الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (49) الإدراك (10) حول الإدراك (7) الحوار يتواصل برسالة من واقع الخبرة

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (49) الإدراك (10) حول الإدراك (7) الحوار يتواصل برسالة من واقع الخبرة

نشرة “الإنسان والتطور”

 14-2-2012

السنة الخامسة

 العدد:  162825-1-2012

 

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (49)

الإدراك (10)

حول الإدراك (7)

الحوار يتواصل برسالة من واقع الخبرة

وصلتنى من الزميلة د. أميمة رفعت، تعقيب مهم به جرعة متميزة من الخبرة الخاصة والممارسة الإكلينيكية معا، وخاصة فيما يخص العلاج النفسى الفردى الذى توقفت شخصيا عن ممارسته منذ أكثر من ثلاثين عاما لحساب العلاج النفسى الجمعى وغيره، ولفت نظرى أيضا ما انتهت به كلمتها حول ما ذكرته من رؤية ترتبط بما جاء فى تعقيب د. محمد يحيى، وردى عليه عن معرفة الله سبحانه من خلال الإدراك أساسا أكثر من أية وظيفة معرفية أخرى مثل الفهم أو التفكير أو غير ذلك.

* * * *

رسالة: د. أميمة رفعت

لست متأكدة إذا كان ما سأكتبه يُعَد تعقيبا على ما تكتب ولكنها أفكار أوتداعيات خطرت ببالى وأنا أقرأ مقالاتك الشيقة  وكذلك ورقة د . محمد يحيى، والذى أعجب جدا ببنائه الأنيق لحجيته برغم إختلافى معه فى بعض المحتوى مثلما كان فى نقده لفكرة تعدد الذوات التى عرضها فى نفس هذا الموقع منذ سنوات .

إختلافى معه ليس بسبب إنجذابى لأستاذى د. يحيىً – وهوما لا أنكره – وبالتالى إنحيازى لرأيه دون تفكير، وإنما هوإختلاف بسبب الممارسة العملية لهذه المهنة التى جعلتنى “أرى” ذوات ” الإنسان بداخله من خلال مرضاى الذهانيين، فأراهم أيضا داخلى حتى قبل أن أقرأ للدكتور يحيىً ، مما جعلنى أتقبل نظريته بمنتهى البساطة وكأننى أعرفها أوقرأتها من قبل، فأخذتها معى فى طريقى بشكل طبيعى بديهى لم يوقفنى لأنظر إليها ويجعلنى أفكر بإندهاش سوى إعتراض د. محمديحيىً عليها … وهذا هو ثراء الإختلاف .

أرجع لتداعياتى .

فى 2011 وقبل أن أترك عملى فى مستشفى المعمورة، طلب منا الأطباء المقيمون أن نلقى عليهم بعض المحاضرات فى السيكولوجى وتركوا لنا حرية إختيار الموضوع، ولسبب أولآخر فقد إخترت موضوع “الإدراك” . وصلنى بعدها أن هؤلاء الأطباء “يشترطون” أن تكون مادة المحاضرة فى إطار الإمتحانات والأسئلة المحتملة!

غاظنى هذا الشرط بشدة ولكننى لم ألمهم وإنما لمت ُ من علمهم ألا ينظروا إلى المعرفة إلا من هذه الزاوية الضيقة .. وهذا ليس موضوعنا . المهم أننى قررت أنهم كما إستفزوا فىً روح التحدى والبناء الجديد والتغيير فسأرد جميلهم بإستفزاز عقولهم للتفكير والبحث عن زوايا جديدة للرؤية … ولكن كيف؟

بحثت كثيرا فى كل ما لدىً من مواد عن الإدراك وأيضا عن طريق جوجل ورأيت معلومات وصورا وغيرها وإستلهمت من كل هذ الكثير، ولكن كان ينقصنى شىء ما، ولم تتبلور المسألة فى رأسى حتى تذكرت “دليل الطالب الذكى “للدكتور يحيىً الرخاوى . فبرغم أننى قرأت هذا الكتيب منذ 3 سنوات تقريبا إلا أننى رجعت إليه وأنا أعلم أننى أبحث عن شىء مختلف يكمل لى فكرتى … وقد وجدته فعلا … إنه الإخراج الفنى !

 ربما عَرضٌ على الشاشة بالصور وبأداء تجريبى منى ومنهم .

أخذت ما إستلهمته من هذا وذاك وحولت المحاضرة من إلقاء محاضرٍ لمعلومة إلى طلاب جالسين عاقدى الأذرع على صدورهم، ممددى السيقان أمامهم، مسبلى الجفون إلى منتصف حدقاتهم، إلى مشاركة بين زميلة أكبر سنا مع زملائها الأذكياء الأصغر، يجلسون فى تحفز بأجسادهم وعقولهم ليسألوا ويفكروا ويقترحوا ويدركوا : أن الإدراك مسألة مفتوحة إلى ما لا نهاية وليست سطور مغلقة على ورقة الإمتحان .

وهكذا عشنا تجربة الإدراك بأنفسنا بما تسمح به الساعة المتاحة لنا .

ما إستفدته أنا شخصيا  من هذه التجربة كان أبعد من تصورى، فقد كنت “أعرف” أن الإدراك عملية متحركة ليست ساكنة، ولكننى “أدركت” – وقد نوًرت بداخلى الفكرة والإحساس – أن الإدراك عملية نابضة حية متغيرة بل دائمة التغير وبسبب هذا التغيير المستمر ينموالإنسان وتنطلق مسيرته . ثم أدركت حقيقة أن هذا ما نفعله فعلا فى العلاج النفسى، إن المتغير الأساسى فى العملية العلاجية هوالإدراك وتليه بقية المتغيرات .

وهكذا أدركت أن المعرفة غير الإدراك، فالمعرفة يختص بها العقل الحسابى أساسا والجسد الحسى، والتنوير الذى ينتج عن هذا يمكن التعبير عنه بكلمة “الفهم”، أما التنوير الذى ينتج عن الإدراك فهوعميق ولسبب ما هو “مفرح  و”محفز” وأقرب فى اللغة لكلمة “الوعى”.

ثم أدركت أيضا أن المعرفة المواكبة للإدراك أوالتى تليه هى معرفة من نوع آخر تختلف عن تلك التى تسبقه .

كنت أعرف: أن المعرفة تسبق الإدراك – حسب التعريف الشائع للإدراك – لإعطاء معنى لمثير ما، أوكما يقول د. محمد: إعطاء معنى للبادى من البيئة المعرفية . ولكننى أتساءل ألا يتطلب فهم معنى مثير ما أصلا أوإستقباله إدراكا، أى أنه لابد من إدراك للمثير فيصبح له معنى ليشترك معنا مرة أخرى فى إدراك جديد وهكذا …. وإذا كان الأمر كذلك فلابد أن الإدراك هوالبداية وليست المعرفة، فهل يعنى هذا أن الإنسان يولد وهو “يدرك ” قبل أن يلمس من حوله أية بيئة معرفية أصلا؟ ألا يعنى هذا – إذا كان الفرض صحيحا – أن هناك ما يدركه الطفل بلا معرفة حسية أومثيرات اوتفكير حسابى أوغيره كإدراك الخالق مثلا .. إدراك الله .

هل يصب هذا فى “المقدمة التى كتبتها عن الإدراك”؟ وهل إذا كانت “المقدمة” فى قلب إهتمام متلقى صغير بسيط مثلى نعتبرها  مجرد مقدمة؟ أنا أراها أوأدركها فى صلب الموضوع، وهنا يختلف إدراكى كمتلقى يراها هى ذاتها الموضوع ويتمنى لورأى كاتبها أنها كذلك فتقترب المسافات بيننا، وبين أن يراها كاتبها مقدمة لما هوأشمل أوأعمق أوأصعب (لا أعرف) فيبتعد عنى بمعرفته مسافات تجعلنى أخشاه وأخشى علمه .

أرجو ألا تراها مجرد مقدمة ولو مؤقتا!

هناك تجربة أقوم بها مع مرضاى فى عيادتى فى العلاج الفردى أود عرضها إذا سمحت لى وأعتقد أن لها علاقة عميقة بالإدراك وسأحاول الإختصار قدر إمكانى  …

لدىً لوحة ضخمة فى حجرتى بالعيادة مرسومة رسما سيرياليا (لم أعد أراه كذلك)، مختلط الألوان ولا يمكن تحديد شكل واضح فى الصورة .

أبدأ بسؤال المريض إذا كانت تعجبه، وغالبا لا تعجبه، ثم أسأله عن إنطباعه العام عما يراه، وأخيرا أطلب منه أن يتخيل نفسه يصغر حجما حتى يدخل داخل اللوحة ويختار بها ركن معين يجد نفسه فيه .

يبدأ المريض بأن ينظر إلىً بدهشة ويضحك ولكنه يوافق ويرحب بالتجربة، أقوم بإرشاده ببطىء ليتخيل ما يلبسه؟ وكيف هوفى مكانه .. واقف أوجالس .. إلخ أحيانا أسأله ما  عمره؟

ما هذا المكان؟ ثم تزداد الأسئلة عمقا، فأسأله عن إضاءة المكان ودرجة الحرارة والتهوية؟ ثم كيف يشعر بهذه الحرارة على جسده وأى جزء من جسده يلمسه الهواء؟ ثم ننتقل إلى مشاعره فى هذه اللحظة؟ واين يشعر بها فى جسده؟ وكيف يراها؟ مثلا يشعر بالخوف ويجده فى صدره أووجهه، ويراه رمادى اللون، ثقيل وله قوام لزج أو… أو….. وينتقل إلى اللوحة لنرى ماذا يريد ان يفعل؟ يقف مكانه بلا حراك أم يخرج من هذا المكان , يرصد المريض غالبا دون سؤال تردده أوإندفاعه أوحذره مثلا، ويبدأ فى وصف ما يراه من حوله فى الأماكن التى يصل إليها، وبالمناسبة لا علاقة لها بالألوان الحقيقية فى اللوحة فقد يجد نفسه يمشى على رمل أصفر مع أن اللون فى هذا المكان أحمر ، وتتكرر أسئلتى من آن لآخر مع تنبيهه احيانا ليشعر بلغة جسده فى مواقف مختلفة . يتحرك المريض كما يشاء ويتغير الإيقاع من مريض لآخر، منهم أحيانا من يطير، أويزحف على بطنه، أويتسلق حائطا، ومنهم من يطلب دخول آخرين معه فى اللوحة ثم يطردهم بعد قليل …. إلخ

يختفى الخيال النشط الذى بدأنا به  سريعا ويدخل المريض فى عالمه الداخلى وتبدأ عينه الداخلية فى رصد داخله وإدراكه . وأشعر حينها بأنه ينتقل من مستوى وعى لآخر بنعومة وسلاسة و..تلقائية . الغريبة أن أسئلتى لا تقطع مسار أىمستوى من هذه المستويات، ويستجيب الجسد بشكل غريب : فعندما يجد المريض نفسه فى صحراء حارقة الشمس والحرارة يبدأ بتحسس وجهه وأكتافه ويتضايق من الحرارة برغم ان المكيف البارد معلق فوق رأسه فى الحقيقة، والمريضة المحجبة تشعر أن الهواء يتخلل شعرها الذى يطير فوق كتفيها وعلى وجهها وتمد يدها لتزيحه، وآخر يمشى فوق أرض صخرية تؤذى قدميه الحافيتين ولا يستطيع الوقوف من الألم .

كنت أقصد من هذه التجربة تحريك مستويات وعى المريض وجعله يتجول بينها حتى تتكامل وتتناغم دوائره ووجوده، ليس الغرض هوتحليل ما يسقطه على اللوحة أوغيره، ولكن حدث لى أنا شخصيا ما هوأكبر: فانا أدخل مع المريض فى هذه اللوحة وأشعر به وأتنقل بين مستوياته، وفى الوقت ذاته أحافظ على وجودى الخاص بى ولا أفقده وتتحرك مستويات وعيى أنا ايضا، والمسألة ليست صعبة كما تبدومن روايتى . وإن كان المريض يخرج منها مرهقا جدا .

مع مرور الوقت وعشرات المرضى، ضبطت نفسى إحدى المرات وكنت أتحدث مع مريضة فى جلسة فردية ليست بها هذه التجربة – اللوحة أمامى وخلفها – أتحدث فى مسألة روحانية ذكرت فيها الله تعالى، وجدت نفسى أرفع عينى لأنظر فى هذه اللوحة وكأننى أراه أوأرى المسار إليه بداخلها، ثم تكررت معى هذه المسألة عدة مرات، بل أن فى إحداها رفعت يدى دون أن أشعر تجاهها لأشير إلى الله فيها .. مع العلم بأنه لم يحدث أن ذكر أى مريض الله وهويتجول بداخلها .

ماذا حدث؟ كيف يمكن تفسير ذلك؟ هل هناك علاقة بين عملية الإدراك ومعها إدراك الله  وهذه التجربة؟ ما صلة تحريك مستويات الوعى بالله؟ هل “الإدراك” مستويات مختلفة وهو نفسه ” لوعى” بمستوياته؟ هل الإدراك هوالوعى؟

* * * *

الرد: (د. يحيى الرخاوى)

(رد  د. محمد الرخاوى، ومناقشته غدًا)

أكرر شكرى واحترامى واستسمحك أن أبدى بعض ملاحظاتى كما يلى:

1)   فضلت أن يوصف ما أكتب فى هذا الموضوع بأنه “افتراضاتك المثيرة” أكثر من تعبيرك “مقالاتك الشيقة“.

2)    موضوع “ذوات الداخل” (وسوف أعود إليه فى ردى على د. محمد غالبا) لم يعد فرضا فحسب، بل اعتقد أنه تطور إلى درجة تقترب به من نظرية تختبر باستمرار إمبريقيا فى واقع العلاج عامة (بما فى ذلك العلاج الفارماكولوجى) بل والكهربى (تنظيم الإيقاع) كل يوم، وفى العلاج الجمعى بدرجة خاصة، وهو فرض مرتبط أشد الارتباط بفروض الإدراك كلها تقريبا .

3)    إن “الإدراك عملية متحركة وليست ساكنة” هو ما اتفقتا عليه نحن الثلاثة، بقى إصرارى على أنها تحدث فى نفس اللحظة على مستويات متعددة.

4)  أختلف معك فى كون الإدراك هو “المتغير الأساسى” فى العلاج النفسى أو فى العملية العلاجية وهو الأهم من بقية المتغيرات، لأن من أصعب الأبحاث (لدرجة قاربت الاستحالة عندى) أن أحدد متغيراً بذاته باعتباره أكثر تأثيرا أو أفضل من غيره فى العملية العلاجية، وإن كنت أرى أنه يمكن رصد النقلة النوعية فى الإدراك عند المرضى بشكل أوضح وأسهل من رصدها فى الوجدان أو طريقة التفكير (اعتمال المعلومات) لكن يظل الناتج فى نهاية النهاية كليا غير متاح للرصد والتفتيت.

5)  المعرفة لا يختص بها العقل الحسابى، وأنا لا أعرف تعريفا جاهزا لما هو “العقل الحسابى”، فإذا كنت تعنين به العقل الذى يقتصر تعريف التفكير عنده أنه “حل المشاكل”  Problem Solving ، فإن نشاط هذا العقل أقل بكثير فى منظورى من كلمة المعرفة، فإذا انتقلنا إلى بقية الجملة “المعرفة يختص بها العقل الحسابى والجسد الحسى” توقفت أكثر عند تعبير “الجسد الحسى“، فإذا كنت تعنين الحواس الخمس فأهلا، أما تعبير “الجسد الحسى” هكذا فهو غريب علىّ لعلاقتى بدور الجسد فى التفكير والإبداع سواء حساً أو حركة أو نبضا أو كلا، كما بينت ذلك فى شرحى لدور الجسد فى العملية المعرفية فى عدة نشرات وأطروحات مثلا :عن الفطرة والجسد وتَصْنيم الألفاظ بتاريخ 6-11-2007، تهميش “الجسد” على الناحيتين بتاريخ 24-12-2007.

6)   أيضا لى تحفظ على استعمال كلمة “التنوير” سواء للإشارة إلى الفهم (تعبير عن المعرفة بالعقل الحسابى والجسد الحسى) أو للاشارة إلى التنوير الذى ينتج عن الادراك فهو عميق …الخ.

7)    وصفك “التنوير” الذى ينتج عن الإدراك بالعمق مقبول (مع احتفاظى بتحفظى على كلمة التنوير) أما إضافة أنه “لسبب ما هو “مفرح” أو “محفز” وأقرب إلى “الوعى” هو غير مقبول لدىّ، إلا ونحن نقترب من دور الوجدان فى المعرفة، ثم  دعينا  ننتظر حتى نرى حلا فى استعمال كلمة “الوعى” بين كل هذه الأبجدية.

8)  لم أفهم كيف حددت أسبقية المعرفة عن الإدراك، اللهم إلا إذا كنت تعنين “التعرف على المحيط (الواقع) الخارجى أو الداخلى ليمتد توظيف الادراك إلى الكائنات الحية جمعيها.

9)  إعطاء معنى (لفظيا أو غير ذلك) للمثير ليس ضروريا لتتم عملية الإدراك، لكن التعرف على المُدْرك واستعمال هذا التعرف فى برامج البقاء والتكيف هو المهم، و”التعرف” غير إعطاء المعنى كما ناقشت د. محمد يحيى سالفا.

10)  طبعا الوليد يولد (أو يفقس) وهو يحمل كل أجهزة (برامج) الإدراك لنوعه، فإذا كنا نتكلم عن الإنسان، فالطفل يولد وهو يحمل كل برامج الإدراك ليس فقط لنوعه وإنما لكل الأنواع التى يحملها تاريخه التطورى فى خلاياه إذا قبلنا الاعتراف بالقانون الحيوى “لهيكل”: أى أن الانتوجينيا تكرر الفيلوجينيا، ثم تطلق هذه البرامج أثناء النمو، وتتفوق الأحدث على الأقدم، لكن يظل التناوب والتكافل واردا، اللهم إلا إذا طمست البرامج الأقدم بالتنشئة الخاطئة لحساب الأحدث تعسفا وقهرا وكبتا.

11)  إن إدراك الطفل للخالق، وهو بالنسبة لى حقيقة أصدق وأقرب من إدراك اليافع أو المسن، ربما يرجع لأن كل برامج إدراكه قادرة على استقبال البيئة المحيطة الممتدة إلى ما لا تعرف حتى وجهه تعالى، وأنها لم تنطمس بعد بالأحاسيس الاختزالية المتميزة والعقلنة الحسابية والتفكير المنطقى المسطح، والعودة إلى هذه المرحلة دون نكوص هى الباب إلى معرفة الله بكلية الادراك وليس باثباتات العقل.

12)  المقدمة، أية مقدمة، يمكن أن تكون أهم مما يليها  وهذا ما سبق أن أشرت إليه فى ردى على محمد استشهادا بمقدمة ابن خلدون، ومحاضرات “تمهيدية” فى التحليل النفسى لفرويد .

13)  طبعا تجربتك لها علاقة عميقة بالإدراك ، وهى تجربة جيدة جدا، وصادقة، لكننى أخشى، أن يختلط عليك وعلى مرضاك – فى غمرة الحماس – الفرق بين الإدراك وبين التخيل والخيال (وهذا له علاقة وثيقة بالتفرقة بين الهلاوس الحقيقية وبين الصور الخيالية فى حالة المرض) .

14)  يمكن تحديد الوظيفة التى يعمل من خلالها بعض الإيحاء من المعالج، ثم الإيحاء الذاتى سواء فى تجربتك أو فى غيرها، على مدى طيف ممتد من الخيال إلى التفكير  إلى الإدراك، وما وصلنى مما كتبت هو أن بعضه على الأقل أقرب إلى توظيف تخيل يقظ، منه إلى الإدراك.

15)  الانتقال من توقف المريض عن الخيال النشط والانتقال إلى الدخول فى عالمه الداخلى ثم قولك: “وتبدأ عينه الداخلية فى رصد داخله وإدراكه” مهم جدا، والتقاطك أن هذه نقلة فى الوعى شديد الأهمية أيضا، وسوف أتناول هذه النقطة لاحقا بتفصيل أكثر فى العلاج الجمعى وفى بعض تفسيرات ما يوازى العلاج الشعبى (أو العلاج الشعبى نفسه مع اختلاف الأبجدية).

16)  استجابة الجسد للتجربة ربما تطمئننى أن هذه الخبرة قد تجاوزت الخيال والأحاسيس ، لكن بقية الفقرة ترجعنى لمستوى الخيال مرة أخرى، وأنا ليس لى اعتراض لكننى انبهك بعد إذنك إلى أن هذا مستوى يحملك – كطبيبة– مسئولية أكبر فأكبر خصوصا فى العلاج الفردى.

17)  تعبير “تحريك مستويات الوعى” هو تعبير جيد جدا، لكن أن يكون الهدف القريب من ذلك هو هذا التكامل التضفرى هكذا: “حتى تتكامل وتتناغم دوائر وجوده” فهذا ما أرجو أن تتواضعى فى وصفه هكذا فما أصعب الوصول إليه.

18)  تجربتك الشخصية بعيدا عن اللوحة أو فى اللوحة ، وإدراكك حضور الله سبحانه بهذا القرب أنا أصدقها حرفيا وخاصة إذا لم يذكر فيها لفظ الجلالة ، وهو ما أشرت إليه، وهو ما سوف أشير إلى مثله غالبا فى تجربة العلاج الجمعى والفروق الثقافية)

19)   يبدو أن العلاقة بين عملية الإدراك وإدراك (معرفة)  الله هى أصل الدافع إلى تناولى هذا الملف هكذا، شكرا.

20)  كما أن صلة تحريك مستويات الوعى وعلاقتها بإدراك الله هى ضمن أهداف هذه الفروض وهذه الأطروحة بشكل أو بأخر، فقط دعينى أضيف لفظ “معا” أى تحريك مستويات الوعى “معا” .

….

وغدًا نقرأ رد د. محمد يحيى الرخاوى، ومناقشتى له

 ولك كل الحق والترحيب لمواصلة الحوار، على ألا تمنعانى  من الرجوع للأصل وإلا شكوتكما للصديق الكريم أ.د.جمال التركى، والدكتورة ماجدة صالح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *