“نشرة” الإنسان والتطور
11-1-2009
السنة الثانية
العدد: 499
التدريب عن بعد:
الإشراف على العلاج النفسى (30)
(سوف نكرر فى كل مرة: أن اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى التدريبى، وكذلك فإننا لا نرد أو نحاور أو نشرف إلا على الجزئية المعروضة فى تساؤل المتدرب، وأية معلومات أخرى تبدو ناقصة لا تقع مناقشتها فى اختصاص هذا الباب).
قبل الحالة:
وجدتى قد أنهيُت تعتة أمس (عن غزة أيضا) بأننى سوف أرجع لهذا الجهاد الآخر – الذى أتصور أننى أتقنه – بعد أن استدرجتنى الأحداث إلى التفسير والتأويل حتى الفتوى فيما لا أتقنه، انتهت التعتعة إلى أن أوصى إما بالحرب التى لا تنتهى إلا بالهزيمة الصريحة فنتحمل مسئوليتها كاملة، بعد الاستسلام المؤلم الشريف الباعث، إلى النصر الحقيقى حتما، وليس إلى التهدئة، أو الهدنة، أو وقف إطلاق النار أو خريطة الطريق…الخ، ثم أوجزت القضية فى أنه: إما ألمانيا أو فيتنام!
قلت بالحرف الواحد.
قررت الآن حالا أن تكون هذه التعتعة هى آخر ما أكتب “فيما لا أتقن”، وأن أنسحب بعد اليوم إلى واجباتى الأخرى، فى محاولة إحياء الموتى من الأحياء الظلال، وتحريك الساكن، وخوض مخاطر المعرفة،
وهو دورى الذى أتصور أننى أتقنه،
وأنه ضمن حروبنا المتصلة،
نحو النصر.
* * * *
وهانذا اليوم، وربما بعد ذلك، ياليت: إلى أبوابنا العادية، نبحث فى “.. كيف الإنسان كما خلقه الله، وليس كما تشوه بفعل إنسان شائه (يا ترى هل استطيع أن أواصل هذا الجهاد بما يستحقه؟)
الحالة:
عن المؤسسة الزواجية والعلاقة بالموضوع (2 من 2)
تنويه متجدد:
شعرت الأسبوع الماضى والآن أنه ينبغى إعادة التنبية على أن نصّ الحوار فى حالات الإشراف ليس حرفيا مائة فى المائة، وأن التحوير يكون بهدف التوضيح اللازم لتغطية القصور الناتج من تحويل المشافهة إلى حوار مكتوب. وأيضا يجرى بعض الحذف لما لا يليق إثباته للقارىء العادى غير المتخصص، والتزمت حتى الآن إلى أن ما يوضع بين قوسين هو إضافة لازمة، وأن النقط بين تنصيصين عادة هى إشارة إلى حذف مقصود، لكننى لاحظت أننى لم ألتزم بذلك دائما خصوصا فى النشرتين الأخيرتين، لذلك قررت أن أشير الآن إلى ذلك.
قبل النص:
بعد شهرين من استشارة الزميل أحمد الشافعى لهذه الحالة تقدم بالاستشارة التالية فى مقابلات الإشراف على العلاج النفسى، وها نحن ننشرها كما وعدنا فى الأسبوع الماضى.
د. أحمد الشافعى: صباح الخير يا دكتور يحيى
د. يحيى: صباح النور
د. أحمد الشافعى: هى مريضة عندها 29 سنه بتشتغل……، إلخ (أعاد الدكتور أحمد التلخيص كما قدمه من قبل فى الاستشارة السابقة، ويمكن الرجوع إليه فى نشرة يوم الأحد السابق 4-1-2009 “عن المؤسسة الزواجية والعلاقة بالموضوع (1-2).
د. يحيى: مش هى دى اللى قدمتها لنا قبل كده ؟
د. أحمد الشافعى: أيوه
د. يحيى: حوالى امتى
د. أحمد الشافعى: من 5 اسابيع مثلا أو من 6 اسابيع
د. يحيى: أظن أكتر، ما علينا، طيب، ممكن تقولنا السؤال كان إيه المرة اللى فاتت؟
د. أحمد الشافعى: كنت باقول لحضرتك إنى انا كنت باشتغل معاها هى وجوزها فأنا كنت حاسس ان العلاقة ما بينهم صعبة، وهى فى الأول كانت معتمدة عليه اعتماد كلى، وهو قايم بالدعم تمام التمام، وبعدين هوه رفع إيده بعد تمان شهور ما كانتشى منتظمة فيهم إلا الشهرين الأخرانين، وجوزها عمل كده بناء على مقابلات معايا، وتعليمات مستمرة، وكانت هى مريّحة فى الأول على كده، فالوساوس كانت بتزيد، وكان رأيى إن اللى جوزها كان عاملة ده هوا اللى بيخليها تريح اكتر فى العيا بتاعها، وبعدين لما جوزها خلع هى اتحسنت شوية من ناحية المرض، لكن العلاقة ساءت بينها وبينه
د. يحيى: السؤال كان ايه؟
د. أحمد الشافعى: السؤال كان اعمل ايه فى ده؟
د. يحيى: الجواب كان ايه
د. أحمد الشافعى: الجواب هو حضرتك الاول سألتنى انت بتعالجها ازاي، يعنى الاعراض الأول ولا إيه، انا قلت لحضرتك وقتها ان احنا مع تحسن الأعراض زادت المسافة بينها وبين جوزها أو حاجة زى كده.
د. يحيى: طيب وبعدين؟
د. أحمد الشافعى: “……” ما انا بافتكر النص اللى حضرتك قلته
د. يحيى: نص إيه يا بنى، بالتقريب كده
د. أحمد الشافعى: ما هو حضرتك قلت لى كمل شغل زى ما انت شغال معاها، وإن علاقتها بجوزها اذا كانت هى اللى حامياها شوية، يبقى يعنى احنا ينفع نوفر لها قدر معين من الدعم من خلال العلاج، عشان يبقى فى ايدنا إننا نقدر نساهم فى تنظيم العلاقة واحدة واحدة.
د. يحيى: هى ليها عمل مستقل عن عملها مع جوزها؟
د. أحمد الشافعى: لأ هى كانت هى وجوزها شركاء، هى لها أودة فى شغل جوزها
د. يحيى: كانت بتروح شغلها ؟
د. أحمد الشافعى: كانت بتروح متقطع جدا، يعنى هى كانت بتقول هى تُعتبر ما بتروحش يعنى
د. يحيى: ماشى كمل بقى فى سؤال النهارده:
د. أحمد الشافعى: هوّا اللى حصل ان انا لما بدأت اتدخل فى شكل العلاقة بينها وبين جوزها زى ما يكون قوّيت جوزها عليها فى البداية انا اللى زودت وعيه شوية فى ان انتَ بكم السماح والدعم اللى انت موفره لها كده، ده بيثبت المرض، بدليل ان هى لما بتروح عند اهلها ما بيلاحظوش عليها أى حاجه غير طبيعية، لكن معاك هى طول الوقت نايمه بالنهار وما بتشتغلش وقاعده تغسل فى ايديها بديتول، وتجيب الولد وتقعد تحميه، وتوقفك على الباب، وتقول لك تقلع الشوز فين وتغير الهدوم فين ،…..، انا كنت فى نفس الوقت باحاول اوصل للمريضة نفسها ان فيه تهديد ان العلاقه بينك وبين جوزك ممكن تتقطع لأنك انتِ محمّلة عليه بزيادة، الجديد بقى إنى اتفاجئت من شهر أو شهر ونص تقريبا ان هى جت لى العيادة وبتقولى خلاص هو جوزى سمع نصيحتك وهو طلقني، رجعنى عند اهلي، وانا اتطلقت، وحايبعتلى ورقة الطلاق، المهم يعنى انا كملت طب وانت عند أهلك الدنيا ماشيه ازاى، الوساوس والشغل وبتاع، وحطيت لها نظام لغاية لما يبقى فيه اتصال مع جوزها
د. يحيى: يعنى قاعدة عند اهلها دلوقتى بقالها أربع اسابيع؟
د. أحمد الشافعى: لأ ما هو ما حصلش، اللى حصل إنها بعد ما روحت بأسبوعين جوزها كلمنى وقال لى انت ايه رأيك انا ما عدتش مستحمل، انا خلاص الدنيا ضاقت بى، قلت له إنت بقى لك فترة مستحملها، فتره طويله، فاحنا نديلها فرصة اكتر، بس سيبها تستوعب الامور شوية وتفضل عند اهلها فترة يعنى ما ترجعهاش دلوقتي، وفعلا سيبناها تقعد عند ابوها اسبوعين. فى الاسبوعين دول هى اتظبطت جدا ورجعت دلوقتى بيتها، جوزها رجعها البيت والدنيا ماشية كويس
د. يحيى: جوزها راح رجعها ولا هى اللى رجعت؟
د. أحمد الشافعى: لأ جوزها راح رجعها
د. يحيى: وهى كان موقفها إيه؟
د. أحمد الشافعى: مافيش هى فى الاسبوعين دول كانت حاتموت وترجع له، ما كانتش مستحملة ان هو يطلقها يعنى كان بالنسبة لها كان اكبر تهديد ممكن يحصل ان هو يكمل ويطلقها، فلما راح يتكلم معاها يعنى قال لها حاترجعى بس انا شايف ان اللى انت بتعمليه ده ان انت مزوداها، وان ده مش عيا، حاترجعى وحاتلتزمى انك تنزلى الشغل، وحاتروحى للدكتور، وحاتروحى فى المواعيد، لو موافقه على ده تعالى نرجع وحاستحمل شوية زى محاوله اخيرة، مش موافقة خليكى فى بيت ابوكى وابعت لك كل حاجتك لحد عندك، فهى وافقت ورجعت فعلا
د. يحيى: من اسبوعين
د. أحمد الشافعى: لأ هى قعدت اسبوعين عند اهلها
د. يحيى: ورجعت من قد ايه
د. أحمد الشافعى: يعنى تقريبا كده من تلات أسابيع، وهى لما رجعت الدنيا ماشيه كويس خالص يعنى الوساوس تقريبا شبه مختفية والجزء اللى باقى منها هى عارفه انها حا تداريه حتى على جوزها عشان ما يحسش بأى حاجه، وأنا من ناحيتى خليتها تنزل الشغل، بس شغل بعيد عن مكتب جوزها، دلوقتى هى بتنزل كل يوم ولغاية النهاردة ،يعنى من ناحية الشغل هى ماشيه كويس، من ناحية الماجيستير قدامها ست شهور وتخلص، وهى بتشتغل فى الرسالة وعلى وشك انها تخلصها وحاتناقش فى خلال ست شهور
د. يحيى: ما هو كدا تمام التمام، إيه بقى، فيه إيه؟، السؤال بتاع النهاردة بقى إيه؟
د. أحمد الشافعى: السؤال بتاع النهاردة انا مش عارف انا ماشى صح ولا غلط، أنا لقيت نفسى طول الوقت إنى ماشى على خط التهديد بالنسبة لعلاقتها بجوزها يعنى
د. يحيى: تهديد بإيه
د. أحمد الشافعى: بالانفصال عن جوزها يعني، هى واصلها ان مجرد توقفها عن سَمَعَان الكلام كده، جوزها حايسيبها فاخلاص، بقى موقفها يعنى إن خلاص أنا حاكمل شغل، وحاكمل دراسه عشان يفضل جوزى معايا، وهو وصل له نفس الرسالة بشكل مبالغ فيه، وانا خايف من ده كله، مش مستريح
د. يحيى: مش مسستريح من إيه بالظبط؟
د. أحمد الشافعى: زى ما يكون جوزها واصل له ان اللى هى كانت فيه، او اذا كان حا يظهر تاني، ان ده دلع وان هى يعنى بإيدها تقدر توقفه زى ما هى موقفاه دلوقتي، فالعلاقه بينهم واقفة على مدى التحسن اللى هى تقدر تكمل فيه، مش تحسن تحسن، لأ، يعنى الشكل اللى تقدر تظهر فيه قدام جوزها، يعنى انا مش عارف اخلص من الموقف ده لأن أى محاولة ان انا احاول افك الربطة اللى موجودة بين التخويف ده وبين التحسن الظاهرى، خايف انها ترجع تتدهور تاني، يعنى الربطه بتاعت علاقتها بجوزها قد ايه قوية وقد ايه هى حاسة إن فيه حد داعم ليها، فإذا أنا حاولت أشيل شوية من الدعم ده أو ألوح بيه، الدنيا تتشال وتتحط، فهى بتتحسن أكتر لكن حاسس إنه مش هوا التحسن اللى نفسى فيه، باحاول أوصل لها إن التحسن ده لازم يبقى ليكى انت مش لحساب جوزك او لحساب ابنك، وإن هدفنا إنك تتحسنى عشانك، وإنك انت حتى لو اتطلقتي، حتى لو بعدتى عن الراجل ده فانت لازم تفضلى تتحسني، وده لمصلحتك، ما أظنش فيه حاجة من دى بتوصل، وانا عشان افك الحسبه دى كلها من بعضها لقيتها صعبة جدا، فبحاول إنى اتدخل شوية فى نفس الاتجاه إن ما يهمهاش من سيبان جوزها، ألاقيها بترجع تتدهور تاني، بترجع الاعراض تزيد بشكل واضح
د. يحيى: السؤال ايه بقى
د. أحمد الشافعى: انا مش عارف اعمل ايه مش عارف احل الموضوع ده ازاى
د. يحيى: أنهو موضوع؟
د. أحمد الشافعى: اعمل ايه؟ إيه اللى ممكن اعمله ؟ أعمل إيه تاني؟ هل اوافق على الحل الوسط اللى موجود ده وخلاص؟
د. يحيى: أنا شايف يا دكتور أحمد انك انت فى مرحلة هامة جدا من تطورك اللى هى مرحلة الشطح والأمل، خلينا فى مهنتك، قصدى الشطح كمعالج، اللى انت بتعمله دلوقتى ده شطح، يعنى ايه كلمة شطح علميا هنا، يعنى بعد عن الواقع بمساحة كافية للشك فى إمكانية الوصول لنتايج قابله للإستمرار، سمعت كل الجمله الطويلة دى يا ابنى
د. أحمد الشافعى: آه
د. يحيى: ماشى، مش انت اتجوزت قريب، مش كده؟
د. أحمد الشافعى: آه
د. يحيى: طيب ربنا يسعدك، مش احنا اتكلمنا هنا فى مو ضوع المؤسسة الزواجية دى كتير جدا جدا ولا خمسين مرة مثلا، مش كده؟
د. أحمد الشافعى: آه
د. يحيى: إنت بتلاحظ إنى كل ما اتكلم فيها باحس بحرج شديد جدا، مش بس حرج موقفى هنا وانا مسئول عنى وعنكم وعن العيانين، لا دا الحرج بيمتد ساعات بينى وبينك، زى ما يكون حرج بالنسبة لجهلى بالتاريخ، أرجع أدور إمتى نشأت المؤسسة دى، قصدى الجواز يعنى، ألقيها نشأت متأخرة بالنسبة للعلاقات الجنسية والاجتماعية عموما، وبعدين ألاقى إن مجرد نشوءها ده دليل على حاجة البشر إليها، لكن أبص حوالى، وفى مرضاى، وفى اللى بيوصلنى، ألاقى إنها مؤسسة برغم حداثتها، ضرورتها إلا إنها غير قادرة على مواجهة الصعوبات اللى بنشوفها، زى ما يكون ناقصها حاجة مهمة كده، زى ما تكون نشأت لتحقق غرض كويس، لكن باين إنها فشلت لحد دلوقتى إنها تحققه، إحنا قلنا كتير قوى إن الإنسان بيتميز بإنه اكتسب اللى سميناه الوعى، والوعى بالوعى، وبرضه إنه ما يكونشى إنسان إلا فى مواجهة أو فى حضور بنى آدم زيه عنده نفس الصفات، أنا ما أظنش على حد علمى إن أى حيوان أعرفه عنده الحكاية دى: قصدى “الوعى بالوعى” فى “حضور واحد من نوعه عنده وعى بالوعى زيه“، الحيوانات بيعملوا علاقات ما بينهم وبين بعض، إنما أظن من غير الوعى ده اللى احنا بنتكلم عنه، ويمكن العلاقات الثنائية الممتدة، إللى أهم أشكالها الجواز عند الإنسان، هى اللى لوحت بفرصة لحاجة زى كده، يعنى إن احنا نعمل علاقات مع بعض، فى وحدات منظمة، لها قواعد مهمة، وفى نفس الوقت تسمح باستمرار الوعى باللى جارى، يعنى إن كل واحد محتاج للتانى أو التانية، ومختلف عنه، ومستحمل، ومكمل، ده بيشمل مشاعر مش بسيطة أو مختزلة زى ما هو شائع، مرحلة الإنسان اللى هى احتاجت للمؤسسة الزواجية كده اللى لسه ما أثبتتشى نجاحها قوى لأنها ما حققتشى الغرض ده، هى مرحلة تحُّمل الغموض، واحتواء التناقض، يعنى مرحلة ثنائية الوجدان مع بعض، اللى هى قصاد الموقف التالت بتاع مدرسة العلاقة بالموضوع، الموقف ده بيسموه الموقف الاكتئابى، وأنا مابقيتشى مستريح للتسمية دى، لأنها على طول بتحسسك إن احنا بنتكلم عن مرض، وده غير صحيح، المؤسسة الزواجية لما نشأت، كانت مشروع واعد بتحقيق إمكانية التواصل على المستوى ده، وده بيتطلب تنظيم وقواعد، هى اللى قلت لكم عليها ييجى عشرين مرة وأحسن اسم عجبنى هو القواعد النحوية بتاعة الأسرة Grammar of the Family، يعنى المسموح، والممنوع، والأصول، واللى مش أصول، والحاجات دى، فإنت يا ابنى بتشتغل فى المنطقه دى مع الناس دول، يستحسن تتعرف على الصعوبات التاريخية من جهة، وتفرق بين المأمول والممكن من جهة أخرى، مش بس على مستواهم، لا من حيث المبدأ، بصفة عامة، ومن عظة التاريخ.
د. أحمد الشافعى: وبعدين؟
د. يحيى: وبعدين إنت متجوز قريب، وانا شاورت لك على ده، ومش عايز أغوّط، لأن أى شغل فى المنطقة دى، لا بد حايسمّع فيك وفى علاقتك بزوجتك، ….، فحتلاقى فيه حرج شديد حرج شعورى، وده مقدورعليه، لكن خد عندك بقى الحرج اللاشعورى، فإنت لو أمين، وانت طبعا أمين لأنك صغير على الأقل، فحاتلاقى نفسك فى ملقف، حاتلاقيك بتشتغل فى المنطقه دى غصب عنك، تخاف ويمكن تتوجع، صحيح حاتبقى فى مهنتك أحسن عشان الأمانة اللى حا توصل للعيان، لكن المسألة صعب عليك وعلى أى حد، هنا ينبغى إن احنا نتواضع، ونحسبها من بره بره شوية
د. أحمد الشافعى: إزاى؟
د. يحيى: إنت عمال بتشتغل شغل جيد جدا، إللى انت عملته ده تمام التمام، إنك تستحمل وتفوّت تمان شهور، ولا هى كانت منتظمة، ولا ملتزمة، إلا فى الآخر لما خافت من الطلاق يمكن، لكن انت ما بطلتش، عملت قواعد سلوكية شوية، وتربوية شوية، والراجل جوزها ساعدك فى الأول بالذات، بس جه على الآخر، وزودها الناحية التانية، وانت صابر وبتحاول، ومش راضى عن اللى كل الدكاترة بيفرحوا بيه، يعنى مش مكتفى بمجرد اختفاء الأعراض، وبتدور على حاجة لها عمر أطول،عايز إيه أكتر من كده، كتر خيرك يا شيخ،
نيجى بقى لموقفك الأخرانى ده، وهو موقف رائع، لأنك عايز البنية تتحسن ليها، مش مجرد سَمَعان كلام وخوف وخلاص، كل ده جيد جداً، تقريباً لا أنا ولا غيرى يقدر يعمل أكتر من كده، حايعمل أيه يعنى! برضه انت واعى ومش راضى، يبقى لازم المقاييس بتاعتك تمتد جوه شوية أو شويتين عشان نعرف إحنا رايحين فين.
إسمح لى بقى أشطح زيك، ما هو الشطح فى مهنتنا ما لوش سن، فأنا بابص للمؤسسة دى باحترام وصبر، بس لا بتقديس ولا بتسليم، طالما هى مؤسسة ما نجحتشى لسه، بشهادة التاريخ والواقع، وطالما إن كل البدائل اللى حاولوها خصوصا فى الخمسين ستين سنة اللى فاتوا ما أثبتتشى إنها أكثر نجاحا منها، فلازم ما نستسلمشى لشكلها القائم ده، أنا باعتبرها لحد دلوقتى مؤسسة تجريبية بلغة التطور، بس ده بيفتح باب للاستسهال، يعنى للتراجع، للطلاق مثلا، بس احنا اتفقنا إنى حاخرف زيك، أنا يمكن أسرح أكتر منك بكتير، فباقول إنها بالشكل ده لازم – عشان تعيش- تبقى مؤسسة دائمة التغير، مش تغير بمعنى الاستبدال، وإلا حاتكرر نفس السكريبت فى الغالب، لكن التغير بمعنى الحركة المستمرة، أول ما الجواز يستقر ويهدا تحس إن الأمور مش هيه، ولازم نسلم إن الحركة هى خطر باستمرار، طيب إزاى تبقى مؤسسة ضرورية وفى نفس الوقت الحركة جواها خطر؟ طب نعمل إيه، ما هو ده قانون التطور، ده برضه قانون النمو ياشيخ، لو انت استكفيت بالسكون الظاهر بتاع سَمَعان الكلام، واختفاء الأعراض كده، أظن تبقى غلطة كبيرة، إحنا مش واخدين بالنا منها، نرجع نفحَّر بالراحة فى الحتت الضلمة، أنا مش فاكر المره اللى فاتت أنا سألتك على العلاقه الجنسية بينهم ولا لأه
د. أحمد الشافعى: تقريباً الأثنين كل واحد فيهم بيمثل على الثانى
د. يحيى: ودلوقتى؟ بعد ما رجعت البنّية ضاربة تعظيم سلام؟
د. أحمد الشافعى: الأول كانت العلاقة بينهم كتير يعنى
د. يحيى: ومع ذلك بتقول كل واحد بيمثل على الثانى، أنا مش باسألك عن العدد
د. أحمد الشافعى: دلوقتى بقت على فترات أبعد
د. يحيى: يعنى كل قد إيه
د. أحمد الشافعى: مرة كل أسبوع
د. يحيى: هو الظاهر هم استحلوا التمثيل،
د. أحمد الشافعى: بس يعنى العلاقة مش حقيقيه أوى
د. يحيى: لازم نشوف نوع العلاقة أهم من كميتها يا شيخ، أنا ما اقصدشى الوصول للذروة بالذات، مش ده لوحده اللى يبين نوع العلاقة زى ما انا كنت متصور زمان، كنت معلق على الحكاية دى أكتر من اللازم، أنا باتكلم على حاجات تانية، مش بديلة عن الذروة، إنما حاجات بسيطة مهمه يمكن تساعدك تقرا العلاقة بلغة أخرى، الحاجات دى اتعلمتها من شغلى ومن خبرتى ومن قراياتى، ومن مراجعاتى ومن مرضاى، يعنى مثلا تشوف: هما بيبقوا أقرب لبعض ولا أبعد بعدها، يعنى المطالب اللى بيطلبها كل طرف من التانى بتيجى قبلها ولا بعدها، يعنى التفويت بيبقى أخبث قبلها ولا بعدها، يعنى الاهتمامات بالحاجات الصغيرة اللى تهم التانى، بتتضح أكتر بعدها ولا قبلها، ولا من غيرها، وحاجات زى كده، المسائل دى كلها تفرق، أظن عشان المسائل البسيطة دى ما بتتحطش فى الاعتبار، ولا يمكن تعميم دلالاتها، وعشان فى بلاد بره نفس المؤسسة الزواجية دى بقى عمرها قصير، ونسبة الطلاق هناك بتتراوح بين واحد من اتنين إلى اتنين من تلاتة، وفى بلاد جوه الكدب والجهل ماشى على ودنه، تلاقينا من الناحية العملية عند التطبيق محتاسين بحق وحقيق، أى مؤسسة حديثة العهد، وانا قلت لك إن المؤسسة الزواجية بصورتها الحالية، وبحسابات التاريخ تعتبر حديثة العهد فعلا، لازم تستحمل مراجعات كتير.
نرجع مرجوعنا لمهنتنا، أحنا واحنا بنعالج عيانين، بنتناول حالة واحدة، إحنا بنعالجهم واحدة واحدة، لا بنعالجهم بالتاريخ، ولا بالإحصاء، دى معلومات مهمة ما تخليناش نشطح قوى، يعنى لما نبص للناس المتقدمين عنا يعنى فى أوربا نلاقى الحكاية ما نجحتشى أكثر، نيجى نبص للبلاد المتخلفة، نلاقيها ما نجحتشى برضه، لكن بصورة مختلفة، بس العيان بتاعنا ما ينفعشى نقول له كده، لازم نشتغل معاه شخصيا على مية بيضا، هى صحيح المؤسسة دى ما فيهاش فرصة حقيقية لتجديد الاختيار، إنما كمان مين قال إن الاختيار دى عملية سهلة، أو موضوعية تسمح بنجاح عمل علاقة مختلفة عن التجربة اللى فشلت، الأديان حاولت تنظم الحكاية دى، اللى قال لك ما فيش طلاق من أصله، واللى قال لك إللى يطلق ما يتجوزشى تانى، واللى قال لك هى مش لعبة كفاية عليك تلات مرات، كل دى تنظيمات بتحاول بجد، يمكن بتدى فرصة لنَفَسْ أطول، لكن ما أثبتتشى إنها صلّحت قصور المؤسسة دى من حيث إنها بقت قادرة على عمل علاقة حقيقية بين اتنين مختلفين فعلا، وعندهم الوعى بالاختلاف ده، والإصرار على الاستفادة منه مش إلغاؤه، كل ده بتحفيز الحركة الصحيحة.
أنا آسف أنا طولت، بس حبيت أوريك إنك مش كفاية تكون معالج مخلص وأمين كده، لازم تكون واقعى وعالم فى نفس الوقت، الحكاية الأصعب جدا لما تقيس اللى انت بتعمله بمدى نجاحك شخصيا فى حياتك الخاصة، أنا قلت لكم مرة عيان قاللى بمنتهى الشجاعة، “هو انت عايزنا نعمل اللى انت فشلت تحققه بنفسك لنفسك”، أنا سكتّ واحترمته، وقلت له يمكن، وده مش عيب، مش يمكن إنتوا أحسن منى، بس ما كنتش حاسس، ولحد دلوقتى، إن ده رد كافى، أنا آسف، نرجع مرجوعنا للبنية دى وجوزها
د. أحمد الشافعى: يا ريت
د. يحيى: أنا شايف إنك عملت اللى عليك، وحاتعمل أحسن منه، مثلا إنت انتبهت إنها ما ينفعشى تشتغل فى نفس المكان اللى بيشتغل فيه جوزها، ده زى ما تكون بتشتغل عنده، وده مش كويس عادة، وبعدين أنت عليك واحدة واحدة تخلق عندها اهتمامات غير المذاكرة والماجستير والتفوق اللى هو باين كان القيمة الأولى والأخيرة فى حياتها عشان تدخل كلية القمة دى زى اخواتها وامها، ولازم تاخد وقتك يا أخى خصوصا إنها انتظمت فى حضور جلسات العلاج، وإن جوزها اشترط عليها عشان يرجعها، إنها تبطل عيا، وفى نفس الوقت إنها تكمل علاج وتجيلك بانتظام، يبقى اتهامه لها بالدلع مش اتهام مطلق، هو انت يعنى بتعالجها من الدلع ولا إيه، كل ده لازم يمشى واحدة واحدة مع بعض، وانت بتقيس شغلك بقى مش بالأعراض زى ما نبهنا من الأول، لأن الأعراض دلوقت اختفت تقريباً، وبرضه ما اتعلقشى قوى على نوع العلاقة الجنسية، من ناحية لأنه صعب التحقق من ده، أهو كل واحد بيقول شوية كلام، وبمعنى آخر لأن يمكن تحسنها فى ذاته يكون نتيجة لتحسن العلاقة بينهم، ومش العكس،
د. أحمد الشافعى: طيب ولحد إمتى أقعد أقيس كده؟ على طول؟…
د. يحيى: بصراحة، طول ما هى بتييجى أديك بتعمل اللى عليك، باللى عندك، وإوعى تطلب من نفسك أكتر من كده، ثم إذا كانت المسألة بدأت بالطمأنينة لك، منها هى وجوزها، بدليل الانتظام، وحرص جوزها على الحضور فى المواعيد، وضغطه عليها عشان تنتظم فى العلاج، يبقى المسألة محتاجة وقت، وكمان خلى بالك إن يمكن جوزها يتغير إلى أسوأ لو اتصور إنها رجعت له نِفْسها مكسورة، وتبقى مصيبة لو هو تمادى فى الناحية دى، إعمل معروف إلا ده، إذا شميت ريحة ندالة من النوع ده، لا زم تشتغل فى المنطقة دى بالراحة مش بس عشانها، لأ عشانه هو كمان، هو لو يستمرىء الندالة هوا الخسران بينى وبينك، حايبقى إنسان أقبح، كله إلا الكرامة .
د. أحمد الشافعى: المسألة كده بقت أصعب، هوّأ، إزاى يعنى حا يتغير؟
د. يحيى: ما هو انت خليته يتغير فعلا يا أخى من الأول، مش انت إللى خليته يبطل إنها تعتمد عليه للدرجة دى، بس هوّا عدّاك وراح الناحية التانية، ثم خلى بالك اوعى حكاية التغيير دى تبقى هدف فى حدث ذاته، اوعى هو يتصور إنك حاتغيرها له لحد ما تبقى على مقاسه، ولا هى تستعملك عشان تغيره بحيث تضمن إنه ما يطلقهاش، التغيير عموما هو نتيجة لحركة فى الاتجاه الصحيح، يعنى ما يصحش يبقى هدف فى ذاته لصالح أى طرف من الأطراف على حساب التانى، ثم إن احنا ما نعرفشى التغيير ييجى ازاى فى عملية النمو أصلا، دى عملية شديدة التعقيد، عشان كده العلاج له ظاهر وباطن، وساعات الباطن ده بيحصل من خلاله حاجات كتير جدا إحنا ما نعرفشى حصلت ازاى، ولا بناء عن إيه، فيه حاجات فى العلاقات البشريه بتشتغل لوحدها، أنا أظن إن هى فى الأغلب المسئولة عن التغير الحقيقى، مش معنى كده إن احنا نسلم نفسنا للمجهول، لأ، بس ندى الأولوية للنتائج، إذا جت النتائج هى اللى نفسنا فيها، خير وبركة، إذا ما كانشى تبقى المراجعة واجبة مع احتمالات التصحيح ما دامت الحركة شغالة، بس على شرط الحركة تكون مش فى المحل.
الجهل الإيجابى، والمحكات العملية على أرض الواقع، هما دول رأسمال العملية العلاجية، وهما دول رأسمال التطور، بس مش حاقدر أطول فى شرح حكاية الجهل الإيجابى والحركة الصحية أكتر من كده. العلاج النفسى ده مهنة، والمهنة تسمح بالجهل طول ما المهارة بتزيد، فتسيب الحاجات تتحرك وأنت تبقى عامل من ضمن العوامل اللى بتتحرك دى، وبلاش تحط مقاييس ثابتة لو سمحت، كل حالة لها مقاييسها، وكل ثقافة لها مقاييسها، لأنك انت لو شطحت وحلمت إن الناس دول، الست دى وجوزها، حا يبقوا سعداء ومش عارف إيه، حاتقيس سعادتهم بإيه؟ بسعادتك انت يا ابنى؟ حاتضر نفسك، ده ماينفعش، يعنى حاتبص تلاقى إنك رايح جاى عمال تحاسب نفسك: هو أنا كذاب؟ طيب أمال إيه بقى؟ طب أنا عايز لهم اللى أنا مش قادر عليه ولا إيه؟ أنا لسه قايل لكم عن العيان اللى قال لى إنت عايزنى أحقق اللى انت ماقدرتش تحققه، بالنص كده، ماكانشى بيشاور على حاجة متعلقة بالجواز، …فخلِّى بالك من النقطة دى، الجدع ده هو نفسه هوّا اللى قال لى لأه، أنت ماتعالجنيش، خلى واحد من الصغيرين يعالجنى، قلت له ليه يابنى، قال لى إنت دايرة وعيك كده كبيرة قوى، فأنا مهما اتحركت حاتحرك جواها، أنا عايز دايرة وعى كده (صغيرة) على قدى، عشان يبقى يادوب الحته اللى هو شايفنى فيها هى حتة محدودة بوعية، يقوم يسيب لى حتة للتداخل معاه فيها بوعيى أنا، … الكلام ده من مريض هو شديد الأهمية، إن تكون دائرة وعى المعالج ناقصة حبتين، يعنى ما يعرفشى كل حاجة، أو ما يتصورشى إنه عارف كل حاجة، يقوم يسيب العيان يتحرك، عشان يبقى فيه مجال للكشف المتجدد، ده هوا اللى انا باسميه الجهل المفيد، أو حاجة كده
د. أحمد الشافعى: حضرتك كده صعبتها علينا
د. يحيى: ربنا يستر