الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى الطب النفسى ملف الاضطرابات الجامعة (23) الواحدية‏ ‏والذات‏ ‏والجسد‏، ووظائف الأنا “ماهية الشخص فى الْيَتَكوّن”

الأساس فى الطب النفسى ملف الاضطرابات الجامعة (23) الواحدية‏ ‏والذات‏ ‏والجسد‏، ووظائف الأنا “ماهية الشخص فى الْيَتَكوّن”

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 16-1-2016

السنة التاسعة

 العدد: 3060

    الأساس فى الطب النفسى 

 الافتراضات الأساسية الفصل السابع: 

ملف الاضطرابات الجامعة (23)

الواحدية‏ ‏والذات‏ ‏والجسد‏، ووظائف الأنا

“ماهية الشخص فى الْيَتَكوّن”

(منظور إكلينيكى بدلا من “وظائف الذات”)

مقدمة

أنهيت نشرة الأحد الماضى بتساؤل حضرنى عن مدى مشروعية أخذ ما يسمى “وظائف الذات” – مهما اجتهدنا فى قياسها – كمؤشر أساسى لتوصيف الصحة النفسية أو الكفاءة الشخصية فى الأسوياء، وكذلك الخلل الوظيفى/المرضى، حتى وصلت إلى ما يشير إلى أنها بالصورة المتاحة قد لا تكون صالحة تماما  لثقافتنا.

وقد أوصيت فى نفس النشرة بالرجوع إلى النشرات السابقة عن “الصحة النفسية” فى “حركتها الإيقاعحيوية”، وخاصة نشرة (“الصحة النفسية والتطور الفردى وعصر المعلومات” بتاريخ 2/1/2008).

وحيث أن الرجوع إلى كل هذه المراجع حتى مع ذكر الروابط هو أمر متعذر تماما، فسوف أحاول أن أخلص إلى ما خطر لى مع إشارات محدودة إلى ما سبق تناوله بالروابط المناسبة.

وقد حضرتنى بصفة مبدئية تساؤلات متتابعة اضطررت أن أضع لها إجابات محتملة على الوجه التالى:

(1) ما الذى يلزمنا بتقديم “وظائف الذات” “الظاهرة” غالبا، بوجه خاص وتفضيلها عن سائر الذوات التى يتركب منها الكائن البشر، وهو يتحرك منها وبها إلى المّابَعْد؟

الإجابة: ربما لأنها أسهل تقييما، وأيضا لأنها ألزم لمواصلة الفعل الحياتى العادى، بما فى ذلك التواصل فيما بيننا.

(2) طيب، وما الذى يلزم الطبيب النفسى (والمعالج) بالتوقف عند هذا المستوى بوجه خاص؟ حين يصله أن كفاءة هذه الوظائف هكذا هى غاية المراد؟

الإجابة: ومن قال أنه مُلْزم بالتوقف، إنه إذا وصل إلى تحقيق كفاءة هذه الوظائف  لمريض ما، وبالتالى ما يعتبره برّ السلامة، فعلى العميل أو المريض أو المستشير أن  يواصل بنفسه مساره بقدر ما يسمح له محيطه ومجتمعه، وأيضا بقدر ما تتاح له الفرص لإطلاق استمرار مسيرة زخم النمو التلقائى.

(3) ألا يوجد بديل اقرب إلى ثقافتنا وأقدر على الإحاطة بأبعاد أعمق تصلح لدفع الإنسان (مريضا أو غير ذلك) إلى الاستمرار فى إتاحة الفرص لوظائف الذوات الأخرى واحدة واحدة ثم معاً لمواصلة حركية “اليتكوّن”.

الإجابة: ربما توجد لو حاولنا وها نحن نحاول واحدة واحدة،

 لكن ثمة ملاحظة بادئة على العنوان: ذلك أننى فضلت ألا أواصل مناقشتى لهذه القضية الجوهرية تحت نفس العنوان (وظائف الذات) وهو الذى بدأت بنقده هنا الآن وقبل ذلك، فاخترت عنوانا لسلسلة النقد هذه هو الأقرب لما أريد توصيله وهو هذا العنوان الغريب “ماهية الشخص فى “الْيَتَكوّن”، حتى أؤكد من البداية على “التعدد” و”الحركية” معا، وأن الإنسان ليكون إنسانا فإنه إنما يوظف كل مقومات وجوده وآليات بقائه فىحركية نابضة إلى ما يمكن أن يكونه، وهو بذلك لا يغفل أى مستوى ولا نهمل أى حركة لحساب ما ظهر منه، أو ما أمكن قياسه، على حساب الباقى، أقر أننى لست مرتاحا لهذا العنوان تماما وأننى مستعد لتلقى أى اقتراح بديل خاصة بعد أن نقرأ النقد ونناقشه، وهو نقد ذاتى أساسا، حيث أننى كنت المشرف على هذه الرسالة التى اقتطفت منها مادة هذه النشرة وما قبلها رسالة أ.د. رفعت محفوظ، وقد اشتركت فى إعداد الطريقة طبعا بصفتى مشرفا عليها.

لا أظن أننى سوف أتناول كل الأثنى عشر وظيفة حيث أن أغلبها قد ورد فى الفصول السابقة تحت عناوين مختلفة، وسوف اكتفى بوظيفة “اختبار الواقع” (1) وهى الوظيفة الأولى، مع إشارة محدودة جدا للوظيفة الثالثة: “الاحساس بواقع العالم والذات” (2) لاشتراكهما فى كلمة “الواقع”.

ثم أنتقل إلى ما يتعلق بالإبداع الوظيفة الحادية عشر، والثانية عشر وهما الوظيفة “التوليفية التكاملية” (3) ووظيفة “النكوص التكيفى فى خدمة الذات” (4) 

والآن نبدأ بالوظيفة الأولى: اختبار الواقع Reality Testing:

وتشتمل هذه الوظيفة – فى تعريفها الاساسى – على ما يلى:

 (أ) التفرقة بين المثيرات الخارجية والمثيرات الداخلية؛ أى التفرقة بين ما يصدر من خارج الشخص وبين ما ينبع من داخله.

(ب) دقة إدارك وتفسير المثيرات التى تأتى من العالم الخارجى.

(ج) دقة إدراك وتأويل وتفسير أحداث الداخل وهى تشمل الدراية او المدى الذى يتوصل إليه الشخص للدراية بقدر الدقة أو التشوية الذى لحق بالواقع الداخلى(5)

وبعد

رجعت أولا إلى أصل رسالة أ.د. رفعت محفوظ الجزء النظرى أولا وإذا بى أجد الباحث قد استشهد من التراث بعدد وافر من المراجعات والآراء عن وظائف الذات فيما يتعلق بهذه الوظيفة بوجه خاص فقررت أن أقتطف منها بإيجاز ما اعتبره نموذجا لدقته ومهارته وأمانته، وأيضا ما قد يغنينى عن الإشارة لمثل ذلك فى الوظائف الأخرى التى سوف أتناولها.

وإليكم مقتطفات موجزة من مراجعة التراث بالنسبة لهذه الوظيفة:

 (1) بدأ الباحث بفرويد حيث أورد نقلاً عن Ballak  (1973, P. 82(6)  رأيه فيما هو اختبار الذات وهو:

 (أ) القدرة على التفرقة بين الأفكار والمدركات

 (ب) القدرة على تمييز ما إذا كانت الفكرة هى نابعة من أثر للذاكرة أو من الواقع: الإدراك الخارجى: دقة الإدراك.

 (ج) وبرغم أنه عزا العمليات الثانوية مثل الانتباه والذاكرة والحكم على الأمور إلى أنها يمكن أن تتضمن فى هذه الوظيفة، إلا أنه عاد فأرجع هذه الوظائف إلى مهمة الأنا المثالى Ego Ideal  سنة 1921 ثم عاد وجعلها ضمن وظائف الذات: سنة 1923.

(2) لخص  (7) (Weiss  :(1950 a فايس هذه الوظيفية فى:

(أ) الإدراك المباشر

 (ب) الإدراك غير المباشر (الوارد من الوالدين والمدرسة والكتب ..الخ)

 (ج) التفكير: الاستنتاجات المنطقية من الإدراك المباشر والذاكرة

 (ء) التجريب لإثبات أو توضيح مدى تطابق المعطيات من حالة الواقعية.

(3) اعتبر Schafer  (1959)  (8) أن هذه الوظيفة تشمل درجات متبانية من عمليات الإدراك، والاحساس والتذكر، والتوقع، وصياغة المفاهيم والتعليل وجذب الانتباه والتركيز وتوجيه وتركيز الانتباه إلى أحداث الداخل وأحداث الخارج.

(4) تناول Arlow (1969): (9) إشكالة إدراك الواقع باعتبارها جماع عمليتين هما إدراك الداخل وإدراك الخارج ثم أضاف عاملا ثالثا، هو القدرة على تكامل هذين البعدين بالربط وباحتواء التذبذب التنافسى بين هاتين العملتين من الإدراك.

(5) وصف Jacobson  (1973(10) جوانب متعددة لوظائف الذات:

 (أ) إدراك وتمييز ما هو ذات عن ما هو واقع، ثم ما هو داخل مما هو خارج.

 (ب) إدراك التفرقة بين أحوال النفس (الذات) المختلفة.

 (ج) إدراك الخبرات الوجدانية الداخلية.

(ء) ثم القدرة على التمييز بين الحاضر والماضى

 وقد عزا كل ذلك إلى عوامل جينية جاهزة بالإضافة إلى النشاطات الإدراكية فى خبرات “الانفصال للتكامل”(11)

 (6) ربط Federn (1953):(12) وظائف الذات بالتدريب على التمييز بين الداخل والخارج، الأمر الذى يظهر حين تشحن حدود الذات وتتدعم وتتحدد، وبالتالى فقد ربط بين هذه الوظيفة وبين تماسك حدود الذات.

(7) أكد Hartmann  (1953(13) أن هذه الوظيفية تشمل إدراك الواقع الداخلى بقدر ما تشِّمل إدراك الواقع الخارجى وبالتالى فإن اختبار الواقع يشمل اختبار الواقعين الداخلى والخارجى، بما يرتبط بإيجاز بالبصيرة والدراية بالحالات الداخلة

(8) White (1963): (14) وضع الفعل فى موقع مركزى  لهذه الوظيفة، بمعنى أن المعرفة بالمحيط (البينة) هى نتيجة الفعل، مؤكدا أن الدراية تتأثر بما هو “فعل” الذى هو مصدر أساسى للمعرفة.

وبعد

بالله عليكم، هل بعد كل هذا الذى أورده الباحث، وعزاه إلى أصحابه، يمكن لأى فاحص إكلينيكى أن يزعم بقدرته على تقييم هذه الوظيفة  ولو بأى قدر من التقريب وخاصة إذا استعمل فى المقابلة أسئلة محددة، حتى لو اعتمد فى هذه المقابلة على مُقَيِّمين أكلينيكيين متعددين؟

 على أن الباحث (أ.د. رفعت) احتاط لذلك مما يدل على شعوره بالاضطرار التزاما بالمنهج التقليدى، فقد أورد قبل طرح أسئلة المقابلة ملحوظة تقول:

“سلوك المريض أثناء المقابلة قد يكشف عن مدى كفاءة بعض عناصر هذه الوظيفة بمعنى إلا يكتفى المقيمون بالإجابات اللفظية”.

كما تحفظ الباحث أكتر حين أضاف أن ما جرى هو من نوع “المقابلة شبه المقننة” (15)

 (أ) أن هذه المقابلة هى من نوع المقابلة المحدودة جزئيا

(ب) أنه ينبغى أن يؤخذ فى الاعتبار الأسئلة المدرجة للوظائف الأخرى.

(ج) أنه يمكن أن “نضاف معلومات هامة ومفيدة فى التقويم بجانب هذه الأسئلة (يحصل عليها أو يعرفها بعض المقيمين من مصادر خارج هذه المقابلة)

(ء) وأخيرا أن “سلوك المريض أثناء المقابلة (وليس فقط ألفاظه) (16) إنما يكشف عن كفاءة بعض عناصر هذه الوظيفة” (أو تلك).

وهذه هى الأسئلة التى أعترض عليها – الآن – كل هذا الاعتراض (مع أننى مشترك فى وصفها)(17) حيث بعد قراءة ما أورده الباحث من أراء ثقات العلماء والباحثين من التراث شعرت باستحالة الإلمام ببعضه بطرح هذه الأسئلة التى أثبتها هنا كما يلى:

(أ) هل بتلاقى صعوبة فى انك تقرر أن حاجة أو حادث أو شئ حدث فعلا واللا انه مجرد حلم أو خيال؟ طب ازاى؟

(ب) هل احساسك بالزمان أو المكان أو الناس اللى حواليك بيتلخبط – قد ايه؟ وازاى؟

(جـ) هل بتخلط بين الاشياء اللى براك – يعنى بتتلخبط عليك وتتشوش فى بعض؟ ازاى؟ هل فيه حد نبهك على كده؟ ممكن تشرح لنا ازاى؟

(د) هل فيه حد قالك انك تحب تشوف اللى انت عايز تشوفه مش اللى موجود بالفعل؟ يا ترى انت لاحظت كده على نفسك؟ امتى؟ ازاى؟

(هـ) هل بتسمع أصوات أو تشوف حاجات مع ان اللى حواليك مش سامعينها و شايفينها؟ يا ترى عرفت الحكاية دى لوحدك واللاحد قالك (بيقولك) عليها؟

(و) هل انت مقتنع بحاجة على أنها حقيقية مع ان اللى حواليك مش موافقينك على كده؟ زى ايه مثلا؟

(ز) ما هى علاقتك بالجرايد اليومية؟ (بعد فترة) طب والعمل؟ (بعد فترة) طب والفلوس؟

(حـ) هل بتدقق النظر فى اللى بيحصل جواك – زى العواطف والافكار؟ بتنتهى لايه فى الحاجات اللى زى كده؟

(ط) تفتكر انت عيان بايه؟ طب انت شايف ايه بالنسبة للعلاج؟

علما بأن الباحث قد نبّه (والمشرف) إلى جعل الأسئلة المطروحة مجرد مثيرات للمقيمين الإكلينيكيين للوصول إلى قدر من التقييم الكلى على مقياس من واحد إلى عشرة.

 وبعد

بصراحة أنتظر من يتفضل بالتطوع بمحاولة الإجابة على هذه الأسئلة أن يردف رأيه بإخطارى عن مدى تغطيتها بدرجة كافية لما قدمنا من تنظير وآراء، وإن كانت إجابته عليها تدل على علاقتنا (الموضوعية) بالذات وبالواقع، أم غير ذلك

هامش عن الوظيفة الثالثة:

الوظيفة الثالثة باسم: “الاحساس بواقع العالم والذات” (18) توقفت من جديد متسائلا لماذ فصل بلاك اختبار الواقع عن الاحساس بواقع العالم والذات؟

فكان لزاما أن اشير فى الهامش إلى حيرتى وأنا أحاول التمييز، لكن الباحث أورد أراء طيبة أشير إلى جملتها بإيجاز شديد حيث أننى لن أتناول هذه الوظيفة بالتفصيل.

عموما فقد وصلنى أنه بالنسبة لهذه الوظيفة الثالثة فقد كان التأكيد فيها أكثر على التميز بين ما هو داخلى وخارجى، وبين ما هو واقع متعين فى العالم أو فى الذات، وما هو واقع مصنوع مسقط مختلط بالداخل …الخ

كما أن التأكيد على هذه الوظيفة الثالثة من مختلف ثقات العلماء: أدى النهاية إلى ربط هذه الوظيفة أكثر بما هو يسمى “تحقيق الذات” و”تأكيد الذات” و”تحديد الذات” الأمر الذى نحاول  التخفيف من المبالغة فى أهميته كهدف للنمو وعلامة على النضج،

وذلك فى محاولة أن يحل محله لمفهوم الذى جاء فى العنوان  “الشخص فى الْيَتَكوّن”.

………………

وغدًا نكمل ما نراه فى ثقافتنا مما قد يعيننا فى ممارستنا وغير ذلك.

[1] – Reality Testing

[2] – Sense of Reality and of the Self of the World

[3] – Synthetic – Integrative Functioning

[4] – Adaptive Regression in the service of the Ego

[5] – Reality testing:

(a) Distinction between inner and outer stimuli.

(b) Accuracy of perception and interpretation of external events including orientation of time and place.

(c) Accuracy of perception and interpretation of internal events.

Includes reflective awareness or extent to which person is aware of accuracy or distortions of inner reality.

(Ballak et al., 1973, P. 76)

[6] – Bellak, L. Hurvich, M. and Gediman, H. (1973) Ego Functions in Schizophrenices, Neurotics, and Normals, New York. London: John Wiley & Sons.

[7]  – Weiss, E, (1953 (ed) Introduction. Ego psychology and the psychoses. London: Maresfield Rerints, 1977..

[8] – Schafer, R. (1959) Generative empathy in the treatment situation psychoanalytic Quarterly, 28: 342 – 373.

[9] –  Arlow, J.A. (1969) The psychopathology of the psychoses: A proposed revision. International Journal of Psycho-Analysis, 50: 5 – 14

[10] –  Jacobson, J. G (1973) Reliving the past, perceptual experience and the reality-testing functions of the ego. International Journal of Psycho-Analysis, 54: 399-413.

[11] – Separation – Individuation

[12] – Federn, P. (1953) Ego psychology and the psychoses. Weiss, E. (ed). London: Maresfield Reprints, 1977.

[13] – Hartmann, H. (1953) Contribution to the meta psychology of schizophrenia. P. 182. Ibid.

[14] –  White, R.W (1963) Ego and reality in psychoanalytic theory psychological Issues, 3 New York: International Universities. (after Bellak et al., 1973).

[15] –  Semi striated interviews

[16] –  ما بين الأقواس غضافة حاليا من عندى الآن للتوضيح وهذا ما كان يجرى بينا أثناء المقابلة  والتقييم.

[17] – علما بأنى مشارك فى الموافقة على هذا القصور فأنا المشرف على بحث الدكتوراه هذا.

[18] – Sense of Reality of the World and of the Self

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *