الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (28) عن الحلم والشعر والجنون (2)

الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (28) عن الحلم والشعر والجنون (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 3-8-2015  

السنة الثامنة

العدد: 2894

 الأساس فى الطب النفسى 

 الافتراضات الأساسيةالفصل السادس:

 ملف اضطرابات الوعى (28)

عن الحلم والشعر والجنون (2)

أنهيت نشرة أمس بوعد بتناول وحدة الأصل مع اختلاف المسار الناتج بين الحلم والشعر(1) والجنون(2)، وحين بدأت اليوم فى مراجعة  أوراقى وجدتنى قد تناولت هذا الموضوع من قبل فى أطروحتى الأولى التى نشرت فى مجلة فصول سنة 1985، ثم أعيد نشرها بتحديث محدود فى كتابى “حركية الوجود وتجليات الإبداع” الذى نشر سنة 2007، وأننى أنهيت الأطروحة بجدول رأيت بعد المراجعة – الآن – أنه فى حاجة إلى تحديث جذرى فكان ذلك على الوجه التالى:

جدول (1): جدول مقارن بين الحلم والجنون والإبداع

  الحلم الجنون الإبداع (فى الشعر كمثال)
أساس البداية تنشيط داخلى تنشيط داخلى تنشيط داخلى
بصفة عامة الحلم هو: تفكيك وبسط مناوب (محدود المدة ذاتى التوقف)، (عشرون دقيقة كل تسعين) الجنون هو: تفكيك وبسط منافس للوعى المنتظم السائد (مقتحمٌ مجهول المدى) سلبى النتائج. الإبداع هو: تفكيك وبسط مغامر/مناغمٌ (معا) (فى شوق تطورى بمسئولية شاملة ومثابرة هادفة).
المرحلة الأولى الحلم بالقوة (البسط التلقائى الدورى) ليس فى المتناول اللهم إلا برسام المخ الكهربى. مشروع الجنون (لا يوجد ما يسمى الجنون بالقوة) إلا إحصائيا، من حيث التوقع، ولكن بالنسبة للفرد فهو مجرد افتراض ذلك، من واقع خارجى (تاريخ وارثى أو ماضى ساحق…مثلا إلخ)، وهو لا يظهر فى السلوك كجنون ابتداءً، فهو هو “حلم بالقوة”: وهو لا يتميز جنونا إلا إذا عجز أن يكون حلما أو شعرا ومع ذلك ظهر كما هو فى ظاهر السلوك والوعى، ولا يتحكم عليه أنه كذلك إلا بعد إعلانه. القصيدة بالقوة. ولاف يتشكل لم يعلن بعد، قد تظهر نتائجه فى غير مجال الإبداع المعلن إنتاجاً محدداً، وإنما قد تظهر أساسا فى مجال النمو الفردى، أو حتى طفرة النوع، وهى لا تتميز عن الحلم الإيجابى بالقوة إلا فى درجة ناتجها ونوعه، وقد يتوقف الولاف عند هذه المرحلة وهذا قريب مما وصف بأنه “القصيدة التى لمْ تُـقَل”.
المرحلة الثانية (الحلم الفعلى) – (الحلم بالفعل) ==> (الحلم بالتأليف الناقص)

وهو التقاط بعض مادة التحريك والتشكيل كيفما اتفق، مع أقل قدر من التحوير، أى مع قدر محدود من إعادة التشكيل، وهو لا يظهر كما هو، وإن كان قد يطل بعضه داخل ما يُحكى.ظهور الجنون بمعالم أعراض التغير النوعى أو المفاجىء المزعج عادة، سواء كان ذلك فى صورة الشعور بتغير الذات(3) أو تغير العالم(4)، وقد يظهر فى صورة أعراض حادة أخرى مثل الشك المفاجىء أو سوء التأويل الغامر أو غير ذلك أو الأرق المتواصل.القصيدة المسودة (أو الإبداع الفج) (أو الجرعة الأولى)… التى قد تظل هى الأولى والأخيرة فى بعض الشعر!!،

كما قد يعانى الشاعر ما يشبه ما يمكن أن يسمى “صواعق الداخل” وذلك فى بَرقٍ خاطف مضئً فيما يسمى أحيانا إرهاصات أو لحظات الإلهام، ثم يتوالى بعد هذه المرحلة تسلسل وتشكيل الإبداع فى الشعر (وغيره). موقع الكلماتتقوم “الكلمة” بدور ثانوى، إذ تكون “اللغة الصورة” (لا المصوّرة) هى الأصل، فلا  تتخذ الكلمة موقعها العادى إلا بالحكى اللاحق غالبا. قد تنفصل الكلمات فتستقل منفردة أو تقود بقية الوجود أو الوجدان عشوائيا (الفصام عادة)، وقد تتباعد الكلمات عن بعضها البعض، وقد تتناثر حتى الرطان، وقد تختفى حسب نوع ومرحلة المرض.تستقل “الكلمة” وهى  تتحدى وتتحاور، ثم تتآلف جزئيا فى سياق يـَعـِدُ بالجديد، وهى تشكل منظومات مختلفة مقتحمة قادرة جديدة. الناتج المتاح يختلف الحلم المحكى حسب درجة التدبيج والوصف، وبالتالى تختلف درجة علاقته بالحلم الأصلى حسب مدى ما يحوى من تتابع وتفاصيل هى من صفات اليقظة أو أحلام اليقظة أكثر منها من واقع الحلم الغائر.يختلف الناتج حسب مدى التناثر مقابل مدى صناعة منظومة ضلالية متماسكة فى ذاتها لذاتها، وهنا يختلف الجنون حسب نوعه ومرحلته ومدى تماسك المحتوى الشاذ (كما فى البارانويا مثلا).يختلف الناتج على مدى طيف متسع بدءًا من القصيدة العمودية المحبوكة الملتزمة بوزن واحد وقافية ثابته إلى ما يعرف بشعر التفعيلة حتى يصل إلى ما يسمى “قصيدة النثر”.التفسير والتأويل تفسير الحلم بواسطة الحالم (الدفاعى) أو حتى عن طريق “التحليل النفسى”، أو التأويل الرمزى فى معظم الأحوال يكاد يمثل وصاية على حركية الحلم الأصلى حتى لو أصاب الهدف أحيانا.قد يتم تفسير الأعراض من جانب المريض بمزيد من تكوين الأعراض الثانوية وهى الأعراض المترتبة على الأعراض الأساسية والمبرِّرَة لها أحياناً مثل الضلالات الثانوية، أو الاكتئاب نتيجة مواجهة ضلالات الذنب…الخ.يتم التفسير والتأويل من جانب المعالج باختلاف المدارس العلاجية من أول التفسير الكيميائى حتى التفسير الغائى أو المعرفى، ويترتب على ذلك نوع التعامل مع الإبداع تهوينا أو تدعيماً.النقد والإبداع النقدى يكون التعامل الإيجابى بقراءة الحلم “بمعايشة حضوره وتعهد آثاره إلى ما تعِد به” (إعادة إبداعه استيعابا دون قصد عادة)، مع احترام دوره فى دفع النمو والحفاظ على التوازن. يكون التعامل الإيجابى بقراءة الجنون والنظر فى غائيته دون التوقف عند أسبابه وأعراضه، ومن ثم إعادة إبداعه بالمواكبة العلاجية إلى الحلم أو الإبداع،

وهذا ما أسميته “نقد النص البشر”.يكون التعامل الإيجابى بقراءة القصيدة  نقداً  بحوار مبدع خلاق (إبداع على إبداع)، حسب المقولة التى كررتها مراراً أنه: “لا ينقد الشعر إلا شعراً”!

 

[1] – الشعر: ممثِّلا للإبداع

[2] – الجنون: متمثلا فى الفصام بكل مراحله

[3] – Depersonalization

[4] – Derealization

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *