الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى العلاج الجمعى (26) ملاحظات من قراءات قد تفيد

الأساس فى العلاج الجمعى (26) ملاحظات من قراءات قد تفيد

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 6-5-20135-5-2013_1

السنة السادسة

 العدد: 2075    

كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (26)

ملاحظات من قراءات قد تفيد

أعلنت أمس كيف “تكاثرت الظباء على خراشٍ، فما يدرى خراش ما يصيد” (وخراش صياد غزلان)، سوف أبدأ اليوم بما نهانى ابنى محمد عن أعرج إليه، لكننى قلت أحاول اليوم مع شيخ العلاج الجمعى عمنا “يالوم”، وهو يعرض أول فصل فى كتابه “المختار”  (1) بعنوان جميل يقول بالانجليزية:  What is That Heals?  The Therapeutic Factors: فأقوم بترجمته كما وصل لى العوامل العلاجية: ما هذا الذى يُشْفى؟

وهو يبدأ بمقدمة شديدة الأمانة وصلنى منها أنه يعترف فيها أن العامل الشافى هو أبعد ما يكون عن التحديد، وأنه يكاد يستحيل فصل عامل واحد عن بقية العوامل، وأن أية محاولة لتحديد عامل بذاته هى محاولة تقريبية، وناقصة غالبا، لكنه يمضى بعد ذلك فى تحديد متواضع لبعض تلك العوامل، وأعترف أننى استلهمت من العناوين أكثر مما حاولت مناقشة تفاصيل المتن كما أورده، فرحت أفحص العنوان وبعض ما تحته وكأنه يكتب لى شخصيا العنوان، وكأنه يسألنى وهل عندكم مثل هذا، فأجيبه هكذا:

(1) زرع الأمل Instillation of Hope

يبدو أنه يعتبر مجرد حضور هذا العلاج دليلا على أن المريض يأمل منه شيئا طيبا، يصله عادة من مريض سابق أو من قراءة عابرة، أو من خبرة شخصية جعلته يبحث عن أو يأمل فى “شىء آخر”، و”يالوم” يقرّ أنه يقوم بدور مبدئى فى الحفاظ على هذا الأمل بشكل أو بآخر، وخاصة فى الفترة الأولى…الخ.

الحال عندنا يبدو مثل ذلك من حيث المبدأ، وأنا – مثله- لن أتكلم إلا عن المجموعات التى مارست معها هذا العلاج فى قصر العينى كما ذكرت سابقا.

 وفى حين أنه يشير أو حتى يوصى بنوع التحضير لدخول المجموعة، بما يشمل التلويح بالأمل، أو التأكيد عليه من معالج أصغر أو متدرب آمِل (الأمر الذى نوصى بعدم المبالغة فيه) أقول فى حين أنه يعطى اهتماما خاصا لمثل هذا التحضر فإننا لا نفعل ذلك تقريبا، فنكتفى بالتوصية بكتابة “ورقة مشاهده” Sheet كاملة لمن نعرض عليه الدخول إلى هذا العلاج، وفيها نجمع المعلومات التقليدية الكافية اللازم رصدها فى أية ورقة مشاهدة عن أى مريض لأى علاج آخر، وعلى الرغم أن هذا الشرط لا يستوفى دائما بشكل كاف، فإن الافتقار إلى اكتماله لم يعوق مسيرة أى فرد فى المجموعة بشكل خاص، ومع ذلك فإنى آسف دائما لعدم استكماله، وإن كانت الفرصة تتاح لاستيفاء ما نحتاج إليه من بيانات أثناء المسيرة، (ليس خلال الجلسة طبعا، وهذا كله استثناء تصحيحىّ لا ينبغى اللجوء إليه ما أمكن ذلك).

بمجرد أن تبدأ المجموعة لا يجرى الحديث عن “الأمل” فيما يسمى الشفاء بأى قدر من المباشرة أو التشجيع الحماسى، بل إن الرد على من يسأل عن نسبة الأمل فى الشفاء، أو احتمال عودة المرض إذا تم الشفاء، يؤجَّل إلى آخر خمس دقائق (من التسعين دقيقة) “المخصصة للأسئلة والأدوية”، وحتى فى هذه الخمس دقائق لا يُجاب على مثل هذه الأسئلة بشكل مباشر، وكثيرا ما تكون الإجابات مفتوحة مثل:

–       إحنا وشطارتنا.

–       آدى احنا حانشوف.

–       ربنا يسهل.

–       طبعا فيه أمل، بس ده مش وعد، دا نتيجه للى بنعمله.

–       الأمل موجود مادام ربنا موجود (ليس بالمعنى الروحانى أو الاغترابى).

–   ده مش العلاج الوحيد على كل حال، وانت حر (خاصة ونحن نعمل فى مؤسسة علاجيه تعليمية بها كل أنواع العلاج دون استثناء).

–       أديك حاتشوف بنفسك، بس ياللاُ.

–       واحدة واحدة على قد ما نشوف، واحنا نكمل.

ولا أعرف إلى أى مدى يفيد ذلك، ثم إننا لا نقيس الأمل بإقراره من جانب المريض أو بتأكيده من جانب المعالج (أو المعالجين) وإنما بالانتظام فى الحضور، والالتزام بالقواعد، ومدى التحمل، ونوع قفزات أو لمحات التغيير.

ويختلف تناول موضوع الأمل “كعامل فاعل فى العلاج” باختلاف نوع المجموعة طبعا، فمجموعات الادمان، أو مجموعات اضطرابات الشخصية، غير المجموعات غير المتجانسة من المرضى التى سوف يقتصر حديثى عنها والتى أشرت إليها سالفا، وهى مجموعات قصر العينى حصرا، وهم يمثلون شريحة اجتماعية متوسطة أو متوسطة دنيا أو دون المتوسطة تعالج بالمجان، ومن البديهى أن “العلاج الخاص بمقابل” يعتبر عاملا مهما فى قياس الأمل، وتقاس أهميته بالنسبة لكل فرد على حدة.

وفى الحالات التى يشارك فيها مرضى سابقون (مدمنون سابقون مثلا) كمعالجين بالذات، يبدو ذلك ردا عمليا لتأكيد ترجيح إيجابية النتائج، ومن هنا الأمل.

ومع تقدم عمر المجموعة، فإنها لا تعود إلى هذا السؤال عن الأمل المتوقع عادة، وقد لاحظنا أن المرضى يعزفون عنه تلقائيا، وأن المعالج يصبح أقل استعدادا للتطرق إليه، ويرجع ذلك عادة إلى أن أغلب أفراد المجموعة يكونون قد تلقوا إجابات عملية ضمنية كافية من واقع مسيرة العلاج، كما أنهم يكونون قد ألفوا بشكل واضح التعامل من خلال مبدأ “هنا والآن“، وهذا المبدأ يستبعد الحديث عن الأمل بشكل مباشر تلقائيا، لأن الأمل هو أمر يتعلق بالمستقبل الذى لا يحضر “هنا والآن” بشكل مباشر محدد.

وقد يعود الحديث عن الأمل بالنسبة لأفراد معينين فى أوقات بذاتها أورد بعضها فيما يلى:

(أ)  حين يبدو وكأن حالة المريض تسوء (ظاهريا على الأقل)، فتظهر أعراض جديدة ضد الشائع عن العلاج النفسى عموما، وأن المفروض فى العلاج أن “يريّح العيان”، أقول إنه من الطبيعى أنه حين يجد المريض نفسه يتألم أكثر، وهو يتحرك أصعب، فإن السؤال عن الأمل يكون طبيعيا.

(ب) فى أوقات “المرور فى المأزق” (المشى على الصراط) “المرور فى النار” Passing into Fire، وهى أوقات سنرجع إليها فى حينها بالتفصيل (خاصة مع بحث أ.د.نهى صبرى) يحتاج المريض فى هذه الأوقات أن يطمئن إلى أنه يمشى فى الطريق الصحيح حتى يتحمل آلام المأزق ولا يتعجّل فى الحكم على الموقف بالسلبية أو يسارع بالهرب إلى مايشبه الصحة Flight into health ، فيرتد إلى ما قبل المأزق.

(جـ) فى أوقات التحسن المرحلى سواء بعد المأزق، أو بدونه، فإن المريض قد يفرح بهذه النقلة النوعية وبالتالى يقفز إليه السؤال، هل هناك أمل فى أن يستمر فى نوعية هذه النقلة الجديدة أم أنها خدعة مؤقتة.

وفى جميع هذه الأحوال يلتزم المعالج بنفس الالتزامات السابقة التوصية بها، ولا يجيب عن التساؤلات بشكل مباشر، بل إنه يكون قد حصل على نتائج ودلائل تجيب نيابة عنه بشكل عملى وواقعى “وهنا والآن”.

ثم إن هذا التحريك للتساؤل عن الأمل، والحاجة إلى تدعيمه – كعامل علاجى كما يريد “يالوم” –  قد يقفز فى مستوى ما من الوعى عند أى فرد من أفراد المجموعة حتى لو لم يمر بهذه الاحتمالات أو مثلها، لأنه يتصور نفسه فى موقع المريض الذى زادت آلامه، أو ظهرت أعراض جديدة عليه أو وهو يمر بمأزق علاجىّ حتمى، وبالتالى قد يقفز داخله متسائلا وماذا لو جاء علىّ الدور؟ إلى أى مدى سوف احتمل إن لم يصلنى أمل فى نتيجة مؤكدة تعّوض كل هذا أو تبرره:

كل هذا عن الأمل وكيفية تناول إثارته فى المجموعة، أما كيف يكون الأمل “عاملا علاجيا” (بنص تعبير يالوم) دون تحفظ كاف فإننا نختلف فى ذلك معه فى أنه من المحتمل أن يكون عاملا معطلا إذا أبعدنا عن “هنا والآن” حتى لو كان الحوار يجرى بلغة مثالية أو قيمية  مثل أن يتكلم البعض ولو بدون قصد ظاهر عن قيم مثل “النمو” و”التطور” و”الحرية” و”الله” ومثل هذا الكلام الذى يبعدنا عادة – ككلام وليس كموقف – عن “هنا الآن” وقد يوفقنا فى أوهام مثالية تجعل الاحباط أقرب والبعد عن الواقع أكثر احتمالا.

فى خبرتنا لم ألاحظ أن الأمل فى ذاته هو بكل هذه الإيجابية إلا إذا امتد على بعد زمنى أطول يمكن اختباره فى “هنا والآن” وذلك مقارنة بإدراك (وليس بفهم أو اقتناع) ما يحدث مثلا فى الأجزاء شديدة القصر من الموقف أثناء المسيرة (أنظر بعد).

ثم إن “يالوم” لم يذكر بشكل محدد التفرقة الواجبة بين “الأمل الجاهز” و”الأمل المنطقى” و”الأمل المصنوع” من خلال الممارسة والتفاعل و”الأمل الواقعى” و”الأمل القاصر على الفرد” و”الأمل الممتد للجماعة” و”الأمل الممتد خارج الجماعة” (ناهيك عن الأمل الممتد إلى كل الناس ومابعد الناس) مع أن كل ذلك بدا لى كأنواع وتجليات فى تبادل ومراحل تساهم فى تحديد موقع ومرحلة الأفراد (أيضا المجموعة وسوف أعود إليها).

وبعد

إذا كانت هذه مناقشة سريعة لأول عامل أورده يالوم مما اسماه العوامل العلاجية، فهل نستمر فى مناقشة كل ما أورده، ومقارنته بما يجرى عندنا ومعنا؟ أم ننطلق من خبرتنا مباشرة؟

عموما هى تجربة لست واثقا من فائدة استمرارها، وسوف أورد فيما يلى مجرد العناوين التى وردت كعوامل علاجية فى هذا الفصل الأول من هذا الكتاب، ثم نرى.

زرع الأمل (تم التعليق عليه فى هذه النشرة) Instillation of Hope  1-
الشمولية Universality 2-
إبلاغ المعلومات Imparting Information   3-
الإيثار (الغيرية) Altruism 4-
الاستعادة التصحيحية لجماعة الأسرة الأولية The Corrective Recapitulation  of the Primary Family Group   5-
تنمية الأسلوب الاجتماعى Developing of Social Technique 6-
السلوك المُحاكاتى Imitating Behavior 7-
التفريغ Catharsis 8-
العوامل الوجودية Existential Factors 9-
تماسك المجموعة Group Cohesiveness   10-
التعليم البينشخصى Interpersonal Learning 11-
المجموعة ممثله لكون اجتماعى مصغر The Group as Social Microcosm   12

*****

ما رأيكم ؟ دام فضلكم!

ومتى ننتقل إلى ما ننتقل إليه.

The Yalom   Reader “Selections from the work therapist and storyteller”  Edited by: Irvin D. Yalom Copyright: 1998

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *