“نشرة” الإنسان والتطور
9-1-2008
العدد: 131
الأصل والصورة!!
تمهيد
كيف تتشكل الشخصية؟
كيف تتكون الهـُوية؟
بدءا من أى سن؟
هل الصورة التى نرسمها لهم أو التى نفرضها عليهم، أو التى نتمناها لهم: تمثلهم؟
أم أنها بداية لا مفر من مراجعتها؟
ثم ما هو الحد الفاصل بين صورة أطفالنا كما تبدو لنا؟ أو كما نريدها؟ أو كما نصنعها؟ وبين حقيقتهم كما خلقهم الله ليكونوا فيصيروا، إليهم، إليه؟
هل نحن نستعملهم لنسقط عليهم ما عجزنا أن نكونه؟
متى نعرف كيف نتفاعل معهم لعل وعسى: أن يكونوا فيصيروا،؟
هل نحن نتعرف على أولادنا لنواكبهم إلى ما “هم”؟
أم أننا نشكلهم ليثبـِّتونا كما “نحن”؟
نبدأ بعرض مقتطفات من حالة نبين من خلالها خطورة التركيز على الشكل على حساب الجوهر، والتعامل مع الخارج دون الداخل، والاقتصار على النفخ فى جزء على حساب الكل مهما بدا بديعاً فعلا، حتى يطغى على الكيان فيلغيه وتفشل عملية تشكيل الذات تكاملا.
النص البشرى
….. حالة شاب حالوا دون نموه (حتى توقف، فتقسّخ، ونكص) نتيجة التركيز على صورته (شكله المليح) على حساب حقيقته (مشروع تكوينه)، وقد احتد هذا التناقض فى فترة المراهقة فكان ما كان. وسنعرض جانبا من شكواه.
ثم عينة من حوار معه أثناء الفحص الإكلينيكى.
موجز تقديمى:
هو شاب وسيم فعلا، (ليكن اسمه محمود) “أمّور”، (بحسب تعبير ثلاث طبيبات على مدى سنتين) أصغر إخوته (المريض له سبعة إخوة، خمسة منهم أشقاء، وكلهم وصلوا إلى تعليم متوسط، وأنهوه بنجاح، ويعملون). هو من قرية قريبة من القاهرة، عمره عشرون عاما، مازال فى السنة النهائية ثانوى صناعى، وكان يعمل بشكل متقطع سواء فى مساعدة والده (فلاح). أو والدته التى تتاجر فى الخضروات جائلة فى الأسواق. بلا تاريخ أسرى للمرض النفسي. الأب رجل طيب مجتهد اجتماعى محبوب من الآخرين خارج المنزل، لكنه باهت نسبيا فى المنزل، يجيب لمحمود كل طلباته تقريبا، والأم حانية شاطرة قريبة جدا من محمود، تفضله عن إخوته، وهى فرحة بحلاوته، وتفخر بشكله منذ ولادته، وخاصة أنه “آخر العنقود”.
جاء فى شكوى محمود ما يلى:
حاسس إن شكلى أوحش، مش عاوز أطلع شبه والدى، عايز شكل مستقل، عاوز أبقى حاجة لوحدى، زمان كنت وسيم بس مش دلوقتى، أصل اخواتى بيحطولى حقن فى الأكل تخلينى أبقى عندى كرش، واتخن، ويمشّـونى على مزاجهم. لما بابقى فى الشارع باحس إن الناس بيضحكوا علىّ وبيقولوا العبيط اهه، والبلد كلها بتكرهنى، وعايزين يفرحوا فىّ عشان شكلى أحسن منهم، كنت عايز اهرب من البلد كلها….قلت لو همّ (أهلى) مش راضيين يعترفوا ان هما السبب فى اللى جرى لى: حاقتل نفسى .حاسس إنى ذكى زيادة ، وعندى معلومات ، ومخى كبير وممكن أبقى عالم كبير بس لو أهلى ينتبهولى”.
ومن شكوى الأم :
“…هوه أول ما التعب جاله كان يغسل إيديه كتير ويفضل يعيد ويزيد، ويقف قدام المرايه، ويبص على نفسه بالساعات، ويخش الحمام، يكب على نفسه ميه كتير، بعد سنة ابتدا يتعب ويتخانق ويمشى ويسيب البيت ويبات فى الجامع، وابتدا يتهم اخواته انهم عاملين له عمل عشان شكله يبقى وحش، ويشك فى الجيران وأهل البلد، يقول إن كل الناس فى الشارع عارفين حكايته وبيتكلموا عليه، ويضحكوا عليه.
عن ما آلت إليه الحالة:
وصل الأمر بعد توقف العمل والانسحاب والعزلة إلى أنه كان يتبول ويتبرز دون تحكّم أثناء يقظته، وكان ذلك بمثابة علامة خطيرة على تدهور حالته، ولو أن هذا توقف بعد دخوله المستشفى العام (قسم النفسية).
وقد عولج بكل أنواع العلاج خلال أربع سنوات، وكانت استجابته ضعيفة، أو مؤقتة، فسرعان ما كانت حالته تنتكس المرة تلو الأخرى.
وقد شخصت الحالة تشخيصا سىء السمعة، ومع ذلك كان المريض مستجيبا، وقريبا، فاهما لما يجرى حوله بوعى حاد، برغم وجود مسحة من طفلية طازجة، وإن كانت رخوة، وكان شكله جميلا بالمقايس العامة فى مصر بالنسبة لما هو جمال الذكور: البشرة البيضاء، والشعر الناعم المائل إلى الحمرة، والملامح المتناسقة ..إلخ
تمت المقابلة مع الأستاذ (كاتب هذه السطور) بعد عرض تاريخ الحالة من طبيبة أصغر. نقتطف من المقابلة التى استغرقت أكثر من ساعتين، ما يلى:
د. يحيى:
= الدكتورة قالتلى إنك ما بتتحسنشى، أو بتتحسن وتسوء على طول.
محمود:
– أيوه.
= إنت خدت كل العلاجات بلا استثناء، وما فيش فايدة .
– حضرتك يائس منى؟.
= …. بس يعنى….!
– يعنى ما فيش فايدة؟.
= ربنا موجود، ما حدش ييأس وربنا موجود.
– الحل إيه؟.
= ما اعرفشى، إنت بقى تشوف لنا حل وانا اساعدك فيه.
– ما اعرفشى .
= أنا حاعملك إيه ؟ إيه اللى عندى تانى؟ أضحك عليك واقولك عندى دوا جديد ما حصلشى؟
– وانا اعمل إيه؟ حاسس إن حضرتك زهقت منى.
= هوّا انا لحقت أزهق؟ حتى لو زهقت: هوّا أنا زهقت منك، ولا من حاجة فيك؟ أنا مش من حقى أزهق من عيان، مابقاْش دكتور.
– إيه الحاجة إللى زهّـقت حضرتك؟.
= إيه بقى حكاية شكلى شكلى شكلى دى؟.
– هىّ دى الحاجة اللى تعبانى.
= …. شكلك ماله؟
– ما هيا دى الحكاية.
= خلينا نبتدى بداية جديدة. شكلك حلو ولا وحش ؟
= كويس، لا حلو ولا وحش.
– لا يا شيخ ؟!! إمال كل اللى احنا فيه ده إيه؟ تعالى نتفق يعنى إيه “شكل”، مثلا الدكتور همام، (أحد الأطباء المقيمين)، شكله حلو ولا وحش؟
– كويّس.
= هو ظريف، إنما احنا بنقول شكله؟
– مش فاهم ؟
………..
= إسمع يا محمود: أنا متصور إن فيه “محمود”، وفيه “شكل محمود”، زى ما تكون انت استغنيت عن محمود وعمال تلف حوالين شكلك
-…. يمكن ، بس مش انا السبب.
= عايزين نشوف كلمة “شكل” دى أولها إيه وآخرها إيه، أربع سنين عيا، وييجى عشر سنين تحضير للعيا، وادى احنا زى ما احنا.
– أهو دا اللى حصل (يضحك)
= إنت بتضحك على إيه؟ إنت مركّـز على حكاية الشكل دى، ما عادشى عندك حاجة غيرها.
– هوا فيه إيه غيرها؟
= فيه محمود، هو انت “محمود” ولا “شكل محمود”؟
– مش عارف.
= إنت باين استغنيت عن محمود، أو يمكن نسيته، أو يمكن عمرك ما عرفته.
-هم اللى اهتموا بشكلى، وشى إيه، وعنىّ إيه، وشعرى إيه .
= يعنى إيه؟
-يعنى هم اهتمو بشكلى كده، و انا اتدبست فى شكلى، و نسيوا محمود.
= آه صحيح، إيه حكاية أّمّور دى ؟
– أنا ما قلتش أمّور.
= الدكتورات عندنا هنا قالوا عليك قمور، إيه رأيك؟
– أنا ما ليش دعوة.
= إيه يعنى شاب عنده عشرين سنة يبقى أمور؟
-عند حضرتك حق.
= عرفت الحكاية؟ أصلها وفصلها؟
– بصراحة انا شكيت فى حاجة زى كده.
= الأمّور راح، الأمّور جه !!! يا فرحتى.
– أهو اللى حصل. هية الحكاية دى لها علاج؟ ولا طبيعية ؟
= يمكن طبيعية، بس ما توْصلشى لدرجة إنك تتبرز على روحك، وانت صاحى زى اللى عنده أقل من سنة !
(يسكت وينظر فى الأرض) …..
= مش كده ولا إيه؟ يعنى إيه ما تتحكمشى فى ده؟ إنت بتكسل تروح دورة المية ولاّ إيه؟
– يمكن كسل
= وانت عندك عشرين سنة؟ يكونشى عايز ترجع أيام الرضاعة الأولانية ؟
-مش عارف.
= طب وبعدين؟
-وانا ذنبى إيه؟
= الظاهر لازم نبتدى ما الأول.
-أول ؟ أول إيه ؟
= ماانت راجع للأول بعمايلك دى، بس الأول اللى احنا عايزينه نركز فيه على محمود بدال شكله
– إزاى؟.
= ما اعرفشى، الحكاية عايزة بداية بعيدة عن الشكل، عايزين محمود، زى أى حد ما يبقى هوّه مش شكله.
-بس الحكاية دى من صغرى.
= ما انا عارف ، زى ما يكون حطّوا شكلك مطرحك.
– كنت باقول لنفسى حاجة زى كده، حتى قبل ما تقابلنى حضرتك.
= بجد؟ يبقى احنا ماشيين معقول. طب عايزين نحلها، نعملها ازاى؟
-أنا باعمل اللى علىّ، حضرتك تحلها.
= لا يا شيخ ؟ كسل برضه؟ أدّيك دوا أغلى؟ ولاّ نكرر العلاجات اللى ما نفعتش؟
-أعمل انا إيه، المطلوب منى إيه؟
= آدى احنا بندور على مفتاح.
– هوا احنا لسه ما امسكناش المفتاح، أهلى مش راضيين يعترفوا إن هما السبب فى اللى جوايا،
= إنت لما بتقول “اللى جوايا”، بتشاور على حاجة تانية، بتشاور على الوساوس والأفكار والمرض، مش على حكاية “الشكل”.
– تقريبا
= حتى لو كانوا هما السبب، إنت برضه لازم مشارك فى اللى جرى.
– فى إيه؟
= ما اعرفشى، إوعى تكون فاهم إنى عارف، أنا باحاول معاك، كل اللى عارفه ان الحكاية محتاجة وقت
– يعنى أستنى قد إيه؟ ما انا بقالى أربع سنين.
= أربعة عيا، وعشرة تحضير للعيا، نعمل إيه دلوقتى؟.
-أنا باعمل اللى علىّ.
= حكاية “باعمل اللى على” أنا مصدقك، بس لا هى كفاية ولا هى نافعة، بس أنا مصدقك،أنت بتسرح شعرك ازاى؟(كان شعره مصفف ومجفف ولامع مثل الشباب الروش).
– باشدّه .
= إسمع يا محمود، حتى لو كانواهما اللى عملوك، إنت الظاهر استحليتها، لا انت قادر تتنازل عن شكلك ولا فيه حاجة موجودة تحل محله، زى ما تكون عملوك قالب مظبوط، لماّ جيت تلبسه، لقيت نفسك مافيش، ما فيش محمود يلبس القالب، ما فيش حاجة تملا شكل محمود.
– ياخبر!!! !!! باين كده!
= لا انت قادر تتنازل عن شكلك، ولا تقدر تتمسك بيه عشان ما هوّاش انت، آدى المشكلة.
– إيه الحكاية ؟ طب والوسوسة؟
= أظن هىّ تبع الموضوع ده ، تبع الخناقة بينك وبين شكلك. تبع الرقص عالسلم، عمال بتكرر كل حاجة عشان تفضل مطرحك.
– بس انا حاسس إن شكلى أوحش.
= مشم فاهم. كان حلو واتوحّـش؟ ولا كان وحش وبقى أوحش؟
– زمان كنت وسيم بس مش دلوقت.
= ما انت لسه وسيم وانت عارف كده كويس، أمّور، ما سمعتش الدكتورة ( )، والدكتورة( ) ؟ إسمع، أنا جتلى فكرة : لوتصورنا يا عينى ان فيه محمود جوّه، وإنه رافض إللى عملوه فيك، لدرجة إنك بقى الود ودّك تبقى شكلك قبيح فعلا، يمكن ما كانشى حاجة من دى حصلت، مش قبيح يعنى وحش قوى، قصدى عادى. يعنى انا تصورت ان من كتر ما ركزوا على شكلك، تمنيت إنك تبقى وحش.
-أبدا، أنا تمنيت ان ما يكونشى حد أحلى منى.
= ..ياه !! رغم إنك أحلى من كل اللى حواليك؟
-أيوه .
= يبقى شاركت فى الحكاية أهه، ولسه بتشارك فيها لحد دلوقتى؟ بدل ما تدور على محمود اللى بحق وحقيق، قمت متمسك بمحمود الأمّور إللى هوا مش انت، وعايز تبقى أمّور أكتر؟ يا خبرّّ!! يبقى الفرض الأوّلانى اللى انا حطيته طلع غلط، دا انت طلعت شريك أساسى فى اللى حصل.
– أهلى هما أثروا فى، أنا اتمنى شكلى يرجع تانى حلو زى الأول عشان أجذب البنات وكده.
= ماهو لسه زى الأول، هوا إيه اللى جرى فيه؟ باقولك ايه: هم البنات بيتجذبوا للشكل ولا لحاجة تانية؟
– لحاجة تانية
= إللى هيه إيه بقى؟!!!؟
– مش عارف. لما يكون الواحد طفل يعنى أقل من اربعتاشر سنة يحس إن شكله كويس، ينبسط، لكن لما بيكبر، يبلغ، يبقى عايز شكله يتغير على راجل، عايز البنات يبصوله راجل
= وانت إيه اللى حصل معاك لما كبرت؟
-البنات ما بقوش يبصولى زى زمان، كنت عايز حاجة تانية، أبقى أحلى، شكل تانى، حاجة تملى حاجة ، يعنى…، مش عارف أقول ….
= تقصد رجولة تملا الحلاوة
– حاجة زى كده، بس باين عليها ما نفعتش
= إيش عرفك؟
– باين كده،
= إنت مش عايز تسيب أى حاجة. عايز يبقى شكلك حلو، وفى نفس الوقت تبقى أحلى،وتتملا رجولة، والبنات تحبك كراجل، مش عيل حلو وأمّور، كل ده مع بعض مرّة واحدة.
– يمكن…..
واستمرت المقابلة، وقد نعود إليها، وإلى متابعة الحالة فى يومية لاحقة ما أمكن ذلك..)
قراءة فى بعض ملامح الحالة:
ولد محمود فى قرية مصرية، لا تُعْلِى عادة من قيمة جمال الذكور، لكن شكل محمود استرعى انتباه أمه، وأنه ليس مثل إخوته، أو مثل سائر أطفال العائلة أو أطفال البلد، وقد أقر كل من رآه هذه المسألة، وأصبح شكله موضع اهتمام، ومديح، وربما حسد المحيطين جميعا.
يبدو أن هذا التركيز على الشكل قد بولغ فيه حتى أصبح هو كل شىء، فحل – تلقائيا – محل وجود الطفل فى ذاته.
توضيح هذه المسألة صعب نسبيا :
أن تَستقبل الأم طفلها من خلال صورته الجميلة أساسا، أو تماما، قد يعنى أن الأم تستعمله كنوع من التباهى ببضاعة هى التى صنعتها،
وقد يمثل ذلك تعويضا للأم عن شكلها هى شخصيا خاصة إذا كانت تشك فى درجة جمالها (كانت أم محمود متوسطة الجمال أو دون ذلك)
أو لعل الأم كانت قد جُرحت فى هذه المنطقة، فجاء ابنها الجميل يثبت لها أولا أنها جميلة، ثم “لهم” غصباً عنهم! أليست هى التى أنجبته؟
فى هذه الحالة يصبح الطفل مثل دمية للعرض، أو مثل تحفة للتثمين، ما دام تصادف أنه يملك ما يُعرض أو يُثَّمن بفخر واعتزاز.
وهو يصبح بذلك مثل أحد المقتنيات البديعة لا أكثر، ربما هذا هو ما جعل محمود يكرر بإصرار أن أهله هم السبب فيما هو فيه،
صحيح أنه كان يشير إلى مسئوليتهم عما هو فيه من مرض وأعراض،
لكن يبدو أنه شخصيا فرح بذلك تماما، وهل كان يملك غير ذلك ؟
لقد أقر مبررات اعترافهم به (أنه كيان جميل)، فاستزاد منه،
وهو ما زال يريد أن يصبح أحلى وأحلى،
هو قد أصبح بهذا امتدادا لما فعلوه فيه.
لكن كل هذا لم يحقق له شيئا حقيقيا، فشكَّ فى قيمة وجدوى حلاوته، حتى شك فى استمرار وجود حلاوته: أنه لم يعد حلوا (مثل زمان)، ثم تمادى الشك فى أنهم (إخوته بالذات) يريدون أن يحرموه حتى مما تميز به (الجمال الظاهر)، يريدون تقبيحه، أن يكون له كرش … إلخ،
فهم كما رسموه صورة حلوة، يمكنهم أن يفعلوا العكس.
وحين حلت أزمة المراهقة، صاحبتها الرغبة فى أن يكون موضع اهتمام البنات فى سنه، مثلما كان موضع اهتمام الكبار طفلا جميلا، فانكشف زيف الواجهة.
لم تعد صوره الطفل الجميل كافية لتملؤه، اكتشف أن ثمة نقلة حدثت غيرت الموازين: أصبح يريد أن يكون الشاب الجذاب الممتلئ رجولة،
لكن من أين له ذلك؟
لم تنجذب البنات إليه رجلا، أو هكذا خيل له، وكأن ذلك كان بمثابة إعلان زيف جماله الطفلى الظاهرى،
جماله هذا أصبح قبحا ما دام لا يجذبهن إليه،
لكنه لا يملك غيره،
فليعد طفلا لدرجة ألا يتحكم فى إخراجه، فهو الجنون الذى هدم حتى الواجهة،
لم يعد جماله ينفع،
ولا هويستطيع أن يكون أجمل،
ولا هو يريد أن يكون إلا أجمل (خصوصا بالمقاييس الجديدة)، وليس وراء الواجهة إلا الفراغ،
الخلاصة
محمود لم يكن موجودا يوما، والصورة الجميلة التى أخفته وراءها لم تعد كما هى فى نظره، لا هى كافية، ولا هى نفعته أصلا.
فشل الشكل الطفلى أن يحافظ على تبرير وجوده، وفى نفس الوقت لم يستطع أن يكتسب اعترافا به كشاب جذاب مطلوب – من البنات – لأنه أحدا لم يره أبدا غير شكله.
فكان ما كان.
أكتفى بهذه القراءة لأنتقل إلى أغنية كتبتُها للأطفال؟عن الأطفال،
الأغنية
وكتبت هذه الأغنيه للأطفال قبل لقائى مع هذه الحالة بشهور طويلة.
آنا بصيت فى مرايتى
شفت نفسى: هىَّ صورتى
إنما رْجعْتِ فْ كلامى:
إللى شفته “مش أنا بدر التمام”!
آنا مين؟ آنا كام؟
إنتو شايفين اللى برّة
بس ده مش كلِّى مرّّة
أنا لسّه ليّـا جُوّهً
حتى باين: إنى هوّه
“أنهو أحسن؟؟”
أنهو أحسن !!!!
آنا أحسن!!
آنا يعنى…، أصلى إنّى…، هوّا انا !!
آنا قصدى،
آنا كلّى على بعضى.
باتعَـمَل منّك ومنّى
بابقى “انا”، “مش غصب عنى”
شفتْ: انا ما بقيتشى صورتى،
آنا باتكوّن بحيرتى.
مش أنا الشخص إللى إنتَ كنت “فاكرُه”
مش أنا الشخص إللى إنت كنت ناكْرُه
آنا خلقة ربنا،
حابقى نفسى ليّـا انا
حابقى نفسى واحده واحده
زى ما هِى مستعـدّهْ
آنا حابقى نفسى ليكم، يعنى ليّا
آنا حاسمح إنى أملاَ نفسى بيّا،
حاتلاقينى فى رحابُهْ، زى ما هو خلقنا،
عَـمْ باخبّـط عالَى بابُهْ: زى ما غِـيرنا سبقنا.