الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى العلاج الجمعى (17) من التعدد إلى التكامل “معا”: مفتوح النهاية

الأساس فى العلاج الجمعى (17) من التعدد إلى التكامل “معا”: مفتوح النهاية

نشرة “الإنسان والتطور”25-3-2013

الأثنين: 8-4-2013

السنة السادسة

 العدد: 2047 

كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (17)

من التعدد إلى التكامل “معا”: مفتوح النهاية

مقدمة:

انتهينا إلى أن الفكرة المركزية فى ممارستنا للعلاج الجمعى تنبع من فروض تعدد كيانات الوجود البشرى فى الفرد الواحد، وذلك فى طريقها المفتوح النهاية إلى الواحدية، وأن هذا يتحقق أكثر، وينشط علاجيا من خلال  تقنيات تتناول هذه المسألة بحرفية لعدد من المرضى (أو البشر عموما) بحيث يتخلق من معيتهم معا وعيا جماعيا يحتوى التعدد نحو كلٍّ يتوحد، وفى نفس الوقت يُنشط مسيرة النمو للأفراد فى محيط هذا الوعى الجمعى، وقد ذكرت أمس كيف عثرت على أطروحة باكرة لى تشرح هذه الفكرة المركزية التى تمثل المحور الأساسى فى ممارستنا للعلاج الجمعى طوال ما يقرب من نصف قرن، بما يتفق مع ما فى عمق ثقافتنا بشكل أو بآخر.

وها هى ذى اليوم وباكر مع تعديلات شكلية بسيطة، وتصحيح إملاء.

مجلة الإنسان والتطور

عدد اكتوبر 1981

الوحدة‏ ‏والتعدد‏ ‏فى ‏الكيان‏ ‏البشرى (1 من 2)

دراسة‏ ‏الإنسان‏ ‏شديدة‏ ‏الصعوبة، ‏شديدة‏ ‏الخطر، ‏فهى ‏شديدة‏ ‏الصعوبة‏ ‏منهجا، ‏شديدة‏ ‏الخطر‏ ‏جوهرا‏ ‏وعواقبا، ‏وحين‏ ‏أقول‏ “‏دراسة‏ ‏الإنسان‏” ‏فأنا‏ ‏إنما‏ ‏أعنى ‏دراسته‏ (1) ‏كيانا، (2) ‏وجوهرا، (3) ‏وتركيبا، (4) ‏وسلوكا، (5) ‏وغاية، (6) ‏وجزءا‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏إكبر، ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏إشاعة‏ ‏دراسة‏ ‏الإنسان‏ ‏كانت‏ -‏ومازالت‏- ‏تخضع‏ ‏لعوامل‏ ‏أخرى ‏غير‏ ‏حقيقتها‏ كما يلى:‏

‏1-‏ فالإنسان‏ ‏هو‏ ‏الشيء‏ ‏الممكن‏ ‏دراسته‏ ‏اعنى ‏أن‏ ‏الظاهرة‏ ‏الانسانية قد‏ ‏تختزل‏ ‏الى ‏ما‏ ‏يقع‏ ‏فى ‏قدرة‏ ‏أدوات‏ ‏الدراسة‏ ‏ومدى ‏المنهج‏ ‏المستعمل، ‏فاذا‏ ‏قصر‏ ‏المنهج‏  ‏عن‏ ‏رؤية‏ ‏بعد‏ ‏ما‏ ‏فى ‏الوجود‏ ‏البشرى ‏فالحل هو إهمال‏ ‏هذا‏ ‏البعد‏ واعتباره ‏غير‏ ‏موجود‏ ‏أصلا‏ ‏ضمن‏ ‏الظاهره‏ ‏الانسانية، ‏وهذا‏ ‏موقف‏ ‏متواضع‏ ‏عاجز، ‏ورغم‏ ‏أنه‏ ‏عملى ‏ومنطقى، ‏الا‏ ‏أن‏ ‏الحماس‏ ‏ضاعف‏ ‏من‏ ‏عملية‏ ‏الإنكار‏ ‏هذه‏ ‏حتى ‏أصبح‏ ‏الإنسان‏ ‏مجموعة‏  ‏ظواهر‏ ‏قابلة‏ ‏للقياس‏ ‏والفحص‏ ‏حتى ‏ولو‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏كذلك‏ ‏فقط، ‏أو‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏كذلك‏ ‏أصلا‏.‏

‏2- ‏ثم‏ ‏تأتى ‏فى ‏الطرف‏ ‏الآخر‏ ‏دراسة‏ ‏الانسان‏ ‏من‏ ‏منطلق‏ ‏محتوياته: ‏الانسان‏ ‏هو‏ ‏مجموع‏ ‏ما‏ ‏يحوى ‏من‏ ‏مخزون‏ ‏وطاقة‏  ‏يحددان‏ ‏سلوكه‏ ‏ومعالمه‏ ‏جميعا، ‏وتخضع‏ ‏دراسة‏ ‏هذا‏ ‏الذى ‏يحتويه‏ ‏هذا‏ ‏الوعاء‏ ‏لاستنتاجات‏ ‏منطقية‏ ‏وعينات‏ ‏محتملة‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏المحتوى ‏وتفسيرات‏ ‏رمزية‏ ‏تترجم‏ ‏هذا‏ ‏المحتوى ‏إلى ‏تصور‏ ‏ممكن‏.‏

ويتساوى ‏هذان‏ ‏الإتجاهان‏ ‏فى ‏أنهما‏ ‏يجعلان‏ ‏الإنسان‏ ‏مجموعة‏ ‏أجزاء، ‏سواء‏ ‏كانت‏ ‏نتاج‏ ‏جزئيات‏ ‏السلوك، ‏أم‏ ‏تراكمات‏ ‏المحتوى ‏فهل‏ ‏هو‏ ‏كذلك؟

‏3- ‏وهنا‏ ‏يقفز‏ ‏إلينا‏ ‏مفهوم‏ ‏كلى ‏شاع‏ ‏منذ‏ ‏الخمسينات، ‏يتناول‏ ‏الإنسان‏ ‏باعتباره‏ “‏كيانا‏ ‏كليا‏ ‏واعيا‏ ‏وإراديا‏” ‏وقد‏ ‏سمى ‏أغلب‏ ‏المتدرجين‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏الإتجاه‏ ‏باسم‏ ‏شامل‏ ‏غير‏ ‏واضح‏ ‏المعالم‏ ‏وهو‏ ‏الاتجاه‏ ‏الإنساني‏، ‏واستعملوا‏ ‏لغة‏ ‏عامة‏ ‏أقرب‏ ‏الى ‏لغة‏ ‏الشعر‏ ‏متصورين‏ ‏أنهم‏ ‏بذلك‏ ‏قد‏ ‏تخطوا‏ ‏التجزيء‏ ‏والتفتيت، ‏إلا‏ ‏أنهم‏ ‏فى ‏حماسهم‏ ‏نحو‏ ‏الكلية‏ ‏ضد‏ ‏الجزئية‏ ‏قد‏ ‏تخطوا‏ ‏أيضا‏ ‏إحتمال‏ ‏التعدد‏ ‏أصلا، ‏وأصبح‏ ‏الانسان‏ ‏لديهم‏ ‏وحدة‏ ‏نامية‏ ‏بشكل‏ ‏متصل، ‏وهم‏ ‏لم‏ ‏يبسطوا‏ ‏الأمر‏ ‏لدرجة‏ ‏التسطيح‏  ‏الذى ‏قد‏ ‏يبدو‏ ‏من‏ ‏ظاهر‏ ‏تقديمى ‏فالانسان‏ ‏عندهم‏ ‏كيان‏ ‏مركب‏ ‏شديد‏ ‏التعقيد‏ ‏والتكثيف‏، ‏لكن‏ ‏تركيز‏ ‏هذا‏ ‏الاتجاه‏ ‏على ‏كلية‏ ‏ووحدة‏ ‏الإنسان‏ ‏يتخطى ‏بشكل‏ ‏ما‏ ‏احتمال‏ ‏تعدد‏ ‏تركيبه‏ ‏ووجوده‏ ‏جميعا‏.‏

فالاتجاهات‏ ‏الثلاثة‏ ‏قد‏ ‏سلمت‏ ‏بشكل‏ ‏أو‏ ‏بآخر‏ باعتبار‏ ‏الانسان‏”‏وحدة‏” – من البداية للنهاية – ‏بشكل‏ ‏أو‏ ‏بآخر، ‏وهذا‏ ‏أمر‏ ‏بديهى ‏بل‏ ‏وضرورى ‏لأنه‏ تترتب‏ ‏عليه  ‏أمور‏ ‏عملية‏ ‏ووظيفية‏ ‏لا‏ ‏تحتمل‏ ‏غير‏ ‏ذلك، ‏فأى ‏فرد‏ ‏كائنا‏ ‏ما‏ ‏كان‏ ‏وبغض‏ ‏النظر‏ ‏عن‏ “‏ما‏ ‏هو‏”، ‏هو‏ ‏يقوم‏ ‏من‏ ‏نومه‏ ‏ويغسل‏ ‏وجهه‏ ‏ويذهب‏ ‏الى ‏عمله‏ ‏ويحيى ‏الناس‏ ‏ويكسب‏ ‏قوت يومه‏ … ‏الى ‏آخره، ‏وعامة‏ ‏النـاس‏ ‏لا‏ ‏تقبل‏ ‏فى ‏أى ‏شخـص‏ ‏كائنا‏ ‏من‏ ‏كـان‏ ‏هـو، (‏أو‏ ” ‏مـا‏ ‏هو‏”) ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏غير‏ ‏ذلك‏ ، ‏ولا‏ ‏تستطيع‏ ‏أن‏ ‏تعامله‏ ‏إلا‏ ‏بصفته‏  ‏الواحدية‏ ‏المفردة‏ ‏واذا‏ ‏ما‏ ‏كان‏ ‏الأمر‏ ‏غير‏  ‏ذلك، ‏فإن‏ ‏الدهشة‏ ‏تبدأ، ‏والأحكام‏ ‏تصدر، ‏فاذا‏ ‏كان‏”‏هو‏” ‏أحيانا‏ “‏هو‏”، ‏وأحيانا‏ ‏ليس‏ “‏هو‏” ‏وإنما‏ ‏هو‏ ‏آخر، (وفى ‏الحالين‏ ‏فهو‏ ‏واحد‏ ‏مفرد‏) ‏قيل‏ ‏أنه‏ ‏متقلب‏ ‏أو‏ ‏غريب‏ ‏الأطوار‏ ‏أو‏ ‏ذو‏ ‏وجهيـن‏، ‏وقد‏ ‏يتحذلق‏ ‏البعض‏ ‏فيصفونه‏ ‏بالازدواج، ‏فإذا‏ ‏إزدادت‏ ‏الحذلقة‏ ‏وصُف‏ ‏بالانفصام‏ ‏وهلم‏ ‏جرا، ‏وهذه الأوصاف تختلط‏ ‏فى ‏أذهان‏ ‏العامة‏ ‏وعلى ‏ألسنتهم‏  ‏بعضهما‏ ‏ببعض، ‏كما‏ ‏أنها تعنى‏ ‏التعدد‏ (‏أو‏ ‏الازدواج‏) ‏فى ‏أزمان‏ ‏مختلفة‏ ‏وليس‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت عادة‏.‏

فاذا‏ ‏كان‏ ‏الأمر‏ ‏كذلك‏ ‏عند‏ ‏العامة، ‏فهل‏ ‏يكون‏ ‏هو‏ ‏كذلك‏ ‏عند‏ ‏العلماء؟‏ ‏حتى ‏هذه‏ ‏المرحلة‏ ‏من‏ ‏التقديم‏ ‏يبدو‏ ‏أنه‏ ‏كذلك‏  ‏أيضا‏ ‏عند‏ ‏العلماء، ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏المتأمل‏ ‏للغة‏ ‏المستعملة‏ ‏فى ‏بعض‏ ‏النظريات‏ ‏النفسية‏ ‏سوف‏ ‏يكتشف‏ ‏أن‏ ‏الإشارة‏ ‏ظهرت‏ ‏من‏ ‏قديم‏ ‏تشير‏ ‏إلى ‏إحتمال‏ ‏التعدد‏ ‏فى ‏الكيان‏ ‏البشرى الفرد ‏فى ‏آن‏ ‏واحد، ‏رغم‏ ‏ظاهر‏ ‏الوحدة‏ ‏والتفرد‏.‏

‏(‏أ‏) ‏ويمكن‏ ‏أن‏ ‏نبدأ‏ ‏بالإشارة‏ ‏الى ‏حدس‏ ‏يونج‏ ‏الأعمق‏ ‏لما‏ ‏هو‏ ‏كيان‏ ‏داخلى ‏سواء‏ ‏فى ‏إشارته‏ ‏الى “‏القناع‏” (السلوك‏ ‏الخارجي‏) ‏فى ‏مقابل‏ ” ‏الظل‏” ( ‏الكيان‏ ‏الداخلى‏) ‏أو‏ ‏إشارته‏ ‏إلى ” ‏الانيما‏” ‏فى ‏مقابل‏ ” ‏الأنيمس‏” (بمعنى ‏وجود‏ ‏الكيان‏ ‏الأنثوى ‏داخل‏ ‏الإنسان‏ ‏الذكر‏ ‏والكيان‏ ‏الذكرى ‏داخل‏ ‏الإنسان‏ ‏الأنثي‏)، ‏ثم‏ ‏وهو‏ ‏يشير‏ ‏الى ‏النماذج‏ ‏المتوارثة‏ ‏عبر‏ ‏الأجيال، ‏بل‏ ‏عبر‏ ‏الأحياء‏ ” ‏الأركيتايب‏”  Archetypes، ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏إنما‏ ‏يدل‏ ‏على ‏تركيبات‏ ‏تنظيمية‏ ‏متكاملة‏ ‏تمثل‏ ‏كيانات‏ ‏لا‏ ‏أجزاء‏.            ‏

