الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الثلاثاء الحرّ: حديث: عن الإلحاد والثورة الدينية الزائفة…

الثلاثاء الحرّ: حديث: عن الإلحاد والثورة الدينية الزائفة…

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 21-5-2013

السنة السادسة

 العدد: 2090     

الثلاثاء الحرّ:

حديث:

عن الإلحاد والثورة الدينية الزائفة…

1) ما هو تفسيرك لانتشار صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى تدعو لخلع الحجاب، الالحاد، وحتى السخرية من الملتحين؟

   د. يحيى:

هذه ثلاث قضايا منفصلة

خلع الحجاب ليس بالضرورة دعوة للبعد عن الدين، قد يكون اقتناعا برأى فقهى، مهما كان ضعيفا بأنه ليس فريضه، وفى مرحلة سابقة خيل إلىّ أنه تعبير سياسى ضد من كان يضطهد التيارات الدينية، ثم إن أغلب الحجاب الآن هو تعرية للجسد كله المغطى بغلالة رقيقة تصف تفاصيله، بفضيحة أكثر من إظهار الشعر والوجه، فلعل فى خلعه ما يغرى بعض لابساته بحشمة حقيقية تسترها.

أما السخرية من الملتحين فلها أسباب متعددة، فقد تكون ضمن فيضان موجات السخرية السخيفة التى سادت هذه الأيام وحلت محل خفة الدم المصرى، وقد تكون دعوة إلى التنبيه “إلى أين نذهب”؟، وقد تكون فراغا يسخر من الشكل بدلا من أن يغير الموضوع إيجابيا.

أما الإلحاد والدعوة إليه فأراه رقصا على السلم وتقليدا أعمى حتى دون الإلتزام بقواعد الإلحاد ومسؤوليته، وهى دعوة تعلن فراغا وسطحية أكثر مما تعلن حرية وثورة، ويحتاج الأمر إلى كتاب لشرح بعض ذلك.

2)   هل هناك علاقة بين الدعوة لدولة الخلافة وانتشار تيار الإسلام السياسى ووجود هؤلاء؟

   د. يحيى:

طبعا، والمسألة لا تقتصر على الدعوة لدولة الخلافة، وإنما هى مواجهة سلبية لظاهرة قمع الفكر والتخلى عن الوطن لصالح أممية أيديولوجية دينية ليس لها علاقة بالدين أو بالإيمان، ومع ذلك فإن النتيجة برغم ظاهر التحرر هى تقوية تيار الإسلام السياسى، فهل هذا هو ما يريده هؤلاء المتشنجون.

3)   ما هى ملامح شخصية الداعين لتلك الأشياء؟ كيف تقرأ شخصياتهم؟

   د. يحيى:

لا توجد ملامح واحدة تجمع هؤلاء جميعا حتى نصفهم جماعةً، فهناك المستسهل،  وهناك العدمى، وهناك المتمنظر، وهناك التافه، وهناك المعارض المفكر، وهناك الثائر الحائر، فكيف أجمع كل هؤلاء فى شخصية واحدة ثم أقرأها.

4)   ما أكثر المراحل العمرية التى ينتشر بها ذلك؟

   د. يحيى:

كل المراحل دون استثناء، ولا أعتقد أن مرحلة المراهقة تغلب فى هؤلاء، فالمراهقون عندنا حاليا لم يتدربوا أصلا على التفكير لأنفسهم حتى ينتموا إلى فكر رافض أو فكر ناقد، وأعتقد أن هذه الظاهرة تتراجع فى المراحل العمرية المتقدمة نسبيا، فكبار السن قد يعودون إلى التدين، ليس من باب رحلة الكدح لليقين، ولكن للأسف يعودون غالبا من باب “الاحتياط واجب”.

5)   هل تعتقد أن تلك الدعوات نابعة من اقتناع أو مجرد عند ضد المجتمع؟

   د. يحيى:

قلت حالا إنها مجموعة غير متجانسة لايمكن تعميم الحكم عليها، لكن الأرجح أن الاقتناع يحتاج إلى جهد ومثابرة وجدية غالبا ماتنقص أغلب هذه المجموعات، ثم إن الاقتناع يكون بالتفكير فقط، والإيمان لا يتحقق بالتفكير بل بالإدراك وهما عمليتان معرفيتان مختلفتان تماما، أما إنكار الإيمان فهو تفكير محض.

 أما مسألة العند ضد المجمع، فهذه صفة الثوار، ولا أظن أن لفظ الثوار بالمعنى الإيجابى ينطبق على معظم هؤلاء.

6)   ما مدى صحة عبارة “أننا شعب متدين” من منظور نفسى؟

   د. يحيى:

نحن شعب مؤمن إيمانا بسيطا تلقائيا حقيقيا وجادا، لأننا شعب عريق لم ننفصل أبدا عن أصل الكون ومستقبل الإنسان، أما كيف يتجلى هذا الإيمان فى شكل الدين فذلك أمر آخر، لأن عندنا الدين الشعبى والدين الرسمى والدين، الشكلى والدين الانتهازى والدين السياسى والدين النفعى وكل هذا موجود لكن الأصل فى هذا الشعب هو علاقته بالتوحيد وسعيه الإيمانى الفطرى المثابر.

7)   هل تغيرت هذه العبارة بعد الثورة أم انكشف وجه آخر فى المجتمع لم نكن نعلم به؟

   د. يحيى:

انكشفت عدة وجوه وليس وجها واحدا، ولم تنكشف هذه الوجوه للناس (الآخرين) فقط، وإنما انكشفت لأصحابها، أو لبعض أصحابها، ولعل الحركة الشبابية داخل جماعة الإخوان نفسها تشير إلى بعض أوجه مثل هذا الانكشاف، لكن العبارة الأصلية “نحن شعب متدين” مازالت راسخة وتصحيحها نحن شعب مؤمن قريب من الله.

8)   هل هؤلاء يمكن أن يصححوا مسار تفكيرهم مرة أخرى؟ وإذا كان “نعم” كيف ذلك؟

   د. يحيى:

تصحيح مسار التفكير وارد للجميع طالما نحن مازلنا أحياء، وإفساد مسار التفكير وارد أيضا برغم محاولات التصحيح “الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً” فالأمر يتوقف على عوامل كثيرة من أهمها أننا لم نتعلم منذ الصغر ماهية التفكير النقدى حتى نصصح أفكارنا، أو حتى نغيرها بمسؤولية حقيقة وليس لمجرد التقليد أو التشنج العكسى، ثم إن الأمر لا يتوقف على هؤلاء فحسب ولكن على الوسط المحيط ونوع التدين المقدم لهم، وتصحيح الذين تولوا السلطة لمسارهم فى إدارة المجتمع ورسم القدوة، أو تخليهم عن السلطة إن وهبوا الشجاعة ووجدوا فى ذلك ما يقربهم إلى الله وينقذ شعبهم من جهلهم وتخبطهم وتحيزهم.

9)   ما هى أفضل طريقة للتعامل معهم “الحوار” أم “التجاهل”؟

   د. يحيى:

كلمة الحوار لا تكفى، فالمسألة ليست مناقشات عقلية أو مرجعية سلفية، أوعرض وجهات نظر، المسألة أعمق من ذلك بكثير، ومثل هذا الفكر لا يتغير بالحجة والبرهان، وإنما ينصلح بتنمية القدرات المعرفية الأخرى (مثل الإدراك) التى تكمل التفكير، وهى بالنسبة لمعرفة الله وسبيل الإيمان تتفوق على التفكير والمنطق الظاهر بمراحل، فهى أعمق وأصدق، وكل هذا غير متاح لا فى التعليم ولا فى التربية المنزلية، ولا فى التنوير الدينى، لكن كل شىء جائز، والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.

10)   هل تتوقع ظهور دعوات أخرى مشابهة لتلك؟

   د. يحيى:

كل شىء جائز، خاصة بعد الفرص الجديدة التى أتاحتها الألعاب “الإلكترونية” الجديدة مثل النت والفيس بوك والتويتر، وهى التى تعطى فرصا رائعة بقدر ما تعرض اختبارات صعبة، أو توصل إلى طرق مظلمة حسب التساهيل.

11)   هل تتوقع انتشار تلك الظاهرة خاصة بعد الحديث عن وصول عدد الملحدين لـ 2 مليون مصرى؟

   د. يحيى:

هذا زعم غبى، لا يوجد سند له وغالبا لا أساس له من الصحة، وأعتقد أن من يورده ويتشدق به لا يعرف معنى الالحاد،

 أنا لى رأى لا يفهمه الكثيرون ولا أريد أن أشغل القارىء العادى به، ومع ذلك فمن الأمانة أن أذكره، وهو أن الالحاد الحقيقى هو استحالة بيولوجية لأن خلايانا (بغض النظر عن أفكارنا) مؤمنة بالرغم منا طالما هى على قيد الحياة، لأن الذى يبقى الخلية حية هى اتساق هارمونيتها مع هارمونية بقية الخلايا مع هارمونية المحيط مع هارمونية الكون إلى وجه الحق تعالى، فإذا انقطع هذا الاتصال ماتت الخلية، أما وصول حقيقة وطبيعة هذا التواصل الذى يحفظ الحياة إلى ظاهر الوعى ثم إلى مستوى الفكر فهذا أمر آخر لا يتسع المقام للخوض فيه.

12)   من يتحمل مسئولية هؤلاء؟

   د. يحيى:

كل واحد مسؤول عن كل الناس كل الوقت، فرض حمل أمانة استمرار الحياة فى اتساق مضطرد وهارمونية متصاعدة هو “فرض عين” إذا قام به البعض لم يسقط عن الكل، ولولا هذا لما رددت على سؤال واحد مما تطرحين لعلمى بعجزى عن توصيل ما أريد كما أريد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *