نشرة “الإنسان والتطور”
9-5-2012
السنة الخامسة
العدد: 1713
الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (74)
الإدراك (35)
“العين الداخلية” (6)
و”عملية اعتمال (معالجة) المعلومات” (5)
Information Processing
“الإدراك” أساسى أيضا فى البصيرة الحادة
مقدمة:
مازلنا مع “رشاد” الذى نتعلم منه بدايات الانشقاق والتسارع والعرقلة فى “عملية اعتمال (معالجة) المعلومات، وهو يرصدها بالعين الداخلية ليس فقط بعد إعلان مرضه وإنما بأثر رجعى يعلن “سبق التوقيت”، ولن نطيل فى هذه الحلقة حيث أفضل أن أترك النص – فما عدا بدايته – بأقل قدر من التعليق والتفسير، فى انتظار الاستعانة بمن يعرف أكثر عن طبيعة وفروض عملية “اعتمال المعلومات Information Processing التى لا أظن أن أحدا ألم بها بالقدر الجازم، لأن فروضى عنها تقترح أنها:
أولا: تتم على مستويات عدة فى نفس الوقت.
ثانيا: أن ما يعرف منها تحت عنوان التفكير والتذكر هو مجرد السطح الظاهر.
ثالثا: أن المستويات المختلفة تشمل مستويات الوعى الهيراركية وأيضا مستويات العواطف وبل ومستوى الجسد كمشارك وليس فقط كأداة،
وكل هذا (أو أغلبه) هو بعيد عن تناول المنهج المتاح لدراستها حتى الآن.
*****
ثم نكمل مع “رشاد” (بعد التوصية بالرجوع إلى الحلقات السابقة (وليس فقط حلقة أمس) ويا حبذا إلى النشر الأول (نشرة 21- 4- 2009)، (نشرة 22 – 4 – 2009)
*****
د. يحيى: ايوه، ياللا نكمّل زى ما طلبت، نكمل يا رشاد، وده من حقك، بس والله، أنا خايف تتصور إن المسألة كلام فى كلام، وإن الكلام حايوصلنا لحاجة دلوقتى، الكلام ده مجرد تعرف ومحاولة بحث عن طريق،
(*) تصورت فى البداية أن هذا الحرص على ” أن نكمل” هو دليل على أن العلاقة توثقت بينى وبينه وأنه حريص على مواصلة ما لاح من حظه فى العلاج، لكن تبين لى من تصرفاته اللاحقة أن هذا الحرص على أن “يكمل” كان بغرض الاسراع فى الحصول على موافقتى على قرار سفره للعمل فى السعودية الأمر الذى كان فى مرحلة الإنهاء الكامل كما سيظهر بعد.
د. يحيى: أنا متأكد فيه حاجة ربنا حا يهدينا ليها حاجة تطلع مننا واحنا بنتكلم، أحسن من الكلام
المريض: آه
د.يحيى: آه، إيه؟
المريض: مش عارف
(*)التعبير “ربنا حايهدينا ليها، حاجة تطلع مننا واحنا بنتكلم، أحسن من الكلام”، فهو ما يحتاج إلى وقفة طويلة لم نتوقف عندها ولا فى القراءة الأولى نشرة 30/10/2007 الذى حدث منذ أيام فى جلسة العلاج الجمعى يوم الأربعاء الماضى، وأنا غارق فى ملف الإدراك، أن تطورت الجلسة إلى فحص هذا التواصل بدون ألفاظ، وبدون إشارة، وقد بدأت الفكرة حين طرحتُ على المجموعة أن تتكلم بأصوات لا معنى لها أصلا، لكن بمجرد تبادل أصوات مختلفة كاننا نعنى بها شيئا، وعجز الجميع ما عدا شخصى عن المشاركة ربما لأننى كنت أمارس هذه اللعبة مع أحفادى بنجاح.
وأنا لا أستطيع أن أنقل هذه اللعبة بالكتابة لكنها شديدة الوضوح والدلالة بالصوت والصورة، ومع ذلك سوف أحاول مثلا قلت:
” تق/سى/لو/فى/سنا/تن/أف/ثنا/قف….. الخ” (طبعا هذا ليس نصا مفرغا)
وبرغم أن أحد لم يلعبها، فإن بعضهم أعلن أنه حاولها حتى صامتا، وأنه خاف من ذلك وحين سألته خاف من ماذا، قال: “خفت ألا استطيع أن أرجع للكلام العادى”، ثم أعلن أكثر من واحد خوفه أيضا من مجرد التفكير فى المحاولة، ومن هنا اقترحت لعبة للتعبير عن هذا الخوف وتحديدا: الخوف من “الكلام بدون الكلام” وهذا نص اللعبة:
“أنا خايف أقول كلام من غير كلام لحسن…” (ونكمل)
وجاءت نتائج اللعبة شديدة الارتباط بهذا الفرض الذى نحاول هنا فى موضوع الإدراك ونحن نبين الفرق بين الإدراك كنشاط معرفى عن التفكير برموزه المحددة ومنطقه الخطى غالبا، فنجد أنفسنا فى منطقة الإدراك المتجاوز للحواسExtrasensory Perception
إن ما قاله رشاد، أو بالأحرى ما قاله الطبيب هنا يعنى أنه يجرى تواصل له معنى ليس فقط فى التلقى (الإحساس) بالألفاظ، وإنما أيضا فى إرسال رسائل التواصل، بالألفاظ وبدون ألفاظ كما حدث فى اللعبة، أما هنا فالتواصل الذى وصفه الطبيب ظهر فى قوله تلقائيا: “..حاجة تطلع مننا واحنا بنتكلم أحسن من الكلام” وما وصلنى الآن هى أنه كان يشير إلى “قناة للتواصل “بجوار” الكلام.
وأكتفى الآن بنشر عينتين من الاستجابات التى جرت فى جلسة العلاج الأربعاء الماضى، وذلك حتى نعود إلى اللعبة بالتفصيل، ربما فى الأسبوع القادم أوبعد ذلك:
– حليمة (45 سنة منقبة إلأ فى الجلسة): يا “فلان” أنا خايفة أقول كلام من غير كلام لحسن يطلع له معنى
– شهيرة (17سنة): يا “فلانة” أنا خايفة أقول كلام من غير كلام لحسن تفهم
حضرنى الآن أن كل ديوان “أغوار النفس” لم يكن إلا تطوير لهذه الفكرة ليس فقط فى لعبة السكات (الفصل الثانى) وهو قراءة العيون أساسا (نشرة 8-9-2009 “حركية استحالة العلاقة الممكنة بين البشر”)
وإنما ايضا فى الفصل الأول (لعبة الكلام) (نشرة 21-7-2009 “لعبة الكلام “أداب وشروط “استخدام المرضى للتدريب والبحث العلمى”) ، حيث كان الشعر يركز على التواصل على هذه القناة الموازية للكلام كما جاء ذكرها حالا، هذا بالنسبة للفصل الأول. وبما أن شرح هذا وذاك قد استغرق كتابا بأكمله (628 صفحة) (تحت النشر).
ولكن نتوقف قليلا حتى لا نستشهد بكتاب بأكمله لنسمع بقية الحوار بهذه النقط.
د.يحيى: مافيش حاجه وصلت لك من كل الى فات غير شوية الكلام؟
المريض: لأ مافيش
د.يحيى: ما اتصاحبناش مثلا
المريض: آه طبعا
د.يحيى: طبعا ايه؟ عشان انا دكتور؟
المريض: لأ لأ
د.يحيى: امال عشان ايه
المريض: عشان احنا متواضعين يعنى
د.يحيى: كويس إنك ما قلتش انتَ متواضع، أنا انبسطت، قلت إحنا متواضعين
المريض: آه
د.يحيى: طيب يبقى إحنا بنعمل وعملنا حاجة بالكلام، ومن غير الكلام، الحاجة دى هى اللى بيتهيأ قربتنا هى دى اللى فيها البركه.
(*) (هذا التعليق قديم ظهر فى النشر الأول (نشرة 21- 4- 2009)) تبدو هنا محاولة مباشرة لإظهار ما يجرى حول، وبجوار الكلام، حيث أن كثيرا من العلاقات تتم على مستوى الكلام وكأنه غاية فى ذاته، أو أنه يكفى محتواه لعمل اللازم، مع أن تعدد مستويات العلاقة (خصوصا مع المرضى) هو أكثر فائدة، وهذا ما نحاول توضيحه فى هذه الفقرة.
المريض: ان شاء الله
د.يحيى: الكلام كويس بيصالحنا على بعضنا إنما الحاجه اللى بتحصل دى جنب الكلام ومع الكلام هى اللى فيها البركه، ومين اللى بيبارك؟
المريض: ربنا
د.يحيى: الله نور، طيب حاننظم بقى الحكايه ونقول: ان اللى حصل ده غير الكلام مع إن أغلبه حصل بالكلام، هوّه اللى انت عايز تكمله، ده يا رشاد ما بيتكمْلشِْى، حاجة كده قريبة من اللى قلناه إننا نسمح لنفسنا انا وانت ان احنا ما نفهمش
المريض: ما نفهمش؟
(*) قارن بعد ذلك لعبة:” ياخبر!! دانا لما بافهمشى يمكن….” (نشرة 3-4-2012 )، (نشرة 4-4-2012) أيضا ما قبل عن فكرة “تعليق الحكم” فى المنهج الفينومينولوجى.
د.يحيى: آه، إنت نسيت؟
المريض: إيه؟
د.يحيى: مش احنا قلنا ما نستعجلش الفهم، يعنى نخلى الفهم ييجى وقت ما ييجى، يعنى هو يختار الوقت المناسب اللى نتنَوّر فيه بيه، أنا مش قصدى إن احنا نتعمد ما نفهمش، يعنى مثلا وانت بتقول إن اللى حصل هوا حاجه فيها تواضع، مش انت قلت كده؟
المريض: آه
د.يحيى: أهى دى علاقة، مش تواضع، يعنى إحنا لما ما نفهمش، وما نستعجلش حا يفضل اللى حصل ده بينى وبينك مثلا مستمر ، حتى لو ما شفناش بعض، وربنا يبارك وتقعد العلاقه دى مستمره يمكن مدى الحياه
المريض: مدى الحياه؟
د.يحيى: أهو شوف مثلا الكلمة دى، “مدى الحياة”، هى الحياة لها مدى؟ مدى حياتك، ولا حياتى؟ ولا الحياة؟ مين ضامن؟ أنا قصدى إننا ما دام ابتدينا صح، يبقى فى الغالب كل حاجة حاتستمر صح، وتكْمْلْ ولاّ انشالله ماكملت، يعنى احنا لو وقفنا دلوقتى يابنى يبقى مش خلّصنا، يبقى ابتدينا، وربنا يعمل اللى فيه الخير، بس انا مستعد اقعد لحد ما انت تقول كفايه ، بس خلى بالك احنا لو قعدنا 100 سنه بالطريقه دى مش حا نشطبها زى ما انت عايز، أى حاجه فى الدنيا عايزه وقت، الكبران عايز وقت، العباده عايزه وقت، العلم عايز وقت، وإلا العلاقة اللى بنحاولها مع بعض دلوقتى بقى دى عايزة وقت ووقت ووقت، ده لو قعدنا بالاستعجال بتاعك ده مش بس يمكن ما نخلصشى، دا يمكن الكلام اللى جى يبعدنا عن بعض، يمكن نفتح مواضيع ما نلحقشى نلمها، ويبقى كل حرصنا ان احنا نلمها ونخلص، إحنا نخلص، وهى ما بتخلصشى، لكن لما نفتحها ونسيبها تاخد راحتها، ونصبر، وادى احنا موجودين، ربنا حايوصلنا ببعضينا وهوا عارف قد إيه بنجتهد
المريض: بس فيه نقطه هنا صعبه قوى، أصل انا باجرى ورا عقد سفر
د.يحيى: هى الدكتور (د.م) قالت لى حاجة زى كده
المريض: آه، وأنا ما صدقت جت الفرصة يعنى بصراحه
د.يحيى: (مقاطعا) انت وصل لك ان انا بافهم ولا لأ فى شغلتى يعنى
المريض: آه
د.يحيى: شايف انى انا بفهم فى صنعتى ولا لأ
المريض: ايوه طبعا
د.يحيى: طبعا ايه ، إنت بتحكم بسرعة كده ليه؟
المريض: لأ مش باحكم
د.يحيى: امال ايه؟ اشمعنى انا اللى بافهم يعنى
المريض: يعني، إنت قدّرت على الاقل الكلام اللى انا قلته
د.يحيى: تبقى تسمع رأيى ما دام قلت إنى بافهم : ما تسافرش يابنى دلوقتى، مهما كانت الفرصة، وربنا حا يبعت لك رزقك، يا اما هنا يا اما هناك فى الوقت المناسب، ما تسافرشى يا ابنى، اللى عندك مش سهل، وهناك حا تبقى لوحدك يا ابنى، وحاترجع تانى زى ما رجعت قبل كده، ما تسافرشى دلوقتي، إنت قدامك فرصة علاج شكل تانى، دكهه فرصة عمل، ودى فرصة حياة، فرص الشغل جاية كتير، وانت عندك كام صنعة
(*) الحسم فى التوصية هنا يبدو وكأنه تدخل فى إرادة المريض وتشكيك فى قدرته على الاختيار، الأمر الذى يُحفظ عليه فى ثقافات أخرى مثل أغلب ثقافة الغرب ، لكن بالنسبة لثقافتنا من ناحية، وأيضا اعتبارا لحقيقة وجسامة الأزمة المرضية التى يعانى منها رشاد، بدا أنه يتوجب على الطبيب ألا يتردد فى إعلان رأيه الحاسم، دون إلزام مطلق بتنفيذه كما سنرى.
المريض: السن اصله بيكبر
د.يحيى: … ما تسافرش دلوقتى يا رشاد إعمل معروف، مش حاتلاقى حد هناك، استنى شوية حتى لحد ما نبتدى السكة ونتأكد من سلامتها، وبعدين تكمل زى ما انت عايز.
المريض: اصل هى السفريه بتيجى مره فى السنه
د.يحيى: مافيش حاجه بتخلص، ربنا موجود بيجدد الفرص، انا خايف عليك يا ابنى، ما تياللا نأجل الكلام فى الحكايه دى للمره الجاية، الاسبوع الجاى
المريض: اصل انا مَعَادى النهارده أستلم شهادة الصحه
د.يحيى: تستلم ايه؟
المريض: الشهادة بتاعت الفيرس C
د.يحيى: يا رب يطلع عندك فيرس C ونخلص
المريض: لا والنبى
د.يحيى: إنت فاهم طبعا إنى ما احبش اقف فى طريقك، انما انا باعمل اللى عليا ما تسافرش المره دي، لو سمحت ما تسافرشى دلوقتى، يمكن بعد 6 شهور ممكن بعد 3 شهور ، تكون عملت علاقة مع الدكتورة (د.م)، ومعايا، وكده، يمكن لو سافرت نقدر ننظم اتصالاتنا يا شيخ.
المريض: الحكاية صعب صعب
د.يحيى: وهناك أصعب، هناك علاقات شديدة الجفاف يا شيخ، والوحدة، والغربة
المريض: هو صح هى معاملتهم كده اصلا
د.يحيى: ما انت عارف أهه يا أخى
المريض: يعنى حاقعد أعمل إيه انا
د.يحيى: يا أخى يمكن بالدوا والمقابلات وإننا نصدّق بعض، يمكن ده يخليك متطمن شوية يا أخى خلينا نكبّر الصحوبية اللى ابتدت النهاردة ولو حبة صغيرين يا شيخ، ….اصلك يا رشاد عندك عيا صعب جدا ، بس انت عييته بطريقه فيها جدعنه فظيعه ، إنت عييت وماسك العيا فى ايدك، كأنك بتقول أهه وانا قد المرض ده، ما حدش قده لوحده يا شيخ، إحنا مش عايزين نرهق جدعنتك لوحدك أكتر من كده، ثم إنت سبق سافرت وجيت مكسور، وما كانشى لسه فيه عيا، أنا مش عايز ده يتكرر، دا انت وانت هنا موجود عايش لوحدك تماما، ولما بتتعب، بتروح للدكتور الفلانى ويقولك ده مش حقيقه، وتروح للدكتور التانى يقولك ده مش حقيقه، وأهلك هنا يقولولك مش حقيقه، تلاقى نفسك لوحدك أكتر، فما بالك هناك!! يا نهار اسود ومنيل، خد الفرصه دى يابنى هى جت بالصدفه، انا مش بقولك ما تسافرش خالص، أنا باقول لك ما تستعجلشى، أنا باقول لك اللى ممكن أقوله لابنى، ربنا حايسألنى انا حايقول لى لو ابنك ترميه الرميه دى مش انت عارف كيت وكيت وكيت؟ أقول له إيه ساعتها يعني؟ وبرضه عارف إنه ممكن يقول لى لو ابنك تقدر تحرمه من فرصة إنه يبنى نفسه بالطريقه الفلانيه؟ اقوله ايه؟ شفت الزنقة اللى انا فيها، مش انت بس.
المريض: يعنى اعمل إيه؟
(*) لاحظ تعبير “انت عيت، وماسك العيا فى إيدك”
وهو المقصود بتقديم هذه الحالة.
……
د.يحيى: أنا مش باطلب منك إنك ما تسافرشى خالص، أنا باطلب منك حاجه أبسط من كده، بلاش يكون ده انشغالك لمده 7 أيام خلينا ننشغل سوا بالموضوع ده احنا التلاتة، أنا وانت والدكتورة (د.م).
المريض: يعنى أأجلها سبع أيام بس
د.يحيى: لأه، دا التقاط أنفاس، أنا حا قابلك يوم الخميس الجاى إذا كنت أنا عايش، وحانشوف.
المريض: هو الحل دلوقتى إنى ألغى السفر؟
د.يحيى: علشان مابقاش كذاب الأرجح إن أيوه، بس عايزها تيجى منك ، والأسبوع اللى جى حا نتقابل ، وحانحترم اللى حصل ده ونقرر سوا ، قلت إيه؟
المريض: مش عارف
(*) تحفظ رشاد على الموافقة أو الوعد، دليل آخر على موقفه اليقظ، ومتانة اصراره.
د.يحيى: ماعلش ماعلش حانعرف سوا، بلاش تعرف لوحدك دلوقتى، ماهو زى ما ربنا حايسألنى لو ابنك ومش عارف إيه، ما هو حايسألك برضه ما هى فرصة العلاج دى جت لحد عندك، ماختهاش ليه؟
المريض: طب هو أنا لقيت حل؟
د.يحيى: الله إمال احنا بنعمل إيه . مش ده علم ده اللى انا بقولهو لك
المريض: طب لو سمحت، أنا لقيت حل دلوقتى هو أنا ممكن ألغى موضوع السفر بس أرجع تانى لوظيفتى
د.يحيى: أه طبعاً 100 %
المريض: مافيش حل غير كده
د.يحيى: مافيش حل تانى ترجع واحنا معاك، ده الفرق، تقوم ما تزهقشى بسرعة وتسيبه تانى
المريض: ما هو أنا لو دخلت الوظيفه مش حاقدر أسافر
د.يحيى: يا حبيبى يا ابنى مش كده، ما احنا سوا سوا، الله!! على البركة مع السلامه حاشوفك الخميس الجاى تانى فى نفس الوقت
المريض: خلاص ماشى
د.يحيى: يا رب يبارك فيك، عايز حاجه تانى؟ مع السلامه، مش عايز تسلم عليا
المريض: آه طبعاً السلام عليكم
(يصافح باليد ويخرج)
………………
……………..
مناقشة قصيرة مع (د. م) بعد المقابلة
د.يحيى: (للدكتورة د.م): قولى أى حاجه، كل اللى شفتيه ده، واحنا بناقش ست سطور من اللى انتى كاتباهم، إمال حا نخلّص إمتى العشرين صفحة بتوعك.
(د.م): ده كمان فيه كلام كتير مش فاهماه برضه
د.يحيى: يا شيخة خلينا نتناقش فى الست سطور دول، قولى يا بنتى، الحالة حالتك، قولى أى حاجه إدعى لى حتى …
(د.ش) (زميل حاضر): أنا عاوزه اقول حاجه لحضرتك ، هوه شكله فى القسم، غير اللى بيقوله خالص، يعنى بيوصف المرض كأنه شايفه بعنيه، إنما بيتصرف مظبوط100%
(*) هذا هو سر تقديم هذه الحالة، من خلال وصف الطبيبة لحالة رشاد بهذه التلقائية.
(فصامى لم ينفصم!!)
د.(…): (إحدى الحاضرات من الزميلات) هو ده بالظبط كان الانطباع بتاعى برضك: إن هو شكله غير اللى بيقوله خالص
د.يحيى: عندكم حق، إمال إحنا حا نتعلم ازاى، عايزينّا نحل المشكلة دى إزاى؟ بلاش نصدقه؟ مش ناقص غير إنكم تقولوا إنى أنا محفظه الكلام ده عشان تصدقوا العلم اللى باقولهولكم عن ازاى بيحصل الفصام؟ دا واحد باشوفه لأول مرة، ومش عارف غير إسمى الأولانى، أعمل إيه، أقول له يتصرف تصرفات مفركشة عشان تمشى مع اللى هوه بيقوله؟ أعمل إيه؟ أظن عشان نتعلم، لازم نستحمل، إحنا ما فوّتناش ولا كلمة فى الأربع سطور الأولانيين، ما بالكم لما نكمل؟! أنا بس حا شاور على حاجة صغيرة حصلت فى المقابلة، أنا أستعملت كلمة “صحوبية” هو استعمل كلمة “تواضع” وقال اتواضعنا، ماقالش أتواضعت، أنا دكتور كبير وبتاع، ويمكن يليق على إنى أتوصف بالتواضع، أو حتى إنى أتصنع التواضع، والحمد لله إنه هو مش عارف إسمى بالكامل علشان ما يبقاش متأثر بالهالة اللى حوالىّ، أنا شايف إن الكلمة اللى استعملها بتعلن موقفه من نوع المقابلة، وإنه اتطمن لدرجة الندية اللى هوا سماها تواضع.
وبعدين أنا عملت حاجات يعنى مش صح قوى بس كان علشان أشرح لكم ازاى نقدر نفهم التركيبة، والتعدد، وبقية الكلام اللى سمعتوه ده، ما هى مسألة صعبة قوى، وبرضه ما هياش حكر على الأكاديميين (المنظرين)، يعنى أنا ما كنتش باتناقش معاه فى التركيبة بأى لغة غريبة، صحيح كنت باشك ساعات إنه بيوافقنى والسلام، إنما مش على طول على كل حال، كنت باشرح أصعب النظريات بالألفاظ العاديه إنما باحاول إنها تحتوى كل خبرتى وطريقتى فى العلاج
أظن الناس اللى بتسموهم دجالين عارفين حاجة شبه الحدوته ديه، بالسليقة، فيه منهم ناس سفلة وحرامية، ولكن فيهم ناس طيبين وحدْسيين، هما برضه بيستعملوا لغة التعدد، بس بيتمادوا فيها ويأكدوا الاغتراب والسلبية، بس أظن أغلب الطيبين منهم بيستعينوا بربنا برضه، بس بالمعنى اللى بيلم الواحد مننا على بعضه، وبرضه بيلمنا على بعضنا(1)، فيه حاجة أخيرة: لما كنت باشاور له على إن العلاقة ممتدة حتى لو ما شفناش بعض، دى برضه فيها فكرة الوصلة الحقيقية عبر المعنى اللى بيجمّع الناس مع بعض، ربنا، أنا لما أقول له مدى الحياه أظن من ضمن التنظير بتاعى إن العلاقة العلاجية حتى لو انتهت زى ما بنقول فى “الجروب” (العلاج الجمعى) بيفضل اللى حصل جوانا بقية عمرنا.
(د.م): هو حا يجى الأسبوع الجاى يا دكتور؟
د.يحيى: طبعا حا يجى اللى جاى، واللى بعده، واللى بعده، لو ما سافرشى.
[1] – محاولة لفهم العلاجات الشعبية للمرض النفسى Power