يحيى الرخاوى طبيب نفسى
“نشرة” الإنسان والتطور
6-2-2008
العدد: 159
حالات وأحوال
(سوف نكرر فى كل مرة: أن اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى التدريبى، وكذلك فإننا لا نرد أو نحاور أو نشرف إلا على الجزئية المعروضة فى تساؤل المتدرب، وأية معلومات أخرى تبدو ناقصة لا تقع مناقشتها فى اختصاص هذا الباب).
الإشراف على العلاج النفسى (2)
تنشيط حركية النمو أثناء العلاج: إلى أين؟
ماهية الإشراف:
كلمة “إشراف” كلمة مهمة، لكنها غامضة.
* الإشراف هو تعلّمٌ لاحق، من خلال مراجعة أداءٍ ما، لمهمةٍ تحتاج المهارة، ويهدف الإشراف إلى تحسينها باضطراد لا ينقطع.
الإشراف على العلاج النفسى هو كذلك، حيث العلاج النفسى هو مهارة تستعمل الخبرة، كما تستعمل المعالج نفسه، وما تيسر مما وصله من علم ومعلومات، ومعرفة، وما تأصل فيه من ثقافة، وكل شئ.
كيف يتعلم المرء من الخبرة؟ وهل من الضرورى أن يُعلِّمَهُ آخر، مع أن الخبرة هى ذاتية أصلاً؟
السنوات الأربع:
يحتاج هذا الإشراف فى هذه المهنة، وربما فى أى مهنة أخرى، إلى أربع سنوات كحد أدنى، ثم يستقل المعالج بنفسه ليصبح الإشراف انتقائيا، وبأساليب متنوعة كما سيأتى ذكره
أقول لأى متدرب أن هذه السنوات الأربعة موازية لسنوات تدريب أية صنعة، وكنت أستعير من الأسطى ميكانيكى صديقى – رحمه الله- تصعيد سنوات التدريب هكذا: أول سنة ضرب من غير علام، وتانى سنة ضرب بعلام، وثالث سنة علام من غير ضرب، ورابع سنة معْلمة
وشرح ذلك والعهده على المرحوم صلاح بلاسى هو على الوجه التالى:
- أول سنة ضرب من غير عَلاَمْ (حتى يختبر المعلِّم إن كان “الواد بلية” غاوى الصنعة ام أنها ثقيلة على قلبه)، معنى الضرب هنا هو المعاملة الخشنة، أما لماذا “من غير علام”، فحسب كلام الأسطى صلاح: أصل خسارة فيه العلام لو كان مش غاوى
- وتانى سنة ضرب بْعَلاَمْ (بعد أن يطمئن المعلم أن بلية غاوى الصنعة يبدأ مرحلة جديدة تقرن الخشونة والشخط بالتوجيه والعلام وتكليفه ببعض المهام المتدرجة)
- ثالث سنة: عَلاَمْ من غير ضرب، وفيها يكون “الجدع الصبى” قد قارب أن يصبح “أسطى”، فهو من ناحية لا يحتاج الضرب أصلا، لأنه يتعلم بدونه، ومن ناحية أخرى يكون المعلم أصبح فى حاجة إليه كمساعد أسطى، ليس فقط فى حاجة إلى أدائه، بل قد يكون فى حاجة إلى مشورته فى بعض الصعوبات
- أما السنة الرابعة فهى سنة التخرج إلى مرتبة المَعْلَمة.
أعتقد أن هذا ما أمارسه تقريبا فى إشرافى على صغار الأطباء
o فى بداية التدريب (سنة أولى: ضرب من غير علام) أمارس نوعاً من التطفيش لكل من يستشيرنى بعد تخرجه فى أن يعمل فى الطب النفسى حين أقول له: لا ، ألا تخشى على نفسك؟، وأنت ما ذنبك حتى تمضى حياتك –بعد أن أصبحت طبيبا قدّ الدنيا- خادما إما لمجنون أو منحرف، أنت فى هذه المهنة عليك أن تتحمل باحترام كل من لم يعد يطيقه أهله ومجتمعه حتى ضاقوا به، أو خافوا منه، يندهش الطبيب الصغير ويسأل، فأبين له الصعوبات المتزايدة التى تنتظره” ربما يخاف من تحذيرى أو ربما يصر ويحاول، فإذا انصرف، فالحكم عليه مثل الواد بلية” أنه خسارة فيه العلام“، ليس غاويا
فى هذه السنة الأولى اعتدتُ –بالصدفة ربما تحججا بالسن والذاكرة- أن أطلق اسما آخر على المتدرب المبتدئ، على سبيل الفكاهة أو المداعبة أثناء التعرف، فإذا كان اسم المتدربة مثلا سعاد، فقد أطلق عليها مداعبا اسم تفيدة، أو خديجة، وإذا كان اسمه محمد يصبح عبد الغفور، وهكذا، وتستمر هذه اللعبة ما بين الجد والهزل، ويتغير الاسم بالصدفة أو أثناء مناقشة حالة، عدة مّرات، ولم أكن أدرك عبر سنوات طويلة، هل وراء هذا أى شئ غير الدعابة ومحاولة إذابة الثلج، لكنها لعبة تُلعب من جانب واحد (جانبى)، وبالتالى فيها ما فيها من ظلم ولا تكافؤ، حتى أتيحت الفرصة أثناء العلاج الجمعى أن يطلق بعضهم علىّ اسما آخر (أظن دكتور عنتر!!)، فصار هذا التعايش أسهل.
بدت لى هذه الدعابة (الجد) – بعد أن فكرت فيها لاحقا – أنها بمثابة دعوة غير مباشرة أن يعرف المبتدئ أن هذه المهنة قد تضطره أن يغير ما جاء به من منظومات ثابتة، ومعتقدات راسخة، فهو معرّض أن يتغير فيه كل شئ حتى اسمه، وقد تناقشت فى هذا التفسير مع بعض الزملاء الأصغر (فى سنة تانية وثالثة “عَلاَمْ”)، ولكنى لست متأكدا تماما من دافعى الحقيقى لاستعمال هذه الدعابة حتى الآن، لكنه مفيد.
* هكذا تكون الملاحظات فى أول سنة قاسية ومُعرّية نوعا، حتى نرى
o فى السنة الثانية (تقريبا) تصبح الملاحظات أقل خشونة وإن كانت أكثر تعرية وأعمق ثقة، وهذا ما يقابل أنها سنة الضرب “بعلام“، ويكون العلام (التعليم/التدريب) قد وصل إلى مرحلة تمكن المتدرب من إبداء رأيه فيما يعرض من حالات، ومن مناقشة ما يقترح عليه من توجهات أو آراء.
o فى السنة الثالثة (أو المرحلة الثالثة، الطبيب المقيم مدته هى ثلاث سنوات فقط) يصبح “العلام” حوارا حقيقيا يثرى المشرف والمتدرب معا، ويكون المتدرب قد اتيحت له الفرصة لحضور جلسات العلاج الجمعى أسبوعيا لمدة سنة أو يكون قد وصل إليه الدور ليشترك معى معالجا مساعدا فى جلسات العلاج الجمعى لمدة سنة كاملة (علام من غير ضرب)
o فى السنة الرابعة ، وقد أصبح المتدرب أسطى يمكنه أن يقوم بممارسة العلاج منفردا، أو مشاركا معى فى العلاج الجمعى، كما يواصل الإشراف عادة بعد ذلك مع زملائه دون كبير، وهو ما يسمى ” إشراف القرناء” Peer Supervision:( أنظر بعد)
خطوط عامة تحدد طبيعة الإشراف ومستوياته
- لابد أن يكون أسبوعيا على الأكثر
- يكون الإشراف جادا ومفيدا حين تتناسب (لا تتساوى) جرعة الحديث عن المريض مع جرعة الحديث عن المعالج ، بكل أبعادهما الظاهرة ما أمكن ذلك
- ينتظر من الذى يوجز معالم النقطة التى يطرحها للنقاش فى مسار علاجحالةٍ ما أن ينتهى بسؤال محدد عن نفسه أو عن الحالة، أو أن يطلب طلبا محددا من المشرف أو الزملاء،
- إن لم ينته بسؤال أو طلب، عليه قبل فتح باب التعليق أو النقاش أن يحدد سبب عرضه لما عرض، وماذا ينتظر من استجابات مثلا
- فى إشراف القرناء Peer Supervision، يكون النقاش مفتوحا لكل من يرى رأيا، وخاصة من خلال خبرة حالات مماثلة، أو متداخلة بشكل ما
- فى حالة الإشراف الفوقى، قد يطرح المشرف المدرب على الحاضرين أن يُبدو رأيهم أولا قبل أن يعلق.
- لا ينبغى أن يؤخذ رأى المشرف قضية مسلمة، فالمعالج أدرى بالحالة، وغالبا هو لا يتمكن من عرض كل ما يساعد على إبداء الرأى
- يسمح بتساؤلات محدودة من المشاركين الحضور لاستيضاح بعض ما لم يذكره صاحب الحالة من المشرف أو المتدربين، وكلما كانت المعلومات كافية، ومتعلقة بالنقطة المطروحة للنقاش كان ذلك أفضل
- يعتبر أى إرشاد أو تفسير أو توضيح مجرد فرض قابل للمناقشة، ثم بعد ذلك قابل للاختبار مع استمرار العلاج اللاحق على جلسة الإشراف
- أى اقتراح أو تفسير لا ينبغى أن يبادر المتدرب بتطبيقه فورا حتى لو اقتنع به.
- قد يكون مناسبا أن يفتح نفس الموضوع لنفس الحالة فى لقاءات لاحقة، مما يشعر معه المتدرب المعالج باهتمام متواصل وحوار محتمل ومراجعة متابعة، وإن كان ذلك ينبغى أن يأتى تلقائيا دون قاعدة أو إلزام.
- يوجد ترتيب هيراركى ضمنى من حيث الأولويات، على الوجه التالى (تقريبا)
– منع الخطر
– منع المضاعفات
– استمرار العملية العلاجية حتى لو حققت أهدافا سريعة متوسطة
– دعم المعالج الأصغر بموضوعية ما أمكن.
- التوصية الأشهر “إنتظر لنرى”، wait and see شديدة الفائدة، فى كثير من الأحيان، وبديهى أن الانتظار لا يكون خاويا، لكنه انتظار إيجابى لمزيد من المعلومات، والمتابعة، أو إطلاق مسيرة النمو.. الخ
- تكون المناقشات أكثر طلبا للحسم حين يكون المطلوب المشاركة فى اتخاذ قرارات لا تنتظر، مثل السفر، أو الارتباطات الأسرية (طلاق أو زواج)، أو قراراتإنهاء العلاج أو مثل ذلك
وبعد
أشعر أن كل ذلك لا قيمة له ما لم نعرض حالة واقعية، ناقشناها منذ أسابيع
فإن نجحت التجربة فدعونا نأمل أن نواصل فى هذه النشرة مزيدا من ذلك.
الحالة:
الوقت: 7.30 صباحا
مدة الإشراف كلها: 30 دقيقة
عدد الحضور: 25 – 30 مشاركا متدربا مبتدئا (وبعض الزملاء الأكبر اختياريا)
كل واحد من المتدربين يعالج من 4 إلى 8 حالات مرة أسبوعياً، لمدة 50 دقيقة للجلسة، بحد أدنى أربعة حالات،
بالإضافة إلى المعالجين خمسة من المبتدئين الذين لم يتسلموا الحالات بعد.
زمن تقديم هذه الحالة مع مناقشتها: 7 دقائق & 14 ثانية.
الأسماء: وبعض التفاصيل التى لا تضر بالهدف، تغيرت حتى لا يمكن التعرف على الحالة أو الطبيب أصلاً.
د/منصور: هى آنسة عندها 24 سنة، معاها بكالوريوس.
د / يحيى: خريجة جامعة إيه؟
د / منصور: أظن جامعة خاصة، هى الأولى من بنتين، حضرتك حولتها لى تقريباٌ من أربع شهور، كانت جايه بتشتكى إنها مش عارفه تتعامل مع والدتها ووالدها فى البيت وشويه برضه مع الناس ماعندهاش ثقة فى نفسها وبتعوّر نفسها.
د / يحيى: فين؟ بتعوّر نفسها فين؟
د / منصور: بتعور نفسها فى أديها ورجليها من جوه، منطقة الفخذ، بس الجروح الأكتر جوه (أشار جانبَىْ الفخذين من الداخل)، من 3 أسابيع تقريباً أو شهر بدأت تقول أنا بطلت أعور نفسى، بس بدأت أدخن سجاير.
د / يحيى: أبوها بيشتغل إيه؟
د / منصور: والدها مؤهل، عمل مهنى حر.
د / يحيى: هى؟ مابتشتغلش؟
د / منصور: آه. ما بتشتغلشى لسه.
د / يحيى: بقالها معاك قد إيه……
د / منصور: أربع شهور.
د / يحيى: هه، نخش على الموضوع
د / منصور: هى من شهر جات قالت لى إن هى بطلت تعور نفسها بس بدأت تدخن سجاير، وعايزه تاخد رأيى فى ده، فدى حاجه أنا ماعرفتش أعمل فيها إيه؟ الحاجة التانية من كلامها برضه هى لابسه طارحه، بس هى مش مقتنعه بالحجاب….
د / يحيى: بتصلى؟
د / منصور: بتصلى.
د / يحيى: بانتظام؟
د / منصور: لأ مش بانتظام ، فبتقولى أنا عايزة أغير فى نفسى وكده، فباقولها طب إنتى إيه اللى مش قابلاه؟ يعنى إيه اللى فى صورتك مش قابلاه تقول أنا محجبه بس مش مقتنعه بالحجاب وعايزه أقلعه، فأنا جه فى دماغى إن هى تقلع الحجاب وهى قاعده ،عرضت ده عليها بس اترددتْ، فهل مثلاً كنت أكمل وأخليها مثلاً تعملها دلوقتى ولا لأ؟ فأنا عايز أعرف فى النقطتين دول، الحجاب، والسجاير.
د / يحيى: إيه رأى أبوها وأمها ؟
د / منصور: ماعندهمش مشاكل إن هى تقلعه، والحتة الأهم إن هى لما بطلت تعور نفسها ابتدت تدخن سجاير! ده جه مع ده.
د / يحيى: نفس التوقيت مش كده؟
د / منصور: أيوه
د / يحيى: طب والحاجات العاطفية والاحتياجات، والميول نحو الجنس الآخر الرجالة يعنى؟
د / منصور: مافيش خالص .
د / يحيى: ولا فى الخيال، ولا فى اللذة الذاتية
د / منصور: لا ..لا الحاجات دى مابتجيش فى دماغها خالص خالص.
د / يحيى: ولا فى دماغك؟
د / منصور: لا فى دماغى أنا بتيجى طبعاً.
د / يحيى: لأ مش فى دماغك لِكْ، إنت حر باللى ييجى فى دماغك، قصدى فى دماغك نيابة عنها، يعنى تقمص ، فاهم؟
د / منصور: ماجربتش، ما جاش على بالى
د / يحيى: …. هو ارتباط طبعاً شرب السجاير من ناحيه وقلع الحجاب من ناحيه ده بيدل على إنك إنت ماشى فى إتجاه سليم فيه تحريك، فيه يعنى حركة إقدام ، الإقدام ده له وعليه؛ بمعنى إنه ممكن يكون إقدام يعنى لخبطه أخلاقية، مش أخلاقية بالمعنى المطلق، قصدى بالمعنى الاجتماعى والسائد، المسائل دى – أخلاقيا– فى مجتمعنا مش مرحب بيها خالص لأن مافيش مساحه للحركة اللى فيها فرص ومحاولة، وتعلمّ، وتراجع وكلام من ده، إنما الحركة نفسها، التغيير اللى حصل، معناه كويس فى العلاج،
لما أى حد يعمل نقله نوعية وماكنش قادر يعملها لوحده، ويجى بعد 4 شهور من العلاج ويقدر يعملها أو ينوى يعملها ده معناه كويس، بغض النظر عن المحتوى، الحركة من حيث المبدأ هى دليل حيوية العلاج، أما اللى بعد كده فحاجة تانية، بيبقى وظيفة العلاج بعد كده، هى فى المساعدة فى استيعاب اللى حصل داخل الظروف الاجتماعية والشخصية،
لازم انت وهيه تفرّقوا بين إيجابية رصد الحركة، وبين واقعية تفعيلها فى سلوك معين،
يعنى نبارك الحركة، وفى نفس الوقت نحاول توجيهها بشكل غير مباشر إلى مسار إيجابى ،
فى مجتمعنا المسائل دى بقت صعبة جدا، أنا ماعرفش المجتمع ماشى إزاى دلوقتى، إنما فى خبرتى ، بلاقيها خطوه مش هينه إن واحدة بنت تقلع الحجاب حتى لو ماكانتش بتصلى، والأصعب إنها تشرب سجاير خصوصاً علانية،
تصور لو شربت سجاير فى مكان عام حتى مع أصحابها يبقى بتحط نفسها فى مكان يمكن أكبر من مرحلتها
الحيرة هنا فى التكملة، حاتكمل فى أى اتجاه، يعنى لتكمل فى ثورة وحرية وإبداع وكلام من ده، يا تكمل فى بوظان وانحلال، فبيبقى الموقف اللى حصل ده أثناء العلاج الجمعى جيد، لأنك إنت ممكن تحيطه لأنه موقف خاص محدود فيه القبول للمبدأ (الحركة) مع الحذر من المسار (السلوك)
يعنى موقف كده عايز أُبوّه طيبة وعايز مساحة
لكن كل التفاصيل تعتمد على الحالة نفسها
ولازم تقيس معاها بمقاييس بعيدة عن النقطة دى بالذات،
يعنى مثلا تشوف إيه اللى حصل مع النقلة دى- بمحكات الإنجاز العادى فى مجال بعيد عن إيذاء نفسها، وعن حكاية الحجاب والسجاير، مثلا:
ماكانتش بتشتغل راحت اشتغلت أو بتدور على شغل
ماكانتش بتفكر فى صحوبيه إبتدت تفكر فى صحوبية، ما قصدشى صحوبية رجالة بالذات، صحوبية أى صحوبية
هل ابتدت تفكر فى ملء وقتها بطريقة تانية ، خصوصا بعد ما اتخرجت؟
إبتدت تكتب مثلا؟ إبتدت تقرا حاجات ما كانتش تطيق تقراها قبل كده؟ حاجات صغيرة زى كده، بس لها دلالة نوعية وبشكل تلقائى،
وبرضه فيه احتمال إن العكس يكون حصل مع نفس الحركة اللى العلاج حرّكها، مثلا
إنها كانت بتصلى وبطلت
كانت بتعمل حساب أبوها وأمها ماعدتش بتعمل حسابهم ، حاجات كده
وبرضه تاخد فى الاعتبار مجالات كتير تانية زى الخيال والأحلام، مش عشان تفسرها، لأ عشان تشوف بقية أبعاد الحركة، بنت مابتفكرش فى حاجات عاطفية، أو جنسية، ليه يعنى؟ إزاى؟ مش بنى آدماية عندها 24 سنه وعندها صدر ووسط ، ماتفكرش ليه يعنى! هى حلوه؟
د / منصور: آه، بس هى شايفه نفسها مش حلوه .
د / يحيى: طيب دى نقطة كويسة، مجرد إن صورة الذات تتغير، إنها تشوف نفسها زى ربنا ما خلقها، نقدر نرصد اتجاه التغيير بده،
تكون شايفه نفسها مش حلوه تشوف نفسها حلوه دى حاجة مش قليلّة
رصد كل ده، والكلام فيه يِشْعرها بأبوّة حقيقية، تقدر تستوعب الحركة اللى تحركت فيها بفضل العلاج فى اتجاه النمو
فى بلاد برة بيقولوا العلاج النفسى صداقة للبيع، عندنا إحنا بنقول الطبيب والد، والمعالج والد، مش بمعنى الوصاية، وإنما بمعنى الرعاية، ما فيش حاجة اسمها موقف محايد، بلا وجع دماغ ، هذا التفجّر زى اللى حصل، بيحصل فى الحياة العادية فى سن 13،14 . مع أبوها وأمها فإذا كان أبوها وأمها واخدين موقف جامد شويتين، ده كويس فى حينه، إحنا دلوقتى فى العلاج ولاد دلوقتى، فإنت دلوقتى أبوها وأمها ، وفى أربع شهور رجعت تتحرك من جديد، وانت واضح إنك استوعبت الموقف، وقبلته
بيبقى فيه شغل مستنيكم كتير
والحاجات دى مش سهله خالص خالص خالص مهما قولنا ، يعنى، ولا عندى ولا عندك ولا عند حد
نسمح ولاّ مانسمحشى؟ نسكت ولاّ مانسكتشى؟ نفوّت ولا نقهر؟
المسألة مش سهلة، عموما، مش بس فى العلاج.
شرب السجاير عموماً فى مجتمعنا بقى حكاية، عمال يزيد مع إن الفقر بيزيد، بس فى مجتمعنا أنا أظن إن معنى شرب السجاير بيختلف من قطاع فى المجتمع لقطاع آخر، ومن واحد لواحد، ست تشرب سجاير، غير بنت تشرب سجاير، والسجاير فى العلن، على عينك يا تاجر، غير السجاير جوه البيت
الحكاية عايزة تتاخد واحدة واحدة، كل حالة على حده
ثم يا أخى البنيَّة عندها اربعة وعشرين سنة، واتخرجت، وأنت والد، مش احنا قلنا الطبيب والد، ماشغلكْشى زى أى والد حكاية جوازها، وهى حلوة زى ما بتقول.
د. منصور: يعنى
د / يحيى: 24سنه كفاية أوى، بس انت أول ما حاتحود فى الحتة دى، يمكن تقولك ، بهزار زى ما بيحصل معايا، طب هات لى عريس، أنا شخصيا باقول فى الحالات دى: العرسان على أفا من يشيل، بس افتحى جهاز الاستقبال، مش تقفلى الراديو وتقولى ما فيش ولا محطة شغالة، أقول لها يابنتى إنتى لعبتى فى المؤشر من أصله علشان تقولى مفيش إذاعة؟
قصدى انتَ تقدر بطريق غير مباشر تعلمها استقبال الرسائل، المسألة بتحتاج صنعه من المعالج . المهم إنها تشعر إنك حامل همها بطريقة عادية، تقوم تقدر تحتوى الحركة اللى ظهرت بفضل إنصاتك، وسماحك.
التعقيب الآن:
مما سبق يلاحظ كل مما يلى:
1- إن المناقشة كلها لم تستغرق سوى بضع دقائق.
2- الانتباه إلى الفروق الثقافية بشكل واضح.
3- إن المتدرب عرض موقفه بتلقائية، بما فى ذلك ما خطر له من السماح لها بخلع الحجاب أثناء الجلسة، وتراجعه حتى يرجع إلى المشرف والزملاء.
4- إن النقاش لم يُدْخل العامل الأخلاقى أو الدينى التقليدى أصلاً، حتى يكون العلاج مركزا على استعادة السلامة بما فى ذلك التفكير السليم وتقدير الواقع، والفروق الفردية، بما يسمح للمريضة أن تختار ما هى مسئولة عنه.
5- خطر لى الأن إضافة كان يمكن أن تنير الطريق أكثر، وهى دلالة إيذاء نفسها بالجروح السطحة على الجانبين الداخلين للفخذين، ربما يثبت أن ذلك إشارة إلى فرط الكبت عامة، أو رفض الأنوثة خاصة، أو الخوف الذى زرعه أهلها فيها، أو المجتمع، ودلالة ذلك ارتباط اختفاء هذا الإيذاء مع بداية الحركة نحو النمو قيد المناقشة الآن.