‏(‏ب‏) ‏ثم‏ ‏يأتى ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏بعض‏ ‏الفكر‏ ‏التحليلى ‏الأحدث‏ ‏ليكلمنا‏ ‏عن‏ ” ‏الأنا‏ ‏الناكص‏” ‏و‏” ‏الأنا‏ ‏المضاد‏ ‏للذة‏”) ‏المضاد‏ ‏لليبيدو ego‏aintilibidinal )، ‏و‏”‏الأنا‏ ‏اللذى ‏الليبيدى‏”ego ‏Libidinal  وكيف‏ ‏أن‏ ‏هذه‏ ‏الكيانات‏ ‏التى ‏هى ‏فى ‏الداخل‏ ‏لها‏ ‏شخصيتها‏  ‏وصفتها‏ ‏وطلباتها‏ ‏و‏ “‏حضورها‏” ‏ومظاهرها‏ ‏الصريحة‏ ‏فى ‏الحلم‏ ‏والجنون، ‏ومظاهرها‏ ‏الخفية‏ ‏الرمزية‏ ‏فى ‏العصاب‏ ‏وبعض‏ ‏السواء، ‏وكل‏ ‏ذلك‏ ‏ بلغة ‏مدرسة‏ “‏العلاقة‏ ‏بالموضوع‏” Object  Relation Theory  ، ‏ثم‏ ‏يأتى ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏ذكر‏ ‏المواضيع‏ ‏الداخلية‏  Internal     Object ‏لا‏ ‏لتشير‏ ‏الى ‏محتويات‏ ‏الوعاء‏ ‏الإنسانى ‏كجزئيات‏ ‏متجمعة‏ ‏أو‏ ‏ذكريات‏ ‏قابلة‏ ‏للاسترجاع، ‏وإنما‏ ‏لتشير‏ ‏إلى ‏الحياة‏ ‏الداخلية‏ ‏الحاوية‏ ‏للموجودات‏ ‏الكيانية‏ ‏التنظيمية، ‏ورغم‏ ‏تسمية‏ ‏هذه‏ ‏المدرسة‏ ‏لهذه‏ ‏المحتويات‏ ‏بالمواضيع‏ ‏الداخلية‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏المتعمق‏ ‏فى ‏المعنى ‏المراد‏ ‏سوف‏ ‏يجد‏ ‏أنها‏ ‏إنما‏ ‏تعنى ‏شخوصا‏ ‏بأكملها‏ ‏فى ‏داخلنا، ‏لا‏ ‏مجرد‏ ‏مواضيع، ‏وكيفية‏ ‏تواجد‏ ‏هذه‏ ‏الشخوص‏ ‏فى ‏الداخل‏ ‏لا‏ ‏ينبغى ‏أن‏ ‏تؤخذ‏ ‏بمعنى ” ‏الوعاء‏ ‏والمحتوي‏” ‏لأن‏ ‏الوعاء – فى النهاية -‏ ‏هو‏ ‏هو‏ ‏المحتوى ‏كما‏ ‏سنرى‏.‏

(جـ) ‏وفى ‏ضربة‏ ‏حدس‏ (1) ( ‏وهى ‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏ضربة‏ ‏حظ، ‏ومأزق‏  ‏وعى‏)  ‏يرى إريك‏ ‏بيرن‏ – ‏صاحب‏ ‏مدرسة‏ ‏التحليل‏ ‏التفاعلاتى – ‏الإنسان‏ ‏أمامه‏ ‏متعددا‏ ‏بشكل‏ ‏واضح‏ ‏ومميز، ‏ويعيد‏ – ‏بتواضع‏ ‏شديد‏ – ‏رسم‏ ‏خريطه‏ ‏الكيان‏ ‏البشرى ‏فى ‏صورة‏ “‏تثليثية‏” ‏محددة‏ ( ‏الأنا‏ ‏الوالدى ‏والأنا‏ ‏اليافع‏- ‏الناضج‏- ‏والأنا‏ ‏الطفلي‏)، ‏كيانات‏ ‏وتنظيمات‏ (‏لا‏ ‏مجرد‏ ‏أجزاء‏ ‏ودوافع‏ ‏وطاقه‏ ‏محكومة‏ ‏وقوى‏) ‏تتبادل‏ ‏وتتعاون‏ ‏وتتنافر‏ ‏وتتصارع‏ ‏وتتعدد‏ ‏وتنمو‏ (‏فى ‏بعضها‏ ‏مع‏ ‏بعض‏) ‏إلى ‏كيانات‏ ‏أكبر‏ ‏فأكبر‏ ‏وهكذا،  ‏وينشىء‏ “‏بيرن‏” ‏نظرية‏ ‏تركيبية‏ ‏متكاملة‏ ‏تبدأ‏ ‏بالتحليل‏ ‏التركيبى Structural  Analysis  ‏وتمتد‏ ‏الى ‏التحليل‏ ‏التفاعلاتى Transactional Analysis ‏الذى ‏يعنى ‏ببساطة‏: ‏أنه‏ ‏ما‏ ‏دام‏ ‏التركيب‏ ‏البشرى ‏متعدد‏ ‏الشخوص، ‏فان‏ ‏التفاعل‏ ‏بين‏ ‏شخص‏ ‏وآخر‏ ‏ليس‏ ‏تفاعلا‏ ‏بين‏ ‏شخص‏ ‏واحد‏ ‏وآخر‏ ‏واحد، ‏بل‏ ‏انه‏ ‏يجرى ‏على ‏مستويات‏ ‏متعددة‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏اللحظة‏ ‏وتشير‏ ‏هذه‏ ‏المستويات‏ ‏الى ‏علاقات‏ ‏متبادلة‏ ‏ومتداخلة‏ ‏بين‏ ‏هذه‏ ‏الزحمة‏ ‏من‏ ‏الكيانات‏ ‏بعضها‏ ‏مع‏ ‏بعض، وهذا ما ‏يحدث‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏وكل‏ ‏لحظة‏ ‏فى ‏الاحوال‏ ‏العادية‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏اللحظة‏ ‏وإن‏ ‏كان‏ ‏لا‏ ‏يظهر‏ ‏على ‏السطح‏ ‏إلا‏ ‏مستوى ‏ظاهر‏ ‏واحد‏ ‏فقط‏ (‏للناظر‏ ‏غير‏ ‏المدقق‏ ‏طبعا‏).‏

وتنتشر‏ ‏هذه‏ ‏النظرية، ‏ويشاع‏ ‏استعمالها، ‏ثم‏ ‏يساء‏ ‏استعمالها‏ ‏لأنها‏ ‏تؤخذ‏ ‏من‏ ‏مدخل‏ ‏التبسيط‏ ‏والإختزال، ‏أكثر‏ ‏مما‏ ‏تؤخذ‏ ‏من‏ ‏مدخل‏ ‏التركيب المتداخل‏ ‏والمسار‏ ‏النموى ‏المعقد‏.‏

ولا‏ ‏تكتفى ‏هذه‏ ‏النظرية‏ ‏بالحديث‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ “‏التثليث‏” ‏للكيان‏ ‏البشرى ‏بل‏ ‏تتحدث‏- ‏دون‏ ‏وضوح‏ ‏كاف‏ -‏عما‏ ‏أسمته‏ “‏وحدات‏ ‏الأنا‏” Ego Units ‏التى ‏يتركب‏ ‏منها‏ ‏الكيان‏ ‏البشرى، ‏والناظر‏ ‏المتفحص‏ ‏الى ‏ما‏ ‏يعنيه ‏هذا‏ ‏التعبير‏ ‏يكتشف‏ ‏ان‏ ‏هذه‏ ‏الوحدات‏ ‏ليست‏ ‏إلا‏ ‏كيانات‏ (‏شخوصا‏) ‏متكاملة‏ ‏متراكمة‏ ‏يتكون‏ ‏منها‏ ‏وبها‏ ‏الوجود‏ ‏البشرى ‏المفرد‏.‏

‏(‏د‏) ‏ثم‏ ‏تأتى ‏ممارستنا ‏الإكلينيكية‏ ‏الخاصة‏ تطبيقا (‏منهجيا‏: ‏هى أقرب إلى المنهج‏ ‏الفينومينولوجى) ‏لهذا‏ ‏المنطلق، ‏فأواجه‏ “‏الزحمة‏” ‏المتناهية‏ ‏داخل‏ ‏التركيب‏ ‏البشرى ‏فى ‏الجنون‏ ‏والحلم‏ ‏والشعر خاصة (2)، ‏ ‏‏وكل‏ ‏التجارب‏ ‏القريبة‏ ‏والموازية‏ ‏لهذه‏ ‏الخبرات‏ ‏الإنسانيه‏ ‏المركبه، ‏وتؤكد‏ ‏لى ‏مشاهداتى ‏ومعايشاتى ‏طبيعة‏ ‏هذا‏ ‏التعدد‏ ‏والتكاثف‏، ‏وأتبين‏ ‏أن‏ ‏التعلم‏ ‏بالبصم‏ (الطبع‏)Learning by Imprinting ‏ليس‏ ‏سوى ‏انطباع‏ ‏كيانات‏ ‏خارجية‏ ‏على ‏الجوهر‏ ‏الانسانى ‏المتلقى ‏النامى، ‏لتُسْتَوعب‏ ‏وتُمثل ‏Assimilated   ‏فيما‏ ‏بعد، ‏أو‏ ‏تظل‏ ‏قلقة‏ ‏جاهزة‏ ‏للتعتعة‏ ‏فى ‏الحلم‏ ‏والشعر‏ ‏والجنون‏ ‏وما‏ ‏إليها‏. ‏

مخاطر ومفاجآت للشخص العادى:

ولهذا‏ ‏المدخل أهمية خاصة‏ ‏بالنسبة‏ ‏للشخص‏ ‏العادى، كما له مخاطر لا تخفى أيضا‏:‏

إن‏ ‏تغير‏ ‏النظرة‏ ‏إلى ‏الإنسان‏ ‏كوحدة‏ ‏إستاتيكية‏ (‏أو‏ ‏حتى ‏ديناميكية‏) ‏إلى ‏إعتباره‏ “مجمع‏ ‏شخوص‏” ‏يمثل‏ ‏موجزا‏ ‏للتاريخ‏ ‏ومحتوى ‏العالم‏ ‏فى ‏آن‏ ‏واحد، ‏خليق‏ ‏بأن‏ ‏يقلب‏ ‏كثيرا من‏ ‏الموازين‏ ‏السائدة‏ ‏حاليا‏ ‏عن‏ ‏مفهوم‏ ‏الإنسان‏ ‏ومفهوم‏ ‏الحضارة‏ ‏ومفهوم‏ ‏النمو‏ ‏الفردى ‏ومفهوم‏ ‏التطور‏ ‏البشرى ‏جميعا، بما فى ذلك من مخاطر ومفاجآت وفيما يلى بعض الأمثلة:

‏(‏أ‏) ‏ماذا‏ ‏يكون‏ ‏موقف‏ ‏الشخص‏ ‏العادى ‏أمام‏ ‏نفسه‏ ‏؟‏ ‏صورته‏ ‏لذاته؟‏ ‏فخره‏ ‏بها؟‏ ‏تحديده‏ ‏لها‏ ‏؟‏ ‏لأنه‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ “هو‏” ‏ليس‏ “‏هو‏” ‏بل‏ “هم‏” ‏أو‏ “‏نحن‏ ” ‏فكيف‏ ‏يتحدد‏ ‏أو‏ ‏يتميز؟‏ ‏وبأى واحد من “هؤلاء يفخر؟”

‏(‏ب‏) ‏ماذا‏ ‏يكون‏ ‏الموقف‏ ‏من‏ ‏قرار‏ ‏الشخص‏ ‏لنفسه، ‏وإختياره‏ ‏لفعله؟‏ ‏من‏ ‏الذى ‏اختار‏‏؟‏ ‏ومن‏ ‏المسئول‏‏؟‏ (‏وقد‏ ‏يمتد‏ ‏هذا‏ ‏البعد‏ ‏إمتدادا‏ ‏خطرا‏ -ولو من الناحية النظرية- ‏ليشمل‏ ‏المسؤولية‏ ‏الجنائية‏…..، ‏تصور‏!!)‏

‏(‏ج‏) ‏كيف‏ ‏نعامل‏ ‏بعضنا‏ ‏بعضا، ‏وكيف‏ ‏نتفق‏ ‏ونتحاب‏ ‏ونحن‏ ‏قد‏ ‏أصبحنا‏ ” ‏حفلة‏” ‏موجودات‏ ‏ولسنا‏ ‏إرادة‏ ‏أفراد؟

ويمكن‏  ‏أن‏ ‏نستطرد‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏التساؤلات‏ ‏الى ‏مدى بعيد، حتى‏ ‏نستشعر‏ ‏الخطر‏ ‏الأكبر‏ ‏الذى ‏أدى ‏بعضه‏ ‏الى ‏سوء‏  ‏إستعمال‏ ‏نظرية‏ ‏التحليل‏ ‏التفاعلاتى ‏حتى ‏أصبح‏ ‏المخطيء‏- ‏كمثال‏ ‏من‏ ‏الحياة‏ ‏العادية‏ – ‏يقول‏ “‏لعن‏ ‏الله‏ ‏طفلى‏” (Dam my Child)  ‏يعنى ‏بذلك‏ ‏أن‏ ‏المسئول‏ ‏عن‏ ‏الخطأ‏ ‏أو‏ ‏التقصير‏ ‏هو‏ ‏ذلك‏ ‏الكيان‏  ‏الطفلى ‏الداخلى ‏يقول‏ ‏ذلك‏ ‏بدلا‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏يتألم‏ ‏من‏ ‏المسئولية‏ ‏هو‏ ‏ككل‏ ، ‏ويتعلم‏ ‏من‏ ‏الخطأ‏….‏وقس‏ ‏على ‏ذلك‏.‏

و‏‏الآن‏ …

إذا‏ ‏كان‏ ‏القبول‏ ‏بهذا‏ ‏التعدد‏ ‏هو‏ ‏فتح‏ ‏لباب‏ ‏سلبيات‏ ‏لا‏ ‏نعرف‏ ‏الى ‏أين‏ ‏ستؤدى ‏بنا، ‏أفلا‏ ‏يكون ذلك مبرر الآن‏  ‏ننكره‏ ‏إبتداء؟ وهنا‏ ‏يبدأ‏ ‏الخطر‏ ‏على ‏العلم‏ ‏والمعرفة، ‏حين‏ ‏يصبح‏ ‏الاعتراف‏ ‏بالحقيقة‏ ‏الفعلية‏ ‏أو‏ ‏المحتملة جدا‏ ‏معتمدا‏ ‏على ‏آثارها‏ ‏وليس‏ ‏على ‏حقيقتها‏ ‏الذاتية، ‏فاذا‏ ‏صح‏ ‏أن‏ ‏الكيان‏ ‏البشرى ‏الفرد‏ ‏هو‏ ‏بالضروة‏ ‏عدة‏ ‏شخوص‏ ‏بعضها‏ ‏فى ‏بعض، ‏وصح‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏المفهوم‏ ‏هو‏ ‏مفهوم‏ ‏خطر – من حيث المبدأ -‏ ‏على ‏حدود‏ ‏الذات‏ ‏وعلى ‏استمرار‏ ‏النمو‏ ‏وتحديد‏ ‏المسئولية‏ ‏فلابد‏ ‏أن‏ ‏حلقة‏ ‏مفقودة‏ ‏تكمن‏ ‏بين‏ ‏هذا‏ ‏الذى ‏صح، ‏وذاك‏ ‏الذى ‏صح‏ ‏بما‏ ‏أن‏ ‏الكائن‏ ‏البشرى ‏قد‏ ‏أثبت‏ ‏بالتاريخ‏ ‏ثبات‏ ‏خطاه‏ ‏نحو‏ ‏التقدم، ‏وهنا‏ ‏يبدا‏ ‏البحث‏ ‏الجاد‏ ‏بكل‏ ‏ما‏ ‏يصحبه‏ ‏من‏ ‏معاناة‏ ‏عن‏ ‏تلك‏ ‏الحلقة‏ ‏المفقودة‏.

فما‏ ‏الحل‏ ‏إذا؟

الحل‏ ‏الأسهل‏ ‏هو‏ ما أشرنا إليه حالا وهو أن‏ ‏نسارع‏ ‏فننكر‏ ‏هذا‏ ‏التعدد‏ ونقصره على درجته القصوى من ‏التناثر‏ ‏فى الجنون‏ ‏وخاصة‏ “‏جنون‏ ‏الفصام‏” ‏تحت‏ ‏عناوين‏ ‏عرضية‏ ‏مثل‏ “‏فقد‏ ‏أبعاد‏ ‏الذات، Loss of Ego Bounderies ‏وتعدد‏ ‏الكيانات، ‏وتساوى ‏التكافؤ‏” ‏وأمثال‏ ‏هذه‏ ‏التعبيرات‏ ‏التى ‏تشير‏ ‏إلى ‏أن‏ ‏التعدد‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏إلا‏ ‏مرض‏ ‏بالضرورة؟

ولكن‏ ‏ماذا‏ ‏عن‏ ‏الحلم‏ ‏؟‏ ‏هذه‏ ‏الشخوص‏ ‏التى ‏تظهر‏ ‏فى ‏الحلم‏ ‏أليست‏ ‏كيانات‏ ‏متعتعة‏ ‏من‏ ‏الوحدة‏ ‏ظاهرة‏ ‏التماسك‏ ‏فى ‏اليقظة؟‏ ‏أليست‏ ‏هى ‏جزء ‏من‏ ‏تكويننا‏ ‏الداخلى ‏حيث‏ ‏المحتوى ‏هو‏ ‏الوعاء‏ ‏ذاته‏ ‏كما‏ ‏ذكرنا؟

قد‏ ‏يأتى ‏الرد‏ ‏أنها‏ ‏ليست‏ ‏سوى ‏ذكريات‏ ‏مسجلة‏ ‏قد‏ ‏يسمح‏ ‏لها‏ ‏بالإستعادة‏ ‏بشكل‏ ‏خاص‏ ‏فى ‏غياب وعى اليقظة‏ ‏أثناء‏ ‏النوم، ‏لكن‏ ‏الدراسات‏ ‏العميقة‏ ‏والمتأنية‏ ‏تكشف ‏ان‏ “‏الحلم‏ ‏فعلٌ‏ ‏كيانى” نوابى تنظيمّى مستقل ‏وليس‏ ‏تكرارا‏ ‏ذهنيا‏ ‏مسطحا، ‏وأنه‏ ‏إعادة‏ ‏خلاقة‏ ‏وليس‏ ‏استعادة‏ ‏متناثرة فقط، ‏وأن‏ ‏وظيفته‏ ‏تشكيليه‏ “‏تمثيلية‏” Assimilative ‏وليست‏ ‏مجرد‏ ‏وظيفة‏ ‏تفريغية‏ ‏ترويحية، ‏فأين‏ ‏نخفى ‏كل‏ ‏هذه‏ ‏المعطيات‏ ‏هربا‏ ‏من‏ ‏مواجهة‏ ‏حقيقة‏ ‏تعددنا؟

ثم‏ ‏يأتى ‏الشعر‏ ‏ليعرى ‏كيان‏ ‏الشاعر‏ (‏الانسان‏) ‏الذى ‏يصب‏ ‏وجوده‏ ‏فى ‏ألفاظ‏ ‏لها‏ ‏كيانها‏ ‏الجديد‏ ‏ووظائفها‏ ‏الجديدة‏. ‏اذ‏ ‏ترسم‏ ‏الصورة‏ ‏الجديدة‏ ‏فى ‏إطار‏ ‏النغم‏ ‏الجديد، ‏يعلن‏ ‏الشاعر‏ ‏هذا‏ ‏التعدد‏ ‏مباشرة‏ ‏ويحاول‏ ‏بكل‏ ‏وسيلة‏ ‏فنيه‏ ‏أن‏ ‏يؤلف‏ ‏بين‏ ‏تراكيبه‏ ‏وشخوصه، ‏فتنطلق‏ ‏من‏ ‏تحت‏ ‏عباءته‏ ‏الكيانات‏ ‏قادمة‏ ‏من‏ ‏كهوف‏ ‏التاريخ، ‏وتناقضات‏ ‏الحاضر‏، ‏متجهة‏ ‏إلى ‏صنع‏ ‏الولاف‏ ‏الأعلى ‏فى ‏توليد‏ ‏الآلهه‏ ‏فى ‏طريقها‏ ‏الى ‏الاله‏ ‏الواحد‏ ‏الأحد، ‏وليس‏ ‏هذا‏ ‏مجال‏ ‏أمثلة ‏أو‏ ‏تفاصيل، ‏إلا‏ ‏أنى ‏أعلن‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏الإستطراد‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏المدخل‏ ‏الأصعب‏ ‏لاستيعاب‏ ‏الشعر‏ ‏واستقبال‏ ‏رسالاته‏ ‏المكثفة، ‏ولكن‏ ‏الذى ‏يهمنا‏ ‏هنا‏ ‏هو‏ ‏دلالة‏ ‏هذا‏ ‏التعدد‏ ‏والتناقض‏ ‏والتكثيف‏ ‏والقدرة‏ ‏على ‏التحول‏ (‏مثلا‏) “… ‏التى ‏تجعل‏ ‏من‏ ‏حضور‏ ‏مهيار‏ ‏ذاته عند أدونيس‏ ‏نفيا‏ ‏واثباتا، ‏خلقا‏ ‏وتدميرا‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏” (3)  ‏وهذا‏ ‏التعدد‏ ‏الذى ‏يشمل‏  ‏الذوات‏ ‏والطبيعة‏ ‏وما‏ ‏بعدها‏ ‏فى ‏حركة‏ ‏ذاتية‏ ‏نحو‏ ‏إعادة‏ ‏التنظيم‏ ‏وتنظيم‏ ‏اللقاءات‏ ‏فى ‏الكيان‏ ‏المتخلق‏ ‏الجديد‏… ‏يجدها‏ ‏كل‏ ‏قارئ‏ ‏يقظ‏ ‏شجاع‏ ‏فى ‏كل‏ ‏شعر‏ ‏حقيقى  (4)

هنا‏ ‏يجدر‏ ‏بنا‏ ‏أن‏ ‏نتوقف‏ ‏لنحل‏ ‏هذا‏ ‏التناقض‏ ‏الظاهر‏:‏

‏1- ‏الانسان‏ ‏متعدد‏ ‏فى ‏كيان‏ ‏ظاهرى ‏واحد‏. ‏

‏2-‏التعدد‏ ‏خطر‏ ‏وقد‏ ‏يفتح‏ ‏أبواب‏ ‏السلبية‏ ‏والتناثر ما لم يواصل التقدم

‏3- ‏فالإنسان‏ ‏مستمر، ‏حاله كونه يتقدم‏ مضطرد النمو

وغدًا نكمل عن التعدد وعلاقته بالزمن والمسار والمآل.

[1]- بدأت‏ ‏هذه‏ ‏الرؤية، ‏ثم‏ ‏هذه‏ ‏النظرية‏ ‏لما‏ ‏بدأ‏ ‏أريك‏ ‏بيرن‏ ‏يعتقد‏ ‏فى ‏حدسة‏ ‏الإكلينيكى ‏وقدرته‏ ‏على ‏الوصول‏ ‏إلى ‏مهنة‏ ‏الجندى ‏القادم‏ ‏للكشف‏ (‏وكان‏ ‏بيرن‏ ‏أيامها‏ ‏يخدم‏ ‏فى ‏الجيش‏) ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يسأله‏ ‏عليها، ‏وثبت‏ ‏لديه‏ ‏أن‏ ‏هذه‏ ‏القدرة‏ ‏أعلى ‏من‏ ‏مجرد‏ ‏الصدفة، ‏حيث صدق حدسه فى تحديد مهنة نسبة المترددين على العيادة دون سؤالهم أعلى بكثير من زميله الطبيب المجند الذى كان يحاوره ويقوم مستقلا بنفس التجربة، وخلص من ذلك إلى أن المسألة‏ ‏تحتاج‏ ‏إلى ‏لحظة‏ ‏استعداد‏ ‏خاص‏ ‏من‏ ‏شخص‏ ‏بذاته‏ ‏وأنه‏ ‏يمكن‏ ‏تنميتها، ‏ثم‏ ‏تسلسلت‏ ‏الرؤى ‏وتعاقب‏ ‏التنظير حتى اكتملت نظريته.

[2] – كما فى فنون‏ ‏أخرى ‏لا‏ ‏مجال‏ ‏للتطرق‏، وكذا فى التصوف‏، ‏الذى  ‏لم‏ ‏أذكره الآن‏ ‏‏لأنه‏ ‏خبرة‏  ‏معقدة‏ ‏تجمع‏ ‏هذه‏ ‏الأطراف‏ ‏جميعا، ‏وهى ‏غير‏ ‏قابلة‏ ‏للدراسة‏ العادية ‏بشكل‏ ‏مباشر‏ ‏بحيث‏ ‏لا‏ ‏يفيد‏ ‏الإستشهاد‏ ‏بها‏ ‏هنا‏. ‏

[3] – أقنعة‏ ‏الشعر‏ ‏المعاصر‏: ‏مهيار‏  ‏الدمشقى ( ‏جابر‏ ‏عصفور‏) ‏مجلة‏ ‏فصول‏ ( ‏يوليو‏ 1981) ‏السنة‏ ‏الأولى ‏المجلد‏ ‏الأول‏ – ‏العدد‏ ‏الرابع‏.‏

[4] –  ‏ومثال‏ ‏عابر‏ ‏ ‏- ‏خشية‏ ‏الإستطراد‏- ‏يقول‏: ” ‏فينيق‏ ‏مت، ‏فينيق‏ ‏ولتبدأ‏ ‏بك‏ ‏الحرائق، ‏لتبدا‏ ‏الشقائق‏” ‏أو‏ “‏مزدوج‏ ‏أنا، ‏مثلث‏”… (‏نفس‏ ‏الشاعر‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏المقال)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *