الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الأهرام / الانتخابات والتربية والتعليم !!

الانتخابات والتربية والتعليم !!

نشرت فى الاهرام

31-10-2005

الانتخابات والتربية والتعليم !!

لو سألتَ مرشحا ما، عن موقفه من التربية والتعليم، وما هو دوره إزاء ما آل إليه حالهما، لتعجب أغلبهم متسائلا بدوره: نحن فى ماذا؟ أم ماذا؟. وقد ينبرى أحدهم مجيبا أنه سوف يزيد من مدارس دائرته، وسوف تكون المقررات سهلة جدا جدا ، كما ستكون الامتحانات من المقرر حرفيا حتى يعفى الطلبة من مشقة التفكير، ويعفى الأهل من الشكوى، فتزيد  نسب النجاح فى طول دائرته وعرضها. وقد يفتتح معهدا دينيا، وإن لم يخجل فقد يصرح، ولو همسا، أنه سيسهل الغش رحمة بالطلبة، وسوف يمنع العقوبة عليه.

أتابع أحداث الانتخابات الجارية متسائلا: كم من المرشحين الأفاضل، يعرف ماذا آل إليه حال شبابنا؟ كم منهم يدرك مدى التدنى الذى وصل إليه مستوى التربية والتعليم وقيمهما فى مصر المحروسة؟ أفليس المفروض أن يعرفوا بعض ذلك؟ كم منهم ضمّن برنامجه هذه المسألة، وهو ينوى، بينه وبين نفسه، وربه وناخبيه، أن يواصل المتابعة والحساب للإصلاح؟

أتابع فى عيادتى ما وصل إليه حال التربية والتعليم  وما يرتبط بهما من دلالات أخلاق الأسرة والمدرسين، وأعتبر ذلك عينة متحيزة، فلا أعمم، إلى أن قرأت مؤخرا مقالا وعامودا فى الأهرام، أكدا  لى أن ما يصلنى فى عيادتى ليس استثناء،. المقال هو للأستاذ فهمى هويدى (الثلاثاء 17 الجارى) بعنوان “أهلا بكم فى مصر الأخرى”، والعامود هو للأستاذ أنيس منصور (الخميس 12 ألجارى). التقى الأستاذ أنيس عددا من الشبان المصريين، وخرج من المقابلة يقول “..وتكلمنا فى كل شىء، وحزنت على كل شىء فى حاضر ومستقبل مصر، فأكثرهم لا يهمه ما يحدث فى مصر، لأنه ليس فاهما لأى شىء ..”إلخ، ثم ينهى العامود بأنه :”… عليه العوض فينا وفى بلدنا”. وأنا لا أوافقه تماما برغم صدق كل ما قال.

بعد خمسة أيام، طالعنى المقال الثانى، وكاتبه جاد مهموم بوطنه وناسه معظم الوقت، عدّد الكاتب الأستاذ هويدى الكوارث التى سمعها خلال 4ساعات  من عدد من الموجهين والأساتذة مما جعلنى أتحقق أن ما أراه فى عيادتى ليس عينة منحازة، بل لعله القاعدة، وذلك فيما يتعلق بالفخر بالغش الفردى والجماعى، والتجارة بالمعلومات، والتجهيل المنظم، والأخلاق المهلهلة سرا وعلانية..إلخ، أشار الكاتب أيضا إلى  إهمال تقرير المركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى سنة 1995، 1996، وإنْ لم يقارنه بأرقام وشعارات كتاب السيد الأستاذ الدكتور وزير التربية والتعليم السابق الذى كتب عنه الجميع  مديحا بلا حصر، ربما تجنب ذلك حتى لا نزداد انزعاجا، وربما إحباطا ويأسا.

حاولت برغم كل ذلك أن أحتفظ بتفاؤلى المزمن. رحت أبحث عما يدعمه بمناسبة الانتخابات الجارية التى ستختار الهيئة التشريعية التى يمكن أن تنبه الهيئة التنفيذية إلى الكارثة المحيطة، أو على الأقل تحاسبها عليها، فلم أجد إلا التربيطات، والمزايدات، والتهانى مقدما، وجدت أيضا كل ما يلزم الكاريزما والترهيب والترغيب والتأكيد على تمكن المرشح من العلاقات الفوقية والتأثير السلطوى، وافتقدت أغلب الهموم حول السياسة العامة،  والتربية، والتعليم، والأخلاق، وهيبة الدولة وحضورها فى الشارع والضمائر.

اهتز تفاؤلى أكثر من أى وقت مضى، لكنه عاد  دون إبداء أسباب.

ما ذا أفعل إذا تخلى تفاؤلى عنى أو تخليت عنه؟ كيف لا أرصد أن ثمة حركة برغم كل ذلك؟ وأن أغلب الجارى هكذا هو من مثالب الانتخاب بالطريقة الفردية، وإلى أن تحل القائمة محل الأفراد، دعونا “نعمل ما علينا الآن، ونترك النتيجة على الله”،

أليس هذا ما كنت أقوله لطلبة الثانوية العامة فى إذاعة الشرق الأوسط أوائل السبعينيات (تذكرة نجاح)؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *