نشرة “الإنسان والتطور”
الاثنين: 19-11-2012
السنة السادسة
العدد: 1907
الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (130)
الإدراك (91)
لمحات إدراكية ( 4 من ؟)
(مازلنا مع لمحات أ.د. صادق السامرائى)
لا أعرف كيف استدرجنى أ.د. صادق هكذا إلى ما أحرجنى هكذا حتى جعلنى أقول ما كان ينبغى أن أتجنب قوله إلا بأسانيد وتجارب ومراجعة أدبيات وكلام كبير من هذا، أم لعل الإدراك هو الذى استدرج كلينا إلى ما يميز ثقافتنا المختلفة القادرة بطريقتها حتى لو بدا ذلك بعيدا عن بؤرة ما يريدون لنا أو ما يريدون بنا.
إن كانت هناك فرصة أن نضيف فهى تبدأ بأن نتحاور بلغتنا، ونتواصل وننبض بثقفاتنا فى محاولات اختراق المنهج المفروض علينا، وأنا لا أزعم أننا نتبع منهجا أفضل أو حتى منهجا قادرا على الدفاع عن نفسه ولو بلغته، لكن يبدو أنه ليس أمامنا خيار، وتاريخ التطور يطمئننا وينذرنا فى نفس الوقت، وما علينا إلا أن ننظر فى برامج البقاء للأحياء دون الإنسان وكيف حافظت على بقائها بالإدراك أساسا أو تماما، فما الذى جد حتى نهمل هذه البرامج الحيوية لحساب وصاية، مهما كانت جيدة بلا أدنى شك، لكن يبدو أنها بالغت فى الوصاية حتى ضمر كل ما هو دونها.
هل ننجح، لا أعنى نحن العرب أو المسلمين، ولكننى أقصد نحن البشر، أن نتعلم من زملائنا الأحياء الذين يشتركون معنا فى نجاحهم فى الاستمرار أحياء حتى هذه اللحظة ضد كل عوامل الانقراض، ونحن من بينهم؟
نعم سوف ننجح حين نواصل إعادة التعرف على “خلقة ربنا” التى حافظت على هذه الواحد فى الألف فنحكم حياتنا “بما أنزل الله” من قوانين البقاء وبرامج التطور، وننميهما استحدثنا من آليات تنمية الإدراك والوجدان والفكر والخيال والشعر والإبداع والتكافل والإعمار، وكلها أنزلها سبحانه دون وصاية قديمة أو مستوردة، ولكن أيضا دون إهمال التاريخ، أو انجازات الآخرين.
ما رأيكم؟
وهل ما نفعله هنا الآن يا عم صادق إلا محاولة للتعرف على ما ضمُرَ فينا من “خلقة ربنا” لعلنا نحييه ونتعهده قبل أن نلحق بالــ 99.9% الذين خابوا بانفصالهم عن “خلقة ربنا” فانقرضوا، بالسلامة.
نعم، أنا الذى فتحت صفحات هذا الملف، أو إن شئت الدقة: انفتح علىّ: فرحت أسبح فى محيطه مرددا الابتهال الذى ذكرنا به صاحب الفضل أخونا جمال التركى “لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ”، ولكنك أنت يا عم صادق الذى استدرجتنا إلى ربط الإدراك هذا بالموت والشعر والزمن.
إن ما يشغلنى فعلا هو المنهج الذى يتيح لنا التعامل مع هذه القضايا التى انفتحت علينا بلا استنذان هكذا.
- كيف نتعاملمع الإدراك بعد أن سمحنا له أن – أى اكتشفنا شجاعته وهو- يتجاوز الحواس هكذا.
- كيف نتعامل مع الموت ونحن لم نَمُتْ بعد، وما يصلنا حتى ونحن على وشك الولوج إليه، أو من حَكْىِ من نتصور أنه عاد منه، ليس إلا من فعل ذاكرة خاصة جدا لا نعلم مدى مصداقيتها، ولن نعلمه بما نملك من أدوات حتى الآن؟
- كيف نتعامل مع الزمن حين تصلنا قيمة أجزاء الثوانى سواء من “حدس اللحظة” عبر جاستون باشلار أو من الفيمتوثانية عبر د. زويل، وذلك بعد أن سمح لنا احترام ما هو إدراك أن نلحظ آثار هذه الأجزاء من الثوانى من واقع تراكم نتائجها ونحن نواكب جماعات مرضانا فى العلاج الجمعى أو الوسط العلاجى وهم يشكلون “الوعى الجمعى” تشكيلا، فيلهمونا كيف نصّاعد به إلى الوعى الكونى نحو وجه الله سبحانه وتعالى؟.
- كيف نتعامل مع مالا ينقال بما ينقال، ونحن نزعم أن ثقافتنا، وموقفنا الإيمانى بالوجود قد سمحت لنا بذلك رغم أنف أبى “رَص”.
ورطة دعنا نحوضها برغم كل ذلك، ونسجل ما يفرض نفسه إلا أن يُسجل
وهأنذا أواصل قراءة لمحاتك بما يأتينى من تعليق نثرى أبين من خلاله موقفى الخاص حتى الآن، تعليق هو دائما قابل للتغيير كما تعلم، أو بما يحضرنى من شعرى، وهو يقربنى منك أسرع وأشمل، آملين أنت وأنا، أن يقربنا هذا أو ذاك أسرع وأكثف، مِمَّن يسمح ويصبر.
ثم استأذنك أن أستعمل حقى فى الصمت تجاه بعض لمحاتك، أملا أن يكون ذلك الصمت من النوع الذى وصفه صلاح عبد الصبور بـ “الصمت المفعم”.
هيا أتحفنا لو سمحت بلمحاتك أو قصائدك:
(36)
فعلَ كما يَرى
وغضبَ لِما يَرى
فمَن منهما يدري
ومَن منهما الذي أدرك ورأى
يحيى:
.. ومن “منهم” اعترف بالآخر بالداخل فالخارج حتى يرى بكل عيون الرؤية ومستويات الوعى.
(37)
قال القاتل
إن الضحية هي التي أجبرتني على قتلها
لأنها أدركت مصيرها
وأذعنت لأمره
فجعلتني آلته ومنحتني ذاته
“تبقى جريمهْ عامِلْها اتنين
كل جريمهْ عامِلْهَا اتنينْ
ذنب المقتولْ ذنبِ القاتلْ
أصلُه اسْتسلِمْ”
……
(من ديوان أغوار النفس بالعامية المصرية)
(38)
مداركهم تسمى جنونا
لأنها لا تتفق ومدارك البقاء
يحيى:
بل هم يسمونها كذلك لأن مداركهم مغلقة عن التقاط مدارك المجانين.
أما مدارك البقاء فهى التى أبقت الواحد فى الألف من الأحياء حتى الآن (ونحن – البشر- منهم).
(39)
يقظة الحرف في بدن الكلمة
ورحيل الكلمة في فضاء العبارة
وإشراق العبارة على أفق الوجود
تدقُّ بابى الكلمة
أصدّها.
تُغافل الوعى القديم،
أنتفضْ.
أحاولُ الهربْ،
تلحقنُى.
أكونُها،
فأنسلخْْ.
……..
14/9/1983
من قصيدة: “ياليت شعرى ..، لستُ شاعرا”.
ديوان شظايا المرايا
(40)
حضور الأسماء في نقطة الأزل
وإنبثاق نور الأبد من ذرة الإمعان
تحتضن الفِـكْـرةُُ معناَهاََ
يستأذن لفظٌٌ: “يعلِـنُـها” ؟
تتأبّى
تهجعُ فى رحمِِ الفجرِ القادمْ
تتملصُ من قضبان الكلمهْ:
تتمازجُُ – فى ذرّات الكون- الذراتْ
لا يُفـشى أحدٌٌٌ سـرّه.
الزرقة والطبقاتْ،
ورحيق الطمىِ، وطينُ الجسدِ وأنفاسُ الجنسِ
………..
إيقاعُُ تلاشى الأشياءُِ المغمورةِِ
ذائبةٌ فى المُـطلق.
أتلولب فى جذلٍ صاخبْ.
……..
الإسكندرية 17 فبراير 1982
من قصيدة: البرعم والأنغام
ديوان شظايا المرايا
(41)
وما أدراك ما تدري
وهل تدري بما سلفت
وما حملت قوارب النسيان
وماتت المبادرة:
تفتحت أفواه شهوة الضمور،
وتلمظت أرحامها القبور.
……..
من قصيدة: موت المبادرة
ديوان شظايا المرايا
(42)
مياه النظر تجري تحت القاع
وتمخر عباب التراب
وتخترق الأجرام
ياليت لَيْلىِ ما انجلي،
ولا عرفت شفرة الرموز والأجنة.
إى هجرة الطيور،
فى الشاطئ المهجور.
عفوا فعلتـــها …
……..
10-5-2011
من قصيدة: عفوا .. فعلتها
ديوان شظايا المرايا
(43)
حدثني الجذر المغموس في قلب الصخرة
عن نبضات كان
لم تنمُ بعدُ حولَ جذعِىَ الزعانفْ
لو “كان” : بــتُّ بائسا،
لو “كان” طرت نورسا،
لو كان درتُ حول نفسى عبثا!.
……..
من قصيدة: “عفوا .. فعلتها”
(44)
أن ترى الحصى يتضاحك
وتسمع كركرات التفاعل مع أمواج الماء
القادم من بحر الأزل
تهبُّ بالبشائرْ
ألفُّ دورتى،
أعود للفننْْ.
أرتِّبُُ الفراشْ،
أنـام أرتجفْ.
وأرفض الغطاءْ،
لعله يجئْ.
…..
قبلتُ وحدتى،
أمِنْتُُ للقـــدرْ.
……
تلفُّ دائرة…..
……..
5/6/1982
من قصيدة: رائحة البشر
ديوان شظايا المرايا
(45)
أن تقرأ ما تكتبه اللحظات على سطور الصخور
التي تبسط أوراقها
وتسجل معاني الدوران
يشدّنى من سـُرَّتى حرف النجاة،
تـُرضـِعـُنى الطبيعة.
..فوق الصخور أرتطم.
تموت آثار القدم.
لا..، لست شاطراً.
-3-
وســْط الحياة كلـَّها
(بها … بدونها )
نصبتُ خيمتى:
ناجيتُُ ثـُعْـباناً وحيداً ذاتََ ليلهْ،
أناملى ترتاح فوق شوك قنفدْ،
حَـضرتُ حفلاً ساهراًً فى وكْـرِ صـُرْصُـورٍ مُـهـَاِجْـر،
صاحبتُ نملةًً وحيدهْ،
فى رحلة عنيدهْْ
……..
المنوات 6/7/1981
من قصيدة: حرف النجاة
ديوان: فقه الحب
(46)
رأى فغاب
وانتشى فنسى
وهام فوق غيوم الوعيد
لا .. لستُ ممن يحذق المسيرَ فى الهواءْ،
أو من يعومُ فوقَ موجِ الـَّرمـل فى العراءْ،
أو يقبضُ الريحَ التى حبستموها فى القمـاقْـم.
لا..لست ملاّحا يجوب الخافقين سائحا،
ولستُ من جنودِ سْـلطاِن الكلام والمقاِعِد الوثيرةْ،
ولست من حرّاس بيت المالِ أو بيت القصيد والنَّغمْ،
ولست ممَن يحذقون لــُعبة الأمثال والحـِكـمْ ْ.
……
الأسكندرية 14/7/1981
من قصيدة: زاد الأولياء
ديوان فقه الحب
(47)
يدري الذي يحمل فأس الأنوار
ليضرب به جذوع السوابق الخافية
يقفز بين اللـَّهب وبين ظـِلالِ الأْْطَـيافِ المهجورهْ
- أسرعُ، ألهثُ، أعدو، أنكفئُ، أقومْْ.
……..
يبرق من بين شقوقِ سمائى المَـتهتَّـكَـةِ الخرساءْ
- أتوقفُُ، أتلفتْ،
أختبئُُ بجذع الشجرةْْ.
……..
7/5/1982
من قصيدة: يسحبنى
ديوان شظايا المرايا
(48)
بين الذات والحجر تردد الخبر
وطاف الصدى في وديان الأثر
لَكّـنِـنَـى برىءْ،
قسما برب النـاس إننى برىءْ.
جريمتى هُويّتى ،
فقدت مقودى،
فقادنى ذاك الذى قد ألبسوه صورتى ،
فَـرحُت عَـنـْهُ أنسلخٌ.
……..
الأسكندرية 14/7/1981
من قصيدة: زاد الأولياء
ديوان فقه الحب
(49)
أدرك أن الصعود نزول والنازل صاعد
والواقف يركض والمسرع واقف
فالسكون أقصى حالات السرعة
والسرعة رقصات على حواف السكون
تغُمرُنى
تذوبُ قطرتى ببحرهَا،
أغوصُ فى مَدَارِهَا
تدفَعنُى،
أتوهُ فى رحابِ صدَها، َفَتَنْحَنَى،
فَاَنْحَنى لَهَا.
تلطمنى،
تردَنى،
متى ترانى أمَىَ الحنون؟
أطلّْ من تحت الوِسَادهْ
تبتسمْ
فألثم الرذَاذَ والزبدْ
……..
23/9/ 1985
من قصيدة: موجة حانية
ديوان فقه الحب
(50)
إنشق القمر وانفلق سحر الوجود
فغاب البصر
الذاهبون، العائدون، التائهون، النائحون،
لا ينقـُص الحفلُ البهيجُ سِـوَى الدفوفِ الصُّـمَّّ والوعـْى المـلوّثِ بالـَّرضَـا.
الذاهلون الخائفون :
من بعضهمْ
من قربهمْ،
من بـــعدهمْ،
ياربّ ضلوا الدَّربَ دَارُوا حَـولـَهـمْ، بمحلّـهمْ.
-5-
لّما تسابقت السباعْْ
خاف الجياع، ْجوعاً أمرّ
………
-7-
دارت تئن، تبعثروا،
فتداخـَلَـت أشباحُـهم،
فى ظلَّ فجرٍ كاذبٍ،
بـَـعْـدَ الأفُـقْ.
……..
الطائف: 15/9/1980
من قصيدة الناس والحجارة
ديوان فقه الحب
وبعد
توقفت لاهثا يا صادق
فهل تسمح لى أن نؤجل العشرين لمحة/قصيدة الباقية إلى الأسبوع القادم.