الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأربعاء الحر: أحوال وأهوال (70) رباعيات ورباعيات: مقتطف من الفصل الأول: “صلاح جاهين وشخصيته الفرحانقباضية”

الأربعاء الحر: أحوال وأهوال (70) رباعيات ورباعيات: مقتطف من الفصل الأول: “صلاح جاهين وشخصيته الفرحانقباضية”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 11-4-2018

السنة الحادية عشرة

العدد:  3875

الأربعاء الحر:

أحوال وأهوال (70)

رباعيات ورباعيات

مقتطف من الفصل الأول:

 “صلاح جاهين وشخصيته الفرحانقباضية

صفحة (23 – 24)

…………….

…………….

ويزيد الاكتئاب، وتصبح الحياة بلا مبرر ولا معنى، ويرى (صلاح) أن الهم والملل مشترك بين الحيوان والإنسان، لأنها الحياة هكذا، وهو لا يجد مبررا حتى للانتحار، وهذا من أعمق درجات الاكتئاب؛ حيث يستسلم الإنسان، ولايقدر على أى شيء بما فى ذلك إنهاء حياته.. ولا يجد معنى لأى شىء حتى للتخلص من اللامعنى، فيقول: 

الدنيا أوضة كبيرة للانتظار

فيها ابن آدم زيُّهْ زى الحمار

الهم واحد والملل مشترك

ومفيش حمار بيحاول الانتحار

وأحد أشكال الاكتئاب، يظهر فى شكل الإفراط فى السخرية اللاذعة التى تكون عدمية (أوإعدامية)،  نرى ذلك حين يسخـَر صلاح حتى من الطير فى السماء، ويذكّــره بالموت والعفن اللذين ينتظرانه، وكأن صلاح من فرط اكتئابه يرفض أن يرى كائنا حيا مخدوعا بالحياة؛ فالطير مهما طار مزهوا باختراقه السماء، وبالسباحة فى الأعالى، هو كائن له نهاية لو أدركها لهبط إلى جاهين، وإلينا، يشاركنا أحزاننا فى انتظار المصير المحتوم: فى الطين طعاما للدود، وإن كان الأمر لم يقتصر على التخويف المألوف من أن يأكلنا الدود فى القبر، بل إنه رسم صورة أبشع. حين جعل الطير – وجعلنا ضمنا- نمص الدود كما يمصّنا الدود، هذا تصوير أقسى وأرعب، فمن ناحية هو ينبهنا إلى ما يمكن أن يسمى وعى الموت (وليس فقط الوعى بالموت)، حتى فى القبر. ومن ناحية أخرى، فإنها تذكرة ضمنية ساخرة بأن هذا الطير المغرور لن يجد فى القبر إلا الدود ينتظره ليعرف قيمته.

ياطير ياطاير فى السما طظ فيك

ما تــفــتكرش ربنا مِصْطفيك

برضك بتاكل دود وللطين تعود

تمصّ فيه ياحلو، ويمصّ فيك

وهنا، أيضا، إشارة إلى وهم غرور الإنسان بالتفوق؛ حين يصل الأمر إلى أن يتصوّر أنه يقف على قمة هرم الأحياء جميعا، فى كل أنحاء الكون، بل إن الكون مخلوق من أجله، وإذا كان كوبرنيكس قد كسر هذا الوهم من حيث إعادة تحديد موقع الأرض كوكبا تابعا متواضعا، فإن الإنسان لم يستطع بعدُ أن يمارس فضيلة التواضع بشأن نفسه واصطفائه ومركزيته فى الكون عامة، وصلاح جاهين ـ هنا ـ يبشر أيضا، ولو بطريق ضمنى، بثورة كوبرنيكسية بشرية، من خلال هذا الإبداع الجميل.

…………….

يطلب من مكتبة الأنجلو المصرية بالقاهرة،

 ودار المقطم للصحة النفسية – مدينة المقطم.

النشرة السابقة 1النشرة التالية 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *