الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الثلاثاء الحرّ: حديث: عن الجدل والحوار والسفسطة؟

الثلاثاء الحرّ: حديث: عن الجدل والحوار والسفسطة؟

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 30-4-2013

السنة السادسة

 العدد: 2069    

الثلاثاء الحرّ:

     حديث:

عن الجدل والحوار والسفسطة؟

1)   من هو المجادل فى علم النفس ؟ وهل هى صفة شخصية أم وراثية؟

   د. يحيى:

لا يوجد فى علم النفس – على حد علمى – تعريف مستقل لمن هو المجادل -، ولكن توجد أنواع مختلفة من الشخصيات قد تتصف بهذه الصفة، وهى صفة تحتاج إلى تصنيف فرعى لأنها قد تكون مجرد قهر كلامى أشبه بالوسواس الاندفاعى، كما قد تكون لفظنة خاوية، وكذلك قد تكون مناقشة تنافسية، وأخيرا قد تكون سلسلة من قصائد الفخر والهجاء.  

2)   متى يكون الجدل مثمرا ومتى يتحول إلى سفسطة؟

   د. يحيى:

منذ قرأت الآية الكريمة أنه “فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ” وأنا أتعجب كيف جمع الله سبحانه الجدال هكذا مع الرفث والفسوق، إلى أن تبينت أخيرا هذا النوع الذى يسمى لفْظَنَة، وهو يشير إلى نوع من التراشق بالحجج اللفظية الخالية من الهدف والتوظيف للتواصل أو التفاهم،

أما عن لفظ السفسطة فأرجو أن نتذكر أن السفسطائيين كانوا يمثلون فريقا مهما من الفلاسفة الجادين، وكانوا يتبادلون الحوار حول حقائق الحياة، بعمق مسؤول، وليس كما نستعمل اللفظ حاليا فى لغتنا العادية ولغتنا الدارجة.

 

3)   كيف ترى حالة الجدل الدائرة الآن فى المجتمع المصرى سواء على المستوى السياسي أو بصفه عامه؟

   د. يحيى:

إن انتشار الفضائيات بهذه الصورة الفيضانية، وبالذات ما يسمى “التوك شو” قد أضاف إلى حياتنا نوعا من الاهتمامات التى لم تكن لها هذا الحيز من اهتمامنا قبلا، وفى رأيى شخصيا أن أغلب ما يجرى فيها هو كلام غير هادف، بمعنى أنه لا يركز على تحقيق فعل بذاته عند المتلقى حيث أننى أشعر أن كثيراً من المتجادلين – وأدعو الله ألا أكون منهم- يمارسون شطارة لفظية أكثر منهم يهدفون إلى توصيل رسالة أو تحريك وعى.

4) هل نقص الخبرات الحياتية سبب فى وصول شخص ما إلى حالة الجدل -الذى ليس له قيمة -أم نقص الثقة فى النفس؟

   د. يحيى:

عوامل كثيرة تجعل أى شخص يتوقف عند مرحلة استعمال الألفاظ فى ذاتها دون توظيفها حاملة لمضمون يريد توصيله كما ذكرنا، وأعتقد أن نقص الثقة بالنفس عامل أهم من نقص الخبرة فى هذا المجال، ناهيك عن نقص المعلومات، ومن ثم الفتوى – ليس فقط الدينية- بغير سند.

5) كيف يمكن مساعدة المجتمع للخروج من حالة الجدل المستمر؟ وهل يمكن أن تسبب كثرة الجدل على الساحة السياسية نوعا من اليأس لدى المواطن العادى؟

   د. يحيى:

أولا: على الإعلاميين أن يحددوا هدفا من أى لقاء أو حتى من أى خبر، فإن افتقدوا هذا الهدف أو كان سلبيا، فليدركوا أنهم يقومون  بدور مخرب فى هذه المرحلة بالذات، وهم مسؤولون حتى لو لم يكونوا يقصدون.

ثانيا: على الذين يتصدون للقيادة السياسية أن يحددوا أدوارهم بشكل عملى، وان يصبروا على خصومهم وأن يحترموا من  يختلفون معهم، وأن يكون النقد الذى يقدمونه ملتزما بعرض البدائل العملية القابلية للتطبيق، والإ فالمسألة كلها تضييع وقت، وإضافة إلى التخريب.

6)   ماهو التصرف الذى تراه مناسبا لإنهاء حوار جدلى لن يصل إلى نتيجة؟

   د. يحيى:

1) أن نتفق على طريقة “التغيير” هل هى الصناديق أم الميادين

2) أن نحترم عامل الوقت، ونحسبها بالمسؤولية أمام الله

3) أن نعطى فرصة حقيقية لكل من يحاول جادا

4) أن نحسب أية خطوة وأية كلمة بحسابات “الإنتاج” و”الأمان” و”تعمير أرض الله” كلها بدءًا بوطننا فى مواجهة العدو الحقيقى: المال العولمى بقيادة أمريكا واسرائيل.

7)    كيف ندرب أولادنا على النقاش المثمر وليس فقط المجادلة دون نتائج؟

   د. يحيى:

بأن نتناقش نحن الكبار نقاشات مثمرة، ونحترم الحديث الشريف “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت”، وقول الخير ليس مجرد كلام يلقى على عواهنه، إذ لابد أن نتحمل مسؤولية ما نقول، حتى لو لم نكن نقصده، فإن ربنا سوف يحاسبنا عليه (أربعين خريفا فى أربعين خريفا!!) وأظن أن ذلك كفيل بأن نتراجع عن كثير من اللغو الذى نتبادله

8)   وكيف نتعلم قواعد الحوار البناء؟

   د. يحيى:

1) لابد أن يبدأ الحوار باحترام متبادل

2) على كل طرف أن يتقمص موقف محاوِرِه (يضع نفسه مكان محاوره بشكل أمين) حتى يمكنه أن يستوعب عمق موقفه.

3) علينا أن نتعلم كيف نقيس الحوار بما تبقى منه داخلى لدرجة تعدّل رأيى، لا تؤكد موقفى الذى بدأت به طول الوقت وأحيانا طول العمر.

4) أن يكون الحوار فرصة للتعلم المستمر من خبرة الاختلاف.

9) كيف ترى الأداء الإعلامى الآن؟ وماهى أهم نقاط الضعف التى ترصدها فيه؟ وكيف يمكنه المساهمة فى تخفيف حدة الجدل والخلاف فى المجتمع؟

   د. يحيى:

(سبق الرد على هذا السؤال فى الإجابة رقم”5″) وأضيف أننى للأسف أرى الآن أن كفة السلبية تتزايد، مع تزايد التركيز على الإثارة، وعلى التهييج وعلى تدعيم الانفعالات الفجة، والبدائية، دون الوعى بأثر عرض أية صورة أو أى خبر هل هو لمجرد هزّ السلطة أو الانتصار على الخصم أم أنه يعود بالخير على اقتصاد البلد وأمنه، فى مواجهة عدو متربص (دولة المال العولمى بقيادة اسرائيل وأمريكا والبنوك والماسونية).

10) التمسك بالأمل أصبح مسألة شديدة الصعوبة فى الحالة الراهنة فى مصر، فما رأيك كيف نواجه هذه الحالة ؟ وماهى الروشته النفسية التى تنصح بها المصريين؟

   د. يحيى:

النصائح الفوقية لا تفيد، ثم إن اليأس هزيمة ذاتية اختيارية علينا أن نتحمل مسئوليتها، إن الشىء الوحيد الذى يجعلنى أحافظ على تفاؤلى المؤلم هو يقينى بأن “ربنا موجود” وأن فى بلدنا ملايين تعبده وهى تحتاج إلى رحمته وتسعى لإرضائه، وهى مستعدة للعمل والتعمير بمجرد أن تفيق من التخدير العام الواقعة تحت تأثيره حاليا: وأن تشعر بالعدل الحقيقى الذى لا يميز ولا يتحيز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *