الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الثلاثاء الحرّ: ومازالت الثانوية العامة هى هى

الثلاثاء الحرّ: ومازالت الثانوية العامة هى هى

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء : 11-6-2013

السنة السادسة

 العدد:  2111

 الثلاثاء الحرّ:

حوار فى جريدة اليوم السابع

ومازالت الثانوية العامة هى هى

(حديث عن الاستسهال والاستعباط)

تكررت  فى الأعوام السابقة حالات انتحار لطلاب فى الثانوية العامة إما بعد ظهور النتيجة لرسوبهم أو لعدم حصولهم على درجات مرتفعة تؤهلهم لدخول الكليات التى يطمحون اليها أو التى تطمح أسرهم فى الحاقهم بها, أو فى أثناء الامتحانات إما للتخوف الشديد قبل إمتحان  بعض المواد التى تمثل عقدة لبعض الطلاب أو بعد أداء الامتحان فى بعض المواد الصعبة وفشلهم فى الحل، لذلك نريد إلقاء الضوء على الأسباب التى تدفع بعض الطلاب للانتحار وكيفية تجنب ذلك ونصائح للاسرة التى قد تقوم ببعض الافعال والاقوال التى تدفع الطالب للانتحار وذلك من خلال تفضل سيادتكم بالاجابة عن هذه الأسئلة:

1)     الأسباب التى تجعل طالب الثانوية العامة يقدم على الانتحار ؟

   د. يحيى:

أولا : لا يجوز للإعلام أن يتكلم عن انتحار طالب ثانوية عامة، أو خاصة!! بنفس طريقة الأعوام السابقة، أنا لا أعرف كيف لم تتغير لهجة الإعلام بعد كل هذا؟، لم تتغير مواقفه من معنى الامتحان، ومعنى الانتحار بعد كل ما حدث، آلم يئن الأوان أن نتكلم عن “انتحار وطن” بأكمله بسبب عدم قدرة أبنائه على استيعاب المسؤوليات الجديدة، والقيم الجديدة، والامتحانات الجديدة، الانتحار عموما هزيمة، والطالب القوى، والوطن القوى لا ينهزم بسهولة، فإذا توجه الإعلام للتعاطف مع لغة الهزائم هكذا، فاسمحوا لى بالتنبيه صارخا، كفى بالله عليكم.

2)      ما هى  الأفعال والأقوال التى تقوم بها الأسرة دون أن تدرك فتدفع الطالب للانتحار؟

   د. يحيى:

الأسرة المصرية أصبحت وحدة هلامية فى مجتمع يتفسخ، وقبل ذلك لم تكن وحدة متماسكة فى مجتمع ينمو، لكنها كانت وحدة تنافسية بدائية فى مجتمع يعدو لاهثا للحفاظ على حاجاته الضرورية للاستمرار، وكانت مواسم الامتحان فرصة للصراخ والاحتجاج والدموع والرشاوى بعلاوات الأرقام وسهولة التصحيح، ولم تتغير المسألة بعد مشروع الثورة إلا أن الأسرة أصبحت تحاط أكثر فأكثر بالضياع، وهى لا تكاد تشعر بمعنى حقيقى شريف للحياة، وبالتالى فإنه يمكن أن تصل منها رسائل سلبية تقول للطالب: “ثم ما جدوى كل هذا بالله عليك؟” كان المفروض أن ننتهزها فرصة ليكون الامتحان امتحانا، لا دفاعا عن كسالى ، ولا هدهدة لمن لم يؤد واجبه، منذ سنوات فقد الامتحان معناه، وفقدت الدرجات معناها، تماما كما فقدت النقود قيمتها، والطالب المنتحر ليس إلا عرضا لمرض مجتمع بأكمله، لا لأن الامتحان جاء صعبا، ولكن ثقافة الحرب، وثقافة المقاومة، وثقافة الكدح حتى إلى وجه الله تراجعت كل هذه الثقافات لتحل محلها ثقافة المطالب الفئوية، وثقافة الصبر النافذ، وثقافة التغيير قبل التقييم، وثقافة الصياح والعويل.

3)    هل صادفتكم حالات لطلاب الثانوية العامة الذين حاولوا الانتحار؟ حدثنا عن هذه الحالات؟

   د. يحيى:

أنا لا أتحدث عن حالاتى أبدا تقريبا، كل ما أقدمه لهذا الطالب الذى يتحدث عن الانتحار هو محاولة إفهامه أنه بذلك يعلن هزيمته، ويكفر بربه، لأن واهب الحياة هو الذى يأخذها، ولذلك فإن المنتحر لايذهب إلى النار فحسب، بل هو ينتحر فى النار من جديد، لأنه يبعث بعد أن يحرق لينتحر، وباستمرار، خالد مخلدا ربما ليثبت له ربنا أن محاولته فشلت رغم انتقاله إلى جهنم، لأنه تدخل فأحل إرادته الخائبة محل إرادة ربنا الذى خلق الحياة والموت، إنه هو سبحانه الذى خلق الموت، بل إنه خلق الموت قبل الحياة “تبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا”، هل هناك تقدير لمعنى الامتحان فى الآية الكريمة أكثر من هذا، معنى الحياة وسبب خلقها هو امتحان أن يرى ربنا أينا أحسن عملا، ولهذا خلق الموت والحياة، فإلى ماذا آل إليه معنى الامتحان الآن، غير الغش، والهدهدة والإثارة ودموع الأمهات وبناتهن فى أحضانهن، كفى بالله عليكم كفى.

4)    هل يمكن أن ينتحر الطالب المتفوق؟ ولماذا ؟

   د. يحيى:

طبعا يمكن ونصف، ثم ما معنى كلمة متفوق هذه الأيام، متفوق أى أنه حصل على مجموع أكبر نتيجة قدرة أهله على توفير الدروس الخصوصية؟ أم متفوق لأنه أحب العلم وأتقن طريقة تحصيله؟ أم متفوق لأنه ابتدع طرقا جديدة تكنولوجية وغير تكنولوجية ، لاسلكية وغير لاسلكية للغش؟ ما دمنا لم نعد نعرف معنى التفوق حتى فى السياسة، فكل شىء سلبى جائز لأى مواطن عاجز.

5)  هل يمكن أن تبدو على الطالب علامات التبلد واللامبالاة وما يمكن أن نسميه ” تناحة ” وفجأة تجد الأسرة هذا الطالب منتحرا ؟

   د. يحيى:

المنتحر غالبا لا ينتحر فقط من فرط الكآبة والحزن، وخاصة فى مثل هذا النوع من الانتحار، المنتحر هو يائس غبى، وفى نفس الوقت مستسهل مستعجل، وهذه صفات ضحالة العواطف وليس عمقها، ومن هنا تأتى مثل هذه المفجآت.

6)  كلمات وعبارات تقولها الاسرة للطالب ويمكن ان تكون هى القشة التى تقسم ظهر البعير وتدفعه فى لحظات الضعف للانتحار ؟

   د. يحيى:

المنتحر لا يحتاج عادة لقشة تقصم ظهره، وكثير من حالات الانتحار هى محاولات غير جادة، لكن لخيبة من يقوم بها، هو لم يحسن حسابات مدى الخطورة، وكأنه فى نهاية النهاية مات عن طريق الخطأ والغباء، أما كلمات الأسرة الخطرة فإنى أحذر من الإهانات الجارحة للكرامة أو للحق فى الحياة

7)  هل يمكن أن نقتل أبناءنا من شدة الحب ففى احدى الحالات انتحر الابن من شدة حب أبيه وأمه وأملهم فى الحاقه بكلية الصيدلة بينما هو يكره الكيمياء فانتحر تاركا ورقة يعتذر فيه لوالديه لعجزه عن تحقيق حلمها ؟

   د. يحيى:

هذا تفسير سطحى ساذج يحتاج إلى مراجعة، ولا يوجد عادة من يتخلص من حياته لأنه يكره الكيمياء وابوه يحب الصيدلة، هذا اختزال للعلاقات الوالدية والأسرية، وعلى الصحافة أن تراجع كل ما يصلها من تبريرات وأخبار وتفسيرات، حتى على لسان المنتحرين الفاشلين حتى فى الانتحار

8)    نصائح للطالب كى يخفف من حدة الضغوط النفسية والعصبية والاجتماعية التى يتعرض لها ؟

   د. يحيى:

نحن نبالغ فى قيمة النصيحة عموما، وخصوصا قرب الامتحانات، كل ما يمكن أن نقدمه للطالب هو أن نحترم الواقع ونتألم لما به، ونواصل مواجهته، وكل هذا سوف يصل إلى أبنائنا وبناتنا فيتعلم الواحد منهم كيف يؤكد علاقته بالله، وأن يعرف أن حياته شخصيا أمانة ليس من حقه التصرف فيها، فهى ملك لخالقها، وأنه كفرد إنما يمثل الوطن كله، وأن وجوده لا يتحقق بنجاحه فى امتحان ما، وإنما بحمل أمانة وطنه فى عنقه، وأن الدنيا لن تنهدم والقيامة لن تقوم إذا تعثر لا قدر الله، والذى يواصل هو الذى يصل.

9)    نصائح للاسرة كى تتجنب انتحار أبناءها؟

   د. يحيى:

أن تتوقف عن استعمال أبنائها وبناتها كمشروع استثمارى، وأن تقلل من النصائح قرب الامتحان، وأن تحترم الوقت ، وأن توفر بديلا للنور إذا ما انقطعت الكهرباء!!! وأن تحسن الدعاء أن يوفق الله أبناؤها وبناتها.

 10)    نصائح ليلة الامتحان وفترة المراجعة النهائية للأسرة وللطالب ؟

   د. يحيى:

النصائح ليلة الامتحان تكاد تكون بلا فائدة خصوصا النصيحة بالتركيز، أو النصيحة بشحذ الذاكرة، كل هذا ضد الطبيعة النفسية لعمل المخ البشرى، فالمخ يركز لأسباب أخرى ولأن ربنا خلقه ليركز، وليس لأنه يستجيب لنصيحة الوالدين، والذاكرة تقوم بالواجب أثناء الامتحان لا قبله كل المطلوب هو أن تطمئن الأسرة أن الطالب نام عددا معقولا من ساعات النوم من خمسة إلى ثمانية مثلا، مع التأكيد أن النتيجة على الله دائما، وأن الامتحان هو الذى يكرم المرء فيه أو يتعلم ما فاته ليأخذ فرصا أفضل دون إهانة

11)    هل هناك دراسات وابحاث تناولت هذه القضية وما اهم نتائجها وما توصلت اليه؟

   د. يحيى:

لا أعرف أبحاثا معينة، بأرقام صادقة يمكن أن يعتمد عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *