الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / استهلالة من رواية ملحمة الرحيل والعود: ميدان التوفيفية

استهلالة من رواية ملحمة الرحيل والعود: ميدان التوفيفية

“نشرة” الإنسان والتطور

23-10-2011

السنة الخامسة

العدد: 1514

 

استهلالة:

ميدان التوفيفية

اعتذار، وفكرة

نبهتنى السكرتارية هذا الصباح (السبت 22-10-2011) إلى أن نشرة اليوم قد سبق صدورها بتاريخ سابق 29-9-2008  برقم (395)، وقد طلبوا منى الإسراع بالتصحيح وإحلال ما هو جديد محلها، وقد حدث هذا الخطأ نتيجة أننى أصدرت تعليماتى بالهاتف وأنا على سفر فى واجب عزاء، إلا أنه كان قد وصلنى فعلا هذا الصباح تعقيب من صديق لم يقرأ النشرة حين صدورها الأول، أو لعله نسيها، فقلت لنفسى: ولم لا؟ وبرغم تقديم هذا الاعتذار الآن، فقد فكرت فى إنزال هذا النوع من القص الاستهلالى لفصول الجزء الثالث من ثلاثية “المشى على الصراط” بعنوان “ملحمة الرحيل والعوْد” أكثر من مرّة لكثافته وبالغ إيجازه.

عذرا، لكننى وجدتنى – بذلك– سوف أفتح الباب للتكرار خصوصا بالنسبة لباب “رؤى ومقامات” الذى صدر أولا باسم “حكمة المجانين”.

لست متأكدا من مشروعية أو وجاهة هذا الاقتراح، لا أريد أن أستسهل حتى لا يكون هذا نذيرا بتوقف النشرة كلها.

لكن دعونا نجرب:

 لذلك قررت ألا أحذف نشرة أمس أو استبدلها، وبدلا من ذلك سوف أنشر اليوم استهلالة أخرى لم تنشر هى استهلالة الفصل الـثالث ، بعنوان: “ميدان التوفيقية”

ملحوظة:

من يريد أن يتابع هذا النوع من الإبداع الشديد الإيجاز الذى أسميته اليوم “استهلالة” يمكن أن يرجع إلى يوميات ما سبق نشره منها على الأقل: (سوق السلاح نشرة 13-2-2011)، (جِرزْة نشرة 4-5-2009)، (مقتطف من حارة السكر والليمون باسم “خصاء خصاء” نشرة 2-2-2009).

ثم على من يتفضل بأن يسمح لنا بإعادة النشر أحيانا، أن يخطرنا،

 [أكثر الله خيره]. 

استهلالة الفصل الثالث:

ميدان التوفيفية

كان‏ ‏قرص‏ ‏الشمس‏ ‏يطرق‏ ‏حواف‏ ‏الأفق‏ ‏حين‏ ‏لاح‏ ‏سرب‏ ‏طائر‏ ‏وكأنه‏ ‏مجموعة‏ ‏من‏ ‏النوارس‏،  ‏تلون‏ ‏الحد‏ ‏غير‏ ‏الفاصل‏ ‏بين‏ ‏البحر‏ ‏و‏السماء‏ ‏بلون‏ ‏الدم‏ ‏الجميل‏ ‏المتناثر‏ ‏دون‏ ‏تخثر‏، ‏فانغرس‏ ‏فيه‏ ‏قرص‏ ‏الشمس‏ ‏بسرعة‏ ‏أكبر‏ ‏من‏ ‏خطواته‏ ‏المتثاقلة‏ ‏الأسبق‏.‏

حاولتْ‏ ‏منال‏ ‏أن‏ ‏تتأكد‏ ‏إن‏ ‏كان‏ ‏ما‏ ‏رأت‏ ‏هو‏ ‏سرب‏ ‏من‏ ‏النوارس‏ ‏أم‏ ‏صوت‏ ‏موسيقى ‏تجسَّد‏ ‏لوعيها‏ ‏بلا استئذان‏، خلعت‏ ‏القطعة‏ ‏الباقية‏ ‏من‏ ‏ملابسها‏ ‏وألقت‏ ‏بنفسها‏ ‏من‏ ‏الدور‏ ‏التاسع‏ ‏إلى ‏الأمواج‏ ‏التى ‏فتحت‏ ‏ذراعيها‏ ‏تستقبلها‏ ‏بحب‏ ‏أحاطها‏ ‏بدفء‏ ‏لم‏ ‏تذق‏ ‏مثله‏ ‏من‏ ‏قبل‏. ‏

ظلت‏ ‏منال‏ ‏تسبح‏ ‏تحت‏ ‏الماء‏ ‏لا‏ ‏يراها‏ ‏أحد‏، ‏وهى ‏ترى ‏كل‏ ‏أحد‏، ‏وكل‏ ‏شىء‏. ‏لم‏ ‏تستطع‏ ‏أن‏ ‏تصل‏ ‏إلى ‏الحد‏ ‏الفاصل‏ ‏بين‏ ‏البحر‏ ‏و‏الأفق‏، ‏لكنها‏ ‏لم‏ ‏تتراجع‏. ‏هى لم‏ ‏تفكر‏ ‏فى ‏التراجع‏ ‏أصلا‏.‏

أخذت‏ ‏شهيقا‏ ‏عميقا‏ ‏وهى ‏تحت‏ ‏الماء‏ ‏فنبتت‏ ‏لها‏ ‏أجنحه‏، ‏أو‏ ‏هكذا‏ ‏أحست‏.‏

همت‏ ‏أن‏ ‏تطير‏ ‏ففشلت‏، ‏فعلمت‏ ‏أنه‏ ‏إحساس‏ ‏كاذب‏.‏

عزفت‏ ‏عن‏ ‏معاودة‏ ‏محاولة‏ ‏الطيران‏: ‏الآن‏ ‏وإلى ‏الأبد‏.‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *