الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / استهلالة من رواية “ملحمة الرحيل والعود” [1] [الجزء الثالث]، من ثلاثية المشى على الصراط، الفصل‏ ‏السادس عشر حارة السكر والليمون

استهلالة من رواية “ملحمة الرحيل والعود” [1] [الجزء الثالث]، من ثلاثية المشى على الصراط، الفصل‏ ‏السادس عشر حارة السكر والليمون

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء9-9-2015

السنة التاسعة

العدد: 2931

 استهلالة من رواية “ملحمة الرحيل والعود”(1)

 [الجزء الثالث]، من ثلاثية المشى على الصراط، الفصل‏ ‏السادس عشر

حارة السكر والليمون

حدث‏ ‏ذلك‏ ‏للمرة‏ ‏التى ‏لا‏ ‏يدرى ‏كم‏ ‏عددها‏، ‏يرفع‏ ‏السنارة‏ ‏وهو‏ ‏متأكد‏ ‏من‏ ‏غمز‏ ‏القشة‏ ‏على ‏سطح‏ ‏ماء‏ ‏المصرف‏ ‏الآسن‏، ‏يشدها‏ ‏فرحا‏ ‏وهى ‏تتثاقل‏ ‏فيلمح‏ ‏سمكة‏ ‏غير‏ ‏مرئية‏ ‏تخرج‏ ‏له‏ ‏لسانها‏ ‏وتقفز‏ ‏إلى ‏الماء‏ ‏وهى ‏تتراقص‏ ‏فى ‏الهواء‏. ‏يستحيل‏ ‏اعتبار‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏تبقى ‏فى ‏قاع‏ ‏المصرف‏ ‏المهجور‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يطلق‏ ‏عليه‏ ‏لفظ‏ ‏ماء‏، ‏حتى ‏بالتقادم‏. ‏

أما‏ ‏هذه‏ ‏المرة‏ ‏فكانت‏ ‏المقاومة‏ ‏حقيقية‏، ‏لكن‏ ‏الغنيمة‏ ‏لم‏ ‏تتعد‏ ‏كومة‏ ‏من‏ ‏الأعشاب‏ ‏مختلطة‏ ‏بكل‏ ‏أنواع‏ ‏قاذورات‏ ‏التاريخ‏ ‏السرى ‏للمصرف‏ ‏القبيح‏. ‏

خلع‏ ‏نعليه‏ ‏وشمر‏ ‏طرف‏ ‏جلبابه‏ ‏وقررأن‏ ‏ينزل‏ ‏بنفسه‏ ‏إلى ‏القاع‏ ‏ليمسك‏ ‏السمك‏ ‏الذى ‏يناوره‏ ‏بهذا‏ ‏التحدى ‏المذل‏، ‏ما‏ ‏كاد‏ ‏يهبط‏ ‏ثلاث‏ ‏خطوات‏ ‏متعثرة‏، ‏حتى ‏تذكر‏ ‏أنه‏ ‏ظل‏ ‏فى ‏موقعه‏ ‏الفاشل‏ ‏هذا‏ ‏منذ‏ ‏شروق‏ ‏الشمس‏، ‏وأنه‏ ‏ما‏ ‏زال‏ ‏على ‏لحم‏ ‏بطنه‏، ‏فقدر‏ ‏أن‏ ‏الأفضل‏ ‏أن‏ ‏يشرب‏ ‏الشاى ‏أولا‏.‏

قال‏ ‏له‏ ‏عبد‏ ‏السميع‏ ‏الأشرم‏ ‏وهو‏ ‏يقدم‏ ‏له‏ ‏الشاى ‏فى ‏سماحة‏ ‏حقيقية‏ ‏وكرم‏ ‏متوسط‏ :” ‏لوأن‏ ‏الأمور‏ ‏كانت‏ ‏مثل‏ ‏زمان‏، ‏لما‏ ‏كان‏ ‏هناك‏ ‏داع‏ ‏لأى ‏شئ، ‏ولا‏ ‏فائدة‏ ‏من‏ ‏أى ‏شئ، ‏بالرغم‏ ‏من‏ ‏زعمهم‏ ‏بأن‏ ‏كل‏ ‏شئ ‏كان‏ ‏أفضل‏، هذا‏ ‏ما‏ ‏يكرره‏ ‏كبار‏ ‏السن‏، ‏وأيضا‏ ‏يصدقه‏ ‏بعض‏ ‏صغار‏ ‏السن‏. ‏مع‏ ‏أن‏ ‏الشئ ‏الوحيد‏ ‏الذى ‏يمكن‏ ‏تحسينه‏ ‏وتطويره‏، ‏أو‏ ‏حتى ‏الحوار‏ ‏معه‏” ‏هو‏ “‏الآن‏”.‏

لم‏ ‏يصدقه‏ ‏الصياد‏ ‏ولم‏ ‏يكذبه‏، ‏وأخذ‏ ‏يرتشف‏ ‏الشاى ‏بمتعة‏ ‏لا‏ ‏تدل‏ ‏على ‏الإحباط‏ ‏الذى ‏عاناه‏ ‏طول‏ ‏النهار‏، ‏وكان‏ ‏قد‏ ‏عدل‏ ‏عن‏ ‏قبول‏ ‏التحدى، ‏لكن‏ ‏ذلك‏ ‏لم‏ ‏يصل‏ ‏إلى ‏وعيه‏ ‏أبدا‏، ‏فلم‏ ‏يصرح‏ ‏به‏ ‏حتى ‏لنفسه‏.

[1] – صدرت الرواية فى عام 2007 ، هذا الجزء “المقدمة”، هو تقليد سبق كل الفصول، وكل مقدمة اسميتها هنا “استهلالة” هى منفصلة عن التسلسل الخطى المباشر لأحداث الفصل، وأحيانا لأحداث الرواية، لكنها فى نفس الوقت متصلة تماما.. بإبداع المتلقى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *