جريدة التحرير
11-2-2012
تعتعة التحرير
أيها الشباب .. فوّتوا عليهم فرصة خراب مصر
كنت قد كتبت مقالا الأسبوع الماضى، وأرسلته للنشر قبل أحداث الأربعاء الأسود وإراقة الدم الطاهر، وتفجر ينابيع الآلام والغضب النبيل.
ثم غيرت العنوان والمقدمة هكذا:
لم أفهم لماذا القتل بالذات ولماذا الهجوم من المنتصر بالذات، ولماذا كل هذا الدم وكل هذه النذالة التى استدعت لى تعبير الكانيبالية (أكلة لحوم البشر) الذى توصف به القوى المالية المفترسة عبر العالم، وهى من ضمن المتهمين فيما حدث إن لم تكن على رأسهم، خلال ثلاثة أيام أخذت الخطة الجهنمية تتضح لى على الوجه التالى:
أستأجر المجرمون الخونة هؤلاء البلطجية المفترسين بعد موافقة أكيدة من المحرِّكين الأوغاود، وقبض القتلة المقدم، وهم يتصورون أن الأهلى سيكسب، وبالتالى تصبح الهجمة فالمجزرة مبررة بالهزيمة، وتحدد الهدف بشكل شديد الدلالة، فالمطلوب هو قتل أكبر عدد لإثارة الشباب، وشباب الألتراس خاصة لطلب الثأر، بشكل لا يمكن تهدئته لأسابيع أو شهور ولا حتى بعد تمام خراب وإعلان الإفلاس، فلن يسكت شاب فائر قادر على دم زميله أو أخيه وقد رآه يتدفق أمام عينيه، فهو الثأر، ولضمان أكبر عدد من المطالبين بالثأر كان هذا العدد الخطير من الضحايا، وكانت الأوامر الصادرة من الممولين هى “القتل” ولا شىء أقل من القتل، ذلك لأن الكسور أو الجروح أو الإصابات لا تستلزم الثأر. الهدف واضح، ليس هو عقاب شباب الألتراس لمساهمتهم فى حركة وتحريك سائر الشباب، فالقتل ليس عقاباً لمشجعى نادٍ كبير مهزوم، عقاب على ماذا؟ وإنما الهدف هو “خراب مصر”، وإعلان فشل أية إدارة أخرى، غير إدارة القهر والقمع والكبت والاحتقار والإذلال السابق، إعلان فشلها فى أن تحقق أى نجاح فى أى مجال من أول تصحيح الاقتصاد حتى حماية السائحين إلى تأمين مباراة كرة قدم. لا أظن أن المطلوب كان عودة الرئيس السابق أو رجوع النظام القديم، فهم يتمادون فيما هو أقسى وأنذل وكما هو تعبير “خليهم يتسلوا” كان إعلانا عن مدى الاستهانة بنا حتى “الاحتقار” فإن ما حدث كان تفعيلا للمقولة الأخرى “إما أنا (وأسرتى) أو الفوضى والخراب”.
الكرة الآن فى ملعب الشباب، ألتراس وغير ألتراس، إما أن يُستدرجوا إلى الثأر ولا شىء غير الثأر ناسيين مصر تاريخا وحاضرا ومستقبلا، وإما أن يعملوا ثورة أخرى بأسلوب أذكى وأبقى، ثورة حضارية طالبتُهم بها منذ الأيام الأولى على مدى أسابيع متتالية فى سلسلة كتبتها للشباب والصبايا منذ بداية انتفاضتهم التى توجت بما هو ثورة، ومنها ما قمت بترجمته لقصيدة “لو” للشاعرالإنجليزى رديارد كبلنج، التى كتبها لابنه منذ قرن من الزمان (سنة 1895 (وكان الابن فى العشرين من عمره مجندا فى الحرب العالمية الأولى، ولم يستلمها ابنه لأنه استشهد فى هذه الحرب، فأهداها لكل شباب المملكة المتحدة، وقد وجدت أنه من المناسب أن أعيد نشر مقتطفات منها بعد أن ترجمتها للعامية المصرية، (ومن يريد أن يرجع إلى أصلها بالإنجليزية، أو إليها كلها بالعامية، وكذلك كلها ترجمتها أيضا بالفصحى يجدها فى موقعى: www.rakhawy.org، وعذرا للتكرار.
المهم، شعرت الآن أن بها ما قد يؤكد للشباب قدرتهم على ثورة حضارية أخرى إذا أحسنوا الاستماع بوعى أنضج مع الاحتفاظ بالألم والغضب وقودًا للحركة، رحم الله الشهداء وصبّرنا جميعا نواصل لننتصر لهم بما كانوا يأملونه، وألهم آلهم السلوان. اللهم لا تفتنا بعدهم، ولا تحرمنا أجرهم، واغفر لنا ولهم.
المقتطفات السابق نشرها منذ عام من قصيدة كبلنج “لو” “IF”:
- لو يعـْنِى قدرت تكون واعِى وْعاقلْ فاهمْ، وجميع الناسْ مهزوزه حواليك: عومْ عالعايمْ، ويقولوا عليك إنت الخايبْ، ذاهلْ، نايمْ !! ….
- لو يعنى قدِرت تكون واثق إنك ناجحْ، مع إن الكل شاكك إنك ما انتشْ فالحْ ، تقوم انت تكمّل مش هامّـك،…. ، تفضل صاحى: ترصد تلقط كل ما همَّك!
- لو تقدر تستَنَّى كفايةْ، من غير ما تْمـِـلّ ….،
- لو تِستحملْ ألاعيب الكِدْبْ : من أندل ندل، ولا تسأل فيهم ، ولا ترضى تكون يومْ زيِّيهـُمْ
- لو تقدر تحلم لى براحتك، ، بس تخلى حلمك فعْلك محطوط تحتك ، مش يسرح بيك ويسوق فيها….، يرميك فى ملاهى اللى لاهيها
- لو تقدر يا ابنى تعيش ألمك واللى جرى لكْ، زى ما بتعيش انتصاراتك راكب خـيلكْ،
- ما هى كلها خطط انت حاطِطـْها، ما هى كورة وانت اللى شايـِطـْها!
- لو تستحمل إن اللى عملتُهْ طول عمركْ: تِشوفه يتكسّـرْ تنحنى للأزمة، وتتأثرْ، بس تقوم منها وتعافرْ، تبنى ما الأول وتخاطرْ.
- لو تجمَع نجاحاتك يعنى كلها على بعْضْ، وتكوّمها كدا كومْ واحدْ، وتغامر بيها: يا “مَـلِـكْ” يا “كتابة”، وتقوم “خسران”، فاتقول: “ماشى”، ولا تنطق كلمة ولا تزنّ لْنَا، ولا تعيـّط، وكإن ما فيش حاجة حصلتْ.
- لو تقدر تتكلمْ عادى مع كل الناس، وانت يا دوبكْ: مالى هدومْك، ما نتاش منفوش
- ولو انت مصاحب مين يعنى، ولا حتى “مشير”، وفْ نفس الوقت ما تخسرشى أيها حرفوشْ، تتبادلوا لمسة حنيهْ، أو كلمة حلوةْ مندّية
- لو ما اقدرشى أيها واحدِ انّه يـِمِسّك، يكسرْ نِـفسك، او يخدشْ حاجة من حِسّك، لا عدوْ يقصدهَا،…، ولا حتى حبيبْ مش قصدُهْ، تفضل زى ما انتَا برضُهْ،
- لو بتقدّر: كل إنسان، سِوا عاش أو ماتْ، ولا بتبالغ لفلان بالذاتْ
- لو تقدر يا ابنى تملاها: ثانيهْ بثانيهْ، دى “دقيقة” بْحَالْها، يعنى يا خويا: “ستين ثانية”، حاتعاتبك لو إنت مليتْها، بحاجات ماهيشْ قد قيمتها.
- لو إنت صحيحْ كنت سامِعْنِى، ولقيت نفسكْ تقدرْ يعنِى، يبقى انت الدنيا دى بحالها، لأ والأدهى- واهو دا جمالها ، تبقى انت صحيح “بنى آدم”، “صُحْ”، خـِلقةْ ربَك، زى ما خلقكْ
****
إضافة فى فبراير 2011
– تبقى انت الشاب اللى عـمَلْهَا، تبقى انت المصرى اللى غزلْها، تبقى انت اللى فقست اللعبة، تبقى انت اللى فتحت العلبة، تبقى انت الشاب اللى فكّرنا تانى بمصر، تبقـِى انتِى البنت اللى بتغنى سورة “العصر”، “إن الإنسانَ لفى خـسر”، إلا انتوا حبايبى وأمثالكمْ، بالصبر الفعل الخير النصر، دا العالم كله ويّانا، عاَلمَ بِلاَ حصْر، بيشكّلوا وعى البنى آدمين، من نور الشمس لنبض الطين، كله مع بعض، بالطول والعرض، من مصر لمصر.