الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (79) الإدراك (40) “العين الداخلية” (11) و”عملية اعتمال (معالجة) المعلومات” (10)

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (79) الإدراك (40) “العين الداخلية” (11) و”عملية اعتمال (معالجة) المعلومات” (10)

نشرة “الإنسان والتطور”

29- 5 – 2012

السنة الخامسة

 العدد:  1733

 29-5-2012

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (79)

الإدراك (40)

“العين الداخلية” (11)

و”عملية اعتمال (معالجة) المعلومات” (10)

Information Processing

سبق الرؤية وسبق التأليف والزمن

فصامى يعلمنا (10):

ملحوظة: لم أحاول أن أترجم ما جاء بالشكل حتى لا أشوهه، لأن المضمون ليس هو المقصود، أنا فقط أردت أن أبين ابداعا موازيا لفنان مجهول (لى) فالشكل من مجموعة Art Explosion قد رصد هذه الحجرات والثقوب والمجارى مثلما رصد رشاد الأُود، (الحجرات)، والاخرام، والمجرَى.

مقدمة:

انتهت النشرة التاسعة (الماضية بما يلى🙂

          “….. د. يحيى: ماشى، يا ترى الوقت ده هوه اللى ابتديت تسمع أصوات بتقول كيت وكيت، يعنى إمتى ابتديت تسمع أصوات؟

رشاد: هى الأصوات من قبل الخرم؟

د. يحيى: الأصوات قبل الخرم ؟!! أنا كان يتهيأ لى غيركده، طب كمّل…

رشاد :  بقيت أحس إن فيه اتنين بيتكلموا مع بعض

د . يحيى: جواك؟

رشاد: آه

د. يحيى : جواك فين

رشاد: ما فيش غير عقلى يا د كتور، يبقى فى العقل نفسه

د. يحيى : فى العقل!! اتنين بيتكلموا مع بعض فى العقل نفسه ؟

رشاد: بس على إيه مش عارف

د. يحيحى: يعنى ما يفسروش الكلام

رشاد: لأه ، خالص

د. يحيى: بس بيتكلموا

……

(ثم نكمل اليوم(

د.يحيي: ماشى بعد حكاية الأصوات دى، بتقول (يقرأ) :

” وبعد كده كنت باحس إن الناس ممكن تسحب أفكارى

تسحب أفكارك بقى من المِجرى؟ ولاّ من الاخرام؟ ولا من الشق ده؟ ولا من الشق القديم، إيه الحكايه بالظبط؟

رشاد: هو أنا يا دكتور لحد ساعةْ لما أخدت دورة الكمبيوتر المِجْرَى ماكانتش موجودة، الأصوات كانت موجوده من بَرّه

(*) بدءا من هنا يمكن أن نتابع حركية تنشيط العين الداخلية، وعلاقتها العكسية بالإدراك، بمعنى: إنه كلما نشطت العين الداخلية كانت الشكوى من تحركات، وحضور موضوعات، وسماع أفكار فى داخل الدماغ، أو فى العقل كما يقول رشاد أو فى المخ، لكن التأكيد على أن الاصوات تأتى من الخارج من أفراد معينين، أو بشكل عام، يعلن أن دور العين الداخلية أصبح ثانويا أكثر، ليحل محله “الإسقاط”، وفى العلاج تجرى محاولة الانتقال بالأعراض مع المريض – كما ذكرنا – بعد الاعتراف بمصداقية خبرته، من خلال الاتفاق على اعتبار ثم معايشة كل الأعراض على أنها فى الداخل، وتعتبر هذه الخطوة من أهم خطوات التفاهم حول الاعتراف بالواقع الداخلى بما يتيح الفرصة للتعامل معه حتى يتراجع وينتظم (غالبا يقتصر على الحلم، ونادرا يظهر فى الإبداع) وهنا يقر رشاد تلقائيا أن الأصوات كانت من الخارج أولا، وأنه بظهور نشاط العين الداخلية لم تعد كذلك

د.يحيي: كانت المجرى انسدت بقى؟ ولاّ إيه ؟

رشاد: تمام، لحدّ لما جت اتفتحت تانى فى دورة الكمبيوتر

د.يحيي: هى المجرى اللى اتفتحت تانى؟، ولاّ الاخرام؟ ولا الاثنين

رشاد: لأه، هو فى الفتره بتاعة الدوره ماكنش فيه اخرام، ساعة دورة الكمبيوتر نفسها ماكانش فيه اخرام، الاخرام حصلت بعد ما خلصت الدورة

د.يحيي: طب والمِجْرَى؟

رشاد: ساعتها ماكنش فيه مِجرى، إزاى!!؟ مش عارف

د.يحيي: ماشى، (….)

(*) نلاحظ هنا كيف أن رشاد يستطيع أن يحدد نقلات الأعراض بدقة بالغة، وهو يتحدث عن الفرق بين ما أسماه أخرام (ثقوب) وبين “المِجرى” (الشق) فى البداية، ولوأننا ترجمنا كل مايقوله إلى ما اعتدنا من معانى هذه الألفاظ، إذن لحكمنا عليه بالتخريف فورا، لمجرد أننا سنحاول أن نتصور الموقف فى حدود المفاهميم المعتادة، وهو أمر مستحيل، إذن سوف نحكم عليه أنه يهرف بما لا يدرى، مع أنه يقول تحديدا ما جرى بأقرب لغة متاحة.

والحل فى هذه الحال هو أن نحتفظ له بحق اختراع أبجديته الجديدة دون الإسراع فى الترجمة، حتى نلتقى فى رحاب الفرض إن أمكن، هو يحدد هنا بوضوح أن الأصوات من الخارج كانت قبل دورة الكمبيوتر، وأنه ساعة الدورة لم يكن فيه اخرام أو مجرى (لم تكن العين الداخلية قد نشطت حتى ترصدها)، وحين يتساءل مثلنا أنه لا يعرف لماذا لم تكن هناك فى هذه الفترة لا مجرى ولا اخرام ، “ماكنش فيه مِجرى، إزاى!!؟ مش عارف” يجعلنا نصدقه أكثر، ونصدق توقيته وخبرته – كما هى بالتفصيل دون الإسراع إلى ترجمتها – وحين يقول أن الاخرام ظهرت بعد الدورة إنما يعلن دقة توقيت بداية حدة وعيه بنشاط العين الداخلية غالبا.

(…………………….

…………………….)

د.يحيي: انت برضه بتقوال (يقرأ):

“أى موقف كنت باعمله كان بيتذاع فى التليفزيون”، تيجى ازاى بقى دى فى وسط الهيصة دى

رشاد: يعنى أنا مثلاً أبقى قاعد باحكى لحد على شئ معين، أبص ألاقيه جى فى التليفزيون

د.يحيي: تيجى إزاى بقى دى؟

رشاد: هو ده كل اللى عندى، مافيش دليل معين.

د.يحيي: انت بتقول بالنص ” لو كنت باتكلم مع أختى ألقى ان المذيعه تذيعها على طول”

 الظاهر إنها مذيعه لئيمه، هىّ بتطقس عليكم ولا إيه؟

رشاد: هى فين أصلاً؟ شافتنى ازاى؟ وعرفتنى ازاى؟

د.يحيي: ما هو ده اللى باسألك عليه، إيش أدخل المذيعة، بينك وبين اختك تيجى أزاى دى بقى؟

(*) تساؤل رشاد معنا (معى) عن غرابة الخبرة مهم، يزيدنا التزاما بتصديق كلامه بما هو كما هو، ” هى فين أصلاً؟ شافتنى ازاى؟ وتساؤل الطبيب هو استفهام واستيضاح وليس رفضا أو استبعادا وعرفتنى ازاى؟” ثم نلاحظ حركته “فى” الزمن بعد ذلك :

(…………………….

د.يحيي: طب قول لنا حاجه تانية

رشاد: زى مثلاً فيه فيلم نزل إسمه “عمر وسلمى”

د.يحيي: (ينظر للحضور) هوّا فيه فيلم اسمه كده؟ أصلى أنا يا ابنى من أيام “سى عمر” و”شباب أمرأه” بطلت

رشاد: الحمد لله يا دكتور إنك انت بطلت

د.يحيي: …… هو أنا كنت باعمل حاجه عيب ولا إيه يالَهْ

رشاد: أصل حضرتك كنت حا تغطّى علينا

د.يحيي: دمك خفيف والله، نرجع بقى: كنت بتقول على الفيلم

المريض: أه كان الفيلم تحس فيه بعض الشخصيه منى

د.يحيي: منك؟

رشاد: ما هو نفس الكلام برضك، كنت دايماً باقول الكلام اللى بيتقال، اللى بيقولوه

د.يحيي: لأه بقى، يعنى إيه كنت بتقول اللى بيقولوه، ولا هما اللى كانوا بيقولوا الكلام بتاعك

رشاد: لأه كنت أنا،.. كنت باقول الأول

(*) نقترب الآن من ظاهرة سبق الرؤية Déjà vu  وسبق الاستماع Déjà  entendu  فيمكن بالقياس أن نعتبر هذا من نوع “سبق القول” أو سبق التأليف   Déjà dite & Déjà composé ـ وربما يسرى على هذه الظاهرة من تفسير فسيولوجى يقول بفرض اختلاف التزامن بين عمل نصفى المخ الكرويين، بمعنى أن عمل نصف منهما يسبق الآخر فى كل هذه الظواهر، حتى إذا قام النصف المتأخر بنفس الوظيفة التى أداها النصف الأسبق، كان عنده خبر بأنه سبق القيام بها (الرؤية أو الاستماع أو التأليف)، وفى هذا مايؤكد الفرض الذى أوردناه سابقا، والمتعلق بتفسير الذهان الانشقاقى (أو الفصم فى الفصام) بالقطع الوظيفى للجسم الممندملFunctional callosotomy  ، وهو ما أشرنا إليه سابقا

د.يحيي: “بتقول” أزاى الأول، قبلهم، ازاى تيجى دى قول لنا كده، والله يا رشاد الوقت سرقنا، وانا خايف أنهكك والله وانت عمال تقول كلام بسيط لكن مهم، إحنا بنحاول نتعلم منه، أنا خايف يمكن من الإنهاك تفتعل إجابات من كتر أسئلتى

رشاد: لأ لأ، أبدا، أنا معاك

د.يحيي: طيب، قل لنا إزاى أنت بتقول الكلام الأول يقوم الفيلم قايله

رشاد: هو مابيبقاش طبعاً فى نفس الوقت، الفيلم مش بييجى على طول، لأه ده بياخد فتره يعنى، على ما يتصور وكده

(*)  الذى وصفناه فى التعليق السابق، (سبق أحد النصفين الكرويين) مفروض أنه لا يستغرق أكثر من جزء من الثانية، لكن رشاد يعتبر أنه ” بياخد فترة” وعند الرجوع إلى سابق اقواله نلاحظ أنه لم يشر إلى هذه الفترة، لأنه بمجرد مشاهدة الفيلم أو سماع المذيعة،  يشعر أنه هو الذى قد قال ذلك قبلها، فأين “الفترة” التى يحكى عنها “بياخد فترة يعنى على ما يتصور”، لكنها حرية التحرك “فى” الزمن (وهى من بعض خصائص الإبداع الفائق)، وهى تتجلى هنا جنبا إلى جنب مع حرية تقدير الزمن ليصبح الجزء من الثانية فترة، ويصبح سبق التأليف (الذى فسرناه بجزء من الثانية) أياما وأسابيع، وعلينا فى هذه الحالة ألا نحاول أن ننبهه إلى أخطائه التى نحسبها نحن بحسابات زمننا التتبعى الراتب الذى لا يُلزمه وهو فى حالته تلك، بأى حال.

د.يحيي: معلشى ماعلشى، هى أسألتى بايخه، أنا عارف، اللى أنت قولته، قلته أحسن منى والله، أنا باكلمك جد، إوعى تسرح، أموّتك…، إنت بتقول (يقرأ) :

“….. باحس إن الناس عارفه حقيقه مشكلتى”

وترجع تقول:

 “….أنا مش عارف حقيقه مشكلتى”

تيجى ازاى دى؟ الناس عارفين حقيقه مشكلتك، وانت مش عارفها !!!؟ تيجى ازاى؟

رشاد: يعنى ممكن من نظرات معينه

د.يحيي: يعنى هما بنظراتهم عندهم القدره يعرفوا حقيقه مشكلتك، وأنت لأه؟

رشاد: انا شاكك.

(*)  هنا يمكن أن نتصور البداية حين نرجع إلى فرض واقعية العالم الداخلى ، ونعتبر الناس الذين يعرفون مشكلته هم ناس الداخل، بدءا بالنصف الآخر، أو لعلها “العين الداخلية”، وفى هذه الحالة نعتبر أن العين الداخلية أحدّ بصرا من المعرفة الخارجية، ونفهم وصفه هذا على أن ناس الداخل الممثِّلِين لعينه الداخلية يعرفون مشكلته أكثر منه، لأن العين الداخلية تابعة للإدراك الأعمق والأشمل من الفهم، وتعبيره “يعنى ممكن من نظرات معينة” يمكن أن يشير إلى نظرات العين الداخلية، قبل وبعد الإسقاط على ناس الخارج، هذا علما بأن تعبير”عارفين مشكلتى” لا يشير بالضرورة إلى مشكلة معينة، حتى لو حددها هو عند السؤال، مع تذكرنا باعترافه أنه شخصيا لا يعرفها، فهو تعبير يشير إلى كشف طبقات (“مستويات”، “ذوات”، “عيون”) الداخل لبعضها البعض بلغتها الخاصة دون تفصيل مفاهيمى اعتدناه نحن بلغتنا المرموزة أغلبها. وأخيرا نتابع ما يزيد مصداقيته حين يقول:

أنا شاكك” فيبعدنا عن الإسراع باستسهال اعتبارها ضلالات وأفكار خاطئة يقينا.

 (…………………….

…………………….)

د.يحيي: (يكمل) نتنقل لحاجه تانيه مهمه خالص (يقرأ) بتقول:

“… طول عمر أبويه مش قادر يفهمنى، كل واحد منا فى طريق”

هو فيه حد فهمك غيره يا ابنى

رشاد: هو صحيح كنا مختلفين دايماً أنا ووالدى

د.يحيي: معظم الأبّهات كده، (الله يسامحهم عملوا اللى عليهم) أنا باسألك هوه فيه حد غير أبوك فهمك فى تاريخ حياتك دى كلها 33 سنة

(*) كان الأب يفهمه بمعنى أنه قريب ويرصد سلوكه وليس بالمعنى الذى وصلنى من علاقة أخته به فى الفترة التالية، وحسب نص وصف الوالد نقتطف من أوراق المشاهدة التالى:

“رشاد كان عنده جروب اصحاب كان بيخرج ويسافر معهم، بس ماكنش ليه فى البنات قوى، انا كنت عايزه يتجوز من زمان بس هو عايز يكون مستقبله الأول.

رشاد عنده طموح جامد اللى تعبه هو الطموح عيبه انه عايز يطلع السلم مرة واحدة. واللى بيطلع مرة واحدة ممكن بسهولة يقع مرة واحدة. هو لازم يأخذ الأمور بالتدريج بس هو مش فاهم كده”.

رشاد: أه فيه حد

د.يحيي: مين؟

المريض: أختى الكبيره

د.يحيي: فهمتك؟

رشاد: أه كنا فاهمين بعض يعنى

د.يحيي: وانت فهمتها

رشاد: أه

د.يحيي: حتى فى الأزمة

رشاد: حتى فى الأزمة

(*)  تعبير “يفهمنى” لا يقتصر على الفهم ، ولكنه يمتد إلى “الرؤية”، و”الاعتراف” و”القرب”.

ويبدوا أن شقيقته قد قامت بكل هذه الأدوار بنسب معقولة ولعلها كانت السبب فى وقايته من التمادى فى الانشقاق، وأيضا لا بد أن نقر أن والده كان يفهمه بدرجة ما، ولكن بمعنى أنه كان يصفه بما هو، ولكن بتوظيف أقل من شقيقته بشكل ما،

د.يحيي: الحمد لله

 (…………………….

…………………….)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *