“يومياً” الإنسان والتطور
5-6-2008
العدد: 279
أحلام فترة النقاهة “نص على نص”
نص اللحن الأساسى (حلم 61)
وصلتنى دعوة عشاء فى بيت قريب عزيز. ولما اقتربت من الباب رأيت أفواجا من المدعوين يدخلون. فأدركت أن الدعوة عامة. ورأيت بين القادمين نخبة من جيل أساتذتى وأخرى من جيل الزملاء. وتبادلنا التحية وبعض الكلام وكان مما أجمعوا عليه أنهم يقيمون الآن فى قرية كرستوفر وقالوا الكثير عن جمالها وتفوقها على جميع القرى السياحية. دخلنا وتفرقنا بين الموائد. وكانت جلستى أمام مائدة صغيرة عارية من كل شئ فلا مفرش ولا طبق ولا أدوات طعام وقبل أن أفيق من دهشتى رأيت شكوكو قادما نحوى قابضا على فخدة خروف محمرة. وسلمها لى يدا بيد وذهب وهو يضحك. صعقت واستأت ولكنى لم أر بدا من قطع اللحم بأصابعى لأتناول طعامى غير أننى كنت أفكر طيلة الوقت فى كرستوفر.
التقاسيم
…. سألت موظفة مكتب السياحة عن قرية سياحية اسمها كريستوفر، وهل يوجد بها فندق لمن لا يملك بها شاليها أو فيلا، فأنكرت الاسم وقالت لى الموظفة لعلك تقصد قرية كولمبوس، قلت لها ربما لها اسمان، فأخبرتنى بأنه لا يوجد بها فندق، وإنما شاليهات تؤجر بالليلة، وأنه يشترط لمن يسمح له بتأجيرها أن تكون فصيلة دمه A B، وأنا أعرف أن فصيلة دمى O وأنى قادر على أن أعطى كل الناس نقل دم لكن لا آخذ إلا من فصيلة تشبهنى، وشرحت لها المسألة وأنى مستعد أن آخذ بالمخاطرة لو حدث شئ، فأُعطى ولا آخذ، فوعدتنى الموظفة أن ترجع إلى رئيسها تستشيره.
فى الطريق وجدت بائع عرائس الجبس ينادى “شكوكو بالأزايز”، “كاريوكا بالأزايز”، فتقدمت منه وسألته عن فصيلة دمه، فقهقه عاليا، وطبطب علىّ مشفقا على عقلى، فوجدت نفسى فى المصعد فى قرية كريستوفر كولمبس، وعامل المصعد يعطينى مفتاح الشاليه ويطلب منى التوقيع على مسئوليتى عما يحدث لى كما وعدت فى مكتب السياحة، فقمت بالتوقيع.
أثناء ركوبى المصعد نظرت إلى صورتى ولم أتعرف على نفسى لكن لاح لى فى المرآة خلف من لا يشبهنى عدد من المدعوين من جيل الأساتذة والزملاء وهم يلوحون لى تلويحه الوداع “بالسلامة” “بالسلامة”، ضغطت على زر رقم الدور الذى أخبرنى عنه الرجل وإذا بالمصعد يهبط بدل أن يصعد، وتصورت أن هذه هى الأصول ، لكنه ظل يهبط دون توقف بغض النظر عن محاولاتى مع كل الأزرار، وتذكرت حديثى مع موظفة المكتب، وأسفت لتوقيعى لعامل المصعد. واستمر الهبوط وأنا لا أستطيع حتى أن أصيح أن فصيلة دمى O.
****
نص اللحن الأساسى (حلم 62)
أخيرا عثرت على الصورة القديمة العزيزة بين الأشياء القديمة. ولكن فرحتى لم تتم إذ سرعان ما تبين لى أن الصورة تهرأت بمرور الزمن عليها وطمست ملامح الأعزاء فلم يبق منها بقية تذكر.
وبقدرة قادر وجدت نفسى فى بهو مصلحة حكومية وبيدى ملف خدمة موظف يتتبع خطاى ويطالب بالإنصاف. وأدركت بخبرتى أن الموضوع من اختصاص إدارة المستخدمين.
وبحثت فلم أجد لها أثرا وفيما أمر أمام حجرة المخازن فتح الباب وخرج منه زميل توفاه الله منذ شهر. خطف الملف من يدى ورجع إلى المخازن وهو يؤكد أن الموضوع من اختصاصه. وأنسانى مظهره المهمة التى كانت تشغلنى.
التقاسيم
… دخلت بسرعة وراءه قبل أن يغلق حجرة المخازن، وأنا أعلم أنه متوفى، فملأنى الرعب، لكنه زادنى إصرارا، أخذ يسرع الخطى والملف تحت إبطه، وأنا وراءه، وأنا على يقين أن الصورة القديمة بداخله، ولا أعرف كيف وصلت إلى داخل الملف، وحين توقف فجأة واستدار وعيناه مليئة بالغضب والاحتجاج، صاح بى: إلى أين؟ قلت له أنا معك حتى النهاية، قال إنك لن تستطيع معى صبرا، قلت ستجدنى إن شاء الله من الصابرين، قال على مسئوليتك، قلت له هات الصورة التى بداخل الملف وأنا أنصرف عائدا ويا دار ما دخلك شر، قال أية صورة يا أبله؟ قلت له أنت لا تعرف كم هى متهرئه، ولو لم تأخذ بالك فستتمزق منك، قال كيف تقول ذلك وأنت بكل بجاحتك هذه خرجت منها لتزعجنى كل هذا الإزعاج.
غمرنى رعب غامض ثقيل، وأخذ جسمى يتبطط حتى صار فى سُمك ورقة كارتون، لا أعرف هل لصق عليها صورتى أم لا.
وراح الرجل يبحلق فيها وهو يقهقه شامتا.