الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (84) Biorhythmic Psychiatry عن القلق: قلق فرط الدراية (3) Hyperawareness Anxiety القلق المُـواجهى، والقلق المفترقى (2) Confrontational and Cross Roads Anxiety (2)

الطبنفسى الإيقاعحيوى (84) Biorhythmic Psychiatry عن القلق: قلق فرط الدراية (3) Hyperawareness Anxiety القلق المُـواجهى، والقلق المفترقى (2) Confrontational and Cross Roads Anxiety (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد 14-8-2016

السنة التاسعة

العدد:  3271

الطبنفسى الإيقاعحيوى (84)

 Biorhythmic Psychiatry

      عن القلق:

قلق فرط الدراية (3)

Hyperawareness Anxiety

القلق المُـواجهى، والقلق المفترقى (2)

Confrontational and Cross Roads Anxiety (2) 

14-8-2016_1

 مقدمة

يبدو أن الإشكال فى تقديم هذا التقسيم يكمن فى ما اعتدناه من أن علينا أن نحدد أعراضا ظاهرة لها تعريف محدد، ثم نضعها بجوار بعضها، ونسمّيها باسم متفق عليه، فنحقق “الاتفاق” Reliability، ونتجاوز عن “المصداقية” Validity  مع أنها  جوهر تعاملنا مع أى ظاهرة فى الصحة والمرض.

التقسيم الذى نقدمه لا يستغنى عن رصد الأعراض مما سوف نعود إليه متى لزم الأمر، لكنه يعتمد على قواعد أخرى سبق أن أشرنا إليها فى مواقع كثيرة، ونحن نقدم المنهج الذى يساعدنا على تناول العملية المرضية تطوريا وفينومينولوجيا ، من حيث:

(1) تاريخ العرَض التطورى (وإيجابياته كدفاع مشروع تاريخا وحالا).

(2) موقع الظاهرة المرضية “ككل” وعلاقتها بمراحل النمو (أكثر من علاقتها بمواقع النمو، أنظر (نشرة 15-12-2013) (نحو: احتواء تنشيط مراحل النمو فى العلاج الجمعى (

(3) لغة الظاهرة المرضية: ماذا يريد المريض أن يقول بمرضه، أو أن يبلغنا بأعراضه

(4) هدف مرضه (احتجاج، انسحاب، عدمية، انتقام، نكوص ..إلخ)

(5) حركية مرضه من حيث مدى نشاط العملية المرضية فى مقابل مدى استقرارها واستتبابها كحل باق يحتاج إعادة تحريك حتى نعاود التشكيل

(وقد ذكرنا غير ذلك كثيرا)

وبعد

بالنسبة لموقفنا الحالى، ونحن ننظر للقلق باحترام ابتداء، باعتباره حيلة دفاعية مشروعة (يبدو أنها كانت أكثر مشروعية فى مرحلة سابقة) فقد افترضنا أنه مظهر لدراية إدراكية عميقة بحدة العملية التى يمكن أن تصبح مرضية إن لم تجد لها مخرجا مشروعا، ومجالا متاحا، واعترافا مناسبا، هذا تحديدا ينطبق على هذا المجموعة كلها تقريبا، المجموعة  التى أسميناها “قلق فرط الدراية”.

من البديهى أن المريض لا يدرك هذه الأساسيات الخمسة (وغيرها مما ذكرناه سابقا ، وتجنبنا تكراره حالا) ، فتكون مهمتنا البادئة هى:

 أن نترجم حالته المرضية إلى ما يعيننا على مساعدته حين نتحاور (من خلال الخطة العلاجية مجتمعة) حول خطوات وخطة العلاج، ومن أهم ذلك أن نتعرف على موقع هذا المرض أو ذاك على البعد الذى أسميناه “بعد النشاط فى مقابل بعد الاستتباب”، Activity Established Dimension  (أنظر المستوى المقترح لتقسيم الأمراض النفسية من منطلق الأبعاد مع وبعد وقبل المحاور Axes: (كتاب:Nosology & Diagnosis  in Psychiatry)، وهو بـُعْــدٌ  يختلف عن الاستقطاب بين المرض “الحاد والمزمن”، ويقترب كثيرا من إمكانية تحديد مدى نشاط العملية البيولوجية النفسية التى أعلنت هذه المرحلة المفترقية التى يمكن أن تؤدى  إلى المرض فالاستشارة من المريض أو من أهله.

فى هذه المجموعة يلتقط المريض حركية الداخل بلا حاجة إلى بصيرة معقلنة، وهو لا يشير إلى هذا الداخل بشكل مباشر، وإنما يشكو من آثار ما يحدث، ويعلنها غالبا فى صورة أعراض، من بينها القلق، وأحيانا تظهر آثار هذه المرحلة فى صورة حيرة، ودهشة، وإن لم نعطه  ونعط لأنفسنا الفرصة للإنصات لها، فتعهدها، فهى القلق الذى قد يصل إلى ما يسمى عصاب القلق (أو غيره).

من كل ذلك نستطيع أن نجمع كل أنواع القلق فى هذه المجموعة الـتى اسميناها فرط الدراية تحت افتراض أن المريض يعلن نشاط عملية داخلية واعدة أو منذره، وأنه “إلحقونى فقد لا استطيع وحدى”

أكتفى بهذه التذكرة لأنتقل إلى نوعىْ القلق المتداخلين اللذين كان عليهما الدور للتقديم اليوم، هذا علما بأن معظم الأنواع فى هذه المجموعة متداخلة فى بعضها البعض، وأن أغلب نتائجها ليست مرضية على طول الخط ،  حتى القلق الذهانى المدرج هنا قسرا، فإننى أدرجته لاحتمال أنه إذا كان العلاج مناسبا، وباكرا، فإن فرصة تراجعه إلى مفترق الطرق، حتى لو كان قد خطى خطوات فى طريق الذهان، أقول إن فرصة تراجعه موجودة احتمال مآل إيجابى إذا كان العلاج مناسبا، ونقدا، وإعادة تشكيل.

اعتذار واجب، لكن للتكرار لزوم حتمى:

 قبل المتمادى، أريد أن أبدأ بالاعتذار عن تداخل الأنواع الفرعية فى بعضها البعض، وأيضا عن التكرار الذى سوف أضطر إليه، ذلك أن كل هذه الأنواع قد سبقت الإشارة إليها فى أكثر من موقع فى فصول كثيرة سابقة: من أول “مستويات الصحة على الطريق التطور الفردى” إلى “حالات الوجود المتبادلة”، إلى أطوار النمو المتعاقبة المعاوِدة من خلال الإيقاعحيوى (بديلا عن مواقع النمو عند مدرسة العلاقة بالموضوع)، إلى أبعاد التشخيص المقترحة فى تقسيم المرض النفسى  (كتاب: Nosology & Diagnosis  in Psychiatry) إلى الوحدة والتعدد للأمراض النفسية

المتابع لهذه النشرة، وبالذات لنشرات الأساس فى الطب النفسى، ثم الطبنفسى الإيقاعحيوى التطور، لا بد قد لاحظ كيف تناولنا  هذه المواضيع  بالتفصيل، وكيف أشرنا فى كل منها إلى مرحلة فيها خلخلة، ولحلحة ، قبل إعادة التشكيل، أو فى المقابل: التسليم لمزيد من التفكك السلبى فالتفسخ، كل ما أستطيع أن أضيفه، هو أن أذكّر بمرحلة (مراحل)  الحركة الداخلية النابضة (الإيقاعحيوى)، التى أحد مظاهرها أعراض القلق، لكن حقيقة دلالتها الأساسية البدئية:  هى إعلان زخم الحياة ، ونبض الإيقاع الحيوى

حتى أتجنب التكرار سوف أكتفى بعرض بعض الأشكال التوضيحية التى تبرر هذه التسمية لهذا النوع من القلق بـ: “القلق المفترقى”، الذى هو أيضا  وجه للقلق المواجهى، وكلاهما لا يشير مباشرة إلى ما يرصد كقلق إكلينيكى له أعراض القلق التقليدية.

 وسوف أتبع فى ذلك التتبع التاريخى لفروضى التى تجمعت أخيرا  فيما سمى “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى”

أولا: “مستويات الصحة النفسية على طريق التطور الفردى” 1969 (نشر 1972)

ثانيا : أطورا لا مواقف (نقد مدرسة العلاقة بالموضوع) 

ثالثا: “حالات الوجود المتبادلة”  (وإلى درجة أقل: الوحدة والتعدد للأمراض النفسية).

والآن:

إلى الأشكال التوضيحية، بأقل قدر من التعليق

14-8-2016_2

يلاحظ  هنا أننى استعملت كلمة “البصيرة” وصفة “البصيرية” بالمعنى التقليدى تقريبا، وهو معنى غير ما أستعمل به كلمة “الدراية” فى سياقنا الحالى، كما أننى باكراً: اعتبرتُ البصيرة هى وسيلة توازنية دفاعية ضد التمادى فى طيف المرض إلى ما هو أخطر وأصعب (الفصام السلبى خاصة) ،ذلك باعتبار أن البصيرة السليمة تساعد على استيعاب الحركة، وتحمل آلام الرؤية ، فيصبح ما يسمى “اكتئاب المواجهة” (نشرة  23-11-2014) هو حافز للمضى قـُدُمًـا إلى المستوى الأعلى من التوازن، وليس مرضا، تماما كما أدعو هنا الآن أن نتعامل مع القلق على أنه حافز طبيعى نحو تحقيق توازن أرقى وأكثر نضجا

لكل هذا سميت هذا القلق باسم “المفترقى”، لأنه يعلن حركية فى مفترق بين كل من :

1) التوقف فى هذه المرحلة ومضاعفة “الحركية فى المحل” (محلك سرْ)، فيتمادى القلق حتى تظهر أثاره السلبية، فهو عصاب القلق التقليدى

2) النكوص إلى مرحلة فرط الدفاع السابقة، وكبت الحركية أصلا، وبالتالى تخفيف الأعراض عودة إلى مستوى أدنى من الصحة النفسية (المستوى الدفاعى مع احتمال فرط العادية)

3) توجيه الطاقة إلى تحمل آلام مخاض الانتقال إلى المرحلة الأكثر نضجا والأقدر إبداعا وهى الصحة النفسية على المستوى الإبداعى.

وقد وجدت أن الشكل التالى أبسط، وفى نفس الوقت أكمل من حيث بيان أن مفترق الطرق هو مفترق ذهاب وعودة، وليس فى اتجاه واحد

14-8-2016_3

وبعد

هذا ما كان حتى سنة 1972

أما ما حدث بعد ذلك فهو أهم وأعمق،

 وهو ما أشرنا إليه فى بداية هذه النشرة، وسوف نكمله فى النشرات التالية بإذن الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *