الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الدستور المصرية / العقاقير النفسية الاعراض الجانبية (تعتعة نفسية)

العقاقير النفسية الاعراض الجانبية (تعتعة نفسية)

نشرت فى الدستور

4-9-2005

العقاقير النفسية والأعراض الجانبية؟؟!!

هذه هى الحلقة الأخيرة فى هذه المقدمة التى لا أتصور أنها يمكن أن تغير شيئا. المحنة ليست قاصرة على مصر أو على البلاد النامية. كنت فى زيارة قصيرة بين فينا وميونيخ وكان، واضطررت أن أكتب بعض العقاقير التقليدية التى ما زالت – والحمد لله – موجودة فى مصر (إلى أن تختفى)، وإذا بها (العقاقير التقليدية) غير موجودة أصلا هناك. لا يوجد عندهم (فى بلاد برة المتقدمة جدا) إلا العقاقير الجديدة الباهظة الثمن الأقل فاعلية .

  العقاقير الأحدث ليست هى الأفضل دائما بشهادة كثير من الأطباء والمرضى وبعض الأبحاث الأمينة. إذن ماذا ؟ الحكاية أن ثم اتفاقا غير مكتوب بين شركات الأدوية وشركات التأمين وبعض المحامين للتركيز على ما يسمى الأعراض الجانبية، ومن البديهى أن المريض لا يريد – ولا ينبغى – أن يتعرض لأعراض جانبية. لكن ما العمل وقد علمونا من قديم أن العقار الذى ليس له “آثار جانبية” هو عقار متواضع ليس له “آثار علاجية” تذكر . لماذا يصرون أن ننسى  أنه “لا بد للشهد من إبر النحل”، وأن “إللى عايز الجميلة يدفع مهرها” ، بمعنى أنه  من يريد مفعول عقال ناجع عليه أن يتحمل بعض آثاره الجانبية، علما بأن هناك عقاقير طيبة تعطى جنبا إلى جنب  مع هذه العقاقير العظيمة الفائدة حتى تقلل من آثارها الجانبية. هناك أعراض بسيطة مثل جفاف الريق أو زغللة العين تتراجع تدريجيا مع الاستعمال، ومع ذلك فالشركات تبالغ فى التخويف منها، وتتصنع محاولة تجنبها بالدعاية للعقاقير الجديدة الباهظة الثمن، ثم يمر زمن وزمن، وإذا بالعقاقير الجديدة لها أعراض جانبية أخطر أخفى (لا أريد أن أذكرها حتى لا أخيف الناس).

الأفضل  أنه – ما أمكن ذلك – علينا أن نستعمل الدواء القديم الناجع الرخيص الذى تأكدنا من حدود أعراضه الجانبية، خاصة لو كانت عندنا الوسيلة للتغلب على بعضها، والتخفيف من بعضها الآخر، والتعود – دون ضرر – على ما تبقى بعد ذلك. حين يفهم المريض كل هذا بهدوء ووضوح يتعاون أكثر مما نحسب. أحيانا يشكو مريضى أن الدواء “نشف ريقى”، فأرد عليه مازحا، مش أحسن ما مرضك ينشف ريقنا، وينشف دمنا كمان، فيفهم ويواصل وربنا يستر.

مهما كان الإغراء والتحديث، فالمريض والنتائج هما الحكَم الأول والأخير، ومنع الضرر وتجنب النكسة هما الهدف الأول والأخير.

مرة أخرى : الطبيب مسئول أمام ربه ومريضه وضميره، قبل وبعد  وصاية شركات الدواء وإرعابها من كل مايمكن أن يفيد المرضى، لمجرد أنه الأرخص حتى لو كان الأنفع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *