اليوم السابع
الخميس: 20-2-2014
الشباب، والكشف، والثلج، والإبداع ، وربنا
لم أستطع أن أميز أيهما أكثر شدة وقسوة ولوعة، الألم الذى عصرنى عصرا صباح الأربعاء وأنا اقرأ عن حادث السواح فى طابا، أم الألم الذى عشته ملتاعا مع استشهاد شبابنا الجميل القوى المبدع المغامر فى سانت كاترين؟
السؤال القبيح الذى تردد سرا فى نفوس القاعدين (ليس على الكنبة) “بس إيه اللى ودّاهم هناك؟” تصدّر آخر صفحة فى صحيفة الوطن الصادرة صباح اليوم (الخميس) وقد خفت أن يكون هذا هو رأى المحرر الذى يريد أن يوصله للناس، لكننى فرحت وشكرته لأنه كتبه لينقده، وكنت أتمنى أن يظهر هذا الموقف الناقد فى العنوان، لأن كثيرا من القراء لا يقرأون إلا العناوين، وبما أن المحرر ذكر أن هذا الموقف التبريرى هو الموقف السائد عند المصريين، واستشهد بالباحث عماد جاد، فقد كنت أرجوا أن يعمل حساب ذلك فى العنوان، مع أن لى تحفظ على نتائج هذا البحث، وأحتاج أن أدرس العينة وتوقيت إجرائه، ومشروعية تعميمه.
أما الجميل الذى أتى فى نفس المقال فهو موقف أصدقاء الشهداء الذين دعوا إلى تكريمهم بعمل وقف جديد لمزيد من التبرع – صدقة جارية – لمسشفى سرطان الأطفال 57357 ، فأشكرهم وأدعو لهم بدوام العطاء، وفضل الإيمان، ونعمة الوعى والبصيرة، فهم لم يتوقفوا عند لوم طائرة الإنقاذ، أو الجيش أو الحكومة – أية حكومة- التى تقاعست فى إنقاذهم، كما حدث من غيرهم الذين لم يتوقفوا عن الاتجار بدماء شهداء الثورة بدلا من أن يتوجهوا لمواصلة تحقيق أهدافهم النبيلة، هذا الشباب الطاهر القوى انتقل بكل جزع ألمه ولوعة فقده لأصدقاء أغلى من الإخوة والأخوات، إلى التفكير فى عمل ما كان يسعدهم وهم أحياء، وأيضا هو يسعدهم وهم عند ربهم يرزقون، فهذا النوع من البشر، وخاصة الشباب، يشعر بآلام طفل امتحن هو وأهله بهذا الوحش المفترس ، السرطان، وأعظم ما يرضيه هو أن يساهم فى التخفيف منه، ومن كل آلام البشر المظلومين والأبرياء خاصة، وأنا واثق أن الراحلين سوف يكملون رحلة سفارى إلى وجه الله تعالى وهم فرحون بهذا الموقف النبيل من زملائهم الأطهار الشجعان
فرحة أخرى وصلتنى من “الخواجات” الطيبين الذين يعيشون السياحة باعتبارها “كشفا” إنسانيا ونعمة من الله لاتساع الأفق والوعى، وليست مجرد ترفيه أو “تغيير جو”، وهم فى نفس الوقت يحترمون الجهد البشرى الذى يبذل لحمايتهم مهما ظهرت ثغرة هنا أو هناك بين الحين والحين، فيواصلون الكشف، واحترام التاريخ، والتعاون على الوقوف أمام التدهور والغدر، فيواصلون التدفق على مصر، وكأنهم بذلك جنود يحاربون الإرهاب بأن يفسدوا تحقيق أهدافه، يفعلون ذلك بكل جسارة المحارب الشريف النبيل، فيا لهم من ضيوف كرام جزاكم الله عنا خيرا هكذا يكون الرد على السلبيات بالانطلاق إلى ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض، لا أكثر ولا اقل.
أما الإجابة عن ” بس إيه اللى وداهم هناك ” فإننى أقول بصفة مبدئبة :
إن الذى ذهب بهؤلاء الأبرار الراحلين والباقين إلى هناك هو كل من: “الشباب”، و”الإبداع”، و”الشجاعة”، و”النبل”، و”الصحبة” و”مصر”، و”الطبيعة” و “الناس” و”ربنا أولا وأخيرا”
وسوف أفصل ذلك غالبا غدا ، وربما بعد ذلك .