الرئيسية / حوارات وأحاديث / المشوار الابداعى من خلال الروايات والدواوين

المشوار الابداعى من خلال الروايات والدواوين

الأهرام الأدبى

2007-1-18

حديث عن المشوار الإبداعى

مع الأستاذة: نجلاء محفوظ

س1 حدثنا عن مشوارك الإبداعى من خلال الروايات والدواوين التى أصدرتها، هل تحررت منها كإنسان من بعض الصراعات الداخلية؟ ومدى استفادتك منها كطبيب نفسى، وهل تشعر نحوها بالامتنان أم لا؟ ولماذا؟

أولا : هل يمكن ذلك أصلا؟ هل يمكن لكاتب (أو مبدع إن شئت تسميتى كذلك) أن يتحدث عن مشواره شخصيا، إن الإبداع نفسه هو الذى يتحدث عن منشئه وليس العكس، خلاصة القول أننى فى هذه المرحلة من العمر أراجع ما يسميه الناس إبداعا فأكتشف أنه ليست تماما ما يقصده الناس بالنسبة لى. ربما ما تسمينه إبداعا ليس  إلا “نتحا” لوجود بشرى حرفى فنى قلق، غامر بمشاركة مرضاه بعض ما تعرضوا له فتعروا أو تفسخوا من خلاله، فعجز أن يتخذ موقف المتفرج، فقرأ كل مريض شاركه معاناته باعتباره “نصا بشريا” لا يتكرر.

 لم يكن لى خيار فى استجابتى لهذه المعايشة، وقد حاولت أن أعدل عنها فعلا، لكن قلمى كان أقوى منى، بل أحيانا كان أسبق منى، وصفتُ ذلك شعرا عاميا، ومع أنى لا أفضل الكتابة بالعامية، حتى فى الحوار في رواياتى، إلا أننى سوف أستشهد بها استجابة لما طلبتِ، فهى أدق وصفا، علما بأن كتاباتى بالعامية التى أحترمها احتراما شديدا ليست هى أدق ما عبرت به عن مآزقى، وحين اضطررت للكتابة بالعامية اعتذرت لحبيبتى الفصحى شاعرا قائلا : “معلشّى النوبةْ، أصل العملية المرّادى كان كلها حسْ، والحسّ طلعلى بالعامى بالبلدى الحلوْ، والقلم استعجلْ، ما يلحقشِى يترجم لتفوتهْ، أيّها همسةْ أو لمسةْ أو فتفوتة حسْ، معلشى النوبة، المرّادى سماحْ، واهى لسة حبيبتى، حتى لو ضرتها غازية بتدق صاجات”،

أقول لك إن خير ما يمثل مأزقى الحياتى الذى أفرز ما تسمينه إبداعى،  هو ما جاء كما  يلى:

” كل‏ ‏القلم‏ ‏ما‏ ‏اتقصف‏ ‏يطلعْ‏ لُـه‏ ‏سن‏ ‏جديدْ‏،‏

‏”‏وايش‏ ‏تعمل‏ ‏الكـلْمـَةْ‏ ‏يَابَـا‏، ‏والقدَرْ‏ ‏مواعيد‏”‏؟

خلق‏ ‏القلم‏ ‏مِالعَدَمْ‏ ‏أو راقْ‏،  ‏وِ‏.. ‏مَــلاَهَا‏،‏

وانْ‏  ‏كان‏ ‏عاجبْنٍى ‏وَجَبْ‏، ‏

‏ ‏ولاّ‏   ‏أتنّـى ‏بعيدْ‏.‏

لم أستطع يا سيدتى أن “أتنّى بعيد”، مع خوفى الشديد من الرفض والنقد والشجب وسوء الفهم من الزملاء خاصة، والنقاد عامة، وقد كنت دائما أنبه أن المسألة ليست هواية، بل هى ورطة، وأننى مضطر أن أستجيب لما اضطررت إليه، وبرغم كل هذا الخوف والحسابات، فقد رضخت للاستجابة لما وصلنى من أساتذتى المرضى، شرحت خوفى من الكتابة ومن الزملاء من النقد بالتفصيل فيما يلى:

بصرَاحَـةْ‏ ‏انا‏  ‏خفْتْ.‏

‏‏خفتْ‏ ‏منهمْ‏، ‏خفتْ ‏”‏منى‏”، ….‏ خفت‏ ‏منّــا‏.‏

خفتِ ‏مالطوبِ‏، ‏والطماطم‏، ‏والملاَم‏ْْ ‏والتريقهْ‏،‏

خفت‏ ‏مالبيض‏ ‏الممشِّــش‏ْْ، ‏والنكتْ‏، ‏والبحلقهْ‏.

***

قلت‏ ‏انـَا‏ ‏مشْ‏ ‏قدّ‏ ‏قـَلـَـمِى‏.‏

قلت‏ ‏انا‏ ‏يكفينىِ ‏أَلـَمـِى‏.‏

قلت‏ ‏أنا‏ ‏ما‏ ‏لى، ‏أنا‏ ‏اسـْترزَقْ‏ ‏واعيشْ‏،‏

والهرب‏ْْ ‏فى ‏الأسْـَتـذَةْ‏  ‏زيّـُــهْ‏  ‏مافــيش‏ْْ،‏

والمراكزْ‏، ‏والجوايزْ‏، ‏والـَّذى ‏ما‏ ‏بـْيـنِـْتـهيشْ

قلت‏ ‏اخبِّى ‏نفسى ‏جُـوَّا‏ ‏كامْ‏ ‏كتابْ‏.‏

قلت‏ ‏أشـْغـِـلْ‏ ‏روحى  ‏بالقولْ‏  ‏والحساب‏ْْ.‏

والمقابلاتْ‏، ‏والمجالسْ

………

قلت‏ ‏أرسمْ‏ ‏نفسـِى ‏واتْـدَكْـتَـرْ‏  ‏وارُصّ‏.‏

قلت‏ ‏أتـفـرَّجْ‏ ‏وِ‏ ‏أَتـْفلسـِـفْ‏ ‏وابــُص‏ْْ.‏

بس‏ ‏يا‏ ‏عالم‏ْْ ‏دا‏  ‏دمْ‏ ‏ولحم‏ ‏حىْ‏.‏

أستخبّى ‏مــنــُّـه‏ ‏فينْ‏ ‏؟

‏-5-‏

المريض‏ ‏ورّانى ‏نفسي

المريض‏ ‏خلاّنى ‏أتـْلـَمـْلمْ‏ ‏وافَـكـَّـرْ‏.‏

المريض‏ ‏عـَدِّلـِّى ‏مـُخـِّى،‏

نضَّفُهْ‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏واغشْ‏، ‏كانوا‏ ‏فارضينُهْ‏ ‏عليهْ‏.‏

من‏  ‏ملاعيب‏ ‏اللى ‏بايع‏ ‏ذمته‏ ‏بـْمعَـَرفـِشى ‏إيـِهْ‏.‏

من‏  ‏شوية‏  ‏آلاتـِـيـَّة‏،

 ‏والعَـشـَا‏  ‏الـْ‏ “‏أوبـنْ‏ ‏بـُوِفـِيهْ‏”.‏

‏-6-‏

ييجى ‏صاحْبَك‏ “‏مَـلْط‏” ‏إلا‏ ‏مالْـحـقيقهْ‏،‏ّ

ييجى ‏يزقُـلُها‏ ‏فى ‏وشى ‏وتـنّه‏ ‏ماشي‏.‏

الأصول‏ ‏إنى ‏أعالجـهْ‏، ‏واكفى ‏ماجور‏ ‏عالخــبـر‏”.‏

‏”‏بكره‏ ‏يعقل‏! ‏بالدواء‏ٍِ ‏الـمـُعتبرْ‏”.‏

بس‏ ‏والله‏ ‏يا‏ ‏عالَــمْ‏ ‏لمْ‏ ‏قِــدِرت‏.‏

….ْ‏

بل إن الأزمة التى تشيرين إليها فى حكاية “حل صراعاتـَك الداخلية” هى زادت من خلال هذه الورطة، ولم تقـِـل.

أدركتُ فيما بعد أن الأزمة ليست صراعا داخليا، لقد بلغتْ حدة هذه الأزمة أننى تصورت أن قلمى قد استقل عنى وأصبح يقودنى إلى ما يريد، شرحت كيف أن قلمى يقودنى مستقلا مهاجما ترددى مخترقا مخاوفى فعلا،  ليس فقط فيما ورد سالفا “خلق القلم ما العدم أوراق، وملاها“، ولكن كما يلى أيضا :

القلم‏ ‏صحصح‏ ‏ونط‏ّّ ‏الحْرف‏ ‏منُّه‏ ‏لْوَحدُه‏ ‏بِيخزّق‏ ‏عِينَىَّ،‏

وابْتْدا‏ ‏قَلمِى ‏يِجَرّحنى ‏أنا‏.‏

قالِّى ‏بالذمَّة‏ْْ:                           ‏

‏ ‏لو‏ ‏كنت‏ ‏صحيح‏ ‏بنى ‏آدم‏ْْ،.. ‏بـِـتـْحِسْ‏،‏

والناس‏ ‏قدامك‏ ‏فى ‏ألـَمُهمْ‏، ‏وفْ‏ ‏فَرَحْتِهُمْ‏،‏

وفْ‏ ‏كسْرتهم‏، ‏وفْ‏ ‏ميلة‏ ‏البخْتٌ‏، ‏

مشْ‏ ‏ترسـِمـْهُم‏ ‏للناسْ‏‏؟‏ ‏الناس‏ ‏التانيه‏ْْ‏؟

إٍللى ‏مِشْ‏ ‏قادْرَهْ‏ ‏تقولْ‏: “‏آه‏” ‏عَنْدِ‏ ‏الدَّكْتور‏ْْ.‏

أصل‏ “‏الآه‏” ‏المودَهْ‏ ‏غاليهْ‏، ‏

‏  ‏لازم‏ ‏بالحَجْزْ‏،‏      ‏لازم‏ ‏بالدورْ‏.‏

مش‏ ‏يمكن‏ ‏ناسْنا‏ ‏الَغْلبَانَهْ‏ ‏إِللى ‏لِسَّه‏ “‏ما‏ ‏صَابْـهَاشِ‏”. ‏الدورْ‏؛‏

‏    ‏ينتبهوا‏ ‏قبل‏ ‏الدُّحْدِيرَةْ‏، ‏قبل‏ ‏ما‏ ‏يغرقُوا‏ ‏فى ‏الطينْ‏.‏

‏     ‏ولاّ ‏السَّبُّوبه‏ ‏حَاتتعْطَّلْ‏ ‏لَو‏ ‏ذِعْت‏ ‏السِّر‏؟

‏       ‏ولاّ‏ ‏انْتَ‏ ‏جَبَان‏‏؟

‏….. ‏

بصراحة‏ ‏انا‏ ‏خفت‏.‏

خفت‏ ‏من‏ ‏القلم‏ ‏الطايح‏ ‏فى ‏الكل‏ ‏كليلة‏.‏

حيقولُوا‏ ‏إٍيه‏ ‏الزُّمَلاَ‏ ‏المِسْتَنِّيَهْ‏ ‏الغلْطَهْ‏‏؟

حيقولوا‏ ‏إيه‏ ‏العُلَماَ‏ ‏المُكْنْ

‏(‏بِسكون‏ ‏عَالْكَافْ‏ .. ‏إِوعَكْ‏ ‏تغْلَطْ‏)‏

على ‏عالِم‏، ‏أو‏ ‏مُتَعَالم‏: ‏بيقولْ‏ ‏كَماَ‏ ‏راجِل‏ ‏الشَّارع

‏-23-‏

القلم‏ ‏اتهز‏ ‏فْ‏ ‏ايدى، ‏

طــلّــعْ‏ ‏لى ‏لسانُهْ‏،‏

‏                 ‏ما‏ ‏يقولوا‏!!‏

حد‏ ‏يقدر‏  ‏يحرم‏  ‏الطير‏ ‏من‏ ‏غُـنَـاه‏؟‏!‏

من‏ ‏وليف‏ ‏العش‏، ‏من‏ ‏حضن‏ ‏الحياة‏ْْ‏؟‏!‏

تطلع‏ ‏الكلمة‏  ‏كما‏ ‏ربِّى ‏خلقْها‏،‏

تطلع‏ ‏الكلمة‏ْْ ‏بْعَـبلْها‏،‏

تِبْقَى ‏هىَّ ‏الِكْلمة‏ ‏أَصْل‏ ‏الكُونْ‏ ‏تِصَحِّى ‏المِيِّتِيْن‏

…..‏

والخايفْ‏ ‏يبقى ‏يوسَّع‏ْْ،‏

‏ ‏أَحْسن‏ ‏يطَّرْطـَش‏، ‏

أو‏ ‏تيجى ‏فْ‏ ‏عينه‏ ‏شرارة‏، ‏

‏ ‏أو‏  ‏لا‏ ‏سـَمـَح‏ََ ‏الـلّه

يِكْتِشِفِ‏ ‏انُّه‏ ‏بِيْحِسْ‏.‏

  أنا أعتبر تعدد أشكال إنتاجى، أو إن شئت إبداعى، هى من ضمن مظاهر مأزقى الوجودى، وبالذات فى علاقتى مع الله سبحانه، ومع الموت الذى أعتبر أن الوعى به – كما جاء فى نقدى لحرافيش نجيب محفوظ- هو دافع الحياة، ضد ضلالات أوهام الخلود البشرى الزائف.

لقد كررت دائما أن المسألة ليست هواية، أو موهبة، أو تزجية وقت، بل هى مأزق وجود: إما أن أعيش حاملا هم نفسى وهم مراضى وهم ناسى، مبلغا إياهم ما وصلنى، وإما فأنا خائن لو استمررت على هذه الأرض متفرجا مخادعا او مناورا متمنظرا.

 إن أغلب دواوينى لم أنشرها أصلا خوفا من أن تكون ليست هى كما يقولون، حتى أننى نفيت عن نفسى أن أكون شاعرا كما يشاع فى قصيدة – لم تنشر- بعنوان : يا ليت شعرى لست شاعرا قلت فيها:

لا‏ ‏أضرب‏ ‏الدفوف‏ ‏فى ‏مواكب‏ ‏الكلام‏، ‏

ولا‏ ‏أدغدغ‏ ‏النغم‏ْْ.‏

لا‏ ‏أنحتُ‏ ‏النقوشَ‏ ‏حول‏ ‏أطراف‏ ‏الجملْ،‏

أو‏ ‏أطلبُ‏ ‏الرّضَا‏ .‏

ولا‏ ‏أقول‏ُُ ‏ما‏ ‏يقرّظ‏ ‏الجمالَ‏..،‏

يحتضرْ‏. ‏

أويُسكر‏ ‏الثوّار‏ ‏بالأمل‏.‏

……

‏ ‏تدق‏ُّّ ‏بابى ‏الكلمة

أصدّها‏.‏

تُغافل‏ ‏الوعىَ ‏القديمَ‏،‏

أنتفض‏ْْ.‏

أحاولُ‏ ‏الهربْ‏،‏

تلحقنُى.‏

‏ ‏أكونُها،‏

‏                 ‏فأنسلخْ.

…….

أمضى ‏أغافلُ‏ ‏المعاجِمَ‏ ‏الجحافلْ، ‏

بين‏ ‏المَخاضِ‏ ‏والنحيبْ‏.

‏أطرحُنى:‏

بين‏ ‏الضياع‏ ‏والرُّؤىَ.‏

بين‏ ‏النبىَّ ‏والعدَم‏ْْ.‏

أخلّق‏ ‏الحياة‏ ‏أبتعث‏.‏

أقولُنى ‏جديدا‏،‏

‏ ‏فتولًد‏ُ  القصيدة.

أما مدى استفادتى من كل ذلك طبيبا نفسيا، فهى تبدو بديهية بعدما شرحت أنه موقف وجود، وليس هواية أو موهبة، أنا أعالج مرضاى – بحسب ما أعتقد – بهذا الموقف كله  الذى يمكن أن يبلغهم فى دقيقة أو فى بضع سنوات، بل إنى أعتقد أن معلوماتى وعلمى تمر بهذا الموقف قبل أن تصل إليهم، حتى الأدوية التى لا أتردد فى استعمالها بوفرة، يختلف مفعولها إن هى وصلت بما يتصور العلماء وهم جلوس على المكاتب أنها تعمل فى كيمياء المخ عملا جزئيا محددا، هذه الأدوية نفسها يختلف مفعولها من هذا المنطلق الميكانيكى عن مفعولها إذا هى استعملت لتنظم الإيقاع بين وعى مريض يتفسخ، ووعى طبيب يحاول قراءته نصا، ليبدعا معا قصيدة الوجود الجديدة لهما معا فيخرج المريض ملموما، ويخرج الطبيب بما تيسر مما يعينه على قراءة نص بشرى أو أدبى، ثم هو وشطارته إن استطاع أن يلم نفسه فى حدود إبداع مهنته، أو هو وإبداعه إن استطاع أن يجد الأداة التى تسعفه لتستوعب ما فاضت به رؤيته حين عايش ما عايش بصدق كاف.

 هذا ما أتصوره أنه حدث لى فتعددت محاولاتى لامتلاك الأداة تلو الأخرى، لا أكثر.

تمنيت ذات قصيدة لم تنشر أننى لم أر ما رأيت، من خلال هول ما وصلنى من خبرات التعرى والمرض، لولا رحمة ربى وفضل مرضاى.   قلت فيها :

‏-1-‏

يــاليتنى ‏طفوت‏ ‏دون‏ ‏وزنِ

ياليتنى ‏عبرت‏ ‏نهر‏ ‏الحزنِ

من‏ ‏غير‏ ‏أن‏ ‏يبتل‏ ‏طرفى ‏فـَرَقَـا‏.‏

ياليت‏ ‏ليلى ‏ما‏  ‏انجلى‏،‏

ولا‏ ‏عرفتُ‏ ‏شفرة‏ ‏الرموز‏ ‏والأجنة‏.‏

إى ‏هجرة‏  ‏الطيورْ‏،‏

فى ‏الشاطئ‏ ‏المهجورْ‏ .‏

عفوا‏ ‏فعلتــُـها‏ …‏

(إلى أن قلت):

…..

يا‏ ‏بؤسهُ ‏الصراخ‏ ‏دون‏ ‏صوت‏. ‏

يا‏ ‏رعبـها‏ ‏ولادة‏ٌ ‏كموت‏ .‏

…..‏…‏

يا‏ ‏مقود‏ ‏الزمان‏ ‏لا‏ ‏تطلقنى ‏

ثقيلة‏ ‏ومرعبة‏ :‏

قولة‏ ‏كن‏.‏

لو‏ ‘‏كان‏’ : ‏بــتُّ‏ ‏بائسا‏، ‏

لو‏ ‘‏كان‏’ ‏طرت‏ ‏نورسا‏،‏

‏ ‏لو‏ ‏كان‏ ‏درت‏ ‏حول‏ ‏نفسى ‏عدما‏.‏

هل بلغك سيدتى أين أقف من إبداعى، أو ما تسمينه كذلك . إننى اكتسبت من خلال هذه المزاوجة بين قراءة النص الأدبى، وقراءة النص البشرى، ما جعلنى أعتبر أن الأدب هو النافذة الأكثر إنارة لمعرفة النفس البشرية عما يسمى علم النفس أو الطب النفسى، ومن خلال ذلك رحت أنبه وباستمرار على ضرورة الحذر مما يسمى “التحليل النفسى للأدب”، وأن الأوْلى هو التعريف الأدبى بالنفس، فوجدت أن مهمتى الأساسية، إن كان فى العمر بقية، وفى الوقت متسع هو أن أمارس هذه الوصلة – ناقدا أدبيا – أحاول أن أجد الوصلة المناسبة بين الإبداع الأدبى المتميز – كأصل مرجعى- وبين بعض اجتهادات العلوم النفسية، كشاهد مواز، وليس وصيا.

بصراحة : لو أننى خيرت بين كل ما كتبت من شعر وقص ورواية ونقد، فإنى أفضل أن أواصل محاولاتى ناقدا لا أكثر ولا أقل. أعتقد أن هذه الرسالة – رسالة النقد التوليفى النفسى الجديد- هى غاية المسؤولية التى ألقيت فى وعيى، حتى أننى وجدت بعض ما أسميته شعرا، هو بمثابة نقد شعرى أكثر منه شعرا، مما جعلنى أعزف، ولو مؤقتا، عن نشره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *