بهذه البساطة.
يا رامى أنت سيد العارفين أننا لا نعرف – حتى مع أنفسنا – أى قدر يمكن تعريته وأى قدر ينبغى اخفاؤه سواء من المعلومات أو مما بداخلنا، لأننا أصلاً لا نعرف – غالبا – ماذا نخفى.
دعنا نتعاون ونحن وشطارتنا “معا”.
د. مدحت منصور
رأيت في التعليقات نغمة الملل من المريض مقابل التنقيط بالمعلومات وقد قرأت التعليقات ووصلتني ولكن أريد أن أقول أن المريض ليس صنبور معلومات يفتحه المعالج بضغطة، أين شعور المعالج بمسئولية العلاقة والتي يجب أن تتنامى لكي ينال من المريض (مريضه) أسراره, إن كان المعالج صنايعي هذا جيد ولكن يجب أن يعلم أنه يتعامل في بضاعة غالية جدا هي الإنسان الذي كرمه الله وفي التعرية مهانة ولكي نتفادى المهانة يجب أن يتعرى من خلال علاقة متينة مبنية على الثقة والاحترام.
د. يحيى:
وصلنى حماسك يا مدحت، لكن أرجو أن تفرق بين صالح المريض وهو يبوح، وبين اقتحام داخله قسرا بما يجعل التعرية مهانة وهذا ما لا يفعل ألا معالج متمرس.
الحالة: (39)
أهمية التاريخ الأسرى أثناء العلاج،
مع نقلة الأعراض ([69])
د. شوقى سليمان: صباح الخير يا دكتور يحيى
د. يحيى: أيوه أتفضل يا شوقى صباح النور يا إبنى
د. شوقى سليمان: …. عندى عيان عنده 27 سنة بيشتغل فى شركة قطاع خاص، هو معايا بقاله سنة وشهرين، وأنا بدأت اباعد بين الجلسات، واقلب العلاج متابعة، بس لقيته رجع المرض نِشِط تانى
د. يحيى: بتشوفه هنا فى المستشفى ولا فى العيادة
د. شوقى سليمان: لا هنا، هو كان هنا وخرج متحسن
د. يحيى: وبعدين؟
د. شوقى سليمان: حضرتك كنت قلت ينفع الجلسة نصف ساعه كل أسبوع، فعملت كده بعد مدة لما ابتدينا متابعة، بس دلوقتى يعنى رجعت للجلسة ساعة كل أسبوع، وزودت الدواء، دلوقتى طول الوقت بيحكى عن خوفه لترجع الأعراض، هوه، هوه مافيش أعراض بس خايف انها تيجى، وهو فى الشغل ابتدى يحس تانى إن الناس فيه احتمال حد بيراقبه، بس عارف إن مفيش حاجة، لكن بيخاف للحاجات دى تجيله لدرجة بيقول إنه عايز يسيب الشغل
د. يحيى: هو تشخيصه ايه؟
د. شوقى سليمان: كان فصام
د. يحيى: ودلوقتى ؟
د. شوقى سليمان: مش عارف قوى، ما ينفعش نفس التشخيص
د. يحيى: فيه حاجة قلناها كتير اسمها نقلة الأعراض Symptom Shift، يعنى عرض بيجى مطرح عرض، وحاجة اسمها “نقلة المرض” Syndrome Shift يعنى مرض بيجى بدال مرض، احنا اتكلمنا فى ده كتير، مش كده؟
د. شوقى سليمان: أيوه.. بس يعنى العيان ده كان فيه فترة كان كويس خالص، ما فيش لا ده، ولا ده
د. يحيى: وبعدين؟
د.شوقى سليمان: ما كانش فيه أعراض خالص لمدة حوالى 10 شهور وكان بيجى مبسوط من الشغل واخوه معاه فى نفس الشغل، كان بيدينى تقرير كويس ان المدير بتاعه مبسوط منه وانه بيشتغل كويس
د. يحيى: ما هو لازم نحدد نوع الكواسة فى مجالات كتير، فى مجال الأعراض وفى مجال العمل وفى مجال النوم وفى مجال علاقته بالناس
د. شوقى سليمان: … كان فيه علاقات وكمان كان بدأ يخطب وحاجات زى كده
د. يحيى: يعنى كانت فيه فترة إفاقه معقولة
د. شوقى سليمان: تمام، بس من حوالى شهر كده بدأ يخش فى الحالة اللى باحكى عنها دى، خايف لَلاْعراض تجيله
د. يحيى: طب ما يخاف
د. شوقى سليمان: لأ، دى زادت لدرجة إنها بقت تأثر على شغله قوى، بقى ياخد إذن ويسيب الشغل ومايكملش اليوم
د. يحيى: انت بتشوفه بقالك قد أيه
د. شوقى سليمان: بقالى شهر دلوقتى واقف معاه فى الزنقة دى
د. يحيى: مش هوّه لسه بيروح الشغل
د. شوقى سليمان: أيوه، بس أداؤه انخفض والمدير بتاعه اشتكى منه
د. يحيى: انا متأسف، طب والتاريخ الاسرى؟
د. شوقى سليمان: والدته كانت عندها وسواس قهرى شديد
د. يحيى: السؤال بقى؟
د. شوقى سليمان: انا دلوقتى بقالى شهر واقف محتاس
د. يحيى: الوسواس القهرى اللى كان عند الست الوالده قعد وقت قد أيه
د. شوقى سليمان: قعد كتير
د. يحيى: قد أيه
د. شوقى سليمان: لحد ما ماتت بيه يمكن حوالى 20 سنة أو أكثر
د. يحيى: طيب وبعدين؟
د. شوقى سليمان: أنا دلوقتى مزنوق معاه، هو طول الوقت بيصدرلى خوفه ده طول الجلسة تقريبا
د. يحيى: وليه بتتزنق ما هو بيجى منتظم وبيمشى وبيشتغل، تبقى الجلسة نصف ساعة كويس قوى، يعنى بين العلاج النفسى والمتابعة
د. شوقى سليمان: انا دلوقتى رجعت أخليها ساعة مش نص ساعة
د. يحيى: انت عارف إصرارى على إن الجلسة تبقى ساعة خصوصا أثناء التدريب، تفتكر إيه اللى خلانى ما اعترضشى على إنك نقصت الجلسة إلى نص ساعة.
د. شوقى سليمان: مش عارف، أنا رجعتها ساعة لما لقيت نفسى ما بقتش ألاحق على كلامه بقى يشتكى كتير وبقيت مضطر أسمع وقت أطول
د. يحيى: أنا قبلت تبقى نص ساعة عشان هوّه كان فصامى وماكنتش عايز ننكش كتير، لكن دلوقتى يمكن أفكـّـر تانى، بس قل لى هو بيشتكى ولا بيحكى
د. شوقى سليمان: بيحكى
د. يحيى: أيه الفرق بين يشتكى ويحكى؟
د. شوقى سليمان: بيشتكى فيها معاناة شوية عن الحكاوى
د. يحيى: تقريبا صح
د. شوقى سليمان: مش عارف أعدى الحته دى معاه
د. يحيى: انت بقى مزنوق فى إيه بالظبط؟
د. شوقى سليمان: عايزأشوف سكه معاه علشان أعدى الحته دى
د. يحيى: وليه تعدى؟ ماتسيبه هوّا يعدى، وأنت تساعده
د. شوقى سليمان: يعنى انا شايف دلوقتى أداؤه فى الشغل بدأ ينخفض، واحنا كنا ماشين كويس
د. يحيى: هل فيه علامات تانية غير إنه هو خايف لحسن الأعراض ترجع
د. شوقى سليمان: اللى حصل إنه فى شغله بدأ يستأذن كتير، وما يكملش اليوم والمدير بتاعه اشتكى وهو بيقول إنه مابيركزش فى شغله
د. يحيى: سيبك من حكاية انه بيركز وما بيركزشى، معظم اللى بيشتكوا من عدم التركيز، زى ما باقول دايما، مخُّهم بيركز من وراهم، غصبن عنهم، المهم الإنجاز الفعلى سواء ركز أو ما ركزشى، المهم إنتاجه
د. شوقى سليمان: ما هو أخوه شغال معاه فى نفس الشركة، وبيقول لى انتاجه قلّ
د. يحيى: هوه قاس إنتاجه إزاى؟
د. شوقى سليمان: كان بيسلم فى الاسبوع َ لوحتين تلاته بقى ما يكملش لوحه
د. يحيى: هو ده المهم، أهم من حكاية إنه خايف ان الاعراض تيجى، فانا رأيى إنك تهتم أكتر بمستوى إنجازه فى الشغل، وتخلى دَهْ المقياس الأساسى بتاعك
د. شوقى سليمان: انا باحاول
د. يحيى: يعنى بدل ما تقول لنا دلوقتى إن المشكلة إنه خايف ان الاعراض ترجع، تبتدى بإنك تقول إن هو بقى أقل انتاجاً فى شغله، أنا شايف إن ترتيب “محكات التحسن” والإفاقة واستمرارها مهم، صحيح خوفه إن الأعراض ترجع ماشى مع تقصيره فى شغله، لكن الأخير هوه الأهم، خصوصاَ ان امه كان عندها وسواس قهرى، ففيه احتمالات إن الفصام اللى كان عنده يتقِلبْ وسواس قهرى زى أمه، عشان كده أنا باركز معاكم على التاريخ الأسرى لأن التاريخ ده بيشاور لنا على “برامج جاهزة” ومستعدة للخدمة بالتباديل والتوافيق والبرامج دى أو الاستعداد لتنشيطها بيتنقل من جيل لجيل، العيان بيخرج من الفصام بعد العلاج وهوّه عنده تنويعات مختلفة من الأعراض، ده إذا ما كانش الشفا كامل، ومآل الفصام بيتسمى ساعات “النقلة الثالثة”، البداية هى إرهاصات المرض والتحريك، وبعدين الفصام الصريح، هو النقلة الثانية والمآل ده بيسموه النقلة الثالثة، ودى ورقة كان قدمها لنا الدكتور محمود سامى عبد الجواد فى أوائل السبعينيات من مرجع روسى، وفيها من ضمن الأمراض اللى بتحل محل الفصام فى النقلة التالتة دى الوسواس القهرى، وزى ما انتوا عارفين التقسيم العاشر حاطط “اكتئاب مع مابعد الفصام” ضمن تنويعات الفصام، وده برضه يعتبر نقلة تالتة وعندك برضه نقص الطاقة Anergia، والانحراف السيكوباتى Psychopathic deviation غير حاجات تانية.
انتو عارفين يعنى ان انا راجل بتاع نيوروبيولوجى، وباهتم بالوراثة جدا جدا، فممكن يكون هذه التخوفات اللى ظهرت عند مريضك ده يا شوقى ممكن تكون إشارة إلى نقلة نحو الوسواس القهرى، الاحتمال ده وارد خصوصا إن الضلالات بتاعته إن الناس بتراقبه، هوّه نفسه بقى يكذبها، يعنى بقى عنده بصيرة فيها، يبقى برضه رايحة ناحية الوسواس، إذن الحكاية زى ما تكون الحالة حاتقلب باضطراب وسواس قهرى، مش بطال باعتبار أنه أحسن من الفصام، بس دمه تقيل، يعنى إننا نستبدل مرضى بمرض ماهياش حاجة حلوة قوى، بس لازم نفتكر إن التفكيكة أحيانا فى الفصام بالنسبة للعيان بتبقى أريح من السجن بتاع القهر والوسواس دى، فإنت وانت بتقيس خطواتك بتحط فى اعتبارك مقاييس عملية علمية فى نفس الوقت، فإنت غير إنك تاخد مجرد كلامه، تبقى عندك فى ذهنك الاحتمالات العلمية المختلفة، ومن ضمنها تشكيلات النقلة الثالثة، أنا موافق مرحليا إنك رجّعت الجلسة بقت ساعة، ده جيد على شرط ان العيان يكون بيحكى مش بيشتكى ويزن وبس، يعنى شويه حكى وشويه شكاوى، لأن الشكاوى بس ممكن تثبت المخاوف، لو الفرض ده صح، يبقى العلاج النفسى هنا ممكن ياخد سِكّة تانية، إنت لو معالج حريف، وان شاء الله حاتبقى كده واكتر، ممكن تهوّى على سجن الوساوس المحتملة، بإنك تحتوى خوف عيانك ده، يقوم خوفه يقل من رجوع خبرة التفكيكة اللى حصلت أثناء حدة الفصام، قصدى الخبرة اللى دخلته المستشفى، يعنى تسمح بجرعات بسيطة من الجنون بيسموه “مينى جنون”، minipsychosis ، زى المينى جيب كده، وأظن احنا شاورنا على الحكاية دى قبل كده، بالشكل ده يمكن ما يضطرشى يلجأ إلى سجن الوسواس زى أمه، لأنه مش حايخاف يتمادى ناحية هيصة التفكيك، ماهو الوسواس بيحتدّ ويزمن طول ما الواحد خايف يتجنن، فلما عيانك يصاحب الجنون واحدة واحدة وهوّه فى حضنك ومايخافشى منه، فلا حايبقى كده ولا حايبقى كده.
بس خلى بالك إذا كانت أمه ما دخلتش أصلا فى التفكيك وقعدت عشرين سنة موسوسة، هو يمكن مايقدرش يعملها زى والدته، لأنه مرعوب أكثر منها من خبرة الجنون اللى هوه مرّ بيها، وهىّ مامرتشتى بيها، حاتلاقيه مش عايز يرجع للخبرة دى تانى أبدا، وبرضه خلّى بالك، لو هو استسلم قوى للنقلة للوسواس، يمكن يكون أصعب من والدته، ويجوز الوسواس لو أتمكّن يبقى معوق له حتى فى شغله وعلاقاته بدرجة ألعن من الفصام.
فاضل بقى حكاية العلاقات يعنى مش حايكفى بقى ان أخوه معاه فى الشغل، وواخد باله منه ده شاب عنده 27 سنة ومهندس وآن الآوان يفكر فى إنشاء أسرة، فيمكن بيظهر خوفه من رجوع الأعراض كل ما تزقه انت ناحية الارتباط، انت بقالك معاه مدة كويسة، سنة وشهرين ودى مده مش قليله، كتر خيرك على كرمك، فاضل بقى إنك تهدّى اللعب جواك انت، لان هو حايحلها فى الغالب، وكل اللى عليك إنك تقعد واقف كده تاخد بإيده، حايحلها إزاى؟ الله أعلم، ولو حلها حتى باضطراب وسواس قهرى، يمكن تبقى مجرد، مرحلة، ومع استمرار العلاج والتهوية على اللى جوه، الأمور غالبا حاتتلمّ لفوق شوية شوية، ثم ما تنساش جرعة متوسطة من النيورليتات حاتشتغل على المستوى المرضى الأصلى، قصدى الفصام أو التهديد بالفصام.
أنا شايف انت عملت شغل كويس، فمافيش داعى تستعجل أو تخاف زيه، وطبعا تقدر تلعب فى الدوا بالراحة، وعندك المحكات اللى تقيس بيها فى كل المجالات: الشغل والأعراض، والخوف منها، ضيف عليها مقياس النوم، وفايدته، وازاى بيملأ بقية وقته غير الشغل، وبرضه نوع تدينه، ولو الأمور ماشية واحدة واحدة مع شوية ذبذبة كدا ولا كده، والعلاقة مستمرة، فى الغالب المسائل حاتبقى أحسن، وربنا يسهل.
د. شوقى سليمان: على الله.
****
التعقيب والحوار:
أ. سميح ملحيس
نقلة الاعراض او نقلة المرض هل تحدث فقط عندما يكون هناك عامل وراثه مثل ما هو مطروح بالحاله الحاليه (امه عندها وسواس قهرى)؟؟
د. يحيى:
لا طبعا، الوراثة ليست شرطا لحدوث نقلة الأعراض “النقلة” واردة ومحتملة فى كل الأحوال، مع الاستعداد الوراثى وبدونه، وتتوقف عادة على الشخصية قبل المرض وعلى نوعية العلاجات، وعلى منظومة القيم والطباع التى كان يتصف بها المريض قبل المرض، وعلى طبيعة المتابعة وعمق التأهيل، الوراثة قد تساعد فى تحديد بعض التفاصيل وبعض التوقعات.
أ. رامى عادل
د. يحيي: فلما عيانك يصاحب الجنون واحدة واحدة وهوّ فى حضنك ومايخافشى منه، فلا حايبقى كده ولا حايبقى كده: هى دى الله ينور عليكم، برنامج الدخول والخروج، رحلة الذهاب والعوده، ازاى نتجنن واحنا واثقين فى دماغنا، وفى نشاطها، وان السكه رايح جاى، واننا مهما نعلى مسبرنا نرجع لمسارنا، وأن الإنسان خلطه من ده على ده، وأن الدنيا رمادى وألوان مش يا أبيض يا اسود، عشق الجنان عشان برجع منه انسان فايق ورايق، ومحدش بياخد باله، واللى يحس بحاجة من جنانى مايسمحش انه يصدقها او يصدق نفسه،انما المطلقات والسكة الزرقة بتاعت اللى يروح ميرجعش دى سكه خطر، وممنهاش رجعه ولا فايده، ما اجمل ان تكون او تجرب الاتنين العقل والجنان دون ان تدمن ايا منهما، ما احلى الا يشك فى عقلك احد، والا يثبت احدهم انك خلل، وانك تراجع وتتراجع، ما احلى اللعبة، وما اجمل الطعم( بضم الطاء) الذى نصطاد به الجنون، ونشبكه دون أن ياسرنا أو نطيش به، علينا ان نتعلم كيف نضرب ونلاقى، كيف نشد ونرخى، كيف نثق فى الجنون دون ان نهابه أو نتراجع عنه الا لننشد غايته الاسمى، وحكمته الداهية
د. يحيى:
أعجبتنى حكاية “الطـُّعم الذى نصطاد به الجنون” وغير ذلك
المسألة يا رامى ليست هكذا تماما، لكنها هكذا أيضا،
ما رأيك؟ دعنا نتعلم منك ونتذكر أن التهوية على احتمال الجنون، غير السماح بالحق فى الجنون، غير استيعاب الجنون لتحجيمه حجمه الطبيعى، غير مصاحبة الجنون تشكيلا محتملا.
كل هذا يا رامى وغيره يحتاج إلى تصديق ومصادقة المريض باحترام حقيقى، وهو مأزق شديد ينبغى الا نُستدرج من خلاله إلى التصفيق للجنون، وأيضا ألا نخدع فى الخلط بين احترام خبرة المجنون وبين الاستعلاء عليه تحت شعار: “نأخذه على قد عقله” ونتصور أن هذا احترام، لأن عقله قد يكون أفضل من عقلنا رغم التدهور”.
أ. عبير رجب
“التاريخ الأسرى بيشاور لنا على “برامج جاهزة” ومستعدة للخدمة بالتباديل والتوافيق والبرامج دى أو الاستعداد لتنشطيها بيتنقل من جيل لجيل”.
العبارة دى تخض وتخوف قوى.
د. يحيى:
…. هذا الكلام عن الوراثة بلغة “البرامج” هدانى إلى توسيع دائرة الوراثة وعدم قصرها على وراثة مرض معين، بل فهمها من خلال دراسة احتمال وجود “أنماط من الحركة والسلوك” قابلة للانتقال من جيل إلى جيل، بقدر ما هى محتملة التنشيط فى ظروف بذاتها، كذلك على احترام وراثة زخم الطاقة وحركية التشكيل.
أما التباديل والتوافيق فهى تتم فيما بين البرامج الجاهزة (الموروثة)، وأيضا بينها كلها من جهة وبين البرامج الجديدة المكتسبة بالخبرة والتعلم من جهة أخرى.
أما أنك تخافين وتندهشين هكذا، فهذا يشير إلى استقبالك الحى الطازج.
هيا.
د. مروان الجندى
“حضرتك قلت لدكتور شوقى فى الحالة” ليه تتزنق مادام العيان بيجى ومنتظم وبيشتغل”
كثيراً ما يقوم المريض بتصدير خوفه أو شكواه فى كل جلسة، ويلح بطريقة شديدة على الحصول على حل فورى لها كأن المعالج يملك مفاتيح لكل المشاكل مما يعيق المعالج عن التعامل مع الموقف لفترة وساعات يقول المريض لو مفيش حل يبقى ما جيش أحسن.
كيف يمكن تجاوز هذا الموقف؟
د. يحيى:
هذا صحيح، وهو متواتر الحدوث
لكن الأرجح أن المريض يتعلم بسرعة الفرق بين دور الطبيب (أو المعالج) وبين دور حلاّل المشاكل والموجّه،
أنا من البداية أرفض أن تبدأ العلاقة بينى وبين المريض بتعبير “أنا عندى مشكلة: وأفضل توجيه المريض من الأول إلى أن يتحدث عن تأثير هذه المشكلة عليه “هنا والآن” مما جعله يلجأ إلى الطبيب (أنا) فى هذا اليوم (أو الأسبوع) بالذات، أطلب منه ذلك قبل الحديث عن تفاصيل المشكلة
أنا أعتبر “تحديد الدور”، هكذا فى بداية التعاقد أمرا أساسيا، ويستمر تجديد ذلك طول العلاج
د. عماد شكرى
هل يوجد مستوى آخر من التعامل مع التاريخ العائلى بالإضافة إلى المستوى الوراثى أو الجينى وهو مستوى الدفاع تحت الواعى ضد الأعراض المتوارثة ؟
وهل يكون هذا المستوى متاح أكثر للعلاج النفسى الديناميكى والسلوكى أيضا؟
د. يحيى:
طبعا توجد مستويات ومستويات، منها التى ذكرتها انت حالا
أود أن أخبرك أننى لا استعمل تعبير “العلاج النفسى الديناميكى”، ولذا فأنا لم أتبين ما تقصده منه تحديدا.
د. عماد شكرى
ربما يكون تغير الأعراض مؤشرا لتغيير التشخيص وإعادة الرؤية.
د. يحيى:
هذا وارد طبعا، ومفيد، لكن رصد عملية نقلة الأعراض أو الزملات يهدينا إلى مسار العملية الإمراضية وأيضا العملية العلاجية.
أ. عماد فتحى
أرجو توضيح أكثر لموضوع “أن التاريخ الأسرى بيشاور لنا على “برامج جاهزة” ومستعدة للخدمة بالتباديل والتوافيق، ونقلها من جيل إلى جيل .. إلخ؟
د. يحيى:
برجاء قراءة ردى على “أ. عبير رجب” حالا
أ. محمد إسماعيل
حضرتك قلت قبل كده أن الوسواس أخر دفاع ضد الفصام، إزاى؟
د. يحيى:
ليس آخر دفاع بمعنى ترتيب ظهوره، ولا أذكر أننى قلت لفظ “آخر” هذا تحديدا، ربما قصدت أنه: دفاع آخر ضد الفصام
المهم هو أنه آلية دفاعية واردة ومهمة، وقوية، وصعب.
أ. محمد إسماعيل
هل يمكن أن يكون الوسواس هو النقلة التالتة من الفصام، وماهو الفرق بين الوسواس “الدفاعى” والوسواس “النقلة”؟
د. يحيى:
هو فعلا ضمن تنويعات النقلة الثالثة فى مسيرة الفصام، وهو إذا ظهر بعد الفصام يعتبر أحد تجليات النقلة الثالثة، أما ما أسميته أنت الوسواس الدفاعى (وكل الوساوس دفاعية غالباً) فلعلك تقصد به ما يظهر ابتداء دون المرور بمرحلة الفصام، إن كان ذلك كذلك، فهذا هو الفرق.
أ. محمد إسماعيل
وصلتنى أهمية التاريخ الأسرى فى معرفة البرامج الجاهزة والتنبؤ بالمريض هايروح على فين،
وأيضا فهمت معلومات عن النقلة التالتة،
وكذلك أهمية وجود محكات حتمية للتدهور ليست لها علاقة مباشرة بشكوى المريض، وهكذا: فإن الشكوى وحدها مش كفاية.
كل ذلك وصلنى فشكرا
د. يحيى:
العفو، بارك الله فيك.
أ. محمد إسماعيل
سؤال غبى: هو فيه فصامى بيشفى تماماً؟
د. يحيى:
طبعا، ويتجاوز شفاؤه أحيانا ما كان عليه قبل المرض،
وأيضا قد يتجاوز ما توقف عنده كثيرون ممن يسمون أنفسهم، ونسميهم، “العاديين”.
د. مها وصفى مباشر
أظن إن المريض ده إتعمل معاه شغل كويس جدا,و إللى بيعانى منه الآن ده ممكن التعامل معه على كونه وسواس قهرى فقط فى مريض لديه خبرة ذهانية ويمكن إللى معطله فى شغله حاجات تانية
فأرى أن يعطى الفرصة العلاجية الدوائية والنفسية الأكثر تفاؤلا كمريض وسواس قهرى كما أشار لنا تاريخه الأسري, عن كونه فصاميا. واضعين فى الإعتبار أن مسار مرضه يمكن تحسينه حتى عن أمه (أمامه فرصه للتحرر ولو النسبى من سجن الوسواس) لكونه خاضع لخبرة علاجية طويلة وناجحة ربما لم تتح لأمه مثلها.
د. يحيى:
أوافقك، وآمل معك، مع التوصية بأن نتذكر أن فرصة علاجه ربما تكون أفضل لو استمر فى الخطوط التى أشرنا إليها حالا وذلك برغم مروره بمرحلة كان يعانى فيها من الفصام الصريح.
د. محمد على
“ولما عيانك يصاحب الجنون واحدة واحدة، وهو فى حضنك وما يخافشى منه فلا حايبقى كده ولا كده”.
مش فاهم يصاحب الجنون إزاى؟ إكلينيكيا يبقى عنده إيه؟ وما يبقاش عنده إيه؟ إيه الأعراض، وأتحكم فيها إزاى؟.
د. يحيى:
برجاء قراءة خبرة الصديق رامى عادل اليوم، وردى عليه حالا.
الحالة: (40)
عن ألم المعالج (والمشرف) إنسانا،
وكيف يتعامل معه ([70])
توضيح مبدئى:
عثرت على هذه النشرة كما هى فى موقعها التاريخى تسلسلا مع بقية الحالات، وبحثت فيها عن الحالة (33)، فلم أجد إلا “حالتى” شخصيا، فترددت، لكننى غامرت وأثبتها كما أثبت التعليقات والحوار الذى دار حولها فى بريد الجمعة.
الحالة (33) “حالة المشرف!!”
تكرر الحديث فى هذا الباب عن كيف يتعامل المعالج مع مشاعره الخاصة، وكيف يشارك مريضه آلامه وهو يواكبه، كما حذّرنا كثيرا من الفرحة بالمبالغة فى الشفقة من أعلى، ومن التعامل على مسافة، وأيضا كم نبهنا إلى صعوبة ضبط جرعة هذه المشاعر، ما أمكن ذلك، وكان هذا من خلال الخبرة والإشراف وعرض الحالات.
ثم مررتُ مؤخرا جدا بخبرة شخصية، فتحت هذا الملف دون استئذان، وأنا أرد على خطاب خاص، جاءنى من صديق صدوق، طلب منى ألا يكون خطابه للنشر العام، فاحترمت ذلك فورا وتماما، إلا أننى لاحظت وأنا أراجع ردى عليه، أنه قد ورد فيه (فى الرد) ما لا يجوز أن أحجبه عن من يحتاج إليه، ذلك أننى تحدثت فيه عن ألمى شخصيا وكيف أتعامل معه. وجدت فى ذلك – فجأة – ما قد يفيد المتدربين هنا، ويكمل نقاشى معهم.
ألستُ معالجا مثلهم عندى نفس الضعف، أعيش نفس المشاعر؟
ألا أزعم لهم أحيانا، تلميحا أو تصريحا، أننى أعتبر معايشتى ألمى هى ثروة مهنتى، وجوهر ممارستى؟
وفى نفس الوقت: ألست أكرر – فى إشرافى هنا وفى الواقع- كيف أن علينا أن نتعلم أن الألم هو جزء لا يتجزأ من الحياة ونحن نحمل مسئوليتها؟
كما أنه علينا أكثر أن نتعلم كيف يمكن أن يكون الألم نفسه هو ورطة المريض حين يضنيه حتى العجز، أو وهو ينكره تماما، فيتشوه به، وبدونه.
تصورت أن المتدرب، وهو يشارك مريضه ألمه، يحتاج للاطلاع على حرفية نص هذا الحوار الذى جرى بين صديقى وبينى، مما قد يسمح له أن يتعرف على مشاعر الذى يقوم بتدريبه، فيتأكد أن ما يسرى عليه متدربا هو هو ما يسرى على مدربه إنسانا ومعلما معا، لكننى لم آسف كثيرا على حجب النصين احتراما لتوصية صديقى، فرحت أتحايل حتى لا أحرم أبنائى وبناتى من صدق بعض ما جاء بينى وبين صديقى:
قررت أن أنشر مقتطفا محدودا من “ردى” دون رسالته، آمِلا أن يؤدى ذلك إلى النفع الذى نأمل فيه معا
فليسامحنى الصديق، فأنا أعرف كم هو حريص على نفع الناس بما ينفع الناس.
كان صديقى هذا قد نبهنى فى خطابه إلى ما لاحظه على شخصى أثناء ظهورى فى بعض البرامج، وهو أننى ما زلت أتألم وأندهش وأحتار، ولحبه لى، تمنى لى أن أكون أكثر تسامحا مع نفسى، حتى نصحنى بأن أستعين بما تيسر من تقنيات أحدث، لعلها تخفف عنى بعض ذلك، تعجبت كيف التقط كل هذا عنى عن بعد هكذا، ونحن لم نلتق وجها لوجه منذ سنوات، ثم تصورت أن ما بيننا من علاقة صادقة لا تنقطع بالبعد الجسدى، هى التى أتاحت هذا النوع من التواصل، حتى “شخّص حالتى”، (وهو ليس طبيبا)، بكل هذا الحب وهذه الطيبة.
لم أجد حرجا فى ألا أستأذنه، طالما أننى لم أذكره لا بالاسم ولا بالصفة، وليجزه الله عنا خيرا.
المقتطف (من ردّى عليه):
………………
……….. أنا – كما لابد أن تعلم يا صديقى – لا أشكو من ألمى هذا، ولا أرفض حيرتى أو دهشتى، أنا فخور بألمى ما تعلق برؤيتى، ودفعنى إلى الفعل، أما حيرتى ودهشتى فهى سر كشفى واستمرارى،
أنت تعرف كل هذا، دون أن نلتقى ونتبادل الحكى
الألم الإنسانى – كما تعلم– أرقى بكثير جدا من أن يلجأ من شرُفَ بحلوله فى وعيه، إلى التخفيف عنه بأية أداة من خارجِه، مهما بلغت قدرات هذه الأداة وانبهارنا بها .
فهى لا يمكن أن تخففه،
ولا أريد منها أن تخففه،
وهى أعجز من تحيط به
ولا تستطيع أن تتناغم معه
الألم الإنسانى لا يخففه إلا ألم إنسانىّ أرقى، فأرقى، “معا”،
ساعتها لن يكون هو هو
هو الفـَـرْحُ بعينه، شريطة ألا نسميه كذلك
أنت تعلم – يا صديقى – أن هذا الألم بوجه خاص هو المحور الجوهرى الذى يعطى “لوجودنا معا” معنى نستحق به أن نكون بشرا بحق
نحن نسميه أحيانا الحب – هو هو الحب – لكنهم سرقوا اللفظ لاستعمالات استهلاكية سريعة
أنت تنكر علىّ أننى لم أتسامح مع نفسى، مع أننى فعلتها وأفعلها كل يوم وكل لحظة، وإلا كيف أستطيع أن أواصل حمل أمانة، وجودى، ومسئوية عيى بى وبهم.؟
لا أريد أن أراك
وسوف أدعو لك كما تدعو لى
أريد أن أراك
لا …!!!!
من البديهى أننى سوف ألتزم بتوصيتك ألا تكون هذه الرسالة للنشر العام
مع أنها يمكن أن تفيد من يحتاجها جدا
لكن من يحتاجها سوف يجدها فى داخِله حتما
(انتهى المقتطف)
وبعـد
أدعو الله أن يصل بعض ما يغفر لى تجاوزى المحدود هذا إلى من يتصدى للألم الإنسانى، مما قد ينفع الناس: مرضى ومعالجين، وغير ذلك.
ولك الفضل – يا صديقى – من قبل ومن بعد.
****
التعقيب والحوار:
د. مها وصفى
د. يحيى … أنا مها تلميذتك، بل إسمح لى وأنت أبى الروحى أن أتشرف بادعانى أنى ابنتك كما أفعل فى كل محفل علمى أو غيرهُ تـُذكرفيه أو أذكرك…،
أما بعد فإنى أتابع النشرة بانتظام منذ حوالى ستة أشهر ومازلت أتعلم منها كما كنت أثناء سنوات النيابة بقصر العينى وإن كنت لم أشارك فى التعقيب من قبل.
ولكن، موضوع اليوم إستثار مخزون ألمى كإنسانة ومعالجة لمدة تزيد عن العشرين عاما.
فقد شرفت وأشرف بحلول هذا الألم بوعيى، بغتة وترقبا فى عملى وفى حياتى، وقد تعلمت منك كيف أحترمه، بل وربما تركت له الحبل على الغارب فيهز اعماقى وكنت أنمو من خلاله، ولكنه يبدو الآن علىّ ثقيلا جدا فى فترات ربما لا تعطنى الحياه المهلة للتوقف حتى يهضم ويمتص ويدخل فى إعادة تشكيلى النفسى كما أعتدت.
وطبعا أنا أعلم جيدا حجم الألم الذى اعتدت استنباطه منك أنا وزملائى حين كنا نراك متألما فيجثم على صدورناهم الوعى بمايلم بك و العجز عن مساعدتك.
وقد هزنى تعليقك بأن الألم الإنسانى لا يخففه إلا ألم إنسانى أرقى وساعتها لن يكون هوهو، فلاح فى مخيلتى ما ذكرته عنك آنفا، وعجز من كانوا حولك دونه وأظننى أشعر به حاليا فهذه المشاركة نادرا ما تتوفر لى الآن كذى قبل. ولكن أعلم أنى كنت أستعين على هذا الألم بالإبداع (تلقيا وإنتاجا) وهذا ماأحب أن أقترحه وأتواصل به مع قراء النشرة من المعالجين وهو طبعا لا يخفى على حضرتك.
د. يحيى:
يا خبر يا مها؟!! يا خبر!! يا حضرة الاستاذ الدكتور!! أخيرا اسمع منك أيتها الرقيقة التشكيلية المبدعة،
كل ما تلقيته من “سعاد” هو أربعة أسطر تحصيل حاصل وقد بلغ عدد النشرات اليوم 560، أهذا يصح؟
تتركونى هكذا وحدى مع تلاميذى الأصغر الذين أفرض عليهم فرضا أن يـُـعـَـقـِّـبـُـوا، وأنت تعرفين ماذا يعنى هذا لى: أن أفرض أى شىء على أى أحد، ومع ذلك أفرضه بعد أن تخليتم أنتم عن المشاركة،
لست أعرف بالضبط ما يخيفكم من كتابة سطر أو سطرين، هل تخشون أن يخرج منكم ما لا تريدون أن يخرج حتى لو كان حبّا مثلما كتبتِ اليوم.
ألا تذكرين صلاح جاهين:
“وفتحت قلبى عشان أبوح بالألم، ماخرجش منه غير محبة وسماح”،
اكتبى يا شيخة ودعينا نتبادل الوعى ببعضنا البعض، حتى لو كنا على ثقة تامة من موقع كل منا فى وعى الآخر (يسمونه خطأ “قلب” الآخر)
طبعا الإبداع يخفف هذا الألم، لكنه أحيانا يجهضه،
أما “الوعى معاً” فهذا أمرُ آخر.
عشرون عاماً يا عفريتة وانت مازلت تمصّين إبهامك، عيب هكذا!!، أخرجيه من فمك حتى لا يـُفسد منظر اسنانك اللبنية.
أهلا.
د. محمد على
من فضلك، أرجو توضيح تعبيرك: “إلا ألم إنسانى أرقى”
ما هو الألم الإنسانى الأرقى؟ وما هو مقصودك بـ “الحب”؟
د. يحيى:
برجاء قراءة تعقيب د. مها وصفى سابقا، وتعقيب د. أميمة رفعت لاحقا، وكذلك – إلى درجة أقل – تعقيب د. محمد الشاذلى حالا، ولن تحتاج إلى إيضاح منى.
د. محمد الشاذلى
…نعم، القيمة الحقيقية التى وصلتنى هنا، هى أن أعالج بكونى إنسانا يحتاجه إنسان آخر، لرؤية أخرى دون الإندفاع الأعمى فى الدفاع أو الإنحياز لما يسمى حياداً، هذه القيمة بأن تكون أخاً وأباً وزوجاً وصديقاً مع نفس الإنسان هى من أرقى القيم الإنسانية التى جعلتنى أعتز بمهنتى.
د. يحيى:
يارب يا محمد تتحمل وتستمر، يا رب يا شيخ.
د. أسامة فيكتور
عندما أرى ألمك فى مواقف متعددة فأنا أفرح لأنى أشاركك إياه، وأتالم لألمك، وأخاف عليك وأدعو لك بدوام نعمة الألم وأن يقيك الله شرها فالألم نعمة لها شرها وخيرها.
عندما أرى ألمك فهذا يدفعنى للتمسك بحقى فى هذا الألم على الرغم من أنه تأتى أوقات أزهق فيها من ألمى، وأود أن أتنازل عنه وأطرحه فى البحر وأعيش عبيط زى الكثيرين فهذا أسهل وأكثر راحة.
د. يحيى:
يارب تصل هذه المشاركة إلى كل من يسمعنا، ليعرف أن وضع الألم كله بكل أنواعه مرة واحدة فى سلة واحدة لمحاولة التخلص منه بالجملة، هو خطأ جسيم تروّج له شركات الدواء (غالبا) وتسوقه النصائح الرخوة، و الدعوة إلى الطمأنينة الخامدة أو السعادة الملتبسة.
أ. عبد المجيد محمد
حضرتك ذكرت أنك فخور بألمك وأن الألم هو الذى يعطى لوجودنا معنى نستحق به أن نكون بشرا بحق لكن حضرتك إزاى نشوفه صح؟ وهل للألم أنواع؟
د. يحيى:
أظن أن الخمس ست تعقيبات السابقة فيها ما يكفى من توضيح بعض تجلياته وأنواعه (دون رصّ: واحد – اثنين – تلاته…الخ).
أ. عبد المجيد محمد
رغم أن المقتطف قليل إلا أنه مفيد جدا.
د. يحيى:
الحمد لله
د. نرمين عبد العزيز
المقتطف: “الألم الإنسانى لا يخففه إلا ألم إنسانى أرقى”.
التعليق: تجاوزت بلاغة وصدق هذه الجملة كل الحدود.
د. يحيى:
ياه!!!! لم أكن أتصور وضوح هذه الرسالة الموجزة هكذا.
أ. محمود سعد
لم أفهم كيف يكون الفرح ألم إنسانى راقى
د. يحيى:
برجاء قراءة تعقيب د. أميمة رفعت لاحقا.
أ. إسراء فاروق
فكرتنى النشرة دى بأبيات حضرتك كتبتها فى ديوان سر اللعبة ووقفت قدامها كتير
“إنسان الغد..، ينمو اليوم، من طين الأرض:
إذ يفرز ألمك طاقة
والرعشة تصبح نبضة
فى قلب الكون الإنسان..”
لكى يمكن أن أحيا كإنسانة لابد من الحب والألم .. ألم الرؤية والمسئولية.
أعتقد أن الألم الإنسانى لا يخففه إلا تواصل إنسانى أرقى فعلا.
د. يحيى:
لم أكن أعرف يا إسراء أنك قرأت ديوانى “سر اللعبة” الذى نادرا ما أعتبره شعرا لفرط ما كان به من ” توجّه مسبق لشرح إمراضية بعض أوجه المرض والصحة” حتى تصورت أنه لم يعد شعرا ، حتى أنقذنى المرحوم صلاح عبد الصبور بمناقشته فى البرنامج الثانى مشيرا إلى قدر كاف من “طلاقة التشكيل”.
شكرا.
أ. منى أحمد
شعرت بالراحة عند قراءتى العبارة التى قلتها لصديقك .
“أنتَ تنكر على أننى لم أتسامح مع نفسى”
ثم
“كيف أستطيع أن أواصل حمل أمانتى”.
د. يحيى:
هأنذا يا منى أستطيع أكثر فأكثر أن أواصل بفضلكم، وفضل تعاطف صديقى الصادق
(أو دعينا نقول: بفضل ألمنا معاً)
أ. منى أحمد
معايشة الألم هى جزء لا يتجزأ من النجاح فى العمل
هذا ما علمته مؤخرا عندما شعرت بتلك الحيرة، وذلك الألم.
د. يحيى:
هذا هو، لكن أرجو ألا نضطر أن نبحث له عن لفظ آخر حتى لا تختلط الأمور، وربما اتهمونا “بالمازوحيَة”
د. نعمات على
أعتقد أن موقف المعالج الشخصى ( بما فى ذلك موقفه الدينى – الأخلاقى) يؤثر على تعامله مع المريض ويشعر به فى نفس الوقت، فهل يمكن بالاستمرار أن يتعدى المعالج هذه المرحلة؟ وكيف؟
هل سيغير نفسه أم سيغير أفكاره أم يفصل نفسه عن المريض
لكننى لا أوافق أن يفصل نفسه عن المريض لأن ذلك يؤدى إلى فقد الثقة والتواصل بينهم.
د. يحيى:
من قال لك أن هناك أى احتمال أن يفصل الواحد منا نفسه عن المريض.
ثم أنه لا أحد يتغير وكأنه يعملها بقرار محدد: “.. عن إذنكم انا رايح اتغير وراجع”.
الممارسة الصحية “معا” حتى من خلال حوار هذه النشرات، هى المجال الذى يسمح بالتغير.
د. نعمات على
ألم المعالج أثناء مراحل العلاج كيف يتحمل مسئوليته؟
د. يحيى:
هكذا
أ. محمد إسماعيل
هل تختلف مشاركة ألم المريض عن المشاركة فى الألم فى العلاقات الإنسانية الطبيعية؟ أليست العلاقة العلاجية نوعا من العلاقات الإنسانية
د. يحيى:
هى واحد والله العظيم، لكن مسئوليتنا فى العلاقة مع المرضى هى جوهر الممارسة الطبيبة، أما الأسوياء مع بعضهم البعض فهم أحرار دعهم يتدبرون أحوالهم بما شاؤوا لما شاؤوا كيف شاؤوا.
أ. محمد إسماعيل
المقتطف: “الألم الذى يدفع إلى الفعل وإلى النمو هو شرط أساسى فى النمو والتغيير”.
التعليق: وصلنى ألم حضرتك بشكل مباشر، وذلك رغم معرفتى عن نفسى أن لدىّ صعوبة فى التقاط الألم الحقيقى والعمل فى تنميته دوماً.
د. يحيى:
أنت تقترب يا محمد بهدوء، وبصدق، أكثر فأكثر.
أ. رامى عادل
وحق دماءك الفياضه، ودمعك المتفجر، وغيظك المكبوت، وآهاتك، وندمك، ووجعك،
صرخة طفل قتلوه، غرزوا اظافرهم بعنقه، وانيابهم بعيونه، لم شوهتموه/نا،
ويدانا تنبش فى التراب، عن بقايانا، نقطف ارواحنا، وذبول خافض، ردوا الينا شبابنا، وديارنا،
اختلطت شفاهنا بالصمت، بالبرد، بالموت،
دعتنا الصدفه وحدها الى ان نكتمل، ان نسهر نحلم، نحبو، نفحر باناملنا رمل الشاطئ، نضئ الورد، نسبل النظر، نغفو، وتشير اصابعنا نحونا بدهشه، تراقبنا الشهب،
نستدير فنجد، غيابنا كالقمر، نستنجد بالسحب، نستعين بالصور، ونغير بمركبتنا.. نغزو؟؟
د. يحيى:
أهلاً رامى
لا أعرف ماذا أقول لك
تعلمنا أكثر فأكثر، لكننى أخشى أن تزداد وحده بالرغم من ذلك
عذراً.
د. محمد شحاتة
ولم لا يكون هذا هو مربط الفرس
الإحساس نعمة وموهبة وخبرة لا يتحصل عليه إلا من تنازل عن بعض طلباته من الحياة فى سبيل الوصول إلى مشاركة الناس (مرضى وأصحاء) فى ألمهم.
ولربما هذا هو ما دفع العالم إلى تحويل العلم إلى معادلة رقمية 1 +1 = 2 عرض ثم تشخيص، ثم دواء، مجرد زِر يمكن لأى من كان الضغط عليه للحصول على النتيجة المزعومة.
هذا أسهل: “بَلاَ ألم بلا وجع دماغ هيه الناس ناقصة غم”
وليذهب الإنسان بما يحمله من بشرية وتواصل حيثما يريد.
ورغم كل ذلك لم أستطع أن أمنع نفسى من ذلك السؤال المتكرر الذى يلح علىّ منذ بدايتى لهذا الطريق إن هذا الطريق يحتاج إلى إنسان – طبيبا كان أم غير ذلك – فماذا أفعل بما قضيت شبابى فى تعلمه وحصلت على اعتراف به من أهل الاختصاص، الأزمة ضرورية خاصة فى بداية المشوار.
أشكرك وأحترك ألمك.
د. يحيى:
البنية التحتية الأساسية – يا محمد – مهما كانت جافة أو مغتربة، ضرورية لأى اختيار لاحق، ماذا يا محمد لو لم تكن قد أضعت شبابك حتى حصلت على هذا الاعتراف، بالشهادة الرسمية لتكون طبيبا زميلا جميلا، كيف كنا سنلتقى إذن يا شيخ، الحمد لله.
دعنا يا رجل نتحمل مسئولية الاستمرار “معاً”.
أ. عبده السيد
أطمن أكثر لما بتكتب عن حيرتك ووجودك فى علاقتك بالمرضى،
لكن لما بتكتب عن وجعك وألمك بالقضايا والأحداث اللى دايره فى العالم، الدنيا عندى بتسود، وما باقدرش أعيش فى ده وأقرب حاجة أتصورها هى أنك بتبالغ عن أى إنسان عادى
أنا عارف إن ده هروب منى، بس مش قادر على غير كده.
د. يحيى:
من حقك أن تهرب يا شيخ.
لست متأكدا من مثل يقول “الهرب نص الشطارة” لكنه يمكن أن يكون هربا مؤقتاً من باب التكتيك، فلنبحث له عن اسم آخر.
الحمد لله أن المرضى الطيبين الذين يحتاجوننا لا يسمحون لنا بالتمادى فى الهرب فنمارس حتى مرغمين برنامج “الدخول والخروج”: نهرب ونعود، ونعود لنهرب، كل مرة “إلا حتة” ، فتكون المحصلة للأمام ، وهكذا نواصل… الحمد لله.
د. أميمة رفعت
…… غصبا عنى هناك هذا الشىء الصغير بداخلى الذى يتحرك بقلق ودون توقف، يريد أن يكبر، أن يتمدد ويخرج خارجى، يمتد ليشمل كل ما (ومن) يصادفه، حتى لوكان هذا الحائط الذى حاولت أن أمشى بجانبه وفشلت . هذا الشىء يحركه الألم، ويتمدد أيضا من الألم، ثم يصغر بسبب الألم ويتألم من حجمه المتقلص فيتلوى ويكبر من جديد وهكذا … أتألم فى وجوده كما أتألم إذا شعرت بغيابه، وأفرح بولادته كما أفرح بنموه وإنسيابه. وسألت نفسى مرة إذا كنت سأظل متألمة هكذا مدى الحياة، فوجدتنى أحب هذا الألم وأريده ! ثم قرأت لك فى اليومية أن الألم الإنسانى (هوهوالحب) …نعم هوكذلك … نعم هوكذلك … كيف لم أتعرف على مرادفه هذا من قبل؟؟؟
د. يحيى:
المشاركة طيبة، وعميقة، وحقيقية.
والمسئولية صعبة.
المحتوى
العنوان |
|
مقدمة: |
|
الحالة (21): عن حركية الطبيعة البشرية، وجرعات تنظيمها– التعقيب والحوار |
|
الحالة (22): ضياع الفقد وجوع الوحدة– التعقيب والحوار |
|
الحالة (23): الوعى بمشاعر المعالج أثناء الممارسة– التعقيب والحوار |
|
الحالة (24): الفرق بين الموقف العلاجى والموقف الشخصى/الأخلاقى– التعقيب والحوار |
|
الحالة (25): الذات: البيت الرعد من الخارج إلى الداخل، وبالعكس– التعقيب والحوار |
|
الحالة (26): – أزمة وجود؟ أم حل مشكلة اقتصادية– التعقيب والحوار |
|
الحالة (27): احتمالات التحسن السريع!– التعقيب والحوار |
|
الحالة (28) عن المؤسسة الزواجية والعلاقة بالموضوع– الاستشارة الأولى– التعقيب والحوار على الاستشارة الأولى– الاستشارة الثانية– التعقيب والحوار على الاستشارة الثانية |
|
الحالة (29) السماح بالسرحان والصبر عليه وتنظيمه– التعقيب والحوار |
|
الحالة (30) رسالة علاجية، أم تفريغ طاقة– الاستشارة الأولى– الاستشارة الثانية– التعقيب والحوار |
|
الحالة (31) الحضور – الحسم – المسئولية!– التعقيب والحوار |
|
الحالة (32) فصام عن الجسد، وآلام الوصْل– التعقيب والحوار |
|
الحالة: (33) عن السن والحيوية والآخر واللذة الذاتوية– التعقيب والحوار |
|
الحالة (34) إلى أى مدى نسمح للمريض باستعمالنا؟– الاستشارة الأولى– الاستشارة الثانية– التعقيب والحوار |
|
الحالة (35) عن التعاطف والسماح والفرجة والعلاج– الاستشارة الأولى– الاستشارة الثانية– التعقيب والحوار |
|
الحالة: (36) توريط المعالج فى غير مهمته– التعقيب والحوار |
|
الحالة (37) تحديد المدة من البداية وقاية من الاعتمادية– التعقيب والحوار |
|
الحالة: (38) حق المريض فى العلاج، واستعجال الطبيب، وضجره– التعقيب والحوار |
|
الحالة: (39) أهمية التاريخ الأسرى أثناء العلاج، مع نقلة الأعراض– التعقيب والحوار |
|
الحالة (40) عن ألم المعالج (والمشرف) إنسانا، وكيف يتعامل معه– التعقيب والحوار |