الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (21) اضطرابات‏ ‏النوم‏ ‏والأحلام‏

الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (21) اضطرابات‏ ‏النوم‏ ‏والأحلام‏

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 12-7-2015

السنة الثامنة

العدد: 2872

 الأساس فى الطب النفسى 

  الافتراضات الأساسية: الفصل السادس:

  ملف اضطرابات الوعى (21)

اضطرابات‏ ‏النوم‏ ‏والأحلام‏

استهلال:

دعونا نقفز مؤقتا فوق المنطلقات والفروض الأساسية التى أشرنا إليها فى النشرتين السابقتين (الأحد والإثنين 5&6 يونيو) وندخل – وأنا أتحايل على مقاومتى – إلى اضطرابات النوم واحدة واحدة، ثم نرى مسألة الأحلام: متى وصلنا إلى طبيعة الأحلام ووظيفتها واضطراباتها بالتفصيل.

12-7-2015_1

مقدمة:

قلنا إن النوم يعتبر ‏محكا‏ ‏جيدا‏ ‏لرصد‏ ‏درجة‏ ‏من‏ ‏التوازن‏ ‏الحيوى ‏النفسى ‏والبيولوجى ‏معا‏.‏وهذا‏ ‏لا‏ ‏يعنى ‏أن‏ ‏من‏ ‏ينام‏ ‏جيدا‏ ‏هو‏ ‏سليم‏ ‏مثلا‏، ‏فلكل‏ ‏شخص‏ ‏نظامه‏ ‏فى ‏النوم‏ ‏الذى ‏تعود‏ ‏عليه‏ ‏والذى ‏يُعتبر‏ ‏مناسبا‏ ‏له‏ ‏مادام‏ ‏يساعد‏ ‏فى ‏كفاءة‏ ‏أدائه‏ ‏وتكيفه، ‏فإذا اختل‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏الخاص‏ ‏بشخص‏ ‏بذاته‏ ‏مع ما‏ ‏يصاحب‏ ‏ذلك‏ ‏من‏ ‏تعطيل‏ ‏فى ‏كفاءته‏ ‏أو‏ ‏إعاقة‏ ‏لتكيفه: ‏اعتـُبر‏ ‏اضطرابا‏. ‏وفى ‏كثير‏ ‏من‏ ‏الأحيان‏ ‏تعلن‏ ‏بداية‏ ‏الاضطراب‏ ‏أو‏ ‏النكسة‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏اضطرابات‏ ‏النوم‏. ‏وأيضا‏ ‏يؤخذ‏ ‏تغير نمط النوم ، ورصد عودته ‏ ‏إلى ‏طبيعته‏ ‏قياسا ‏ ‏للتقدم‏ ‏نحو الشفاء‏، وأحيانا دليلا على نوع الشفاء بذاته.

قلنا إن النوم‏ ‏حالة‏ ‏طبيعية‏ ‏من‏ ‏تبادل‏ ‏مستويات‏ ‏الوعى‏، ‏فلم‏ ‏يعد‏ ‏ينظر‏ ‏إليه‏ ‏باعتباره‏ ‏الوجه‏ ‏السلبى ‏لليقظة‏، ‏أى ‏أنه‏ ‏ليس‏ ‏غيابا‏ ‏للوعى‏، ‏وإنما‏ ‏ينظر‏ ‏إليه‏ ‏الآن‏ ‏على ‏أنه‏ “وعىٌ ‏آخر”، كما أشرنا كيف ‏ ‏تغّيرت‏ ‏النظرة‏ ‏إلى ‏الأحلام‏ ‏أيضا‏، ‏فبعد‏ ‏أن‏ ‏كان‏ ‏الاهتمام‏ ‏السائد‏ ‏هو‏ ‏بمحتواها‏ ‏وتفسير ما تيسر من هذا المحتوى‏، ‏انتقل‏ ‏الاهتمام‏ ‏إلى ‏رصد‏ ‏الظاهرة‏ ‏فى ‏ذاتها‏ ‏والعناية‏ ‏بوظيفتها‏ ‏لمجرد‏ ‏حدوثها‏ ‏دون‏ ‏النظر‏ ‏بالضرورة‏ ‏فى ‏محتواها‏، ‏وذلك‏ ‏باعتبارها‏ ‏مستوى ‏آخر‏ ‏من‏ ‏الوعى ‏غير‏ ‏مستوى ‏وعى ‏اليقظة‏ ‏ووعى ‏النوم‏ ،

هذا‏ ‏التبادل‏ ‏الإيقاعى ‏الدورى ‏ما‏ ‏بين‏ ‏النوم‏ ‏واليقظة‏ ‏ثم‏ ‏ما‏ ‏بين‏ ‏النوم‏ ‏الحالم‏ (‏النقيضى‏) ‏والنوع‏ ‏غير‏ ‏النقيضى ‏بشكل‏ ‏منتظم‏ ‏هو‏ ‏من‏ ‏أهم‏ ‏ما‏ ‏يحافظ‏ ‏على ‏سلامة‏ ‏الإيقاع‏ ‏الحيوى ‏للكائن‏ ‏البشرى ‏شريطة‏ ‏أن‏ ‏يقوم‏ ‏كل‏ ‏طور‏ ‏بفاعليته‏.‏

12-7-2015_2

ويمكن‏ ‏إيجاز‏ ‏وظيفة‏ ‏النوم‏ ‏(وبداخله الحلم) فيما‏ ‏يلى‏:‏

أ- ‏توفير‏ ‏الراحة‏: ‏

ب‏- ‏إعادة‏ ‏تنظيم‏ ‏وتماسك‏ ‏المعلومات

جـ- ‏ ‏صمام‏ ‏أمن‏ ‏ضد‏ ‏أى “‏بسط‏” ‏عشوائي‏، ‏حيث‏ ‏يقوم‏ ‏الحلم‏ ‏بهذا‏ ‏البسط‏ ‏النفسفسيولوجى ‏بانتظام‏ ‏إيقاعى ‏واق‏، ‏كما‏ ‏ظهر‏ ‏من‏ ‏تجارب‏ ‏الحرمان‏ ‏الحلم‏، ومن‏ ‏ثـَمَّ‏ ‏يتعزز‏ ‏الفرض‏ ‏القائل‏ ‏بالتأكيد على وظيفة‏ ‏النوم‏ ‏الحلم‏ ‏كصمام‏ ‏أمن‏ ‏ضد‏ ‏البسط‏ ‏العشوائى= ‏أى ‏التنشيط‏ ‏الذهانى.

النوم محك هام فى الصحة والمرض

لا بد من السؤال بدقة أثناء أى فحص نفسى عن النوم بتفصيل كاف مع الاهتمام خاصة بالمحكات والاعتبارات  التالية:

1) عدد ساعات النوم ليست هى المعلومة الأهم، وإنما توقيت هذه الساعات، هل هى بالليل كلها، أم بالنهار بعضها، أم أنها بالنهار كلها، له نفس الأهمية، وأحيانا أكثر…. إلخ.

2) عادة ما نهمل السؤال عن نتيجة النوم ومدى نجاحه فى أداء وظيفته، وإن كان الكثيرون يصفون بتلقائية أثناء الشكوى: أثر هذه الوظيفة إجمالا حين تختفى بقولهم “بَانَام كإنى مانمتش”!!

3) فى جميع الأحوال فإن رصد التغير الأحدث الذى واكب ما يشكو منه المريض هو مهم جدا أيضا، مثلا: هل مع بداية المرض (أو المعاناة، أو الشكوى، أو الاستشارة الطبية)، هل زادت كمية النوم، أم قلت؟ وهل اختلف نظام النوم أو ظل كما هو؟  وهل تغيرت أثاره أم ماذا حدث؟

4) إن رصد هذا التغير يتطلب أن نعتبر كل شخص مقياس نفسه، فمع الاتفاق على أن الطبيعى هو أن ننام بالليل ونصحو بالنهار، إلا أن هناك من الأشخاص من يتطلب عملهم تغيير هذا النظام دون ضرر كبير ما داموا سوف يأخذون الفرصة للتعود على النظام الذى فرضه الواقع الجديد (إن كان جديدا).

5) لا بد من عدم الاقتصار على شكوى المريض نفسه من قلة النوم، أو عدم النوم،  ولكن يؤخذ فى الاعتبار بنفس الدرجة وأحيانا بدرجة أكبر: ملاحظات وشهادة المحيطين، خصوصا إذا كانوا يشاركونه مكان النوم (كالزوج والزوجة- أنظر بعد).

6) إن العودة إلى ما كان عليه النظام السابق للنوم لكل فرد يعتبر – كما ذكرنا- مؤشرا طيبا لتقدم العلاج، شريطة أن نضع فى الاعتبار مفعول الأدوية المهدئة (وليس فقط المنومة) المضافة، حيث لا يعتبر أن المريض عاد إلى طبيعته، إلا إذا تم ذلك دون تعاطى مسكنات أو مهدئات أصلا.

7) حين يتبرع المريض بالحديث عن الأحلام علينا أن نهتم بموقفه منها من حيث وصفها بالزحمة أو الإلحاح أو التكرار أو وصف آثارها بالإزعاج أو الإرهاق أو الإرعاب (حتى دون الوصول إلى مرحلة الكابوس، أنظر بعد مع الأحلام).

8) يمكن السؤال عن الأحلام فى حدود ما ذكرنا فى البند السابق كما يمكن الاستماع إلى محتواها خصوصا إذا تطوع المريض بحكيها، لكن علينا ألا نبالغ فى تقييم هذا الحكى، أو الإصرار على تفسيره، وقد يقتصر السؤال على مجرد حدوثها، وتذكر بعضها، ثم احتمال رصد آثارها سلبا وإيجابا (انظر ملف الأحلام المستقل لاحقا).

وغدًا نواصل تعداد اضطرابات النوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *