نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 23-9-2015
السنة التاسعة
العدد: 2945
الأساس فى الطب النفسى
الافتراضات الأساسية: الفصل السادس:
ملف اضطرابات الوعى (44)
نعمل حلم (3)
مزيد من العينات
(د.مروة: متدربة، وتعقيب من بريد الجمعة)
مقدمة:
نواصل اليوم ما بدأناه أمس من ضم نشرتى الثلاثاء والأربعاء إلى الأحد والإثنين حتى نستكمل الموضوع، فنعرض اليوم استجابة لزميلة متدربة أخرى فى نفس المجموعة العلاجية فى نفس الجلسة، ثم نعرض بعد ذلك لتعقيب من بريد الجمعة فيه مزيد من الإيضاح والحوار.
د. مروة (زميلة متدربة): “نص الاستجابة”
د.يحيى: …………. نرجع نعزم على اى دكتور هو يعنى حانشترى من بره “انا دلوقتى“: يلاّ يا مروة (د. مروة زميلة د. دينا داخل المجموعة)(1)
د.مروة:
“انا دلوقتى … تايهه، مش عارفه فين والدنيا ضلمه وفيه كلب عمال بيجرى ورايا وانا عماله اجرى عشان أبعد عنه” (صمت طال قليلا)
التداخل من خلال الوعى البينشحصى
( استجابة للصمت القصير، تدخَّلَ المدرِّب مبكرا)
د.يحيى: الكلب لونه إيه ؟
د.مروه: ما انا مش عايزه أبص له عشان ما خافش منه، انا سامعاه بيجرى ورايا
د.يحيى: يعنى اسود؟ اصل لو اسود تبقى مصيبه سوده؟ الدنيا ضلمه والكلب إسود!! لو أبيض حاتميزيه
د.مروه: لأ مش أبيض بس شكله يخوّف، وبعدين وقِعْت، وهو خلاص حايعضنى بس، فاحاصحى،
بس بقى مش حاكمِّلْ…..
د.يحيى: انا مش عايز ألعبكها أكتر …..، مش عايز أتدخل تانى، فباقول لو أى واحد يساعد التانى إذا كان عايز، يعنى يكمل له الحلم يعنى أو يدخل فى الحلم اللى يلاقى نفسه جواه، ولا أنتى يا مروة تقدرى تكملى؟
د.مروة: انا مش عايزه اكمل
تعقيب إضافى الآن: (21/9/2015):
يبدو أن المدرب قد انتبه إلى أن جرعة تدخله (مشاركته حركية الوعى البينشخصى) قد زادت عن ما يريد وينبغى، فقرر أن يخفف منها مع دعوة بديلة لتجربة الوعى البينشخصى بين بقية أفراد المجموعة، فى حالة كونه يخالف وعى المجموعة الجمعى، فعرض على من يشاء أن يدخل إلى حلم الحالم بسؤال أو إضافة أو ما يتراءى له من مشاركة.
ثم نلاحظ مرة أخرى إصرار مروة ألا تكمل، ويمكن أن نستنتج من ذلك جرعة معايشة هذا الحلم المركز المرعب وأنها هى التى حالت دون أن تكمل حرفا واحدا برغم الدعوة.
والآن: يمكن تقديم الملاحظات الشاملة كالتالى:
1) أن الزميلة بدأت بنفسها “أنا دلوقتى” ويبدو أن هذا قد سهّل عليها السرعة والإيجاز والمبادرة.
2) أن المكان (مكان الحلم) غير محدد “تايهه مش عارفه فين”.
3) أن الظلام أضاف إلى الغموض والتجهيل.
4) أن الخطاب انساب تلقائيا وأظهر أن الحالمة تعيش خبرة الإبداع حالا: مثلا: “أنا سامعاه بيجرى ورايا”، وأيضا “هوّ، خلاص حايعضنِّى”.
5) أن إجاباتها على المدرب (التدخل البينشخصى) كانت حاضرة وسريعة وآنية مما يدعم أنها تعيش فعلاً – هنا والآن فى عمق الحلم- وعياً آخر، وليس خيالا بديلاً.
6) أنها استقبلت المطاردة أكثر بحاسة السمع (أكثر من حاسة النظر).
7) أنها ردت على السؤال عن لون الطلب المطارد بشكل لا شك فيه ثم ركزت على خوفها أن يعضها.
8) أن المطاردة أو الملاحقة والبحث والرعب هى سمات متواترة.
9) أنها قررت ألا تكمل فجأة وبحسم تام “مش حاكمل“
ثم وصلنا فى بريد الجمعة ما يلى:
د. أيمن الحداد:
جميلة جدا يا دكتور يحيى اللعبة دى، خلتني انتقل من الكرسي اللي انا قاعد عليه امام جهاز الكمبيوتر إلى الجروب بتاعكم، ومن الجروب الى داخل حلم كل واحد فيكم .. شوفت نفس الحاجات اللي شافها وتفاعلت معاه بمشاعرى…
بس اللي عايز اعرفه … هو العيان او غير العيان ممكن يستفيد ايه بحاجة زى كده …دا على العكس دا ممكن يكون انفصال عن الواقع اللي عايشه …فهل ده ممكن يكون مفيد
ودمتم بسعادة وود.
د. يحيى:
الذى قلته يا أيمن هو أكثر مما كنت أرجو وأتوقع، لقد تقمصتَ الجارى بشجاعة وتلقائية حتى صرت جزءًا من التجربة، وحققت بذلك ما كنتُ أبغى.
أما احتمال انفصال المريض (أو الطبيب) عن الواقع فهو غير وارد فى حدود خبرتى وتنظيرى، فأنا لم ألاحظ ذلك أبدا، بل أكاد أرجح عكسه، بمعنى أن استحضار وعى الحلم على هامش وعى اليقظة هكذا، وبإرادة جزئية إنما يوسع دائرة الوعى، ويعمّق مساحة الإدراك وبالتالى يمكن أن يثرى الواقع الخارجى بالواقع الداخلى، وهو بذلك يقترب من واقع أرحب، مع استبعاد أن يكون للخيال – كما شاع – دور فى أى من ذلك.
ثم إنك يا أيمن قد أضفت إضافة مهمة تدعم فكرتى فى أن النقد الإبداعى هو وعى مشارك للإبداع الأصلى حين يعيش الناقد داخل تجربة الإبداع الأصلى كما أشرت فى تعقيبك الصادق الدقيق “داخل كل واحد فيكم، شوفت نفس الحاجات اللى شافها، وتفاعلت معاه بمشاعرى”.
[1] – التثاوب المنتظم (تقريبا وليس قاعدة) بين الأطباء والمرضى يطمئن المرضى ويحفزهم عادة