الرئيسية / حوارات وأحاديث / د.يحيى الرخاوى: الرئيس مرسى.. حسن النية وقليل الخبرة فى ألاعيب السياسة

د.يحيى الرخاوى: الرئيس مرسى.. حسن النية وقليل الخبرة فى ألاعيب السياسة

نشر فى جريدة الأخبار

8-7-2012

الرئيس مرسى.. حسن النية

وقليل الخبرة فى ألاعيب السياسة

د. يحيى الرخاوى

أجرى الحوار : الأستاذ محمود حبيب

فى الغالب الأعم تدور معظم الأسئلة الموجهة إلى ضيف الحوار فى مجال تخصصه حتى يتم الاستفادة منه للقارئ وجاء حوارنا اليوم مع قمة اعلام الطب النفسى فى مصر والعالم العربى هو الدكتور يحيى الرخاوى أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة القاهرة.

واتسم الرجل فى حواره مع “الاخبار” بالاسلوب السهل الممتنع الذى يجعل القارئ يحب اسلوبه ويستمتع بما بين السطور من مفردات ومعان.. وقال أن الأحداث التى مرت بالمصريين منذ الثورة إلى الآن قد مرت على مراحل بعضها عكس بعض.. فأحداث الأيام الأولى بميدان التحرير غير أحداث الأيام قبل الأخيرة فى العباسية غير أحداث محمد محمود غير أحداث ستاد بورسعيد… وهكذا وفى السطور التالية تفاصيل الحوار:

  • لابد للرئيس أن يعيد النظر فيما يسمى بالمعتقدات الإخوانية
  • ما يقال عن مخطط أمريكى لتقسيم مصر لا يصح نفيه بقدر ما ينبغى أن نحذر منه
  • أدعو الله للرئيس أن يكفيه شر نفسه وشر من يحيط به ممن هم أقل منه انتماء

1- هل فى تصوركم كطبيب نفسى أن المشاكل النفسية والأمراض قد زادت لدى المصريين على أثر الأحداث التى مرت بهم مؤخراً؟

ج1: لابد أن أنبه ابتداء إلى أنه لا يجوز علميا، ولا حتى إعلاميا، تسمية ما يمر به الناس، عامة الناس، من انفعالات وتفاعلات بأسماء أمراض نفسية، هذا تهوين من قيمة مشاعر الناس، ومعانى وجدانهم، مما ينبغى احترامه والحفاظ عليه مهما بلغت حدة الحزن أوعمق الحيرة أو شدة التوتر والاحتقان، بالإضافة إلى أنه تجاوز فى حق المرضى النفسيين بشكل أو بآخر، الشعب من حقه أن يحزن أو يحتار دون أن نسمى ذلك مرضا نفسيا، والمريض النفسى من حقه أن يصان مرضه واسم مرضه من الاستعمالات الشائعة العشوائية.

ثم إن المسألة ليست مسألة تصور، ولا هى من اختصاص الطب النفسى أساسا، أو فقط، ثم إن الأحداث التى مرت بالمصريين قد مرت على مراحل بعضها يمكن أن يكون عكس البعض الآخر، فأحداث الأيام الأولى فى ميدان التحرير، غير أحداث الأيام قبل الأخيرة فى العباسية غير أحداث محمد محمود، غير أحداث ستاد بورسعيد، هذا بالنسبة لمد وجزر ولعب وجد الشارع الجمهور الناس والأيادى التحتية والفوقية!، أما الأحداث الرسمية المقننة من أول تولى المجلس العسكرى إدارة البلاد حتى حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية مرورا باستفتاء تعديلات الدستور، ثم انتخابات مجلس الشعب بمرحلتيه، فالإعلان الدستورى المكمل، فانتخابات الرئيس، كل واحد من هذه الأحداث يمثل تغيرا نوعيا فى مجريات الأمور، وبالتالى تغيرا نوعيا فى مواقف الناس، كل بحسب انتماءاته وثقافته الفرعية، فكيف بالله عليك يمكن الإجابة على سؤال بكل هذا التعميم؟

2- هل فى تصوركم أيضا أن نجاح دكتور محمد مرسى سوف يساهم فى علاج هذه الأمراض النفسية؟

ج2: أظن أنه بعد رفض تسمية ما يعانيه الناس بالمرض أصلا كما جاء فى إجابتى عن السؤال السابق تصعب الاجابة على هذا السؤال، أما إذا كان المقصود هو الإشارة إلى حالات التوتر، والبلبلة، والحزن، والخوف، والحيرة، دون تسميتها أمراضا نفسيه، ،فإن نجاح الدكتور محمد مرسى فى ذاته ليس هو الذى يساهم فى خفض كل هذا، وإنما أى إرساء لكيان مؤسسة من مؤسسات الدولة، لا بد أن ينهى هذه المرحلة إلى خير، على شرط أن تكون هذه المؤسسة: قوية، قادرة، ذات معالم واضحة ومعلنة، وبالتالى قدرة تنفيذية تظهر معالمها على أرض الواقع أولا بأول.

3- من واقع خبرتكم وتجربتكم العلمية والتاريخية نريدك أن تقدم رؤيتك الخاصة فى الرئيس الجديد؟

ج3: فرحت بصياغة هذا السؤال وهو يحتوى إشارة إلى تأثير التجربة والتاريخ تحت عنوان “الرؤية”، وهذا لأنه لم يحدد الرؤية بالرؤية النفسية، فلم يعط هذا التخصص وصية علمية زائفة.

من البديهى أن لكل مواطن رؤيته فى من يختاره رئيسا أو نائبا عنه أو وكيلا يمثله، وإلا فما الذى يحدد أسباب اختياره، لكن حين تصدر هذه الرؤية فى شكل فتوى فوقية من مختص طب نفسى، وبمصطلحات نفسية مع كل احترامى لاجتهاده، فإن الأمر يكون قد تجاوز المسموح به علميا وأدبيا. من هنا أجيب على هذا السؤال الذكى برأيى كمواطن مصرى يقول: أن ما وصلنى هو أن هذا الرئيس يمثل عموم ما هو مواطن مصرى عادى، بتدينه، واجتهاده، وطيبته، وخيبته، وتقريباته، وأحلامه، واتكاله، واجتهاده، وفى نفس الوقت فإن الأرجح عندى أنه حسن النية فيما يعد به، قليل الخبرة فى ألاعيب السياسة ودهاليز المؤامرات، كما أتصور أن علاقته بما يجرى فى العالم الأوسع، وقدرته على ربط ذلك بما يجرى فى مصر والعالم العربى هذه الأيام هى علاقة سطحية عابرة إن وجدت أصلا.

4- نلاحظ أن هناك محاولات من جانب الرئيس الجديد للاقتراب من دوائر الزعامة هل ترى فيه ما يؤهله لذلك؟  وهل تمسكه بالصوت العالى والجماهيرية ستكون سبيله للوصول إلى هذه الزعامة؟

ج4: هناك فرق بين الرئيس والزعيم والقائد، علما بأنه لا يوجد تناقض حتمى بين هذه الأدوار، فنفس الشخص الذى قد يقوم بدور الزعيم، قد يجد أن مرحلة معينة تحتاج إلى التخطيط والتدبير أكثر مما  تحتاج إلى الاعتماد والتقديس، التخطيط والتدبير هما من صفات رئيس الدولة، أما السماح بالاعتماد عليه حتى التقديس فهما يصفان أكثر دور الزعيم ذى الكاريزما، القادر على التهييج والإثارة، بحق أو بغير وجه حق، وهذا وذاك غير صفة قائد الثورة، الذى تفرزه الثورة فى مرحلة تغير جذرى نوعى أقرب إلى طفرة تطورية.

إذن لا يعيب رئيسنا الجديد ولا من حوله أن يصنعوا منه زعيما، علماً بأن الزعيم قد يكون منتميا لفصيل معين، لكنه عادة ينتمى إلى جموع الناس حتى وهو ينطلق من موقعه فى فصيله، وليس المطلوب ليكون الزعيم زعيما أو حتى رئيسا لكل الناس أن يكون بلا لون مميز، كما حاول رئيسنا هذا أن يطمئن المختلفين بإعلانه انسحابه من جماعته وحزبه، ثم يبدو أنه تراجع عن الانسحاب من الحزب فقط، كل هذا وصلنى باعتباره من باب حسن النية والحماس، لكن رأيى أن هذا ليس عملا سياسيا جيدا وهو لا يفيد فى كسب ثقة الآخرين، المهم أن يلتزم بإقامة العدل حتى لمن يكره “ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا”،

من حلق الرئيس أى رئيس أن ينتقل من دور الرئيس إلى دور الزعيم وبالعكس إذا لزم الأمر دون اتهام بالتناقض، ومثلا كان الدكتور مرسى أقرب إلى الزعيم وهو يقسم اليمين فى ميدان التحرير (مع أنى اعتبرت ذلك خطأ جسيما، ورشوة غير مناسبة)، لكنه عاد يمارس دور الرئيس وهو يقسم اليمين أمام المحكمة الدستورية، ويبدو أنه أراد أن يخفف من جرح زعامته وهو يمارس دور الرئيس الملتزم بالقانون حين طلب عدم إذاعة مراسم القسم فى وسائل الإعلام حتى لا يتناقض مع دور الزعيم الذى كان يلبسه قبل يوم او يومين فى التحرير

أما عن ما إذا كان فيه ما يؤهله للزعامة، فان الشخص لا يولد زعيما لكن الموقع والممارسة والدور، وحتى بالتجربة الخطأ، من كل ذلك يتخلق الزعيم ويتطور، أو ينكشف ويبهت ويتوارى.

وأخيرا فإن الصوت العالى لا يصنع زعيما، وأعتقد أنه فى حالة الدكتور مرسى أتصور أن دعوة المرحومة والدته له أن “يجعل فى وشك القبول” أو “ربنا يحبب فيك خلقه”، هى مؤهلات أنفع وأضمن.

أما الجماهيرة فهى نتيجة للزعامة الناجحة أكثر منها سببا، لكنها أيضا تحافظ عليها وتنميها فى الاتجاه السليم، وأحيانا غير السليم، هو وشطارته.

5- أعلم أنك كتبت شعراً وصدر لك ديوان باسم (البيت الزجاجى والثعبان) فهل الأحداث الساخنة التى تمر بها مصر الآن يمكن أن تعيدك إلى مسار الشعر مرة أخرى؟

ج5: لقد أعادتنى فعلا، وإن كنت لا أعد نفسى شاعرا، علما بأن هذا الديوان بالذات، وهو من أندر أعمالى شيوعا (وكلها غير شائعة)، وقد كتب منذ أكثر ثلاثين عاما فيه قصيدة تنقد زعم بعض من يسمون أنفسهم الثوار دون أن ينتموا حقيقة وفعلا إلى جهاد الثوار ومسئوليتهم ، وهى بعنوان “فرسان العصر”، أقتطف منها هذا المقطع :

أنا‏ ‏فارس‏ ‏عصرى ‏الحرْ

أفهمها‏ ‏وهى ‏تمرْ

‏[‏يأخذه‏ ‏الزهو‏ ‏فينطلق‏ ‏يعيد‏]‏

يتراقص وهو يزيد

أنا‏ ‏فارس‏ ‏عصرى ‏الحر‏ ‏الثائرْ

أفهمها‏ ‏وهى ‏تمر‏ ‏بسر‏ ‏الخاطرْ

هذه الفروسية الزائفة التى كنت أخشى على ثوارنا منها، وهى لم تظهر فى بعض الدخلاء إلا بعد أن اختلط الحابل بالنابل، واختفى أغلب الثوار لحساب زحف الزيف المعاد، فكثر التباهى بالسير “فى المحل” وترديد الشعارات المنغمة، وتحلى الأحلام محل شرف المخاطرة، هذا بعض ما حذرت منه منذ عقود وأنا أصف فارسا آخر فى نفس القصيدة ينشد:

أنا‏ ‏فارس‏ ‏ليلى ‏المقدامْ

ألعب‏ ‏فى ‏ساحة‏ ‏حُلمى

أتمنطق‏ ‏بالأيام

……..

أهتز‏ ‏على ‏عجز‏ ‏أريكه

أتداعى “‏حرا”

ففروسية‏ ‏هذا‏ ‏العصر

هى ‏حِذق‏ ‏ألاعيب‏ ‏القصر

اما هل ما حدث منذ 25 يناير قد استثار شعرى من جديد، فقد كان ذلك بالنسبة لقصيدتى بالعامية “آهات مصرية” التى كتبتها منذ سبع سنوات، أبرر فيها حزنى، على ما صرنا إليه آنذاك، فجاءت مليئة بالمرارة أعرض منها بعض فقرات تصف العهد البائد مثلا قائلة:

الأولة: آه

………..

ماهو   لازم إنى أزعل : لما الاقى  ان الكلام  يتعادْ  كإنى ماقلتهوش

لما الاقى ان اللى جارى، كله جارى فى الفاشوش

                         لما الاقى الناس بقو ا من غير وشوش

لما الاقى انّ “اللى عنده” ناسِى إللى “ما عندهوش”

التانية : آه

ماهو  لازم إنى أزعل :  لما الاقى ان الشهادة – حتى لو مـِنْ جامعةْ-   سُمعةْ

                  لماالاقى  العلم سِلعةْ

            لما الاقى الأمْـن  خدعةْ

                لما الاقى الكِدبهْ دِمعةْ

           لما الاقى أىّ فكرة جديدة :   يعتبرْوها  بدعةْ

والتالتة: آه

ماهو  لازم إنى أزعل :  لما الاقى الكـُل بَـلـِّمْ

   لمّاالاقى الحـُرّ سلِّــمْ

لما الاقى الجرح جـوّا القلب: عـلــِّـمْ

*****

قالو يعنى أديكْ زعلت،   سابوكْ تِرنْ

ما هو يا ابنى إللى يزعل  يتفلق مهما يئن

قلت : لأّه، …. دانتو ا فاهمينِّى  غلط، أنا مش حاوِنْ

قالوا عندك  حلّ تانِى؟

                          قلت : اظـنْ

ماهو  طولْ ما الحر عايش ، لمْ لا بدْ…:

                             إنه يدفع ما عليهْ!

قالوا:  يعنى حاتعمل ايه؟

      قلت  أشيل أنا كل ده،

             لأ،  واكتر من كده،

وابتـِدِى رغـْم اللى جارى

حتى لو ْمَا فاضِلشِى غيرى

قالوا: ورِّينـا شطارتكْ

ربنا يبارك فى خيبتكْ

قلت: طُــزْ

قالوا: فيكْ

قلت: طز   فيكم انتم:

 فى اللى  ما يبطـّلشى زن

واللى جاهز رده دايما: ” بيما إنّ….”

واللى كل ما قال كلام لِحْقُه بــْــلـَـكِــنّ…

واللى كل حيلته  هيا  انه يـِـفــنّ

……………………………………….

وقد غيرت الفقرة الأخيرة بعد الأحداث الأخيرة لأضيف إليها تحية الشباب فى النهاية

6- هل ترى أن الرئيس الجديد ووعوده الكثيرة يمكن أن يصدق فيما يعلنه أم أنها مجرد شعارات؟

ج6: الأفضل أن نبدأ بتصديقه، ثم نضع محكات وتوقيتات لكل وعوده، ونحاسبه عليها أولا بأول، لا بد أن يأخذ الفرصة كاملة، ومن داخلنا ما لم تظهر عليه علامات باكرة تؤكد كذبه أو مناورته أو تبعيته أو خيانته أو تخلفه

7- ما رأيك فيما يتردد على أن الرئيس الجديد ستحكمه معتقداته الإخوانية التى تربى عليها طويلا فى معالجته لمشكلات مصر؟

ج7: هذا أمر بديهى حتى لو أعلن غير ذلك، لكنه أمر لا يعيبه، ثم لابد  أنه يعيد النظر الآن فيما يسمى المعتقدات الإخوانية، لأن المفروض أنه لا توحد معتقدات إخوانية بعيدة عن الإسلام الحنيف بل إنه لا توجد معتقدات إسلامية ثابتة متجمدة بعيدة عن الإيمان، الإسلام شهادة وعبادة، شريعة وطريقة، نص واجتهاد وتجديد، فهو ليس معتقدا وأيديولوجيا مثلما يتوقف البعض فى علاقته بربنا عند مرحلة تنظيم السلوك الظاهر، وتأكيد الأفكار الإنسانية الثابتة، على حساب تنمية الفطرة السليمة ومن أهمها تنمية الإبداع إلى الإيمان إلى وجه الله سبحانه وتعالى.

8- ماذا عما تردد من لجوء الرئيس الجديد إلى تعيين نائب له مسيحى فهل ترى أن هذه الخطوة الهدف منها إرسال رسالة طمأنينة للمسيحيين فى الداخل والخارج؟

ج8: هذه فكرة تبدو فى ظاهرها جيدة ومطمئنة، لكننى أخشى أن تنقلب المسألة إلى تعميق الطائفية مثلما هو الحال فى لبنان، وأنا ضد ما يسمى “الكوتة” مهما كانت مبرراتها، فمصر ليست تورتة نقسمها بين المختلفين عليها، وأحب دائما أن أتذكر الأم الحقيقية التى تنازلت عن ابنها للمرأة الأخرى المدعية أمام سيدنا سليمان، حرصا على حياته،

9- يتردد أن تولى دكتور محمد مرسى رياسة مصر لممثل للتيار الإسلامى تم تحت الضغط الأمريكى لتحقيق تفاصيل مخططها بتقسيم مصر مثلما حدث فى السودان أم ماذا؟

ج9: هذا وارد، ليس فقط بالنسبة للدكتور مرسى، أو مصر، ولكن فى العالم أجمع، وحتى لو وصف ذلك بالتفكير التآمرى، فهو حذر مفيد، ولا يصح أن نبادر بنفيه بقدر ما ينبغى أن نحذر منه، وبالتالى نستطيع أن نحوّل الدفة لصالحنا فى أى وقت، ولا يفل التآمر إلا التآمر كما علمنا تاريخ التطور (برجاء الرجوع إلى مقالى “لا يفل التآمر إلا التآمر: صحيفة التحرير السبت 7/7/2012)

10- نريدك أن تقدم لنا تحليلا نفسيا يوَصّف علميا دوافع المظاهرات التى تنطلق بين آن وآخر، وآخرها فى التحرير ومدينة نصر؟

ج10: هذه الظاهرة هى بمثابة “تكرار للنص” (إعادة سكريبت)، وهو تعبير يشير إلى جمود مسار التطور برغم ظاهر الحركة، لكن فى دائرة مغلقة، فلكل نص هدفه وحدوده وعمره الافتراضى، فإذا تكرر بعد انتهاء دوره أفسد السياق كله، وتوقفت العملية حتى تصبح عرضة للأنتكاس وهذا هو ما استدرج إليه كثير من الشباب بشكل خطير جدا عليهم وعلينا.

11- نريدك أن تبعث برسالة إلى الرئيس الجديد فماذا تقول له فيها؟

ج11: أدعو الله سبحانه وتعالى أن يكفيك شر نفسك، وشر من يحيط بك ممن هم أقل منك انتماء وطيبة وذكاء، مهما بدوا أصدقاء أو قريبين، وأن تحسن الرجوع عن أخطائك، بل والاعتذار عنها، وأن تعامل الخصوم بمثل ما كنت تود أن يعاملوك به لو كانوا مكانك وانت مكانهم، وأن يوفقك الله لينفع بك ناسك، وكل الناس فى كل الدنيا.

12- فى ظل الظروف الصعبة التى يعيشها الإنسان المصرى الآن نريدك أن تقدم لنا روشته سهلة يمكن الاستعانة بها لعلاج هؤلاء الناس؟

ج12: أنا لا أميل إلى تقديم نصائح مباشرة، والروشتة السهلة ليست هى أفضل الحلول، علما بأن الحلول الجذرية التى نحن أحوج ما نكون إليها هى بطيبعتها صعبة، وعلى كل إنسان، بدءا بنفسه، أن يملأ الوقت بما هو أحق بالوقت، وأن يعلم أن كل ثانية تمر به، سلبا أو إيجابا لها أُثرها السلبى أو الإيجابى ليس فقط على أهل وطنه، وإنما على كل البشر عبر كل الدنيا طول الدهر!!

13- فى تصوركم كيف سيكون شكل الإبداع فى ظل ما يتردد داخل التيارات الإسلامية؟

ج13: أنقل لكم نص ما قاله لى نجيب محفوظ، وسجلته فى كتابى على وشك النشر “فى شرف صحبة نجيب محفوظ”، وكنت قد سألته مثل هذا السؤال فأجاب فى لقائى معه ذات يوم، الاثنين‏ 9/1/1995‏ قال:

“… ‏إن‏ ‏الإبداع‏ ‏قد‏ ‏يتوقف‏ ‏قليلا‏، ‏لكن‏ ‏الناس‏ ‏لا‏ ‏تستطيع‏ ‏أن‏ ‏تعيش‏ ‏بدونه‏ ‏وسوف‏ ‏يجدون‏ ‏له‏ ‏مخرجا‏ ‏مثلما‏ ‏وجدوا‏ ‏من‏ ‏قبل‏، ‏ألم‏ ‏يكن‏ ‏الطرب‏ ‏والفن‏ ‏والشعر‏ ‏بل‏ ‏والشرب‏ ‏والرقص‏ ‏موجودين كلهم ‏فى ‏العصر‏ ‏العباسى ‏وعبر‏ ‏العصور‏ ‏الإسلامية‏ ‏كلها؟‏ ‏وأضاف‏: ‏بعد‏ ‏فترة‏ ‏التشدد‏ ‏المبدئية‏ ‏سوف‏ ‏يرتخى ‏الحكام‏ ‏ويتصرف‏ ‏المحكومون كل بطريقته‏، ‏الإنسان‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يجد‏ ‏لنفسه‏ ‏متنفسا‏ ‏تحت‏ ‏كل‏ ‏حكم‏ ‏مهما‏ ‏كان‏، ‏لأن‏ ‏طبيعته‏ ‏غالبة،‏ ‏ووسائله‏ ‏لا‏ ‏تنتهي‏.‏

* * * *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *