الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الأخبار / علّمنى شيخى محفوظ، فحمّلنى أمانة ناسى ونفسى

علّمنى شيخى محفوظ، فحمّلنى أمانة ناسى ونفسى

نشرت فى جريدة أخبار اليوم

09/12/2011

علّمنى شيخى محفوظ، فحمّلنى أمانة ناسى ونفسى

منذ حوالى عام، أنهيت كتابى الخامس عن نجيب محفوظ وأعماله، وهو بعنوان “فى شرف صحبة نجيب محفوظ”، وقد جاء فى مقدمته تعريف موجز به يقول: “هذا العمل هو مجرد  خواطر عابرة، من الذاكرة، لم أقصد حين كنت أكتبها بغير نظام، ولا التزام، أثناء صحبتى له فى العشر سنوات الأخيرة، لم أقصد أن ترى النور فى شكل منشور، كل ما كنت أفعله، آنذاك، هو محاولة أن أتعرف على هذا الإنسان الكبير، الذى أتاح الله لى فرصة وأنا فى العقد السابع من عمرى أن أقترب منه كل هذا القرب، أتعرف عليه، وأتعرف على نفسى من خلاله، نعم لم أكن أعرفه شخصا من لحم ودم قبل ذلك، مع أننى عرفته وعيا محيطا جميلا مرشدا منذ مراهقتى، فقد نشأت فى رحاب وعيه الإبداعى منذ الرابعة عشرة، لكننى أبدا لم أكن من مريديه الأقرب بعد ذلك، ولم أسع ولا مرة واحدة للقائه حيث كان يلتقى ليس فقط بحوارييه، ولكن جاءت هذه الفرصة الصعبة المتحدية بعد الحادث، لأجد لى قرب نهاية عمرى أبا جديدا، فشعرت أن الله رضى عنى إذ اعتبرنى جديرا بأبوة مختلفة، وأنا الذى عشت طول عمرى فى رحاب أبٍ حانٍ قادر، فإن لم أجده شكلته تشكيلا، لكن هذا الوالد لم يحتج منى إلا أن أتلقى أبوته التى وجدت فيها شفاء للناس، وأنا منهم، فانتفت منذ البداية شبهة أننى قريب منه بصفتى طبيبا نفسيا، ورحت أكرر هذا النفى كلما أتيحت الفرصة، برغم إلحاح هذا التفسير غير الذكى، بل إن ما حدث فعلا هو عكس ما شاع، بما يتأكد من خلال هذا العمل بالذات، وهذا المعنى هو الذى تركز فى قصيدة خرجت منى فى عيد ميلاده الثانى والتسعين، وهى قصيدة توضح أبعاد هذه العلاقة الأبوية العلاجية من جانبه لمريد ينهل من فيض حضوره الراعى والمعيد لتشكيلنا ونحن حوله، هذا المريد هو المجتهد العبد الفقير إلى المعرفة، وإلى الأب، وإلى الله سبحانه وتعالى، كاتب هذا الكلام”.

انتهى المقتطف:

وقد قدرت أن أبدأ احتفالى بعيد ميلاده المائة بأن أقتطف بعض هذه القصيدة لتوضيح هذه العلاقة، وأنه كان طبيبى وليس العكس.

فى ميلاده الثانى والتسعيين

فى ‏كل‏ ‏عام‏ ‏أحمـد‏ ‏الله‏ ‏الكريم‏ ‏وأرتجيه‏ ‏يكون‏ “يومى ‏قبل‏ ‏يومك‏”، ‏وأعود‏ ‏أكتشف‏ ‏الحقيقة‏ ‏أننى ‏لم‏ ‏أصدُقِِ‏ ‏الله‏ ‏الدعاء‏. ‏طمعا‏ ‏بأن‏ ‏نبقى ‏معا‏ ‏عاما‏ ‏فعـاما‏.‏

‏  …. ‏كم‏ ‏أنت‏ ‏سهـلٌ‏ ‏معجز‏ٌٌ ‏تسرى  ‏كمثل‏ ‏الماء‏ ‏إذ‏ ‏ينساب‏ ‏عذبا‏ ‏رائقا‏ ‏بين‏ ‏الصخور‏ ‏من‏ ‏الجليد‏ ‏وقد‏ ‏تربع‏ ‏شامخا‏ ‏فوق‏ ‏الجبل‏.‏

‏… ‏زعموا‏ ‏بأنّىَ ‏قادر‏  ‏أشفى ‏النفوس‏  ‏بما‏ ‏تيسر‏ ‏من‏ ‏علوم‏ ‏أو‏ ‏كلام‏ ‏أو‏ ‏صناعة

عفوا‏، ‏ومن‏ ‏ذا‏ ‏يشفى ‏نفسى ‏حين‏ ‏تختلط‏ ‏الرؤى‏، ‏أو‏ ‏يحتوينى ‏ذلك‏ ‏الحزن‏ ‏الصديق،‏ ‏فلا‏ ‏أطيق؟

حتى ‏لقيتــك‏ ‏سيدي‏، ‏فوضعت‏ ‏طفلى ‏فى ‏رحابك‏. ‏طفل‏ ‏عنيد‏. ‏مازال‏ ‏يدهش‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏من‏ ‏جديد‏

صالحتـنى ‏شيخى ‏على ‏نفسىَ ‏حتى ‏صرت‏ ‏أقرب‏ ‏ما‏ ‏أكون‏ ‏إليه‏ ‏فينـا‏،‏

صالحتـنى ‏شيخى ‏على ‏ناسي‏، ‏وكنت‏ ‏أشك‏ ‏فى ‏بــله‏ ‏الجماعة‏ ‏يُخدعون‏ ‏لغير‏ِ ‏ما‏ ‏هُـمْ‏.‏

‏ ‏صالحتـنى ‏شيخى ‏على ‏حريتى‏، ‏فجزعت‏ ‏أكثر‏ ‏أن‏ ‏أضيع‏ ‏بظل‏ ‏غيري‏.‏

صالحتنى ‏شيخى ‏على ‏أيامنا‏ ‏المرة‏ ‏مهما‏ ‏كان‏ ‏منها‏. ‏

علمتنى ‏شيخى ‏بأنا‏ ‏قد‏ ‏خـلقنا‏ ‏للحلاوة‏ ‏والمرارة‏ ‏نحمل‏ ‏الوعى ‏الثقيل‏ ‏نكونـه‏ ‏كدحا‏ ‏إليه‏.‏

(وقبل ذلك)

ثم إنى فى عيد ميلاده التسعين  قدمت ورقة بمناسبة احتفال مكتبة الإسكندرية بهذه المناسبة جاء فيها  ما يحدد رؤيتى له كما يلى:

“… لعل‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏كان‏ ‏يصف‏ ‏نفسه‏ ‏حين‏ ‏أعلنها‏ ‏على ‏لسان‏ ‏أب‏ ‏يخاطب‏ ‏ابنه‏ ‏فى ‏مقدمة‏ ‏روايته‏ “‏العائش‏ ‏فى ‏الحقيقة‏ ” ‏وهو‏ ‏يقول‏”… ‏كن‏ ‏كالتاريخ‏، ‏يفتح‏ ‏أذنيه‏ ‏لكل‏ ‏قائـل‏، ‏ولا‏ ‏ينحاز‏ ‏لأحد‏ ‏ثم‏ ‏يسلم‏ ‏الحقيقة‏ ‏ناصعة‏ ‏هبة‏ ‏للمتأملين‏”.  ‏التاريخ‏ ‏الذى  ‏يعـنيه‏  ‏محفوظ‏ ‏هنا‏  ‏ليس‏ ‏هو‏ ‏التاريخ‏ ‏المكتوب‏ ‏فى ‏كتب‏ ‏التاريخ‏ ‏أو‏ ‏وثائقه‏، ‏وإنما‏ ‏هو‏ ‏التاريخ‏ ‏الحى ‏الماثل‏ ‏فى ‏وعى ‏الإنسان‏ ‏وهو‏ ‏يعمر‏ ‏الأرض‏، ‏وهو‏ ‏يتعثر‏، ‏وهو‏ ‏ينتكس‏، ‏وهو‏ ‏يبحث‏ ‏عن‏ ‏الحقيقة‏، ‏وهو‏ ‏يصاب‏ ‏بالعمى ‏عنها‏، ‏ليقع‏ ‏ثم‏ ‏يقوم‏، ‏يعاود‏ ‏البحث‏. ‏إن‏ ‏تعبير‏ ‏محفوظ‏ “‏كن‏ ‏كالتاريخ‏..” ‏لا‏ ‏يعنى ‏التشبيه‏، ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏يحدد‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏التاريخ‏، ‏وكأنه‏ ‏يقول‏ “..‏أنت‏ (‏أنا‏) ‏التاريخ‏”، ‏ذلك‏ ‏أنه‏ ‏أردف‏ ‏بعد‏ ‏هذه‏ ‏النصيحة‏ ‏من‏ ‏الأب‏ ‏استجابة‏ ‏الإبن‏ ‏وهو‏ ‏يقول‏: “..‏وسعدت‏ ‏جدا‏ ‏بالتوجه‏ ‏إلى ‏تيار‏ ‏التاريخ‏ ‏الذى ‏لا‏ ‏أعرف‏ ‏له‏ ‏بداية‏، ‏ولن‏ ‏يتوقف‏ ‏عند‏ ‏نهاية‏، ‏ويضيف‏ ‏كل‏ ‏ذى ‏شأن‏ ‏إلى ‏مجراه‏ ‏موجة‏ ‏مستمـدة‏ ‏من‏ ‏حب‏ ‏الحقيقـة‏ ‏الأبدية‏”.‏

كما جاء فى نهاية أطروحتى هذه لمكتبة الإسكندرية :

هذا‏ ‏هو‏ ‏محفوظ‏ ‏المواطن‏ ‏المصرى، ‏المسلم‏، ‏المؤمن‏، ‏المبدع‏، ‏البسيط‏، ‏السهل‏، ‏الممتنع‏، ‏الرائع‏، ‏الطيب‏، ‏القوى،‏ القادر‏، ‏الواضح‏، ‏الذى ‏يمشى ‏بيننا‏ ‏بما‏ ‏هو‏، ‏باحثا‏ ‏عن‏ ‏الحقيقة‏ “‏بلا‏ ‏بداية‏ ‏ولا‏ ‏نهاية‏”. ‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏ما‏ ‏دعانى ‏أن‏ ‏أستغل‏ ‏حضوره‏ ‏هكذا‏ ‏فى ‏وعيى ‏فأطمئن‏ ‏نفسى – ‏على ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ – ‏أننا‏ ‏ننتمى ‏إلى ‏ما‏ ‏انـتـمـى ‏إليه‏ ‏هذا‏ ‏الرجل، إلى من هو الإنسان الذى كرمه ربه‏.‏

‏ ‏حين‏ ‏تضيق‏ ‏بى ‏السبل‏ ‏وأغوص‏ ‏فى ‏رمال‏ ‏ضياعنا‏ ‏المتحركة‏، ‏ثم‏ ‏أجالسه‏ ‏قليلا‏ ‏أو‏ ‏كثيرا‏ ‏أفيق‏ ‏على ‏هاتف‏ ‏آمل‏، (‏ربما‏ ‏لا‏ ‏يعدو‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏شطحا‏ ‏حالما‏) ‏يدمدم‏ : ‏

‏”…‏دعونا‏ ‏وسط‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الركام‏ ‏من‏ ‏شظايانا‏ ‏الخامدة‏، ‏وأمام‏ ‏كل‏ ‏هذه‏ ‏الأبواب‏ ‏التى ‏تصفق‏ ‏فى ‏وجه‏ ‏من‏ ‏يحاول‏ ‏منا‏،‏دعونا‏ ‏نفترض‏ ‏فرضا‏ ‏يقول‏ : ‏إن‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏ليس‏ ‏ماضيا‏ ‏يحكى، ‏وهو‏ ‏ليس‏ ‏جائزة‏ ‏نتباهى ‏بها‏، ‏أو‏ ‏نتوقف‏ ‏عندها‏، ‏وهو‏ ‏ليس‏ ‏صـدفة‏ ‏عابرة‏، ‏وهو‏ ‏ليس‏ ‏لحنا‏ ‏منفردا‏.‏

‏ ‏إننا‏ ‏نحن‏ ‏الذين‏ ‏أفرزناه‏، ‏وهو‏ ‏يمثلنا‏، ‏فنحن‏ ‏قادرون‏ ‏على ‏إفراز‏ ‏مثله‏.”‏

هذا‏، ‏بالضبط‏، ‏هو‏ ‏ما‏ ‏يسعده‏ ‏أكثر‏، ‏فرحته‏ ‏ليست‏ ‏لها‏ ‏حدود‏  ‏حين‏ ‏يـبلـغـه‏ ‏أن‏ ‏وجوده‏ ‏قد‏ ‏ترك‏ ‏لنا‏ ‏ما‏ ‏يخلد‏ ‏به‏ ‏فينا‏، ‏ومن‏ ‏خلالنا‏. ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏بما‏ ‏سجل‏ ‏وروى ‏وأبدع‏ ‏رموزا‏، ‏وإنتاجا‏، ‏على ‏الورق‏، ‏ولكن‏ ‏أساسا‏ ‏بما‏ ‏ترك‏ ‏بصماته‏ ‏على ‏أرض‏ ‏الواقع‏ ‏وفى ‏وعى ‏ناسه‏،‏وهو‏ ‏يحاول‏ ‏أن‏  ‏يعيش‏ ‏كما‏ ‏خلقه‏ ‏الله‏، ‏ليمتد‏ ‏فى ‏رحابه‏ ‏إلى ‏ما‏ ‏ليس‏ ‏كمثله‏ ‏شيء

انتهى المقتطف:

ثم دعونى أقدم عينات محدودة من بعض ما تعلمته منه مباشرة ، ولنأخذ معجزة كيف عاد إلى الكتابة حتى استطاع أن يكتب بنفسه ما كتب:

 “… لا يوجد طبيب أعصاب فى الدنيا يمكن أن يتصور أن العطب الذى لحق بالعصب المسئول عن حركة يده بعد الحادث الغادر يمكن أن تنبض فيه أية حياة، كانت يده أعجز من أن تمسك أى شىء بأى درجة من الاتزان، ناهيك عن أن تمسك بقلم يتحرك سنه على ورقة، لكنه فعلها: كل يوم، كل ضحى، كل يوم، كل يوم تال، كل يوم .. كل يوم .. راح يدرب نفسه على التحريك الطليق (شخبطة)، ثم على التحريك البطىء، ثم راح يتصور أنه يكتب شيئا ما، واكتفينا بملء صفحة واحدة فى كراسة تلو الكراسة، كانت الصفحة تأخذ فى البداية سطرين أو ثلاثة على الأكثر، ثم أربعة، لم أكن أتبين فيها حرفا واحداً يمكن قراءته، وكنت أتابع تقدمه ساعة بساعة، وأسأله عن “عمل الواجب” يوميا تقريبا (هو الذى اقترح هذه التسمية، وهو يقدم لى كراسة الواجب صباح كل يوم)، فيبتسم مداعباً وينبهنى إلى أنه تلميذ حريص على التقدم، فأفرح وأفرحه بشطارته وأداعبه بما يناسب، وأنا أتعلم منه كيف يكون حب الحياة مثابرة وإصراراً، راح يتدرب يومياً، حتى بعد أن نجح أن يكتب ما يمكن قراءته”.

 …. ‏وحين‏ ‏استطاع‏ ‏بعد صبر طويل ‏أن‏ ‏يكتب‏ ‏جملة‏ ‏على ‏بعضها‏ ‏كان‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏عيدنا‏ ‏الكبير‏، ‏ورحت‏ ‏أميز‏ ‏فى ‏بعض‏ ‏الصفحات‏ “‏رب‏ ‏اشرح‏ ‏لى ‏صدرى‏”، “إن الله مع الصابرين”، “سبحان الملك الوهاب”، وكذلك: “سالمة يا سلامة”، “خفيف الروح بيتعاجب”، ثم لمحت اسمه أيضا ليس فى أسفل الصفحة، ما هذا؟ إنه يسبقه اسم آخر، آه!! هذا هو: إنها فاطمة نجيب محفوظ، أم كلثوم نجيب محفوظ، فأدعو لهما وله.

وقبل أن أختم المقال بعينة من التدريبات بخط يده أقتطف بعض آخر من إبداعاته كالتالى:

 (حلم 208 من أحلام فترة النقاهة)

نجح الأستاذ “ل” فى الانتخابات فذهب إلى أسرته وقال إنه لايشرفه الانتماء لهؤلاء القوم وأنه ينوى الاستقالة فقالت له سيدة: الاستقالة معناها العداوة وسوف ينكِّلون بك وبنا فافرح أو تظاهر بالفرح وألق كلمتك فوقف “ل” على المنصة وقال: إن تاريخ مصر يظهر بظهوركم على المسرح وما قبل ذلك فظلام فى ظلام.

(هل هناك علاقة مع ما يجرى الآن)

عينة أخرى دالة:

أما العينة الدالة على عموم ما تعلمته منه وهى تلك الرسالة التى أدعو القارئ لمشاركتى فى التعلم منها ، فهى فقرة الراقصان التى بين فيها كيف تراقص  الحياة الموت ونصها من أصداء السيرة الذاتية وقراءتى لها التى صدرت فى كتابى “أصداء السيرة” رقم 158 ‏الراقصان‏:‏

قال‏ ‏الشيخ‏ ‏عبد‏ ‏ربه‏ ‏التائه

ماروعنى ‏شيء‏ ‏كما‏ ‏روعنى ‏منظر‏ ‏الحياة‏ ‏وهى ‏تراقص‏ ‏الموت‏ ‏على ‏ذاك‏ ‏الإيقاع‏ ‏المؤثر‏ ‏الذى ‏لا‏ ‏نسمعه‏ ‏إلا‏ ‏مرة‏ ‏واحدة‏ ‏فى ‏العمر‏ ‏كله‏.‏

القراءة:

فجأة‏ ‏يشرق‏ ‏الوجه‏ ‏المضيء‏ ‏للإبداع‏ ‏فيتردد‏ ‏الصدى ‏كما‏ ‏تردد‏، ‏مثلا‏، ‏فى ‏فقرة‏ 134 ‏حين‏ ‏رنت‏ ‏فى ‏وعيى ‏أن‏ ‏علامة‏ ‏الكفر‏ ‏الضجر‏، ‏….

لكن كيف يرقص‏ ‏الموت‏ ‏مع‏ ‏الحياة

الشيخ‏ ‏عبد‏ ‏ربه‏ (وهو هو محفوظ كما صرّح لى) ‏يعود‏ ‏يصالحنا‏ ‏على ‏الموت‏/ ‏الحياة‏ ‏من‏ ‏جديد

لا‏ ‏حياة‏ ‏إلا‏ ‏فى ‏حضن‏ ‏موت‏ ‏يقظ‏، ‏ولاموت‏ – ‏بمعنى ‏العدم‏- ‏إلا‏ ‏لحياة‏ ‏أنكرته‏ ‏أصلا‏.‏…إلخ

وبعد

أخيرا فهذا نص من بداية تدريباته اخترته لقصر ، ثم نص آخر به رسوم ابتدعها هو لتساعده دون تعليق

(ملحوظة : توجد نصوص بخط يده من الاستلهامات والتداعيات فى موقعى لخمسين صفحة إلا اثنتين لمن شاء www.rakhawy.org)

ص 2 من الكراسة الأولى

9-12-2011

نجيب محفوظ

أم كلثوم نجيب محفوظ

فاطمة نجيب محفوظ

اللهم احفظهم وباركهم

ليت الشباب يعود يوما

ودار ندامى غادروها

الصبر جميل

إن الله مع الصابرين

نجيب محفوظ

26/1/1995

 نلاحظ:

1- يتكرر هذا التسلسل فى معظم تدريباته، يبدأ باسمه، ثم اسم كريميته فى أغلب ما كتب (أقوم بمحاولة احصائية فى الكراسة الأولى)

2- ثم ها هو يدعو لهم بكل رقة (وقد ناقشته بحذر شديد فى رقته المفرطة هذه، ودماثه كريميته البالغة، أكرمهما الله)

3- ثم أنه “ليت الشباب يعود يوما” (علما بأنه كان أكثر شبابا).

4- لم يصلنى أبدا (تقريبا) أنه عاش الندامة بالمعنى الشائع، فقد كان يحب الحياة، كما يحب الناس، كما يحب الموت، وورود هذا النص مثل كثير مما سيأتى بعد ذلك، قد لا يعنى شيئا بذاته فى هذه اللحظة، لأنه التدريب يكتب ما يحضر القلم، وليس بالضرورة ما يحضر فى الوعى، بدلالات خاصة، وسوف نكرر هذا التنويه رفضا للتعقيب.

ما وصلنى هنا من تلاحق الأسطر الثلاثة:

“ودار ندامى غادروها” ثم “الصبر جميل” ثم “إن الله مع الصابرين”.

وكل ذلك متسق تماما مع موقف هذا العظيم الواعى جدا، بربط الموقف الذى نحن فيه، بأن له نهاية، كما أن لهذه الدار نفسها نهاية، وأن من يتعلق بها هو يندم عليها (أو لا يندم) يغادرها حتما، فلا أفضل من الصبر، والصبر هنا له صفة عشتها معه بكل فرحة هى صفة الجمال فعلاً.

للصبر مرارة

وللصبر جمال

وأنا لم أشاهد مرارة الصبر معه أبدا، حتى فى أزمات مرضه قبل الأخير (إذ لم تتح لى فرصة معايشة مرضه الأخير)

والذى يجعل الصبر جميلا، هو ما أنهى به يوميته هذه

“إن الله مع الصابرين”

ثم التوقيع والتاريخ.

عينة أخرى من كراسات التدريب دون تعليق (1)

صفحة 15

9-12-2011-

………..

………..

‏………..

نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏

إذا جاء نصر الله والفتح

الرحمن علم القرآن

فبأى آلاء ربكما تكذبان‏

نجيب محفوظ

9/2/1995

* * * *

 فما رأى من التهموه الآن بما اتهموه به؟

سامحهم الله، أما هو، فأنا على يقين من أنه يدعو لهم بالهداية ونور البصيرة بعد المغفرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *