الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (66) من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (66) من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

22-3-2012

السنة الخامسة

 العدد:  1665

M_AFOUZ

ص 66 من الكراسة الأولى

22-3-2012

بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب‏ ‏محفوظ

أم‏ ‏كلثوم‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

فاطمة‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

        ـــــــ

الله‏ ‏لا‏ ‏يغير‏ ‏ما‏ ‏بقوم‏ ‏حتى

يغيروا‏ ‏ما‏ ‏بأنفسهم

الاعتماد‏ ‏علي‏ ‏النفس‏ ‏فضيلة

الهدى‏ ‏من‏ ‏عند‏ ‏الله

نجيب‏ ‏محفوظ

‏ 6/4/1995

القراءة:

مازلنا نخطو واحدة واحدة ونحن نتعرف على ما ورد فى الصفحات سابقا، وما هو جديد أولا بأول، وإن كنت أرى بعد 66 صفحة أن كلمة جديد هى دائما واردة حتى لو كانت الكلمات هى نفس الكلمات، فالخط اليوم أكثر وضوحاً وجمالا، وقد بدأ كما عوّدنا بالبسملة ثم اسمه ثم كريمتيه، ثم وضع خطا صغيرة بعد فقرة البداية ثم جاءت الجملة الوحيدة الجديدة “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ”،

مراجعة وبعض التحديث:

إن كل ما ورد قبل ذلك قد يستثير إضافة جديدة أو مواجهة مزيدة بشكل أو بآخر، فشيخنا يكتب اليوم “الاعتماد على النفس فضيلة“، وقد سبق أن كتب فى صفحة التدريب (52) نشرة 5-1-2012) العدد 1588، “الاعتماد على النفس سياسة النجاح“، المشترك هنا هو “الاعتماد على النفس“، فجأة شعرت أن هناك فرق، ولو حسبناها كما كنا نحسب مسائل الجبر والحساب، لاستنتجنا أن “الفضيلة” هى “أساس النجاح”.  إذن لم يكن النجاح المقصود هنا وهناك هو فقط النجاح الذى نعرفه عادة بالتفوق فى المجال، أو الإثراء، أو تبوء المركز اللائق، أو الحصول على التقدير الرسمى أو الشعبى الجدير بأى نجاح، وإنما كما جاء فى قراءتنا السابقة أن ما يشير إليه شيخنا من نجاح هو مواكب لفضائل جاءت فى الفقرة المقتطفة كالتالى:

المقتطف:  (صفحة التدريب (52) نشرة 5-1-2012 العدد: 1588)

“… حين يُثبت الاستاذ أن “الاعتماد على النفس أساس النجاح” الأرجح عندى هو أنه لا يحكى قولا مرسلا شائعا، بل لعله يعلمنا، أو يسمح لنا أن نتعلم منه، بعدا أعمق، فبالرغم من أنه شخصيا هو المثال الاعظم فى شق طريقه، وتسيير مسار حياته بكل عناد وثقة واستغناء عن الوظيفة الجامعية، وعن الاستاذية، وعن السفر للخارج، وعن اللجوء إلى أية معارف يسهلون له طريق النشر حتى فى بدايات حياته، برغم حقيقة كل هذه الاستغناءات، فإنه لم يستغن عن العلاقات الشريفة المتبادلة مع أى ممن يجد عنده ما يريد، وعادة هم الذين يعرضون العون، المعادلة الصعبة كانت فى تحقيق حبه للناس بهذا الحميمية والتسامح والكرم والترحيب، وفى نفس الوقت اكتفائه بنفسه مثابرا متحديا حتى حقق نفسه عزيزا مكرما، ليس فقط بنوبل فمازالت هذه الجائزة تمثل عندى تكريما للجائزة، وتبرئة نسبية لتحيزات الجائزة لبعض اختياراتها”.

 فنلاحظ الفضائل من أول “العلاقات الشريفة حتى المثابرة مرورا بانتصاره للجائزة “نوبل” درءاً للشبهات، وهنا حين يعود فيذكر إن الاعتماد على النفس فضيلة فإنه يؤكد من جديد نفيه للشائع من أن النجاح يستلزم قدرا من التنازل عن نظافة الوسيلة ، وهو بذلك يكاد يعلن رفض الميكيافيلية، رفض أن الغاية تبرر الوسيلة، ويظل الاعتماد على النفس هو فضيلة فى ذاته، وبالتالى فإن النجاح الذى يترتب عليه هو أيضا فضيلة، وهو نجاح خاص مختلف،

أما الجملة الثانية المكررة فهى “الهدى من الله”، وقد نالت حقها وزيادة فى القراءات السابقة، كما أثارت سلسلة من التداعيات فى كل من صفحات التالية حيث ظهرت فى صفحة التدريب (8) نشرة 28-1-2010،& صفحة التدريب (14) نشرة 18-2-2010،& صفحة التدريب (23) نشرة 1-4-2010،& صفحة التدريب (30) نشرة 28-7-2011، ولم أرجع إلى هذه الصفحات تفصيلا الآن لأجد ما أضيفه سوى ما يتعلق بكلمة “هدى”.

 وقد انتهزتها فرصة لأرجع لكلمة “الهدى” فى اللغة (المعاجم) وفى القرآن الكريم، وإذا بهذا اللفظ، مثل كثير من الألفاظ العربية يحمل عددا من المعانى لا يمكن أن نجمعها جميعا ثم ننتقى منها ما يقصده الأستاذ وهى بهذه الوفرة حيثالهدى هو: الرشد، البيان، الدلالة، الطاعة، التقوى، النهار، الطريق، الحق

فانتهزتها فرصة مرة أخرى لأرفض وصاية المعاجم على التعبير وأنبه الذين يتصدون لتفسير القرآن الكريم من المعاجم.

ومن عجب أننى وجدت الهدى فى القرآن – كما جمعه أحدهم –  له وفرة وافرة من تنوع المعانى أيضا كالتالى:

1- الثبات. ومنه: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) الفاتحة:6″ أي: ثبتنا عليه.

2- البيان. ومنه: (عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ) البقرة:5″، لقمان:5″.

3- الرسول. ومنه: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى) البقرة:38″، طه:123″.

4- محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ. ومنه: (مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى) البقرة:159″.

5- السنة. ومنه: (فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) الأنعام:90″.

6- الإصلاح. ومنه: (لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) يوسف:52″.

7- الدعاء. ومنه: (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) الرعد:7″

8- القرآن. ومنه: (أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى) الإسراء:94″، الكهف:55″

9- الإيمان. ومنه: (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) الكهف:13″

10- الإلهام. ومنه: (أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) طه:50″ أي: ألهم كيف المعاش.

11- الموت على الإسلام. ومنه: (وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه:82″.

12- الإسلام. ومنه: (إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ) الحج:67″

13- التوحيد. ومنه: (إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ) القصص:57″

14- التوراة. ومنه: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى) غافر:53″

حين يكتب شيخنا “الهدى” هو لا يعنى ما جاء فى المعاجم، ولا يلتزم بكل ما جاء فى القرآن الكريم، بل إننى أتصور أنه لم تخطر على باله أى من هذا أو ذاك وأنه لا يعنى معنى واحدا من كل هذه المعانى، وأكاد أجزم أن ما كتب “الهدى” إلا لأن “الهدى” هو الهدى وفقط، ثم أتذكر فجأة أن اسم الشهرة لإحدى كريميته هو “هدى” وأتصور أن الأستاذ حين يكتب “الهدى من عند الله” يعنى معنى واحدا لا يحتاج إلى تفسير يفسر ويكفى أنه من عند الله، لكننى لا أستبعد حضور اسم كريمته فى خلفية وعيه.

ثم أختم القراءة اليوم بالآية الكريمة فى هذه الصفحة وهى ” إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” هذه الأية الكريمة يستشهد بها أغلب الناس ليستثيروا فينا أن نبدأ بأنفسنا، وأن نكف أو نقلل من إلقاء اللوم على الآخرين أو الأسباب الخارجية عموما،  سواء كانوا حكاما أم واقعا صعبا تلوم هذا وذاك طول الوقت، دون أنفسنا.

 مسألة تغيير النفس يتناولها الكثيرون كأنها يمكن أن تكون هدفا فى ذاته، مع أنها فى الخبرة المهنية، بل وفى النمو عامة، يأتى التغيير أساسا نتيجة لاختيار الظروف التى تسمح بالتغير، وكثيرا ما أعترض على مريض (ومرضى كثيرين) يأتى للاستشارة طالبا تغيير نفسه لأنها بها كذا وكذا من العيوب أو النقائص، فأنبهه بوضوح أن علينا أن نمارس الحياة فى ظروف ملائمة جديدة، وبقواعد علمية وبرامج تصحيحية سلوكية وغير ذلك ليكون التغيير ناتجا جانبيا طبيعيا لتغيير مكونات المعادلة الحياتية، وهذا لا يتعارض مع قول تعالى “حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” لأننى انتبهت أنه لم يقل ” حَتَّى يُغَيِّرُوا أَنفُسِهِمْ ” وإنما “مَا بِأَنفُسِهِمْ”.

شكراً شيخنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *