نشرة “الإنسان والتطور”
الأحد: 25-11-2012
السنة السادسة
العدد: 1913
الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (131)
الإدراك (92)
لمحات إدراكية ( 5 من 5)
(مع أ.د. صادق السامرائى: شعر على شعر)
قررت – غصبا عنى- أن تكون هذه أخر حلقة فى التعليق على لمحات أ.د.صادق السامرائى الإدراكية التى مازلت أصر على أنها وصلتنى شعرا، (سبعين قصيدة بالتمام) وقد تسحب من وراء ظهرى شعر قديم لى يؤكد المبدأ الذى كررت احترامى له مرارا، وهو أنه لا ينقد الشعر إلا شعرا، فاستسلمت لهذا المتسحِّب، وخصصت له هذه الحلقة الأخيرة دون إضافة حرف واحد عليه، وذلك حتى نعود إلى إكمال الحوار مع أ.د.السامرائى عن علاقة الإدراك بالموت، والشعر، والجنون، والحلم، وقد فضلت أن أقصر هذه الإغارة على ديوان واحد لم ينشر برغم أن أغلب قصائده كتبت فى الثمانينات وهو ديوان “شظايا المرايا”
ونبدأ اليوم من اللمحة/القصيدة رقم “51” مع التنوية على أنه سبق التعليق على الخمسين لمحة السابقة، لكن لم يكن كل النقد والحوار شعرا بعكس نشرة اليوم.
د.صادق السامرائى :
(51)
نون
إذا استوت أدركها النون
فالنقطة كون مأسور في طوق النون
فدعهم يسطرون
د. يحيى:
………..
ورضعتُ من مجرى عيون لا تغيض:
ورأيتُـهُ يسرى بأوراقِ الشجرْ،
وشربْـتُـهُ قطرًا بهيجاً فى النَّـدى.
وطعمتُـهُ شهدا رحيقا فى الثمرْ،
وسمعتـُه فى صمـت طائرٍ شـَدَى
صاحبتُـه صمتاً رصيناً فى الحجرْ
من قصيدة: ورأيتُهُ يسْرِى بأوْرَاقِ الشجرْ!، 15/9/ 1981
د.صادق السامرائى :
(52)
العدم موجود والموجود عدم
واختراق الوجود يوصلنا إلى فراغ الموجود
فندرك الوجود
د. يحيى:
………..
دع ذاك النهر الدافق من نبض الأحياءُْ:
ينحت أخدودًا فى وجه الخوفْ.
دع دفءََ الأمن يذيبُُ جليدَ الرّيبَةْ.
لا تُوقِفْ دائرةَ الحركهْ،
حتى دون تجاهْْ.
لا تتمنطقْْ سيفاً خَشَبَا،
لا تركبْ فرساًً ذا رأسين،
كلٌٌ فى جانب.
من قصيدة: والرحم القبر القاع بلا جدران، باب اللوق 16/ 2 / 1981،
د.صادق السامرائى :
(53)
في حلبة الإشراق
تصارعت الذات المجهولة مع اطياف المعاني
وثار غبار الإبتعاد عن الفحوى
د. يحيى:
………..
يــا إبن أُمّّّ:
كيف السبيلُ إلى المياهِِ الغائرهْ؟ تروى القبورْ؟
من بعد ما مات الخلودْْ؟
والعين أطْفَأَهَا رماد الجرى فى غَيْرِ المحاجرْْ،
والقلب منقوع السآمهْ؟
من قصيدة: الشعر المقصلة، الخرطوم/باب اللوق 26/2/1981،
د.صادق السامرائى :
(54)
إحتوى المحتوى
وانطوى ما فيه وما انضوى
وبقي معلقا على خيط نور به لا يكون
د. يحيى:
………..
تفيضُ،.. أنتشى ،
تجرى لمستقرْ،
والنهر لا توقفه الجنادلْ ،
يحملها أبيّة مقدسة ،.
تجرى ولا تميِّـزْْ:
ما بين زَهْـرِ الفـُلِّ والخشخاش،
ما بين قلب لوزةٍٍ مفتحة،
وشوكة الصبِّار.
من قصيدة: نقشا على مقامها المحراب، 14/7/1981
د.صادق السامرائى :
(55)
إخترقني سهم النور الذي أطلقه قوس الفحوى
وذبحني حسام اليقين
فما نطقت بحرف ونسيت لغة الحياة
وعرفت كنه التراب
د. يحيى:
………..
فأضاء وعيى بالمـُـنـى،
تمتد بعد المنتهى.
يــا فرحتى: لستُ أنــا.
هى فرحة الطير الذى تطايرت خميلـَتـُهْ،
ثم الْـتَـقَـى بأمّه
حَـمَـلـَتْـهُ تحت جِـناحِـهَـا، وأوْدعْـته فى الَـفـنَـنْ،
هى فَـرْحة السـَّمَـك الذى رجع المياه،
من بعد ما ذاق الجفاف الموتَ فى قر الرمال الساخنهْ.
………..
من قصيدة: ورأيتُهُ يسْرِى بأوْرَاقِ الشجرْ! 15/9/ 1981
د.صادق السامرائى :
(56)
الماء في يدي
والجمر في فمي
وفي لحظة إدراك فقدت يدي
د. يحيى:
………..
تـَخْـتلّ قواعـِدُ حبْك الصَّـنعـه
… خفتت أضواءُُ الكلمة،
وتلاشتْْ أحرفها داخل أصْـل الصوتِ النغمةْ.
أذّن فى الناس بلال أخرس:
أنْ هُـبّوا،
نبح الكلبُ الأجربْ،
فتعلّق نفسُ الطفلِِ بذيلِِ الجلبابْ.
”.. ماذا قال الأجربْ؟”
زاَحـْته الأمُّ المشغولةُ بشواءِ اللحمِِ الطازَجْ،
( لحم الجارة، بنت العمة، وبقايا حفل القمّة.)
من قصيدة: خِسّــة، المطار 14/10/1981 حادث المنصة 6/10/1981
د.صادق السامرائى :
(57)
هذا وهذا يلتقيان عند مملكة الحرف الفريد
فانزع كل حرف من بدن الكلمات
كي نقرأ المكتوب معا
د. يحيى:
………..
تأكدتْْْ أرقامُ طولِ العُمْر، والفوائدِ،
فناءت الأهلّه
بحمْلها: الجليَد والظلام
فى عُتْمَة الرفاهيهْ.
تناسختْ، لدائن اللذاتِ والشبعْْ.
………..
من قصيدة: لدائن اللذات .. والشبع، 20/7/1984
د.صادق السامرائى :
(58)
الشيئ شاء فلا تبخس الأشياء
وتنعّم بالنظر
د. يحيى:
………..
ورجعتُ أحبو فوق شـَوْكِ رحابهم ،
كدْحاً إلى وجه البشرْ
يـــا مرّ تاريخى القديمْ
قد خِـفْـتُ لفّةَ دوْرَتِى
من قصيدة: ورأيتُهُ يسْرِى بأوْرَاقِ الشجرْ!، 15/9/ 1981
د.صادق السامرائى :
(59)
هل أدركتَ قبس النور
ووعيتَ جبل العبور إلى بحر المعنى
د. يحيى:
………..
هبَّت نِسمهْ:
فـَتـَزَحْـزَحـَتِ الأشلاءُ الملتـِحـَمهْ،
تتجاذَبُ أطرافُ الأجْـنِـحَـة المكسورهْ،
ترتسم الصورة :
تختلط اللاَّمُُُ الآخرُ والمنفردَهْ،
باللاَّم الأَلِـفِ الممتدّةْ،
تتراجع غينٌ، تسقطُُ نقطةْ،
تنقلبً الغينُ إلى عينٍ مَـطْـمُـوسهْ،
-لابُـدَّ وأَنْ ترقُـدَ وسْـطِ الكـَلـِمـَهْ-
أبدلتِ الموضعَََ باستحياء،
حتّـَى تـَأْتى أول مقطعّ،
حتى تـُـبصِـرَ مَـنْ ذَا القـَادمْ.
( لم يَـحْـضُرْ أحدٌُ أصلاً)
………..
من قصيدة: ركام الألفاظ، الخرطوم 14/10/1981
د.صادق السامرائى :
(60)
تحررتُ من وزني
وتعلقتُ بأهداب العيون
فأمسكتُ بذات القدرة
د. يحيى:
………..
لاحت تدورُ بلا كلالٍ أو مـَلـَلْ
رفع الفَـتَـى فى وجْـههـَا سيفاً خشبْ،
وتمْـنطَـقَ الأمْـرَ المحالَ المرتَـقَـبْ،
سقَـطَـتْ جلودُ الخزىِ والتبلـَّد،
وتخـّلقـَتْ من عـِريـِنا الأهلـّهْ،
والعجْـزُ سِرُّ السـَّعى بعْـدَ المنُـتـْهـَىَ
من قصيدة: القربان، محكمة الخرطو م 19/10/ 1981
د.صادق السامرائى :
(61)
الساكن خيام الكلمات
يكتب بمداد النار المتأججة في يراع الخلود
د. يحيى:
والعُـمْـرُ البضعــَةُ أشبارٍ
ودبيبُ النملهْ.
والقلبُ الكهفُُ الأرجوحهْ.
وصراخ أجنَّة أفكارٍ تبحث عن ثوبٍ ماَ سبق لأحدٍ مَـسَّه
ما وطِأته الأحذيـَةُ الألسنةُ القَـتَـلـهْ
لم تلدُ القطـَّـهْ – بيضاء بـَغيـِر علامهْ – قطـَطاً رقطاءْ
من قصيدة: العربة والجنّية، 19/4/1982
د.صادق السامرائى :
(62)
صَدعَ فأفزع
وغابَ وما رجع
لكنه في ذاتهِ سطع
د. يحيى:
………..
يلوح فى سمائىَ القديمهْ،
وجهٌ مضئ بالبراءة الخبيثهْ،
وضحكةٌ لثدىِ أمٍِّّّ مُرضعهْ،
وفرحة المجون والبسالهْ.
من قصيدة: لدائن اللذات .. والشبع، 20/7/1984
د.صادق السامرائى :
(63)
أغادرُ أنّي
فأسمعُ أني
وأنحرفُ إلى علياء ظني
د. يحيى:
………..
أُلــْــقـَى الكرةَ بعيداًً خَـاِرجَ حـلق المرمـَى،
فتدحرجتِ الطبقاتُ المُـنْـسلخهْ،
تطوى أيــّـاماً متـَّـــسِخــهْ
وتزحزحتِِ الخِرقةُ – مِنديلا يورى - فوق بقايا المِـاء الراكدْ.
الجنّية!!. (النَّداهة)!!!
فزحفتُ إليها مبتعدا
………..
من قصيدة: العربة والجنّية، 19/4/1982
د.صادق السامرائى :
(64)
الصمتُ ديوان الحذر
والنطقُ ميدان الخطر
والكلام تجمعت فيه الفِكر
د. يحيى:
أخافُُ همسَ الطيرِ
أخاف من تموّج الأحشاءِ،
من نثْـرة الأجنّةْ،
من دوْرةِ الدماءِ،
ومن حَـفِـيفِ ثْـوبىَ الخَـشِـنْ
من قصيدة : خوف، 23/4/1982
د.صادق السامرائى :
(65)
هل رأيتَ الضوء الذي يتوطن الدجى
ويغفو في أحضان النون
د. يحيى:
………..
تتعالى أبواقُ الإنقاذِ المتكاثفةِ المرعبةِِِ الخائفةِ العجْـلَى.
يتحفّـز حزنٌ أبلجْ؛
حزنٌٌٌ أرحب من دائرة الأشياء المنثورة
الأشياء العاصيةِ النافرِة الهيْجَى،
حزنٌٌٌٌ أقوى من تشكيل الكلمات،
حزنٌ يصرخ بَكَما،
يشرق ألما.
حزنٌ يستوعبُ أبناء الحيرة
يجمع أطيافَ الفكرة،
يوقد نار الأحرف والكلمات.
حزنٌ أسلس من ماء الدمعة،
أعتى من لفح الجمره.
حزنٌ يحنو، يُدمى، يُلهم، يصرخ، ُيُحيى روحا ميّتةً ضجرهْْ.
من قصيدة: الريح والأحزان، 6/5/1982
د.صادق السامرائى :
(66)
سمعتُ خرير الأفكار المتهاطلة
من سواقي الفحوى
فغبت في بدن المعنى
د. يحيى:
………..
تقتحم كيانى ذرّات الدنيا دون استئذان.
تتكلم منى أحشائى والأعضاء وأطياف الذات،
تتقاذفنى الكلمات.
من قصيدة: الريح والأحزان، 6/5/1982
د.صادق السامرائى :
(67)
كنتُ أدحرج الشمس
فوقَ رمال الخيال
عندما وعيت قبسا فأغشاني
د. يحيى:
………..
ألمِلمُنى من شظاياََ المراياََ،
وِأقنع بالهمس وسْط الزحامِ.
بقايا الحديثِِ، وسقْط اللقاءِ
زوايَا النظرْْ
……
……
أمدُّّ الذراعَ ألامسُ طرْفَ الحــــفيفِِ،
أرتّبنى من جديدْ،
ألاصقها من بعيدْْ،
أكوّر مقطعَ لفظ وليدَ،
أوسِّدُنى عقلةَ الإصبعِِ.
أمصمصها عَلْقما فى دمى
ألـــَمْلِـمنِـــى
أحتلـــــــمْْ.
من قصيدة: شظايـــا المرايــا، 31/7/1982
د.صادق السامرائى :
(68)
أراني الذي يُرى
وما رأيتُ ما يَرى
د. يحيى:
ألقَى تحيَة الصباحْْ:
المغفرهْ،
ما كنت أحسبك النبى المنتظر.
لستَََ القدر.
مقابضُ الرياحْ،
أسباب عيّى،
قد صار جلدى من رقائقِ الظلام.
………..
من قصيدة: السلام…، والصدى
د.صادق السامرائى :
(69)
أكتبُ بمداد الماء
على صفحات الهواء
أبجدية النقطة
وبلاغة الحرف المأسور بالكلمات
د. يحيى:
………..
تتحرك دائرة الهمس يلوِّحْ
أتنصّت، أصرخ أستصرخ
تهتز حروف الكلمات على طرْف المعنى
تُـهْـملـُنـىِ
أتضوّر جوعاً
تتغافل عنّى
أتراجعُ أطفـُو أتلاعبْ
تنسانى
أرْنـُو أترقَّبْ
أنظرُ من ركنِى الباردْ
أتداخلْ
أَغرَقُ صمْتاً
فى نهر الدمع المتجمِّدْ.
من قصيدة: دوائر،25/5/1982
د.صادق السامرائى :
(70)
سندرك
إذا البحرُ نار
والجبلُ سار
وذرة التراب كشفتِ الأسرار
د. يحيى:
………..
أبوحُـها؟ أرسلـُها؟ أربطُـها فى رجِـلِـها، الحمامهْ؟
يسمعُنى؟ يجيبُنى؟ يعيُـنَـنى علِـيْـها؟
يعيُـنِـنى بها؟
تضم نفسها وتنزلقْْ
تفرّ رجلىَ اليسارْ، من فوق سَطْـحَـها
أقفز فوق رأسِـهَـا،.. تحْمـِلُنِى
أخاف سقطة ً مفاجئهْْْ
يُـرَفْـرفَ الهواءُ نمتزجْ
تكوننى، أكـونُـها،
تنبت حولىَ الحروف أجنحهْ
من قصيدة: لم تدعْنى أختبئْ، 4/6/1982