الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الفرحة والمسئولية وحمل الأمانة

الفرحة والمسئولية وحمل الأمانة

نشرة “الإنسان والتطور”

29-8-2011

السنة الرابعة

 العدد: 1459

 

الفرحة والمسئولية وحمل الأمانة

مقدمة:

 المفروض اليوم أن أنزل تعتعة التحرير، لكنها هى هى تقريبا القراءة فى تدريبات نجيب محفوظ التى نشرت يوم الخميس الماضى، لذلك رأينا أن نحل محلها رسالة الأخ العزيز أ.د. جمال التركى، وهو يعلن فرحته – فرحتنا- بانتصار ليبيبا على دكتاتورها الغبى، ثم أحلقه بردى عليه، أو بتحفظى على فرحتى أنا غير المشروطة، دون رفض للفرحة، علما بأنه تفضل بنشر الرد فى منشورات الشبكة العربية مع جزيل شكرى

أولا: رسالة الفرحة

د. جمال التركى

بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم

إن كان النصر صبر ساعة…

فقد امتدت ساعة شعب تونس لأكثر من عقدين من الزمن، صبر فيها على أعتى الأنظمة نفاقا واستبدادا…

أما ساعة شعب مصر فقد امتدت لأكثر من ثلاث عقود، صبر فيها على أعتى الأنظمة عمالة واستبدادا..

في حين امتدت ساعة الشعب الليبي لأكثر من أربع عقود، صبر فيها على أعتى الأنظمة اجراما واستبداد… إنه وإن كان بقدر الصبر و التضحيات .. تكون روعة النصر… فقد أكرم الله اليوم شعب ليبيا بنصر عظيم…

نصر خُضّب بدماء شهداء ابرار، نحسبهم عند ربهم أحياء يرزقون…

نصر  قدم فيه شعب ليبيا  تضحيات تجاوزت ما قدمته أخرى انجزت ثورات ربيعها.

 هنيئا هذا النصر المبين للشعب الليبي/ هنيئا لنا به / هنيئا للإنسان الحر في جميع أنحاء العالم.

 إن ما  كان بالأمس حلما بعيد المنال، نراه اليوم واقعا نلمسه على أرض شيخ الشهداء..

بفضل الله و رحمته… و هو يأخذهم الواحد تلوى الآخر أخذ عزيز مقتدر…

بفضل الله و رحمته… وهو ينزع الملك منهم الواحد تلو الآخر…

أليس الله بقوي عزيز…

أما و قد أكرمنا الله أن نشهد آية من آياته الكبرى في طاغية ليبيا، كما شهدنا بالأمس آياته في طاغيتي تونس و مصر، لا يسع “شبكة العلوم النفسية العربية” إلا أن تتقدم باسم رئيسها و كافة اعضاء هيئتها العلمية الاستشارية بأخلص التهاني لهذا الشعب الليبي العظيم بإنجازه ثورة ترقى إلى مستوى المعجزة…

 كما تتقدم بهذه المناسبة بجزيل التهنئة إلى رئيس الجمعية الليبية للطب النفسيأ د. علي الرويعي” ممثلا في شخصه جميع أخصائيي العلوم النفسية الليبيين، مذكرين أنه وإن كان شرف للأطباء انعقاد “المؤتمر الثالث عشر لاتحاد الأطباء النفسانيين العرب” بليبيا عام 2014 (المؤتمر12: أبوظبي 2012)،  فإنّ هذا الشرف اصبح اليوم مضاعفا بعد انجازكم الملحمة الكبرى …  

هنيئا لكم نجاح ثورتكم العظيمة، هنيئا لنا بكم أعزاء تعطرون ربيعا عربيا، في انتظار أعزاء آخرين لاحت تباشير نصر ثوراتهم…

إنا بكم نرقى ومعكم نبني مستقبلا عربيا، الإنسان فيه سيد نفسه… لا ظلم فيه، لا قهر، لا استبداد…

مستقبلا يرفع فيه ابني وابنك رأسه عاليا فخرا بانتمائه إلى خير أمة، أَخرَجت خير ثورات عرفها انسان هذا العصر.

دام عزكم ومجدكم ودمتم منارة للحرية و العدل والكرامة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتور جمال التركي

عن “شبكة العلوم النفسية العربية”

****

رد وتعقيب د. يحيى الرخاوى

الحمد لله

الحمد لله

الحمد لله

والشكر للشباب ولكل ناسنا الأحق بالحياة الحرة الكريمة،  الذين لم يترددوا أن يدفعوا الثمن غاليا بمجرد أن اتيحت الفرصة

الحمد لله

الحمد لله

والأمل فى الناس

ثقة فيهم

مع وبعد ربنا

وثقة فى التاريخ أيضا

الحمد لله

الحمد لله

ثم أدعو الله أن يعيننا على حمل هذه الأمانة الجديد القديمة : الحرية ،

 وهى الأمانة التى أبت الجبال والسماوات والأرض أن يحملنها احتراما وموضوعية، وحملناها نحن وهنا على وهن، لعلنا ننجح فلا نظلم أنفسنا بجهلنا بثقل ما تحمل وروعته: ” إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً”.

…….

الفرحة حق لشعوبنا طبعا، وهى حق لى: فردا من عامة ناسى أشاركهم ويشاركونى

لكن دعونى أعترف أننى حاولت أن أعيشها بكل أبعادها المعلنة هكذا، فلم أستطع إلا بصعوبة شديدة

الفرحة مسئولية جديدة، وليست مجرد رقصة نصر مجيد

النصر لا يكتمل إلا حين نستوعب هذه الفرص الجديدة التى حققتها، لننطلق منها

الحمد لله

الحمد لله

أدعو الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على حمل هذه الأثقال الجديدة، الحرية والفرحة

 الفرحة حق لشعوبنا التى حرمت ليس فقط حق الفرحة وإنما حق الحلم بالكرامة وبالعدل، لكننى حاولت أن أشارك فى الفرحة كما وصلتنى بما هو حقى فيها فلم أستطع بسهولة.

 الفرحة هى مسئولية جديدة، وليست مجرد رقصة نصر مجيد رائع.

النصر لا يكتمل إلا إذا استوعبنا هذه الفرص الجديدة التى حققتها شعوبنا هكذا فجأة فى غفلة من الديناصورات الحاكمة بقيادة ومبادأة الشباب وعون الأصدقاء المخلصين منهم والمغرضين.

النصر لا يكون نصرا إلا إذا كان بداية الاستقلال للإبداع المتميز المختلف الهادف  لصالح كافة البشر بدءًا  بأنفسنا، انطلاقا من موقعا، واستلهاما من ثوراتنا الآنية، وليس فقط من تاريخنا المظلوم أو المنسى

حقيقة أننا حصلنا على حريتنا بثمن غال من الصبر على القهر، خلال عقود ثم من التضحيات الغالية، والأرواح الطاهرة خلال أسابيع وشهور ، لكن كل هذا ليس إلا – أو لا ينبغى أن يكون إلا- بداية جديدة، لاحتمالات رائعة ، نحن نستحقها ، مع سائر من خلقهم ربنا. 

الحرية الحقيقية، مسئولية حقيقية، وهى أصعب وأخفى من الفرحة

 ها نحن الآن  نواجه الاختبار الحقيقى لاستعمال هذه الحرية  التى لم نألفها دون ذنب منا، ولن ننجح فى هذا الاختبار إلا بالحذر الواجب لمواجهة كل احتمالات القرصنة، والتبعية، و”تكرار النص” ،

 لن ننجح إلا حين نركز على معنى الحق فى المبادأة للمشاركة، وليس التشنج للاختلاف والانفصال، ولا النقل الحرفى والتقليد

لن ننجح إلا حين  نستعيد استقلال لغتنا، وتحرير اقتصادنا واحترام دياناتنا نستلهما لا نسجن في سوء فهمها وفرض قيود لم يَردْ بها.

 إن مهمتنا الآن أصعب وأرقى

 ليكن فى علمنا أن العالم كله يعيد النظر فى هيراركية منظومة القيم الجديدة القبيحة السائدة عبر الدنيا بأسرها، تلك القيم التى نمت فى غفلة من معظمنا –عبر العالم – مثل خلايا السرطان التى تلتهم الخلايا الصحيحة التى خلقها الله، فطرتنا السليمة.

 دعونا نعترف أن هذه الأورام الخبيثة من القيم الكمية المغتربة قد انتشرت سرا وعلانية حتى شوهت داخل الإنسان كما شوهت خارجه تحت شعارات آن أوان فحصها حتى لو لم نجد البديل جاهزا الآن.

هذه القيم باهتزازها مؤخرا، برغم قسوة سطوتها، تتشقق باضطراد وهى تعلن أفول الحضارة التى أفرزتها ، ربما لانتهاء عمرها الافتراضى وفقد البصيرة، مع أنها أدت واجبها لمرحلتها.

إن نبلاء ومبدعين ينتمون إلى هذه الحضارة يكتشفون فسادها باجتهاد مضطرد، وعلينا أن نشاركهم فى ذلك، لا أن نتبع من هو متماد من مضاعفاتها التى تواصل التهام كل منجزاتها حتى أصبحت حضارة آفلة، برغم تضخم العضلات، وهى تتعاطى جرعات الإفاقات الفاشلة  من دم الشعوب المقهورة، إذ تتمادى فى  الإغارة، والغطرسة،  والتوحيد العوْلمى الخبيث ، والشراسة القتالية والشراهة المالية، لصالح فئة لم تعد تستطيع هى نفسها الانتفاع بما تتصوره إنجازاتها الخاصة على حساب كافة البشرية.

وبعد

إن لم تستطع أن تنجح كل ثوراتنا هذه فى إتاحة الفرصة لنا لاستعمال حريتنا التى انتزعناها انتزاعا من أفراد عطلونا عدة قرون، لننطلق إلى الإسهام فى تقديم منظومة قيمية بديلة (ليست مثالية أبدا) تسهم فى أن تجعل الإنسان – عبر العالم- إنسانا من جديد: إنسانا قادرا على أن يتقدم إلى وعوده الجميلة، فعلينا أن نخفف من جرعة فرحتنا غير المشروطة.

الحمد لله

الحمد لله

نحن نملك مقومات هذا الإسهام ليفرحنا أكثر فأكثر مع الأكثر فالأكثر من البشر،

ومن ذلك، دعونا نذكر ونتذكر:

  1. إن اللغة العربية حضارة فى ذاتها.
  2. إن أدياننا السماوية حضارة مختلفة ومتكاملة، ومكمّلة.
  3. إن أدياننا الشرقية حضارة مواكبة وثرية.
  4. إن مواردنا الأولية قادرة وجاهزة.
  5. إن عقولنا (عقولنا كلها وليس ظاهرها المستورَدُ فحسب) قادرة ومؤمنة.

كل هذا يمكن أن يتجمع ليقدم للبشرية ماهى فى أشد الحاجة إليه حتى لا ينقرض الإنسان تحت أحذية المحاربين القتلة وأسلحة البنوك الجشعة واحتكار الشركات العملاقة.

خلاصة القول

مع وعقب الفرحة دعونا نعيد النظر بهدوء، لنضيف إلى فخرنا أملا ملزما

  1. ليكن “الإسلام هو الحل” ولكن بمعنى أن يكونحلا للبشرية كلها بعد ما آلت إليه، ليس بدخول أفرادها إلى دين الإسلام تحديدا، وإنما بالتمتع بمنظومة القيم التى يعرضها الإسلام الحقيقى – مثل كل دين لم يتشوه- لصالح كافة البشر، دون أن يقصرها على المسلمين تدينا
  2. لتكن اللغة العربية القادرة هى منطلقنا حلاّ، ولكن ليس بمعنى أنهالغة تابعة كل مهمتها أن تبحث عن ألفاظ من داخل معاجمها تقابل ما حققته لغات أخرى نابعة من ثقافات أخرى وحضارات أخرى، وإنما باعتبارها أكبر ثروة حضارية تثبت أننا أسهمنا فى تشكيل وعى البشر يوما ما، وأنها بثرائها وعطائها وتحدياتها مازالت  تنبض بكل ما هو إنسانى راق متجاوز يعمق إنسانية الإنسان ويؤكد جمال وجودة ونبل مقاصده، انطلاقا منها، بما يضيف إلى لغات أخرى، وليس فقط بما يترادف مع ألفاظ من هذه اللغات.
  3. ليكن “العقل هو الحل”، ولكن علينا ألا نكتفى بالعقل الظاهر الطاغى الذى طرد بقية العقول لحساب المال والاحتكار والخداع والشعارات والاغتراب
  4. ليكن الإبداع هو الحل، ولكن ليخترق الواقع بكل مسئولية وصبر فى إطار فرص الحرية الجديدة

 هامش متررد فى إثباته:

لا مفر من ضرورة الاعتراف بفضل من ساعدنا، أو اضطر أن يساعدنا مهما كانت نواياه، مثل هذا المسمى “الناتو”، وذلك احتراما لقيمة من  قيمنا الغالية تسمى “الاعتراف بالجميل”، أقول هذا وأنا أستبعد بصعوبة شديدة ما غلبنى من “تفكير تآمرى” أحترمه احتراما شديدا برغم كل الهجوم عليه،

نعم، بالرغم من كل ما بذل هذا الناتو من فضل، ومع علمى بكل ما وقع فيه من أخطاء طالت الأبرياء الشهداء أيضا، فإننى مازلت أشك فى مقاصده، وأفضل – شخصيا– إرجاء الاعتراف بفضله حتى أرى دوره وهو يفكك الآلة الحربية لإسرائيل، – كمثال– بما فيها القوة الذرية،  بنفس القدرة والمبادرة التى ساهم بها فى تفكيك آلة القذافى، وبنفس الإصرار وهو هو يمنع إيران ويمنعنا من امتلاك مثلها. إن من يقتلهم نتانياهو كل يوم هم من أبناء وبنات آدم أيضا عليه السلام أيضا، وكما أن من تهددهم قوى إسرائيل – وغير إسرائيل– النووية بالإبادة الفعلية هم بشر خلقهم الله بنفس الحقوق والصفات والطموح من طينه واحدة ليحملوا نفس الأمانة، ويستحقوا عون الناتو!!

ليكن،

 شكرا يا عمنا الناتو شكراً حذرا، فى انتظار مبادراتكم العادلة

ماذا وإلا:

سوف أقفز أستنقذ بأمثالنا المصرية الشعبية، وأنا متألم أشد الألم، لأنها من أقسى الأمثال، وإن كانت أقربها إلى الواقع، فأختم ببعضها مترددا وهى تقول:

– “خد بنت الندل وخاصمه”

– “شعره من دقن الخنزير”،

– إللى ييجى منّه أحسن منّه”

فإن ساءك عزيزى الناتو مثل ذلك ، فبيدك أن تثبت عدلك بمواجهة النتانيهو، كل نتانياهو سواء كان اسمه القذافى أم بن على، أم مبارك، أم بوش أم أوباما، أم حتى الصين.

 والأهم من كل هذا مواجهة القوى المالية الكانيبالية عبر العالم.

آسف والله والعظيم يا عمنا الناتو

وألف مبروك لنا بك وبدونك – إن لم تسمع الكلام – إن شاء الله

ولعلمك:

أنا فرحان مثل أى فرحان من شعوبنا، وربما أكثر

لكننى أريد أن أفرح أكثر، وأنا مسئول أكثر، فاعل أفضل، لعالم أوسع

أريد يا عمنا الناتو أن أترك هذه الدنيا أفضل مما دخلتها بفضل أبنائى وأحفادى وبناتى وحفيداتى، وما أفعل حاملا أمانتى بما أستطيع.

ولم لا؟

هل كنا نصدق ما حدث؟

فلنصدق، ونحقق ما يمكن أن يحدث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *