الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الكتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (69): فروض المعنى الإيقاعى الحيوى للتسبيح:

الكتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (69): فروض المعنى الإيقاعى الحيوى للتسبيح:

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 7-10-2013

السنة السابعة

العدد:  2229

  الكتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (69)

فروض المعنى الإيقاعى الحيوى للتسبيح:

 من الجماد إلى تخليق الوعى الجمعى إلى الغيب إلى وجه الله

نبذة: ليس تفسيرا علميا للقرآن، وليس إثباتا لإعجازه، فالقرآن الكريم لا يحتاج هذا أو ذاك، لكنها شهادة لم أستطع أن أكتمها إكمالا لنشرة أمس.

مقدمة

انتهت نشرة أمس بما يلى ” من هنا خطر لى معنى جديد لتسبيح الجماد لله سبحانه وتعالى، وكذلك تسبيح السماء والأرض، وما بينهما، والطير، وكل شىء، الأمر الذى لو استقبلناه – دون الإحالة إلى سبق أو إعجاز- باعتباره من أساسيات ذكاء المادة، وارتباطها بكل دورات وتجليات ونغمات تشكيلات ما حولها، تصعيدا إلى ما هو أعلى فأعلى حتى ما لا نعرف (الغيب)، إذن لأمكن أن تسعفنا فروض عاملة قد تفسر “العامل العلاجى” فى العلاج الجمعى، بما يتفق مع ثقافتنا من جهة وبما يتواصل مع دوائر “التوازن الجمعى” من أول ذرات المادة حتى مطلق الغيب من جهة أخرى مرورا بجماعات البشر.

ثم ختمت النشرة بملحوظة جاء فى نهايتها سؤال يقول :

هل يكون هذا هو العامل العلاجى فى العلاج الجمعى الذى نبحث عنه ؟

وأثبتُّ أنه ليس عندى إجابة بقولى: لا أدرى.

المتن:

اليوم أرجع مضطرا إلى محاولة أن أطرح بعض ما خطر لى من فروض، ما زلت أحتاج إلى دعم من ممارسين، أكثر من القراء والمفسرين والمنظرين، وأكرر مرة أخرى أننى ضد هذا الاتجاه المنادى بالتفسير العلمى للقرآن، مرة أخرى: فقرآنى الكريم من عند ربى لا يحتاج دعما من خارجه، خاصة مما يسمى العلم المؤسسى الذى اصبحت له آلهة غير إلهى الذى أكرم خلقه بهذا الكتاب الكريم وكل ما أنزل قبله، ومن فرط اعتراضى على هذا الاتجاه، بل وشعورى بالإهانة أحيانا وأنا أتابع بعض المتحمسين له ليثبتوا إعجاز القرآن الذى هو مصدر إلهام معجز متجدد لا يحتاج إلى إعجاز من خارجه، أقول من فرط اعتراضى تجسدت مقاومتى اليوم تدعونى أن أتجنب هذا الأمر كلية حتى لا يساء فهمى، إلا أننى شعرت وكأنى أتخلى عن توصيل رسالة وصلتنى من واقع ما أتاحه لى ربى من فرص أثناء الممارسة، وأيضا أثناء محاولة الكتابة لسبر الطبيعة البشرية بما هو أقرب إلى ثقافتنا الخاصة.

 الفروض

أولاً: لا بديل عن البدء من اللغة العربية بكل حضورها الحضارى العبقرى وللأسف فإن المعاجم على روعتها وموسوعيتها – فى حدود ما وصل إلىّ – لم تستطع أن تستوعب كيف تخلقت ألفاظها وتراكيبها، وبالذات فيما يخص الإحاطة الأعمق بالظواهر المشتملة الحركية المتغيرة، سبق أن أشرت إلى ذلك وأنا أتناول لفظ “وجدان”، وأصله “وجد” وأيضا فيما عرضت من أصول “الحزن” مشتقا من لغتى وتشكيلاتها، ثم فى تناولى ملف “الإدراك” وإحاطته واتساعه، وأخيرا فى لمحة موجزة عن “الإيمان”، ثم ها نحن نواجه لفظا جديدا يمتد بأبعاده ليشمل الوعى المتخلق، والإيقاع المتناغم وهو “التسبيح”.

الصعوبة تنشأ عندى فورا حين تبادر المعاجم بشرح لفظ آخر على أنه المترادف له، وقد علمنى أبى أنه لا توجد مترادفات متطابقة فى اللغات القوية، لأنه لو قام لفظ بوظيفته لما احتاج أن يتخلق منه أو بجواره مترادفا له هو فى غنى عنه.

الصعوبة الثانية حين أذهب لأبحث عن ما يقابل اللفظ العربى (بالفصحى أو بالعامية) الذى هو نقطة بدايتى أبحث عن ما يقابله فى اللغة الانجليزية، فلا تسعفنى معاجمها هى الأخرى، حتى اضطر إلى إقحام ألفاظ عربية بحروف لاتينية آملا أن ترحب بها اللغة الانجليزية المرنة مع طول الاستعمال (1)

ثم انتقل مرغما  إلى مادة “سَبّح”، فأفاجأ ابتداءً بأنه: “سبَّح = صلَّى”، لجأ إلى الصلاة” فأتوقف، وأتحرج وأقبل بشروط، ثم أواصل لأجد أن “سبح: قال سبحان الله” فأجدنى أمام باب مفتوح نسبيا أفضل من أن يغلق بالمترادفات والاختزال، ثم أفرح حين تفتح المعاجم ضلفة أخرى فتتناول مادة “سَبح” (بفتح السين والباء دون تشديد) لتقربنى من الحركة والماء والعوم، ويفتح ذلك بابا أوسع، خذ عندك: (سبَح: نام وسكن)، و(سبحت النجوم: سارت فى الفلك “السابحات سبحا”)، و(سبح فى الخيال)، فأجد كل هذا هو بعض ما وصلنى من اللفظ الذى أنا بسبيل التعرف عليه، وأرضى فى هذه المرحلة أن أكتفى بذلك.

فإذا انتقلنا إلى سبحان الله وجدت ما يشبه الإجماع على أن المعنى المراد هو “تنزيه لله”، وحين كنت أصغر مما أنا الآن كنت أتساءل: من أنا حتى أنزّه ربى العلى القدير، ولكن حين ألممت أكثر بأن التنزيه هو عادة عمّاّ يصفون، أحببت ربى أكثر، واستغفرته أكثر وأكثر، لكننى لم أقبل أن أقصر تسبيحه تعالى على هذا التنزيه، كما أنى تعجبت من كثير من التفاسير التى تقلب “سبح لله” إلى “سبح الله” وتصر على أن اللام زائدة!! بأى حق؟ فيقفز لى ما أشرت فى يومية قريبة مع مولانا النفرى إلى فعل حروف الجرّ على اختلافها بوعيى فى علاقتى بالله سبحانه.

ثانياً: ثم رجعت أستعين بفرضين شغلانى طوال العقود الماضية وكتبت عنهما بدرجات مختلفة، الفرض الأول هو ما يتعلق بالإيقاع الحيوى من أول التفاعل الكيميائى ومسار التيار العصبى فى الأعصاب إلى إيقاع الكون كله مرورا بالإيقاع الحيوى البشرى فى دورات النمو والنوم والأحلام، أما الفرض الثانى فهو أن الإلحاد استحالة بيولوجية، من حيث تقديرى أن الخلية لا تستطيع أن تلحد، لأن وجودها الحى مرتبط عبر انتظام مكوناتها وتناسقها مع المكونات الأوسع فالأوسع إلى الوعى الكونى إلى ما بعده، وأن كل ما يمكن أن ينكر هذا الاتصال وهذا الوجود فى البشر الذين يعتقدون أنهم ملحدون هو قشرة مخية تعمل ببرنامج فاسد على الجانب الطاغى من النصف الكروى للمخ، انطلاقا من هذين الفرضين الأقدم قدرت أن هذه العلاقة التى تحفظ الحياة من خلال اتصالها بالنظام الكونى فالله هى مانعة للإلحاد البيولوجى أصلا، وبالنسبة للتسبيح فقد تصورت أن تناسق هذا النظام الأصغر فما بعده إلى غايته هو ما يقابل أو لعله هو من التسبيح، وحين احتج بعض من ناقشونى فى هذا الفرض الأخير بأنه يجعل الإيمان عملية تلقائية (أتوماتيكية) لا فضل للمؤمن فيها كنت – وما زلت – أبين أن الإنسان باكتسابه الوعى وحمل الأمانة أصبح مسئولا عن دعم هذه النعمة التلقائية والحفاظ عليها أو عن إنكارها ومحاربتها والاستسلام إلى نشوزها، ومن ثَمَّ الجزاء على ما فعل بها.

ثالثاً: الفرض التالى الذى دعمنى جاءنى حين انتقل بى النظر إلى تناسق الذرات غير الحية حيث فوجئت مؤخرا فى الكتاب الذى أشرت إليه منذ أسبوع “عن التاريخ الطبيعى للذكاء” بمعلومات عن ذكاء النبات، ثم عن ذكاء المادة الذى يحافظ على تجمعات جزئياتها إلى بعضها البعض، كما أشرت فى نشرات سابقة قريبة، وهنا قفزت إلى الآيات الكريمة التى تشير إلى تسبيح الجبال وغيرها فقدرت أن تسبيح المادة هذا هو الذى يحافظ على خصائصها وتماسكها لبقائها ونفعها وصلاحها.

رابعاً: وعلى مدى أكثر من أربعة عقود وصلنى أثناء العلاج الجمعى احترام مطلق للتواصل بين البشر فى أجزاء من الثوانى، وبدرجات متناهية الصغر وعلى مستويات متعددة التصعيد، وهى تتفاعل جدلا حتى يتخلق من لقاءاتنا المنتظمة ما أسميته “الوعى الجمعى” والذى ميزته تحديدا عن كل من عقل الجماعة (نشرة 2-6-2013 ماذا يحدث بالضبط مما هو ضد “جماعة القطيع”؟( وعن الذكاء الاجتماعى )نشرة 30-9-2013 والأصل فى الوحْداتِ أن تُجَمَّعا) ، فوجدت أن ما يجرى قبل وبعد وبجوار الكلام والتفكير هو الأهم، وأننا فعلا نجتمع حول “وعى جماعى” أرقى وأعمق وأشمل من الوعى الفردى، بل أننى انتهيت الأسبوع الماضى إلى أن هذا الوعى البشرى الجماعى هو الذى يعطى للبشر المعاصرين صفة البشرية فى صورتها الأحدث، وأن ما يجرى عكس ذلك إنما يهدد بتفريغ الإنسان من إنسانيته أى من فاعلية الوعى الجماعى البشرى واسبقيته، أى من فرصته للتسبيح إلى وجه الله.

خامساً: من كل ذلك وصلت إلى “فرض التسبيح” الذى يقول:

  • “إن التسبيح كما يصل إلينا هو الوعى بتناسقية هارمونية متصاعدة تصل الوحدات (والأفراد) ببعضهم البعض ليتفاعلوا فى دوائر أوسع فأوسع إلى دوائر الوعى المطلق إلى وجه الله”.
  • إن التسبيح هو برنامج معلوماتى يمكن أن يرجع إلى أصل الحياة، وبلغة الإيمان: إلى خالقها وأنه يتصف بقدرته على تماسك الوحدات المكونة للوحدة لحفظ الاستمرار والتناسق والتفاعل مع وحدات أخرى فى امتداد نابض أبدا، مع درجات مختلفة من الوعى حسب موقع وطبيعة الكائنات حية وغير حية.

سادساً:  إن الصحة النفسية خاصة من منطلق النمو والتطور إنما ترتبط بمدى النجاح فى تدعيم هذا البرنامج على درجات وعى مختلفة وبأسماء مختلفة غالبا بحيث يتحقق فاعلية التنسيق بكل البرامج التنشيطية الجدلية والإيقاعية دائمة القبض والبسط إلى غايتها.

وبعد:

 قررت أن أختم اليوم بإثبات آيات التسبيح دون شرح أو قراءة أو تفسير ليقرأها من يشاء فى إطار التقسيم الذى تراءى لى حسب الفروض السالفة الذكر ثم نعود إليها الأسبوع القادم.

التسبيح الذى يتجاوز الإنسان

v  تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً(الإسراء 44)

v     وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ … (الرعد 13)

v    يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ (الحشر 24)

v    يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ(الجمعة 1)

v    يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ(التغابن 1)

v     وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ (الأنبياء 79)

v    فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ  ( فصلت 38)

v     سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (الحديد 1)

v    سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(الحشر 1)

v    تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ (الإسراء 44)

v  أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (النور 41)

v  أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (النور 41)

التسبيح و الهارمونى والإيقاع الحيوى

v    فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً (مريم 11)

v    وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (الأحزاب 42)

v    يسبح له بالغدو والآصال  (النور 36)

v    وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (الفتح 9)

v     وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (الطور 49)

v     وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا  (طه 130)

v     وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ (طه 130)

v     وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ  (غافر 55)

v     وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (ق 31)

v     وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ  (ق 40)

التسبيح من الإنسان

v    فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(الصافات 144)

v     فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ (الأنبياء 87)

v    يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ (الأنبياء 20)

v     وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (الإنسان 26)

v    وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (آل عمران 41)

[1] – اضطررت لاقحام ثلاث كلمات من العربية إلى الانجليزية لأننى لم أجد ما يقابلها فى الانجليزية وهى كلمات Wijdan & Eman & Idrak  ولهذا أسبابه التى شرحت فى موقعها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *