أخبار الأدب
نشرت بتاريخ: 12 مايو 2013
نبض الناس
الشعر يتغلب على الفوضى
منذ دعيت للكتابة فى هذه الزاوية المضياف، وأنا أحاول أن أقدم مفهوما للشعر كما وصلنى من حيث هو “إعادة تشكيل” للوعى الفردى فالجمعى وهو المطلوب إثباته فى مرحلتنا الحالية، أعنى: أن نكتب المجتمع من جديد شعرا بلا كلمات، حاولت من البداية هنا أن أحدد العلاقة بين اللغة والشعر، ثم بين الشعر والشاعر ثم بين الشعر والشارع، ويبدو أننى لم أتم الرسالة بعد.
قبل ذلك بثمان سنوات فى 30 مايو 2005 نشرت كلمة فى الأهرام اليومى بعنوان “أينشتاين شاعرا”، بمناسبة عيد ميلاده واستشهدت بكتاب ا.ا.رتشارد بعنوان “العلم والشعر”، ترجمة محمد مصفى بدوى، وهو يقول “الشعر فى مقدوره أن ينقذنا، لأنه وسيلة من الوسائل التى يمكننا بها أن نتغلب على الفوضى”.
الشعر الذى يتغلب على الفوضى ليس أن تكتب قصيدة جميلة، مهما كانت جميلة، ولكن هو أن تحرك جمود الوعى إلى مفرداته التى بها تستطيع إعادة تشكيله، لم أتعرف على الشعر الحقيقى من قصيدة جميلة حتى لو كانت لامرؤ القيس وهو يحيل الزمن إلى موج بحر يرخى سدوله، عليه بأنواع الهموم ليبتلى، ثم يحاوره وهو يقول له لمّا تمطى بصلبه، وأردف إعجازا وناء بكلكل، كأن نجومه ربطت بأمراس كتان إلى صمِّ جندل”، وإنما تعرفت عليه أكثر من قصص هانز كريستان أندرسون للأطفال، ومن أحلام فترة النقاهة لمحفوظ.
نحن أوقفنا الزمن هذه الأيام ورحنا ندور حول أنفسنا، نكرر نفس النص (السكريبت)، نقدس الماضى ونحن نتجمّد فيه ونلعنه، فلا أجد سبيلا إلى الحل إلا فى إعادة تشكيل وعى الناس من خلال إعادة تشكيل مفردات العدل فى علاقات جديدة فى إطار ثورة وعى إبداعى حقيقى.
الشعر، الذى تتغلب به على الفوضى ليس فى أن تقرض قصيدة، ولكن أن تبنى وعيا فرديا فجماعيا، برغم ذلك أنشر ما حضرنى رغما عنى وأنا أخجل أن أسميه شعرا، فأتخفى مثل رئيس التحرير تحت عنوان مُلغِزٍ يقول: يا ليت شعرى لست شاعرا
* * *
ومتى تَعُودُ لعُشهَا اليمامة؟
…..
فى لوحة الغروبِ والسماءُ زاهية
أطلَّ من عـُشِّ اليمامةِ صـَقرُ الحقدِ والكراهيةْ
وسُمّ حيةٍ رقطاء يسرى فى عروق الشجرةْ
فغابَ نصفُ البدرِ فى ظلام المقبرةْ
(2)
وعقدُ فـلٍّ ذابلٍ….، ومِسْـبَحـهْ
وسـِربُ نحلٍ طائرٍ …، ومَذبحــَهْ
وصوتُ ثورٍ هائج …، ونَحْنـَحهْ
و”سوقُ سبتٍ” زائطٍ …، ومشرحـَةْ
(3)
وقالت الجموع : “لا هيّا بنا” !
“رصاصةٌ فى القلبِ” مرّت من هنا
ولم تصِبْ إلا الذى كانَ رَحَلْ
“وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً” تحت الجبل
ولم تفـُزْ أمُّ الولدْ: بناقةٍ ولا جمـَلْ
(4)
وقال عفريتُ المحافلِ الكبيرةْ :
“الحقُّ ما تقوله الأميرة !!”
ونوْرسٌ محلِّقٌ،..و قـُبـَّرَهْ
والوعدُ بعدَ العدِّ: “حينَ ميْـسرهْ”
(5)
وغاب جيشُ النمل تحتَ قـِشرة اللحاءْْ
فقال قوّادُ المصارفِ البغـَاءْ:
لبّيـْكَ شيطان العدمْ
لبّيـْكَ قاصف القلمْ
لبّيـْكَ ناشز النّغـمْ
لبّيـْكَ ناكِس العلـمْ
(6)
لكنَّ نجما شارداً أطلَّ بابتسامهْ
فلاحَ نورُ الفجرِ بالسلامهْ
هل يا تـُرى تحمل غيثـَها الغـَمَامَةْ ؟
……. ومتى تعودُ لـِعُـشـِّها اليمَامَةْ ؟