التآمر هو الحل !!!

 جريدة التحرير

6-8-2011

تعتعة التحرير

التآمر هو الحل  !!!

قال الشاب لأخته: أربكتِنى بوساوسك وشكوكك

قالت أخته : وأنت أربكتَنى بخيبتك وغبائك

قال الشاب: جعلتِنى أراجع فرحتنا وأشك أننا عملنا معجزة

قالت: ولكننا عملنا معجزة فعلا، ومن حقنا أن نفرح  بعد كل القهر الذى عشناه، ألم نقهر القهر؟

قال: إذن لماذا تشككيننى فى أننا الذين عملناها

قالت: لكى نحسن الحسابات أكثر وأنضج، حتى لو كانوا هم استعملونا لأغراضهم دون أن ندرى، فنحن نستطيع أن نغير اتجاه الدفة لصالحنا ونحن ندرى

قال: أخشى إذا نحن تنازلنا عن فخرنا بما فعلنا: أن نتوقف

قالت: الذى يتوقف نفسه قصير، وهو مسئول عن توقفه، ولا يستأهل إلا ما وصل إليه، وسوف ينزع منه.

قال: هل عندك فكرة ماذا يمكن أن نفعله الآن؟  

قالت البنت: إن كل ما علينا هو أن نواصل،  بنفسٍ أطول، وصراخ أخفت، وفعل أرسخ.

قال أخوها : نفعل ماذا؟

قالت : نلعبها صح

قال : نلعب ماذا؟

قالت : المؤامرة

قال : هل ما زلت تصرين على أن الأمريكان هم وراء كل ذلك

قالت : وراء ! أمام..! ، ليست هذه هى القضية الآن

قال: فما هى القضية إذن ؟

قالت: القضية هى فى ما نفعله نحن الآن، حتى  لو أنهم كانوا وراء ما جرى دون أن ندرى …

قال: وراء ماذا الله يخليكى؟  لا تحرمينا مما فعلناه لو سمحت،  دم شهداءنا لم يجف بعد، ألم تشاهدى أم أى شهيد وهى تنتحب، أو تولول، وتتوعد

قالت : صحيح أننى لم أنجب بعد، لكن يبدو أن الله سبحانه جعل فى كل أنثى أمًّا منذ ولادتها

قال: بل إننى، حين أتقمص أم الشهيد ، أشعر أننى أم لا أب، هل بداخلى أمّ أيضا؟

قالت :غالبا، ولعلمك فإن الذى أدار دفة الحياة وحافظ على نوعنا البشرى هى المرأة الأم عبر التاريخ، المرأة متآمرة، بطبيعتها : التآمر هو سنة الحياة منذ بدء الخليقة، كل ما علينا الآن هو أن نحسن التآمر ونحذق قواعد لعبته

قال: نحسن ماذا؟ الله يخيبـِك!!

قالت:  نحسن التآمر يا أبله، أم الشهيد الثكلى لا ترضيها التعويضات، ولا هى تطلب الإعدام للتشفى أو الثأر، إذا كنا نريد أن نقف بجوارها، ونبرد نارها بحق، فلنتآمر صح، لا يفل التآمر إلا التآمر، هيا نحول دون أى مخلوق يحاول أن يجرجرنا وراء مشاعرنا الفائرة ليحقق هو أغراضه ويستولى على عرقنا ومكاسبنا بما فى ذلك دم الشهداء.

قال: أنا احترت معك، قولى لى بالله عليك كيف نحول دون أن يسرقونا حتى لو كانوا مدبرينها.

قالت: بأن نتوقف تماما عن الكلام فى  الماضى إلا فى المحاكم ، فلتكن المحاكمات أمام أى محاكم، كله يكمل بعضه، محاكم الغدر أو محكمة الثورة أو محكمة الثأر، ولتصدر الأحكام بما يدعم الثورة  ويسرع خطاها، حتى لو وصل الأمر إلى إعدام عشرات الأبرياء، فهم شهداء عند ربهم،

قال: تقولين نعدم أبرياء ؟؟

قالت: لأى ثورة  شهداؤها الذين اختاروا الشهادة، وضحاياها الشهداء أيضا على الجانبين الذين تصادف وقوفهم فى موقع الاستشهاد قضاء وقدرا

قال: تقولينها هكذا ببساطة ، ثم ألا تعرفين أن المحاكم الاستثنائية لا تضمن لنا استرداد الأموال التى سرقوها وهربوها، لأنهم فى الخارج يشترطون أن تكون الإدانة من محاكم عادية

قالت : فى ستين داهية، إن الواعى بمسئوليته لا ينمى رأسماله ويدعم اقتصاده بالتركيز على  استرداد ديونه، بقدر ما يركز على تنمية ما تبقى من رأسماله، ومنع تكرار السرقة بواسطة الحكام الجدد.

قال: أنا لست فاهما، أشعر أننى مشتت متناقض، تفكيرى أصبح أشبه بتفكير أخى المتناثر، ربنا يشفيه

قالت: والله أنا أشعر أحيانا أن ما أصابه هو نتيجة فرط العجز عن مواجهة الجارى، فهرب إلى الجنون

قال: بصراحة ، أنا أحيانا أحسده ، وأتمنى أن ألحقه

قالت: واحدة واحدة، أبانا لم يعد قادرا على شراء العلاج لواحد فلا تحمله عبء جنونك أنت أيضا، حتى الجنون أصبح مكلفا

-2-

قال الأب للأم : أنا مسافر البلد اليوم

قالت : خيرا؟

قال: سوف أبيع النصف فدان الذى تبقى

قالت : يا خبر اسود، وتخرق وصية المرحوم والدك،

قال: وهل يعجبك ابننا هكذا ، لقد اختفى الدواء الذى كان يضبط حالته ، كنا نشترى الخمسين قرصا بجنيهين، الآن لم أعد أعثر عليه أصلا

قالت: ماذا جرى؟ أين اختفى؟ ألا يوجد بديل؟

قال: يوجد، لكن بمئات الجنيهات، أى والله

قالت: ولماذا اختفى الدواء الذى كان يضبطه فل الفل؟ لماذا استبدلوه؟ وبكم البديل؟

قال: اختفى لأنه رخيص، وحل محله بديل مشبوه، كما يُحلون الديمقراطية المشبوهة محل الحكام الذين انتهى عمرهم الافتراضى، ولم يعودوا يكسبون من ورائهم ما يقدّرون، أو يتوقعون

قالت : بدأنا فى الكلام الفارغ، إبنى متمزق كل قطعة فى ناحية، وأنت تخرف، تبيع أرض أبيك

قال: وماذا أفعل؟

قالت : إيش عرفنى، الدنيا تضرب تقلب، أسألهم ماذا تفعل؟

قال: أسأل من؟

قالت: إسأل الثورة

قال: ثورة ماذا ؟ ما لها الثورة؟!!

قالت: ثورة التليفزيون، يعنى الشباب، ثورتنا ؟ ماذا فعلتْ؟

قال: فعلت ما عليها وزيادة، هل تريدين منهم أن يعملوا شركة أدوية ؟

قالت: نعم، علاج إبنى أهم من استرداد أموال اللصوص، هل حين سنستردها سوف نعمل بها شركة دواء؟

قال : يجوز، ولكن أمريكا لن توافق

قالت: وأمريكا مالها؟

قال: ما هى شركة الدواء التى تبيع الحقنة الواحدة بأكثر من ألف جنيه بدلا من الحقنة التى كنا نستعملها:  أم عشرين،هى التى تحرّك أمريكا، وأمريكا تحرّك العالم، وهى  تريد أن تستولى على ثورة الشباب لذلك، وهى ليس من مصلحتها أن نعمل لا شركة دواء ولا شركة أسمنت ولا شركة غزل ولا أى شركة وطنية بحق

قالت: من قال لك هذا؟

قال: التفكير التآمرى

قالت : يا نهار اسود لقد أفسدتك البنت

قال: أية بنت؟

قالت: بنتنا، هى التى تردد  طول الليل والنهار هذا الكلام الفارغ

قال: فارغ أو ملآن، أنا مسافر لأبيع النصف فدان، وأبى سوف يسامحنى

قالت : وبعد أن ينتهى ثمنه؟ كلها كم شهر ويختفى المبلغ بهذه الأسعار

قال: يكون ربنا أخذه، أو أخذنى

(وانصرفت المرأة بسرعة حتى لا ترى دموع زوجها)

-3-

قالت البنت لأخيها : يعجبك هذا؟

قال:  يبدو أن الحكاية أكبر كثيرا من ميدان التحرير

قالت : ليكن، ولكن  دعنا نبدأ من ميدان التحرير

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *