الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / التدريب عن بعد: التعلم من المحاولة، والتراجع الحميد

التدريب عن بعد: التعلم من المحاولة، والتراجع الحميد

“نشرة” الإنسان والتطور

25-1-2009

السنة الثانية

العدد: 513

التدريب عن بعد:

 الإشراف على العلاج النفسى (32)

 (سوف نكرر فى كل مرة:  أن  اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى التدريبى، وكذلك فإننا لا نرد أو نحاور أو نشرف إلا على الجزئية المعروضة فى تساؤل المتدرب، وأية معلومات أخرى تبدو ناقصة لا تقع مناقشتها فى اختصاص هذا الباب).

التعلم من المحاولة، والتراجع الحميد

الاستشارة الأولى: 4 سبتمبر 2007

د. مختار سلامة: هو شاب عنده 17 سنة فى سنة ثانية ثانوى، الأول من ثلاثة، والده ووالدته بيشتغلوا فى نفس المهنة بتاعتنا، بس تخصص تانى، وهما برضه مش نفس التخصص بتاع بعضهم. 

د. يحيى: بتشوفه بقالك قد إيه؟

د. مختار سلامة: معايا بقاله شهرين، الأعراض اللى جه بيها أعراض وسواسية،  فكرة بتيجى تقول له: حد مسيطر عليك يروح ناطط فى الكرسى، لو قاعد، ولو هو ماشى يقفز. دى الشكوى بتاعته،

 الشكوى بتاعت الأهل إن هو عدوانى مع اخواته، هو بيتعالج من 9 سنين كان أول مرة بيتعالج على أساس إن هو نوع من أنواع الصرع، وربطوها شوية بقعدته قدام الكمبيوتر كان بياخد تيجريتول من سنة أولى ابتدائى، وكان دايماً بيشكى من صداع واعتبروه برضه جزء من حكاية  الصرع،  بعد كده  حسب كلام والدته ما ثبتشى حكاية الصرع دى قوى، يعنى اتشخص بعد كده  على إنه ثنائى القطب، (هوس مع اكتئاب فى نوبات) بس والدته ما وصفتشى طور الهوس على إنه هيصه وفرحة، لأ مجرد فرط نشاط زايد قوى، طاقة زيادة

د. يحيى: فيه تاريخ عائلى إيجابى لأى مرض نفسى 

 د. مختار سلامة: لأ مافيش

د. يحيى: جاب قد إيه فى الإعدادية

د. مختار سلامة: حاجة وتمانين فى المية

د. يحيى: ترتيبه فى أخواته؟

د. مختار سلامة: الأول

د. يحيى: وبعدين؟

د. مختار سلامة: بعد كام مرة كده  اقترحت عليهم إنه ييجى يوم معانا فى النشاط النهارى فى المنوات(1)، مع جلسات العلاج النفسى، أعرفه أكتر، ويطـّلع الطاقة اللى عنده معانا فى النشاط

د. يحيى: كويس ، بس مش بدرى شوية ؟

د. مختار سلامة:…. من ثلات أيام والده اتصل بيأجل الجلسة،  وقال لى هو مش عاوز يروح المنوات تانى،  وإنه  بعد مارجع من المنوات المرة اللى فاتت بقى متعفرت والتنطيط بعد ما كان قل  بدأ يزيد تانى، وهات يا  عدوانية على اخواته

د. يحيى: مين كان معاه فى المنوات؟

د. مختار سلامة: أنا

د. يحيى: بتقعدوا  قد إيه كل مرة ؟

د. مختار سلامة: بنقعد من  5.30 أو 6 إلى 9 يعنى،  حوالى ثلاث ساعات يعنى؟ ثلاثة وشوية

د. يحيى: يعنى كنت عامل له تخطيط محدد فى التلات اربع  ساعات دول ؟

د. مختار سلامة: آه طبعا

د. يحيى: كنت  عايز توصل له من خلالهم  “رسالة”، ولاّ مجرد “تطليع طاقه” زى أمه ما بتقول.

د. مختار سلامة: لأ أنا كنت فى الاتوبيس قاعد جنبه أغلب الوقت، بس بعض الاوقات باسيبه مع المرضى.

د. يحيى: السؤال ؟؟

د. مختار سلامة: اللى عملته صح ولا غلط ؟ مش عارف الرسالة وصلت ولا لأ

د. يحيى: انهو رسالة؟

د. مختار سلامة: إنه ما يكملش فى سكة المرض ، إن السكة دى مش نافعة

د. يحيى: مش أنا سألتك هو تطليع طاقة  ولا تبليغ رسالة

د. مختار سلامة: أنا قلت تبليغ رسالة

د. يحيى: الرسالة إللى هى إيه بقى؟ الى انت قلتها دلوقتى؟  “إنه مايكملش فى سكه المرض” !!!

د. مختار سلامة: أيوه

د. يحيى: طب مش دى عايزة تقول لنا، وتقول لنفسك شوية تفاصيل زيادة. الفكرة كده مظبوطه، بس انت حاتستعمل المنوات بدرى قوى كده عشان توصل  الرسالة دى ازاى؟ حا تبلغها أزاى؟

د. مختار سلامة: أنا شايف إن العيانين بيخفوا، يبقى فيه رسالة بتوصل، إمال بيخفوا ازاى؟

د. يحيى: أصل المنوات دى بالنسبه لى تمثل عندى تاريخ جامد شويه وطويل، يعنى من سنة 73 وانا باحاول من خلالها أنى أوصل لنفسى وللعيانين حاجة، يمكن هى دى اللى بتسميها انت رسالة دلوقتى، بس كانت الحكاية جد أكتر من دلوقتى شوية على حسب ما باسمع، كنت باوطى اعزق مع العيانين أنا والدكتور رفيق اللى دلوقتى رئيس عيادة فى فرنسا بقاله خمستاشر سنة، عزقنا لحد ما حفرنا حمام سباحة بنفسنا إحنا والعيانين، وبعدين ردمناه، مانفعشى، وكده، “منى” بنتى عزقت معانا  وهى فى الإعدادية، ولما عملت المستشفى النهارى بتاعها اليومين دول، وراحت زيارة  انجلترا عند د.يسرية، ما هى د. يسرية كانت معانا هنا برضه،  وهى بتشتغل فى انجلترا بقالها عشر سنين، لما منى راحت انجلترا تتفرج على المستشفيات النهارية هناك عزقت مع العيانين الخواجات، ود. يسريه قالت لى الجمعة اللى فاتت على خبره “منى” وهى بتعزق بالفاس فى انجلترا،  فالمنوات يعنى مش مسألة تطليع طاقة، أو تعليم مهارة، دى تكوين علاقة جديدة بينا وبين العيانين، بين العيانين وبعضهم، وبينا كلنا وبين الأرض والعرق، والعمل اليدوى، المسألة عشان نعرف إيه الرسالة اللى بتوصل محتاجة  تفاصيل وتفاصيل التفاصيل، مثلا لما نربط العزق بالفاس مع الهيصة واحنا  بنتراهن على البطيخه على إنها حمره ولا “مش حمره”، وهى على وش مين، ولما كنا بنجيب الطعمية من عم سلامه الله يرحمه، ما كانشى ينفع ناخدها سندوتشات معانا من المستشفى، مين اللى يروح يجيب طعيمة، ومين اللى يحضّر الأكل، فالتفاصيل دى هى اللى بتفرق، كنا بنخلط العمل الشاق بالهيصة والفرحة ، سميها نكوص زى ما انت عايز، لكن نكوص مسئول، كان فيها سماح والتزام، وكان فيها خلطة أعمار مختلفة ، يعنى فريق الكورة يضم واحد  عنده خمسة وخمسين سنة مع عيل عنده اتناشر سنة، كان لينا قواعد تحكيم خاصة، يعنى مش من حق أى واحد يحط جونين، جون واحد طول الماتش هوه اللى يتحسب له، عشان يضطر يباصى لزميله، وما تبقاش المسألة تنافس مطلق، كنا نقوّى الروابط فى كرة اليد،  ونشترط إن  اللى يرمى الكره لزميله من غير ما يزعق وينطق اسمه عالى يبقى فاول، يقوم  كل واحد ينطق اسم التانى وكده، أنا عارف إنت ما عندكشى فكرة عن التاريخ ده كله، يا ترى حد قال لك عليه، يبقى أنهى رسالة كنت عايز تبلفها للعيان بتاعك، من خلال إيه. عادة الرسالة بتبقى محدده وصغيره جدا ومستقله، وبعدين توصل رسالة تانية محدده وصغيره ومستقله برضه، وبعدين يتربطوا  ببعض، من غير ما نعرف قوى ازاى، بس نعرف كل حاجة واحدة واحدة من خلال النتيجة

د. مختار سلامة: ما هو النتيجة إنه رفض ييجى، وابوه بلغنى ده.

د. يحيى: أظن كده والله واعلم معناه إن العيان بتاعك  ما اتحضرش كفايه، أنا مصدقك ومحترم فكرتك إنك تستوعب الطاقة، مش مجرد تطلعها، بس الدخلة فى السن دى ، من الطبقة الاجتماعية دى، عشان أغراض زى كده، لازم لها تحضير جامد، ومين عارف هوا اللى رفض ولا ابوه هو اللى ما اقتنعشى بالهلس ده (من وجهة نظره) ، كتير من الأبهات الشيك دول يقول لك: ما هو بيروح النادى ، يفتكر إنها رياضة واحد اتنين، واحد اتنين، وبعدين إنت حاتلاقى صعوبة أكتر لما تيجى تربط بين الجلسة الكلامية فى العيادة، والخبرة النشاطية فى المنوات،  لو شرحتها له واتكلمتوا فيها وفى فايدتها، يمكن تتحرق، عكس اللى بيقولوه بتوع “العلاج المعرفى” القديم ليل مع نهار،  الربط ما بين مفردات العلاج عشان تعمل جملة سليمة اسمها الصحة فن قائم بذاته، صنعة عايزة ممارسة مش عايزة فهم وشرح زى ما بيزودوها بتوع العلاج المعرفى التقليدى.  الفعل هنا عندنا بيسبق الكلام، والكلام إن ما كانشى يصب فى الفعل، يمكن يحرق مفعول الفعل

د. مختار سلامة: إزاى يعنى ؟

د. يحيى: العيان بتاعك ده بالذات، إللى هوه فى الغالب هوسى، أو أقل شوية، يعنى تحت هوسى،  الكلام عنده منفصل عن الفعل، والفعل منفصل عن الهدف منه، يقوم يتنطط ويفرقع بالشكل ده، وزى ما بقول لكم دايما، العيان الهوسى الهايص، اللى بينكت عمال على بطال، ويكلم اللى يسوى واللى ما يسواش، اللى يعرفه واللى ما يعرفوش، ده علاقته بالموضوع صعبة جدا، جدا، غير ما يتغر فيه الناس لأول وهلة، دانا لاحظت ساعات إنه بيلغى الآخر (الموضوع) أكتر من الفصامى ساعات. تصور!!!  الهوسى بيحتوى الموضوع جواه، وهات يا تنطيط، فما يفضلشى حاجة بره يعمل معاها علاقة

د. مختار سلامة: يعنى أنا غلطت إنى وديته المنوات؟

د. يحيى: لا طبعاً، بس يمكن استعجلت شوية من حرصك عليه، يعنى ما حضّرتوش لا هوه ولا أهله للخطوة دى، فجه الرفض اللى انت مقدم الحالة عشانه ينبهك لده،

د. مختار سلامة: يعنى أضعط عشان يروح تانى ولا اعمل إيه؟

د. يحيى: ما أظنش.. التراجع هنا حايخلى موقفك مهزوز، إنت تستنى الجلسة اللى بعد كده فى العيادة، ويمكن تطلب تقابل أبوه، لو احتاج الأمر،مش هوه اللى اعتذر نيابة عنه، وتشوف انت وصلت لحد فين، وحاتكمل ازاى، واللى فيه الخير يقدمه ربنا. وما تنساش الطبقة الاجتماعية دى، ومهنة أبوه وأمه ما عندهمشى فكرة عن الحركة اللى من النوع ده، ولا عن العمل اليدوى، ولا عن الرسالة اللى انت عايز توصلها، ولا عن العلاج اللى بحق وحقيق، بيبقى كل همهم إن ابنهم يهدى ويجيب نمر زى ما هما جابوا، وخلاص، فلازم تحط ده فى الاعتبار وتستحمله، ثم إنت ما بقالكشى معاه أكتر من شهرين، يعنى بدرى قوى إنك تحكم على اللى انت عملته كده، تظلم نفسك، وتظلمه.

د. مختار سلامة: يعنى اعمل إيه؟

د. يحيى: يعنى تهدى اللعب، وتطول العلاقة شويتين وتحاول تانى إذا شفت إن ده لسه مفيد، هو لما جه فى الجلسة اللى بعد كده فى العيادة إنت فتحت موضوع المنوات تانى.

د. مختار سلامة: بصراحة أنا ماتكلمتش معاه عن حكاية المنوات، حضرتك شايف أفتحها ولا لأ

د. يحيى: فى فرق إنك تفتحها، من إنك تنكشها

د. مختار سلامة: طيب أنكشها يعنى؟

د. يحيى: يعنى، زى ما تشوف، خليها بظروفها بعد اللى وصل لك ده إذا كان وصل لك حاجة، اعتبرها يعنى رسالة منى زى الرسالة إللى كنت عايز توصلها له

د. مختار سلامة: يا رب تكون وصلت .

د. يحيى: حانشوف

*****

الاستشارة الثانية بعد حوالى شهرين 

30/10/2007

د. مختار سلامة:… العيان عنده  17 سنة فى ثانية ثانوى الأول من تلاتة، اللى انا كنت قدمته هنا قبل كده

د. يحيى: بقاله معاك حوالى خمس شهور، مش كده

د. مختار سلامة: أيوه

د. يحيى: وبتعرضه  مرتين  فى خلال خمس شهور

د. مختار سلامة: أيوه

د. يحيى: ماشى، يا ترى فيه إيه؟

د. مختار سلامة: هوه عادة أمه بتدخل الأول فى الجلسة،  بتأخذ تقريباً ربع ساعة من بداية الجلسة، بتقول اللى حصل طول الإسبوع، دايماً هى بتبدأ معايا بالحاجات السلبية، وفى الأخر بتحن عليا وتقول بس هو بيذاكر كويس، وإن  كل مشكلته هى الأعراض الوسواسية اللى بتطلع فى صورة التنطيط دى، وساعات فى صورة كلام قبيح مع والدته، ده بيظهر قوى مع والدته، عشان والده بيضربه لو عمل معاه حاجة زى كده.

د. يحيى: كلام قبيح يعنى إيه

د. مختار سلامة: يعنى بيشتم، وكلام عيب، وهى عشان شيك وكده، ما بتقدرشى تقول لى الألفاظ بالنص، بتكتفى إنها تقول إنه كلام وحش وحش قوى خالص.

د. يحيى: يعنى كل الكلام اللى بيقوله، هى ماقالتهوش

د. مختار سلامة: ماقالتهوش

د. يحيى: ولا هو قاله

د. مختار سلامة: ولا هو قاله

د. يحيى: أصل فيه يعنى فرق من إنه يقول لها إنت مش كويسة خالص خالص مامى، وإنه يقول كلام وحش يعنى يغوط زى ما انت عايز، يبقى حا نفهم مدى خروجه عن المألوف فى طبقته ازاى؟

د. مختار سلامة: ماشى، أنا فهمت إنه وحش قوى، ما قدرتش أكتر من كده.

د. يحيى: يعنى وصل لذكر أعضاء وقباحة مثلا

د. مختار سلامة: تقريبا

د. يحيى: عرفت إزاى؟

د. مختار سلامة: يعنى من طريقة كلامها، بس هى بقى بتركز على الشكوى من التنطيط الزيادة عشان بيبان قدام الناس كلها،  الكلام  الخارج  هى بتكتـّم عليه عشان أبوه ما يعرفشى، عشان ما يضربهوش

د. يحيى: طب والمدرسة؟

د. مختار سلامة: الواد بيذاكر كويس

د. يحيى: السؤال بقى؟

د. مختار سلامة: السؤال إنى أنا قلت لها خلاص، نقول له إن إنت تتنطط زى ما انت عايز، بس ما تأذيش حد، ونديله سماح بالوسواس، يعنى وسماح بالتنطيط، بس فى حدود البيت مش بره، فهىّ بتقولى برضه بيحصل بره وبيحصل فى المدرسة، قلت لها  خلاص ما دام  مش نافع حكاية السماح دى يبقى خلى أبوه يعامله  براحته، ونشوف بقى السلطة والتهديد حا يعملوا إيه. 

د. يحيى: هو الولد علاقته بيكْ انت إيه؟

د. مختار سلامة: بيحبنى وعلاقته بيا كويسة

د. يحيى: هو اللى بيحرص إن هو يجيى؟ ولا أمه هى اللى بتجيبه؟

د. مختار سلامة: هو بيحرص إن هو بيجيى

د. يحيى: وبيسأل أمه على الميعاد؟ بيفكرها يعنى؟

د. مختار سلامة: آه

د. يحيى: معلشى سامحنى، السؤال تانى إيه؟

د. مختار سلامة: السؤال إن هو أنا بعد ما أخذت القرار ده وسبت ابوه عليه، فهى بعد الجلسة  دى جابت أبوه ودخل معاه،  فأنا قلت له خلاص خد راحتك وانت متحمل المسئولية، إعمل اللى إنت عاوزه ما دام إنتوا شايفين الموضوع ده مش مرض قوى، الراجل زى ما يكون اتخض، لكن أمه أعلنت إنها مش موافقة ، وبتقول لى لو ابوه ضربه،  أنا حاسيب البيت

د. يحيى: أنا إيه؟

د. مختار سلامة: حاسيب البيت، لأن أبوه بيضربه ضرب عنيف، ممكن يوصل لإن هو يإذيه يعنى، وبتقول إنه ممكن يموته فى نوبة ضرب زى دى،  والسؤال هو إنى مش عارف أعمل إيه فى الرسائل اللى بتوصلها الأم دى، يعنى فى الأول فى بداية الجلسة بتوصل لى الرسايل إن هى عايزاه يتضرب، فى الآخر بتقول لأ ده إحنا ما اتفقناش على كده، وبعد كده قلت لك لأ ماتقولش لباباه، إنت عاوز باباه يضربه، ما هو كفاية عليا نجاحه لإنه حالياً بدأ يجيب الدرجات النهائية، والواد قال لى أنا لو حاتضرب مش حا ذاكر  

د. يحيى: بس انت زى ما تكون سمحت بالضرب

د. مختار سلامة: بصراحة سمحت

د. يحيى: ورجعت فى كلامك ولا مارجعتش؟

د. مختار سلامة: رجعت

د. يحيى: يعنى انت قلت لأبوه يضربه

د. مختار سلامة: قلت له إعمل اللى تشوفه صح

د. يحيى: ورجعت قولت له مايضربهوش

د. مختار سلامة: آه

د. يحيى: ولا قلت لأمه تقول لأبوه

د. مختار سلامة: لأ، لأ، كان الكلام قدام الأب مباشرة 

د. يحيى: طيب وبعدين؟ 

د. مختار سلامة: وبعدين الرسائل اللى بتوصلها الأم لى طول الوقت مش عارف أعمل فيها إيه،  هى فرحانه بنجاحه، وفى نفس الوقت عمالة تشتكى، أنا أعمل إيه معاها ؟

د. يحيى: ما هى اللى مماشيـّة المسائل بحساباتها، بتستعملك بالمسطرة، وبتوقف أبوه بالمسطرة، وتذاكر للولد بالمسطرة، كتر خيرها، قايمة بالواجب!! عايز إيه أكتر من كده؟!!!!!

د. مختار سلامة: هى فرحانة، وفى نفس الوقت عايزه المزيد عايزه المزيد، عايزه كل حاجة، عايزاه  إنه يبقى مؤدب، وشاطر، ومايتنططش،  ومايشتمش؟

د. يحيى: مش هوه أول واحد من تلاته

د. مختار سلامة: آه وبعده ولد وبنت

د. يحيى: أعمارهم؟

د. مختار سلامة: الواد تقريباً فى تالتة  إعدادى والبنت فى رابعة  إبتدائى

د. يحيى: وضعهم إيه فى الحدوته ديه

د. مختار سلامة: وضعهم؟

د. يحيى: بيسمعوا الألفاظ الوحشة قوى قوى ! دى ولا  مابيسمعوهاش؟

د. مختار سلامة: بيسمعوا ، وبيغيظوا الواد

د. يحيى: كلمة بيغيظوه دى غريبة جدا، يعنى بيعملوا إيه بالظبط؟ ً

د. مختار سلامة: بيغيظوه  

د. يحيى: يعنى إيه بيغيظوه

د. مختار سلامة: بيقولوا  له إنت مجنون

د. يحيى: كدهه ؟!!!

د. مختار سلامة: أنا اعمل إيه دلوقتى،  أسمح للاب يأدبه، ولا إيه، ما انا برضه عايز احافظ على النجاح

د. يحيى: بصراحة كتر خيرك على حرصك على نجاحه في الدراسة، أصل واحد زى ده لو وقف حا يقف، وسبحان من يتعتعه، أنا شايف ان الولد عامل معاك علاقه، ودى حاجه جيدة، فى الظروف دى هو زى ما يكون بيلجأ لك يستنقذ بيك تحوش عنه أمه وأبوه مع بعض، وبرضه تحوش عنه  اختلافهم حوالين معاملته، وده يمكن اللى بيخليه يحرص إنه ييجى، وإنه يفكرهم بالميعاد، وانا شايف دى نقطة بداية كويسة، احنا عايزين الواد يبقي حريص انه ييجيي، زى ما يكون الواد عايز مصدر مش متحيز لا لده، ولا لده، وإذا خلعوا هما الاتنين هو محتاج سند بدالهم، اللى هوا انت .

 النقطه التانية: هو مبدأ الضرب، أنا راجل قديم وما عنديش مانع أقر مبدأ العقاب، حتى بالضرب أحيانا، لكن مش سبهلله، يعنى باحط شروط صعبة جدا للى عايز يتفلحس ويضرب، واذا ما ضمنتش تنفيذ  الشروط دى، ما اوافقشى لو إيه بالأذى، وعادة هى ما بتتنفذشى، فأرجع فى كلامى فورا، ما هو انت برضه عملت كده: بعد اما وافقت،  رجعت فى كلامك، مش كده؟

د. مختار سلامة: انا فهمت إنه هو بيضرب بغـلّ، ما هو ده اللي خلاني أرجع

د. يحيى: أهى حكاية الغل دى أبشع حاجة فى الضرب. ماينفعش تضرب عشان انت زهقان، ما ينفعشى تضرب وانت شخصيا مش متألم أكتر من اللى بينضرب، ثم خد  عندك توقيت الضرب، لازم يكون ملازم للغلط مباشرة، مش بعد ما يصلح الغلط أو يعمل حاجة كويسة تقوم انت تفتكر وخد عندك،  وبعدين الضرب لما ييجى من والد مهزوز بيرجع فى كلامه وهو بيضرب حتى، بيهز صورة الوالد أكتر ما بيديه شكل القوة والمسئولية، يعنى باختصار الضرب اللى أنا باسمح به نادرا هوا اللى الضرب الى ممكن يوصل رسالة الحزم، مش الإيلام، وده ما عادشى موجود خالص، يبقى المحصلة فى الغالب إن بلاش منه.

ثم خلى بالك إنت لازم تشتغل فى علاقة أبوه وأمه، مش بس فيما يتعلق بالولد، باين فيها حاجات عايزه شغل،

د. مختار سلامة: انا عارف، أنا طول الوقت جوايا السؤال ده، هوا إيه الحكاية بالضبط، هما الاتنين دول عايشين مع بعض ازاى؟

د. يحيى: لأ ما هو ده برضه من صلب شغلتك مهما كانت ثقافتهم، أو طبقتهم الاجتماعية، إنت طبيب، وكل قنوات التواصل بين الأب والأم بتسمع فى العيال، كل القنوات الفكرية والعاطفية والجسدية والمادية والدينية

د. مختار سلامة: هى الأم ما بتسلمش علىّ، هى مش منقبة، محجبة بس، لكن  ما بتسلمش عليا، فانا خفت اسأل في الحته دى

د. يحيى: من غير ما تعرف كل الحاجات دى مش حا تقدر تفهم أبعاد الاختلاف، ولا قد إيه الولد بيدفع التمن، ولو تلاحظ حركته اللى بيقولوا عليها وسوسة، يمكن تقول لك  حاجة، الواد كل ما يستقر يفز، كل ما يهدا يزعق، كل ما يقعد يقوم، أنت لا زم تدخل منطقة الأم والأب واحدة واحدة، يمكن، مين عارف، وانا شايف ما دام الأمور بالغموض ده فى المنطقة دى، يبقى نمنع حكاية الضرب دى نهائيا، ليكون الراجل ده بيضرب مراته بغلّ، مش بيضرب الولد، هو الغلّ، وده اللفظ اللى انت استعملته، وانت استعملته عشان وصل لك، بيكون بين الراجل والست، وبالعكس، أكتر ما بيكون بين الأب وإبنه

د. مختار سلامة: يعنى اعمل إيه ؟

د. يحيى: إنت كتر خيرك، كفاية إنك  نجحت فى الظروف دى، إنك تتجاوز ده كله، وإن الولد يحرص بنفسه إنه يجيلك، ويستمر فى دراسته، ويجيب النمر النهائية زى ما بتقول، واديك ماشى بالمحكات دى واحدة واحدة، وكل ما حا تجيلك معلومات أحسن، حا تتخذوا قرارات أحسن،  بس اللي انت عملته، واللى بتعمله ده جيد جدا، مثلا إنك تقدر تاخد قرار وترجع فيه بالسرعة دى، ده مش عيب، ابدا بالعكس هو دا الطب، وهى دى الحياة، وما تخافشى من رأيهم فى ده، إحنا مش فى محكمة، وحتى المحكمة يا أخى فيها استئناف ورجوع، لكن قل لى: إنت ما عزمتش عليه يروح المنوات مرة تانية

د. مختار سلامة: لأه، ما انا فهمت من المرة اللى فاتت إنه هو ما اتحضرشى كفاية،

د. يحيى: يعنى بتحضّره بقى ولا إيه

د. مختار سلامة: لا، لا، ظن أنا صرفت نظر، اكتشفت أن الرسالة اللى اتكلمنا فيها صعب توصل له فى الظروف دى، اكتفيت بالمذاكرة والعلاقة

د. يحيى: بصراحة برافو عليك.

[1] – اسم المكان الذى به المزرعة والنشاطات النهارية، ويذهب إليه مرضى المستشفى مرة أو مرتين أسبوعيا ويمكن أن ينضم إليهم مرضى من العيادة الخارجية مثل هذا المريض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *