الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / أحلام فترة النقاهة “نص على نص” نص اللحن الأساسى (حلم‏ 87 & 88)

أحلام فترة النقاهة “نص على نص” نص اللحن الأساسى (حلم‏ 87 & 88)

“يومياً” الإنسان والتطور

4-9-2008

السنة الثانية

العدد: 370

أحلام فترة النقاهة “نص على نص”

نص اللحن الأساسى (حلم‏ 87)

فى الصباح الباكر اكتشفت الجريمة الوحشية. وما لبثت وحشيتها أن صارت حكاية على كل لسان. ولكنى لم أجد موضعا للاختباء إذ أن المكان كله يتقاسمه رجال الشرطة وطبيبات المرض النفسى. واصبحت فريسة للقلق حتى استدعتنى إلى حجرتها كبيرة الطبيبات. وقالت لى الأكثرية هنا يفسرون وحشية هذه الجريمة بالقسوة الكامنة فى طبيعة القاتل. أما أنا فأفسرها بقلة خبرته وجهله للأصول العلمية الحديثة لفن القتل. لذلك قررت إلحاقه بالمعهد العصرى للجريمة. والله ولى التوفيق!

التقاسيم

…حين رجعت إلى منزلى رحت أبحث فى دليل التليفونات على المعهد العصرى للجريمة، فطلبت الدليل العالمى فأكد لى أنه توجد معاهد كثيرة تؤدى هذه المهمة لكنها لا تحمل هذا الاسم حرفيا، وأن عيبها جميعا أنها تدرس بطريقة جديدة جدا، وسرية أيضا، وأن مصاريفها باهظة تماما، فطلبت منهم أن يدلونى على أرخص واحد فيهم، فأعطونى رقم تليفون مكون من تسع وعشرين رقما تتخللها بعض الحروف (حوالى7) 

فى شارع عدلى سلمت الرقم للموظف ليقوم بطلبه بمعرفته فانتفض واقفا وترك مقعده وانصرف من أمام الشباك وهو يقول لى: “مستحيل، دقيقة واحدة،” وظللت منتظراً على الشباك الخالى من الموظف حتى شعرت بمن يلمس كتفى فالتفت فإذا به نفس الموظف ومعه اثنان من رجال الأمن يحيطون بى، فخفت خوفا جبانا حتى كدت أختفى أمام نظراتهم الساحقة.

قلت للموظف: عفوا فيه ماذا؟

قال اطمئن، فقد استجابت كبيرة الطبيبات النفسيات لالتماسك، وقررت أن تقوم بنفسها بإجراء عملية الخصاء لك، فزعت، وأقسمت أننى لم أقدم التماسا، ولم أوقّع بالموافقة على أية عملية، فقال إن هذا هو السبيل الوحيد لإنقاذك من الحكم الذى صدر بإعدامك لارتكابك الجريمة الوحشيةٌ، تبلدت حَتى الجمود، وعرفت أنه لا فائدة من الاستمرار فى الحوار فسكت، فأضاف: “ثم إنها شخصيا فى حاجة إلى خصْيتيك لعمل اللازم،” قلت: “وأنا؟ كيف أقوم بعمل اللازم؟”: قال: “هذا آخر ما يهم، المهم هو القضاء على الجريمة وليس على المجرم”

****

نص اللحن الأساسى (حلم 88)

فى ‏قريتنا‏ ‏كل‏ ‏فرد‏ ‏ينتظر‏ ‏رسالة‏ ‏قد‏ ‏تقرر‏ ‏مصيره‏. ‏وذات‏ ‏يوم‏ ‏تلقيت‏ ‏رسالتى ‏فقرأت‏ ‏فيها‏ ‏أن‏ ‏الحكم‏ ‏صدر‏ ‏بإعدامى ‏شنقا‏. ‏وذاع‏ ‏الخبر‏ ‏كعادة‏ ‏تقاليدنا‏. ‏فاجتمع‏ ‏أعضاء‏ ‏نادى ‏القرية‏ ‏وقرروا‏ ‏الاحتفال‏ ‏بالأمر‏ ‏فى ‏حينه‏ ‏أما‏ ‏فى ‏بيتى ‏حيث‏ ‏أعيش‏ ‏مع‏ ‏أمى ‏وإخوتى ‏وأخواتى ‏فقد‏ ‏انشرحت‏ ‏الصدور‏ ‏وعم‏ ‏السرور‏. ‏وفى ‏اليوم‏ ‏المنتظر‏ ‏دقت‏ ‏فى ‏النادى ‏الطبول‏. ‏وخرجت‏ ‏أنا‏ ‏من‏ ‏بيتى ‏فى ‏أحسن‏ ‏زينة‏ ‏محاطا‏ ‏بأفراد‏ ‏أسرتى، ‏ولكن‏ ‏أمى ‏شذت‏ ‏عن‏ ‏حالنا‏ ‏فدمعت‏ ‏عيناها‏ ‏وتمنت‏ ‏لو‏ ‏كان‏ ‏العمر‏ ‏امتد‏ ‏بأبى ‏حتى ‏يشهد‏ ‏بنفسه‏ ‏هذا‏ ‏اليوم‏ ‏السعيد‏.‏

التقاسيم

….تم إعدامى فى احتفالية غير مسبوقة، وتأكدت من ميزة نظام الرسائل المغلقة التى تقرر مصيرنا الرائع هذا الواحد تلو الآخر، وكانوا قد سألونى وأنا على منصة المشنقة، وكل أهل القرية يهللون فرحين بالحدث السعيد، إن كان لى طلب قبل التنفيذ، فطلبت منهم أن يدعوا لى الحبل حول عنقى، وأن يتركوا معه طولا كافيا، ولم أقل لهم كافيا لماذا، لأننى لم أكن أعرف حينذاك.

بعد أن طلعت روحى، رحت أتحسس الحبل وأنا فرح أننى امتلكته، ونزعته برفق من حول رقبتى وأنا شاكر لهم وفاءهم بالعهد، وحين التقيت عددا من الأصدقاء والأحباب فرحوا أننى أحضرت الحبل معى، لأنهم جميعا ماتو موتة ربنا، بلا حبل ولا مقصلة، ولم أفهم سببا لفرحتهم تلك، وحين سألتهم قالوا إن زوجة أحدهم حامل، وهذا حدث نادر هناك، وأنهم كانوا يبحثون عن حبل يقوم مقامِ الحبل السُّرى للجنين الذى فى بطنها، لأنهم يحتاجون الحبل السرى الطبيعى لأغراض أهَم.

وحين سألتهم عن هذه الأغراض الأهم، قالوا:

– أنْتَ مالك؟       

وما أن سلمتهم الحبل حتى طلعت روحى مرة ثانية، فَطِرتُ وراءها بلا تردد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *