نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 1-1-2014
السنة السابعة
العدد: 2215
أسئلةٌ محرِجة، وإجاباتٌ مُجهَضة(1)
الذى يسمع أقوال وصياح وهتافات ووعيد هؤلاء القوم لا بد أن يشعر أن هناك خطأ ما فى تفكيره أو تفكيرهم، أونقصا ما فى دينه أو دينهم، أو خللا ما فى منطقه أو منطقهم. ماذا يريدون بالضبط؟ عودة الرئيس السابق الذى هو الرئيس الحالى من وجهة نظرهم؟ عودته ليفعل ماذا بالضبط؟ “بأمارة ماذا”؟ لينقذ مصر من الخراب الذى ساهم فيه هو وجماعته قبل وبعد أن يكون رئيسا؟ مثلما ساهم فيه بعض خصومه أيضا كلُّ بطريقته؟ يعود بالسلامة ليعيد مجد الإسلام عبر العالم الذى هو فى أشد الحاجة إلى قيم هذا الإسلام العظيم الذى يكاد يكون ليس له علاقة بالإسلام الذى يسوّقونه هنا لأغراض انتخابية فى المساجد والزوايا ، ويعطلون به مصالح الناس فى الطرق ومواقع الإنتاج؟
كلما سمعت أسماء الأشخاص، أيا كانوا، بدلا من أسماء مشروعات ومن صدى أفكار، ومن صوت حركة ساعة الزمن بالأيام والدقائق والثوانى، أفجع لافتقادى ما أنتظر من الطرفين، وأكاد أتيقين أننا لا نسير فى الطريق الصحيح. التركيز على عودة السيد الدكتور محمد مرسى العياط، الذى يتجلى فى كل تصريحات رجاله الأقربين وجماهيره المبرمجين، وهم ينكرون إزاحته أصلا، هل يصاحبه حل فى أذهانهم غير ترديد حجة الشرعية التى لا يعرفون تاريخها الحديث، ولا تنويعاتها الأكثر التباسا، ولا علاقتها بالشريعة أو الإسلام أو الإيمان أو الله. هذا التركيز على عودة شخص بذاته، حتى لو افترضوا أن كل الذى جرى ليس إلا إجازة إجبارية لظروف قهرية، ماذا يعنى عندهم إلا تقديم السيسى وكل من تعاون معه إلى المحاكمة للإسراع بشنقهم بتهمة الخيانة العظمى؟ وفورا، هذا إذا فشلوا فى تصفيتهم قبل المحاكمة، أما إنقاذ مصر بالإنتاج، والبناء، والحضارة، والإيمان، والإبداع؟ فنحن لا نسمع عنه شيئا، ولا أظن أنه يشغلهم أصلا.
أسئلة أخرى تحضرنى لتسحبنى بعيدا عن هذه الأسئلة المزعجة لكننى بعد أن أسألها أسأل نفسى يا ترى هل تشغلهم، على الجانبين مثلما تشغلنى، وأنا مواطن عادى ليس لى من الأمر شىء؟ مثلا : أنا أغار من الصين وإسرائيل وإيران على اختلاف مواقع كل منها، أتساءل أحيانا أسئلة بلهاء عند المقارنة أخجل أن أعلنها، بعض هذه الأسئلة ليس لها علاقة مباشرة بنا فى مصر، لكن الرد عليها قد يبين لنا إلى أين نسير، من بين هذه الأسئلة يخطر لى أيضا أنه: لماذا لم تنهض نهضة صناعية غير عسكرية فى روسيا، تغزو العالم بالمنتجات والملابس والآلات والأجهزة وكل شىء مثلما نهضت فى الصين حتى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من رأس قائمة الرواد الاقتصاديين فى العالم، مع أن الثورة السوفيته سبقت الثورة الصينية بعدة عقود؟ ومع أن النظام هنا وهناك ما زال هو النظام الشيوعى ؟ أى والله !! أم نسيتم؟ يا ترى لو مثل هذه الأسئلة تخطر على بال المحتجين أمام المحاكم وفى الشوارع والميادين وفى الجامعات، هل كانوا سيتمادون فيما يفعلون من ترديد أسماء أشخاص أو تنافس أيديولوجيات (ويا ليتها كذلك بل هى مجرد شعارات لإيديولوجيات لا يعرفونها)، ثم ماذا يا ترى يكون الحال لو قفزت أسئلة أخرى تقيّم دلائل وفائدة الجارى مثل : إنتاج أو لا إنتاج؟ استقلال أم تبعية؟ عمل أم هتافات؟ إبداع أم تقليد؟
هؤلاء الذين يحرّضون، ويعطـّلون، ويهدّدون، ويخرّبون ، ألا يجلسون مع أنفسهم، أو أمام الله، آخر النهار ويتساءلون: متى يهمدون حتى يعبدوا ربهم، ويحبوا وطنهم بطريقة أخرى، ثم متى يعرف الفريق الآخر أن المسألة ليست الفريق السيسى (كان الله فى عونه) أو غير السيسى، وإنما هى فى موقف وجودى أساسا ليس فقط ذلك الذى اعتدنا ترديده: “نكون أو لا نكون؟”، وإنما فى الموقف الأحدث “نكون، أو نصير أو ننقرض“، فرادى ثم جماعات، أوطانا ثم بشرا مجتمعين؟”.
المسألة، يا أسيادى هى أخطر من كل ما تفعلون، لها لغة غير التى تتكلمون بها، ومخارج وطرق غير التى تسلكونها،
هيا نتحمل مسئولية السؤال، ونبحث عن ما تيسر من إجابات، حتى لو لم نجدها فورا، وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر.
وبعد (فى 1-1-2014)
ظهرت هذه المقالة بعد شهرين، لكن بعد شهرين أصبحت هذه الأسئلة أكثر إلزام، كما أتوقع أن تكون الإجابات أكثر قبحا وعمىً، هل هذا يصح؟ وكل عام وأنتم بخير،
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وسوف تنتصر الحياة.
إذن: سوف تنتصر مصر.
هل عندك مانع؟
[1]- تم نشر هذا المقال فى موقع اليوم السابع بتاريخ 6-11-2013