الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الدستور المصرية / …. رشاوى ورشاوى !!! (تعتعة سياسية)

…. رشاوى ورشاوى !!! (تعتعة سياسية)

نشرت فى الدستور

16-11-2005

….. رشاوى ورشاوى !!! 

ماذا سيحدث بعد أن ينفض المولد؟  مهما كانت الحصيلة فقد استرد الناس بعض القيمة بعض الوقت. الذى  ينبغى الاعتراف به هو أن كل مرشح دون استثناء راح يسترضى الناس، بالحق أو بالباطل، لصالحهم أو لصالحه، لا يهم، المهم أنه لبضعة أيام أو اسابيع، كان المصرى العادى، صاحب الصوت الانتخابى، هو السيد، يا سلام !! والله فكرة، السيد الناخب يتمنظر على السيد المرشح كل خمس سنوات لمدة خمسة أيام أو خمسة أسابيع، رضا !! نحن كنا أين ؟

ما يجرى من استرضاء الناخبين من جانب حزب الحكومة أو  حكومة الحزب له دلالة أيجابية  بشكل ما، هى  أن الحكومة لا تنوى تزوير الانتخابات مع سبق الإصرار والترصد، لو كانت ناوية لها جدا، لكانت أغنت نفسها عن كل هذا الجهد وهذه الرشاوى، ربما اضطرت للتزوير اضطرارا   فى آخر لحظة من باب الدفاع عن النفس، وهذا مشروع قانونا حتى القتل، وهو مخفف عقوبته فى حالات الانفعال الجامح مثل التلبس بالخيانة الزوجية.  قد تفاجأ الحكومة بتهديد حقيقى بما يسمى – ولا مؤاخذة – تداول السلطة، وهذا يعتبر “قانونا”!! – بمثابة القتل العمد لها ولآمالها الكبار، فى ماذا؟ ليس مهما، المهم أن تداول السلطة  قد يكون أيضا بمثابة  الخيانة العظمى (سوف يقولون لكم كيف) .

أنا لا اشاهد التليفزيون إلا مضطرا عند الحلاق، طال الشعر حول صلعتى فاضطررت لمشاهدة  مسؤول حزبى رسمى وطنى ديمقراطى، يكرر بيقين أنهم  متفقون مع الحكومة على كذا وكيت، لا ضير فى هذا طبعا ما دامت الحكومة هى حكومة الحزب، لكن كذا وكيت هذا كان كله اختراقا للقوانين التى يمكن أن تصاغ منها ما يسمى دولة، المسؤول لا ينبغى أن يطلق الوعود المخترقة للقوانين هكذا بصراحة، عليه أن يغلفها بصيغة الوعد فى النظر فى كذا وكيت (فى وضع العشوائيات، والبناء فى الأراضى الزراعية، والقروض، ووضع اليد على أرض الدولة ..إلخ)، ولكن والحق يقال لم أسمع هذا المسؤول  يشير إلى الغش فى الامتحانات، مع أننى كنت انتظر أن يدافع عن الغش الجماعى دون الفردى، وان يعد بتعميمه باعتبار أنه بهذا يمنع الظلم حتى لا ينفرد واحد بالغش دون الآخرين،

طيب وماذا عن الاقتصاد، والحرب، والسلم، والحرية، والفن، والإبداع، والإنتاج، والتصدير؟ طبعا كل ذلك وارد فى البرنامج، أى برنامج، كل البرامج، ولكن الكلام فيه مؤجل بداهة حتى لا نشغل الشعب عن مصالحه. ثم إن  نواب الشعب الناجحين بإذن السلطة ودعاء الوالدين والصناديق الزجاجية، هم ومن سيولونهم من حكام، سوف ينظرون فى كل ذلك فى حينه، وإلا فكيف سيقضون وقت فراغهم بعد تحقيق مطالبهم الخاصة، ومطالب صفوة رجالهم، ورجال رجالهم  ؟

المتابع لاعترافات قادة ما يسمى الحزب الوطنى يجد أن رجاله يعترفون مرغمين بقوة ما يسمى التيار الإخوانى (أوالإسلامى) وقد أكدت النتائج الأولية ذلك أيضا، هذه حقيقة على أرض الواقع ليست فقط فى مصر وإنما فى أمريكا وألمانيا وإسرائيل بحسب قواعد الديمقراطية الجاهزة عبر العالم، السيد دبليو بوش نفسه ينتمى إلى الإخوان الأصوليين الأمريكيين، الإنجليكانيين ويعلن أن الألفية الثالثة هى الحل، فعلى أى أساس يقوم الاعتراض على نفس التيار المقابل عندنا؟

الفريق الحكومى الرسمى مثله مثل الفريق الحكومى  المنشق المستقل!!، لا يكف عن التلويح بتحقيق المصالح الخاصة جدا لأهل دائرته، ولعامة مخالفى القوانين احتياطيا، ، فلا ضير على  الفريق المنافس الحقيقى أن يعلن بدوره أنه اتفق مع الإسلام أن يكون هو الحل، وهو ليس حلا للمشاكل الاقتصادية أو الاجتماعية أو التعليمية أو الأخلاقية فحسب، وإنما هو حل لمشكلة الوجود برمتها، بما فى ذلك حساب الآخرة إلى الجنة أو النار. الخطاب الموجه من الحزب الوطنى  يخاطب الغرائز النفعية السطحية المباشرة العاجلة، فلماذا نلوم الآخرين إذا خاطبوا الفطرة (كما يتصورونها)، ووعدوها، بصراحة أو فى خفاء، بكل تلك المصالح، بالإضافة إلى وعد مضمر بدخول الجنة إذا ما اختاروا الإسلام، (يعنى مرشح الإسلام)  حلا للدنيا والآخرة.

لا أجرؤ أن أزعم أن ثمة غرائز سياسية وأخرى دينية يتوجه إليها الخطاب الانتخابى عبر العالم،  لكننى لا أستبعد ذلك على شرط أن نعيد تعريف الدين والسياسة والغرائز، بما لا يمس الدين الحقيقى، ولا يعوق دون السعى المتواصل لإبداع ديمقراطية قادرة على تجاوز هذا المأزق التاريخى الخطير.

من يدرى؟ لا يكثر الله، ولا على المخ البشرى بما ابتدع من تكنولوجيا ونقد ، أن يجد لنا حلا أفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *