الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (74) من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (74) من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

3 – 5 – 2012

السنة الخامسة

 العدد: 1707

M_AFOUZ

ص 74 من الكراسة الأولى

3-5-2012

بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب‏ ‏محفوظ

أم‏ ‏كلثوم‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

فاطمة‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

الأولة ‏آه

ياللى‏ ‏تشكى ‏من‏ ‏الهوى

امتى‏ ‏الهوى

يا‏ ‏عشرة‏ ‏الماضى‏ ‏الجميل

ولد‏ ‏الهدى

‏‏من‏ ‏أى‏ ‏عهد

نجيب‏ ‏محفوظ

‏ 15/4/1995

القراءة:

لم يرد فى تدريب اليوم  من جديد، إلا “الأولة آه” ثم “ياللى تشكى ما الهوى”،أما ما دون ذلك فقد سبق وروده وقراءته ولم أجد فيه جديدا،

وأكرر: أنه ربما عند بلوغى الصفحة مائة، قد أتناول بقية التدريبات بالطريقة التى أكرهها كرها شديدا، وهى ما أشرت إليه وأسميته هنا سابقا “القراءة الشاملة” و “المنهج الكمى” (كم أية، وكم أغنية، وكم مرة ذكر  اسمى كريمته، وكم تسبيحه، وكم دعاء وكلام من هذا…إلخ)، وهو ما أوضحت أيضا أننى لا أطيقه. ما علينا خلنا فى اليوم:

على من يريد أن يرجع إلى ما سبق قراءته أن يتبع الروابط التالية :

  • يا‏ ‏عشرة‏ ‏الماضى‏ ‏الجميل : وردت فى نشرة 23-6-2011 صفحة التدريب  26
  • ولد الهدى : وردت فى  نشرة 23-6-2011 صفحة التدريب 26، وأيضا فى  نشرة 4-8-2011 صفحة التدريب 31، وكذلك  فى نشرة 15-3-2012، صفحة التدريب 65
  • أمتى الهوى: وردت فى نشرة 4-2-2010 صفحة التدريب 11

ثم ننتقل إلى الجديد

نؤجل بعد إذنكم “الأولة آه ” الآن

ونبدأ بـ ” ياللى تشكى ما الهوى

بالرغم من أن معظم ما جاءنى ابتداءً عند البحث عن هذا المقطع ” ياللى تشكى مالهوى”  كان لصباح فخرى، إلا أننى حين عثرت علبها لأم كلثوم رحت أجزم أن أم كلثوم هى التى حضرت فى وعى الأستاذ، وقد استمعت إلى الأغنية من اليوتيوب، وجرجرتنى إلى أوائل الأربعينات وأنا أستمع إلى أم كلثوم فى الأسطوانات أم إبرة عند عمتى هانم، لكننى لم أتذكر أنى سمعت هذه الأغنية بالذات.

هى من ألحان زكريا أحمد وتأليف أحمد رامى، لا أستطيع أن أنقل اللحن وإن كنت أنصح من يريد أن يرجع إليه فى اليو تيوب لأننى أتصور أن الأستاذ كان يعيش اللحن وهو يذكر الكلمات بالذات مع أم كلثوم.

عادت بى كلمات الأغنية كالعادة إلى علاقة أحمد رامى بأم كلثوم، وقد كتبت عنها من قبل، وما زلت أتصور أنها كانت علاقة شديدة الإيلام لأحمد رامى بشكل أو بآخر، وأن ما ظهر فى كلماته مثلما ذكرنا الأسبوع الماضى من استجداء واستعطاف هو ما كان يغلب على رامى بالذات فى شعره فى هذه المرحلة، سواء كتبه لأم كلثوم أم لغيرها، فهو هنا مثلا  يشترى قلب الحبيب، بماذا يا ترى؟ بدموع عينيه:

“ياللى تشكى م الهوى هون عليك

وإشترى قلب الحبيب بدموع عنيك

 لست متأكدا إن كان من حقى أن أرفض هذا النوع من الغرام بهذه  الشدة، فلعله كان طبع ما يجرى فى تلك الفترة، كما أننى لست متأكدا إن كان الأستاذ كان يكتفى بأن يطرب للحن وللصوت المتلألئ من محبوبته المفضلة دون الانتباه إلى الكلمات، أم أنه كان يتوقف عند الكلمات أيضا ويقبلها برقته العذبة؟ لست متأكدا ولا أريد أن أتأكد، لأننى لم أر الأستاذ أبدا، ولا حتى فى رواياته أنه ” يحلى فى عينه العذاب…لجل ما يرضى الحبيب”،

 لكن لماذا ترد مثل هذه الأغانى هكذا فى تدريباته، ونحن لم نكد نترك الصفحة السابقة بما جاء فى أغنية عبد الوهاب “سكت ليه يا لسانى”،  تأليف رامى أيضا  وهو  يقول:  “ما كانشى يرحمنى منه إلا بكاى ونوحى”!! ما هذا؟، ثم ها نحن نرى فى هذه الصفحة التالية مباشرة “واشترى قلب الحبيب بدموع عنيك”!!

 ما علينا ، أشعر أننى ابتعدت عن الفن إلى موقف حُكمى على الكلمات، وهو موقف لا يليق لا بالفن ولا بالحب.

تنقذنى الأغنية الثانية التى حضرت فى وعى الأستاذ اليوم، وهى لأم كلثوم أيضا وهى تأليف أحمد شوقى والتى لم يكتب منها إلا أولها:

“من أى عهد”…

ومطلعها:

منْ أى عهـدٍ فـى القُـرى تتدفـقُ       وبأَى كـفٍّ فـى المدائـنِ  تُغـدقُ

ومِنَ السماءِ نَزلتَ أمْ فجـرتَ مِـنْ        عُليـا الجِنـانِ جـداولاً تتـرقـرقُ

لم أكن أعرف كل الأغنية وحين رجعت إليها، وجدتها أقرب إلى صلاة “التراويح” فى حب النيل وحب الله وحب مصر، وهى من (156) بيتا، والأرجح عندى أن أم كلثوم شخصيا هى التى اختارت الأبيات التى غنتها منها، ولا أريد أن أطيل، فقط أعترف أن هذه الأغنية استجلبت إلى وعيى أغنية أم كلثوم أيضا “شمس الأصيل دهبّت * خوص النخيل يا نيل”، تأليف: بيرم التونسى وهى ترسم لى نيلا يمثل جزءا من طفولتى فى زفتا، مع رحلات التجديف إلى القناطر كلما أتيحت الفرصة، مازال عندى نيل زفتا حتى قناطرها أجمل من نيل القاهرة حتى القناطر الخيرية.

عدت أعجب بهذا الشاعر الجميل أحمد شوقى، وبالذات من تمكنه هكذا من اللغة الفصحى بكل هذه القدرة.

ثم أنتقل إلى “الأوله آه

فتحضرنى مصر هذه الأيام بالذات وتكاد الدموع تترقرق فى عينى

أنا أنتمى هذه الأيام إلا “ثقافة الألم” إن صح التعبير، ليس بالمعنى الذى جاء فى أغنية محمد عبد الوهاب “سكت ليه يا لسانى” أو أم كلثوم “يا اللى تشكى ما الهوى” وإنما بتلك المعانى التى عثرت عليها وأنا أبحث الأهات المصرية الخالصة، وأنا أتسأءل: ما الذى حضر فيها فى وعى الأستاذ اليوم؟

لا يمكن استنتاج أى منها كانت الأقرب إليه من كل ما وجدت مما هو ” الأولة آه …” يا ترى أى منها كان كامنا تحت ما ظهر عنه فى ذلك اليوم حتى ظهرت هذه الآهه على سطح وعيه هكذا دون زيادة.

وجدت ثروة من التراث شديدة الجمال والدلالة، تنبض بكل الألم الخلاق، اكتشفت أن مصر أسبق حتى فى التغنى بالألم، أزاح هذا الألم الرائق إعجابى بكاظم الساهر الذى عرفنى ألم آخر بأغينة “سلامتك ماالآه…” ولم أكن منتبها إلى أننا أصحاب هذا السبق هكذا.

 الأرجح، والله أعلم أن آهات سيد درويش وبيرم التونسى هى التى حضرت فى وعى الأستاذ اليوم، تماشيا مع “يا عشرة الماضى الجميل”، وإلى درجة أقل “إمتى الهوى”، وليس أصلا مع “ولد الهدى”، أو”من أى عهد فى القرى تتدفق”.

لم أكن متأكدا من مؤلف كلمات الأغنية التى غناها سيد درويش ثم حفيده، عرفت أخيرا أنه بيرم التونسى كان الأستاذ قد حدثنى كثيرا عن بيرم وذكرت ذلك فى عملى “فى شرف صحبة نجيب محفوظ” (نشرة 22-4-2010 الحلقة العشرون)، كان بيرم كتلة من الألم الجميل الصعب المبدع، وقد وجدت له آهات أخرى غير التى غناها سيد درويش وسوف أعود إليها غالبا فى أسبوع قادم (صفحة تدريبات 77) حيث وردت “الأوله آه” مرة ثانية فى تدريبات شيخى.

الآن أستأذن شيخى لأتوقف عند كلمات أغنية سيد درويش لأعرضها اليوم دون تعقيب لما بها من عصارة خالصة لما هو النبض المصرى، والكشف المصرى، والألم المصرى، والجمال المصرى.

من كلمات بيرم التونسى

غناء سيد درويش

الأوله آه

الاوله آه .. والتانية آه … والتالتة آه

الاوله بنيوتى سف المال ..

والتانية آه من مزميل بسكال

والتالتة آتارى القمار له حال

ورجعت تانى تانى أقول الأوله بنيوتى سف المال وجاب به ازاز

والتانية آه من مزميل بسكال عيونها لزاز

والتالتة اتارى القمار له حال يزل عزاز

ورجعت تانى اقول الاوله بنيوتى سف المال وجاب به ازاز ملآه سبرتو

والتانية اتارى القمار له حال يزل عزاز يا ما سهرتو

ورجعت تانى تانى أقول الأوله بنيوتى سف المال وجاب به ازاز ملآه

سبرتو وسمه روم وصدقنا

والتانية آه من مزميل بسكال عيونها لزاز واخوك مرتو اوام بيعوم على البلى با

والتالتة آتارى القمار له حال يزل عزاز يا ما سهرتو وبعت هدومى يا حول الله

بعد الكتينا الذهب والدبوس الالماظ صبحت سارح على كتافى بصفيحة جاز

ورجعت تانى اقول الاوله آه .. والتانية آه .. والتالتة آه

****

ثم انتقل بيرم إلى غزل شديد الجمال فى البنت المصرية ومقارنتها بالفاتنات الباريسيات واللندنيات مما قد أتناوله فى مقام آخر إذا ما استجلبته تدريبات شيخى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *