الرئيسية / حوارات وأحاديث / العدل أساس الحكم المدنى أو العسكرى

العدل أساس الحكم المدنى أو العسكرى

مجلة 7 أيام

العدد : 54

 28  يناير 2014

الطبيب والشاعر والكاتب يحيى الرخاوى:

العدل أساس الحكم المدنى أو العسكرى

س 1 : د. يحي الرخاوي شاعرا وكاتباً وطبيباً هل يمكن توصيف اوجاع الوطن بالشعر؟

   د. يحيى:

طبعاً يمكن ولكنه توصيف باجتهادات مواطن لا أكثر، أعنى أنه ليس بهذه الصفات التى وردت فى السؤال تحديدا،  وعموما فالشعر هو أقدر الوسائل الإبداعية على تصنيف الأوجاع، أكثر من العلم، والطب، فالعلم يصنف الأوجاع بمواقع الألم فى المخ، وكمية الأفيونات الطبيعة التى يفرزها المخ وكلام من هذا، أما الطب فهو يصنفها بأسماء الأعراض مثل: القلق والاكتئاب والهلع والضجر وكلام من هذا أما الشعر فهو يغوص إلى الوجدان والإدراك والوعى ويعيد تشكيل كل فى ذلك فى تنظيم جديد له موسيقاه ونبضه وصوره فيصور الأوجاع بأبعاد جديدة وأعماق جديدة وحفز جديد، ذات مرة وصفت صرخة ألم صامت وصلتنى من مريض قلت:

 “هل‏ ‏أطمع‏ ‏يوما‏ ‏أن‏ ‏يُسمع‏ ‏لي؟‏ ‏هل‏ ‏يُسمح‏ ‏لي؟‏ ‏

هل‏ ‏يأذنُ‏ ‏حاجَبكم‏ ‏أن‏ ‏أتقدم‏ . لبلاطكمو‏ ‏التمس‏ ‏العفو‏ . أنشر‏ ‏صفحتىَ ‏البيضاءْ‏ . أدفع‏ ‏عن‏ ‏نفسى. ‏أتكلم‏ !

أحكى ‏فى ‏صمت‏ ‏عن‏ ‏شئ ‏لا‏ ‏يحكى . عن‏ ‏إحساس‏ ‏ليس‏ ‏له‏ ‏اسم‏ . إحساس‏ ‏يفقد‏ ‏معناه، ‏إن‏ ‏سكن‏ ا‏للفظ‏ ‏لميت‏.

شئ ‏يتكور‏ ‏فى ‏جوفى ‏. يمشى ‏بين‏ ‏ضلوعى ‏. يصّاعد‏ ‏حتى ‏حلقى ‏. فأكاد‏ ‏أحس‏ ‏به‏ ‏يقفز‏ ‏من‏ ‏شفتى ‏. . . .

وفتحت‏ ‏فمى‏:‏ ‏لم‏ ‏أسمع‏ ‏الا‏ ‏نفسا‏ ‏يتردد‏ . إلا‏ ‏نبض‏ ‏عروقى ‏. وبحثت‏ ‏عن‏ ‏الألف‏ ‏الممدودة‏ ‏. وعن‏ ‏الهاء‏ ‏.

وصرخت‏ ‏بأعلى ‏صمتى . لم‏ ‏يسمعنى ‏السادة‏ .

 وارتدت‏ ‏تلك‏ ‏الألف‏ ‏الممدودة‏ ‏مهزومة‏ ‏. تطعننى ‏فى ‏قلبى . وتدحرجت‏ ‏الهاء‏ ‏العمياء‏ ‏ككرة‏ الصلب‏..، ‏داخل‏ ‏أعماقى…الخ.

هل هناك وصف للألم أعمق من هذا الصمت؟

*****

س 2 : ذكرت في مقال لك في الاهرام ان اينشتين كان شاعراً.. ؟

   د. يحيى:

هذا صحيح، وكان لزاما علىّ أن أقوم بتقديم موجز عن ماهية الشعر كما أعرفه حتى يكون الوصف دقيقا، واستعنت بكتاب اسمه “العلم والشعر” ‏تأليف‏ ‏أ‏.‏أ‏. ‏رتشاردز‏ ‏ترجمة‏ ‏محمد‏ ‏مصطفى ‏بدوى ‏كتب‏ ‏مؤلفه يقول:‏ “.. ‏وللأسف‏ ‏العميق‏ ‏كان‏ ‏الكثيرون‏ – ‏ومنهم‏ ‏كيتس‏- ‏مثلا‏ ‏يعتقدون‏ ‏أن‏ ‏النتيجة‏ ‏الحتمية‏ ‏للتقدم‏ ‏العلمى ‏هى ‏هدم‏ ‏فرص‏ ‏وجود‏ ‏الشعر‏”. ‏ثم‏ ‏راح‏ ‏المؤلف‏ ‏يفند‏ ‏هذا‏ ‏الرأى ‏ليثبت‏ ‏أن‏ ‏الشعر‏ ‏مكمل‏ ‏للمعرفة‏ ‏الكلية‏، ‏وأن‏ ‏العلم‏ ‏والشعر‏ ‏لا‏ ‏بد‏ ‏أن‏ ‏يتضفرا‏ ‏تكاملا‏، ‏لا‏ ‏أن‏ ‏يتنافسا‏ ‏استبعادا”‏.‏ ثم إنى استشهدت ببعض أقوال أينشتاين مثلا حين يقول‏ ‏مثلا: “‏علينا‏ ‏أن‏ ‏نجعل‏ ‏كل‏ ‏شئ ‏أبسط‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏، ‏ولكن‏ ‏ليس‏ ‏أبسط‏ ‏من‏ ‏ذلك‏”.

*****

س 3 : العلاقة التي تجمع بين الشعر وعلم النفس..؟

   د. يحيى:

ذكرت حالا العلاقة بين الشعر والعلم، وللأسف فإن علم النفس التقليدى أو المؤسسى قد ابتعد تماما عن الشعر حتى كاد يخاصمه، لكن الانجازات الأحدث فالأحدث فى العلوم الإنسانية استقل فيها علم الادراك “عن علم النفس، والتى ترعرع فيها العلم المعرفى عموما والعلم المعرفى العصبى خصوصا، حتى صار هذا العلم يتحدث عن كيف أن “المخ يعيد بناء نفسه باستمرار” بالعلاج وبغير العلاج (بالأحلام) من هنا يمكن أن نقول أن المخ البشرى هو أعظم شاعر خلقه الله، لكننا بتربيتنا المغلقة، وتفكيرنا الحديدى نكبله حتى نجهض شاعريته.

*****

س 4 :  ما هو تحليلك لشخصية الشعب المصري وخاصة خلال الثلاث سنوات الماضية.

   د. يحيى:

أنا لا أحلل الشخصيات: لا شخصية الشعب المصرى ولا شخصية الرئيس المصرى، ولا حتى شخصية المريض المصرى، أنا أقرأ النص البشرى بما عندى من قدرات القراءة على مستويات مختلفة اكتسبتها من مهنتى أساسا وشحذتها بفضل مرضاى وممارستى، حتى صرت الآن اسمى ما أمارسه من علاج باسم “نقد النص البشرى” والنقد هو إعادة تشكيل النص الأول، لكن نقد النص البشرى يختلف عن نقد النص الأدبى فى أن الناقد (المعالج الطبيب) يعيد تشكيل نفسه أثناء إعادة تشكيل مريضه، وبالتالى تختفى شبهة غسيل المخ.

*****

س 5 :  تحليلك لظاهرة العنف في الشارع المصري والجامعات.. وهل يمكن الاعتياد عليه؟

   د. يحيى:

أبدأ من الآخر واستبعد فكرة الاعتياد على العنف بالذات مهما تكرر، فالبرغم من أن العدوان طبيعة بشرية، بل هو طبيعة حيوية، فإن له دور إيجابى فى مرحلة التفكيك فى الإبداع، ثم أرجع إلى أول السؤال لأقول إن العنف فى الشارع المصرى خاصة بعد مضى ثلاث سنوات على بداية محاولة إتمام ثورة وضعنا فيها آمالا عظاما، أصبح سلبيا تماما، وخاصة عند شباب الجامعات، فليست هذه هى الوسيلة المناسبة للتعبير أو الاحتجاج، ولكنى لا أرى أبدا أن هذه الوسيلة البدائية لم تعد، وإن شاء الله لن تعود، وسيلة للتعبير المناسب خاصة فى مرحلتنا الآن.

*****

س 6 :  ما هي الملفات التي باتت ملحة للانسان المصري الان؟

   د. يحيى:

كل الملفات ملحة، وأعتقد أن ملف الأمن فالانتاج والتعليم تحت مظلة عدل مطلق، هى الملفات الملحّة الآن ودائما.

*****

س 7 :  تحليلك لنفسية الاخوان وكيف سيكون مستقبلهم؟

   د. يحيى:

قلت حالا أنا لا أقوم بما يسمى التحليل  لا للفرد ولا للشعب وبالتالى، ولا للاخوان، هذه جماعة لها تاريخ، بدأت بطموحات جسيمة، ولم تتح لها الفرصة لاختبارها على أرض الواقع، ثم عاشت ظروف القهر والرفض عقودا طويلا، وفجأة وجدت نفسها فى اختبار واقعى أتاح لها فرصة معرفة مدى بعد طموحاتها عن الواقع، بل وعن القيم التى تتصور أنها تدعو إليها، وأيضا لتكتشف زاوية انحراف أغلب أعضائها عن ما يعرفونه عن ظاهرهم وعن اسلامهم وعن إيمانهم، وقد تم ذلك بسرعة فائقة، فهى قد سقطت فى الامتحان وهم سبب فشلهم أكثر من جهد أعدائهم ضدهم، أما مستقبلهم فهذا يتوقف على مدى قدرتهم لاستيعاب الدرس ومدى قدرة المجتمع لاستيعابهم إذا ما أفاقوا .

*****

س 8 :  الاختلاف في الرأي احياناً يكون علامة صحية واحياناً علامة مرضية.. متي سينشأ الحوار السليم وتقبل الآخر؟

   د. يحيى:

الحوار ليست مناقشات لفظية، ولا منافسة منطقية لإثبات الرأى الصحيح من الرأى الخطأ، الحوار الحقيقى يتوقف على سلامة حركية وعى بشرى وهو يتلاحم بوعى بشرى آخر من خلال كل وسائل الاتصال فى إطار عدل حقيقى ليخرج الطرفان من الحوار وكل منهما مختلف عن ما بدأ به، وهذا يكاد يكون غائبا عن أغلب المتحاورين حاليا.

*****

س 9 :  تحليلك للنخب والحركات السياسية التي نراها علي الساحة الان وما الواجب عليها فعله حيال الوقت الراهن؟

   د. يحيى:

أنا لا أشك فى نوايا أغلب من هم على الساحة الآن، وإن كان المتتبع الأمين لابد أن يلاحظ أنهم يتجمعون ليتفرقوا، ثم يعودون يتفرقون ليتجمعوا فى تشكيلات جديدة، هذا ليس سيئا، لأن الناس لا تعرف بعضها البعض إلا من خلال الاحتكاك الحقيقى والتجارب الواقعية، وأعتقد أن الصبر على تحمل هذه الحركية يمكن أن يفرز تجمعات سياسية متباينة متكاملة معا.

أما تعبير “النخب” فأنا أفضل عدم استعماله فى مجال السياسة على الأقل حاليا.

*****

س 10 :  دائماً نتفاخر بأجدادنا القدماء وبانتصارات قديمة متي سينظر المصري للمستقبل؟

   د. يحيى:

أى تمجيد للماضى، أو اجتراره، أو الفرحة المعطلة بانجازاته بما تستجلبه من فخر، هو إهانة لهذا الماضى العظيم، إن من يريد أن يفخر بماضيه عليه أن يكمله أفضل منه، وهو وشطارته. أما النظر فى المستقبل فقد يكون معطلا أيضا إذا حلّ محل الفعل “الآنى” “حالا”، فى العلاج الجمعى الذى أمارسه نحترم الالتزام بقاعدة تسمى “هنا والآن” وهى تستبعد كلا من الماضى حتى لا يكون الكلام تبريرا وتفسيرا فحسب، كما نستبعد المستقبل حتى لا يكون التخطيط تأجيلا وأمانىّ فحسب.

*****

س 11 :  بالنسبة للعلاج الجماعي هل هو مفيد ويؤتي ثماره بشكل سريع كآداة علاجية؟

   د. يحيى:

اكتشفت أن العلاج الجماعى يمثل لى مصدرا من أهم مصادر ما عرفت عن النفس البشرية وعن الإنسان المصرى، وفائدة العلاج الجماعى ليس فقط فيما يعود على الأفراد المشتركين فيه للتخلص من معاناتهم وأعراضهم فحسب، وإنما فائدته أيضا أنه يسمح بإتاحة الفرصة لتنشيط عمليات النمو فى المريض والمعالج معاً فى حركية أقرب إلى أصل الطبيعة البشرية ، وهو ينتشر عبر العالم مع إحياء هذا الأمل، وقد عايشت ذلك مؤخرا فى المؤتمر الدولى الأول بعنوان: “العلاج النفسى الجماعى والعمليات الجماعية أمل فى الأوقات العصيبة” الذى عقد بالقاهرة فى الفترة من 14 يناير إلى 17 يناير 2014،  واطماننت أن بعض الطيبين فى العالم يسيرون فى الاتجاه الصحيح.

*****

س 12 : هل يمكن اعادة تشكيل مفردات الناس بشكل جديد وما هي الادوات التي تنصح بها اثناء هذه العملية؟

   د. يحيى:

لم أفهم جيدا تعبير “إعادة تشكيل مفردات الناس” لقد قلت حالا إن المخ البشرى يعيد تشكيل نفسه باستمرار، وكل ما علينا معالجين ومربين وسياسيين أن نواكب هذه العملية لندعمها فى الاتجاه الصحيح ليظل المخ البشرى كما خلقه الله، ويعيد تشكيل نفسه كما خلقه الله أيضا، وباستمرار.

أما الأدوات فهى “التعليم” و”الإعلام” و”السياسة” و”العلم السليم”، ولهذا تفصيل لا يتسع له المقام. 

*****

س 13 :  هل تتأثر احيانا بمريضك وانت تصيغ شخصيته من جديد ؟

   د. يحيى:

طبعاً، وقد ذكرت حالا أن ممارستى العلاج هى نقد النص البشرى لإعادة تشكيله، وأنا لا أقصد بتعبير النقد أنه ينطبق على المريض دون الطبيب، فالطبيب الذى لا ينقد نفسه نصا بشريا قابلا وجاهزا لإعادة التشكيل قد لا يصلح لهذه المهنة، على الأقل كما أمارسها أو كما أوصى بطريقة ممارستها.

*****

س 14 :  ذكرت في احدي اشعارك “متي تعود اليمامة لعشها” ما هو المقصود باليمامة ومتي ستعود؟

   د. يحيى:

بحثت عن هذا النص فى شعرى فلم أجده وإنما وجدت قصيدة مازالت شديدة الإيلام بالنسبة لى وليس من حق الشاعر أن يقول ماذا يقصد بشعره سواء بالنسبة للقصيدة أو لجزء منها فما بالك بتفسير كلمة، لكنه قد يشير إلى مناسبتها أو ظروف تشكيلها.

هذه القصيدة كانت بعنوان “اليمامة والهدهد” وقد بدأت هكذا:

إذ‏ ْ ‏كانت‏ ‏طفله‏ْْ‏، إقتربت‏ ‏يوما‏ًَ ‏من‏ ‏سور‏ ‏الشرفه‏ ‏، رأت‏ ‏الهدهد‏ ‏يتمايل‏ ‏مختالاً‏ ‏بجماله‏، عشقَت‏ ‏لون‏ ‏الريش‏ ‏، وحفيف‏ ‏الحركة‏ ‏

وانتهت هكذا:

نظرت‏ ‏للأرض‏ ‏الرحم‏ ‏الأم‏ ‏، ناداها‏ ‏الهدهد‏ ‏، فتذكرت‏ ‏العش‏ ‏المجدول‏ ‏، طارت‏ ‏مثل‏ ‏يمامه‏ ‏، تبحث‏ ‏عن‏ ‏صدر‏ ‏وليف‏ ‏لم‏ ‏يولد‏ ‏أبدا‏ًُ ‏، وتهاوت‏ ‏فى ‏زفة‏ ‏عرس‏ ‏

*****

س 15 : ذكرت ايضا في احدي اشعارك “نجماً شارداً أطل بابتسامة، فلاح نور الفجر” هل هذا يرمز للامل الذي ينتظره المصريين؟

   د. يحيى:

ما هذا؟ أنا لا أذكر هذا النص تحديداً، ومع ذلك فإن أقرب نص إلى ما أشرت جاء فى ديوانى “سر اللعبة” وقد كتب سنة 1971، وأنا لم أكتب حرفا فى شعرى أو غير شعرى إلا وهو متصل بالأمل الذى ينتظره المصريون وكل الناس وإليك مقتطفا من شعرى بالعامية

دانا‏ ‏لما‏ ‏بابص‏ ‏جوا‏ ‏عيون‏ ‏الناس‏،‏ الناس‏ ‏من‏ ‏أيها‏ ‏جنس‏،‏….  بالاقيها‏ ‏ف‏ ‏كل‏ ‏بلاد‏ ‏الله‏ ‏لخلق‏ ‏الله‏.‏ وف‏ ‏كل‏ ‏كلام‏ ،.. ‏وف‏ ‏كل‏ ‏سكات‏.‏ واذا‏ ‏شفت‏ ‏الألم‏، ‏الحب‏، ‏الرفض‏، ‏الحزن‏ ‏الفرحه‏ ‏فى ‏عيونهم‏.. ‏ يبقى ‏باشوف‏ ‏مصر‏.‏ وباشوفها‏ ‏أكتر‏ ‏لما‏ ‏بابص‏ ‏جواي‏.‏ والناس‏ ‏الحلوين‏ ‏اللى ‏عملوا ‏حاجات‏ ‏للناس‏،‏ كانوا‏ ‏مصريين‏ !!‏

 ‏”‏كل‏ ‏واحد‏ ‏همه‏ ‏ناسه‏، ‏ كل‏ ‏واحد‏ ‏ربه‏ ‏واحد‏، ‏ كل‏ ‏واحد‏ ‏حـر‏ ‏بينا‏، ‏ يبقى ‏مصري‏”‏

*****

س 16 :  هل يوجد شيئ اسمه مستحيل ومتي يمكن للانسان تجاوز المستحيلات؟

   د. يحيى:

لقد كتبت فى نشرة “الإنسان والتطور” التى أصدرها يوميا من موقعى منذ ثمان سنوات تحت عنوان “استحالة الممكن وإمكانية المستحيل” ما أقتطف منه ما يلى:

يقاس المستحيل عادة- بالسقف الذي لايمكن تخطيه بالحسابات المسبقة، وبالبعد البين عن المجمع عليه من الجميع، وبالقياس بالسائد الجاثم الساكن أبدا ..، وبقهر المجتمع والسلطة وخوفهما معا…. و… و..، مع أننا علي مسار التطور الممتد نمارس المستحيل طول الوقت، وحين ننجح نتجاوز كلا من: السقف، والحسابات والسائد !! وغير ذلك

 إن الحياة الحقيقية هي حركة دائبة بين المستحيل والممكن، وبالعكس: بين الممكن والمستحيل، وهي مصممة طول الوقت أن تجعل المستحيل ممكنا، وفي نفس الوقت أن تحول دون أن يتحول الممكن إلي مستحيل.

*****

س 17 :  ثار المصريين علي الحكم العسكري فأسقط حسني مبارك ثم ثاروا علي الاخوان فاسقطوا مرسي، والان هناك قاعدة عريضة تؤيد الحكم العسكري ولا تري سواه هو الحل… ما رأيك في هذا؟

   د. يحيى:

الحكم العسكرى ليس بالضرورة أن يكون الحاكم عسكريا بمعنى أن يلبس الحاكم،”حلة عسكرية” أو حتى أنه كان يلبس هذه الحلة، وإنما هو كل حكم فرد قاهر طاغ، سواء كان من يمارسه مدنيا أو عسكرياً، المهم فى أى حكم هو العدل والانتاج والإبداع سواء حكمنا عسكرى أو مدنى، أو حتى حكمنا جان من تحت الأرض.

*****

س 18 : تحليلك لرؤساء مصر السابقين…؟

   د. يحيى:

أنا لا أحلل رؤساء مصر السابقين، وإن كنت قد كتبت طويلا عن جمال عبد الناصر وأحيانا عن السادات، لكن لم يكن تحليلا وأفضل أن نركز فى حكامنا الحاليين لأنهم الأولى بالنقد والتعديل، طبعا دون إهمال دروس خطئنا مع السابقين وأخطائهم معنا.

*****

س 19 :  ما هي الشروط التي يجب ان تتوافر فيمن سيحكم مصر الان..؟

   د. يحيى:

(1) أن يبدأ بالعمل على توفير الانتاج الحر المستقل بأقل قدر من الديون وأكبر قدر من العمل.

(2)  أن يقيم العدل البشرى الممكن 

(3)  أن يصحح التعليم بما يحافظ على حركية  العقل البشرى وقدرته على النقد والابداع  

(4)   أن يحدد أعداءنا، بوضوح وانه لا يوجد شىء اسمه ثقافة سلام مع استمرار معاهدة السلام، فلا ثقافة سلام إلا مع أقران، ومادام أحد الأطراف يملك قنبلة ذرية والآخر لا يملكها  فنحن فى حالة ثقافة الحرب حتى دون حرب إلى يوم القيامة.

*****

س 20 :  نصيحتك للرئيس القادم؟

   د. يحيى:

أن يحسن الاستماع لما يصل إليه، وألا يرشو الفئات لمجرد اكتساب الشعبيه إلا بعد توفير مصادر الرشوة، وألا يتبع أية قوة فى العالم إلا بعد الاستقلال الاقتصادى الذى يسمح بمعاملة الند، وأن يحاول تطبيق ما جاء فى الاجابة على السؤال السابق من حيث تحديد العدو  والحفاظ على ثقافة الحرب دون حرب ما أمكن ذلك.

*****

س 21 :  نصيحتك للمصريين ؟

   د. يحيى:

التوقف عن لعبة التغيير من الشارع لمدة عشر سنوات، والعمل طول الوقت كل فى موقعه، وأن يعبد كل منا الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله سبحانه يراه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *