حوار مع مولانا النفرى (335) من موقف “ما وراء المواقف”
نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 16-4-2019
السنة الثانية عشرة
العدد: 4245
حوار مع مولانا النفرى (335)
من موقف “ما وراء المواقف”
وقال مولانا النفرى أنه:
وقال لى:
الجهل وراء المواقف، فقف فيه وراء مقام الدنيا والآخرة
مقدمة:
جين هممت أن أحاورك اليوم يا مولانا تذكرت فضل استلهاماتك هذه حين عرّفتنى موقع الجهل، وثرائه، وعطائه، وضرورته، وكان ذلك أصلاً حين كنت أجـْرَأُ، ورحت أحاور الله مباشرة
بحثت فى أوراقى فوجدت عن الجهل ما هو جدير بإعادة النشر.
وهذا بعض ما نشر منذ عشر سنوات فى يومية 3/8/2009 (ثراء حركية الجهل فى مواجهة جمود العلم) وذلك حين اقتطفت مما جمعه د. توفيق رشد ما ينير طريقنا وعقبت عليه مع تغيير خطاب الحوار ليكون قياسا على ما ظهر لى فى كتابى المنشور “مواقف النفرى بين التفسير والاستلهام”، (1) وكان حواراً مع الله مباشرة، وليس مع مولانا النفرى:
وقد جاء كما يلى:
حوار مع الله
وقال مولانا النفرى أنه:
(6) (2) وقال لى: الجهل وراء المواقف فمن وقف فيه أدرك عُلُومَ المواقف.
فقلت له:
علوم المواقف هى مواقف العلم والجهل معا،
والجهل الذى وراء المواقف هو هو العلم الذى تثرى به المواقف،
فتثريه.
(7) وقال لى: اخْتِم عِلْمَكَ بالجَهْلِ وإلا هلكت به
فقلت له:
العلم الذى لا ينتهى بالجهل هو علم مستقر يأكل بعضه بعضا،
الهلاك الهلاك هو أن يخدعنى علم خالٍ من الجهل،
فأتآكل به وأنا أحسب أننى آكله.
(8) وقال لى:المعرفة التي ما فيها جهلٌ هى المعرفة التي ما فيها معرفة.
فقلت له:
وهل المعرفة التى ما فيها جهل تستحق أن توصف بأنها معرفة أصلا
المعرفة المعرفة تفتح لى آفاق جهلى فأعرف ،
فأجهل لأعرف،
فأجهل فأعرف،
فأعرف لأجهل ..
وهكذا
(9) أوقفني في الدّلالة وقال لى: المَعْرِفَةُ بَلاءُ الخَلْقِ…وفي الجهل نجاة الخلق
فقلت له:
الخلق الخلق الذين لا يتوقفون عن السعى، لا يعرفون المعرفة التى هى بلاؤهم.
الخلق الخلق الذين يحتمون بجهلهم ليعرفوا، يهديهم جهلهم إلى المعرفة المعرفة
أما الذين يخيل إليهم أنهم إنما تخلصوا من جهلهم متى عرفوا، فقد تنازلوا عما عرفوا،
فهو البلاء الجسيم
(10) وقال لى:معرفة لا جهل فيها لا تبدو.
فقلت له:
وكيف تبدو وقد أظلمتْ حين استغنت عن نور الجهل الذى يتفجر منها؟
(11) أوقفني وقال لى العِلْمُ على من رآني أضرُّ من الجهل.
فقلت له:
وهل يحتاج من رآك إلى أى من العلم أو الجهل
فضلك على من رآك أنك تلهمه أنه لم يرك
فيظل يبتغى الوسيلة إليك فى كل ما يتصادف له: علما أو جهلا
يضره العلم حين يستفرد به،
ويضره الجهل حين يغرق فيه
الجهل بلا علم ضار
والعلم بلا جهل أضرّ
الإخلاص إليك يحمينى من أن يضرنى أى منهما،
الضرر هو أن يوهمنى أى منهما أننى أراك
لا أطمع أن أراك…
حين لا أراك
فأنا أراك
(12) أَوْقَفَنى فى اللَّيْلِ وقال لى: إذا جاءك الليل فقف بين يديّ
وَخُذْ بيدك الجَهْلَ فاصرف به عنّي عِلْمَ السّموات والأرض
فقلت له:
هل أنا الذى آخذ بيد الجهل أم هو الذى يأخذ بيدى ؟؟ !!!
علم السماوات والأرض بدونك ليس علما ولا جهلا،
هو يحول بينى وبينك
حين يتآلف سواد الجهل مع ظلام الليل، تشرق منهما شمس معرفة أخرى تتكلم بلغة هسهسات النجوى التى تنقشع بها سحابة علم السموات والأرض التى كانت تطمس الطريق إليك،
يشرق نورك داخلى فينصرف عنى، فعنك، علم السماوات والأرض.
وهو ما كان يحول بينى وبينك
فانقشعْ
(13) وقال لى:احتجب عن العِلْمِ بالجَهْلِ وإلاّ لم ترني ولم تَر مجلسي.
فقلت له:
أراك حين يتوارى العلم خلف حجاب الجهل،
وليس حين يدعى أنه يدلنا عليك
العلم الذى يدعى أنه يكشف وجهك لا يكشف إلا وجهه دونك، حتى إن أشار إليك أو حدّث عنك
أقصد عن ما يتصور أنه أنت
(14) وقال لى:العلوم كلّها حُجُبٌ؛ كل علم منها حجابُ نفسه وحجاب غيره.
فقلت له:
حجاب نفسه؟ نعم!! وهو حجاب غيره إلا ما (ومن) لا يحتاج أن يحتجب به أو بغيره
نحن نحتاج إلى هذه الحجب لأنها الأقدر أن تحجب ما لا نقدر عليه إلا أن يحتجب، لعلنا نعود فنقدر عليه واحدة واحدة
إذا انحجب العلم بالعلم تجلى الجهل المعرفة إليك،
ينحبس العلم الحجاب خلف حجاب نفسه،
فتتجلى
(15) وقال لى:الجهل حدّ في العلم وللعلم حدودٌ، بين كل حدّين جهل.
فقلت له:
لولا أن الجهل رضى أن يكون حدا للعلم، لساح العلم على العلم، وتسربت المعرفة،
الحدود التى يتفضل بها الجهل على العلم هى التى تمنع أن يتسرب ماء العلم إلى جفاف الكفر الأجوف.
(16) وقال لى:الجهل ثمرة العلم النّافع، والرِّضا به ثمرة الإخلاص الصّادق.
فقلت له:
أبدأ بالإخلاص الصادق
فأستطيع أن أميز العلم النافع،
يهدينى إلى الجهل المضىء
أرى به، فأرضى
وبعد:
أنتقل الآن من حوارى مع الله إلى حوارى مع مولانا النفرى حول ما اقتطفته اليوم من موقف ما وراء المواقف وصدّرت به هذه النشرة، وهذا نصه مرة ثانية:
الجهل وراء المواقف، فقف فيه وراء مقام الدنيا والآخرة
فقلت لمولانا:
نعم يا مولانا الجهل وراء المواقف، وقد وصلنى أنه ليس وراءها بمعنى المكان، وإنما هو وراءها بمعنى الدافع والأصل والمكمّل لها مع العلم والمعرفة أيضا والمواقف، وأن من يقف فيه بيقين وجدل وإبداع فهو وراء الدنيا والآخرة بمعنى الإحاطة والتكامل لما قبلهما وبعدهما فى كدح دائب “إليه”.
[1] – يحيى الرخاوى وإيهاب الخراط (مواقف النفرى بين التفسير والاستلهام” – الطبعة الأولى 2000 منشورات جمعية الطب النفسى التطورى، والكتاب موجود فى الطبعة الورقية فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى للتدريب والبحوث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net
[2] – التزمت بالترقيم حسب النشر السابق الذى جاء فى ما جمعه د. توفيق رشد
2019-04-16