الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الثلاثاء الحرّ ثقافة الحرب و”الاستعمار الانتقالى”

الثلاثاء الحرّ ثقافة الحرب و”الاستعمار الانتقالى”

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 19-11-2013

السنة السابعة

العدد: 2272

 الثلاثاء الحرّ

ثقافة الحرب و”الاستعمار الانتقالى” (1)

…………..

…………..

قال الأخ لأخته: بصراحة ، أنا لم أعد أستطيع أن أميز ما يسمى قوى الشر، كلٌّ يدعى أن خصمه يمثل الشر دون غيره، سواء كان هذا الخصم هو الأسد أم أوباما أم الشاطر والظواهرى ؟

قالت: وتريدنى أن أميز أنا لك !! اسم الله!  دعنا نسأل سؤالا أبسط من كل ذلك: من المستفيد من تقويض جيش عربى له كل هذه الصلابة طوال هذه المدة ؟

قال: إسرائيل طبعا

قالت: والقاعدة التى ستتسلم الحكم من الأسد ؟؟

قال: آه صحيح، إسرائيل لا تستطيع أن تكشف عن نفسها وتتولى الحكم مباشرة، لا بد من مرحلة “الاستعمار الانتقالى”

قالت: ماذا؟ استعمار ماذا!!! أنا لم أفهم حتى الآن معنى “العدالة الانتقالية،” تقوم حضرتك تقول لى “الاستعمار الانتقالى”، يعنى ماذا؟

قال: هو شىء من هذا القبيل، ما عليك.

قالت: دعنا من ذلك، ألست معى أنه لا يكفى أن نعرف أطراف تحالف الشر، وأن الأوْلى بنا أن نعرف فورا وفعلا كيف نقاومه.

قال الشاب: لنفرض، أننا وعينا الفرق بين توقيع معاهدة مؤلمة تقر باستسلام لواقع مر، وفى نفس الوقت تحفز للبدء فورا بتنمية ثقافة الحرب المتواصلة بلا نهاية، بما فى ذلك احتمال قيام الحرب كلما اضطررنا لذلك.

قالت: يا خبرك اسود، تريدنا أن نعود للحروب بعد كل ما عانينا من 48، نحن ما صدّقنا

قال: ما صدقنا ماذا؟ دعينا نتصور لو كانت ثقافة الحرب قد أيقظتنا من غفلة التبعية وخبث صفقات الصداقة غير المتكافئة، حتى لو ورّطتنا بين الحين والحين أن نعود نواصل الحروب بكل تشكيلاتها: ننهزم، فننتصر، ونقتل، ونستشهد، ونكسب، ونخسر، ونقاوم، وننتج، ونبدع، ونستمر، قالت: ما كل هذا ؟

قال: هذه هى ثقافة الحرب، لا تخافى وقولى لى: ما هى أسوأ الاحتمالات لو كنا فعلنا ذلك؟

قالت: كنا سنصبح بلدا محتلا، وكان زماننا نصرخ فى أمريكا وربما مجلس الأمن أن يلحقونا لأن إسرائيل تبنى مستوطنات فى أرض مصر المحتلة.

قال: تقولين مستوطنات! أظن مثل المستوطنات فى سينا التى يقطنها الآن ويحصنها الوافدون من أفغانستان وتركيا وغزة وتركيا،

قالت: هل أنت متأكد مما تقول؟

قال: ليس تماما، أنت وما ترين .

قالت: دعنا نواصل ما تعلمته منك الآن

قال: تعلمتِ ماذا؟

قالت: تعلمت منك ما هى ثقافة الحرب: ننهزم، فننتصر، ونقتل، ونستشهد، ونكسب، ونخسر، ونقاوم، وننتج، ونبدع، ونستمر،

قال: على البركة، هذه هى الثورة

قالت: أخيرا عرفنا الطريق إلى الثورة. هل ثقافة الحرب هى الطريق إلى الثورة أم أنها الطريق إلى الحرب؟

قال: تصورى أن معاهدة السلام كانت المفروض هى الطريق إلى ثقافة الحرب التى هى الطريق إلى الثورة.

قالت: يا خبرك أسود، إذن ما هى ثقافة السلام؟

قال: ثقافة السلام هى ثقافة الاسترخاء والتسليم لعدو لا تمر عليه ثانية إلا وهو يستعد لشن الحرب علينا.

قالت: فلماذا يصرون على التطبيع وهذا الكلام الذى لا يتوقف عن التعاون والصداقة والسلام.

قال: هذه هى بعينها ثقافة السلام، وهى ليست إلا الاستسلام الرخو لنصبح اتباعاً وأسواقا عبيدا لا أكثر.

قالت: أهكذا؟ دعنى أحاول الربط بين كل هذا وكل ذاك.

قال: كل ماذا وماذا؟

قالت: كل ما اتعلمه منك وكل الجارى.

قال: ربنا يفتح عليكى.

قالت: لا تسخر هكذا، وعليك

[1] – تم نشر هذا المقال فى موقع “اليوم السابع” بتاريخ 13-9-2013، باسم مستوطنات ومستوطنات، تعقيبا على حديث الأستاذ محمد حسنين هيكل مع لميس الحديدى، لكن الحديث أصبح قديما الآن منذ حوالى شهرين، فقد فضلت أن أحذف المقدمة، والمتعلقة بذلك، وأغير العنوان كما أضفت بضعة سطور على النهاية لأوصل رسالة دائمة عن ثقافة الحرب التى عجزت أن أوضح للناس كيف أنها ليست هى الحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *