الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الإدراك (114) اضطرابات الإدراك (14): أنواع الهلاوس (2)

الإدراك (114) اضطرابات الإدراك (14): أنواع الهلاوس (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 24-2-201324-2-2013_1

السنة السادسة

 العدد: 2004 

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (153)

  الإدراك (114)

اضطرابات الإدراك (14):

أنواع الهلاوس (2)

ثالثا‏: ‏من‏ ‏حيث‏ ‏العلاقة‏ ‏بالوعى: ‏

يمكن‏ ‏تقسيم‏ ‏الهلوسات‏ ‏حسب‏ ‏درجة‏ ‏الوعى ‏المصاحـب‏، ‏ولهذا‏ ‏أهمية‏ ‏خاصة‏، ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏الهلوسات‏ ‏التى ‏تظهر‏ ‏مع‏ ‏اضطراب‏ ‏الوعى ‏عادة‏ ‏ما‏ ‏تختفى ‏بعودة‏ ‏الوعى ‏إلى ‏سوائه‏، ‏فى ‏حين‏ ‏أن‏ ‏الهلوسات‏ ‏التى ‏تظهر‏ ‏فى ‏حالة‏ ‏وعى ‏متماسك‏ ‏فى ‏ذاته‏، ‏غير‏ ‏مضطرب‏، ‏تكون‏ ‏لها‏ ‏دلالة‏ ‏أخطر‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏التكهن‏ ‏بالمآل‏، ‏ومن‏ ‏حيث‏ ‏نوع‏ ‏الذهان‏ ‏الراسخ‏ ‏المصاحـب.

 مقدمة عن صعوبة التعرف على ماهية الوعى:

حين كتبت هذه التقسيمة الفرعية، منذ أكثر من عشرين عاما،  لم أكن قد بلغتنى مدى صعوبة ماهية ما هو و24-2-2013_2عى بالدرجة التى وصلت إليها الآن، مع أن رفضى للاستقطاب الفرويدى كان جاهزا من البداية، ذلك الاستقطاب الذى يتحدث عن “الوعى” فى مقابل “اللاوعى”، وقد تدرج إشكال الوعى معى حتى وصلت حاليا إلى التعامل معه كتنظيمات متصاعدة للوجود الحيوى تمثل بشكل أو بآخر “برامج بقائية ترجع  إلى تاريخ الحيوات المتتالية التى يحتويها الكيان البشرى، بما يسمح لنا بالتحرك بينها بنعومة أو بحدّة فى الصحة والمرض، لتحقيق قدر من “الواحدية” فى لحظة بذاتها وهذه التنظيمات منظومات كامنة وفاعلة،متراكمة ومتناغمة، تعيد تاريخ الحياة (نظرية الاستعادة) باستمرار (1) وقد تناولها دانيال دينيت باسم العقول فى كتابه “أنواع العقول” (2) لكنها وصلتنى وناقشتها فى ندوة علمية باعتبارها مستويات للوعى، من هنا جاء هذا التحديث اليوم ضروريا، إذ لم يعد يكفى أن أصف الهلوسات الحقيقية (لا الصور التخيلية) بأنها “فى نفس حالة الوعى السائد”، اللهم إلا تغليبا كميا، ذلك لأننى اكتشفت ومن واقع الممارسة، أن الانشقاقDissociation، وهو أشهر حالات قسمة الوعى بالطول – إن صح التعبير – هو أقرب إلى نقلة من وعى سائد إلى الوجه الآخر لنفس الوعى السائد أيضا، وهو ما يحدث فى حالات الاضطرابات الانشقاقية Dissociative Disorder التى كانت تسمى عادة الهستيريا الانشقاقية (العصابية) (Neurotic) Dissociative Hysteria وبالتالى تكون من صنع الخيال، فتكون أقرب إلى ما اسميناه “الصور التخيلية”.

كما أننى اكتشفت أن الهلوسات الأكثر أصالة وهى التى تصف المعايشة الحقيقية لنشاط العين الداخلية، والتى اسميناها الهلوسات البصيرية (وددت لو وجدت لها اسما آخر حتى لا تختلط بالهلوسات البصرية) أقول أننى اكتشفت أن هذه الخبرة إنما تحدث فيما فضلت أن أسميه حالة “ميل الوعى”، Tilting وهو تغير نوعى طفيف، لكنه نوعىّ أكيد، لأنه يعلن عن نشاط مستوى آخر من الوعى غير مستوى وعى اليقظة (3) هذا وصفة “مائل”‏، هو صفة صكها المؤلف ليفيد من منطلق خبرته أن أية هلاوس حقيقية (ليست صورا، ولا أفكارا) لها “وعيها الخاص بها”، ومن ثم فإن مجرد ظهورها، هو مدعاة لفحص هذه الدرجة الطفيفة الدالة على الميل النوعى للوعى دون تغير جذرى للوعى السائد طولا وعرضا”، (وهذا له أهميته فى العلاج: أنظر بعد).

والآن سوف أثبت ما جاء فى المسودة (الطبعة الخاصة الأولى) مع التعديلات اللازمة.

يمكن تقسيم الهلوسات من حيث علاقتها بالوعى على الوجه التالى:24-2-2013_3

‏1- ‏هلوسات‏ ‏أصيلة:‏ وهى التى تحدث ‏فى نفس مستوى حالة الوعى السائد (الوعى العادى الظاهر)، دون انشقاق أو نقلة نوعية طولية جسيمة.

‏2- ‏هلوسة‏ ‏فى ‏ ‏حالة‏ ‏شبه‏ ‏وعى فاتر وسْنان، خاصة قبيل‏ ‏النوم‏ ‏أو‏ ‏مع‏ ‏الاستيقاظ‏ (‏هلوسات‏ ‏الوسن Hypnagogic‏ ‏والاستيقاظ Hypnopompic‏).‏

‏3- ‏الصورالتخيلية‏، ‏وهى ‏تحدث‏ ‏فى ‏وعى ‏منشق‏ ‏لكنه هو هو الوجه الآخر لوعى اليقظة العادى، دون تغير نوعى إلا التبادل بين المستويين.

‏4- ‏هلوسات‏ ‏فى ‏وعى ‏مغيم‏ (‏مثل‏ ‏هلوسات‏ ‏حالات‏ ‏الهذيان العضوى وخاصة الهذيان الارتعاشى Delirium Tremens ‏)‏

‏5- هذا‏، ‏بالإضافة‏ ‏إلى ‏الهلوسات‏ ‏العادية‏ ‏فى ‏وعى ‏الحلم‏ ‏أثناء‏ ‏النوم‏، ‏وهو وعى ‏عادى بديل، وإن كان عادة لا يسمى “وعي24-2-2013_4ا”، وقد تناولناه بالتفصيل بطول ملف الإدراك تقريبا.

 ‏وكلما‏ ‏ظهرت‏ ‏الهلوسات‏‏ ‏فى ‏وعى ‏اليقظة‏ العادى ‏دون انشقاق، ودون تغير نوعى ظاهر للوعى، ‏كانت‏ ‏دلالتها‏ ‏أكبر‏ ‏وأخطر‏، ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏الهلوسات‏ ‏التى ‏تصاحب‏ ‏تحولا‏ جسيما ‏فى ‏الوعى‏، ‏عادة‏ ‏ما‏ ‏تختفى ‏مع‏ ‏عودة‏ حالة ‏الوعى الأصلى ‏الأولى‏ ‏للسيادة‏ ‏والقيادة‏، ‏أما‏ ‏إذا‏ ‏ظهرت‏ ‏الهلوسة‏ ‏فى ‏نفس (مثل) ‏ ‏وساد‏ ‏الوعى ‏السائد‏ تقريبا ‏فإن‏ ‏هذا‏ ‏يشير‏ ‏إلى ‏عمق‏ ‏الإمراضية‏، ‏ورسوخ‏ ‏الاضطراب‏.‏ (مع أن لها وعيها الخاص بها كما ذكرنا).

رابعا‏: ‏من‏ ‏حيث‏ ‏علاقة‏ ‏الهلوسات‏ ‏بالحالة‏ ‏الوجدانية‏24-2-2013_5

‏1-‏هلوسة‏ ‏مصاحبة‏ ‏بانفعال‏ ‏جامح‏، ودلالتها‏‏ ‏أقل‏ ‏خطورة‏، وقد تحدث للشخص العادى، مثل المحب الذى ينتظر بفارغ الصبر، وهو فى حالة انفعال جامح، ينتظر هاتفا من حبيبته، إذْ قد يسمع جرس الهاتف دون أن يدق ويظل فى عداد المحبين الأسوياء.‏

‏2- ‏الهلوسة‏ ‏غير‏ ‏مصاحبة‏ ‏بانفعال‏ ‏جامح‏، يقال عنها أحيانا هلوسات “باردة” (وهى ‏ذات‏ ‏دلالة‏ ‏مرضية‏ ‏أخطر‏ ‏وتكُّهنٍ‏ ‏أسوأ‏).‏

‏3- ‏هلوسة‏ ‏متسقة‏ ‏مع‏ ‏المزاج‏ ‏السائد‏ (‏مثلا:‏ ‏ترى ‏المكتئبة‏ ‏السماء‏ ‏ممتلئة‏ ‏بغيوم‏ ‏سوداء‏ ‏غير‏ ‏موجودة‏).‏

‏4- ‏هلوسة‏ ‏غير‏ ‏متسقة‏ ‏مع‏ ‏المزاج‏ ‏السائد (مثلا: يرى المكتئب طيور النورس فى سماء صافية، وهى غير موجودة، أو يسمع أغنية سعاد حسنى “الحياة بقى لونها بمبى بمبى بمبى”.)

