الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس: الإدراك (113) اضطرابات الإدراك (14): أنواع الهلاوس (1)

الأساس: الإدراك (113) اضطرابات الإدراك (14): أنواع الهلاوس (1)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 17-2-20137-9-2011

السنة السادسة

 العدد: 1997    

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (152)

  الإدراك (113)

اضطرابات الإدراك (14): أنواع الهلاوس (1)

المقدمة:

انتهت نشرة الأسبوع الماضى بإعلان الصعوبة التى أقابلها وأنا أحاول التكلم باللغة العلمية التقليدية، ومع ذلك أحاول المضى قدما فيما هو لازم.، والأرجح عندى أن الزملاء الأطباء والمختصين الأصغر سوف يرحبون بهذه الطريقة نظراً لأنها الأقرب إلى ما اعتادوا عليه فى دارسة الأعراض عامة، وأيضا لأنها أقل تعتعة لهم، وأهدأ تحريكا (غالبا).

شرحنا – بقدر المستطاع، الفرق بين الهلوسة الحقيقية التى يعلن بها المريض وصول ما يؤكد وجود مدارك حسية إلى الحواس الظاهرة (الخمسة) دون وجود أصل لها فى المؤثرات فى عالم الواقع الخارجى، فى حين أن ما أسميناه “الهلوسة البصيرية”، إنما يعلن نشاط العين الداخلية ونجاحها فى استقبال الواقع الداخلى باعتباره مؤثرات حقيقية تتدرج فى علاقتها بالبصيرة بدءًا من (1) إنكارها بالاعتراف بأنها ليست إلا صوراً أو أصواتا أو حتى أفكارا داخلية  Inner Thoughts ثم تدرجاً إلى (2) الاعتراف بأنها إدراكات حسية ولكنها من داخل الدماغ، وأحياناً مجسدة خارجه لكنها غير حقيقية، ثم إنه حتى لو أقر أنها إدراكاًت حقيقية، فإنه كثيرا ما يقر (3) أنها تأتى وتذهب مع تقلبات الوعى، أو الموقف، أو غير ذلك مما أشرنا إليه، وأخيراً قدمنا الصور التخيلية باعتبارها مؤلفة أو مزيفة (لا شعوريا!) إذ تحدث فى حالة انشقاق للوعى يسمح بتنشيط الخيال العقلى (وليس الإدراك الأعمق ولا الإدراك العادى)  ثم إن المريض يسقط ناتج ذلك فيما يوصف بأنه أصوات أو أشخاص يتحركون أو يتكلمون …..الخ.

تناولت كل ذلك وأنا فى ضيق شديد لشعورى بأن من لم يمارس مواجهة هذه الخبرات مع المرضى (أو مع نفسه) لن يصله المراد بهذه التفرقة مهما قدمنا من شروح، وإلى أن يحين وقت وفرص عرض حالات إكلينيكية واقعية، ويا حبذا بالفيديو، نكتفى بهذا القدر، وأنتقل إلى تقسيمات عادية متواضعة، وأبدأ بتقسيم الهلاوس حسب عضو الاحساس أساسا.

ثانيا‏: ‏من‏ ‏حيث‏ ‏نوع‏ ‏الحواس‏:‏

‏1–  ‏الهلوسات‏ ‏السمعية‏ ‏تعتبر‏ ‏من‏ ‏أكثر‏ ‏أنواع‏ ‏الهلوسات‏ ‏تواترا‏ ‏فى ‏حالات‏ ‏الذهان‏ ‏عامة‏، ‏بالمقارنة‏ ‏بالهلوسات‏ ‏البصرية‏ (‏اللهم‏ ‏إلا‏ ‏فى ‏حالات‏ ‏الاضطرابات‏ ‏العضوية‏ ‏الهترية‏ (1) ‏حيث‏ ‏تغلب‏ ‏الهلوسات‏ ‏البصرية‏). ‏وهى ‏تختلف‏ ‏من:

‏ (أ) ‏مجرد‏ ‏طنين‏ ‏أو‏ ‏أصوات‏ ‏غير‏ ‏متميزة‏، وفى هذه الحالة ‏لا‏‏بد‏ ‏من‏ ‏التأكد‏ ‏أولا‏ ‏من‏ ‏حالة‏ ‏الأذن‏ ‏وسلامتها‏ ‏لأن‏ ‏أية ‏إصابة‏ ‏فيها‏ ‏قد‏ ‏تكون‏ ‏مسئولة‏ ‏عن‏ ‏مثل‏ ‏هذ‏ ‏الطنين‏، (‏الوشّ‏).

 (ب) ‏كلام‏ ‏محدد‏ ‏ومحتوى ‏منظم‏ ‏له‏ ‏معنى‏، ‏تظهر هذه الهلوسات‏ ‏السمعية‏ ‏كاملة‏ ‏التشكيل‏  فى أشكال متنوعة نورد بعضها فيما يلى:

  • ‏خطاب‏ ‏كلامى ‏يحمل‏ ‏معنى ‏متماسكا‏ ‏أو‏ ‏غير‏ ‏متماسك‏، ‏حسب‏ ‏مدى ‏تماسك‏ ‏المنظومة‏ ‏المرضية‏ ‏المصاحـبة‏،
  • ‏وقد‏ ‏يكون‏ ‏الكلام‏ ‏مفصلا‏ ‏أكثر‏ ‏مما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏نتصور‏ ‏أنه‏ ‏إدراك‏ ‏حسى ‏بحت‏، ‏بل‏ ‏قد‏ ‏ترجح‏ ‏كفة‏ ‏أن‏ ‏يحكى ‏المريض‏ ‏خبرات‏ ‏من‏ ‏خياله‏ ‏على ‏أنها‏ ‏مدركات‏ ‏حسية‏، ‏الأمر‏ ‏الذى ‏يحتاج‏ ‏إلى ‏تيقن‏ ‏خاص‏ ‏لاستبعاد‏ ‏أنها‏ ‏صورة‏ ‏تخيلية‏ ‏سمعية‏ ‏وليست‏ ‏هلوسات‏ ‏مدركة، (كما ذكرنا)، وكلما كان الحوار كاملا ومحبوكا كان احتمال دور الخيال لا الإدراك أكبر‏.
  • ‏وقد‏ ‏تأتى ‏الهلوسات‏ ‏عبر‏ ‏المذياع‏ ‏أوالتلفاز‏،
  • ‏وقد‏ ‏تتخلل‏ ‏حوارا‏ ‏عاديا‏.
  • ‏وقد‏ ‏تكون‏ ‏مواكبة‏ ‏للمزاج‏ ‏الغالب‏
  • ‏أو‏ ‏لمنظومة‏ ‏الـضلال‏ ‏الرئيسية‏
  • ‏أو‏ ‏تكون‏ ‏متفردة بذاتها‏ ‏منفصلة‏ عن‏ ‏الواقع‏، وعن المنظومة الضلالية الرئيسية، و‏عن‏ ‏الأعراض‏ ‏الأخرى.

إن‏ ‏النظر‏ ‏فى ‏طبيعة‏ ‏ومحتوى ‏الكلام‏ ‏الواصل‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏الهلوسة‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يهدينا‏ ‏إلى ‏معرفة‏ ‏أعمق عن المريض العقلى وعن غائية المرض (اللهم إلا فى حالات الاضطرابات العقلية العضوية الشواشية التشريحية) (2)‏، ‏أى أننا يمكن أن نصل إلى فهم‏ ‏دال‏ ‏لمعنى ‏ظهور الهلاوس‏، ‏بل‏ ‏وربما لمعنى المرض‏ ‏كله‏. ‏لأنها‏ ‏تشير‏ ‏فى ‏أحيان‏ ‏كثيرة‏ ‏إلى ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يصنـف‏ ‏هذه‏ ‏الهلوسات‏ ‏تصنيفات‏ ‏إضافية‏، ‏مثل‏ ‏أن‏ ‏الأصوات‏ ‏الآمِرة‏ ordering ‏تدل‏ ‏على ‏ظاهرة‏ “‏السلبية‏”، ‏أو أن الأصوات‏ ‏المعقِّبة‏commenting ‏هى ‏إحدى ‏أعراض‏ ‏شنايدر‏.. وبدايات الذهانات النشطة ..‏إلخ‏،

  • وقد‏ ‏تأتى الهلوسات‏ ‏السمعية‏ ‏عبر‏ ‏بعض‏ ‏وسائل‏ ‏الإعلام‏، ‏مثل‏ ‏التلفاز‏، ‏إذ‏ ‏تتداخل‏ ‏مع‏ ‏أحد‏ ‏البرامج‏ (‏الأخبار‏ ‏عادة‏).
  • ‏كذلك‏ ‏قد‏ ‏تتداخل‏ ‏فى ‏ثنيات‏ ‏تبادل‏ ‏حوارٍ‏ ‏ما‏: ‏تصل‏ ‏من‏ ‏خلاله‏ ‏للمريض‏ ‏الأوامر‏ ‏الهلوسية‏.‏
  • ‏وقد‏ ‏تتماشى ‏الأصوات‏ ‏مع‏ ‏المزاج‏ (‏الوجدان‏) ‏الغالب‏ ‏عند‏ ‏المريض‏ ‏وهذا‏ ‏ما‏ ‏يصـف‏ ‏أغلب‏ ‏الهلوسات‏ ‏فى ‏حالات‏ ‏الهوس‏ ‏والاكتئاب‏،
  • ‏كما‏ ‏قد‏ ‏تكون‏ ‏غير‏ ‏متسقة‏ ‏مع‏ ‏هذا‏ ‏المزاج‏ السائد، ‏ومتناثرة‏ ‏وخبط‏ ‏عشواء‏،
  • ‏وأحيانا‏ ‏أيضا‏ ‏لا‏ ‏تتسق‏ ‏مع‏ منظومة ‏الاضطراب‏ ‏الغالب‏ (‏المنظومة‏ ‏الضلالية‏ ‏مثلا‏).‏
  • وعادة‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏الهلوسات‏ ‏السمعية‏ ‏بنفس‏ ‏لغة‏ ‏المريض‏ ‏ونادرا‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏بلغة‏ ‏أجنبية‏،
  • ‏وفى ‏مجتمعاتنا‏ ‏كثيرا‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏بلغة‏ ‏غير‏ ‏مفهومة،‏ وفى هذه الحال تكون أقرب إلى “الصور الخيالية” منها إلى الهلوسات، وقد تعزى فى كثير من الأحيان إلى لغة الجان، وتسمى هذه اللغة الرطان: ‏‏جَدْلَغة‏  (3)

وقد‏ ‏تكون‏ ‏الهلوسة‏ ‏السمعية‏ ‏متغيرة‏، ‏ومن مصادر متعددة حسب‏ ‏مقتضى ‏الحال‏ ‏الجارى ‏أو‏ ‏المرضى‏، ‏كما‏ ‏قد‏ ‏تكون‏ ‏هى ‏هى ‏نفس‏ ‏الصوت‏ ‏بنفس‏ ‏المحتوى ‏ذى ‏الدلالة‏ ‏الإمراضية‏ (‏السيكوباثولوجية‏).‏

المحتوى والدلالة:

أما‏ ‏المحتوى ‏الدلالى ‏الخاص‏ ‏للهلوسة‏ ‏فإن‏ ‏حسن‏ ‏الإنصات‏ ‏إليه‏ يعد ‏من‏ ‏أهم‏ ‏ما‏ ‏يساعد‏ ‏فى ‏العلاج‏، ‏فـقد‏ ‏تكون‏ ‏الهلوسات‏ ‏بمثابة‏ ‏استعادة‏ ‏ذكرى ‏قديمة‏ ‏مثل‏ ‏المريض‏ ‏الذى ‏يسمع‏ ‏صوت‏ ‏والده‏ ‏وهو‏ ‏يدعو‏ ‏له‏ ‏بالعفو‏، ‏بالمقارنة‏ ‏بالآخر‏ ‏الذى ‏يسمع‏ ‏والده‏ ‏وهو‏ ‏يذكِّره‏ ‏أنه‏ ‏لن‏ ‏يفلح‏ ‏لشيء‏ (‏والنبى ‏ما‏ ‏انت‏ ‏نافع‏). ‏أو الذى يسمع صوت خطيبته التى خانت العهد وفسخت الخطبه، دون مبرر كافٍ، كذلك‏ ‏قد‏ ‏تصطبغ‏ هذه ‏الهلوسات‏ ‏بصبغة‏ ‏روحية‏ ‏أو‏ ‏دينية‏ ‏أو‏ ‏تصوفية‏ ‏مثل‏ ‏من‏ ‏يسمع‏ ‏صوت‏ ‏شيخه‏ ‏أو‏ ‏وليه‏ ‏أو‏ ‏حتى ‏صوت‏ ‏الله‏ ‏وهو‏ ‏يرسل‏ ‏إليه‏ ‏رسالة‏ ‏ذات‏ ‏دلالة‏ ‏خاصة‏، ‏أو‏ ‏حتى ‏وهو‏ ‏يحدثه‏ ‏دون‏ ‏إبلاغة ‏رسالة‏ ‏محددة‏.‏

علاقة الهلوسة بالضلال:

فى كثير من الأحيان تلزم التفرقة بين ما هو هلوسة سمعيه، وما هو اعتقاد وهمى (ضلال)، وما هو صوت داخلىInner voice ، وهذا التداخل مهم من الناحية الإمراضية لأنه يشير إلى ما ذهب إليه هنرى إى (4)  بوجه خاص من الترادف بين تكوين الضلالات وتكوين الهلاوس، وأن الفرق هو قناة استقبال الإمراضية، هل هى عبر السمع (الأذنين) فعلا فتصبح هلاوسا، خذ مثلا عرضا من أعراض شنايدر المشهورة، “أسمع اتنين بيتكلموا على، بيتناقشوا فى موضوعى”، واحد بيقول إنى ماليش فى النسا، والتانى بيرد عليه بيقول إنت إيش عرفك؟ ما هو مخلّف خمسة”. لو أن هذا المريض قال أن هذا النقاش هو داخل رأسه لكنه أصوات وليس مجرد أفكار أو وساوس، فإن هذا هو ما يسمى “الصوت الداخلى، أما لو قال أنه سمعهم فعلا أثناء جلوسه فى القهوة، أو كلما جلس فى القهوة، يسمعهم فعلا بأذنيه فهذه هلوسة، أما إذا نفى أنه سمع نقاشهم بأذنيه، وقال إنه استنتج ذلك من نظراتهم أثناء دخوله المقهى مثلا، لكنه على يقين من أنه يحدث برغم أنه لم يسمعه شخصيا، فهذا هو الضلال.

‏2– ‏الهلوسات‏ ‏البصرية‏: ‏هذه‏ ‏الهلوسات‏ ‏هى ‏من‏ ‏أكثرالهلوسات‏ ‏تداخلا‏ ‏مع‏ ‏الصور‏ ‏التخيلة‏، ‏وهى ‏حين‏ ‏تكون‏ ‏اضطرابا‏ ‏حقيقيا‏ ‏فى ‏الإدراك‏ ‏كما‏ ‏فى ‏حالات‏ ‏الهذيان‏ ‏تكون‏ ‏أولية‏ ‏ومؤقتة‏ ‏ومتغيرة‏ ‏وغير‏ ‏كاملة التشكيل‏ ‏فى ‏العادة‏ ‏مثلما‏ ‏يحدث‏ ‏فى ‏حالات‏ ‏الهتر‏ (‏الهذيان‏) Delirium ‏عامة‏ ‏والهتر‏ ‏الارتعاشى Delirium Tremens ‏ مع ظهور على ‏وجه‏ ‏التحديد‏. وهى ‏اضطرابات‏ ‏عضوية‏ ‏يتغير‏ ‏فيها‏ ‏الوعى ‏مع ظهور‏ ‏كل‏ ‏من‏ ‏الهلوسة‏ ‏والوهل‏.‏

وفى ‏حالة‏ ‏أن‏ ‏يحكى ‏المريض‏ ‏هلوساته‏ ‏البصرية‏ كاملة ‏التشكيل‏ ‏مفصلة‏ ‏الوصف‏، ‏ذات‏ ‏بعدين‏ ‏فقط‏، ‏كجزء‏ ‏من‏ ‏قصة‏ ‏فيها‏ ‏أصوات‏ ‏وأحداث‏ ‏فإن‏ ‏ذلك‏ ‏أدعى ‏إلى ‏احتمال‏ أن ‏تكون‏ ‏صورا‏ ‏بصرية‏ ‏تخيلية‏ ‏وليست‏ ‏هلوسة‏.‏

3- ‏الهلوسات‏ ‏الشمية‏: ‏لهذه‏ ‏الهلوسات‏ ‏علاقة‏ ‏وثيقة‏ ‏بالانفعالات‏ ‏البدائية‏ ‏وبالغريزة‏ ‏الجنسية‏، ‏فحاسة‏ ‏الشم‏ ‏هى ‏من‏ ‏أقدم‏ ‏الحواس‏ ‏تطوريا‏، ‏ومراكز‏ ‏الشم‏ ‏وثيقة‏ ‏الصلة‏ ‏بمراكز‏ ‏الانفعال‏، ‏وبالتالى ‏بالعواطف‏ ‏البدائية‏ ‏وبالشعور‏ ‏بالذنب‏، ‏وهذه‏ ‏الهلوسات‏ ‏متواترة‏ ‏الحدوث‏ ‏فى ‏الاضطرابات‏ ‏العضوية‏ ‏وخاصة‏ ‏مع‏ ‏صرع‏ ‏الفص‏ ‏الصدغى ‏وبالذات‏ ‏فى ‏مرحلة‏ ‏الإرهاصات‏ ‏والمنذرات ة الشم بالتفصيل على مستويات إبداعية مرضية معا. ">(5)

وفى ‏حالات‏ ‏الذهانات،‏ ‏من‏ ‏منظور‏ ‏غائى (6) (فى ‏بعض‏ ‏حالات‏ ‏الفصام‏ ‏البارنوى ‏أو‏ ‏الاكتئآب‏) ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏للهلوسات‏ ‏الشمية‏ ‏مغزى ‏رمزيا‏. ‏فمثلا‏ ‏نجد‏ ‏المكتئب‏ ‏يشكو‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏رائحته‏ ‏نتنة‏، ‏فى ‏حين‏ ‏يشكو‏ ‏مريض‏ ‏فصامى ‏من‏ ‏أن‏ ‏زوجته‏ ‏رائحتها‏ ‏مقززة‏، ‏أو‏ ‏يشكو‏ ‏مراهق‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏لكف‏ ‏يده‏ ‏رائحة‏ ‏خاصة‏ سيئة، متعلقة بممارسته العادة السرية، ‏وحديثا‏، ‏بعد‏ ‏كثرة‏ ‏الحديث‏ ‏عن‏ ‏التلوث‏ ‏يشكو‏ ‏بعض‏ ‏المرضى ‏من‏ ‏روائح‏ ‏منفرة‏ ‏يصاحبها‏ ‏أو‏ ‏لا‏ ‏يصاحبها‏ ‏رهابات‏ ‏أو‏ ‏ضلالات‏ ‏تسمم‏ ‏الجو‏.، وبالنسبة للرائحة بالذات يمكن أن تكون نوعا من التعيين النشط لتجريد ما، Active Concretization (7) ، فحين نقول عن فساد مؤسسة أن “رائحتها فاحت”، قد يقولها مريض فصامى يعمل فى نفس المؤسسة، حين يقرر أنه يشم رائحة نتنة نفاذة فى حجرة رئيس مجلس الإدارة، أو بمجرد أن يخطو داخل مبنى المؤسسة العملاق.

‏4–  ‏الهلوسات‏ ‏التذوقية‏: ‏فى ‏غيرقليل‏ ‏من‏ ‏الحالات‏ ‏تكون‏ ‏هذه‏ ‏الهلوسات‏ ‏مصاحبة‏ ‏بالهلوسات‏ ‏الشمية‏، ‏وأحيانا‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏متوافقة‏ ‏مع‏ ‏ضلالات‏ ‏مناسبة‏ (‏مثل‏ ‏شعور المريض‏ ‏بطعم‏ ‏غريب‏ ‏مع‏ ‏الاعتقاد‏ ‏الضلالى ‏بأن‏ ‏هناك مَنْ‏ ‏ ‏وضع‏ ‏سما‏ ‏له‏ ‏فى ‏الأكل‏)، ‏وقد‏ ‏يصعب‏ ‏تمييز‏ ‏هذه‏ ‏الهلوسات‏ ‏من‏ ‏الوهل‏ ‏السلبى (‏أى ‏إنكار‏ ‏الطعم‏) ‏مثلما‏ ‏يحكى ‏المكتئب‏ -‏حقيقة‏ ‏لا‏ ‏مجازا‏- ‏أن‏ ‏الأكل‏ ‏ليس‏ ‏له‏ ‏طعم‏. ‏وأحيانا‏ ‏يستعمل‏ ‏تعبيرات‏ ‏دالة‏ ‏مثل‏ ‏أن‏ ‏الطعام أصبح لا طعم له‏ ‏مثل‏ ‏نشارة‏ ‏الخشب‏ ‏أو‏ ‏مثل‏ ‏القوالح‏ (‏قوالح‏ ‏كيزان‏ ‏الذرة‏).‏

‏5–  ‏الهلوسات‏ ‏اللمسية‏: ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏أقل‏ ‏تواترا‏ ‏لصعوبة‏ ‏فصله‏ ‏عن‏ ‏حالات‏ ‏المَذلَParasthesia  ‏، ‏وكثيرا‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏الأحاسيس‏ ‏متداخلة‏ ‏ومعقدة‏ ‏مثل‏ ‏الهلوسات‏ ‏اللمسية‏ ‏المركبة‏ (‏هلوسات‏ ‏هابْتِكْ‏) (8) ‏فيشكو‏ ‏مريض‏ ‏مثلا‏ ‏أن‏ ‏أحدهم‏ ‏يعصر‏ ‏خصيتيه‏ ‏أو‏ ‏أن‏ ‏الحشرات‏ (‏البق‏ ‏مثلا‏) ‏تزحف‏ ‏تحت‏ ‏جلده‏، ‏أو‏ ‏ما‏ ‏يشبه‏ ‏النمل‏ ‏(التنميل) ، ‏وفى ‏معظم‏ ‏هذه‏ ‏الحالات‏ ‏تصاحَبُ هذه الهلوسات‏ ‏بتوهم‏ ‏المرض‏ (‏المراق‏) (9) ‏سواء‏ ‏كان‏ ‏هذا‏ ‏المُراق‏ ‏على ‏مستوى ‏الانشغال‏ ‏أو‏ ‏مستوى ‏الضلالات‏. ‏وقد‏ ‏تحدث‏ ‏هذه‏ ‏الهلوسات كأعراض‏ ‏ثانوية‏ ‏مرتبطة بوجود‏ ‏مرض‏ ‏جسدى ‏فعلا‏، ‏والأصعب‏ ‏فى ‏تقييمها‏ ‏حين‏ ‏تكون‏ ‏مجرد‏ ‏تضخيم‏ ‏لآلام‏ ‏أوأحاسيس‏ ‏لمسية‏ ‏حقيقية‏ ‏مثل‏ ‏تلك‏ ‏الأحاسيس‏ ‏التى ‏تصاحب‏ ‏بعض‏ ‏الأمراض‏ ‏الجلدية‏ ‏أو‏ ‏أمراض‏ ‏الحساسية‏ .‏

6- الهلـوسات‏ ‏الجنسية: هذه الهلوسات‏ ‏ليست‏ ‏لمسية‏ ‏فقط‏، فهى عادة أكثر تعقيدا وتداخلا ‏فقد‏ ‏تكون‏ ‏لمسية‏ ‏وقد‏ ‏تصاحبها‏ ‏خيالات‏ ‏وبعض‏ ‏الانشقاق‏، ‏وتصل‏ ‏فى ‏اكتمالها‏ ‏أحيانا‏ ‏إلى ‏أحاسيس‏ ‏الممارسة‏ ‏الجنسية‏ ‏الكاملة‏، ‏وكثيرا‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏مصاحبة‏ ‏ببعض‏ ‏الضلالات‏ ‏التى ‏تفسرها‏ ‏وتبررها‏، ‏بحيث‏ ‏تصبح‏ ‏خليطا‏ ‏من‏ ‏الهلوسات‏ ‏والخيال‏ ‏والمشاعر‏ ‏المستدعاة‏ ‏معا‏، ‏سواء‏ ‏كان‏ ‏ذلك‏ ‏على ‏مستوى ‏الانشقاق‏ ‏أو‏ ‏الضلال‏ ‏مع‏ ‏التأويل‏ ‏الثانوى ‏أو قد تكون‏ ‏جزء‏ا ‏من‏ ‏خيالات‏ ‏أكثر‏ ‏امتدادا. مثل أن تكون ضمن ضلالات “هوس العشق” لممثل معروف، أو شخص مشهور، وأخيرا فقد تكون أقرب إلى الصور التخيلية فى حالات “المخاوية” للجان وهذا متواتر فى بعض ثقافاتنا الفرعية فى الريف خاصة.‏

‏7– ‏الهلوسات‏ ‏الحسية‏ ‏الأعمق‏: ‏وهى ‏التى ‏تصف‏ ‏أحاسيس‏ ‏عضلية‏ ‏مكتومة‏ ‏وعميقة‏، ‏وعادة‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏مختلطة‏ ‏ببعض‏ ‏المشاعر‏ ‏الجسدية‏ ‏والمَذَلية‏، ‏وأحيانا الأفكار‏ ‏الضلالية‏، واختلاط‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏الهلوسات‏ ‏بالجسدنة‏ ‏بأشكالها‏ ‏المختلفة‏ ‏يكثر‏ ‏فيما‏ ‏يسمى ‏المراق‏، ‏وبالتالى ‏فإن‏ ‏التداخل‏ ‏بين‏ ‏اضطرابات‏ ‏الإدراك‏ ‏الحسى ‏والجسدنة‏ ‏متواتر‏ ‏ومن‏ ‏الصعب‏ ‏فصلهما‏ ‏عن‏ ‏بعضهما‏ ‏البعض‏. ‏وكذلك‏ ‏هما‏ ‏يتداخلان‏ ‏مع‏ ‏الضلالات‏ ‏أحيانا.

8- هلوسات حس/حركية: وبالنسبة‏ ‏للهلوسات‏ ‏المتعلقة‏ ‏بـ‏ “بـعد‏ ‏الحركة‏” ‏وتغير‏ ‏المكان‏، ‏مثل‏ ‏مشاعر‏ ‏الطيران‏ ‏أو‏ ‏الغطس‏ ‏فإنها‏ ‏ليست‏ ‏حسية‏ ‏عميقة‏ ‏فقط‏، ‏وإنما‏ ‏عادة‏ ‏يصاحبها‏ ‏تشكيل‏ ‏ضلالى‏، ‏كذلك‏ قد ‏يصاحبها‏ ‏كثير‏ ‏من‏ ‏التخيل‏ ‏أو‏ ‏الانشقاق،‏ فالشعور بالانفصال الطائر حين يقول مريض مثلا: أنا أشعر أن جسدى يطير خفيفا “حاسس إن جسمى بيطير منى بسهولة”، نجد أن المريض يجمع بين هذا النوع من هلاوس الطيران وبين اعتقاده بذلك (أحيانا يقول عن ذلك قولا شائعا: أنه من “أهل الخطوة مثلا” كما يقول بعض التصوف الشعبى، أو الإعجازى”).

‏9– ‏الهلوسات‏ ‏الحشوية‏: ‏عادة‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏هذه‏ ‏الهلاوس‏ ‏مركبة‏، ‏فمن‏ ‏ناحية‏ ‏هى ‏وثيقة‏ ‏الصلة‏ ‏بالإحساسات‏ ‏الحشوية‏ ‏إلا‏ ‏أنها‏ ‏قد‏ ‏تُسْقَط‏ ‏وتنتشر‏ ‏إلى ‏الأحاسيس‏ ‏اللمسية‏ ‏أو‏ ‏أية‏ ‏أحاسيس‏ ‏أخرى‏، ‏مثلا‏ ‏حين‏ ‏يحكى ‏مريض‏ ‏عن‏ ‏حية‏ ‏رقطاء‏ ‏تتجول‏ ‏فى ‏أمعائه‏ ‏نتيجة‏ ‏لشرب‏ ‏شراب‏ ‏مخلوط‏ ‏بدم‏ ‏الحيض‏، ‏وهذا‏ ‏معتقد‏ ‏سائد‏ ‏فى ‏ثقافتنا‏ ‏كنوع‏ ‏من‏ ‏أعمال‏ ‏الكيد‏ ‏والإضرار‏، ‏وقد‏ ‏تكون‏ ‏هذه‏ ‏الهلوسات‏ ‏موجودة‏ ‏جنبا‏ ‏إلى جنب‏ ‏مع‏ ‏أمراض‏ ‏جسدية‏ ‏حقيقية‏ ‏كما‏ ‏قد‏ ‏يصاحبها‏ ‏ضلالات‏ ‏تتفق‏ ‏معها‏ كما ذكرنا.‏

‏ 10- ‏الهلوسات‏ ‏الحسية‏ ‏العامة‏: ‏وهى ‏تشير‏ ‏إلى ‏مشاعر‏ ‏جسدية‏ ‏عامة‏ ‏أو‏ ‏فى ‏عضو‏ ‏بأكمله‏ (‏عادة‏: ‏الرأس‏ ‏أو‏ ‏المخ‏) ‏وتحدث‏ ‏فى ‏الفصام‏ ‏عادة‏ ‏حيث‏ ‏يشكو‏ ‏المريض‏ ‏مثلا‏ ‏من‏ ‏شعوره‏ ‏بتدفق‏ ‏الدم‏ ‏فى ‏الرأس‏، ‏أو‏ ‏بشعور‏ ‏بحرقان‏ ‏فى ‏المخ‏ ‏كله‏، ‏أو‏ ‏تقطيع‏ ‏عام‏ ‏فى ‏الدورة‏ ‏الدموية‏ ‏أو‏ ‏الأمعاء‏ ‏وهكذا‏.‏

وبعد:

أكتفى بهذا القدر اليوم، وآمل أن أدعمه عند النشر الورقى بأمثلة محددة لحالات واقعية، تبين هذا التنوع وبعض دلالاته ما أمكن ذلك

وسوف أتناول الأسبوع القادم بقية تصنيف الهلاوس من أبعاد أخرى مثل علاقتها بالوعى وبالحالة الوجدانية وغير ذلك.

 

 

[1] – organic deliria

[2] – هذا التعبير Organic Chaotic Mental Disorders هو الأنسب من الاقتصار على وصف الاضطرابا ت العضوية الناشئة من سببية محددة محدثة مثل الالتهاب أو السرطان أو تصلب الشرايين أو ضمور خلايا المخ فى الشيخوخة ، ذلك لأن كل الأمراض النفسية  هى عضوية إذا كنا نريد بهذه الكلمة أنه يصاحبها تغير فى تنظيم الدماغ كيميائيا أو كهربيا أو داخل الخلايا أو فى تانظيمات مستويات الوعى.

[3] ‏- ‏نحتنا‏ ‏لفظ‏ ” جَدْلَغة‏”: “‏ترجمة‏ ‏لكلمة‏ Neologism ‏ذلك‏ ‏أنها‏ ‏كانت‏ ‏تترجم‏ ‏إل‏ “‏لغة‏ ‏جديدة‏”، ‏وبديهى أن‏‏ ‏تعبير ‏”‏لغة‏ ‏جديدة‏” ‏يفيد‏ ‏أمرا‏ ‏إيجابيا‏ ‏مع‏ ‏أننا‏ ‏فى ‏مجال‏ ‏الحديث‏ ‏عن‏ ‏رطان‏ ‏مرضى، وقد سبق السماح ‏بمبدأ‏ ‏مثل‏ ‏هذا‏ ‏النحت‏ ‏فى ‏المعجم‏ الطبى ‏الموحد‏ ‏مثل‏ ‏نحت‏ ‏كلمة‏ ‏سَرْنَمَة‏ ‏لتفيد‏ ‘‏السير‏ ‏أثناء‏ ‏النوم‏’‏ Somnambulism

[4] – Henry Ey  هنرى إى طبيب فرنسى مهم ، شيخ الأطباء غير الجامعيين، وكتابه الذى شرح فيه نظريته بهذاالشأن بعنوان “الضلا” Le Delire  لم ينشر أثناء حضورى مروراته الإكلينيكية، وإن كنت حصلت على نسخة بالآلة الكاتبة أثناء حضورى معه فى باريس 1968

[5] – رواية “العطر”، لزوسكند من أهم – إن لم تكن أهم – الأعمال التى تناولت دلالات حاسة الشم بالتفصيل على مستويات إبداعية مرضية معا.

[6] – تستعمل كلمة غائى هنا  بمعنى محدد يفيد الإشارة إلى غاية  المرض، أى ماذا يريد المريض أن يحققه فى مراحل تطور الفصام ويقوله بمرضه، وهو مفهوم قريب نسبيا من اصطلاح “القابلية للفهم  الذى استعمله ياسبرز” understandability، وإن كان الشائع أن ياسبرز قصد بهذا المصطلح الفصام، إلا أن الكاتب يقصره على الأمراض العضوية الشواشية التشريحية السالف الإشارة إليها فى الهامش1 . الفصام يفهم من خلال البحث عن ترجمة الأعراض إلى ما تقوله ، ثم أثر هذه الأعراض بما تقوله على بقية الوظائف، من حيث أنها إذْ تقول ما تقول هى تفسد غيرها، ومن هنا تصبح الأعراض “حتى فى الفصام مفهومة لأنها تتجه إلى غايتها”، تضاف إليها الأعراض الثانوية التى ظهرت نتيجة لهذا الاضطراب فيبدو للفصام معنى ما يرجو الرميض أن يحققه من خلاله هروبا وسلبا ولو بشكل تقريبى.

[7] – هذا الاصطلاح صكه سيلفانو أريتى ، وهو من أهم من حاول فهم “غائية الفصام”، وهو فى ذلك قريب من شولمان Shulman  صاحب كتاب Essays in Schizophrenia الذى حاول فيه أن يرسم رحلة الفصامى من البداية حتى تدهوره ةةضع وظيفة أغلب الأعراض فى هامش على لسان المريض وكأنه يحكى رواية طويلة من فصول متعاقبة.

[8]- نقنرح‏ ‏أن‏ ‏تعرب‏ ‏هذه‏ ‏الكلمة‏ ‏كما‏ ‏هى، ‏لأن‏ ‏لفظ‏ Haptic ‏بالإنجليزية‏ ‏هو‏ ‏لفظ‏ ‏غريب‏ ‏وغير‏ ‏موجود‏ ‏فى ‏المعاجم‏ ‏التى ‏أتيحت‏ ‏لنا‏، ‏وتعريبه‏ ‏سهل‏ ‏النطق‏ ‏وسوف‏ ‏يميز‏ ‏نوعا‏ ‏خاصا‏ ‏من‏ ‏الهلوسات‏. ‏وهو‏ ‏يفضل‏ – ‏بالتالى – ‏عن‏ ‏الاسم‏ ‏المركب‏ ‏الشائع وهو “‏هلوسات‏ ‏حسية‏ ‏مركبة‏” و‏على ‏هذا‏ ‏الأساس أسميتها ‏هلوسات‏ “هبتكية‏”. (‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏اشتقاقا‏ ‏من‏ ‏فعل‏ ‏رباعى ‏جديد‏ ‘‏هبتك‏ ‏يهبتك‏)

[9] – هذه‏ ‏الترجمة‏ (‏المراق‏) ‏لكلمة‏ hypochondriasis ‏غير‏ ‏مألوفة‏، ‏وقد‏ ‏جاءت‏ ‏هذه‏ ‏الترجمة‏ ‏فى ‏المعجم‏ ‏الموحد‏، ‏وقد‏ ‏فضلناها‏ ‏عن‏ ‏الترجمة‏ ‏الأوضح‏ ‏والأكثر‏ ‏شيوعا‏ ‏وهى “‏توهم‏ ‏المرض‏”، ‏أولا‏ ‏لأن‏ ‏كلمة‏ ‏واحدة‏ ‏أفضل‏ ‏من‏ ‏اثنتين‏، ‏وثانيا‏ ‏لأن‏ ‏توهم‏ ‏المرض‏ ‏يسرى ‏على ‏المرض‏ ‏الجسدى ‏والمرض‏ ‏النفسى ‏على ‏حد‏ ‏سواء‏، ‏ثم‏ ‏إن‏ ‏الكلمة‏ ‏الأصلية‏ ‏بالإنجليزية‏ ‏تشير‏ ‏إلى‏ ‏موقع‏ ‏من‏ ‏الجسم‏ “”hypochondrian ‏وليس‏ ‏إلى ‏ما‏ ‏يشير‏ ‏إليه‏ ‏العرض‏، ‏وقد‏ ‏رجعت‏ ‏إلى ‏مادة‏ “‏مرق‏” ‏فلم‏ ‏تسعفنى ‏بمبرر لهذه‏ ‏الترجمة‏، ‏فرجعت‏ ‏إلى ‏كملة‏ “رقق‏” ‏فلم‏ ‏أجد‏ ‏سوى ‏معنى ‏واحدا‏ ‏يبرر‏ ‏هذه‏ ‏الترجمة‏ ‏وهى ‏أن‏ “مراق‏ ‏البطن‏، ‏ما‏ ‏رق‏ ‏منه‏ ‏ولان‏ ‏ونحوها‏” ‏وهو‏ ‏مايقترب‏ ‏من‏ ‏المعنى ‏الذى ‏تشير‏ ‏إليه‏ ‏الكلمة‏ ‏بالإنجليزية، أما‏ ‏كلمة‏ ‏المذل‏ ‏ترجمة‏ ‏لكلمة‏  parasthesia‏وهى ‏أيضا‏ ‏من‏ ‏مقترحات‏ ‏المعجم‏ ‏الطبى ‏الموحد‏ ‏فهى ‏تشير‏ ‏إلى ‏الخدر‏ ‏أكثرمما‏ ‏تشير‏ ‏إلى ‏الأحاسيس‏ ‏المتسحبة‏ ‏المثيرة‏، ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏فقد وجدتها ‏كلمة‏ ‏مناسبة‏.‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *