اليوم السابع
الخميس 7-11-2013
الحساب يوم الحساب، بلا هيئة دفاع، ولا مفتيين
بعد انتهاء التقاضى أمام كل درجات التقاضى، يتبقى مستوى المحكمة العليا، الأكمل والأعدل، فهل يا ترى عمل حسابها المتقاضون على الجانبين؟
كلما نظرتُ مصادفة فى صور الشباب (وغير الشباب)، الملتحى وغير الملتحى، المنقبات والمحجبات والسافرات، كلما نظرت إلى أى وجه وأطلت النظر وهو فاتح فاه، متلفع بشال لا أعرف دلالته، تصلنى صيحته من صورته أكثر مما أسمعها فى أى إعلام مسموع، أروح أتأمل وجهه الغاضب، وأحيانا وجه الآخر الواثق جدا جدا من كل الحقائق جدا، وأحيانا: الكاره الحاقد الساخط الرافض، وأحيانا: المتألم المغيظ الجاهز للانتقام والانقضاض على أى واحد وكل واحد يعترض طريقه أو يخالف رأيه، كلما تأملت أيا من ذلك ، دعوت لى ولهم بتمام البصيرة، وجمال العقل، وصواب الرأى، واستغفرته لى ولهم.
أنتقل بفضل خيالى، وأنا أدعو بالستر، وأتصور هذه الوجوه نفسها وقت الحساب يوم الحساب، وأسأل نفسى، وأود لو أسألهم: هل سوف تظل نفس التعبيرات هى هى فى هذا اليوم الخطير؟ “يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ “، “يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ“، “يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ” (طبعا ولا حسابات ولا أحزاب ولا حصانة ولا يحزنون) وأتساءل: هل يا ترى سوف يقرأون كتابهم، وهم على نفس هذا الشكل والأفواه مفتوحة، والأذرع مرفوعة، والحناجر صارخة، وهل يا ترى حضروا الإجابات على الأسئلة التى ستوجه لهم على كل مستويات الوعى مستوى بعد مستوى، دون أكواب موضوعة؟ وماذا يا ترى سوف تكون إجاباتهم، وكيف ستكون إجاباتى أنا أيضا؟ هل أحد منا يتصور أنه سوف يلجأ إلى هيئة دفاع تشرح موقفه لمن “يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى“؟
هل يا ترى سوف يتذكر أى منهم اسم من أفتى له بما فعل، ليلصق به المسئولية، لعله يخفف عنه العذاب؟
ألم يعمل حسابه أنه “لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ“، فأى محام سوف يترك شأنه الخاص ليتقدم للدفاع عنه أمام رب العالمين، وأى مفتٍ سوف يتذكر ما أفتى به وهو مشغول بما جنت يداه، وبكتابه شخصيا هناك؟. ولن يحتاج هذا الشاب (أو غير الشاب) الذى كان يصيح جدا وهو يتصور أنه يتقرب إلى الله بصياحه، أو بسلاحه ، لن يحتاج إلى شهود نفى، لأنه يوم المواجهة سوف”يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”، وقد تصورت مرة أن حامض الدناDNA سوف يشهد علينا إن كنا حافظنا على نقائه ونبله وفطرته كما خلقه الله وهو يكرم الإنسان بإنسانيته، أم أن صاحبه قد شوهه بما ألقى فيه وما حوره إلى غير غايته من عبادة الله ونفع الناس؟
أى إحراج سوف يلقاه هؤلاء الشباب (وغير الشباب) حين يتبرأ منهم الذين أفتوا لهم ، وهم يتخلون عن مسئولية أنهم اتبعوهم، وحين يهم التابع أن يتبرأ من صاحب الفتوى عملا بمعاملة المثل، تقول له الآية الكريم، نأسف، ليس لك كرّة “إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا“
ما العمل قبل ألا يكون هناك مفر “أين المفر”؟
ربنا يسترعلينا، وعليهم، وعلى الجميع.
(ملحوظة: طبعا لن تكون هناك عدالة انتقالية، ولا عدالة دستورية، ولا صناديق شرعية، وإنما هى العدالة المطلقة دائما أبدا، والحمد لله رب العالمين).