خامسا‏: ‏من‏ ‏حيث‏ ‏مصاحبات‏ ‏أخرى:

‏1- ‏هلوسات‏ ‏انعكاسية‏: ‏مثارة‏ ‏بمثيرات‏ ‏حسية‏، ‏وتعتبر‏ ‏الهلوسات‏ “‏الحسية‏ ‏التزامنية‏” Sensory Synesthesia ‏من‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏أحيانا‏.‏ حيث قد يرى المهلوس فى هذه الحالة دقات الباب فى شكل كرات حمراء تطير من الباب مع كل خبطة.

‏2- ‏هلوسات‏ ‏شرطية‏: ‏وتكون مرتبطة‏ ‏بمثير‏ ‏شرطى، ‏أحيانا‏ ‏تسمى ‏الهلوسات‏ ‏الوظيفية‏ Functional Hallucinations ‏ويكون‏ ‏المثير‏ ‏أكثر‏ ‏تركيبية‏ ‏وأقل‏ ‏مباشرة‏، ‏مثل‏ ‏أن‏ ‏يرى ‏مسلم‏ ‏منجذب‏ ‏ضوءا‏ ‏كلما‏ ‏سمع‏ ‏فقرة‏ ‏”الصلاة خير من النوم” فى أذان الفجر‏.‏

‏3– ‏هلوسات‏ ‏مصاحبة باضطرابات عضوية محددة مثل‏ ‏الحمى، ‏أو‏ ‏الهزال‏، ‏أو‏ ‏اضطرابات‏ ‏الأيض‏. Metabolism (‏وهى ‏ذات‏ ‏مآل‏ ‏أفضل‏ ‏لأنها‏ ‏تزول‏ ‏بزوال‏ ‏هذه‏ ‏المصاحبات‏)‏، وقد تظهر هذه الهلوسات فى المرضى الضعفاء الذابلين من حيث الحالة الصحية العامة، فمثلا قد يهلوس شيخ عجوز هزيل بعد إمساك شديد، أو مع نقص فى شرب الماء، وقد تزول هذه الهلاوس بمجرد أن يقضى حاجته أو يرتوى ويعوض بالسوائل اللازمة

‏4– ‏هلوسات‏ ‏مصاحبة‏ ‏بالإنهاك‏ ‏الشديد‏، ‏أو‏ ‏مع‏ ‏الحرمان‏ ‏من‏ ‏النوم‏ Sleep deprivation ‏أو‏ ‏الحرمان‏ ‏من‏ ‏الإحساس Sensory deprivation‏، ‏وهى ‏أيضا‏ ‏ذات‏ ‏مآل‏ ‏حسن‏ ‏لأنها‏ ‏عادة‏ ‏ما‏ ‏تزول‏ ‏بزوال‏ ‏السبب‏.

تقسيم الهلوسات من زوايا أخرى

من حيث التعقيد من حيث الضمير فيما يتعلق بالشخص العلاقة بالذات
بسيطة سطحية غير متميزة صعبة التشكيل(مثلا: طنين بالاذن)

مركبة (مثلا: أصوات محددة تسبه أو تلهمه)

ضمير المخاطب (مثلا: إنت مانتش نافع!)ضمير الغائب من واحد أو اثنين مناقِشة([4]):

 الواد ده صايع

= لأ مش قوى كده، ده ابن حلال مصفى[

رؤية الذات خارجها0باشوف نفسى عينى عينك) 

الهلوسة الإعدامية (إنكار الذات أصلا ، مثلا إذا نظر فى المرآة لا يرى صورته فيها)

(انظر الشكل فيما بعد)

هلاوس إتساق مع الذات (هـ. جنسية- مخاوية)هلاوس فى عسر مع الذات

(هـ. هلوسات سباب أو اضطهاد أو ملاحقة)

سادسا‏: ‏من‏ ‏حيث‏ ‏نوعية‏ ‏العلاقة‏ ‏بالذات24-2-2013_6

 ‏(‏يستعمل‏ ‏لفظ‏ ‏الذات‏ ‏هنا‏ ‏ليشير‏ ‏إلى ‏التنظيم‏ ‏الواحد‏ ‏الشعورى ‏الظاهر‏ ‏فى ‏وقت‏ ‏بذاته‏، ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏يعنيه‏ ‏كلمة‏ “الشخص‏” ‏أو‏ “الشخصية‏” ‏أو‏ “الواحد‏”)‏

1- ‏هلوسات‏ ‏متسقة‏ ‏مع‏ ‏الذات Ego-Syntonic H‏: وهنا ‏لا‏ ‏يشكو‏ ‏المريض‏ ‏منها‏ ‏بل‏ ‏وأحيانا‏ ‏يرحب‏ ‏بها‏، ‏ويحدث‏ ‏هذا‏ ‏‏مع‏ ‏الصور‏ ‏الخيالية‏ ‏أكثر‏. ‏وقد‏ ‏يصاحبها‏ ‏ضلالات‏ ‏الحب، أوالجنس‏ (‏مثال‏: ‏صوت‏ ‏نانسى عجرم ‏ينادينى).‏

‏2-‏هلوسات‏ ‏عسرة‏ ‏مع‏ ‏الذات‏:‏ يعانى ‏المريض‏ ‏منها‏ ‏وعادة‏ ‏ما‏ ‏يشكو‏ ‏منها‏، ‏مثل أن يصف المريض الأصوات بأنها تسبه أو تحقره أو تعايره أو تحتقره وتقلل من شأنه، أو مثل أنها تطارده أو تلاحقه.

24-2-2013_7

‏3– ‏هلوسات‏ ‏مغتربة‏ ‏عن‏ ‏الذات‏ Ego alien، ‏وهى ‏التى‏ يستقبلها‏ ‏المريض‏ ‏من‏ ‏خارجه‏ ‏تماما‏، ‏ويمكن‏ ‏تقسيمها‏ ‏أيضا‏ ‏من‏ ‏البعد السابق ‏من‏ ‏حيث‏ ‏أنها‏: ‏متسقة‏ مع الذات (‏أى ‏أنه‏ ‏يقبلها‏ ‏ويكاد‏ ‏يرحب‏ ‏بها‏) ‏أو‏ ‏عسرة‏ ‏مع‏ ‏الذات‏ (‏أى ‏مزعجة‏ ‏مثل‏ ‏الجسم‏ ‏الغريب‏ ‏المرفوض‏)‏

‏4– ‏هلوسات‏ ‏دارية‏ ‏(مستبصرة) بها‏ ‏الذات‏: ‏وهى ‏الهلوسات‏ ‏التى ‏أسميناها‏ “‏البصيرية‏”، ‏وليس‏ ‏معنى ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏للمريض‏ ‏بصيرة‏ ‏فيها‏ ‏أنها‏ ‏متسقة‏ ‏مع‏ ‏الذات‏ ‏بالضرورة‏. ‏فقد‏ ‏تكون‏ ‏عسرة‏ ، أو باعثة للدهشة، أو مرعبة فى بعض الأحيان.

سابعا‏: ‏من‏ ‏حيث‏ ‏درجة‏ ‏التعقيد (سبق الإشار إليها)

‏1– ‏هلوسات‏ ‏بسيطة سطحية‏ ‏ضعيفة‏ ‏التشكيل‏ ‏مثل‏ ‏الطنين‏ (‏الزن‏) ‏أو‏ ‏الصفير‏ ‏فى ‏الأذن‏، ‏أو‏ ‏ومضات‏ ‏الضوء‏ ‏أمام‏ ‏العينين‏. ‏وعادة‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏الهلوسات‏ ‏الشمية‏ ‏والتذوقية‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏النوع.

‏2- ‏هلوسات‏ ‏مركبة‏ ‏محكمة‏: ‏مثل‏ ‏الأصوات‏ ‏التى ‏تتكلم‏ ‏وتعقب‏، ‏أو‏ ‏مثل‏ ‏سماع‏ ‏قطعة‏ ‏كاملة‏ ‏من‏ ‏الموسيقى‏، ‏أو‏ ‏رؤية‏ ‏شخص‏ ‏بذاته‏ ‏رأى ‏العين.

هذا‏ ‏وتتناسب‏ ‏درجة‏ ‏الإحكام‏ ‏مع‏ ‏درجة‏ ‏الانشقاق‏ ‏والتخيل‏ كما ذكرنا،  فكلما‏ ‏كان‏ ‏الانشقاق‏ ‏عميقا‏ ‏والصورة‏ ‏محكمة‏ وتفصيلية، ‏كانت‏ ‏الهلوسات‏ ‏أقرب‏ ‏إلى ‏الصور‏ ‏الخيالية‏.

كما أن‏ ‏الهلوسات‏ عادة ما تزداد ‏رسوخا‏ ‏وإحكاما‏ ‏مع‏‏ ‏الإزمان‏ ‏والتعود، وقد تصبح أقرب إلى الصور التخيلية المحكية، لا المعيشة كلما أزمنت مع المريض الذهانى وحلت محل الموضوعات (الأشخاص) الخارجية بشكل راسخ، ‏‏وكذا‏: كلما ابتعدت الهلوسات عن حيويتها ونبض معايشتها والتفاعل لها برغم رسوخها زادت عقلنتها، كما أن دوام الحكى فيها  قد ينزع عنها حرارة حضورها المائل نتيجة  التعود عليها.

ثامنا‏: ‏تبعا‏ ‏للضمير‏ ‏المستعمل‏ ‏من‏ ‏الأصوات‏ ‏24-2-2013_8

هذا‏ ‏التقسيم‏ ‏خاص‏ ‏بالهلوسات‏ ‏السمعية‏ ‏بوجه‏ ‏خاص‏. ‏وحين‏ ‏يقال‏ ‏إن‏ ‏الهلوسة‏ ‏هى ‏من‏ ‏نوع‏ ‏المتحدث‏ ‏بضمير‏ ‏الغائب‏ ‏فالمقصود‏ ‏أن‏ ‏الأصوات‏ ‏تتحدث‏ ‏عن‏ ‏المريض‏ ‏لا‏ ‏معــه‏، ‏أى ‏لا‏ ‏تخاطبه‏ ‏مباشرة‏. ‏ويعتبر‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏من‏ ‏أهم‏ ‏أعراض‏ ‏الصف‏ ‏الأول‏ ‏لشنايدر‏، ‏وهى التى كانت تعتبر ‏ذات‏ ‏دلالة‏ ‏خاصة‏ ‏فى ‏تشخيص‏ ‏الفصام‏ ‏وخاصة‏ ‏فى ‏اطواره‏ ‏الباكرة، إلا أنه تبين أنها موجودة بتواتر مناسب فى كثير من بدايات الذهان عامة.

تاسعا‏: ‏من‏ ‏حيث‏ ‏نوع‏ ‏استجابة‏ ‏المريض‏ ‏للهلوسة‏

‏الأمثلة أغلبها ‏‏فى ‏حالة‏ ‏الهلوسات‏ ‏السمعية‏:

‏وهذا‏ ‏البعد‏ ‏مهم‏ ‏فى ‏موقف‏ ‏المريض‏ ‏من‏ ‏أعراضه‏، ‏وهو‏ ‏مهم‏ ‏بالتالى ‏فى ‏تقييم‏ ‏التكهن‏ ‏بالمآل‏،‏ و‏‏العلاج‏، ‏ومن‏ ‏أمثلة‏ ‏أنواع‏ ‏الت24-2-2013_9فاعل‏ ‏ما‏يلى:‏

‏1– ‏الدهشة‏: ‏وتغلب‏ ‏فى ‏بداية‏ ‏خبرة‏ ‏الهلوسة‏ أى ‏مع‏ بداية ظهور ‏الهلوسة‏ ‏الأصيلة‏، ‏وتحدث‏ ‏عادة‏ ‏مع‏ ‏بداية‏ ‏الذهان‏ ‏وخاصة‏ ‏بداية‏ ‏الفصام، وقد ‏يترتب‏ ‏على ‏هذا‏ ‏الشعور‏ ‏فى البداية‏ ‏أن‏ ‏بعض‏ ‏المرضى ‏يتخذ‏ ‏موقفا‏ ‏بصيريا‏ ‏ناقدا‏ ‏مما‏ ‏يساعد‏ ‏على ‏الاستشارة‏ ‏المبكرة‏ ‏والعلاج‏ ‏الناجح‏. ‏

‏2– ‏الغضب‏: ‏ويصاحب‏ ‏ضلالات‏ ‏الاضطهاد‏ ‏والملاحقة‏ ‏من‏ ‏أعداء‏ ‏أو‏ ‏منافسين‏ ‏أو‏ ‏مغيرين‏، ‏وحين‏ ‏يقابل المريض مثل‏ ‏هذه‏ ‏الهلوسات‏ ‏بالغضب‏ ‏فإن‏ ‏ذلك‏ ‏أدعى ‏لطلب‏ ‏العلاج‏ ‏مما‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏التفاعل‏ ‏هو‏ ‏الهلع‏ ‏والهرب‏ ‏دون‏ ‏غضب‏، ولا بد من التفرقة هنا فى حالة هلاوس الاضطهاد أو المعايرة والتهوين بين هذا النوع، وبين الضلالات من نفس النوع، وهى التى لا تصل عبر الحواس أصلا، وإنما تقتصر على المعتقد الخاطئ

‏3– ‏الرعب‏: ‏فى ‏بداية‏ ‏الذهانات‏ ‏قد‏ ‏يبدأ‏ ‏تفاعل‏ ‏المريض‏ ‏للهلوسة‏ ‏بالدهشة‏، ‏ولكن‏ ‏فى كثير من الأحيان سرعان‏ ‏ما‏ ‏يحل‏ ‏الرعب‏ ‏محل‏ ‏الدهشة‏ ‏فى ‏بداية‏ ‏الخبرة‏ ‏خاصة‏. ‏وقد‏ ‏يظهر‏ ‏الرعب‏ ‏منذ‏ ‏البداية‏. ‏إن‏ ‏التفسير‏ ‏المحتمل‏ ‏لهذا‏ ‏الرعب‏ ‏البدئى ‏يكمن‏ ‏فى ‏أن‏ ‏المريض‏ ‏فى ‏بداية‏ ‏الخبرة‏ ‏الذهانية‏ ‏يفاجأ‏ ‏بعالمه‏ ‏الداخلى ‏وقد‏ ‏تعرى ‏جنبا‏ ‏إلى ‏جنب‏ ‏مع‏ ‏شعوره‏ ‏بالعجز‏ ‏أمام‏ ‏المجتمع‏ ‏الخارجى ‏المغير‏ ‏عليه‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏،‏ ‏على ‏أن‏ ‏تفاعل‏ ‏الرعب‏ ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏استجابة‏ ‏لتهديد‏ ‏الهلاوس‏ ‏السمعية ‏(‏مثلا‏: “والله‏ ‏لأ‏ ‏أوريك‏”).

‏‏4– ‏الحوار‏: ‏يتم‏ ‏الحوار‏ ‏مع‏ ‏الأصوات‏ ‏المهلوسة‏ ‏فى ‏حالات‏ ‏الأخيلة‏ ‏السمعية‏ ‏و‏فى ‏حالات‏ ‏الهلوسة‏ ‏البصرية‏ ‏عى ‏حد‏ ‏سواء‏، ‏وعلى ‏أى ‏حال‏ ‏فحين‏ ‏تحل‏ ‏الهلوسات‏ ‏محل‏ ‏الأشخاص‏ (‏المواضيع‏) ‏الحقيقيين‏، ‏وتملأ‏ ‏عالم‏ ‏الخيال‏، ‏يصبح‏ ‏الحوار‏ ‏معها‏ ‏أحد‏ ‏وسائل‏ ‏التعويض‏ ‏المرضى ‏للانسحاب‏ ‏من‏ ‏العلاقات‏ ‏الواقعية‏، وقد يُرى المريض وهو‏ ‏يلوح‏ ‏بيديه، ‏أو‏ ‏يُسمع‏ ‏وهو‏ ‏يرد‏ ‏عليها‏ ‏ويقال‏ ‏إنه‏ ‏يمارس‏ “‏سلوكا‏ ‏هلوسيا‏” ‏حتى ‏لو‏ ‏لم‏ ‏يذكر‏ ‏الهلاوس‏ ‏فى ‏شكواه‏.‏

‏5– ‏التعود‏: ‏وهو‏ ‏أمر‏ ‏مرتبط‏ ‏بالثقافة‏ ‏المحلية‏ ‏بشكل‏ ‏خاص‏، ‏وذلك‏ ‏بسبب‏ ‏سهولة‏ ‏الانتقال‏ ‏بين‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏هلوسة‏ ‏وبين‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏صورة‏ ‏تخيلية‏، ‏وأيضا‏ ‏نتيجة‏ ‏لغلبة‏ ‏الاعتقاد‏ ‏بـ ‏”العوالم‏ ‏الأخرى”، ‏ليس‏ ‏عالم‏ ‏الجان‏ ‏فحسب‏، ‏بل‏ ‏عوالم‏ ‏الأسطورة‏، ‏والملاحم‏ ‏الشعبية‏. ‏هذه‏ ‏العوالم‏ ‏تؤثر‏ ‏فى ‏حياتنا‏ ‏بصفة‏ ‏عامة‏ ‏كما‏ ‏تؤثر‏ ‏فى ‏تفاصيل‏ ‏الفعل‏ ‏اليومى ‏فى ‏كثير‏ ‏من‏ ‏الأحيان‏. ‏إن‏ ‏أشكال‏ ‏التعود‏ ‏التى ‏سوف‏ ‏نعرضها‏ ‏هنا‏ ‏ترتبط‏ ‏بدرجة‏ ‏ما‏ ‏باحتمال‏ ‏الإزمان‏ ‏من‏ ‏ناحية‏، ‏وبمدى ‏تأدية‏ ‏الهلوسات‏ (‏والصور‏ ‏التخيلية‏) ‏لوظيفتها‏ ‏الإمراضية‏ (تحقيق غاية المرض) ‏من‏ ‏ناحية أخرى. ‏ويتحقق‏ ‏التعود‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏أحد‏ ‏أنواع‏ ‏العلاقات‏ ‏التالية‏.

أ‏-  ‏الحوار‏ (‏أنظرقبلا‏)‏24-2-2013_10

ب‏-  ‏وقف‏ ‏التصادم‏ (‏فض‏ ‏الاشتباك‏) ‏وكأن‏ ‏المريض‏ ‏وهلاوسه‏ (‏التى ‏هى ‏الممثل‏ ‏لشخوصه أو ذواته الداخلية‏ ‏بشكل‏ ‏أوبآخر‏) ‏قد‏ ‏اتفقا‏ ‏على ‏تجنب‏ ‏المواجهة‏.‏

جـ – ‏التوازى: ‏حيث قد‏ ‏يسير‏ ‏عالم‏ ‏الهلوسة‏ ‏فى ‏خط‏ ‏مواز‏ ‏لايتقاطع‏ ‏مع‏ ‏ما‏ ‏تبقى ‏من‏ ‏حياة‏ ‏سوية‏ (‏وكأنهما‏ ‏لا‏ ‏يلتقيان‏ ‏مثل‏ ‏الخطين‏ ‏المتوازيين‏ ‏يتجاوران‏ ‏جنبا‏ ‏إلى ‏جنب لكنهما لا يلتقيان‏) وهذا يشبه جانبا من فض التصادم أيضا.

د‏- ‏التحوصل‏ ‏الصمامى: ‏هذا‏ ‏الوصف‏ ‏صككتَهُ وأنا أتابع‏ ‏حالات‏ ‏الفصام‏ ‏المتبقى (‏أو‏ ‏الذهان‏ ‏المتبقى ‏بصفة‏ ‏عامة‏) ‏وفيه‏ ‏يحدث‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏حوصلة‏ ‏الهلوسة‏، ‏ربما‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏فض‏ ‏الاشتباك‏ ‏أو‏ ‏التوازى‏، ‏لكن‏ ذلك لا يستمر ‏ ‏بصفة‏ ‏دائمة‏، ‏فما‏ ‏أسميناه‏ ‏التحوصل‏ ‏الفصامى ‏يعنى ‏أن‏ ‏الهلوسة‏ ‏رغم‏ ‏اختفائها‏ ‏الظاهرى ‏فإنها‏ ‏قد‏ ‏تنكشف‏ ‏علانية‏، ‏لتظهر‏ ‏تحت‏ ‏الضغوط‏24-2-2013_11 ‏غير‏ ‏العادية ‏أو‏ ‏المثيرات‏ ‏الخاصة‏ ‏أو‏ ‏مع‏ ‏الإنهاك‏ ‏الذى ‏يتخطى ‏عتبة‏ ‏التحوصل الناجح،‏ وكأن ثمة صمام قد وضع فى جدار الحوصلة التى أحاطت بالهلاوس ولهذا الصمام عتبة Threshold تفتح عندما تزيد الضغوط بجرعة محددة من ضغوط الحياة أو مع تحريك الداخل مثل اقتراب نكسة نشطة أو لأسباب أخرى مثل تعاطى مواد منشطة.

هـ‏- ‏الاحتواء‏ ‏المتبادل‏ (‏مع‏ احتمال ‏التعارف‏- ‏الخفى ‏أو‏ ‏المرموز‏‏): ‏مع‏ ‏استقرار‏ ‏وإزمان‏ ‏المنظومة‏ ‏الهلوسية‏ ‏تصبح‏ ‏وكأنها‏ ‏جزء‏ ‏لا‏ ‏يتجزأ‏ ‏من‏ ‏تركيب‏ ‏الشخصية‏. ‏وقد‏ ‏تتسحب‏ ‏عليها‏ ‏وإليها‏ ‏صفات‏ ‏الصور‏ ‏التخيلية‏ ‏أكثر‏ ‏منها‏ ‏هلوسات‏ ‏معيشة‏. ‏

وفى هذه الحالة أيضا قد يختلط الأمر بين الأصوات والصور التخيلية الداخلية، وبين الهلاوس البصرية والسميعية

كما أنه إذا تم الاحتواء المتبادل مع درجة من البصيرة النشطة فى وعى فائق فإننا نكون أمام مشروع إبداع قد يتم فعلا فى أوقات الإفاقة بالذات (أنظر نشرة 28 -2-2012 الإدراك (14) “ثلاثة فروض أساسية”).

و‏- ‏الطاعة‏: ‏يظهر‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏مع تطور الذهان – خاصة الفصام-  إلى المآل السلبى‏، ‏ويعتبر هذا‏ ‏التفاعل‏ (‏بالطاعة‏) ‏من‏ ‏أخطر‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏إذ‏ ‏قد‏ ‏يترتب‏ ‏عليه‏ ‏مخاطر‏ ‏وجرائم‏ ‏إذا وصل الأمر بالأصوات المهلوسة أن تعطى أوامر مؤذية حتى القتل، فيطيعها المريض فعلا وهذا أمر نادر عموما.‏

ز‏- ‏المقاومة‏: ‏قد‏ ‏تستمر‏ ‏المقاومة‏ ‏رغم‏ ‏التعود‏ ‏مع‏ ‏احتمال‏ ‏اكتساب‏ ‏بصيرة‏ ‏جزئية‏ قد ‏تتزايد‏ ‏تدريجيا‏، ‏وقد‏ ‏تأخذ‏ ‏شكل‏ ‏الوسواس‏ ‏إذا‏ ‏ما‏ ‏زادت‏ ‏البصيرة‏ ‏حدة‏ ‏وأضيف‏ ‏إليها‏ ‏تكرار‏ ‏قهرى مما يستدعى مقاومة واعية ثم تكرار وهكذا‏.‏

عاشرا‏: ‏من‏ ‏حيث‏ ‏العلاقة‏ ‏بالهوية‏.‏24-2-2013_13

نعنى ‏هنا‏ ‏بالهوية‏ ‏الحضور‏ ‏المتميز‏ ‏الماثل‏ ‏للآخرين‏ ‏وللشخص‏ ‏نفسه‏، ‏وتوجد‏ ‏تشكيلات‏ ‏تتعلق‏ ‏بالوعى ‏بالذات‏، ‏والاغتراب‏ ‏عنها‏ ‏مثل‏ (‏ا‏) ‏الهلوسة‏ ‏المسماة‏ “رؤية‏ ‏الذات‏ ‏فى ‏الخارج”  (Autoscopy Phantom Mirror Image)  وتعنى (‏أو‏: ‏صورة‏ ‏الوهم‏ ‏فى ‏المرآة‏) أو مثل  Extracampine H ‏وهى ‏تعنى ‏أن‏ ‏الشخص‏ ‏يستقبل‏ ‏ذاته‏ ‏أو‏ ‏جسده‏ ‏بعيدا‏ ‏ككيان‏ ‏خارجى ‏عن‏ ‏ذاته وقد‏ ‏يتكلم‏ ‏معه‏ ‏أو‏ ‏عنه‏ ‏بضمير‏ ‏الغائب‏. ‏وقد يكون استقباله بصورته فى شكل صورة مشوهة غير صورته تماما، أو قد تختفى نهائيا كما أسلفنا، وبرغم أن هذه ظاهرة سلبية تنفى الإدراك العادى أصلا إلا أنها تعتبر إدراك العدم بديلا، ولذا تسمى ‏الهلوسة‏ ‏الإعدامية‏ ‏للذات (وقد سبقت الإشارة إليها Negating Autoscopy)، ‏وهذه الرؤية‏ ‏السلبية‏ ‏للذات‏ ‏تنفى ‏وجود‏ ‏الذات‏ ‏بمعنى ‏أنه‏ ‏إذا‏ ‏نظر‏ ‏الشخص‏ ‏فى ‏المرآة‏ ‏لا‏ ‏يرى ‏وجهه‏ ‏أصلا‏، ‏إذْ يرى ‏المرآة‏ ‏صفحة‏ ‏ملساء‏. ‏وتعبير‏ “‏العمه‏ ‏النفسى” Agnosia Psychic ‏هو‏ ‏التعبير‏ ‏الأصح‏ ‏لهذه‏ ‏الظاهرة‏ ‏لأنها‏ ‏ليست‏ ‏هلوسة‏ ‏أصلا.

*****

وسوف نتناول الأسبوع القادم “كيف تتكون الهلاوس” من عدة وجهات نظر ونظريات.

*****

ملحوظة:

هل تلاحظ عزيزى القارئ أننى اكتب هذه النشرات التقليدية – تقريبا – تحت ضغط شديد؟؟

أى والله!

أدع لى.

 

[1]  – Recapitulation Theory (Biogenic Law) Ernest Heckle، نظرية الاستعادة وخاصة بعد تطويرها بنظرية المؤلف التطورية الإيقاعية.

[2] – Danial Denieth Kinds of Minds

[3] – وقد عابَنّاه فى تجربة حية، كما جاء فى بريد الجمعة الماضى فى خبرة بين أصحاء ونحن نلعب لعبة: “أعَمَلُ حلما: أنا دلوقتى …” الخ.

[4] – Voices Arguing

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *